Friday, April 07, 2006
الجمعة 7 نيسان 2006
صباح الخير...
ما زلت في اميركا...
مضى اكثر من شهر, بالنسبة لي كأنني منذ سنة هنا, من كثرة ما سافرت الى مدن وقابلت أناسا مختلفين , لكن الغالبية التي رأيتها , وبصدق وصراحة ولا تحيز, هم ضد الحرب ويريدون سحب الجيوش , والأرقام هنا تقول أن شعبية ادارة بوش في هبوط مستمر , وأن اكثر من 60 بالمئة من الشعب الامريكي يريد الخروج من العراق...
رأيت الشعب الامريكي وجها لوجه, وأقدر أن أقول أن الغالبية العظمى منهم مسالمين, بسطاء, محبين , ودودين , لا عندهم عدوانية ولا تكبر ولا حقد ...
ربما توجد أقلية متكبرة متعجرفة عندها زهو وغباء وعقل ضيق مريض, لكن هؤلاء ليسوا بين عامة الناس , أمثال هؤلاء للأسف موجودون في موقع القرار, في الحكومة أو القوى اليمينية المتطرفة او وسائل الاعلام التي تعمل سوية جنبا الى جنب كوسائل نشر الدعاية والكذب , وتعمي عيون الناس هنا وتجعلهم جهلة, وتخبرهم بالقصص الكاذبة, وتحرضهم على كراهية باقي الناس خارج الولايات المتحدة, وتحقير ثقافة الاخر وحضارة الاخر وكأن ليس في الدنيا نموذج صحيح سوى نموذج اميركا, وباقي العالم يغرق في التخلف والغباء والقرف, حتى الرب في العوالم الاخرى, مختلف عن رب الحكومة الامريكية, لان ربهم يقول لهم : شنوا الحروب على باقي الامم بإسمي ...
هكذا هو منطقهم, وهكذا استعملوا الدين لنشر الاحقاد ضد الاخرين, والتعصب الديني الذي تضيق به العقول والصدور وتنعمي به العيون..
*******************************
رأيت أناسا مختلفين من مسيحيين ويهود, غالبيتهم العظمى طيبين مسالمين , وكنت أقول لهم احيانا : انا مسلمة , المفروض حسب افكار هذه الحكومة انني عدوتكم, واكرهكم , ولا أقدر ان أعيش بدون قتلكم وافنائكم من الوجود, هكذا قالوا لكم عن المسلمين هنا...
لكن الحقيقة اننا نضع أيدينا بأيدي بعض لنصنع السلام على الارض, لنسحب جيش الاحتلال من العراق, لأن احتلال العراق لم يغضب العراقيين وحدهم, وانما اغضب كل الشعوب العربية والمسلمة, قبل الحرب ربما كان ثمة نسبة من اعجاب وحب لاميركا في قلوب العرب والمسلمين في الشرق الاوسط, اما الان بعد ثلاث سنين من القتل والخراب والدمار والظلم الذي رآه العراقيون وجيرانهم , فإن أسهم الاعجاب باميركا قد نزلت الى الحضيض, وهذا الاحتلال شوه صورة الشعب الامريكي, في كل مكان الناس هنا يسألوني : هل العراقيون يعلمون اننا ضد الحرب وضد سياسة حكومتنا؟
اقول لهم : لا, لا يعرفون, وهم غاضبون ويقولون انكم انتخبتم هذه الادارة نفسها ثانية, وانتم تقولون ان الانتخابات لم تكن سليمة ومعبرة عن رغبة الناس, والعراقيون لن يصدقوا هذا الكلام الفارغ, سيقولون : كيف حصل هذا؟
اميركا ارض الحرية والديمقراطية, حكوماتكم دمرت اوطاننا وهي تريد تصدير الحرية والديمقراطية لنا, كيف تشكون من نتيجة الانتخابات في بلادكم انها ليست حقيقية ؟
من سيصدقكم؟
*************************
الامريكان يقولون نحن نخاف ان نذهب لمنطقة الشرق الاوسط, سيكون خطر علينا , قلت لهم نعم, انتم تدفعون ثمن سوء تصرفات حكومتكم , والغضب والحقد يتوجه ضدكم اينما كنتم, ليس لأن شعوب الارض تغار منكم وتحسدكم كما تقول الحكومة , لكن من كثرة الظلم الذي اقترفته حكوماتكم طوال تاريخها ..........
وأتعجب , كيف يكون في الحكومة اناس لا يشبهون شعبهم؟
من وضعهم هناك؟
وكيف وصلوا الى موقع القوة والقرار؟
الجواب دائما : المال وقوة تأثيره , حيث يشترون كل شيء بالمال, حتى عقول وقلوب الناس واصواتهم فترة الانتخابات ..
يعني الامور تجري بطريقة خبيثة ملتوية , وليس كما كنا نظن ان ثمة شفافية ونزاهة..
وليس كما يقول بعض المنظرين الامريكيين الذين تسوق الدولة كتبهم مثل كتاب نهاية التاريخ لفوكوياما , حيث يقول ان الديمقراطية الغربية هي افضل انواع الحكم...
الحقيقة ان الناس ينبغي ان يقرأوا كتاب جمهورية افلاطون , واريد أن اسميه : بداية التاريخ, حيث كتبه افلاطون قبل
2500
سنة , ويتحدث به على لسان سقراط ويقول ان هذه الديمقراطية في اثينا هي ديمقراطية فاسدة , حيث يتحكم التجار واصحاب الاموال بمصير الشعب, وينبغي أن يتحكم بمصير الشعب ناس حكماء عقلاء وليس حفنة من لصوص...
ههههههه
والله كلامه صحيح, وها هي أميركا تعيش بداية التاريخ وليس نهايتة , لأن الصورة نفسها تتكرر منذ ايام سقراط المسكين ...
ورجال شرفاء عقلاء اذكياء مثل نعوم تشومسكي , يتم تهميشهم وتحقيرهم في هذه البلاد , وفي الحقيقة هذه البلاد تحتاج الى قادة مثل نعوم تشومسكي , رغم انه يهودي, لكنه من النوع العاقل الهاديء الذي لا يستعمل دينه للتحريض على كراهية الاخر, هذا النموذج نحتاجه في عالمنا اليوم لننتقل من حالة الاحقاد والحروب الى حالة السلام والاستقرار...
بدل صرف بلايين الدولارات في الحروب وتخريب البلدان وقتل الناس , نقدر أن نصرفها لتحسين التعليم والصحة هنا وهناك , ورعاية الفقراء والمهجرين وكبار السن هنا وهناك , ومرضى السرطان والايدز هنا وهناك, العالم يعاني من مشاكل كثيرة, وكلنا بشر , لا نحب الظلم والعدوان, نحب السلام والعدالة , لكن يبدو ان الغالبية من الشعوب التي تحب السلام والعدالة , في أميركا اوالعراق أو دول العالم الاخرى, القرار ليس بيدها, القرار بيد فئة تحب العنف والكراهية وتصدرهما في كل الاتجاهات , وتزرع التفرقة والعنف بين الشعوب, لتبرر الحروب , وتجني السرقات ونهب ثروات البلدان الاخرى..
من يوقف هؤلاء عند حدهم ؟
ما دمنا نريد السلام لاوطاننا واولادنا, أظن هذه مسؤوليتنا جميعا لنوقفهم عند حدهم, ونحقق السلام والعدل على الارض, كفانا سفك دماء وكراهية وغباء...
************************************
دائما حين اتكلم مع الناس, خصوصا الطلاب في الجامعات, اقول لهم , ماذا قالوا لكم عنا؟
هل قالوا لكم ان المرأة المسلمة متخلفة مظلومة زوجها يعاملها مثل الحيوانات؟
هل قالوا لكم أشياء ايجابية عن العراق؟
هل قالوا مثلا ان التعليم في العراق مجاني؟
حتى لو تكمل الدكتوراه فهو مجاني؟
هل قالوا لكم ان الصحة والعلاج في العراق مجاني؟
هل قالوا لكم ان تكاليف الماء والكهرباء والتلفون والوقود قبل الحرب كانت ارخص ما يكون؟
لكن الحروب الغبية التي دفعوا صدام حسين الى ارتكابها , كانوا شركاءه في كل شيء, خصوصا تحطيم الاقتصاد العراقي, حيث تدهور كل شيء بعد الحصار خصوصا كالتعليم والصحة ومكانة المرأة العراقية
...
في السبعينات كان تأميم النفط , والثورة الاقتصادية والاجتماعية في العراق , حيث شاركت النساء في القوى العاملة, في كل مكان..
تخرجت من جامعة بغداد 1976 , وكان بعض مدرساتي من النساء والغالبية رجال, لكن بعد حرب ايران, ذهب الرجال لجبهة القتال , وأمتلات دوائر الدولة بالنساء, مهندسات طبيبات صيدلانيات محاميات قضاة واداريات...
في الجامعات, الطاقم التدريسي غالبيته نساء, في الاسواق المركزية للدولة, الطاقم العامل كله تقريبا نساء...
في مواقع العمل المهندسات المدنيات والمعماريات والكهرباء والميكانيك كلهن نساء, في البدالات العاملات والمهندسات والموظفات كلهن نساء..
المرأة العراقية صارت الجزء المهم من المجتمع, صارت الام والاب في البيت, وصارت اليد العاملة التي تشغل الاقتصاد خارج البيت....
هل تصدقون؟
العراق ليس صدام حسين, عندما ادافع عن العراق ادافع عن شعبي وثقافتي وحضارتي التي عمرها اكثر من 7000 سنة
لكن حكومتكم لم تخبركم الحسنات, كتبت لكم فقط السيئات...
وشوهت صورة المرأة العراقية , ثم جاء بوش ليقول انه حرر المرأة العراقية...
حررها من ماذا؟
في الحقيقة هو رجعها للخلف ولم يحررها, حين دمر اقتصاد البلاد, والحالة الامنية, فهربت العراقيات الى البيوت او الى خارج البلاد
او دخلن سجون الاحتلال , او صرن ارامل , او يحملن صور اولادهن وازواجهن المفقودين ويمشين في الشوارع ومراكز الشرطة والسجون والمستشفيات للبحث عن احبائهن..
هذا ما فعله بوش بغالبية النساء العراقيات اليوم ....
هل نقول له شكرا؟؟
**************************
عندي مشروع سأحاول بأي طريقة الحصول على دعم مالي وتقني لتحقيقه..
أريد ان اعمل فلم وثائقي عن المرأة العراقية, اريد ان اعمل لقاءات مع نساء عراقيات مثقفات متعلمات ليحكين عن تجربتهن في الدراسة والعمل والزواج وكل شؤون الحياة الاخرى, وأريد ان يعرض هذا الفلم في الجامعات الامريكية والمنظمات النسائية الامريكية , حتى يروا وجها لوجه عراقيات , ويعرفون حقيقة العراق وشعب العراق من شهادة عراقيين , وليس صحف ومجلات وتلفزيونات امريكية مشوهة حاقدة متحيزة, وإن رأيتم عربية أو عراقية تشتم بلادها وثقافتها فلا تصدقوها, هذه مريضة نفسيا أو منافقة تبحث عن كرت اقامة في اميركا او جنسية امريكية, لتحل مشاكلها الشخصية...
حين انظر للمجتمع الامريكي اجد فيه الكثير من السلبيات , ثمة انقسام بين الرجال والنساء , والفقراء والاغنياء, والبيض والسود , والمقيمين والمهاجرين ,
ثمة اناس بلا مأوى, وثمة تدهور في الاقتصاد بطيء, لكنه سيزداد بسبب الحروب وميزانيتها الضخمة,
وثمة حسنات في المجتمع,
مثل الحرية الشخصية وحرية التعبير والتجمعات
عندما ارى امريكي وانتقد بلاده واقول انتم كلكم عيوب واخطاء , ربما سيحزن ويقول : فايزة انت مخطئة , لم تر الوجه الجميل المشرق من بلادنا
نعم , عندما يحب الامريكي بلاده ليس معنى ذلك انه يحب بوش وادارته
اميركا شيء والحكومة شيء اخر..
كذلك العراق..
العراق وحب العراق والدفاع عن العراق شيء
وصدام حسين والدفاع عن صدام حسين , موضوع ثاني
هل هذا واضح؟
******************************
الناس هنا يتجمعون في نشاطات في جمعيات مجتمع مدني, رغم انهم لا يملكون القرار بخصوص الامور الخطيرة والمهمة مثل الحروب والميزانية وغيرها, لكن يوجد هامش للكلام والتحرك والمسيرات, حتى هذه نحن لا نملكها في بلداننا , نعم , لكن السؤال هو : ما هي النتيجة النهائية؟
في بلدان هامش الديمقراطية فيها صغير مثل دولنا العربية, الشعب لا يملك صناعة القرار, القرار ليس بيد الشعب...
هنا, الشعب له حرية المظاهرات والخطب وانتقاد الحكومة, والنتيجة؟
الشعب ليس بيده حرية القرار...
هل هذه هي الديمقراطية العظيمة التي دمرونا وهم يسوقوها في وسائل اعلامهم؟
الشعب هنا وهناك مسكين مسلوب الأرادة...
اما ان هذا النظام فيه اخطاء كثيرة أو انه تم تشويهه,
و كما أظن ان هذا هو الاحتمال الاكبر...
********************
الحرب على العراق لم تبدأ منذ ثلاث سنين فقط , الحرب بدات منذ 1991 ولحد الان..
كم مات من اطفال العراق من قلة الغذاء والدواء وقت الحصار؟
وكم يموتون الان من قصف المدن , وكم منهم فقد اباءهم وامهاتهم؟
وكم منهم فقد بصره او ذراعه او رجله من القنابل العنقودية؟
وكم منهم اصيب بالسرطان من اليورانيوم المنضب؟
والباقي الذي لم يصبه شيء من هذا , فقد غمر قلبه الصغير الخوف والرعب والعذاب من رؤية الجنود وهم يقتحمون بيته ويعتقلون عائلته ..
ماذا زرع هذا الاحتلال في قلوب الاطفال العراقيين منذ ثلاث سنوات؟
وماذا يقول اطفال العراق الان عن اميركا ؟
**********************************
بعد الحصار تدهور الاقتصاد, زاد التضخم, الرواتب ما عادت تكفي موظفي الدولة , انتشر الفقر والفساد الاداري, بدأت البلاد تتحطم اقتصاديا ثم اجتماعيا , وبدات مكانة المرأة تتدهور...
هذه ليست فقط جرائم صدام حسين, هذه الحكومة الأمريكية ساهمت بتدمير العراق وحياة العراقيين الاقتصادية والاجتماعية ايضا حين فرضت الحصار على العراقيين
وماذا جنينا لحد الان؟
مازال الاقتصاد يتحطم والمجتمع يتمزق ...
ويقولون لكم : حررنا العراق والمرأة العراقية...
آه من الكذب ,
كل الشرور تبدأ وتنتهي بالكذب...
وهذه الحرب بدأت بالكذب , وما زال الكذب مستمرا لتبرير استمرارها...
ما قصة الكذب في هذه البلاد؟
عندما كذب كلنتون بخصوص علاقته الشخصية بمونيكا , فضحوه وعملوا له محكمة تحقيق لعزله من منصبه...
والان بوش كذب وقتل مئات الالاف من العراقيين ودمر مدنهم وقراهم وصرف بلايين الدولارات من اموال ضرائب الامريكيين و اموال نفط العراقيين للاشيء , ضاعت الفلوس وتحطم العراق , ولا احد يحاسبه؟
ليس العراق وحده يعيش الفوضى وضياع الحق والرؤية الصحيحة...
هذه البلاد تعيش نفس المأزق...
لا بد من ايجاد حلول للخروج من مأزق الكذب والكذابين ...
لا بد من ايجاد الحلول العادلة التي ستجلب السلام للعراق والعراقيين بعد هذه العذابات الطويلة ..
العراقيون متعبون , وآن لهم ان يعرفوا الراحة.....
صباح الخير...
ما زلت في اميركا...
مضى اكثر من شهر, بالنسبة لي كأنني منذ سنة هنا, من كثرة ما سافرت الى مدن وقابلت أناسا مختلفين , لكن الغالبية التي رأيتها , وبصدق وصراحة ولا تحيز, هم ضد الحرب ويريدون سحب الجيوش , والأرقام هنا تقول أن شعبية ادارة بوش في هبوط مستمر , وأن اكثر من 60 بالمئة من الشعب الامريكي يريد الخروج من العراق...
رأيت الشعب الامريكي وجها لوجه, وأقدر أن أقول أن الغالبية العظمى منهم مسالمين, بسطاء, محبين , ودودين , لا عندهم عدوانية ولا تكبر ولا حقد ...
ربما توجد أقلية متكبرة متعجرفة عندها زهو وغباء وعقل ضيق مريض, لكن هؤلاء ليسوا بين عامة الناس , أمثال هؤلاء للأسف موجودون في موقع القرار, في الحكومة أو القوى اليمينية المتطرفة او وسائل الاعلام التي تعمل سوية جنبا الى جنب كوسائل نشر الدعاية والكذب , وتعمي عيون الناس هنا وتجعلهم جهلة, وتخبرهم بالقصص الكاذبة, وتحرضهم على كراهية باقي الناس خارج الولايات المتحدة, وتحقير ثقافة الاخر وحضارة الاخر وكأن ليس في الدنيا نموذج صحيح سوى نموذج اميركا, وباقي العالم يغرق في التخلف والغباء والقرف, حتى الرب في العوالم الاخرى, مختلف عن رب الحكومة الامريكية, لان ربهم يقول لهم : شنوا الحروب على باقي الامم بإسمي ...
هكذا هو منطقهم, وهكذا استعملوا الدين لنشر الاحقاد ضد الاخرين, والتعصب الديني الذي تضيق به العقول والصدور وتنعمي به العيون..
*******************************
رأيت أناسا مختلفين من مسيحيين ويهود, غالبيتهم العظمى طيبين مسالمين , وكنت أقول لهم احيانا : انا مسلمة , المفروض حسب افكار هذه الحكومة انني عدوتكم, واكرهكم , ولا أقدر ان أعيش بدون قتلكم وافنائكم من الوجود, هكذا قالوا لكم عن المسلمين هنا...
لكن الحقيقة اننا نضع أيدينا بأيدي بعض لنصنع السلام على الارض, لنسحب جيش الاحتلال من العراق, لأن احتلال العراق لم يغضب العراقيين وحدهم, وانما اغضب كل الشعوب العربية والمسلمة, قبل الحرب ربما كان ثمة نسبة من اعجاب وحب لاميركا في قلوب العرب والمسلمين في الشرق الاوسط, اما الان بعد ثلاث سنين من القتل والخراب والدمار والظلم الذي رآه العراقيون وجيرانهم , فإن أسهم الاعجاب باميركا قد نزلت الى الحضيض, وهذا الاحتلال شوه صورة الشعب الامريكي, في كل مكان الناس هنا يسألوني : هل العراقيون يعلمون اننا ضد الحرب وضد سياسة حكومتنا؟
اقول لهم : لا, لا يعرفون, وهم غاضبون ويقولون انكم انتخبتم هذه الادارة نفسها ثانية, وانتم تقولون ان الانتخابات لم تكن سليمة ومعبرة عن رغبة الناس, والعراقيون لن يصدقوا هذا الكلام الفارغ, سيقولون : كيف حصل هذا؟
اميركا ارض الحرية والديمقراطية, حكوماتكم دمرت اوطاننا وهي تريد تصدير الحرية والديمقراطية لنا, كيف تشكون من نتيجة الانتخابات في بلادكم انها ليست حقيقية ؟
من سيصدقكم؟
*************************
الامريكان يقولون نحن نخاف ان نذهب لمنطقة الشرق الاوسط, سيكون خطر علينا , قلت لهم نعم, انتم تدفعون ثمن سوء تصرفات حكومتكم , والغضب والحقد يتوجه ضدكم اينما كنتم, ليس لأن شعوب الارض تغار منكم وتحسدكم كما تقول الحكومة , لكن من كثرة الظلم الذي اقترفته حكوماتكم طوال تاريخها ..........
وأتعجب , كيف يكون في الحكومة اناس لا يشبهون شعبهم؟
من وضعهم هناك؟
وكيف وصلوا الى موقع القوة والقرار؟
الجواب دائما : المال وقوة تأثيره , حيث يشترون كل شيء بالمال, حتى عقول وقلوب الناس واصواتهم فترة الانتخابات ..
يعني الامور تجري بطريقة خبيثة ملتوية , وليس كما كنا نظن ان ثمة شفافية ونزاهة..
وليس كما يقول بعض المنظرين الامريكيين الذين تسوق الدولة كتبهم مثل كتاب نهاية التاريخ لفوكوياما , حيث يقول ان الديمقراطية الغربية هي افضل انواع الحكم...
الحقيقة ان الناس ينبغي ان يقرأوا كتاب جمهورية افلاطون , واريد أن اسميه : بداية التاريخ, حيث كتبه افلاطون قبل
2500
سنة , ويتحدث به على لسان سقراط ويقول ان هذه الديمقراطية في اثينا هي ديمقراطية فاسدة , حيث يتحكم التجار واصحاب الاموال بمصير الشعب, وينبغي أن يتحكم بمصير الشعب ناس حكماء عقلاء وليس حفنة من لصوص...
ههههههه
والله كلامه صحيح, وها هي أميركا تعيش بداية التاريخ وليس نهايتة , لأن الصورة نفسها تتكرر منذ ايام سقراط المسكين ...
ورجال شرفاء عقلاء اذكياء مثل نعوم تشومسكي , يتم تهميشهم وتحقيرهم في هذه البلاد , وفي الحقيقة هذه البلاد تحتاج الى قادة مثل نعوم تشومسكي , رغم انه يهودي, لكنه من النوع العاقل الهاديء الذي لا يستعمل دينه للتحريض على كراهية الاخر, هذا النموذج نحتاجه في عالمنا اليوم لننتقل من حالة الاحقاد والحروب الى حالة السلام والاستقرار...
بدل صرف بلايين الدولارات في الحروب وتخريب البلدان وقتل الناس , نقدر أن نصرفها لتحسين التعليم والصحة هنا وهناك , ورعاية الفقراء والمهجرين وكبار السن هنا وهناك , ومرضى السرطان والايدز هنا وهناك, العالم يعاني من مشاكل كثيرة, وكلنا بشر , لا نحب الظلم والعدوان, نحب السلام والعدالة , لكن يبدو ان الغالبية من الشعوب التي تحب السلام والعدالة , في أميركا اوالعراق أو دول العالم الاخرى, القرار ليس بيدها, القرار بيد فئة تحب العنف والكراهية وتصدرهما في كل الاتجاهات , وتزرع التفرقة والعنف بين الشعوب, لتبرر الحروب , وتجني السرقات ونهب ثروات البلدان الاخرى..
من يوقف هؤلاء عند حدهم ؟
ما دمنا نريد السلام لاوطاننا واولادنا, أظن هذه مسؤوليتنا جميعا لنوقفهم عند حدهم, ونحقق السلام والعدل على الارض, كفانا سفك دماء وكراهية وغباء...
************************************
دائما حين اتكلم مع الناس, خصوصا الطلاب في الجامعات, اقول لهم , ماذا قالوا لكم عنا؟
هل قالوا لكم ان المرأة المسلمة متخلفة مظلومة زوجها يعاملها مثل الحيوانات؟
هل قالوا لكم أشياء ايجابية عن العراق؟
هل قالوا مثلا ان التعليم في العراق مجاني؟
حتى لو تكمل الدكتوراه فهو مجاني؟
هل قالوا لكم ان الصحة والعلاج في العراق مجاني؟
هل قالوا لكم ان تكاليف الماء والكهرباء والتلفون والوقود قبل الحرب كانت ارخص ما يكون؟
لكن الحروب الغبية التي دفعوا صدام حسين الى ارتكابها , كانوا شركاءه في كل شيء, خصوصا تحطيم الاقتصاد العراقي, حيث تدهور كل شيء بعد الحصار خصوصا كالتعليم والصحة ومكانة المرأة العراقية
...
في السبعينات كان تأميم النفط , والثورة الاقتصادية والاجتماعية في العراق , حيث شاركت النساء في القوى العاملة, في كل مكان..
تخرجت من جامعة بغداد 1976 , وكان بعض مدرساتي من النساء والغالبية رجال, لكن بعد حرب ايران, ذهب الرجال لجبهة القتال , وأمتلات دوائر الدولة بالنساء, مهندسات طبيبات صيدلانيات محاميات قضاة واداريات...
في الجامعات, الطاقم التدريسي غالبيته نساء, في الاسواق المركزية للدولة, الطاقم العامل كله تقريبا نساء...
في مواقع العمل المهندسات المدنيات والمعماريات والكهرباء والميكانيك كلهن نساء, في البدالات العاملات والمهندسات والموظفات كلهن نساء..
المرأة العراقية صارت الجزء المهم من المجتمع, صارت الام والاب في البيت, وصارت اليد العاملة التي تشغل الاقتصاد خارج البيت....
هل تصدقون؟
العراق ليس صدام حسين, عندما ادافع عن العراق ادافع عن شعبي وثقافتي وحضارتي التي عمرها اكثر من 7000 سنة
لكن حكومتكم لم تخبركم الحسنات, كتبت لكم فقط السيئات...
وشوهت صورة المرأة العراقية , ثم جاء بوش ليقول انه حرر المرأة العراقية...
حررها من ماذا؟
في الحقيقة هو رجعها للخلف ولم يحررها, حين دمر اقتصاد البلاد, والحالة الامنية, فهربت العراقيات الى البيوت او الى خارج البلاد
او دخلن سجون الاحتلال , او صرن ارامل , او يحملن صور اولادهن وازواجهن المفقودين ويمشين في الشوارع ومراكز الشرطة والسجون والمستشفيات للبحث عن احبائهن..
هذا ما فعله بوش بغالبية النساء العراقيات اليوم ....
هل نقول له شكرا؟؟
**************************
عندي مشروع سأحاول بأي طريقة الحصول على دعم مالي وتقني لتحقيقه..
أريد ان اعمل فلم وثائقي عن المرأة العراقية, اريد ان اعمل لقاءات مع نساء عراقيات مثقفات متعلمات ليحكين عن تجربتهن في الدراسة والعمل والزواج وكل شؤون الحياة الاخرى, وأريد ان يعرض هذا الفلم في الجامعات الامريكية والمنظمات النسائية الامريكية , حتى يروا وجها لوجه عراقيات , ويعرفون حقيقة العراق وشعب العراق من شهادة عراقيين , وليس صحف ومجلات وتلفزيونات امريكية مشوهة حاقدة متحيزة, وإن رأيتم عربية أو عراقية تشتم بلادها وثقافتها فلا تصدقوها, هذه مريضة نفسيا أو منافقة تبحث عن كرت اقامة في اميركا او جنسية امريكية, لتحل مشاكلها الشخصية...
حين انظر للمجتمع الامريكي اجد فيه الكثير من السلبيات , ثمة انقسام بين الرجال والنساء , والفقراء والاغنياء, والبيض والسود , والمقيمين والمهاجرين ,
ثمة اناس بلا مأوى, وثمة تدهور في الاقتصاد بطيء, لكنه سيزداد بسبب الحروب وميزانيتها الضخمة,
وثمة حسنات في المجتمع,
مثل الحرية الشخصية وحرية التعبير والتجمعات
عندما ارى امريكي وانتقد بلاده واقول انتم كلكم عيوب واخطاء , ربما سيحزن ويقول : فايزة انت مخطئة , لم تر الوجه الجميل المشرق من بلادنا
نعم , عندما يحب الامريكي بلاده ليس معنى ذلك انه يحب بوش وادارته
اميركا شيء والحكومة شيء اخر..
كذلك العراق..
العراق وحب العراق والدفاع عن العراق شيء
وصدام حسين والدفاع عن صدام حسين , موضوع ثاني
هل هذا واضح؟
******************************
الناس هنا يتجمعون في نشاطات في جمعيات مجتمع مدني, رغم انهم لا يملكون القرار بخصوص الامور الخطيرة والمهمة مثل الحروب والميزانية وغيرها, لكن يوجد هامش للكلام والتحرك والمسيرات, حتى هذه نحن لا نملكها في بلداننا , نعم , لكن السؤال هو : ما هي النتيجة النهائية؟
في بلدان هامش الديمقراطية فيها صغير مثل دولنا العربية, الشعب لا يملك صناعة القرار, القرار ليس بيد الشعب...
هنا, الشعب له حرية المظاهرات والخطب وانتقاد الحكومة, والنتيجة؟
الشعب ليس بيده حرية القرار...
هل هذه هي الديمقراطية العظيمة التي دمرونا وهم يسوقوها في وسائل اعلامهم؟
الشعب هنا وهناك مسكين مسلوب الأرادة...
اما ان هذا النظام فيه اخطاء كثيرة أو انه تم تشويهه,
و كما أظن ان هذا هو الاحتمال الاكبر...
********************
الحرب على العراق لم تبدأ منذ ثلاث سنين فقط , الحرب بدات منذ 1991 ولحد الان..
كم مات من اطفال العراق من قلة الغذاء والدواء وقت الحصار؟
وكم يموتون الان من قصف المدن , وكم منهم فقد اباءهم وامهاتهم؟
وكم منهم فقد بصره او ذراعه او رجله من القنابل العنقودية؟
وكم منهم اصيب بالسرطان من اليورانيوم المنضب؟
والباقي الذي لم يصبه شيء من هذا , فقد غمر قلبه الصغير الخوف والرعب والعذاب من رؤية الجنود وهم يقتحمون بيته ويعتقلون عائلته ..
ماذا زرع هذا الاحتلال في قلوب الاطفال العراقيين منذ ثلاث سنوات؟
وماذا يقول اطفال العراق الان عن اميركا ؟
**********************************
بعد الحصار تدهور الاقتصاد, زاد التضخم, الرواتب ما عادت تكفي موظفي الدولة , انتشر الفقر والفساد الاداري, بدأت البلاد تتحطم اقتصاديا ثم اجتماعيا , وبدات مكانة المرأة تتدهور...
هذه ليست فقط جرائم صدام حسين, هذه الحكومة الأمريكية ساهمت بتدمير العراق وحياة العراقيين الاقتصادية والاجتماعية ايضا حين فرضت الحصار على العراقيين
وماذا جنينا لحد الان؟
مازال الاقتصاد يتحطم والمجتمع يتمزق ...
ويقولون لكم : حررنا العراق والمرأة العراقية...
آه من الكذب ,
كل الشرور تبدأ وتنتهي بالكذب...
وهذه الحرب بدأت بالكذب , وما زال الكذب مستمرا لتبرير استمرارها...
ما قصة الكذب في هذه البلاد؟
عندما كذب كلنتون بخصوص علاقته الشخصية بمونيكا , فضحوه وعملوا له محكمة تحقيق لعزله من منصبه...
والان بوش كذب وقتل مئات الالاف من العراقيين ودمر مدنهم وقراهم وصرف بلايين الدولارات من اموال ضرائب الامريكيين و اموال نفط العراقيين للاشيء , ضاعت الفلوس وتحطم العراق , ولا احد يحاسبه؟
ليس العراق وحده يعيش الفوضى وضياع الحق والرؤية الصحيحة...
هذه البلاد تعيش نفس المأزق...
لا بد من ايجاد حلول للخروج من مأزق الكذب والكذابين ...
لا بد من ايجاد الحلول العادلة التي ستجلب السلام للعراق والعراقيين بعد هذه العذابات الطويلة ..
العراقيون متعبون , وآن لهم ان يعرفوا الراحة.....
Good evening
somebody sent me this article
well, I want you to read it with me
may be there is something new !
http://thinkprogress.org/the-architects-where-are-they-now
all my best
faiza
somebody sent me this article
well, I want you to read it with me
may be there is something new !
http://thinkprogress.org/the-architects-where-are-they-now
all my best
faiza
Thursday, April 06, 2006
Friday, March 31st , 2006
Good evening...
I am still in America, for about a month now, very tired of traveling around, moving from state to state, carrying bags, the uncomfortable sleep during journeys, and the time-lag between the farther eastern states and the farther western. My body is very exhausted, but the blood stained, sad news from Iraq makes me forget my aches, and strengthen my resolve to move from city to city, to talk about the pain and suffering of the Iraqis, for three years now…
***************
I can no longer remember all the details, because of the multitude of cities, faces, activities, and the packed schedule, but I do remember our meetings with people in churches, universities, houses, and small gatherings in various non-governmental organizations. And I found the people sympathetic and understanding towards the suffering of the Iraqi families; of the bad security conditions, and the crippled daily life, for it is at risk and with difficulty that people go about their business, send their children to schools, go shopping, or go to a doctor. As for family visiting or going out to a restaurant, well, those became memories of the past; for who would take the risk of going out to visit a friend, or have a meal in a restaurant?
The families suffer from the daily shortages of services; water, electricity, and fuel. There aren't any rebuilding programs. There are daily stories of millions of dollars' funds thefts, and the administrational corruption of the government. There is a shortage in employment opportunities, which created a high unemployment percentage among the population, and that caused the immigration of the rich and middle class young people from Iraq. The poor families' sons remained, to choose either joining the Iraqi Army or Police Force, and thus become a target and a victim to those who suspect them of being in collaboration with the occupation, become murdering thieves and drug addicts, or become members in the death and killing squads, or the dirty sectarian militia that is ripping Iraq apart, aided by some who train and pay them. The Iraqis know who is doing all that to them, but the people here do not know….
The people in the various Iraqi cities are hurting because of what is happening in their country, being ripped apart, while they cannot do anything to stop it. And they wonder: where is the key to solve the dilemma of Iraq?
Is it in Washington? Or in the hands of the warring militias?
Both ways, the key is not in the hands of the Iraqi people…
Is there a catastrophe more grave than this??
After three years of the destruction and the ruin that befell our country, the key to solve the problem is not in our hands?
Who is responsible for this; isn't it the stupid policy followed by the American administration in Iraq?
They made the planning, and we are being destroyed, paying the price…
This is the way things are, in Iraq today…
*******************************
People in Iraq usually live in mixed cities, and mixed neighborhoods. There are some cities in which there is a bigger concentration of a sect more than another, because of the presence of a religious shrine of that sect, for example. The Iraqis have a historical and traditional culture bearing a lot of tolerance and accepting the Other; marriages are mixed, neighborhoods are mixed, schools and work locations are mixed, whether official or private companies. Before the war, we used to tell jokes about each other, and laugh. We say, for example:
A man went to a dentist and said: Doctor, my tooth is decayed, ((the word ' My tooth' is written and pronounced = Sennie= Sunnie)), and the doctor says: And is their a Sunnie who isn't decayed? Ha,ha,ha, we used to laugh…
And in a joke about the Day of Judgment: In a graveyard, a Sunnie and a Shia'at lay side by side, and on the Judgment Day, the Sunnie arose, but the Shia'at said: No, not today, the Judgment Day is tomorrow for us. Ha,ha,ha. Because it is their custom to differ from the Feast days and Ramadan, and delay beginning them till the next day…
And we used to say: An Arab and a Kurd were sentenced to death, and the guard came to ask them for a last request, the Kurd said: I want to see my mother. And the Arab said: I do not want the Kurd to see his mother.
Ha,ha,ha, we used to laugh; the Arab in the joke is mean, and the Kurd is wronged. And I used to accept that joke, tell it, we used to laugh about it, and we are Arabs…
We all used to laugh; Sunnies and Shia'ats, Arabs and Kurds, we used to laugh and accept one another; I am a Shia'at, my husband is a Sunnie. We raised our children to love all the people, respect all the people, do not discriminate between people, and hold no grudge against anyone…
Our neighbors were Arabs and Kurds, Muslims and Christians; we love and respect them, and they love and respect us…this is how we used to live…
But Iraq today lives in a big dilemma, there isn't a place for the neutral logicals, like us. There are some who support and finance the ugly sectarian call, spiteful of the Other, to destroy the country…
And there are some who assassinate the voice of the logical neutrals…
All who speak with the sectarianism spirit, or say it was present before the war, is just a fool who is destroying Iraq, knowingly, or not…
When I met Iraqi women and men here, those who are against the war and the occupation, all were from various sorts- Muslims and Christians, Sunnies and Shia'ats, Arabs, Kurds, and Turkman, men and women, they all spoke like me, all their hearts burned in sadness for Iraq. We asked each other: Didn't we live together, weren't our parents friends and neighbors, weren't we childhood and school mates, did we ever ask: are you a Sunnie or a Shia'at? A Kurd or an Arab?
But now, who tore Iraq apart but this ugly occupation?
The picture gets clearer when we all meet, feel that our hearts are united, and there is one enemy targeting us, wanting to tear our unity apart, and divide our country…
The Iraqis aren't fools, these calamities strengthen our unity and solidarity. People in Baghdad collect donations, from all families, from all sects and ethnics, building the demolished mosques, so that Al-Athan (= the Islamic call for prayer) should rise and call in the Iraqi cities: Allahu Akhbar….GOD IS Great…
This is what they want to deprive the Iraqis from hearing….
Someone out there is targeting our identity and religion, to shred them…
The Iraqis aren't fools…
*************************
The Americans usually ask, at the end of each meeting: What can we do to help the Iraqis?
And I usually say: Tell your friends and neighbors the truth of what is happening in Iraq, this isn't a noble mission, do not send your sons to war, put pressure on your government to pull the armies out of Iraq, and stop building the bases. Do not interfere with the future of Iraq, leave Iraq for the Iraqis…
The last time, we had two days of joint activities in various neighborhoods inside San Francisco, we had many participants, one of them was Scott Ritter, the Weapons Inspector in Iraq during the embargo. He spoke to the audience about his rejection of the war since the beginning, that Iraq had no Weapons of Mass Destruction, that this American administration is practicing an incorrect policy in Iraq; they waged the war for false reasons, and until now they are justifying their staying in Iraq with false justifications…
And when people asked him-What should they do, he got angry, and answered harshly: Don't be fools, you put this administration as a government, don't say –someone forged the elections. You should open your eyes and change your lives. Change your life style from relying on Oil and its revenues that come from occupying other countries, tell your government that you can live in austerity on your resources only, there is no need for wars and steeling the revenues of others…
I sat in amazement, watching this angry, frank debate…
He accused them, and they refused these accusations….
I knew the truth of America here, during this month…
People here are weak, submissive, their will taken from them…
They want the change, but do not know how, or else, they are yielding people, who lost hope in their ability to cause change. The decision in this country is in the hands of the wealthy, who own the money, the banks, and the giant companies, and of course- the Media, that controls the minds of simple people…
Even the election system is controlled by money; the Candidate needs millions of dollars for the election campaign, meaning- who would care for a Candidate of principals, humanity, justice, and peace, who shall take care of him, or finance his campaign?
But that who is ready to market the ideas of the rich class, the class that loves wars and investments, will find someone to spend millions on his campaign, will tell people all the nice promises and glamorous slogans. They will elect him, and when he gets to the chair, and sits in the position of decision- making, he will carry out the instructions of the major companies that financed his campaign, not the poor Americans who elected him…
And so, people would live in one realm, and the decision- maker, having abandoned them, would live in another…
This is the reality of things in America…
And the Iraq war is the most evident example…
There is a huge popular anger, from before the war, till now, but people's opinion is marginalized, no one sees that opinion in the newspapers or the media, not even give a hint about it in a petty way. It gets lost with the tide of news, with different features about actors and athletes, then the commercials, the weather broadcast, the financial and ecological news. And the issue of Iraq gets lost in the jam of stories, commercials, and empty talk…
I keep asking myself, when I see the American's sorrow and their inability to change decisions, or influence its makers in the country: Is this the democracy that Bush and Gondalisa Rice brag about? For which they destroyed Iraq in order to implement?
The government is strong, rich, and opinionated about decision and opinion, the people are poor, weak, and no one cares about them, they walk out in demonstrations, they shout, some of them are arrested and go to jail, others make documentary films, and talk against the government's policies. But in result, who cares?
How many of the 350 million Americans will hear him?
And where is the decision?
The decision is in the hands of those who sit in the White House, the Pentagon, and the Congress…
And they are as far off as can be from the ordinary citizen and his opinion…
As far off as can be…
I felt sorry for these people…
This country is definitely living in a crisis, and the Iraq war is the issue that revealed everything as it truly is …
***********************************
Good evening...
I am still in America, for about a month now, very tired of traveling around, moving from state to state, carrying bags, the uncomfortable sleep during journeys, and the time-lag between the farther eastern states and the farther western. My body is very exhausted, but the blood stained, sad news from Iraq makes me forget my aches, and strengthen my resolve to move from city to city, to talk about the pain and suffering of the Iraqis, for three years now…
***************
I can no longer remember all the details, because of the multitude of cities, faces, activities, and the packed schedule, but I do remember our meetings with people in churches, universities, houses, and small gatherings in various non-governmental organizations. And I found the people sympathetic and understanding towards the suffering of the Iraqi families; of the bad security conditions, and the crippled daily life, for it is at risk and with difficulty that people go about their business, send their children to schools, go shopping, or go to a doctor. As for family visiting or going out to a restaurant, well, those became memories of the past; for who would take the risk of going out to visit a friend, or have a meal in a restaurant?
The families suffer from the daily shortages of services; water, electricity, and fuel. There aren't any rebuilding programs. There are daily stories of millions of dollars' funds thefts, and the administrational corruption of the government. There is a shortage in employment opportunities, which created a high unemployment percentage among the population, and that caused the immigration of the rich and middle class young people from Iraq. The poor families' sons remained, to choose either joining the Iraqi Army or Police Force, and thus become a target and a victim to those who suspect them of being in collaboration with the occupation, become murdering thieves and drug addicts, or become members in the death and killing squads, or the dirty sectarian militia that is ripping Iraq apart, aided by some who train and pay them. The Iraqis know who is doing all that to them, but the people here do not know….
The people in the various Iraqi cities are hurting because of what is happening in their country, being ripped apart, while they cannot do anything to stop it. And they wonder: where is the key to solve the dilemma of Iraq?
Is it in Washington? Or in the hands of the warring militias?
Both ways, the key is not in the hands of the Iraqi people…
Is there a catastrophe more grave than this??
After three years of the destruction and the ruin that befell our country, the key to solve the problem is not in our hands?
Who is responsible for this; isn't it the stupid policy followed by the American administration in Iraq?
They made the planning, and we are being destroyed, paying the price…
This is the way things are, in Iraq today…
*******************************
People in Iraq usually live in mixed cities, and mixed neighborhoods. There are some cities in which there is a bigger concentration of a sect more than another, because of the presence of a religious shrine of that sect, for example. The Iraqis have a historical and traditional culture bearing a lot of tolerance and accepting the Other; marriages are mixed, neighborhoods are mixed, schools and work locations are mixed, whether official or private companies. Before the war, we used to tell jokes about each other, and laugh. We say, for example:
A man went to a dentist and said: Doctor, my tooth is decayed, ((the word ' My tooth' is written and pronounced = Sennie= Sunnie)), and the doctor says: And is their a Sunnie who isn't decayed? Ha,ha,ha, we used to laugh…
And in a joke about the Day of Judgment: In a graveyard, a Sunnie and a Shia'at lay side by side, and on the Judgment Day, the Sunnie arose, but the Shia'at said: No, not today, the Judgment Day is tomorrow for us. Ha,ha,ha. Because it is their custom to differ from the Feast days and Ramadan, and delay beginning them till the next day…
And we used to say: An Arab and a Kurd were sentenced to death, and the guard came to ask them for a last request, the Kurd said: I want to see my mother. And the Arab said: I do not want the Kurd to see his mother.
Ha,ha,ha, we used to laugh; the Arab in the joke is mean, and the Kurd is wronged. And I used to accept that joke, tell it, we used to laugh about it, and we are Arabs…
We all used to laugh; Sunnies and Shia'ats, Arabs and Kurds, we used to laugh and accept one another; I am a Shia'at, my husband is a Sunnie. We raised our children to love all the people, respect all the people, do not discriminate between people, and hold no grudge against anyone…
Our neighbors were Arabs and Kurds, Muslims and Christians; we love and respect them, and they love and respect us…this is how we used to live…
But Iraq today lives in a big dilemma, there isn't a place for the neutral logicals, like us. There are some who support and finance the ugly sectarian call, spiteful of the Other, to destroy the country…
And there are some who assassinate the voice of the logical neutrals…
All who speak with the sectarianism spirit, or say it was present before the war, is just a fool who is destroying Iraq, knowingly, or not…
When I met Iraqi women and men here, those who are against the war and the occupation, all were from various sorts- Muslims and Christians, Sunnies and Shia'ats, Arabs, Kurds, and Turkman, men and women, they all spoke like me, all their hearts burned in sadness for Iraq. We asked each other: Didn't we live together, weren't our parents friends and neighbors, weren't we childhood and school mates, did we ever ask: are you a Sunnie or a Shia'at? A Kurd or an Arab?
But now, who tore Iraq apart but this ugly occupation?
The picture gets clearer when we all meet, feel that our hearts are united, and there is one enemy targeting us, wanting to tear our unity apart, and divide our country…
The Iraqis aren't fools, these calamities strengthen our unity and solidarity. People in Baghdad collect donations, from all families, from all sects and ethnics, building the demolished mosques, so that Al-Athan (= the Islamic call for prayer) should rise and call in the Iraqi cities: Allahu Akhbar….GOD IS Great…
This is what they want to deprive the Iraqis from hearing….
Someone out there is targeting our identity and religion, to shred them…
The Iraqis aren't fools…
*************************
The Americans usually ask, at the end of each meeting: What can we do to help the Iraqis?
And I usually say: Tell your friends and neighbors the truth of what is happening in Iraq, this isn't a noble mission, do not send your sons to war, put pressure on your government to pull the armies out of Iraq, and stop building the bases. Do not interfere with the future of Iraq, leave Iraq for the Iraqis…
The last time, we had two days of joint activities in various neighborhoods inside San Francisco, we had many participants, one of them was Scott Ritter, the Weapons Inspector in Iraq during the embargo. He spoke to the audience about his rejection of the war since the beginning, that Iraq had no Weapons of Mass Destruction, that this American administration is practicing an incorrect policy in Iraq; they waged the war for false reasons, and until now they are justifying their staying in Iraq with false justifications…
And when people asked him-What should they do, he got angry, and answered harshly: Don't be fools, you put this administration as a government, don't say –someone forged the elections. You should open your eyes and change your lives. Change your life style from relying on Oil and its revenues that come from occupying other countries, tell your government that you can live in austerity on your resources only, there is no need for wars and steeling the revenues of others…
I sat in amazement, watching this angry, frank debate…
He accused them, and they refused these accusations….
I knew the truth of America here, during this month…
People here are weak, submissive, their will taken from them…
They want the change, but do not know how, or else, they are yielding people, who lost hope in their ability to cause change. The decision in this country is in the hands of the wealthy, who own the money, the banks, and the giant companies, and of course- the Media, that controls the minds of simple people…
Even the election system is controlled by money; the Candidate needs millions of dollars for the election campaign, meaning- who would care for a Candidate of principals, humanity, justice, and peace, who shall take care of him, or finance his campaign?
But that who is ready to market the ideas of the rich class, the class that loves wars and investments, will find someone to spend millions on his campaign, will tell people all the nice promises and glamorous slogans. They will elect him, and when he gets to the chair, and sits in the position of decision- making, he will carry out the instructions of the major companies that financed his campaign, not the poor Americans who elected him…
And so, people would live in one realm, and the decision- maker, having abandoned them, would live in another…
This is the reality of things in America…
And the Iraq war is the most evident example…
There is a huge popular anger, from before the war, till now, but people's opinion is marginalized, no one sees that opinion in the newspapers or the media, not even give a hint about it in a petty way. It gets lost with the tide of news, with different features about actors and athletes, then the commercials, the weather broadcast, the financial and ecological news. And the issue of Iraq gets lost in the jam of stories, commercials, and empty talk…
I keep asking myself, when I see the American's sorrow and their inability to change decisions, or influence its makers in the country: Is this the democracy that Bush and Gondalisa Rice brag about? For which they destroyed Iraq in order to implement?
The government is strong, rich, and opinionated about decision and opinion, the people are poor, weak, and no one cares about them, they walk out in demonstrations, they shout, some of them are arrested and go to jail, others make documentary films, and talk against the government's policies. But in result, who cares?
How many of the 350 million Americans will hear him?
And where is the decision?
The decision is in the hands of those who sit in the White House, the Pentagon, and the Congress…
And they are as far off as can be from the ordinary citizen and his opinion…
As far off as can be…
I felt sorry for these people…
This country is definitely living in a crisis, and the Iraq war is the issue that revealed everything as it truly is …
***********************************
الثلاثاء 4 نيسان 2006
مساءالخير...
اريد أن اكمل الحديث عن المؤتمر في نيويورك
في اليوم الثاني للمؤتمر, ذهبت صباحا مع سيدة عراقية الى محطة تلفزيون لعمل مقابلة والحديث عن معاناة العوائل العراقية اليومية منذ 3 سنوات ولحد الان...
عدنا للمؤتمر بعد العاشرة , ووجدنا السيدات القادمات من الحكومة العراقية الجديدة والمنظمات المدنية جالسات على المنصة , يتكلمن عن العراق بعد التحرير
والاسئلة كانت من الجمهور حول : اعادة الاعمار , والحالة الامنية , والخدمات العامة للمواطنين
كانت اجوبتهن ان هنالك الكثير من الفساد الاداري في الحكومة وان 7 وزراء تم احالتهم للتحقيق عن قضايا فساد اداري وسرقة المال العام, وان الاموال التي تأتي مساعدات من الخارج ايضا تختفي تحت حجة نفقات امنية , وأن لا اعادة اعمار حصلت في البلاد, , وان حالة الخدمات العامة كالماء والكهرباء هي سيئة ومتردية , والوضع الامني متدهور..
واضح تماما ان ليس عندهن أي حقائق على الارض للقول ان كل شيء يجري على ما يرام..
واضح ان لا شيء يجري بطريقة مقبولة منذ 3 سنوات..
لماذا يقلن تحرير العراق إذن ؟
*******************
وبين جملة واخرى , تعود معزوفة النظام الفاشستي الدموي وصدام حسين ..
لا شيء عندهن سوى الحديث عن الماضي لتغطية فشل الحاضر...
كان الجمهور يسألهن أسئلة محرجة عن حقوق النساء العراقيات في الدستور الجديد فلا يعرفن الجواب , واضح انهن لم يقرأن تاريخ النساء العراقيات وما كان لهن في الماضي وما حدث لهن في الحاضر...
النساء العراقيات يملكن حق التعليم والعمل والانتخاب وقيادة السيارة والعمل بنفس الراتب مع الرجال والحصول على اجازة امومة 6 شهور براتب و6 شهور بنصف راتب, ولا يجوز للزوج ان يتزوج ثانية دون حضور الزوجة للمحكمة وموافقتها, واذا حصل الطلاق يكون البيت والاثاث من حق الزوجة , كل هذا كان للمرأة العراقية قبل الحرب...
ماذا جلب الدستور الجديد للمرأة ؟
أرجعها لعصر الملالي واصبحت مرجعيتها هي رجل الدين في طائفتها ؟
هل هذا تحرير المرأة العراقية الذي جاء هدية من إدارة بوش ؟
**************************
كانت ثمة نقاشات كثيرة مملة ...
كنت أفكر , هل أقف وأسألهن عن مقاولات اعادة بناء المدارس في بغداد التي اخذتها الشركات الامريكية بمائة الف دولار للمدرسة مثلا ثم اعطوها لمقاول عراقي بالفي دولار فقط ليطلي جدران المدرسة ويصلح زجاج النوافذ المحطمة؟
كل العراقيين يعرفون هذه الفضيحة...
هل أسأل عن التعيينات بعد الحرب للعراقيين وليس المهم الشهادة والكفاءة لكن المهم هل انت عضو في حزب جديد؟
ستكون لك اولوية في التعيين, والذين عانوا من البطالة سابقا من الفقراء والمستقلين, ظلوا بالبطالة , لازم يصيروا منافقين ومنتمين الى احزاب سياسية حتى يحصلون على وظائف, تماما كما كان صدام حسين يرغم العراقيين على الانتماء لحزب البعث للحصول على وظيفة حكومية , ماذا فعلنا اذن ؟
والوزارات الجديدة صارت لها الوان طائفية لأن الحكومة طائفية..
يعني وزارة الخارجية مثلا وزيرها كردي, الموظفون غالبيتهم اكراد
وزارة الداخلية شيعية , الموظفون غالبيتهم شيعة
وهكذا, هذه مهزلة , وليست عدالة..
بقيت أفكر لو انني اريد توجيه الانتقادات لهؤلاء النساء فإنني سألعب دورا سخيفا ولن نصل الى نتيجة
جلست اصغي للمناقرات بينهن وبين بعض الحضور من العراقيين , ثم عدن الى معزوفة صدام حسين النظام الفاشستي مرة اخرى..
أحسست بالغثيان, هؤلاء مرضى نفسيين تافهين لا ورقة بيدهم للحوار سوى الماضي المليء بالفشل والحقد ,
قامت سيدة ايرانية من الحضور وقالت لهم : لقد جئنا الى هنا لنسمع اشياء جديدة عن العراق, لا نريد سماع الماضي , قولوا شيئا من الحاضر ..
صرخت واحدة من على المنصة بغضب واعترضت على هذا الرأي..
قامت امرأة اخرى من الحضور وسألتهن : ماذا تريدون حتى تتجاوزا الماضي؟
قالت احداهن : نريد اعتراف ان صدام حسين كان مجرما وانه ظلمنا وعذبنا ( المتكلمة كانت شيعية
ضحكت أنا ...
رفعت يدي والتقطت المايكرفون وقلت : طيب , انا شيعية , وصدام حسين ظلم الشيعة وعذبهم ,
وأعترف لك انه كان مجرما , لكنني أؤمن انه صار شيئا من الماضي, ارجوكم ان تفكروا بالعراق ومستقبله ومستقبل اطفاله , اتركوا الماضي , فكروا بالحاضر ومشاكلنا , فكروا كيف نصنع مستقبلنا , اخرجوا من هذه الحالة التي انتم فيها...
قالت احداهن : كيف نخرج من الماضي ؟
كيف ننسى آلامنا؟
نحن ضحايا
نحن مثل اليهود الذين عانوا من المحرقة , هل ينسون ماضيهم ؟
وقفت حائرة ...
ما هذا المنطق؟
يعني نحتفظ باحقادنا نتاجر بها ونبتز الناس ؟
هل هؤلاء مرضى نفسيين ام ماذا ؟
*********************************
من الواضح ان الحضور من الامريكيات لم يكن مستمتعات بما يجري, لكن الحوارات المتناقضة كشفت حقيقة الوفد القادم من بغداد وخصوصا اللواتي يعملن في المنطقة الخضراء , ويجملن وجه الاحتلال , ويسمينه تحرير, ولا يملكن اي شيء ايجابي ليتحدثن عنه ويقنعن الحضور ان العراق يمضي بسعادة بعد تحريره...
وحين يتحدثن عن ضرورة بقاء قوات الاحتلال لانهن مرعوبات يطلبن الحماية, ولا يعترفن بالتصرفات السلبية لقوات الاحتلال ضد المواطنين العراقيين, ولا يعترفن أن ثمة ضحايا من عوائل ومواطنين مدنيين عراقيين يصل عددهم الى مئات الالاف, وان ثمة ملايين غادرت العراق لتعيش في المنافي هربا من جحيم الحياة في العراق..
لا يملكن اي رؤية للوضع الحالي , ولا أي حلول للمستقبل ..
تائهات يتخبطن بين ذكريات الماضي, واحقادهن الشخصية, وطموحاتهن الشخصية, وليذهب العراق الى الجحيم...
***********************
فكرت مع نفسي وقلت للنساء الامريكيات حولي : هذا النموذج من النساء العراقيات للاسف سيطر عليكم منذ ثلاث سنوات, وظهرن في وسائل الاعلام الرسمية , وقابلن الرئيس بوش واعضاء الكونغرس, وخدعن , بالمشاركة مع الادارة الامريكية , الشعب الامريكي, واوصلن له القصة الكاذبة عن العراق منذ ثلاث سنوات, الحمد لله اننا كنا هنا معهم لنريكم الحقيقة...
الشعب العراقي والشعب الامريكي كلاهما ضحية في هذه الحرب
تم خداعهم من قبل الادارة الامريكية وبعض المنافقين الانتهازيين من العراقيين لتسويق قصة الحرب على العراق وتحريره ...
ثلاث سنوات من الخراب والدمار والفوضى, هذا ما حصدناه من هذه الحرب الخاسرة..
ومن هو الرابح؟
حفنة من تجار ومجرمين وفاسدين هنا وهناك..
هذه هي الخلاصة....
مساءالخير...
اريد أن اكمل الحديث عن المؤتمر في نيويورك
في اليوم الثاني للمؤتمر, ذهبت صباحا مع سيدة عراقية الى محطة تلفزيون لعمل مقابلة والحديث عن معاناة العوائل العراقية اليومية منذ 3 سنوات ولحد الان...
عدنا للمؤتمر بعد العاشرة , ووجدنا السيدات القادمات من الحكومة العراقية الجديدة والمنظمات المدنية جالسات على المنصة , يتكلمن عن العراق بعد التحرير
والاسئلة كانت من الجمهور حول : اعادة الاعمار , والحالة الامنية , والخدمات العامة للمواطنين
كانت اجوبتهن ان هنالك الكثير من الفساد الاداري في الحكومة وان 7 وزراء تم احالتهم للتحقيق عن قضايا فساد اداري وسرقة المال العام, وان الاموال التي تأتي مساعدات من الخارج ايضا تختفي تحت حجة نفقات امنية , وأن لا اعادة اعمار حصلت في البلاد, , وان حالة الخدمات العامة كالماء والكهرباء هي سيئة ومتردية , والوضع الامني متدهور..
واضح تماما ان ليس عندهن أي حقائق على الارض للقول ان كل شيء يجري على ما يرام..
واضح ان لا شيء يجري بطريقة مقبولة منذ 3 سنوات..
لماذا يقلن تحرير العراق إذن ؟
*******************
وبين جملة واخرى , تعود معزوفة النظام الفاشستي الدموي وصدام حسين ..
لا شيء عندهن سوى الحديث عن الماضي لتغطية فشل الحاضر...
كان الجمهور يسألهن أسئلة محرجة عن حقوق النساء العراقيات في الدستور الجديد فلا يعرفن الجواب , واضح انهن لم يقرأن تاريخ النساء العراقيات وما كان لهن في الماضي وما حدث لهن في الحاضر...
النساء العراقيات يملكن حق التعليم والعمل والانتخاب وقيادة السيارة والعمل بنفس الراتب مع الرجال والحصول على اجازة امومة 6 شهور براتب و6 شهور بنصف راتب, ولا يجوز للزوج ان يتزوج ثانية دون حضور الزوجة للمحكمة وموافقتها, واذا حصل الطلاق يكون البيت والاثاث من حق الزوجة , كل هذا كان للمرأة العراقية قبل الحرب...
ماذا جلب الدستور الجديد للمرأة ؟
أرجعها لعصر الملالي واصبحت مرجعيتها هي رجل الدين في طائفتها ؟
هل هذا تحرير المرأة العراقية الذي جاء هدية من إدارة بوش ؟
**************************
كانت ثمة نقاشات كثيرة مملة ...
كنت أفكر , هل أقف وأسألهن عن مقاولات اعادة بناء المدارس في بغداد التي اخذتها الشركات الامريكية بمائة الف دولار للمدرسة مثلا ثم اعطوها لمقاول عراقي بالفي دولار فقط ليطلي جدران المدرسة ويصلح زجاج النوافذ المحطمة؟
كل العراقيين يعرفون هذه الفضيحة...
هل أسأل عن التعيينات بعد الحرب للعراقيين وليس المهم الشهادة والكفاءة لكن المهم هل انت عضو في حزب جديد؟
ستكون لك اولوية في التعيين, والذين عانوا من البطالة سابقا من الفقراء والمستقلين, ظلوا بالبطالة , لازم يصيروا منافقين ومنتمين الى احزاب سياسية حتى يحصلون على وظائف, تماما كما كان صدام حسين يرغم العراقيين على الانتماء لحزب البعث للحصول على وظيفة حكومية , ماذا فعلنا اذن ؟
والوزارات الجديدة صارت لها الوان طائفية لأن الحكومة طائفية..
يعني وزارة الخارجية مثلا وزيرها كردي, الموظفون غالبيتهم اكراد
وزارة الداخلية شيعية , الموظفون غالبيتهم شيعة
وهكذا, هذه مهزلة , وليست عدالة..
بقيت أفكر لو انني اريد توجيه الانتقادات لهؤلاء النساء فإنني سألعب دورا سخيفا ولن نصل الى نتيجة
جلست اصغي للمناقرات بينهن وبين بعض الحضور من العراقيين , ثم عدن الى معزوفة صدام حسين النظام الفاشستي مرة اخرى..
أحسست بالغثيان, هؤلاء مرضى نفسيين تافهين لا ورقة بيدهم للحوار سوى الماضي المليء بالفشل والحقد ,
قامت سيدة ايرانية من الحضور وقالت لهم : لقد جئنا الى هنا لنسمع اشياء جديدة عن العراق, لا نريد سماع الماضي , قولوا شيئا من الحاضر ..
صرخت واحدة من على المنصة بغضب واعترضت على هذا الرأي..
قامت امرأة اخرى من الحضور وسألتهن : ماذا تريدون حتى تتجاوزا الماضي؟
قالت احداهن : نريد اعتراف ان صدام حسين كان مجرما وانه ظلمنا وعذبنا ( المتكلمة كانت شيعية
ضحكت أنا ...
رفعت يدي والتقطت المايكرفون وقلت : طيب , انا شيعية , وصدام حسين ظلم الشيعة وعذبهم ,
وأعترف لك انه كان مجرما , لكنني أؤمن انه صار شيئا من الماضي, ارجوكم ان تفكروا بالعراق ومستقبله ومستقبل اطفاله , اتركوا الماضي , فكروا بالحاضر ومشاكلنا , فكروا كيف نصنع مستقبلنا , اخرجوا من هذه الحالة التي انتم فيها...
قالت احداهن : كيف نخرج من الماضي ؟
كيف ننسى آلامنا؟
نحن ضحايا
نحن مثل اليهود الذين عانوا من المحرقة , هل ينسون ماضيهم ؟
وقفت حائرة ...
ما هذا المنطق؟
يعني نحتفظ باحقادنا نتاجر بها ونبتز الناس ؟
هل هؤلاء مرضى نفسيين ام ماذا ؟
*********************************
من الواضح ان الحضور من الامريكيات لم يكن مستمتعات بما يجري, لكن الحوارات المتناقضة كشفت حقيقة الوفد القادم من بغداد وخصوصا اللواتي يعملن في المنطقة الخضراء , ويجملن وجه الاحتلال , ويسمينه تحرير, ولا يملكن اي شيء ايجابي ليتحدثن عنه ويقنعن الحضور ان العراق يمضي بسعادة بعد تحريره...
وحين يتحدثن عن ضرورة بقاء قوات الاحتلال لانهن مرعوبات يطلبن الحماية, ولا يعترفن بالتصرفات السلبية لقوات الاحتلال ضد المواطنين العراقيين, ولا يعترفن أن ثمة ضحايا من عوائل ومواطنين مدنيين عراقيين يصل عددهم الى مئات الالاف, وان ثمة ملايين غادرت العراق لتعيش في المنافي هربا من جحيم الحياة في العراق..
لا يملكن اي رؤية للوضع الحالي , ولا أي حلول للمستقبل ..
تائهات يتخبطن بين ذكريات الماضي, واحقادهن الشخصية, وطموحاتهن الشخصية, وليذهب العراق الى الجحيم...
***********************
فكرت مع نفسي وقلت للنساء الامريكيات حولي : هذا النموذج من النساء العراقيات للاسف سيطر عليكم منذ ثلاث سنوات, وظهرن في وسائل الاعلام الرسمية , وقابلن الرئيس بوش واعضاء الكونغرس, وخدعن , بالمشاركة مع الادارة الامريكية , الشعب الامريكي, واوصلن له القصة الكاذبة عن العراق منذ ثلاث سنوات, الحمد لله اننا كنا هنا معهم لنريكم الحقيقة...
الشعب العراقي والشعب الامريكي كلاهما ضحية في هذه الحرب
تم خداعهم من قبل الادارة الامريكية وبعض المنافقين الانتهازيين من العراقيين لتسويق قصة الحرب على العراق وتحريره ...
ثلاث سنوات من الخراب والدمار والفوضى, هذا ما حصدناه من هذه الحرب الخاسرة..
ومن هو الرابح؟
حفنة من تجار ومجرمين وفاسدين هنا وهناك..
هذه هي الخلاصة....
Tuesday, April 04, 2006
Good evening
somebody sent me this article today
http://news.independent.co.uk/world/middle_east/article355178.ece
what do you think?
faiza
somebody sent me this article today
http://news.independent.co.uk/world/middle_east/article355178.ece
what do you think?
faiza
Sunday, April 02, 2006
الأحد 2 نيسان 2006
صباح الخير...
عندما كنت في عمان قبل حضوري الى هنا, استلمت دعوة لحضور مؤتمر تقيمه منظمة نسائية امريكية انشأتها مجموعة من نساء ينتمين الى اتجاهات دينية مختلفة , وهذا مؤتمر للقاء بين نساء امريكيات وعراقيات لتقريب وجهات نظر الاديان المختلفة
( مسلمين يهود مسيحيين ) او طوائف مختلفة ( نساء سنة وشيعة من العراق)
حين رأيت اسماء المدعوات من العراقيات , وجدت معظمهن يعملن مع منظمات امريكية , تمولها الحكومة الأمريكية أو جهات لها وجهة نظر مؤيدة للحرب والاحتلال , او وزيرة سابقة في حكومة علاوي , او قاضية تعمل حاليا عضوة برلمان...
ارسلت اعتذاري للمنظمة وقلت لهم : عندي موقف ووجهة نظر لن تنسجم مع هؤلاء النساء العراقيات المدعوات , لا اريد تضييع وقتي , اعتذر عن الحضور..
جاء الرد منهم : تعالي احضري , نريد سماع وجهة النظر الاخرى...
قلت : حسنا , إن كان ثمة عدالة , اكون موافقة , سأحضر...
*******************************
قضيت اكثر من عشرين يوما في اميركا,جولات في ولايات مختلفة للحديث مع الناس , ومرة واحدة ذهبنا للكونغرس, طبعا لا توجد فرصة للقاء اعضاء الكونغرس او وسائل الاعلام الرسمية للوفد الذي نحن فيه, عادة هم يستعدون للوفود الرسمية من الحكومة العراقية والمنظمات غير الحكومية التي تصفق للاحتلال, وليس ثمة عندهم عدالة , لن يقابلوا وفدا من عراقيين وعراقيات ممثلين لمنظمات او مستقلين , كلهم يعارضون احتلال بلادهم, ويريدون خروج الاحتلال, وترك العراق للعراقيين ليحلوا مشاكله بالطريقة التي يرونها مناسبة لثقافتهم ووجهة نظرهم...
لا احد من المسؤولين في الادارة الامريكية مستعد لمقابلة ناس مثلنا, لاننا سنقول كلاما لن يعجبهم, هم فقط يقابلون العراقيين الذين يقولون لهم شكرا لقد حررتم العراق , يعني الذين يقولون الكلام الذي تحب الحكومة الامريكية ان تسمعه...
وطوال ترحالي ولقائي للناس كنت اقول : اريد اشوف ناس موافقين على الحرب والاحتلال, اسمع وجهة نظرهم , اقول لهم وجهة نظري , ما معنى احضر اجتماعات مع ناس اصلا هم متفقين معي و اصلا هم ضد الحرب؟
*****************
يوم 26 اذار سافرت من سان فرانسيسكو الى نيويورك لحضور المؤتمر بين نساء عراقيات وامريكيات للحديث عن العراق ومحاولة تفهم ما يحدث, وكيف نجد الحلول..
وصلت مساء مرهقة جدا , حتى انني لم اتناول وجبة طعام حقيقية ذلك اليوم, الوقت لا يكفي...
وجدت فتاة تنتظرني في مطار نيويورك , اوصلتني للفندق ثم ذهبنا لمكان اخر للقاء السيدات كلهن والتعرف على العراقيات والأمريكيات المشاركات, وفهمت ان المؤتمر تم افتتاحه ظهرا , وغدا الجلسات الحقيقية...
وقالت لي واحدة من صديقاتي العراقيات وجدتها هناك : اسمعي, كوني حذرة , اليوم هؤلاء العراقيات المشاركات يقلن تحرير العراق, لا يقلن احتلال , ماذا ستفعلين؟
ذهبت الى النساء المسؤولات عن تنظيم المؤتمر , قلت لهن : غدا سأتكلم بصراحة لن يمنعني أحد , سأقول احتلال, وليس تحرير, إن لم يعجبكم سأنسحب من الان..
قالوا : أبدا لن نعترض عليك , قولي ما شئت, لماذا دعوناك اذن؟
همممم...
اتفقنا...
تناولت العشاء, وسلمت على كثير من النساء بمودة ولطافة , ورجعنا الى الفندق للنوم, غدا سيكون يوما متعب آخر , قلت في نفسي...
******************************
في الصباح ذهبنا للفندق , ثمة صحافة ومصورين ووسائل إعلام , وحضور كثير من مختلف المنظمات حكومية وغير حكومية امريكية , ونساء من جنسيات مختلفة , عربيات , امريكيات, ايرانيات, شرق اسيويات, وغيرهن , جلسنا على المنصة , ثمة اسماء مختلفة, بعضها اعرفها وبعضها سمعت عنها او اراها اول مرة..
بدأ الحديث , المفروض كل واحد يتكلم عن تجربته في العراق, وما هو واقع الحياة منذ 3 سنوات
التي تعمل مع جمعية ايتام وارامل تكلمت عن تجربتها وواقع الحال الاليم لهؤلاء الضحايا الجدد في العراق, والتي تعمل مع منظمة شباب تكلمت عن التحديات والمخاطر والصعوبات التي تواجه الشباب , والقاضية التي تعمل في المجلس الوطني تكلمت عن نظام صدام حسين الدموي الفاشستي (هذه كلماتها وليست مني ) وكيف اعدم زوجها لانه كان ضدالنظام وكيف وضعوها تحت الاقامة الجبرية , ثم غادرت العراق لتعيش في واشنطن مع اولادها , ثم عادت للعراق بعد التحرير (هذه كلماتها ) وهي سعيدة جدا الان , وتشكر الشعب والحكومة الامريكية على تحرير العراق
وقالت ان قصتها منشورة في مجلة ما , وفيها صورتها , وضحكت وقالت : كنت شابة في الصورة, المجلة قديمة....
جاء دوري, حكيت عن تجربتي الشخصية خلال الحرب, والعصابة المسلحة التي خطفت مني سيارتي امام بيتي بعد سنة من الحرب , وقصة خطف ابني من الكلية من قبل مليشيات الامن التابعة لوزارة الداخلية, ثم ابتزازهم لنا حيث دفعنا عشرات الالاف من الدولارات ليطلقوا سراحه, وغادرنا البلاد كغيرنا من العراقيين الذين يعيشون لاجئين في دول الجوار ..
وتكلمت عن سياسة الاحتلال كيف فرقوا العراقيين وحرضوهم ضد بعضهم البعض من سنة وشيعة, وكرد وعرب, والدستور الجديد الذي لم يكتبه العراقيون, والذي يكرس الطائفية والعرقية, ودفع البلاد الى حرب اهلية, وتكلمت عن قصف المدن وتهجير السكان وقتل الرجال او اعتقالهم ووضعهم في السجون , وتكلمت عن معاناة العوائل العراقية من سوء الحالة الامنية وقلة الخدمات , وتساءلت من يهتم بهم؟
من يحميهم؟
الاحتلال لا علاقة له بحماية الناس
والحكومة تعيش محمية في المنطقة الخضراء
من يهتم بالعراقيين الفقراء البؤساء الذين هم ضحايا هذه الحرب, الذين عاشوا تحت حكم صدام حسين وعانوا من الحروب والحصار والان من الاحتلال, هؤلاء هم ضحايا جدد للاحتلال...
عندما انهينا الكلام, كان هنالك اسئلة ونقاشات , ثم استراحة لشرب الشاي والقهوة...
*************************
بعد الاستراحة عدنا مرة اخرى للمنصة...
رأيت وجوها جديدة ..
تكلمت ثلاث نساء, الاولى قالت انها عانت من صدام حسين وعذبها وقتل اقاربها ولاب لاب لاب, وشكرت الامريكان لانهم حرروا العراق
جاءت الثانية , صدام حسين قتلنا دمرنا حبسنا لاب لاب لاب , شكرا للامريكان حرروا العراق
الثالثة جاءت , صدام حسين قتلنا دمرنا عذبنا لاب لاب لاب , شكرا للامريكان حرروا العراق, العراقيون كلهم سعداء..
جاء دوري, قلت في نفسي : هاه, هؤلاء الذين كنت انتظر ثلاث سنوات لالتقي بهم , في العراق هم مختبئين في المنطقة الخضراء او القواعد العسكرية , لا يخالطون العراقيين , لهم عالمهم الخاص, هذه هي فرصتي السعيدة..
قلت : اولا اريد ان اقول لا احد له الحق ان يتكلم بإسم العراقيين , كل واحدة خليها تقول هذا رأيي الشخصي, ثانيا انا سعيدة لانني هنا ارى اناسا يؤيدون الحرب على العراق ويسمون الاحتلال تحرير
كنت دائما اريد ان افهم هؤلاء الناس , والان رأيت ان المسألة عندهم شخصية , صدام حسين اذاهم شخصيا, فحقدوا عليه وعلى كل العراق, والان هم فرحين, انحلت مشكلتهم الشخصية , لكن ماذا عن الضحايا الجدد في العراق؟
كوني امرأة مستقلة, عيوني رأت سيئات صدام حسين وظلمه وجرائمه ضد الشعب ولم نقدر ام نفعل شيئا, والان عيوني نفسها ترى جرائم الاحتلال ضد العراقيين , هل نسكت؟
نفس تصرفات صدام حسين الان نراها في العراق ترتكب من الاحتلال , هل نسكت؟
يقصفون المدن, يهجرون العوائل , يسجنون الرجال, يعذبونهم, يبنون سجونا جديدة, يهرب العراقيون الى خارج البلاد من الجحيم , نفس الحال السابق..
هل اصدق أن هذا تحرير للعراق؟
هل اصدق ان قتل الناس الابرياء في الفلوجة والقائم وسامراء وغيرها هو لخير العراق؟
انا شيعية , ان كنت اعترض على قتل الشيعة والكرد في الماضي, فانني اعترض على قتل السنة حاليا , لانهم عراقيون, كلنا عراقيون, لا يوجد سنة او شيعة او كرد, كلنا عراقيون..
وان كان صدام حسين اذى بعض الناس فليس معنى هذا ان يكرهوا العراق ويرضوا تدمير بلادهم..
العراق ليس صدام حسين , العراق شي اخر, العراق هو الارض والناس والتاريخ والحضارة, هو الماء والنخلات والجبال والاصدقاء والاقارب والذكريات الجميلة والحزينة, العراق ليس صدام حسين, والناس الذين جاؤوا الى اميركا ليعيشوا هنا, وعندهم مشكلة شخصية مع صدام , هؤلاء لا يمثلون العراق, العراقيون الحقيقيون هم الذين عاشوا في الداخل وعانوا من كل شيء, وصبروا ولم يأتوا الى هنا لينافقوا ويشجعوا على الحرب ضد بلادهم ولم يفكروا سوى بالحقد والانتقام الشخصي
والحصول على الاقامة في اميركا او الجنسية الامريكية , هؤلاء منافقين لا تهمهم سوى مصلحتهم الشخصية , هؤلاء دمروا العراق والعراقيين , لانهم لم يتعلموا بعد كيف يغفروا ويسامحوا ويتجاوزوا الماضي من اجل حل مشاكل العراق, ما زالوا يعيشون بعد 3 سنوات من الخراب والدمار الذي حل بالعراق, مازالوا يعيشون في الماضي والحقد, لم يتجاوزوا حالتهم المرضية والصدمة النفسية, العراق كله لازم يدفع ثمن حقدهم , ولم يبرد حقدهم بعد, ماذا تريدون اكثر؟
تدمر العراق, قتل الناس, المستقبل اسود وكل شي منهار , وما زلتم تبكون على انفسكم وتحكون على صدام حسين؟
صدام حسين صار شيئا من الماضي, انسوه, اطووا الصفحة, فكروا بالناس , بالعوائل , بالاطفال, بالضحايا الجدد, فكروا كيف نخرج من المأزق , كيف نبني مستقبل العراق؟
فكروا بعقلية التسامح لا الحقد, ماذا جنينا من الحقد غير الخراب والدمار؟
كنت في غاية الالم , اريد ان اخرج ما في قلبي منذ 3 سنوات من الغضب على هؤلاء المرضى النفسيين الذين مازالوا يعيشون في ظلام حقدهم , وخدعوا الشعب الامريكي ليرسل اولاده ليموتوا من اجل الانتقام لهؤلاء الحاقدات المريضات نفسيا...
والان يشكرن الشعب الامريكي لانهن الان سعيدات وفي مواقع مهمة وعندهن الاموال ويعشن حياتهن المرفهة , انحلت مشاكلهن الشخصية, وليذهب العراق كله الى الجحيم , لا يردن الحديث عن معاناة العراقيين الجديدة من سوء الحالة الامنية او قلة الخدمات , او الفساد الاداري في الحكومة, او تقصير الحكومة وسوء ادارة البلاد...
المهم, انني اكملت كلامي بصعوبة بالغة, هجمن علي امام المنصة, وعلى الصراخ في القاعة منهن ضدي, بعثية صدامية زوجك سرق فلوس النفط والغذاء...
غرقت في الضحك , قلت لهن : اسمي معروف وتاريخي معروف اذهبوا واسالوا ان كنت بعثية او صدامية في يوم من حياتي, ثم انتم اصلا لا تعرفوني ولا تعرفون من هو زوجي, ما اسمه ؟ كيف توجهون التهم للناس دون معرفتهم؟
والله رأيتهن حفنة من فاشلات يثرن الشفقة ,
نزلت عن المنصة, وطالبت السيدة مديرة الجلسة منهن ان يصمتن...
جاء دور واحدة عراقية غيري لتتكلم , لا اعرفها , قالت انها تعمل في الجامعة, والحالة الامنية رديئة وبصعوبة يذهب الطلاب للدوام,
هجمن عليها وقاطعن كلامها واعترضن عليها
قالت لهم بهدوء: لكنكم تعيشون في المنطقة الخضراء ولا تعرفون معاناة الناس
هجمن عليها بالصراخ..
اعتذرت المسكينة عن الحديث, ونزلت من المنصة...
*********************************
ساد في القاعة همهمة وكلام بصوت خفيض...
كنت اجلس بجانب سيدة امريكية من المسؤولات عن تنظيم المؤتمر...
مالت الى جانبي قالت : هذا فظيع !
قلت لها : شكرا لانكم سمحتم لنا ان نتكلم..
قالت : لقد اكتشفنا الان حقيقة ما يحدث في العراق..
قلت لها : نعم, هذه هي الحقيقة , ليس ثمة حرب اهلية, انا شيعية, وبعض اللواتي صرخن علي شيعيات, اذن المسألة ليست سنة وشيعة, المسألة من هو ضد الاحتلال, ومن هو مؤيد للاحتلال, وترين اللواتي في الحكومة موقفهن ليس كاللواتي مستقلات, المستقلات يمثلن الوان المجتمع, ويرفضن الاحتلال رغم اننا لا نعرف بعضنا , لكننا نملك وجهة نظر واحدة مشتركة, لاننا لا نفكر بمصالحنا الشخصية, نحن عانينا من ظلم صدام حسين , والان نعاني من ظلم الاحتلال والحكومة الجديدة..
رأيت كيف صرخن ووجهن اتهامات لي؟
وكيف صرخن على العراقية التي بعدي وخافت منهن ونزلت عن المنصة ؟
هذا هو العراق الجديد, الناس ملعون ابوها, ولا يقدرون أن يتكلموا , مثل ايام صدام حسين...
الذين يعيشون في العراق يملؤهم الرعب , لا يقدرون على الكلام , لو كنت انا في بغداد حاليا, وتكلمت هكذا, صباح اليوم التالي مباشرة سيأتي من يغتالني على باب بيتي, هذا هو العراق اليوم
والمنافقات مثل هؤلاء النساء, يعشن تحت حماية مشددة , ولهن سائق وحرس شخصي, ويعملن مع الحكومة برواتب خيالية, او يعملن رئيسات منظمات تستلم مئات الالاف من الدولارات تمويل من الحكومة الامريكية او مؤسسات امريكية تساند الحرب على العراق, ولا يهمهن الحديث عن ضحايا في العراق ومدن تتهدم وعوائل تقتل واطفال ايتام ونساء ارامل وحقوق انسان مهدورة, لا يردن الكلام عن كل هذا, يردن ان يصورن للشعب الامريكي ان كل شيء تمام في العراق, التحرير ممتاز والسعادة تملأ بيوت العراقيين...
*****************************************
صعدت الى المنصة نساء امريكيات وبداؤوا الكلام عن التسامح وثقافة التسامح ونلسون منديلا كيف قاد بلاده من حالة العنف والحقد والعنصرية بعد ان نشر بينهم ثقافة التسامح لينسوا الماضي ويبدأؤا من جديد...
خرجنا من الصالة , جاءت نساء كثيرات امريكيات وغير امريكيات , كل واحدة تعانقني وتهمس في اذني : انت امرأة شجاعة, ابتسم لها ونمضي كل واحدة في طريق..
قلبي يملؤه الحزن والغضب....
ذهبنا للكنيسة وقرأؤا صلوات وطلبوا من الجميع ان يصلوا ويغفروا ويسامحوا ...
ثم ذهبنا للعشاء..
جلسنا حلقات, طبعا انقسمت المجموعات , صار لكل مجموعة لون محدد, الذين يؤيدون تحرير العراق جلسوا على طاولات متقاربة ..
والذين يرفضون الحرب والاحتلال, جلسوا على طاولات اخرى...
أرى النساء الامريكيات محرجات من الموقف , يحاولن تهدئة الكل , لكنني كنت اقول لهن : هذا هو واقع العراق الحقيقي , ترونه الان بعيونكم, لتفهموا ما فعله الاحتلال بنا, مزقنا وقسم الشعب الى فئتين متصادمتين تماما كما حدث للشعب الامريكي, لكن التصادم بين العراقيين أشد الما لان البلد تدمر والناس ماتوا او هربوا او في السجون , والمستقبل اظلم كئيب, وهؤلاء جاؤوا ليقولوا شكرا للتحرير, هل ثمة كارثة اكبر من هذه ؟
*********************************************
في الليل جلست في غرفتي في الفندق , استرجع ذكرى الحرب والهول والعذاب الذي رآه العراقيون البؤساء, وهؤلاء النسوة ومثلهن رجال , كانوا يعيشون هنا, يشجعون الحرب على بلادهم , وينتظرون العودة (بعد التحرير ) , لينتقموا ويبثوا احقادهم المريضة ويخربوا العراق اكثر واكثر..
تذكرت الذين ماتوا من جيراني واصدقائي واقاربي من هذه الحرب, والذين هربوا من البلاد , تذكرت اننا كنا ثمانية اخوة واخوات, اطباء ومهندسين وصيادلة, هربنا من خطورة الحالة الامنية, وبقي في العراق فقط اخ واحد وعائلته واخت واحدة وعائلتها, يغرقون في الرعب والخوف كل يوم ولا قدرة مالية عندهم على مغادرة البلاد ..
تذكرت جيراني الذين هاجروا خارج العراق وباعوا بيوتهم أو تركوها امانة عند الحراس, تذكرت العقول الجميلة التي اغتالوها في العراق او هرب اصحابها الى دول الجوار والمنفى, تذكرت المتحف الذي هدم وسرقت تحفه منذ ثلاث سنين ولم يعثر عليها, والوثائق الوطنية القديمة التي احرقت من قبل المرتزقة الذين جاؤوا مع الاحتلال, والوزارات والدوائر الحكومية التي نهبت واحرقت من قبل مجهولين, والارشيف لكل الوزارات تم نقله الى القاعدة العسكرية الامريكية في قطر , حيث تمت ترجمته من موظفين عرب تم توظيفهم بعد الحرب على العراق, تذكرت ارشيف الدوائر والوزارات والجامعات الذي تم اتلافه ليعود العراق الى نقطة الصفر, تذكرت الجيش الذي تم حله ليذهب رجاله الى البيوت يجلسون عاطلين امام زوجاتهم, واللصوص تحوم في شوارع بغداد تنهب وتخطف وتدمر وقوات الاحتلال تتفرج ولا تتدخل...
تذكرت الدستور العفن الذي فرضوه علينا, وقال العراقيون ان نتائج التصويت عليه كانت مزورة, والان العراق يسرح ويمرح به المجرمون والمرتزقة والمليشيات التي دربتها وزارة الداخلية لتقتل العراقيين وتقضي عليهم, وقوات الاحتلال يدعون براءتهم من كل هذا ..
مذا يفعلون اذن في العراق منذ 3 سنوات؟
اين ذهبت ملايين الدولارات؟
احسست ألما كبيرا في قلبي ورأسي , بكيت كثيرا, ونمت, وصحوت على صداع شديد...
اريد أن اخرج العراق من رأسي , ولا أقدر..
لا أفكر بزوجي ولا بأولادي ولا بيتي ولا عائلتي, فقط العراق يسيطر علي..
أعتقد انني سأموت من الحزن على العراق....
**********************************
صباح الخير...
عندما كنت في عمان قبل حضوري الى هنا, استلمت دعوة لحضور مؤتمر تقيمه منظمة نسائية امريكية انشأتها مجموعة من نساء ينتمين الى اتجاهات دينية مختلفة , وهذا مؤتمر للقاء بين نساء امريكيات وعراقيات لتقريب وجهات نظر الاديان المختلفة
( مسلمين يهود مسيحيين ) او طوائف مختلفة ( نساء سنة وشيعة من العراق)
حين رأيت اسماء المدعوات من العراقيات , وجدت معظمهن يعملن مع منظمات امريكية , تمولها الحكومة الأمريكية أو جهات لها وجهة نظر مؤيدة للحرب والاحتلال , او وزيرة سابقة في حكومة علاوي , او قاضية تعمل حاليا عضوة برلمان...
ارسلت اعتذاري للمنظمة وقلت لهم : عندي موقف ووجهة نظر لن تنسجم مع هؤلاء النساء العراقيات المدعوات , لا اريد تضييع وقتي , اعتذر عن الحضور..
جاء الرد منهم : تعالي احضري , نريد سماع وجهة النظر الاخرى...
قلت : حسنا , إن كان ثمة عدالة , اكون موافقة , سأحضر...
*******************************
قضيت اكثر من عشرين يوما في اميركا,جولات في ولايات مختلفة للحديث مع الناس , ومرة واحدة ذهبنا للكونغرس, طبعا لا توجد فرصة للقاء اعضاء الكونغرس او وسائل الاعلام الرسمية للوفد الذي نحن فيه, عادة هم يستعدون للوفود الرسمية من الحكومة العراقية والمنظمات غير الحكومية التي تصفق للاحتلال, وليس ثمة عندهم عدالة , لن يقابلوا وفدا من عراقيين وعراقيات ممثلين لمنظمات او مستقلين , كلهم يعارضون احتلال بلادهم, ويريدون خروج الاحتلال, وترك العراق للعراقيين ليحلوا مشاكله بالطريقة التي يرونها مناسبة لثقافتهم ووجهة نظرهم...
لا احد من المسؤولين في الادارة الامريكية مستعد لمقابلة ناس مثلنا, لاننا سنقول كلاما لن يعجبهم, هم فقط يقابلون العراقيين الذين يقولون لهم شكرا لقد حررتم العراق , يعني الذين يقولون الكلام الذي تحب الحكومة الامريكية ان تسمعه...
وطوال ترحالي ولقائي للناس كنت اقول : اريد اشوف ناس موافقين على الحرب والاحتلال, اسمع وجهة نظرهم , اقول لهم وجهة نظري , ما معنى احضر اجتماعات مع ناس اصلا هم متفقين معي و اصلا هم ضد الحرب؟
*****************
يوم 26 اذار سافرت من سان فرانسيسكو الى نيويورك لحضور المؤتمر بين نساء عراقيات وامريكيات للحديث عن العراق ومحاولة تفهم ما يحدث, وكيف نجد الحلول..
وصلت مساء مرهقة جدا , حتى انني لم اتناول وجبة طعام حقيقية ذلك اليوم, الوقت لا يكفي...
وجدت فتاة تنتظرني في مطار نيويورك , اوصلتني للفندق ثم ذهبنا لمكان اخر للقاء السيدات كلهن والتعرف على العراقيات والأمريكيات المشاركات, وفهمت ان المؤتمر تم افتتاحه ظهرا , وغدا الجلسات الحقيقية...
وقالت لي واحدة من صديقاتي العراقيات وجدتها هناك : اسمعي, كوني حذرة , اليوم هؤلاء العراقيات المشاركات يقلن تحرير العراق, لا يقلن احتلال , ماذا ستفعلين؟
ذهبت الى النساء المسؤولات عن تنظيم المؤتمر , قلت لهن : غدا سأتكلم بصراحة لن يمنعني أحد , سأقول احتلال, وليس تحرير, إن لم يعجبكم سأنسحب من الان..
قالوا : أبدا لن نعترض عليك , قولي ما شئت, لماذا دعوناك اذن؟
همممم...
اتفقنا...
تناولت العشاء, وسلمت على كثير من النساء بمودة ولطافة , ورجعنا الى الفندق للنوم, غدا سيكون يوما متعب آخر , قلت في نفسي...
******************************
في الصباح ذهبنا للفندق , ثمة صحافة ومصورين ووسائل إعلام , وحضور كثير من مختلف المنظمات حكومية وغير حكومية امريكية , ونساء من جنسيات مختلفة , عربيات , امريكيات, ايرانيات, شرق اسيويات, وغيرهن , جلسنا على المنصة , ثمة اسماء مختلفة, بعضها اعرفها وبعضها سمعت عنها او اراها اول مرة..
بدأ الحديث , المفروض كل واحد يتكلم عن تجربته في العراق, وما هو واقع الحياة منذ 3 سنوات
التي تعمل مع جمعية ايتام وارامل تكلمت عن تجربتها وواقع الحال الاليم لهؤلاء الضحايا الجدد في العراق, والتي تعمل مع منظمة شباب تكلمت عن التحديات والمخاطر والصعوبات التي تواجه الشباب , والقاضية التي تعمل في المجلس الوطني تكلمت عن نظام صدام حسين الدموي الفاشستي (هذه كلماتها وليست مني ) وكيف اعدم زوجها لانه كان ضدالنظام وكيف وضعوها تحت الاقامة الجبرية , ثم غادرت العراق لتعيش في واشنطن مع اولادها , ثم عادت للعراق بعد التحرير (هذه كلماتها ) وهي سعيدة جدا الان , وتشكر الشعب والحكومة الامريكية على تحرير العراق
وقالت ان قصتها منشورة في مجلة ما , وفيها صورتها , وضحكت وقالت : كنت شابة في الصورة, المجلة قديمة....
جاء دوري, حكيت عن تجربتي الشخصية خلال الحرب, والعصابة المسلحة التي خطفت مني سيارتي امام بيتي بعد سنة من الحرب , وقصة خطف ابني من الكلية من قبل مليشيات الامن التابعة لوزارة الداخلية, ثم ابتزازهم لنا حيث دفعنا عشرات الالاف من الدولارات ليطلقوا سراحه, وغادرنا البلاد كغيرنا من العراقيين الذين يعيشون لاجئين في دول الجوار ..
وتكلمت عن سياسة الاحتلال كيف فرقوا العراقيين وحرضوهم ضد بعضهم البعض من سنة وشيعة, وكرد وعرب, والدستور الجديد الذي لم يكتبه العراقيون, والذي يكرس الطائفية والعرقية, ودفع البلاد الى حرب اهلية, وتكلمت عن قصف المدن وتهجير السكان وقتل الرجال او اعتقالهم ووضعهم في السجون , وتكلمت عن معاناة العوائل العراقية من سوء الحالة الامنية وقلة الخدمات , وتساءلت من يهتم بهم؟
من يحميهم؟
الاحتلال لا علاقة له بحماية الناس
والحكومة تعيش محمية في المنطقة الخضراء
من يهتم بالعراقيين الفقراء البؤساء الذين هم ضحايا هذه الحرب, الذين عاشوا تحت حكم صدام حسين وعانوا من الحروب والحصار والان من الاحتلال, هؤلاء هم ضحايا جدد للاحتلال...
عندما انهينا الكلام, كان هنالك اسئلة ونقاشات , ثم استراحة لشرب الشاي والقهوة...
*************************
بعد الاستراحة عدنا مرة اخرى للمنصة...
رأيت وجوها جديدة ..
تكلمت ثلاث نساء, الاولى قالت انها عانت من صدام حسين وعذبها وقتل اقاربها ولاب لاب لاب, وشكرت الامريكان لانهم حرروا العراق
جاءت الثانية , صدام حسين قتلنا دمرنا حبسنا لاب لاب لاب , شكرا للامريكان حرروا العراق
الثالثة جاءت , صدام حسين قتلنا دمرنا عذبنا لاب لاب لاب , شكرا للامريكان حرروا العراق, العراقيون كلهم سعداء..
جاء دوري, قلت في نفسي : هاه, هؤلاء الذين كنت انتظر ثلاث سنوات لالتقي بهم , في العراق هم مختبئين في المنطقة الخضراء او القواعد العسكرية , لا يخالطون العراقيين , لهم عالمهم الخاص, هذه هي فرصتي السعيدة..
قلت : اولا اريد ان اقول لا احد له الحق ان يتكلم بإسم العراقيين , كل واحدة خليها تقول هذا رأيي الشخصي, ثانيا انا سعيدة لانني هنا ارى اناسا يؤيدون الحرب على العراق ويسمون الاحتلال تحرير
كنت دائما اريد ان افهم هؤلاء الناس , والان رأيت ان المسألة عندهم شخصية , صدام حسين اذاهم شخصيا, فحقدوا عليه وعلى كل العراق, والان هم فرحين, انحلت مشكلتهم الشخصية , لكن ماذا عن الضحايا الجدد في العراق؟
كوني امرأة مستقلة, عيوني رأت سيئات صدام حسين وظلمه وجرائمه ضد الشعب ولم نقدر ام نفعل شيئا, والان عيوني نفسها ترى جرائم الاحتلال ضد العراقيين , هل نسكت؟
نفس تصرفات صدام حسين الان نراها في العراق ترتكب من الاحتلال , هل نسكت؟
يقصفون المدن, يهجرون العوائل , يسجنون الرجال, يعذبونهم, يبنون سجونا جديدة, يهرب العراقيون الى خارج البلاد من الجحيم , نفس الحال السابق..
هل اصدق أن هذا تحرير للعراق؟
هل اصدق ان قتل الناس الابرياء في الفلوجة والقائم وسامراء وغيرها هو لخير العراق؟
انا شيعية , ان كنت اعترض على قتل الشيعة والكرد في الماضي, فانني اعترض على قتل السنة حاليا , لانهم عراقيون, كلنا عراقيون, لا يوجد سنة او شيعة او كرد, كلنا عراقيون..
وان كان صدام حسين اذى بعض الناس فليس معنى هذا ان يكرهوا العراق ويرضوا تدمير بلادهم..
العراق ليس صدام حسين , العراق شي اخر, العراق هو الارض والناس والتاريخ والحضارة, هو الماء والنخلات والجبال والاصدقاء والاقارب والذكريات الجميلة والحزينة, العراق ليس صدام حسين, والناس الذين جاؤوا الى اميركا ليعيشوا هنا, وعندهم مشكلة شخصية مع صدام , هؤلاء لا يمثلون العراق, العراقيون الحقيقيون هم الذين عاشوا في الداخل وعانوا من كل شيء, وصبروا ولم يأتوا الى هنا لينافقوا ويشجعوا على الحرب ضد بلادهم ولم يفكروا سوى بالحقد والانتقام الشخصي
والحصول على الاقامة في اميركا او الجنسية الامريكية , هؤلاء منافقين لا تهمهم سوى مصلحتهم الشخصية , هؤلاء دمروا العراق والعراقيين , لانهم لم يتعلموا بعد كيف يغفروا ويسامحوا ويتجاوزوا الماضي من اجل حل مشاكل العراق, ما زالوا يعيشون بعد 3 سنوات من الخراب والدمار الذي حل بالعراق, مازالوا يعيشون في الماضي والحقد, لم يتجاوزوا حالتهم المرضية والصدمة النفسية, العراق كله لازم يدفع ثمن حقدهم , ولم يبرد حقدهم بعد, ماذا تريدون اكثر؟
تدمر العراق, قتل الناس, المستقبل اسود وكل شي منهار , وما زلتم تبكون على انفسكم وتحكون على صدام حسين؟
صدام حسين صار شيئا من الماضي, انسوه, اطووا الصفحة, فكروا بالناس , بالعوائل , بالاطفال, بالضحايا الجدد, فكروا كيف نخرج من المأزق , كيف نبني مستقبل العراق؟
فكروا بعقلية التسامح لا الحقد, ماذا جنينا من الحقد غير الخراب والدمار؟
كنت في غاية الالم , اريد ان اخرج ما في قلبي منذ 3 سنوات من الغضب على هؤلاء المرضى النفسيين الذين مازالوا يعيشون في ظلام حقدهم , وخدعوا الشعب الامريكي ليرسل اولاده ليموتوا من اجل الانتقام لهؤلاء الحاقدات المريضات نفسيا...
والان يشكرن الشعب الامريكي لانهن الان سعيدات وفي مواقع مهمة وعندهن الاموال ويعشن حياتهن المرفهة , انحلت مشاكلهن الشخصية, وليذهب العراق كله الى الجحيم , لا يردن الحديث عن معاناة العراقيين الجديدة من سوء الحالة الامنية او قلة الخدمات , او الفساد الاداري في الحكومة, او تقصير الحكومة وسوء ادارة البلاد...
المهم, انني اكملت كلامي بصعوبة بالغة, هجمن علي امام المنصة, وعلى الصراخ في القاعة منهن ضدي, بعثية صدامية زوجك سرق فلوس النفط والغذاء...
غرقت في الضحك , قلت لهن : اسمي معروف وتاريخي معروف اذهبوا واسالوا ان كنت بعثية او صدامية في يوم من حياتي, ثم انتم اصلا لا تعرفوني ولا تعرفون من هو زوجي, ما اسمه ؟ كيف توجهون التهم للناس دون معرفتهم؟
والله رأيتهن حفنة من فاشلات يثرن الشفقة ,
نزلت عن المنصة, وطالبت السيدة مديرة الجلسة منهن ان يصمتن...
جاء دور واحدة عراقية غيري لتتكلم , لا اعرفها , قالت انها تعمل في الجامعة, والحالة الامنية رديئة وبصعوبة يذهب الطلاب للدوام,
هجمن عليها وقاطعن كلامها واعترضن عليها
قالت لهم بهدوء: لكنكم تعيشون في المنطقة الخضراء ولا تعرفون معاناة الناس
هجمن عليها بالصراخ..
اعتذرت المسكينة عن الحديث, ونزلت من المنصة...
*********************************
ساد في القاعة همهمة وكلام بصوت خفيض...
كنت اجلس بجانب سيدة امريكية من المسؤولات عن تنظيم المؤتمر...
مالت الى جانبي قالت : هذا فظيع !
قلت لها : شكرا لانكم سمحتم لنا ان نتكلم..
قالت : لقد اكتشفنا الان حقيقة ما يحدث في العراق..
قلت لها : نعم, هذه هي الحقيقة , ليس ثمة حرب اهلية, انا شيعية, وبعض اللواتي صرخن علي شيعيات, اذن المسألة ليست سنة وشيعة, المسألة من هو ضد الاحتلال, ومن هو مؤيد للاحتلال, وترين اللواتي في الحكومة موقفهن ليس كاللواتي مستقلات, المستقلات يمثلن الوان المجتمع, ويرفضن الاحتلال رغم اننا لا نعرف بعضنا , لكننا نملك وجهة نظر واحدة مشتركة, لاننا لا نفكر بمصالحنا الشخصية, نحن عانينا من ظلم صدام حسين , والان نعاني من ظلم الاحتلال والحكومة الجديدة..
رأيت كيف صرخن ووجهن اتهامات لي؟
وكيف صرخن على العراقية التي بعدي وخافت منهن ونزلت عن المنصة ؟
هذا هو العراق الجديد, الناس ملعون ابوها, ولا يقدرون أن يتكلموا , مثل ايام صدام حسين...
الذين يعيشون في العراق يملؤهم الرعب , لا يقدرون على الكلام , لو كنت انا في بغداد حاليا, وتكلمت هكذا, صباح اليوم التالي مباشرة سيأتي من يغتالني على باب بيتي, هذا هو العراق اليوم
والمنافقات مثل هؤلاء النساء, يعشن تحت حماية مشددة , ولهن سائق وحرس شخصي, ويعملن مع الحكومة برواتب خيالية, او يعملن رئيسات منظمات تستلم مئات الالاف من الدولارات تمويل من الحكومة الامريكية او مؤسسات امريكية تساند الحرب على العراق, ولا يهمهن الحديث عن ضحايا في العراق ومدن تتهدم وعوائل تقتل واطفال ايتام ونساء ارامل وحقوق انسان مهدورة, لا يردن الكلام عن كل هذا, يردن ان يصورن للشعب الامريكي ان كل شيء تمام في العراق, التحرير ممتاز والسعادة تملأ بيوت العراقيين...
*****************************************
صعدت الى المنصة نساء امريكيات وبداؤوا الكلام عن التسامح وثقافة التسامح ونلسون منديلا كيف قاد بلاده من حالة العنف والحقد والعنصرية بعد ان نشر بينهم ثقافة التسامح لينسوا الماضي ويبدأؤا من جديد...
خرجنا من الصالة , جاءت نساء كثيرات امريكيات وغير امريكيات , كل واحدة تعانقني وتهمس في اذني : انت امرأة شجاعة, ابتسم لها ونمضي كل واحدة في طريق..
قلبي يملؤه الحزن والغضب....
ذهبنا للكنيسة وقرأؤا صلوات وطلبوا من الجميع ان يصلوا ويغفروا ويسامحوا ...
ثم ذهبنا للعشاء..
جلسنا حلقات, طبعا انقسمت المجموعات , صار لكل مجموعة لون محدد, الذين يؤيدون تحرير العراق جلسوا على طاولات متقاربة ..
والذين يرفضون الحرب والاحتلال, جلسوا على طاولات اخرى...
أرى النساء الامريكيات محرجات من الموقف , يحاولن تهدئة الكل , لكنني كنت اقول لهن : هذا هو واقع العراق الحقيقي , ترونه الان بعيونكم, لتفهموا ما فعله الاحتلال بنا, مزقنا وقسم الشعب الى فئتين متصادمتين تماما كما حدث للشعب الامريكي, لكن التصادم بين العراقيين أشد الما لان البلد تدمر والناس ماتوا او هربوا او في السجون , والمستقبل اظلم كئيب, وهؤلاء جاؤوا ليقولوا شكرا للتحرير, هل ثمة كارثة اكبر من هذه ؟
*********************************************
في الليل جلست في غرفتي في الفندق , استرجع ذكرى الحرب والهول والعذاب الذي رآه العراقيون البؤساء, وهؤلاء النسوة ومثلهن رجال , كانوا يعيشون هنا, يشجعون الحرب على بلادهم , وينتظرون العودة (بعد التحرير ) , لينتقموا ويبثوا احقادهم المريضة ويخربوا العراق اكثر واكثر..
تذكرت الذين ماتوا من جيراني واصدقائي واقاربي من هذه الحرب, والذين هربوا من البلاد , تذكرت اننا كنا ثمانية اخوة واخوات, اطباء ومهندسين وصيادلة, هربنا من خطورة الحالة الامنية, وبقي في العراق فقط اخ واحد وعائلته واخت واحدة وعائلتها, يغرقون في الرعب والخوف كل يوم ولا قدرة مالية عندهم على مغادرة البلاد ..
تذكرت جيراني الذين هاجروا خارج العراق وباعوا بيوتهم أو تركوها امانة عند الحراس, تذكرت العقول الجميلة التي اغتالوها في العراق او هرب اصحابها الى دول الجوار والمنفى, تذكرت المتحف الذي هدم وسرقت تحفه منذ ثلاث سنين ولم يعثر عليها, والوثائق الوطنية القديمة التي احرقت من قبل المرتزقة الذين جاؤوا مع الاحتلال, والوزارات والدوائر الحكومية التي نهبت واحرقت من قبل مجهولين, والارشيف لكل الوزارات تم نقله الى القاعدة العسكرية الامريكية في قطر , حيث تمت ترجمته من موظفين عرب تم توظيفهم بعد الحرب على العراق, تذكرت ارشيف الدوائر والوزارات والجامعات الذي تم اتلافه ليعود العراق الى نقطة الصفر, تذكرت الجيش الذي تم حله ليذهب رجاله الى البيوت يجلسون عاطلين امام زوجاتهم, واللصوص تحوم في شوارع بغداد تنهب وتخطف وتدمر وقوات الاحتلال تتفرج ولا تتدخل...
تذكرت الدستور العفن الذي فرضوه علينا, وقال العراقيون ان نتائج التصويت عليه كانت مزورة, والان العراق يسرح ويمرح به المجرمون والمرتزقة والمليشيات التي دربتها وزارة الداخلية لتقتل العراقيين وتقضي عليهم, وقوات الاحتلال يدعون براءتهم من كل هذا ..
مذا يفعلون اذن في العراق منذ 3 سنوات؟
اين ذهبت ملايين الدولارات؟
احسست ألما كبيرا في قلبي ورأسي , بكيت كثيرا, ونمت, وصحوت على صداع شديد...
اريد أن اخرج العراق من رأسي , ولا أقدر..
لا أفكر بزوجي ولا بأولادي ولا بيتي ولا عائلتي, فقط العراق يسيطر علي..
أعتقد انني سأموت من الحزن على العراق....
**********************************
الجمعة 31 اذار 2006
مساء الخير..
ما زلت في اميركا منذ حوالي شهر , متعبة جدا من السفر والتنقل من ولاية الى اخرى, وحمل الحقائب , والنوم غير المريح اثناء الرحلات, وتبدل التوقيت بين ولايات اقصى الشرق واقصى الغرب , جسمي متعب جدا, لكن اخبار العراق الدامية الحزينة تنسيني اوجاعي , وتقوي عزيمتي على التنقل من مدينة الى اخرى للحديث عن آلام ومعاناة العراقيين منذ ثلاث سنوات ولحد الآن..
***************
من كثرة المدن والوجوه والفعاليات والبرنامج المزدحم , ما عدت اتذكر التفاصيل كلها, لكنني اتذكر لقاءاتنا مع الناس في الكنائس والجامعات والبيوت والتجمعات الصغيرة من مختلف المنظمات غير الحكومية , ووجدت الناس متعاطفين ومتفهمين لمعاناة العوائل العراقية , من سوء الحالة الأمنية وتعطل الحياة اليومية, فالناس بصعوبة ومجازفة يذهبون للعمل, او يرسلون اولادهم للمدارس, أو يتسوقون او يذهبون للطبيب, اما الزيارات العائلية او الذهاب للمطعم, فهذه صارت ذكريات من الماضي, من يغامر بالخروج للذهاب لزيارة صديق او تناول وجبة في مطعم؟
قلة الخدمات من ماء وكهرباء ووقود , تعاني منها العوائل يوميا, عدم وجود اي برامج لإعادة اعمار البلاد, قصص يومية عن سرقات ملايين وفساد اداري في الحكومة , قلة وجود وظائف للعمل سبب بطالة عالية بين السكان , وسبب هجرة الشباب من العراق من ابناء الطبقة الغنية والمتوسطة, وبقي اولاد العوائل الفقيرة ليختاروا إما العمل مع الشرطة والجيش العراقي ويكونوا هدفا وضحايا لمن يشك بهم ويظنهم متواطئين مع الاحتلال , وإما لصوص وقتلة ومدمني مخدرات, وإما اعضاء فرق القتل والموت أو المليشيات الطائفية القذرة التي تمزق العراق , وثمة من يدربها ويدفع لها, العراقيون يعرفون من الذي يفعل كل هذا بهم, لكن الناس هنا لا يعرفون....
الناس في مدن العراق المختلفة يتألمون لما يحدث لوطنهم من تمزيق, ولا يقدرون ان يفعلوا شيئا لإيقافه, يتساءلون : اين مفتاح الحل لمأزق العراق؟
هل هو في واشنطن ؟
ام بين يدي المليشيات المتقاتلة ؟
وفي الحالتين , المفتاح ليس بيد الشعب العراقي...
هل ثمة كارثة أعظم من هذه؟؟
بعد ثلاث سنوات من خراب ودمار اصاب بلادنا , مفتاح الحل ليس بيدينا ؟
من يتحمل مسؤولية هذا , اليست السياسة الغبية التي تتبعها الادارة الامريكية في العراق؟
هم يخططون , ونحن نتدمر وندفع الثمن...
هذا هو واقع الحال في العراق اليوم...
*******************************
الناس يعيشون عادة في العراق بمدن مختلطة واحياء مختلطة , ثمة مدن فيها تركيز طائفة اكثر من اخرى بسبب وجود مرقد ديني لتلك الطائفة مثلا, والعراقيون يملكون ثقافة تاريخية وتراثية فيها الكثير من التسامح وتقبل الاخر, الزواجات مختلطة, الاحياء السكنية مختلطة, المدارس ومواقع العمل مختلطة سواء حكومية او شركات خاصة, كنا قبل الحرب نحكي نكت ضد بعض ونضحك , نقول مثلا : واحد ذهب للطبيب وقال له سني خايس( مسوس ) , قال له الطبيب اكو سني مو خايس, هههه كنا نضحك..
ونقول نكتة عن يوم القيامة :كان في القبر سني وشيعي, السني قام, الشيعي قال لا مو اليوم باجر, هههه ,لان عادتهم ان يخالفوا ايام الاعياد ورمضان ويؤخرون بدايتها الى اليوم التالي..
وكنا نقول : اكو عربي وكردي محكومين اعدام, جاء الحارس يسألهم ما هو اخر طلب, قال الكردي اريد اشوف امي, قال العربي ماريد الكردي يشوف امه
هههه, كنا نضحك, العربي في النكته لئيم , كنت اتقبل النكته وارويها ونضحك ونحن عرب, والكردي مظلوم في النكته...
كنا نضحك, سنة وشيعة , عرب واكراد , كنا نضحك, ونتقبل الاخر , انا شيعية, زوجي سني, اولادنا ربيناهم ليحبوا كل الناس, ويحترمو ا كل الناس, ولا يفرقوا ولا يحقدوا على احد...
جيراننا كرد وعرب , مسلمين ومسيحيين, نحبهم ونحترمهم, يحبونا ويحترمونا...هكذا تعودنا ان نعيش...
لكن العراق اليوم يعيش محنة كبيرة, لا مكان للحيادي العاقل مثلنا, ثمة من يؤيد ويمول الصوت الطائفي القبيح الحاقد ضد الاخر ليخرب البلاد...
وثمة من يغتال صوت الحيادي العاقل...
كل من يتكلم بروح الطائفية, او يقول انها موجودة قبل الحرب, هو مجرد غبي يدمر العراق بعلم او بدون علم...
حين التقيت النساء والرجال من العراق هنا , والذين هم ضد الحرب والاحتلال , كلهم من مختلف الاطياف , مسلمين ومسيحيين , سنة وشيعة , عرب وكرد وتركمان ,رجال ونساء, كلهم يتكلمون مثلي, كلهم قلوبهم تحترق حزنا على العراق , ونقول لبعضنا : ألم نعش سوية وكان اهلنا جيران وحبايب, وكنا اصدقاء الطفولة والدراسة , هل كنا نسأل : انت سني او شيعي ؟
كردي او عربي؟
لكن الان , من مزق العراق سوى هذا الاحتلال القبيح ؟
تزيد الصورة وضوحا حين نلتقي كلنا, ونشعر أن قلوبنا متوحدة, وثمة عدو واحد يستهدفنا , يريد تمزيق وحدتنا , ويريد تقسيم وطننا..
العراقيون ليسوا اغبياء, هذه المحن تزيدنا وحدة وتماسكا, الناس في بغداد يعملون تبرعات من كل العوائل من كل الطوائف والاعراق , يبنون المساجد المهدمة, ليعود الاذان يعلو وينادي في مدن العراق : الله اكبر....الله اكبر
هذا الذي يريدون حرمان العراقيين من سماعه....
ثمة من يستهدف هويتنا وديننا ليمزقهما...
العراقيون ليسوا اغبياء...
*************************
وعادة الامريكيون يسألون نهاية كل لقاء : ماذا نفعل لنساعد العراقيين؟
اقول عادة , خبروا جيرانكم واصدقائكم عن حقيقة ما يحدث في العراق, ليست هذه مهمة نبيلة , لا ترسلوا اولادكم للحرب , اضغطوا على حكومتكم لتخرج الجيوش من العراق وتوقف بناء القواعد, ولا تتدخل بمصير العراق, اتركوا العراق للعراقيين...
واخر مرة اتذكر كان لنا يومين في نشاطات مشتركة في احياء مختلفة داخل سان فرانسيسكو , وكان معنا مشاركون من ضمنهم سكوت رتر , المفتش عن الاسلحة في العراق وقت الحصار , وتحدث للجمهور عن رفضه للحرب من البداية, وان العراق لم يكن فيه اسلحة دمار شامل , وان هذه الادارة الامريكية تمارس سياسة خاطئة في العراق شنت الحرب لاسباب كاذبة, ولحد الان تبرر بقاءها لاسباب كاذبة..
وحين سأله الناس ماذا نفعل غضب منهم , ورد عليهم بعصبية : لا تكونوا اغبياء , انتم وضعتم هذه الادارة في الحكومة, لا تقولوا هناك من زور الانتخابات, ينبغي ان تفتحوا عيونكم وتغيروا حياتكم, غيروا اسلوب حياتكم من الاتكال على النفط وموارده التي تاتي بسبب احتلال دول اخرى, قولوا لحكومتكم انكم تقدرون العيش بتقشف على مواردكم فقط, لا داعي للحروب وسرقة موارد الاخرين..
جلست مذهولة, أراقب النقاش الصريح والغاضب...
هو يتهمهم , وهم يرفضون التهم ....
عرفت حقيقة اميركا هنا , خلال هذا الشهر ..
الناس ضعفاء مساكين مسلوبي الارادة..
يريدون التغيير ولا يعرفون كيف, أو مستسلمين فقدوا الامل بقدرتهم على التغيير, القرار في هذه البلاد بيد الاغنياء الذين يملكون المال والبنوك والشركات العملاقة, ووسائل الاعلام طبعا التي تسيطر على عقول الناس البسطاء..
حتى نظام الانتخابات تتحكم به الاموال, المرشح يحتاج الى ملايين الدولارات للحملة الانتخابية, يعني صاحب المباديء والانسانية والعدالة والسلام من سيهتم به ومن سيمول حملته؟
والذي مستعد لتسويق افكار الطبقة الغنية التي تحب الحروب والاستثمارات , سيجد من سينفق ملايين على حملته, وسيقول للناس كل الوعود الجميلة والشعارات البراقة, وسوف ينتخبوه, وحين يصل الى الكرسي ليجلس في موقع القرار, سينفذ تعليمات الشركات الكبرى التي مولت حملته, وليس الامريكان البؤساء الذين انتخبوه...
وهكذا يعيش الناس في عالم , وصانع القرار تخلى عنهم, يعيش في عالم اخر...
هذا واقع الحال في اميركا ...
وحرب العراق هي اوضح مثال...
ثمة غضب شعبي كبير قبل الحرب ولحد الان , لكن رأي الناس مهمش, لا يراه احد في الصحف او وسائل الاعلام, او ربما ينوه عنه بطريقة تافهة , ويضيع مع سيل الاخبار عن قصص مختلفة عن رياضيين وفنانين ثم دعايات ونشرة جوية واقتصادية وبيئية , ويتوه موضوع العراق في زحمة القصص والدعايات والكلام الفارغ...
واظل اتساءل مع نفسي حين ارى حزن الامريكيين وعجزهم عن تغيير القرار او التاثير على صناع القرار في البلاد : هل هذه الديمقراطية التي يتباهى بها بوش وغونداليزا رايس؟
والتي دمروا العراق من اجل تطبيقها ؟
الحكومة قوية وغنية ومستبدة بالرأي والقرار , الشعب فقير وضعيف ولا أحد يبالي به, يخرجون مسيرات, ويهتفون , وبعضهم يعتقل ويذهب للسجن , وبعضهم يعمل افلام وثائقية ويتكلم ضد سياسات الحكومة, لكن النتيجة , من يهتم؟
وكم واحد من ال350 مليون امريكي سيسمعه؟
واين القرار؟
القرار بيد الذين يجلسون في البيت الابيض والبنتاغون والكونغرس..
وهم ابعد ما يكونون عن المواطن العادي ورأيه...
أبعد ما يكونون...
احسست بالشفقة على هذا الشعب...
أكيد هذه البلاد تعيش في أزمة , وحرب العراق هي التي كشفت كل شيء على حقيقته...
***********************************
مساء الخير..
ما زلت في اميركا منذ حوالي شهر , متعبة جدا من السفر والتنقل من ولاية الى اخرى, وحمل الحقائب , والنوم غير المريح اثناء الرحلات, وتبدل التوقيت بين ولايات اقصى الشرق واقصى الغرب , جسمي متعب جدا, لكن اخبار العراق الدامية الحزينة تنسيني اوجاعي , وتقوي عزيمتي على التنقل من مدينة الى اخرى للحديث عن آلام ومعاناة العراقيين منذ ثلاث سنوات ولحد الآن..
***************
من كثرة المدن والوجوه والفعاليات والبرنامج المزدحم , ما عدت اتذكر التفاصيل كلها, لكنني اتذكر لقاءاتنا مع الناس في الكنائس والجامعات والبيوت والتجمعات الصغيرة من مختلف المنظمات غير الحكومية , ووجدت الناس متعاطفين ومتفهمين لمعاناة العوائل العراقية , من سوء الحالة الأمنية وتعطل الحياة اليومية, فالناس بصعوبة ومجازفة يذهبون للعمل, او يرسلون اولادهم للمدارس, أو يتسوقون او يذهبون للطبيب, اما الزيارات العائلية او الذهاب للمطعم, فهذه صارت ذكريات من الماضي, من يغامر بالخروج للذهاب لزيارة صديق او تناول وجبة في مطعم؟
قلة الخدمات من ماء وكهرباء ووقود , تعاني منها العوائل يوميا, عدم وجود اي برامج لإعادة اعمار البلاد, قصص يومية عن سرقات ملايين وفساد اداري في الحكومة , قلة وجود وظائف للعمل سبب بطالة عالية بين السكان , وسبب هجرة الشباب من العراق من ابناء الطبقة الغنية والمتوسطة, وبقي اولاد العوائل الفقيرة ليختاروا إما العمل مع الشرطة والجيش العراقي ويكونوا هدفا وضحايا لمن يشك بهم ويظنهم متواطئين مع الاحتلال , وإما لصوص وقتلة ومدمني مخدرات, وإما اعضاء فرق القتل والموت أو المليشيات الطائفية القذرة التي تمزق العراق , وثمة من يدربها ويدفع لها, العراقيون يعرفون من الذي يفعل كل هذا بهم, لكن الناس هنا لا يعرفون....
الناس في مدن العراق المختلفة يتألمون لما يحدث لوطنهم من تمزيق, ولا يقدرون ان يفعلوا شيئا لإيقافه, يتساءلون : اين مفتاح الحل لمأزق العراق؟
هل هو في واشنطن ؟
ام بين يدي المليشيات المتقاتلة ؟
وفي الحالتين , المفتاح ليس بيد الشعب العراقي...
هل ثمة كارثة أعظم من هذه؟؟
بعد ثلاث سنوات من خراب ودمار اصاب بلادنا , مفتاح الحل ليس بيدينا ؟
من يتحمل مسؤولية هذا , اليست السياسة الغبية التي تتبعها الادارة الامريكية في العراق؟
هم يخططون , ونحن نتدمر وندفع الثمن...
هذا هو واقع الحال في العراق اليوم...
*******************************
الناس يعيشون عادة في العراق بمدن مختلطة واحياء مختلطة , ثمة مدن فيها تركيز طائفة اكثر من اخرى بسبب وجود مرقد ديني لتلك الطائفة مثلا, والعراقيون يملكون ثقافة تاريخية وتراثية فيها الكثير من التسامح وتقبل الاخر, الزواجات مختلطة, الاحياء السكنية مختلطة, المدارس ومواقع العمل مختلطة سواء حكومية او شركات خاصة, كنا قبل الحرب نحكي نكت ضد بعض ونضحك , نقول مثلا : واحد ذهب للطبيب وقال له سني خايس( مسوس ) , قال له الطبيب اكو سني مو خايس, هههه كنا نضحك..
ونقول نكتة عن يوم القيامة :كان في القبر سني وشيعي, السني قام, الشيعي قال لا مو اليوم باجر, هههه ,لان عادتهم ان يخالفوا ايام الاعياد ورمضان ويؤخرون بدايتها الى اليوم التالي..
وكنا نقول : اكو عربي وكردي محكومين اعدام, جاء الحارس يسألهم ما هو اخر طلب, قال الكردي اريد اشوف امي, قال العربي ماريد الكردي يشوف امه
هههه, كنا نضحك, العربي في النكته لئيم , كنت اتقبل النكته وارويها ونضحك ونحن عرب, والكردي مظلوم في النكته...
كنا نضحك, سنة وشيعة , عرب واكراد , كنا نضحك, ونتقبل الاخر , انا شيعية, زوجي سني, اولادنا ربيناهم ليحبوا كل الناس, ويحترمو ا كل الناس, ولا يفرقوا ولا يحقدوا على احد...
جيراننا كرد وعرب , مسلمين ومسيحيين, نحبهم ونحترمهم, يحبونا ويحترمونا...هكذا تعودنا ان نعيش...
لكن العراق اليوم يعيش محنة كبيرة, لا مكان للحيادي العاقل مثلنا, ثمة من يؤيد ويمول الصوت الطائفي القبيح الحاقد ضد الاخر ليخرب البلاد...
وثمة من يغتال صوت الحيادي العاقل...
كل من يتكلم بروح الطائفية, او يقول انها موجودة قبل الحرب, هو مجرد غبي يدمر العراق بعلم او بدون علم...
حين التقيت النساء والرجال من العراق هنا , والذين هم ضد الحرب والاحتلال , كلهم من مختلف الاطياف , مسلمين ومسيحيين , سنة وشيعة , عرب وكرد وتركمان ,رجال ونساء, كلهم يتكلمون مثلي, كلهم قلوبهم تحترق حزنا على العراق , ونقول لبعضنا : ألم نعش سوية وكان اهلنا جيران وحبايب, وكنا اصدقاء الطفولة والدراسة , هل كنا نسأل : انت سني او شيعي ؟
كردي او عربي؟
لكن الان , من مزق العراق سوى هذا الاحتلال القبيح ؟
تزيد الصورة وضوحا حين نلتقي كلنا, ونشعر أن قلوبنا متوحدة, وثمة عدو واحد يستهدفنا , يريد تمزيق وحدتنا , ويريد تقسيم وطننا..
العراقيون ليسوا اغبياء, هذه المحن تزيدنا وحدة وتماسكا, الناس في بغداد يعملون تبرعات من كل العوائل من كل الطوائف والاعراق , يبنون المساجد المهدمة, ليعود الاذان يعلو وينادي في مدن العراق : الله اكبر....الله اكبر
هذا الذي يريدون حرمان العراقيين من سماعه....
ثمة من يستهدف هويتنا وديننا ليمزقهما...
العراقيون ليسوا اغبياء...
*************************
وعادة الامريكيون يسألون نهاية كل لقاء : ماذا نفعل لنساعد العراقيين؟
اقول عادة , خبروا جيرانكم واصدقائكم عن حقيقة ما يحدث في العراق, ليست هذه مهمة نبيلة , لا ترسلوا اولادكم للحرب , اضغطوا على حكومتكم لتخرج الجيوش من العراق وتوقف بناء القواعد, ولا تتدخل بمصير العراق, اتركوا العراق للعراقيين...
واخر مرة اتذكر كان لنا يومين في نشاطات مشتركة في احياء مختلفة داخل سان فرانسيسكو , وكان معنا مشاركون من ضمنهم سكوت رتر , المفتش عن الاسلحة في العراق وقت الحصار , وتحدث للجمهور عن رفضه للحرب من البداية, وان العراق لم يكن فيه اسلحة دمار شامل , وان هذه الادارة الامريكية تمارس سياسة خاطئة في العراق شنت الحرب لاسباب كاذبة, ولحد الان تبرر بقاءها لاسباب كاذبة..
وحين سأله الناس ماذا نفعل غضب منهم , ورد عليهم بعصبية : لا تكونوا اغبياء , انتم وضعتم هذه الادارة في الحكومة, لا تقولوا هناك من زور الانتخابات, ينبغي ان تفتحوا عيونكم وتغيروا حياتكم, غيروا اسلوب حياتكم من الاتكال على النفط وموارده التي تاتي بسبب احتلال دول اخرى, قولوا لحكومتكم انكم تقدرون العيش بتقشف على مواردكم فقط, لا داعي للحروب وسرقة موارد الاخرين..
جلست مذهولة, أراقب النقاش الصريح والغاضب...
هو يتهمهم , وهم يرفضون التهم ....
عرفت حقيقة اميركا هنا , خلال هذا الشهر ..
الناس ضعفاء مساكين مسلوبي الارادة..
يريدون التغيير ولا يعرفون كيف, أو مستسلمين فقدوا الامل بقدرتهم على التغيير, القرار في هذه البلاد بيد الاغنياء الذين يملكون المال والبنوك والشركات العملاقة, ووسائل الاعلام طبعا التي تسيطر على عقول الناس البسطاء..
حتى نظام الانتخابات تتحكم به الاموال, المرشح يحتاج الى ملايين الدولارات للحملة الانتخابية, يعني صاحب المباديء والانسانية والعدالة والسلام من سيهتم به ومن سيمول حملته؟
والذي مستعد لتسويق افكار الطبقة الغنية التي تحب الحروب والاستثمارات , سيجد من سينفق ملايين على حملته, وسيقول للناس كل الوعود الجميلة والشعارات البراقة, وسوف ينتخبوه, وحين يصل الى الكرسي ليجلس في موقع القرار, سينفذ تعليمات الشركات الكبرى التي مولت حملته, وليس الامريكان البؤساء الذين انتخبوه...
وهكذا يعيش الناس في عالم , وصانع القرار تخلى عنهم, يعيش في عالم اخر...
هذا واقع الحال في اميركا ...
وحرب العراق هي اوضح مثال...
ثمة غضب شعبي كبير قبل الحرب ولحد الان , لكن رأي الناس مهمش, لا يراه احد في الصحف او وسائل الاعلام, او ربما ينوه عنه بطريقة تافهة , ويضيع مع سيل الاخبار عن قصص مختلفة عن رياضيين وفنانين ثم دعايات ونشرة جوية واقتصادية وبيئية , ويتوه موضوع العراق في زحمة القصص والدعايات والكلام الفارغ...
واظل اتساءل مع نفسي حين ارى حزن الامريكيين وعجزهم عن تغيير القرار او التاثير على صناع القرار في البلاد : هل هذه الديمقراطية التي يتباهى بها بوش وغونداليزا رايس؟
والتي دمروا العراق من اجل تطبيقها ؟
الحكومة قوية وغنية ومستبدة بالرأي والقرار , الشعب فقير وضعيف ولا أحد يبالي به, يخرجون مسيرات, ويهتفون , وبعضهم يعتقل ويذهب للسجن , وبعضهم يعمل افلام وثائقية ويتكلم ضد سياسات الحكومة, لكن النتيجة , من يهتم؟
وكم واحد من ال350 مليون امريكي سيسمعه؟
واين القرار؟
القرار بيد الذين يجلسون في البيت الابيض والبنتاغون والكونغرس..
وهم ابعد ما يكونون عن المواطن العادي ورأيه...
أبعد ما يكونون...
احسست بالشفقة على هذا الشعب...
أكيد هذه البلاد تعيش في أزمة , وحرب العراق هي التي كشفت كل شيء على حقيقته...
***********************************