Saturday, October 16, 2004
الأربعاء 13 تشرين أول 2004
مساء الخير...
الساعة الآن هي الساعة السابعة مساء...
الجو في الخارج مغبر والبيت يمتليء برائحة الغبار الخانق, يضيق صدري , وأحس بأنني أكاد أختنق
أذهب للحمام لغسل وجهي وأنفي حتى أتنفس بصفاء...
العمال يركبون الزجاج لشبابيك الطابق العلوي...
خالد يقف معهم..
كان هذا اليوم منحوسا وشاقا , منذ بدايته..
***********************************
في الرابعة صباحا, صحونا, أقصد قفزنا من نومنا مذعورين على صوت إنفجار قوي هز البيت, وحطم زجاج النوافذ..
لا أتذكر سوى انني كنت حافية مذعورة وأركض خارج الغرفة لأطفيء جهاز الإنذار الذي صار يصرخ من اهتزاز البيت.
وكان قلبي يدق بشدة...
خالد وعزام قالوا إنه انفجار قوي....اما أنا فلا أتذكر سوى أنني كنت مذعورة حافية وقلبي يدق بشدة..
كنت أنام بعمق ...ولم أسمع الإنفجار, لكنهم سمعوه...
شربنا الماء وعدنا للنوم....
لكننا سمعنا ثمة شيء يطقطق ويتساقط...رفعنا ستارة غرفة النوم, ورأينا خلفها الزجاج قد أصبح خطوطا متعرجة
ومتكسرة وبعضه بدأ يتساقط الى خارج النافذة ...الى الحديقة.
أرعبني المنظر...وتساءلت ببلاهة: متى حدث هذا ؟؟
نهضنا من جديد, وأشعلنا الأضواء , ومشينا في البيت لنكتشف أن ليس ثمة غرفة أو مطبخ او حمام بلا زجاج نوافذ محطمة.
حتى باب السطح الحديدي إنعوج, وانخلعت ألواح زجاج منه...
والباب الخشبي الرئيسي تخلعت مساميره واندفع الى الداخل...
وثمة غيمة كبيرة من الغبار جاءت من الحديقة الى داخل البيت....
أدركت وقتها ان ثمة إنفجار كبير قد حدث فعلا وهذا هو الغبار والعصف منه....
المطبخ لا يوصف....تكسرت الشبابيك المقابلة للسنك, والباب الألمنيوم انعوج وتكسر زجاجه وانفتح بقوة فمزق الستائر
الدانتيل التي خلفه...
والساحبة( مفرغة الهواء) طارت شفراتها الخارجية, وسقط إطارها الداخلي على الأرض..
نظرت لكل هذا ....ثم عدت للنوم...لكن من أين سيأتي النوم؟؟؟
بقيت أتقلب حتى الصباح...وذهبت للمطبخ لأعمل فنجان شاي...
المنظر لا يشجع على شرب فنجان شاي بين أكوام من الزجاج المحطم.
سمعت الجيران يكنسون الزجاج المحطم في بيوتهم...وابتسمت, تخيلت الزوجات المسكينات وهن في غرف نوم متناثرة الشظايا , وكذلك المطبخ والحمامات...يا له من صباح جميل.....
**********************************************
بعد الإنفجار, سمعنا صوت الدبابات الأمريكية, ولكن لا أحد يجرؤ على الخروج والنظر لما يحدث في الشارع..
سنفهم في الصباح, قلت لنفسي.
كنست الزجاج من المطبخ وجمعته في كارتونه.
هذا الزجاج معظمه جديد, ركبناه بعد سقوط بغداد, عندما تركنا البيت لمدة اسبوع, وعدنا فوجدناه كما اليوم, لكن اليوم العدد الذي تحطم أكثر...الإنفجار كان أقوى وأقرب....
دخلت القطة واولادها من الشباك الى المطبخ...
قلت في نفسي : أنظروا لهذه الحمقاء, كيف تستغل الفرص...
طردتها وصرخت عليها, فخرجت راكضة الى الكراج, وتبعها صغارها.
وضعت لهم صحنا صغيرا فيه بقايا دجاج من الأمس...وعدت الملم بقايا الزجاج....
لم يكن صباحا جميلا....ولم بكن مزاجي منشرحا.
أمشي على فتافيت من الزجاج وأتذكر الهندي الذي ينام على شظايا الزجاج في السيرك...وأتعجب منه.
ههه...
***************************************
كان ثمة ملابس منقوعة على السنك في المطبخ, دخل الزجاج بينها في الماء والصابون.
وسقط الزجاج ايضا في السنك وبين الصحون والملاعق.
مددت يدي بحذر لئلا تنجرح رؤوس اصابعي ...
أيقظت خالد ليفطر ويذهب للجامعة.
خرج الى الشارع وعاد ومعه شظية من بقايا إنفجار أمس...
كتلة معدنية صلبة وثقيلة...أطرافها حادة, تخيلت كم هي قاتلة لو أصاب جزء منها جسد إنسان...
ولم نفهم...هل هي قطعة من صاروخ سقط في شارعنا أم هي بقايا لغم أرضي, أو عبوة متفجرة.
لا أحد يدري...
وجدت الجيران كلهم في الشارع ينظرون لمكان الإنفجار ويتكلمون...ثم يمضي كل واحد الى بيته, وبعضهم يحمل كرتونه أو وعاء بلاستيك كبير فيه شظايا الزجاج, يرميه على الرصيف....
وأعود لأسمع جارتي التي من الجهة الأخرى , تكنس بقايا الزجاج من بيتها...
حزنت على الجيران الذين دخلهم قليل كيف سيدفعون تكاليف الزجاج الجديد...
هذه أعباء أخرى تضاف الى حياتنا....
******************************
خالد قال قبل خروجه للجامعة: ماما ,كأن الله يقول لا تترددوا, اخرجوا من هذا البيت...
ضحكت, وهززت رأسي.
اتصلت قبل يومين زوجة أخي( الذي يعيش حاليا لوحده في الخارج.)
قالت ان عنده عقد عمل لمدة سنة, وسوف نذهب كلنا عنده, وأعلم انك تبحثين عن بيت, ونريدك أن تستأجري بيتنا وتعتني به...
ربما نبقى هناك خمس سنوات او اكثر حتى تهدأ الأوضاع ...ثم نعود أو لا نعود, لا أحد يعلم.
وقالت انها باعت أثاث البيت, وسوف تسلمه لنا فارغا...
ناقشت الموضوع مع عزام وخالد...كان ثمة تردد, لكن البيت مواصفاته جيدة جدا, وموقعه ممتاز وقريب من محل عملنا,
ومنطقته أكثر أمانا من منطقتنا, لا يوجد فيها عنف ومواجهات مع الأمريكان.
والأجرة التي طلبتها معقولة جدا...
قلت لعزام لا نريد أن نندم وتضيع علينا الفرصة.
ممكن أن نضع حارسا في بيتنا لمدة سنة مع عائلته...
ونذهب الى هناك حتى تتوضح الأمور...لن نخسر شيئا...ربما سنكسب هدوءا أكثر.
دعنا نجرب...
قال اذهبي وتناقشي معها حول الموضوع .
**********************************
ذهبت مع خالد مساء أمس الى بيت اخي...
فوجئت أن معظم الأثاث قد تم بيعه والبيت شبه فارغ...
إنقبض قلبي وحزنت...ها هي الأيام ستفرقنا.
كان اخي شديد التشبث بالعراق, هو طبيب جملة عصبية , ونشيط في عمله ومبدع, يحضر مؤتمرات دائما خارج العراق ويشارك ببحوث طبية جديدة, ويناقش, ويقرأ , ويتابع كل جديد في مهنته ومجال إختصاصه.
لكن حملة إغتيالات الأطباء أرعبته وجعلته يقرر السفر الى الخارج , وتم اغتيال كثير من زملائه بعد سقوط النظام...
بعضهم بعثيون وبعضهم مستقلون, لا أحد يفهم السبب.
والآن زوجته وأولاده سيتركون بيتهم ويلحقوا به , معهم حق, عودته مستحيلة, وبقائهم بدون أب شيء صعب جدا في هذه الظروف...
*********************************
تجولت في البيت وتذكرت أيام العيد وتجمعنا هنا قبل وفاة امي رحمها الله , وبعدها...
وأحاديثنا وضحكاتنا وصراخ اطفالنا...
وكاميرة الفديو تسجل كل ذلك لنرسله الى اخينا الذي في نيوزلنده...هاجر هو الاخر منذ منتصف التسعينات,
كان طبيب أسنان وأستاذ يدرس في الجامعة, لكن أصابته حالة ضيق وتذمر شديدين من صدام وأفعاله ضد العراقيين,
فقرر أن يهاجر, وتألمنا لذلك القرار, لكننا خفنا عليه لوبقي هنا...أن يصيبه مكروه.
فكان تقبل فكرة هجرته أرحم من فكرة إعدامه مثلا من قبل صدام حسين.
أمي بكت كثيرا لأنه إبنها البكر...
لكن قسوة الحياة تجعلنا نتغاضى عن العواطف في كثير من الأحيان.
والان يتكرر ذات الموقف...والإختيار بين عواطفك وعقلك.
طبعا العقل يفوز....
******************************************
عدت الى بيتنا بعد أن اتفقت مع زوجة أخي على كل التفاصيل الصغيرة.
وإنهم سيغادرون في بداية الشهر المقبل, ونستلم البيت منهم. ان شاء الله.
في الطريق الى البيت, جلست في المقعد الخلفي للسيارة, خالد والسائق في الأمام..
كنت احس برغبة في البكاء...تكسر شيء في داخلي...
تذكرت حياتنا التي اصبحت شاقة وقاسية, وغياب الأهل والأصدقاء قليلا قليلا...وخروجهم من حياتنا..
حياتنا تتحول الى صحراء جافة...بلا أهل وأقارب وأصدقاء.. بلا حب ومودة ورحمة بيننا.
ما معنى الحياة بلا كل هذه الأشياء الجميلة؟؟
حين تفقدها...تحس باهميتها في حياتك. باهميتها في إعطائك مزاجا مرحا مستقرا...
نعم, فيها توازن عاطفي يحتاجه كل إنسان تقريبا.
أحسست بوحشة...ونزلت دموعي صامته.
نظرت الى طريق المطار وهم مظلم حزين كئيب...كان دائما شديد الإضاءة..واليوم دائما مظلم بلا إضاءة.
وفي بدايته جامع أم الطبول...بدا شاحبا حزينا هو الاخر...بأضواء خافته , كأنها تقول انه مهجور..بعيد..
يعاني من الوحشة والصمت....
مسحت دموعي...من كان يظن ان كل هذا سيحدث لنا؟؟
حلمنا بسقوط صدام حسين, ورؤية وطن جديد...
لكننا لم نر الوطن الجميل بعد...مازلنا بمرحلة العذاب والإنتظار...
ترى, متى سينتهي هذا العذاب؟؟
هل ثمة من يملك الجواب؟؟؟
لا أظن.... فنحن مازلنا في قلب الدوامة .
وهذا يعني مزيدا من الوقت والصبر والإنتظار....
**********************************
عدت الى بيتنا....
وبدأت أفكر كيف سنفارقه...
نحن أيضا سنتخلى عن عواطفنا من اجل البحث عن الأمان.
هذه منطقة غير آمنه...وهناك المنطقة أكثر امانا...
أما بالنسبة لأخي وعائلته, فقد أصبح العراق كله بلا أمان...فينبغي مغادرته.
هي مسألة ظروف شخصية, ونسبية, تختلف من فرد الى آخر...
هذه غرفة ماجد وذكرياته...والبورد الذي على الحائط معلقة عليه هوياته وأوراق مختلفة من رسائل بريد الكتروني مهمة مطيوعه, ورسائل بكلمات جميلة من أصدقاء أجانب, وخواطر كتبها رائد بعد سقوط بغداد...وجدول العام الدراسي الماضي..
وباجات مشاركاته في مؤتمرات داخل العراق وخارجه.
وعلى جدران الغرفة. بوسترات كبيرة, يحبها جدا, عن فيلمه المفضل: ميتركس...
وطاولة التواليت عليها الكولونيا والمعطر للجسم, والكريمات, وورود مجففة جمعها مع ماما في زجاجة شفافة...
ثم هنا كومبيوتره وعشرات من السي دي وألعاب الكترونية معظمها قتالية وفيها حروب وجيوش وأسلحة متطورة.
وألعاب قطنية من دبب وقرود وبوكمون...وجهاز موسيقى أورغ كهربائي.
وكفوف ملاكمه كان يستعملها في مبارياته ضد خالد في غرفة النوم هنا...
كيف سأترك كل هذا؟؟؟
نعم سآخذه الىبيت جديد...بيت فيه ذكريات اخرى...
وبداية حياة جديدة وذكريات جديدة,إن شاء الله.
***************************************
ثم صعدت الى غرفة خالد حاليا, رائد سابقا...
ذكريات رائد تملأ الغرفة...
رسومه ومخططاته المعمارية, والماكيتات لنماذج المباني التي صممها.
وماكيت كبير لمشروع التخرج عن تطوير منطقة الكاظمية في بغداد .
وخربشات على الحائط كأي معماري له رؤيا مختلفة للأشياء...
ويوم كان مصابا بمرض الكبد الفيروسي, ظل حبيس الغرفة, ويرسم على الجدران بقلم الرصاص إشارات عن عدد أيام مرضه..مثل إشارات السجين عن عدد أيام سجنه...
وثمة عدد كبير من الكرتونات فيها بقايا اوراق من عمل منظمة سيفك ومنظمة إعمار...كان يعمل فيهما.
وخرائط ومخططات لبغداد ومدن الجنوب...
سآخذها كلها الى البيت الجديد...أن شاء الله.
وغرفة الضيوف وذكريات الأصدقاء الذين زارونا من بغداد ومدن عراقية أخرى, أو من خارج العراق.
وذكريات العيد والأخوة والأخوات والأحاديث والضحكات...
وحديقتنا وذكرياتي فيها...أحبها جدا وأعتني بها دائما..
كم صرفت من ميزانية البيت من أجل شراء زهور وبذور لكل فصل جديد...والعناية بالثيل والأشجار المثمرة.
لكني اليوم مجبرة أن أغادر كل هذا التراث المتراكم لحوالي عشر سنين.
الظروف هنا سيئة, والعقل يغلب العواطف...
لا معنى لحياة الإنسان بلا ذكريات...لا يهم حزينة كانت أو جميلة..
أريد لكل ذكرياتنا أن تظل معنا...تربطنا بالماضي...وتمضي معنا نحوالمستقبل.
أحب أن يظل في حياة الإنسان دائما, ماَضي وحاضر ومستقبل..
لا أحب أن يفقد بندا منها...أتخيل أنه سيفقد توازنه إذا فقد أحدا منها.
*********************************************
تعشينا وذهبنا للنوم...ثم حدث الإنفجار الكبير في الرابعة صباحا وتكسرت نوافذ البيت, وقال خالد ساخرا في الصباح
: إلله يقول لكم أخرجوا من هذا البيت...ولا تترددوا.
أمضيت النهار في العمل وأنا في حالة صداع شديد...
لا ادري من حزني على ذكريات الأمس, أم من الإنفجار الذي لم أسمعه وسبب لي الذهول.
عند عودتي للبيت قلت للسائق : إذهب الى مكان الإنفجار, أريد أن أراه.
توقفنا أمام حفرة على طرف الرصيف.
قال السائق إنها عبوة ناسفة وليست صاروخ.
وقال إبن الجيران أنها انفجرت حين مرور قافلة امريكية في الصباح الباكر وقتلت وجرحت عددا منهم.
لم أصدق....
ودخلت البيت.أريد أن أنام, احس بتعب شديد.
خرج خالد ثم عاد...
قال : ماما أعطيني الكاميرة, سأصور الحفرة والبيوت المحطم زجاجها وشظايا القنبلة على جدران بيوت الجيران
ثم عاد بعد قليل لاهثا...
ماما توجد خوذة جندي أمريكي في الحفرة...الخوذة فيها دم.
قلت له إذهب واجلبها لي...
ماما , إنها متسخة بالتراب والدم...
قلت له : خذ الكيس وضعها فيه.
انتظرته طويلا...ثم نظرت الى الكراج, فوجدته وضعها على الأرض, وعاد الى أصحابه.
اقتربت بفضول, وأمسكت بها...وأقتربت من باب المطبخ وأنا أتاملها....ممزق جزء منها في الخلف...
وظهرت حشوة الخوذة من مادة مثل الفايبركلاس, ويوجد دم جاف داخل الخوذة.
يعني ربما صاحبها انجرح من رقبته.
كيف وصلته الشظيه وهو في الهمفي أو الدياية؟؟
لا أدري...
لكن ثمة إسم مكتوب عليها بخط اليد وبقلم أسود
:B.H. Gunner على اليمين.
وعلى اليسار مكتوب
B-H-G
لا أدري هل هو إسم صاحبها فعلا أم هي خوذة جندي آخر...لا أعرف التعليمات عندهم.
مسموح تبادل هذه الأشياء أم انها دليل قاطع على صاحبها؟
قلبتها وبدأ قلبي يحزن من جديد...
ترى من صاحبها ؟؟ وما إسمه؟؟ وكم عمره؟؟
وهل مات أم جرح فقط؟؟
وهل له أم وأب على قيد الحياة؟
هل بلغوهما عنه شيئا؟؟
وهل هو متزوج وعنده أطفال؟؟
إنعصر قلبي وبكيت...قلبي قلب أم قبل كل شيء...
وسالت دموعي حزنا عليه وعلى أمه وعلى من يحبونه.
لماذا جاء الى هنا؟؟
هل هو فقير محتاج. أم ثمة مباديء ونظريات مزيفة ؟؟؟
لا أدري...
تذكرت آية في القرآن تقول : ولا تعلم نفس ماذا تكسب غدا, ولا تعلم نفس بأي أرض تموت.....
هذه الآيه كلما قرأتها حزنت.
لأنها تتكلم عن موت في غربة .
موت وغربه؟؟؟
ما أشد قسوتهما.
أدعو الله دائما ان أموت بين أهلي والذين احبهم.
ودعوت الله أن لا يكون صاحب الخوذة قد مات....
ترى ما إسمه؟؟
براد؟؟ أو براين؟؟
لا أعرف الكثير من أسمائهم.
ولكني أعرف انهم بشر مثلنا...يحزنون ويفرحون.
هذا ما أراه من الرسائل التي تصلني بالبريد الألكتروني كل يوم...
معظمها من أناس مسالمين يعتذرون عما فعلته حكومتهم من حماقات..ويتألمون لحالنا...
وهذه الحرب الحمقاء جعلتنا أعداء....وباعدت بيننا المسافات ولم تقربها.
لا أدري...قضيت يوم أمس أبكي على ذكريات بيت اخي وبيتنا...
واليوم على الجندي صاحب الخوذة.
لكن العراقي الذي هنا لا يرى الصورة مثلي...
يرى في الجيش الأمريكي مظهر القسوة والغطرسة, وكذلك الأفعال اليومية مع الناس...معظمها فيها قسوة وغطرسة.
حين جاءت سيارة البلدية بعد ظهر اليوم, سألني الفتى الصغير الذي يلم القمامة, ما هذا الزجاج المحطم في شارعكم؟؟
قلت له : عبوة انفجرت في الشارع وكسرت النوافذ, ويقولون انها قتلت جنودا أمريكيين..
ضحك وقال : هه, أخبار سارة, فليذهبوا الى الجحيم...
لم أعلق...لأنني أفهم كيف ينظر هذا الصغير للأمور من زاوية مختلفة...
من زاوية رؤية الأمريكي المتغطرس على دبابته, ويشهر البندقية في وجوه الناس...
ويطلق النار متى يشاء ولا أحد يعاتبه...
هذه تصرفات تثير غضب العراقيين أولا...ثم يتحول الغضب الى عنف وكراهية.
************************************
أخذت صورة للخوذة...أسم الجندي واضح عليها...
وحفظتها على الكومبيوتر...
لا لن أضعها على الموقع , ربما ستحزن الناس وتجرح شعورهم, لكني إن استلمت منهم رغبة بنشرها
سأفعل.....
ثم وضعت خوذة الجندي الأمريكي قرب خوذة جندي عراقي وجدها رائد خلف الساتر في الشارع بعد سقوط بغداد بأيام.
لا أدري أيضا ما إسم صاحبها...وما شكله...وما عمره؟؟
وهل هو مات أم على قيد الحياة.؟؟
لماذا قلبي يرى الأشياء بهذه الطريقة...
هل أنا حمقاء ساذجة؟؟
والناس الذين مثل بوش هم العقلاء والحكماء؟؟
الناس الذين يستمتعون بالأحقاد والكراهية, ويجدونها لغة لمخاطبة الآخرين...
هؤلاء يدهشوني...ولا أفهم كيف يفكرون....
ولا أتخيل نفسي مثلهم ذات يوم....
أمضيت عمري كله أنظر وأفكر ...وأحذر نفسي أن تكون كالحمقى...
تيرر الظلم والقتل والكراهية وكل الأشياء القبيحة التي يقترفها الإنسان الأحمق.
وأتذكر قول أحد الأنبياء حين سألوه من أين تعلم حسن الأخلاق ؟؟
قال : نظرت لأعمال الجاهلين, ومنعت نفسي من إقترافها.
****************************************
الجمعة 15 تشرين أول 2004
مساء الخير....
اليوم هو أول أيام شهر رمضان...شهر الصيام والرحمة والمغفرة.
أتمنى بدايته ونهايته كلها خير للعباد....
أنهيت اليوم تنظيف البيت بمساعدة أشخاص كثيرين.
ما عاد ثمة زجاج مكسر...
وتم تركيب الزجاج الجديد, ومسحنا الأخشاب من الأتربة التي تراكمت عليها من الجو المغبر, وقبلها من عصف
الإنفجار....
قال السائق أمس إنه سيذهب للفلوجة صباح اليوم, أرسلت معه ادوية تبرعات من جمعيتنا النسائية الجديدة الى مستشفى الفلوجة. بعض النقود مني لإخته الأرملة...الدنيا رمضان ومصاريف البيت كثيرة.
أنهيت غسيل الملابس وتنظيف الغرف, هذا العمل الممل لا بد منه يوم العطلة. يخفف عني الشعور بالتوتر ...
أسميها الأعمال الغبية, لكني لا أستغني عنها.
إتصل السائق بعد منتصف النهار, وقال انه عاد الى بغداد , الوضع متوتر جدا في الفلوجة.لكنها اليوم مدينة أشباح .
الفلوجة قنبلة ستنفجر في أية لحظة. قال الرجل...
البيوت معظمها فارغة, العوائل خرجت وهجرت بيوتها خوفا مما سيأتي.
لم أجد اختي واولادها, أخذها بعض أقاربنا الى قرية مجاورة لحمايتها.
أرسلت لها النقود مع أولاد خالتي الذين في الفلوجة, سيذهبون اليها اليوم بعد الظهر.
أعطيت الأدوية للمستشفى , وكتب لك طبيب الطواريء احتياجات المستشفى من الأدوية, سأجلب لك الورقة فيما بعد.
صالة الطواريء تمتليء بالدماء و بالجثث والجرحى من العراقيين.
قلت له : أين الزرقاوي؟؟
الحكومة تطالب بتسليمه وجماعته حتى لا يضربوا المدينة.
قال : لا يوجد زرقاوي...توجد مقاومة عراقية.
وجدتني صامته, لا تعليق عندي...
قلت : هذا شهر رمضان..كان الله في عونكم, أتمنى أن لا تروا شيئا مكروها....
الحكومة المؤقته وقوات الإحتلال تصران على وجود عرب وأجانب في الفلوجة.
وأهل الفلوجة يصرون على الإنكار....
لست هناك, ولا أقدر أن أحكم...لكني أظل أسأل الذاهب والقادم من هناك عن الحقيقة.
سمعت موجز أنباء المساء, الوضع متوتر في الفلوجة,ثمة وفد منها ومفاوضات مع الحكومة , لكن لا جديد..
ليل أمس قصفت الطائرات الأمريكية بيوتا في الفلوجة..وقتل وجرح عراقيين.
الفلوجة محاصرة من جديد...
بوش متردد في حسم الموقف العسكري خوفا من سقوط ضحايا من الجيش الأمريكي تؤثر على إنتخاباته.
هل تسمعون؟؟
ضحايا من الجيش الأمريكي...
هذه النقطة التي تقلقه فقط...أما الضحايا العراقيين , هه, فليذهبوا الى الجحيم...
من يهتم؟؟؟
************************************
الأسبوع الماضي بدأت الحكومة بشراء الأسلحة من الناس والمليشيات.
هذا ما كنا نقوله دائما بعد سقوط بغداد مباشرة.قبل حوالي سنه ونصف...
لماذا لا تمتصوا العنف وتشتروا أسلحة الناس التي صارت بين أيديهم بكثرة بعد سقوط النظام, وسهولة دخول مستودعات الجيش العراقي والإستيلاء على محتوياتها.
بأت الحالة مرعبة لنا...كثرة هذا السلاح بين يدي الناس, ليس من مصلحتنا أبدا.
سيستعملها اللصوص والقتلة لأغراضهم, وسوف تظهر مقاومة عراقية قوية وستحدث مواجهات لا نهاية لها...
لكني لا أفهم كيف تفكر قوات الإحتلال وما هي أولوياتها.
فجروا مستودعات الذخيرة العراقية بعد الحرب بين البيوت, وسقط الضحايا من المدنيين الأبرياء...
من هو المسؤول عن هذه الحماقات؟؟
هل التعليمات تأتي بهذه الصيغة : طبقوا الأوامر ولا تبالوا بوجود العراقيين, إنهم لا شيء.ماتوا أو عاشوا, لا يهمنا..
مدنيين او نساء واطفال , لا يهمنا...
المهم سلامة الجندي الأمريكي, وتقليل خسائر الجيش الأمريكي.
وهذا ما نراه بداية تكون الكراهية ضد جيش الإحتلال...
وهذا ما نراه يوجع إدارة بوش ويحرجه عندما يكون الحديث عن عدد القتلى في الجيش الأمريكي نتيجة حرب العراق..
أما القتلى العراقيين فهو الرقم المهمل دائما من الحسابات.
وهذا ما تدركه المقاومة العراقية أو الغرباء الذين يكرهون بوش, ويعرفون من أين يتوجع.
فيزرعون الألغام والعبوات الناسفة في طريق الآليات العسكرية الأمريكية.ويقتلون ويجرحون الجنود...
مسلسل لن ينتهي ....مسلسل القتل والدمار الذي بدأه بوش هنا...
****************************************
لماذا بعض المناطق ساخنة في المواجهات وبعضها هاديء؟؟
لست أعرف الجواب تماما, لكني أحاول أن أجيب على قدر رؤيتي للأشياء وتجربتي هنا.
المنطقة التي مقابلنا, حي الفرات, منطقة فقيرة شعبية معظمها من الشيعة.
ومعظم الرجال كانوا جنودا , أو عمالا أو مزارعين بسطاء.
عندما دخلت قوات الإحتلال الى المطار لتسيطر عليه, بدات تقصف حي الفرات بقنابل عنقودية في المساء, وقد رأيناهم
بأعيننا, وكتبت عن هذا في يوميات الحرب .
هرب الأهالي, وتهدم كثير من البيوت, وقتل كثير من المدنيين والعسكريين في هذا الحي الفقير.
بعد سقوط النظام, شارك الكثير منهم في أعمال النهب والسلب للمستودعات التابعة للجيش والدولة.
تكدست بالبيوت الأسلحة من مختلف الأنواع, مع الثلاجات والمكيفات والتلفزيونات.والسيارات الحديثة.من مخازن الدولة العراقية.
نوعية الناس هنا قليلو الثقافة والوعي.وهم نموذج لعدة مناطق فقيرة داخل بغداد وخارجها..
أي إصطدام مع الآخر سيكون التعبير عنه بطريقة عنيفة.
هنا بيئة مناسبة لنمو العصابات . صار عندهم المال والسلاح.
من هو الغبي الذي هيأ لهم هذه البيئة , وجعلها نقطة مؤهلة لأصطدامات ساخنة في أي لحظة؟؟
فكروا معي....
*****************************
قبل حوالي أسبوع, جاءت دبابات امريكية ووقفت في الشارع ليلا ...وأطلقت النار على سيارات تمر في الشارع , وأتلفت السيارات, ونزل الركاب يزحفون على ركبهم..كل الجيران رأوا المنظر...ولم نفهم الحكمة من هذه الأفعال..هل هي ليقول الجيش الأمريكي نحن هنا فخافوا منا؟؟
أم للبحث عن عصابات ومجرمين؟؟
أم عن رجال مقاومة ضد قوات الإحتلال؟
لا ادري , لم نفهم شيئا من تلك الأحداث...لكني أظن أن الإنفجار الذي حدث قبل يومين كان الجواب من العراقين الغاضبين
الذين تعرضوا للأذى ذلك اليوم .
طبعا التصرفات العدوانية من قوات الإحتلال يرد عليها الناس بتصرفات عدوانية مشابهة او أشد عنفا...
شارع حيفا والمصادمات , مدينة الصدر والمواجهات المستمرة...ثمة عنف من جانب الأمريكيين يعطي إنطباعا انهم أناس قساة القلوب مجرمين لا يعرفون الرحمة.ومتغطرسين ومتكبرين.
هذا يجعل بعض الناس يفرحون حين يسمعون بمقتل أمريكي هنا...
هؤلاء من الناس الذين تعرضوا للأذى, وصاروا يحبون الإنتقام...
العنف من قبل قوات الإحتلال ضد الأهالي يصنع أعداء جدد...أعداء بلا حجم ولا عدد...
ونحن الذين نريد بناء هذا الوطن من جديد...هذه السياسة الغبية ليست من مصلحة وطننا وشعبنا...
نقول دائما إسحبوا الجيوش خارج المدن...في معسكرات بعيدة.
دعوا الشعب العراقي يبني جيشه وشرطته من نفسه. دعوه يبني نفسه بنفسه...
لتكن حراسات المناطق من عراقيين, مدنيين وعسكريين, هذه تقوي لحمة الشعب مع بعضه وتجعل الثقة لغة للحوار
وهي ستكون مقدمة لعلاقة مودة حميمة واحترام بين أفراد الشعب لتكوين مجتمعات مدنية مصغرة تكون قائدة لمجموع الناس.. تفهمهم وتوعيهم وتلم شملهم...
بوجود قوات إحتلال تتمشى لوحدها في الشوارع ليلا, ستتعرض لمخاطر الأذى من العراقيين لأنها غير مرغوب فيها.
وهي لا تقدم خدمة محسوسة أصلا للناس...
كلنا يتساءل : ماذا يفعلون؟
يتمشون في الشوارع ليكونوا اهدافا سهلة لمن يريد قتلهم...هذا ما نراه يوميا...
لم ينجحوا قط في حفظ الأمن والنظام...
لا أعرف كيف يفكرو ن وما هي الإستراتيجية؟؟
هذه الفوضى والأخطاء منذ سنة ونصف ...
وليس ثمة دليل على تغيير إيجابي...
***********************************
السؤال الآن يلح في خاطري...
هل كان السماح بالنهب والسلب في بداية سقوط النظام, وتكديس الأسلحة بين أيدي الناس, هو خطة مقصودة؟؟
أم أنها غباء شنيع؟؟
إن كانت عن غباء, فلا بأس...
وإن كانت خطة, فهي خطة شريرة نحصد ثمارها المرة كل يوم, منذ سنة ونصف...ولا ندري الى متى ستطول...
تكديس الأموال والأسلحة بأيدي مجرمين وجهلاء, ثم فتح جبهات عنيفة ومصادمات في مناطق مختلفة في العراق, مثل الفلوجة وسامراء والنجف ومدينة الصدر وغيرها...
ستجد هذه الجبهات من يغذيها بالمال والسلاح...
وسوف تستنزف الكثير من الجهود, وسيسقط الكثير من الضحايا, وستتحطم آمالنا ببناء وطن جديد...
سوف تختلط الأوراق ويتعب الناس ويدوخون, وتضبع الأولويات...
ولا بناء ولا إعادة إعمار...فقط عنف وقتال ودمار...
وقوات إحتلال تتمشى في الشوارع...
ومعسكرات تشيد للجيش ليبقى هنا الى زمن لا محدود...هذه هي الصورة الآن...
هل خطط لكل هذا أم إنه حدث بطريقة عفوية غبية؟؟
لا أظن بوش أو رامسفيلد او تشيني او غيرهما من الذين شنوا هذه الحرب, عنده غباء, أو قلة خبرة او سوء إدارة.
تبدو النتيجة أن كل ما حدث كان مخطط له...
هذا إحتمال وارد...
لإنهم لو أخطأوا التقديرات في البداية, لكانوا عادوا وغيروه لإتجاه آخر...
لكنهم يصرون عليه ....لحد الآن رغم كل النتائج السلبية المأساوية.
كيف يريدون من العراقي ان يصدق أن أميركا جاءت لمساعدته؟؟
كل هذه الحماقات تسقط الثقة بين الطرفين. وتشجع على خيار العنف والكراهية.
متى ستأتي الثقة , ويبدأ العراقيون ببناء حياتهم ووطنهم من جديد...
حتى الذين في الفلوجة يريدون أن يحسوا بالثقة تجاه اميركا ونواياها حتى يرموا السلاح ويختاروا السلام والحوار..
هل تفهم أميركا هذا الكلام؟؟
هل يهمها ان تفهم كيف يفكر العراقي وماذا يريد؟؟
******************************************
العراق بحاجة الى إنتخابات وحكومة جديدة..
الحكومة الجديدة ينبغي أن يكون عندها رؤيا...
ماذا سنفعل, وكيف سنتصرف؟؟
أمريكا تبني معسكرات وقواعد في العراق..كانها تقول لنا لن نخرج قبل عشرات من السنوات, وربما مئات.
هذا يثير اعتراض الكثيرين وغضبهم, فيلجأون للعنف عسى أن يؤثر على قرار يقاء أمريكا هنا.ويعجل بخروجها.
الإنتخابات الأمريكية أيضا على الأبواب...
وكل من بوش وكيري ليس له رؤيا للعراق...
الإثنان تائهان ويتخبطان...
أربع سنوات جديدة ستأتي على العراق...أربع سنوات غامضات.
سواء ببقاء بوش أو مجيء كيري.
الوضع سيظل غامضا....لكن ربما كيري سيحاول تهدئة العنف, لسنا متأكدين, المسألة مجرد إحتمالات.
لكنا نتأمل منه إن جاء للسلطة, ألا يتبع خطوات يوش العدوانية, ولا يزيد الطين بلة, والوضع سوءا..
نريد ان نبني العراق, نريد أن نعيش بسلام وأمان, هذه أولوياتنا...
نتمنى أن تكون ثمة إنتخابات عراقية حرة نزيهة...وأن تأتي بقيادات عراقية جديدة...
قيادات نظيفة نزيهة تحب العراق والعراقيين...تجمعهم وتلم شملهم من جديد..
إن اضطرت ان تقف الى جانب الأمريكي , فإنها لا تنسى أنها جاءت للحكم لتساعد العراقيين وتدافع عنهم...
جاءت من العراقيين وللعراقيين, لتدافع عنهم وعن حقوقهم في أن يعيشوا حياة آمنه مستقرة حرة كريمة...
لو اضطرت وجلست للتحاور مع امريكي , فسيكون عليها لزاما أن توضح له : إن قلوبنا مع العراقيين,
ولن نضع أ يدينا في أيديكم الا لصالح عمل يفيد العراقيين...
لن نسمح لكم بقتلهم وهدم بيوتهم و لن نشارك في التوقيع على خططكم الأمنية ...وقصف المدن بالطائرات وسقوط مزيد من الضحايا تحت حجج شتى...
كل هذا كلام فارغ...
أنتم تقولون انكم هنا لمساعدة العراقيين...ونحن نريد أن تساعدونا, لا بمزيد من الجيوش والقتل والدمار...
ساعدونا لنبني حياتنا ووطننا...
بالطريقة التي ترضينا وتجعلنا مثلا مشرقا لغيرنا...
نريد الحرية والديمقراطية, ولا نريد العنف والقتل, ولا نظن انهما الطريق الصحيح.للوصول الى الغايات..
لم يكن يوما الطريق الى اهداف نبيلة يتحقق عن طريق أفعال بشعة وظالمة.
************************************
وأعود لأتذكر الجندي صاحب الخوذة
B-H-G..
.ثمة واحدة في داخلي تقول لي أنني ساذجة...
إنظري الى الجرحى والقتلى العراقيين, من يهتم بهم؟؟
المستشفيات تعاني من قلة الأدوية والأجهزة. الطبية المطلوبة لرعاية الناس.
والجندي الأمريكي الجريح تتلقاه عشرات الأيدي وتمد له يد العون...
هليكوبتر تنقله الى أقرب مستشفى في الشرق الأوسط أو أوروبا...
ويتلقى أفضل العناية والعلاج والدلال...
والعراقي المدني البائس الذي سقط ضحية بين المصادمات...لا يجد من يبالي به غير أهله..
لا مستشفى ولا ادوية ولا علاج...
ولا هليكوبتر ولا عربة يجرها حصان.... هه.
والشعب الأمريكي يظل يتساءل هناك : لماذا لا تهدأ امور العراق وحكومتنا تتصرف بحكمة وعدالة هناك...
تعالوا الى هنا وانظروا كيف هي الحكمة...وأين هي العدالة؟؟
فهذا شعب صاحب الأرض , وهذه قوات إحتلال اجنبية مسلحة. تتعامل بشراسة مع الشعب...
فكيف ستردمون هذه الفجوة الهائلة بينكم وبين العراقيين؟؟؟
فكروا معي بطريقة للخروج من هذا المأزق.....
طريقة تساعد على بناء الثقة بين الطرفين , وفتح صفحة جديدة...
***************************************
مساء الخير...
الساعة الآن هي الساعة السابعة مساء...
الجو في الخارج مغبر والبيت يمتليء برائحة الغبار الخانق, يضيق صدري , وأحس بأنني أكاد أختنق
أذهب للحمام لغسل وجهي وأنفي حتى أتنفس بصفاء...
العمال يركبون الزجاج لشبابيك الطابق العلوي...
خالد يقف معهم..
كان هذا اليوم منحوسا وشاقا , منذ بدايته..
***********************************
في الرابعة صباحا, صحونا, أقصد قفزنا من نومنا مذعورين على صوت إنفجار قوي هز البيت, وحطم زجاج النوافذ..
لا أتذكر سوى انني كنت حافية مذعورة وأركض خارج الغرفة لأطفيء جهاز الإنذار الذي صار يصرخ من اهتزاز البيت.
وكان قلبي يدق بشدة...
خالد وعزام قالوا إنه انفجار قوي....اما أنا فلا أتذكر سوى أنني كنت مذعورة حافية وقلبي يدق بشدة..
كنت أنام بعمق ...ولم أسمع الإنفجار, لكنهم سمعوه...
شربنا الماء وعدنا للنوم....
لكننا سمعنا ثمة شيء يطقطق ويتساقط...رفعنا ستارة غرفة النوم, ورأينا خلفها الزجاج قد أصبح خطوطا متعرجة
ومتكسرة وبعضه بدأ يتساقط الى خارج النافذة ...الى الحديقة.
أرعبني المنظر...وتساءلت ببلاهة: متى حدث هذا ؟؟
نهضنا من جديد, وأشعلنا الأضواء , ومشينا في البيت لنكتشف أن ليس ثمة غرفة أو مطبخ او حمام بلا زجاج نوافذ محطمة.
حتى باب السطح الحديدي إنعوج, وانخلعت ألواح زجاج منه...
والباب الخشبي الرئيسي تخلعت مساميره واندفع الى الداخل...
وثمة غيمة كبيرة من الغبار جاءت من الحديقة الى داخل البيت....
أدركت وقتها ان ثمة إنفجار كبير قد حدث فعلا وهذا هو الغبار والعصف منه....
المطبخ لا يوصف....تكسرت الشبابيك المقابلة للسنك, والباب الألمنيوم انعوج وتكسر زجاجه وانفتح بقوة فمزق الستائر
الدانتيل التي خلفه...
والساحبة( مفرغة الهواء) طارت شفراتها الخارجية, وسقط إطارها الداخلي على الأرض..
نظرت لكل هذا ....ثم عدت للنوم...لكن من أين سيأتي النوم؟؟؟
بقيت أتقلب حتى الصباح...وذهبت للمطبخ لأعمل فنجان شاي...
المنظر لا يشجع على شرب فنجان شاي بين أكوام من الزجاج المحطم.
سمعت الجيران يكنسون الزجاج المحطم في بيوتهم...وابتسمت, تخيلت الزوجات المسكينات وهن في غرف نوم متناثرة الشظايا , وكذلك المطبخ والحمامات...يا له من صباح جميل.....
**********************************************
بعد الإنفجار, سمعنا صوت الدبابات الأمريكية, ولكن لا أحد يجرؤ على الخروج والنظر لما يحدث في الشارع..
سنفهم في الصباح, قلت لنفسي.
كنست الزجاج من المطبخ وجمعته في كارتونه.
هذا الزجاج معظمه جديد, ركبناه بعد سقوط بغداد, عندما تركنا البيت لمدة اسبوع, وعدنا فوجدناه كما اليوم, لكن اليوم العدد الذي تحطم أكثر...الإنفجار كان أقوى وأقرب....
دخلت القطة واولادها من الشباك الى المطبخ...
قلت في نفسي : أنظروا لهذه الحمقاء, كيف تستغل الفرص...
طردتها وصرخت عليها, فخرجت راكضة الى الكراج, وتبعها صغارها.
وضعت لهم صحنا صغيرا فيه بقايا دجاج من الأمس...وعدت الملم بقايا الزجاج....
لم يكن صباحا جميلا....ولم بكن مزاجي منشرحا.
أمشي على فتافيت من الزجاج وأتذكر الهندي الذي ينام على شظايا الزجاج في السيرك...وأتعجب منه.
ههه...
***************************************
كان ثمة ملابس منقوعة على السنك في المطبخ, دخل الزجاج بينها في الماء والصابون.
وسقط الزجاج ايضا في السنك وبين الصحون والملاعق.
مددت يدي بحذر لئلا تنجرح رؤوس اصابعي ...
أيقظت خالد ليفطر ويذهب للجامعة.
خرج الى الشارع وعاد ومعه شظية من بقايا إنفجار أمس...
كتلة معدنية صلبة وثقيلة...أطرافها حادة, تخيلت كم هي قاتلة لو أصاب جزء منها جسد إنسان...
ولم نفهم...هل هي قطعة من صاروخ سقط في شارعنا أم هي بقايا لغم أرضي, أو عبوة متفجرة.
لا أحد يدري...
وجدت الجيران كلهم في الشارع ينظرون لمكان الإنفجار ويتكلمون...ثم يمضي كل واحد الى بيته, وبعضهم يحمل كرتونه أو وعاء بلاستيك كبير فيه شظايا الزجاج, يرميه على الرصيف....
وأعود لأسمع جارتي التي من الجهة الأخرى , تكنس بقايا الزجاج من بيتها...
حزنت على الجيران الذين دخلهم قليل كيف سيدفعون تكاليف الزجاج الجديد...
هذه أعباء أخرى تضاف الى حياتنا....
******************************
خالد قال قبل خروجه للجامعة: ماما ,كأن الله يقول لا تترددوا, اخرجوا من هذا البيت...
ضحكت, وهززت رأسي.
اتصلت قبل يومين زوجة أخي( الذي يعيش حاليا لوحده في الخارج.)
قالت ان عنده عقد عمل لمدة سنة, وسوف نذهب كلنا عنده, وأعلم انك تبحثين عن بيت, ونريدك أن تستأجري بيتنا وتعتني به...
ربما نبقى هناك خمس سنوات او اكثر حتى تهدأ الأوضاع ...ثم نعود أو لا نعود, لا أحد يعلم.
وقالت انها باعت أثاث البيت, وسوف تسلمه لنا فارغا...
ناقشت الموضوع مع عزام وخالد...كان ثمة تردد, لكن البيت مواصفاته جيدة جدا, وموقعه ممتاز وقريب من محل عملنا,
ومنطقته أكثر أمانا من منطقتنا, لا يوجد فيها عنف ومواجهات مع الأمريكان.
والأجرة التي طلبتها معقولة جدا...
قلت لعزام لا نريد أن نندم وتضيع علينا الفرصة.
ممكن أن نضع حارسا في بيتنا لمدة سنة مع عائلته...
ونذهب الى هناك حتى تتوضح الأمور...لن نخسر شيئا...ربما سنكسب هدوءا أكثر.
دعنا نجرب...
قال اذهبي وتناقشي معها حول الموضوع .
**********************************
ذهبت مع خالد مساء أمس الى بيت اخي...
فوجئت أن معظم الأثاث قد تم بيعه والبيت شبه فارغ...
إنقبض قلبي وحزنت...ها هي الأيام ستفرقنا.
كان اخي شديد التشبث بالعراق, هو طبيب جملة عصبية , ونشيط في عمله ومبدع, يحضر مؤتمرات دائما خارج العراق ويشارك ببحوث طبية جديدة, ويناقش, ويقرأ , ويتابع كل جديد في مهنته ومجال إختصاصه.
لكن حملة إغتيالات الأطباء أرعبته وجعلته يقرر السفر الى الخارج , وتم اغتيال كثير من زملائه بعد سقوط النظام...
بعضهم بعثيون وبعضهم مستقلون, لا أحد يفهم السبب.
والآن زوجته وأولاده سيتركون بيتهم ويلحقوا به , معهم حق, عودته مستحيلة, وبقائهم بدون أب شيء صعب جدا في هذه الظروف...
*********************************
تجولت في البيت وتذكرت أيام العيد وتجمعنا هنا قبل وفاة امي رحمها الله , وبعدها...
وأحاديثنا وضحكاتنا وصراخ اطفالنا...
وكاميرة الفديو تسجل كل ذلك لنرسله الى اخينا الذي في نيوزلنده...هاجر هو الاخر منذ منتصف التسعينات,
كان طبيب أسنان وأستاذ يدرس في الجامعة, لكن أصابته حالة ضيق وتذمر شديدين من صدام وأفعاله ضد العراقيين,
فقرر أن يهاجر, وتألمنا لذلك القرار, لكننا خفنا عليه لوبقي هنا...أن يصيبه مكروه.
فكان تقبل فكرة هجرته أرحم من فكرة إعدامه مثلا من قبل صدام حسين.
أمي بكت كثيرا لأنه إبنها البكر...
لكن قسوة الحياة تجعلنا نتغاضى عن العواطف في كثير من الأحيان.
والان يتكرر ذات الموقف...والإختيار بين عواطفك وعقلك.
طبعا العقل يفوز....
******************************************
عدت الى بيتنا بعد أن اتفقت مع زوجة أخي على كل التفاصيل الصغيرة.
وإنهم سيغادرون في بداية الشهر المقبل, ونستلم البيت منهم. ان شاء الله.
في الطريق الى البيت, جلست في المقعد الخلفي للسيارة, خالد والسائق في الأمام..
كنت احس برغبة في البكاء...تكسر شيء في داخلي...
تذكرت حياتنا التي اصبحت شاقة وقاسية, وغياب الأهل والأصدقاء قليلا قليلا...وخروجهم من حياتنا..
حياتنا تتحول الى صحراء جافة...بلا أهل وأقارب وأصدقاء.. بلا حب ومودة ورحمة بيننا.
ما معنى الحياة بلا كل هذه الأشياء الجميلة؟؟
حين تفقدها...تحس باهميتها في حياتك. باهميتها في إعطائك مزاجا مرحا مستقرا...
نعم, فيها توازن عاطفي يحتاجه كل إنسان تقريبا.
أحسست بوحشة...ونزلت دموعي صامته.
نظرت الى طريق المطار وهم مظلم حزين كئيب...كان دائما شديد الإضاءة..واليوم دائما مظلم بلا إضاءة.
وفي بدايته جامع أم الطبول...بدا شاحبا حزينا هو الاخر...بأضواء خافته , كأنها تقول انه مهجور..بعيد..
يعاني من الوحشة والصمت....
مسحت دموعي...من كان يظن ان كل هذا سيحدث لنا؟؟
حلمنا بسقوط صدام حسين, ورؤية وطن جديد...
لكننا لم نر الوطن الجميل بعد...مازلنا بمرحلة العذاب والإنتظار...
ترى, متى سينتهي هذا العذاب؟؟
هل ثمة من يملك الجواب؟؟؟
لا أظن.... فنحن مازلنا في قلب الدوامة .
وهذا يعني مزيدا من الوقت والصبر والإنتظار....
**********************************
عدت الى بيتنا....
وبدأت أفكر كيف سنفارقه...
نحن أيضا سنتخلى عن عواطفنا من اجل البحث عن الأمان.
هذه منطقة غير آمنه...وهناك المنطقة أكثر امانا...
أما بالنسبة لأخي وعائلته, فقد أصبح العراق كله بلا أمان...فينبغي مغادرته.
هي مسألة ظروف شخصية, ونسبية, تختلف من فرد الى آخر...
هذه غرفة ماجد وذكرياته...والبورد الذي على الحائط معلقة عليه هوياته وأوراق مختلفة من رسائل بريد الكتروني مهمة مطيوعه, ورسائل بكلمات جميلة من أصدقاء أجانب, وخواطر كتبها رائد بعد سقوط بغداد...وجدول العام الدراسي الماضي..
وباجات مشاركاته في مؤتمرات داخل العراق وخارجه.
وعلى جدران الغرفة. بوسترات كبيرة, يحبها جدا, عن فيلمه المفضل: ميتركس...
وطاولة التواليت عليها الكولونيا والمعطر للجسم, والكريمات, وورود مجففة جمعها مع ماما في زجاجة شفافة...
ثم هنا كومبيوتره وعشرات من السي دي وألعاب الكترونية معظمها قتالية وفيها حروب وجيوش وأسلحة متطورة.
وألعاب قطنية من دبب وقرود وبوكمون...وجهاز موسيقى أورغ كهربائي.
وكفوف ملاكمه كان يستعملها في مبارياته ضد خالد في غرفة النوم هنا...
كيف سأترك كل هذا؟؟؟
نعم سآخذه الىبيت جديد...بيت فيه ذكريات اخرى...
وبداية حياة جديدة وذكريات جديدة,إن شاء الله.
***************************************
ثم صعدت الى غرفة خالد حاليا, رائد سابقا...
ذكريات رائد تملأ الغرفة...
رسومه ومخططاته المعمارية, والماكيتات لنماذج المباني التي صممها.
وماكيت كبير لمشروع التخرج عن تطوير منطقة الكاظمية في بغداد .
وخربشات على الحائط كأي معماري له رؤيا مختلفة للأشياء...
ويوم كان مصابا بمرض الكبد الفيروسي, ظل حبيس الغرفة, ويرسم على الجدران بقلم الرصاص إشارات عن عدد أيام مرضه..مثل إشارات السجين عن عدد أيام سجنه...
وثمة عدد كبير من الكرتونات فيها بقايا اوراق من عمل منظمة سيفك ومنظمة إعمار...كان يعمل فيهما.
وخرائط ومخططات لبغداد ومدن الجنوب...
سآخذها كلها الى البيت الجديد...أن شاء الله.
وغرفة الضيوف وذكريات الأصدقاء الذين زارونا من بغداد ومدن عراقية أخرى, أو من خارج العراق.
وذكريات العيد والأخوة والأخوات والأحاديث والضحكات...
وحديقتنا وذكرياتي فيها...أحبها جدا وأعتني بها دائما..
كم صرفت من ميزانية البيت من أجل شراء زهور وبذور لكل فصل جديد...والعناية بالثيل والأشجار المثمرة.
لكني اليوم مجبرة أن أغادر كل هذا التراث المتراكم لحوالي عشر سنين.
الظروف هنا سيئة, والعقل يغلب العواطف...
لا معنى لحياة الإنسان بلا ذكريات...لا يهم حزينة كانت أو جميلة..
أريد لكل ذكرياتنا أن تظل معنا...تربطنا بالماضي...وتمضي معنا نحوالمستقبل.
أحب أن يظل في حياة الإنسان دائما, ماَضي وحاضر ومستقبل..
لا أحب أن يفقد بندا منها...أتخيل أنه سيفقد توازنه إذا فقد أحدا منها.
*********************************************
تعشينا وذهبنا للنوم...ثم حدث الإنفجار الكبير في الرابعة صباحا وتكسرت نوافذ البيت, وقال خالد ساخرا في الصباح
: إلله يقول لكم أخرجوا من هذا البيت...ولا تترددوا.
أمضيت النهار في العمل وأنا في حالة صداع شديد...
لا ادري من حزني على ذكريات الأمس, أم من الإنفجار الذي لم أسمعه وسبب لي الذهول.
عند عودتي للبيت قلت للسائق : إذهب الى مكان الإنفجار, أريد أن أراه.
توقفنا أمام حفرة على طرف الرصيف.
قال السائق إنها عبوة ناسفة وليست صاروخ.
وقال إبن الجيران أنها انفجرت حين مرور قافلة امريكية في الصباح الباكر وقتلت وجرحت عددا منهم.
لم أصدق....
ودخلت البيت.أريد أن أنام, احس بتعب شديد.
خرج خالد ثم عاد...
قال : ماما أعطيني الكاميرة, سأصور الحفرة والبيوت المحطم زجاجها وشظايا القنبلة على جدران بيوت الجيران
ثم عاد بعد قليل لاهثا...
ماما توجد خوذة جندي أمريكي في الحفرة...الخوذة فيها دم.
قلت له إذهب واجلبها لي...
ماما , إنها متسخة بالتراب والدم...
قلت له : خذ الكيس وضعها فيه.
انتظرته طويلا...ثم نظرت الى الكراج, فوجدته وضعها على الأرض, وعاد الى أصحابه.
اقتربت بفضول, وأمسكت بها...وأقتربت من باب المطبخ وأنا أتاملها....ممزق جزء منها في الخلف...
وظهرت حشوة الخوذة من مادة مثل الفايبركلاس, ويوجد دم جاف داخل الخوذة.
يعني ربما صاحبها انجرح من رقبته.
كيف وصلته الشظيه وهو في الهمفي أو الدياية؟؟
لا أدري...
لكن ثمة إسم مكتوب عليها بخط اليد وبقلم أسود
:B.H. Gunner على اليمين.
وعلى اليسار مكتوب
B-H-G
لا أدري هل هو إسم صاحبها فعلا أم هي خوذة جندي آخر...لا أعرف التعليمات عندهم.
مسموح تبادل هذه الأشياء أم انها دليل قاطع على صاحبها؟
قلبتها وبدأ قلبي يحزن من جديد...
ترى من صاحبها ؟؟ وما إسمه؟؟ وكم عمره؟؟
وهل مات أم جرح فقط؟؟
وهل له أم وأب على قيد الحياة؟
هل بلغوهما عنه شيئا؟؟
وهل هو متزوج وعنده أطفال؟؟
إنعصر قلبي وبكيت...قلبي قلب أم قبل كل شيء...
وسالت دموعي حزنا عليه وعلى أمه وعلى من يحبونه.
لماذا جاء الى هنا؟؟
هل هو فقير محتاج. أم ثمة مباديء ونظريات مزيفة ؟؟؟
لا أدري...
تذكرت آية في القرآن تقول : ولا تعلم نفس ماذا تكسب غدا, ولا تعلم نفس بأي أرض تموت.....
هذه الآيه كلما قرأتها حزنت.
لأنها تتكلم عن موت في غربة .
موت وغربه؟؟؟
ما أشد قسوتهما.
أدعو الله دائما ان أموت بين أهلي والذين احبهم.
ودعوت الله أن لا يكون صاحب الخوذة قد مات....
ترى ما إسمه؟؟
براد؟؟ أو براين؟؟
لا أعرف الكثير من أسمائهم.
ولكني أعرف انهم بشر مثلنا...يحزنون ويفرحون.
هذا ما أراه من الرسائل التي تصلني بالبريد الألكتروني كل يوم...
معظمها من أناس مسالمين يعتذرون عما فعلته حكومتهم من حماقات..ويتألمون لحالنا...
وهذه الحرب الحمقاء جعلتنا أعداء....وباعدت بيننا المسافات ولم تقربها.
لا أدري...قضيت يوم أمس أبكي على ذكريات بيت اخي وبيتنا...
واليوم على الجندي صاحب الخوذة.
لكن العراقي الذي هنا لا يرى الصورة مثلي...
يرى في الجيش الأمريكي مظهر القسوة والغطرسة, وكذلك الأفعال اليومية مع الناس...معظمها فيها قسوة وغطرسة.
حين جاءت سيارة البلدية بعد ظهر اليوم, سألني الفتى الصغير الذي يلم القمامة, ما هذا الزجاج المحطم في شارعكم؟؟
قلت له : عبوة انفجرت في الشارع وكسرت النوافذ, ويقولون انها قتلت جنودا أمريكيين..
ضحك وقال : هه, أخبار سارة, فليذهبوا الى الجحيم...
لم أعلق...لأنني أفهم كيف ينظر هذا الصغير للأمور من زاوية مختلفة...
من زاوية رؤية الأمريكي المتغطرس على دبابته, ويشهر البندقية في وجوه الناس...
ويطلق النار متى يشاء ولا أحد يعاتبه...
هذه تصرفات تثير غضب العراقيين أولا...ثم يتحول الغضب الى عنف وكراهية.
************************************
أخذت صورة للخوذة...أسم الجندي واضح عليها...
وحفظتها على الكومبيوتر...
لا لن أضعها على الموقع , ربما ستحزن الناس وتجرح شعورهم, لكني إن استلمت منهم رغبة بنشرها
سأفعل.....
ثم وضعت خوذة الجندي الأمريكي قرب خوذة جندي عراقي وجدها رائد خلف الساتر في الشارع بعد سقوط بغداد بأيام.
لا أدري أيضا ما إسم صاحبها...وما شكله...وما عمره؟؟
وهل هو مات أم على قيد الحياة.؟؟
لماذا قلبي يرى الأشياء بهذه الطريقة...
هل أنا حمقاء ساذجة؟؟
والناس الذين مثل بوش هم العقلاء والحكماء؟؟
الناس الذين يستمتعون بالأحقاد والكراهية, ويجدونها لغة لمخاطبة الآخرين...
هؤلاء يدهشوني...ولا أفهم كيف يفكرون....
ولا أتخيل نفسي مثلهم ذات يوم....
أمضيت عمري كله أنظر وأفكر ...وأحذر نفسي أن تكون كالحمقى...
تيرر الظلم والقتل والكراهية وكل الأشياء القبيحة التي يقترفها الإنسان الأحمق.
وأتذكر قول أحد الأنبياء حين سألوه من أين تعلم حسن الأخلاق ؟؟
قال : نظرت لأعمال الجاهلين, ومنعت نفسي من إقترافها.
****************************************
الجمعة 15 تشرين أول 2004
مساء الخير....
اليوم هو أول أيام شهر رمضان...شهر الصيام والرحمة والمغفرة.
أتمنى بدايته ونهايته كلها خير للعباد....
أنهيت اليوم تنظيف البيت بمساعدة أشخاص كثيرين.
ما عاد ثمة زجاج مكسر...
وتم تركيب الزجاج الجديد, ومسحنا الأخشاب من الأتربة التي تراكمت عليها من الجو المغبر, وقبلها من عصف
الإنفجار....
قال السائق أمس إنه سيذهب للفلوجة صباح اليوم, أرسلت معه ادوية تبرعات من جمعيتنا النسائية الجديدة الى مستشفى الفلوجة. بعض النقود مني لإخته الأرملة...الدنيا رمضان ومصاريف البيت كثيرة.
أنهيت غسيل الملابس وتنظيف الغرف, هذا العمل الممل لا بد منه يوم العطلة. يخفف عني الشعور بالتوتر ...
أسميها الأعمال الغبية, لكني لا أستغني عنها.
إتصل السائق بعد منتصف النهار, وقال انه عاد الى بغداد , الوضع متوتر جدا في الفلوجة.لكنها اليوم مدينة أشباح .
الفلوجة قنبلة ستنفجر في أية لحظة. قال الرجل...
البيوت معظمها فارغة, العوائل خرجت وهجرت بيوتها خوفا مما سيأتي.
لم أجد اختي واولادها, أخذها بعض أقاربنا الى قرية مجاورة لحمايتها.
أرسلت لها النقود مع أولاد خالتي الذين في الفلوجة, سيذهبون اليها اليوم بعد الظهر.
أعطيت الأدوية للمستشفى , وكتب لك طبيب الطواريء احتياجات المستشفى من الأدوية, سأجلب لك الورقة فيما بعد.
صالة الطواريء تمتليء بالدماء و بالجثث والجرحى من العراقيين.
قلت له : أين الزرقاوي؟؟
الحكومة تطالب بتسليمه وجماعته حتى لا يضربوا المدينة.
قال : لا يوجد زرقاوي...توجد مقاومة عراقية.
وجدتني صامته, لا تعليق عندي...
قلت : هذا شهر رمضان..كان الله في عونكم, أتمنى أن لا تروا شيئا مكروها....
الحكومة المؤقته وقوات الإحتلال تصران على وجود عرب وأجانب في الفلوجة.
وأهل الفلوجة يصرون على الإنكار....
لست هناك, ولا أقدر أن أحكم...لكني أظل أسأل الذاهب والقادم من هناك عن الحقيقة.
سمعت موجز أنباء المساء, الوضع متوتر في الفلوجة,ثمة وفد منها ومفاوضات مع الحكومة , لكن لا جديد..
ليل أمس قصفت الطائرات الأمريكية بيوتا في الفلوجة..وقتل وجرح عراقيين.
الفلوجة محاصرة من جديد...
بوش متردد في حسم الموقف العسكري خوفا من سقوط ضحايا من الجيش الأمريكي تؤثر على إنتخاباته.
هل تسمعون؟؟
ضحايا من الجيش الأمريكي...
هذه النقطة التي تقلقه فقط...أما الضحايا العراقيين , هه, فليذهبوا الى الجحيم...
من يهتم؟؟؟
************************************
الأسبوع الماضي بدأت الحكومة بشراء الأسلحة من الناس والمليشيات.
هذا ما كنا نقوله دائما بعد سقوط بغداد مباشرة.قبل حوالي سنه ونصف...
لماذا لا تمتصوا العنف وتشتروا أسلحة الناس التي صارت بين أيديهم بكثرة بعد سقوط النظام, وسهولة دخول مستودعات الجيش العراقي والإستيلاء على محتوياتها.
بأت الحالة مرعبة لنا...كثرة هذا السلاح بين يدي الناس, ليس من مصلحتنا أبدا.
سيستعملها اللصوص والقتلة لأغراضهم, وسوف تظهر مقاومة عراقية قوية وستحدث مواجهات لا نهاية لها...
لكني لا أفهم كيف تفكر قوات الإحتلال وما هي أولوياتها.
فجروا مستودعات الذخيرة العراقية بعد الحرب بين البيوت, وسقط الضحايا من المدنيين الأبرياء...
من هو المسؤول عن هذه الحماقات؟؟
هل التعليمات تأتي بهذه الصيغة : طبقوا الأوامر ولا تبالوا بوجود العراقيين, إنهم لا شيء.ماتوا أو عاشوا, لا يهمنا..
مدنيين او نساء واطفال , لا يهمنا...
المهم سلامة الجندي الأمريكي, وتقليل خسائر الجيش الأمريكي.
وهذا ما نراه بداية تكون الكراهية ضد جيش الإحتلال...
وهذا ما نراه يوجع إدارة بوش ويحرجه عندما يكون الحديث عن عدد القتلى في الجيش الأمريكي نتيجة حرب العراق..
أما القتلى العراقيين فهو الرقم المهمل دائما من الحسابات.
وهذا ما تدركه المقاومة العراقية أو الغرباء الذين يكرهون بوش, ويعرفون من أين يتوجع.
فيزرعون الألغام والعبوات الناسفة في طريق الآليات العسكرية الأمريكية.ويقتلون ويجرحون الجنود...
مسلسل لن ينتهي ....مسلسل القتل والدمار الذي بدأه بوش هنا...
****************************************
لماذا بعض المناطق ساخنة في المواجهات وبعضها هاديء؟؟
لست أعرف الجواب تماما, لكني أحاول أن أجيب على قدر رؤيتي للأشياء وتجربتي هنا.
المنطقة التي مقابلنا, حي الفرات, منطقة فقيرة شعبية معظمها من الشيعة.
ومعظم الرجال كانوا جنودا , أو عمالا أو مزارعين بسطاء.
عندما دخلت قوات الإحتلال الى المطار لتسيطر عليه, بدات تقصف حي الفرات بقنابل عنقودية في المساء, وقد رأيناهم
بأعيننا, وكتبت عن هذا في يوميات الحرب .
هرب الأهالي, وتهدم كثير من البيوت, وقتل كثير من المدنيين والعسكريين في هذا الحي الفقير.
بعد سقوط النظام, شارك الكثير منهم في أعمال النهب والسلب للمستودعات التابعة للجيش والدولة.
تكدست بالبيوت الأسلحة من مختلف الأنواع, مع الثلاجات والمكيفات والتلفزيونات.والسيارات الحديثة.من مخازن الدولة العراقية.
نوعية الناس هنا قليلو الثقافة والوعي.وهم نموذج لعدة مناطق فقيرة داخل بغداد وخارجها..
أي إصطدام مع الآخر سيكون التعبير عنه بطريقة عنيفة.
هنا بيئة مناسبة لنمو العصابات . صار عندهم المال والسلاح.
من هو الغبي الذي هيأ لهم هذه البيئة , وجعلها نقطة مؤهلة لأصطدامات ساخنة في أي لحظة؟؟
فكروا معي....
*****************************
قبل حوالي أسبوع, جاءت دبابات امريكية ووقفت في الشارع ليلا ...وأطلقت النار على سيارات تمر في الشارع , وأتلفت السيارات, ونزل الركاب يزحفون على ركبهم..كل الجيران رأوا المنظر...ولم نفهم الحكمة من هذه الأفعال..هل هي ليقول الجيش الأمريكي نحن هنا فخافوا منا؟؟
أم للبحث عن عصابات ومجرمين؟؟
أم عن رجال مقاومة ضد قوات الإحتلال؟
لا ادري , لم نفهم شيئا من تلك الأحداث...لكني أظن أن الإنفجار الذي حدث قبل يومين كان الجواب من العراقين الغاضبين
الذين تعرضوا للأذى ذلك اليوم .
طبعا التصرفات العدوانية من قوات الإحتلال يرد عليها الناس بتصرفات عدوانية مشابهة او أشد عنفا...
شارع حيفا والمصادمات , مدينة الصدر والمواجهات المستمرة...ثمة عنف من جانب الأمريكيين يعطي إنطباعا انهم أناس قساة القلوب مجرمين لا يعرفون الرحمة.ومتغطرسين ومتكبرين.
هذا يجعل بعض الناس يفرحون حين يسمعون بمقتل أمريكي هنا...
هؤلاء من الناس الذين تعرضوا للأذى, وصاروا يحبون الإنتقام...
العنف من قبل قوات الإحتلال ضد الأهالي يصنع أعداء جدد...أعداء بلا حجم ولا عدد...
ونحن الذين نريد بناء هذا الوطن من جديد...هذه السياسة الغبية ليست من مصلحة وطننا وشعبنا...
نقول دائما إسحبوا الجيوش خارج المدن...في معسكرات بعيدة.
دعوا الشعب العراقي يبني جيشه وشرطته من نفسه. دعوه يبني نفسه بنفسه...
لتكن حراسات المناطق من عراقيين, مدنيين وعسكريين, هذه تقوي لحمة الشعب مع بعضه وتجعل الثقة لغة للحوار
وهي ستكون مقدمة لعلاقة مودة حميمة واحترام بين أفراد الشعب لتكوين مجتمعات مدنية مصغرة تكون قائدة لمجموع الناس.. تفهمهم وتوعيهم وتلم شملهم...
بوجود قوات إحتلال تتمشى لوحدها في الشوارع ليلا, ستتعرض لمخاطر الأذى من العراقيين لأنها غير مرغوب فيها.
وهي لا تقدم خدمة محسوسة أصلا للناس...
كلنا يتساءل : ماذا يفعلون؟
يتمشون في الشوارع ليكونوا اهدافا سهلة لمن يريد قتلهم...هذا ما نراه يوميا...
لم ينجحوا قط في حفظ الأمن والنظام...
لا أعرف كيف يفكرو ن وما هي الإستراتيجية؟؟
هذه الفوضى والأخطاء منذ سنة ونصف ...
وليس ثمة دليل على تغيير إيجابي...
***********************************
السؤال الآن يلح في خاطري...
هل كان السماح بالنهب والسلب في بداية سقوط النظام, وتكديس الأسلحة بين أيدي الناس, هو خطة مقصودة؟؟
أم أنها غباء شنيع؟؟
إن كانت عن غباء, فلا بأس...
وإن كانت خطة, فهي خطة شريرة نحصد ثمارها المرة كل يوم, منذ سنة ونصف...ولا ندري الى متى ستطول...
تكديس الأموال والأسلحة بأيدي مجرمين وجهلاء, ثم فتح جبهات عنيفة ومصادمات في مناطق مختلفة في العراق, مثل الفلوجة وسامراء والنجف ومدينة الصدر وغيرها...
ستجد هذه الجبهات من يغذيها بالمال والسلاح...
وسوف تستنزف الكثير من الجهود, وسيسقط الكثير من الضحايا, وستتحطم آمالنا ببناء وطن جديد...
سوف تختلط الأوراق ويتعب الناس ويدوخون, وتضبع الأولويات...
ولا بناء ولا إعادة إعمار...فقط عنف وقتال ودمار...
وقوات إحتلال تتمشى في الشوارع...
ومعسكرات تشيد للجيش ليبقى هنا الى زمن لا محدود...هذه هي الصورة الآن...
هل خطط لكل هذا أم إنه حدث بطريقة عفوية غبية؟؟
لا أظن بوش أو رامسفيلد او تشيني او غيرهما من الذين شنوا هذه الحرب, عنده غباء, أو قلة خبرة او سوء إدارة.
تبدو النتيجة أن كل ما حدث كان مخطط له...
هذا إحتمال وارد...
لإنهم لو أخطأوا التقديرات في البداية, لكانوا عادوا وغيروه لإتجاه آخر...
لكنهم يصرون عليه ....لحد الآن رغم كل النتائج السلبية المأساوية.
كيف يريدون من العراقي ان يصدق أن أميركا جاءت لمساعدته؟؟
كل هذه الحماقات تسقط الثقة بين الطرفين. وتشجع على خيار العنف والكراهية.
متى ستأتي الثقة , ويبدأ العراقيون ببناء حياتهم ووطنهم من جديد...
حتى الذين في الفلوجة يريدون أن يحسوا بالثقة تجاه اميركا ونواياها حتى يرموا السلاح ويختاروا السلام والحوار..
هل تفهم أميركا هذا الكلام؟؟
هل يهمها ان تفهم كيف يفكر العراقي وماذا يريد؟؟
******************************************
العراق بحاجة الى إنتخابات وحكومة جديدة..
الحكومة الجديدة ينبغي أن يكون عندها رؤيا...
ماذا سنفعل, وكيف سنتصرف؟؟
أمريكا تبني معسكرات وقواعد في العراق..كانها تقول لنا لن نخرج قبل عشرات من السنوات, وربما مئات.
هذا يثير اعتراض الكثيرين وغضبهم, فيلجأون للعنف عسى أن يؤثر على قرار يقاء أمريكا هنا.ويعجل بخروجها.
الإنتخابات الأمريكية أيضا على الأبواب...
وكل من بوش وكيري ليس له رؤيا للعراق...
الإثنان تائهان ويتخبطان...
أربع سنوات جديدة ستأتي على العراق...أربع سنوات غامضات.
سواء ببقاء بوش أو مجيء كيري.
الوضع سيظل غامضا....لكن ربما كيري سيحاول تهدئة العنف, لسنا متأكدين, المسألة مجرد إحتمالات.
لكنا نتأمل منه إن جاء للسلطة, ألا يتبع خطوات يوش العدوانية, ولا يزيد الطين بلة, والوضع سوءا..
نريد ان نبني العراق, نريد أن نعيش بسلام وأمان, هذه أولوياتنا...
نتمنى أن تكون ثمة إنتخابات عراقية حرة نزيهة...وأن تأتي بقيادات عراقية جديدة...
قيادات نظيفة نزيهة تحب العراق والعراقيين...تجمعهم وتلم شملهم من جديد..
إن اضطرت ان تقف الى جانب الأمريكي , فإنها لا تنسى أنها جاءت للحكم لتساعد العراقيين وتدافع عنهم...
جاءت من العراقيين وللعراقيين, لتدافع عنهم وعن حقوقهم في أن يعيشوا حياة آمنه مستقرة حرة كريمة...
لو اضطرت وجلست للتحاور مع امريكي , فسيكون عليها لزاما أن توضح له : إن قلوبنا مع العراقيين,
ولن نضع أ يدينا في أيديكم الا لصالح عمل يفيد العراقيين...
لن نسمح لكم بقتلهم وهدم بيوتهم و لن نشارك في التوقيع على خططكم الأمنية ...وقصف المدن بالطائرات وسقوط مزيد من الضحايا تحت حجج شتى...
كل هذا كلام فارغ...
أنتم تقولون انكم هنا لمساعدة العراقيين...ونحن نريد أن تساعدونا, لا بمزيد من الجيوش والقتل والدمار...
ساعدونا لنبني حياتنا ووطننا...
بالطريقة التي ترضينا وتجعلنا مثلا مشرقا لغيرنا...
نريد الحرية والديمقراطية, ولا نريد العنف والقتل, ولا نظن انهما الطريق الصحيح.للوصول الى الغايات..
لم يكن يوما الطريق الى اهداف نبيلة يتحقق عن طريق أفعال بشعة وظالمة.
************************************
وأعود لأتذكر الجندي صاحب الخوذة
B-H-G..
.ثمة واحدة في داخلي تقول لي أنني ساذجة...
إنظري الى الجرحى والقتلى العراقيين, من يهتم بهم؟؟
المستشفيات تعاني من قلة الأدوية والأجهزة. الطبية المطلوبة لرعاية الناس.
والجندي الأمريكي الجريح تتلقاه عشرات الأيدي وتمد له يد العون...
هليكوبتر تنقله الى أقرب مستشفى في الشرق الأوسط أو أوروبا...
ويتلقى أفضل العناية والعلاج والدلال...
والعراقي المدني البائس الذي سقط ضحية بين المصادمات...لا يجد من يبالي به غير أهله..
لا مستشفى ولا ادوية ولا علاج...
ولا هليكوبتر ولا عربة يجرها حصان.... هه.
والشعب الأمريكي يظل يتساءل هناك : لماذا لا تهدأ امور العراق وحكومتنا تتصرف بحكمة وعدالة هناك...
تعالوا الى هنا وانظروا كيف هي الحكمة...وأين هي العدالة؟؟
فهذا شعب صاحب الأرض , وهذه قوات إحتلال اجنبية مسلحة. تتعامل بشراسة مع الشعب...
فكيف ستردمون هذه الفجوة الهائلة بينكم وبين العراقيين؟؟؟
فكروا معي بطريقة للخروج من هذا المأزق.....
طريقة تساعد على بناء الثقة بين الطرفين , وفتح صفحة جديدة...
***************************************
Thursday, October 14, 2004
Dear Faiza Al-Araji
I am writing on behalf of the whole "Letters to Americans" team and openDemocracy to thank you for contributing to our important project this year, and also to inform you that your letter has just been published on our site. You can view the exchange here: http://www.opendemocracy.net/
With my best wishes and warm regards
,Ying-Tzu Chen
http://us.f514.mail.yahoo.com/ym/Compose?To=ying-tze.chen@opendemocracy.net&YY=51997&order=down&sort=date&pos=0&view=a&head=b
I am writing on behalf of the whole "Letters to Americans" team and openDemocracy to thank you for contributing to our important project this year, and also to inform you that your letter has just been published on our site. You can view the exchange here: http://www.opendemocracy.net/
With my best wishes and warm regards
,Ying-Tzu Chen
http://us.f514.mail.yahoo.com/ym/Compose?To=ying-tze.chen@opendemocracy.net&YY=51997&order=down&sort=date&pos=0&view=a&head=b
Wednesday, October 13, 2004
hello all
I have put the last part of war diaries 2003, on the link.
I`ll put the translation after many days inshalla
have nice days.
faiza
I have put the last part of war diaries 2003, on the link.
I`ll put the translation after many days inshalla
have nice days.
faiza
Sunday, October 10, 2004
Sunday, October 3rd., 2004
Good evening….
This is the month of autumn…the sky is cloudy sometimes, but the weather isn't cold yet, nor the rain fell… perhaps by next month we'll see the cold and the rain, by the will of GOD…
This month holds special meanings for me…it contains the Birthdays of two of my sons, Khalid and Majid, in its last week. The age difference between them is four years and two days… when they were young, I used to arrange a joint birthday party…and when they grew up, they revolted, each wanting his private party, and invite his friends only. The selfishness of children is very funny…but it is the beginning of their personality's independence. And that is a positive aspect of this selfishness.
********************
In the last years they became grown young men, so they invited their friends in a restaurant or the club, in their birthdays. The house became no longer suitable a place for their meetings, laughters, stories, and secrets. I used to give them only the expanses of the invitation, a gift, and a beautiful musical card, with a drawing of roses, with a few words written inside, containing a Mother's love, and her beautiful wishes for her children of a happy life, and a successful future….they usually laugh, perhaps saying in their minds: Boring mother's words ….
But today I feel the sting of Majid's absence, with his birthday at the end of the month… I wish he would spend it with his new friends in Canada, hoping GOD would always save him, and grant him success, and happiness, wherever he is…..
Majid is the pampered little one….and parting with him is heavy on my heart…but I stick to patience…perhaps his life away from here is better for him than our daily life, filled with violence, killings, and blood….
I wish he would finish his studies, and come back to a settled, safe Iraq, so he could join in building a new country… a beautiful country…..
**********************************
I wonder how people change with time… does the circumstances change?? Or is it a matter of getting older, and a change of priorities??
I think the circumstances are the most influential reason… then the subjective factor of a persons own reaction. For I have seen in my life some people who lived the same way in life and thinking, regardless of the changing circumstances, but they were not influenced, and their inner world kept going by the same rhythm until they died….
I do not know whether this is a sign of stupidity, or strength??
***********************************
I was invited with Khalid last week to a wedding party for a relative's son at the Hunting Club. I hesitated a lot, for my mood did not welcome such partaking, I had no wish… and last week was eventful of bombings and violence… but Khalid said: Mama, don't be at fault, they will be upset, and you wouldn't be able to justify your absence…let's go, even if for half an hour… I reluctantly agreed….
The club is at the Princesses Street, which it is an old, beautiful, wide street, but the Villas in it are mostly new and modern…even the old ones are beautiful and characteristic.
Before we got to the club, there was a burned, black car on the curb, its doors were clearly defined, the rest of its parts weren't completely burned, and I didn't find out whether it was originally black in color, or the explosion had rendered it so, and changed its color… I knew there was a trapped car that blew up in this street two days ago, as it went through an American vehicles convoy that was passing the area… I do not know whether this was the trapped car, or it was the car of an Iraqi civilian victim?
I saw the black banners on the street corner, bearing the names of the victims, Iraqi civilians: a young man, (his name), and his nephews, (their names, so and so), Mr. (so and so), and his family, Mrs. (so and so), with her daughter and son, ….. I do not know…. Sadness shrouds my heart, and the hearts of all innocent Iraqis, who were forced into this black nightmare, without any fault…
************************************
We entered the club, Khalid and I, and asked the driver to come back for us in an hour…Music was surging out of the Hall, we entered, and saluted the Groom's family, wishing them happiness. Then we sat at the table that gathered the relatives… we have not seen each other in months…and we used to visit each other weekly… life after the war is no longer safe, we contact each other by phone, but do not meet each other frequently…even relationships became cold. As if separations have killed some beautiful things in them, yes, it has killed warmth and vitality.
I sat gazing at the newly weds, then at the circular dance floor in front of them, I did not have the feeling of joy and dazzlement in my heart, as I used to feel in the past… I used to attend weddings with a feeling of enthusiasm and happiness, saying to my self, this is a new family, and a nice, intimate relation between two, a man and a woman, I used to look upon them happily, joyfully, seeing in them a new experience, and wishing them all happiness, with all my heart…
But today, I do not know where did all my feelings go, evaporated?? Here I sit, in a daze…watching people and things…as if I am from another world…as if they are from another world…
The young men and women danced to the sounds of music and songs…they wore their prettiest clothes…had smiles on their faces, and laughter…perhaps they were hiding their fears behind it…perhaps they were trying to forget the hell in our daily life, with these noisy dances and laughter… or perhaps their young years, and fresh hearts, empty of experiences and sorrows, made them live moments of innocent joy, while they were unmindful of it.
I looked with a smile, but stifled the urge to cry in my chest… since when haven't we laughed, danced, or clapped?? We used to attend weddings here, join in the dace and laughter, talk and babble about every thing, with joyful hearts, not knowing what sorrows the days kept in store for us….
At the front of the hall, in a large, gilded line… a verse from a long poem was written, by Al-Jawahiri, GOD bless his sole, which he wrote in his exile, away from Iraq..
(I SALUTE YOUR BANKS, FROM FAR WAY, SO SALUTE ME BACK….
OH, TIGRIS, FULL OF OPULENCE, DROVER OF GROVES…).
I don't know why the tears crowded in my eyes, as I stared at those words. Words of love and longing, to a river, and a homeland….
What is left today of that homeland?? Where is that which they loved, and longed for??
***************************************
The Groom's mother came and sat by me… she said they had bought a lot of gold for the Bride, but today, due to the bad security conditions, will not enrobe her with it…they will have another party in a weeks time, at home, and present the gold to her…
I looked at her and smiled, said: My dear, who cares about gold these days…people want only safety, and the peace of mind…
No one really cared about appearances any more….
I remember…when I used to live in Amman, in the summer, there were so many weddings, for in the summer the expatriates come, the Jordanians and Palestinians, to get married with their parents… and of course, there had to be a Hall, a party, dinner, sweets, guests, and beautiful gowns and suites for the couple…
Then, there is a strange spectacle, some families perform, sometimes… the Groom's mother comes, carrying a tray, full of various pieces of golden jewelry… and start enrobing the Bride, in front of the guests… I used to feel ashamed of such conducts, while I looked on with people…
What does that mean?? We have bought you with a high price?? We boast in front of people with what we present to our Bride??
I do not know how these people think… if there was love and respect; it can be expressed in away devoid of boasting and show- offs, like this… I find this a manner far from truthfulness and transparency… I smell in it insincerity and flashing.
I thanked GOD they didn't do this here today, because of the bad security conditions.
*******************************************
Why do some people keep thinking in a naïve, foolish way, when expressing themselves in front of others?? Why do they tend to lies, hypocrisy, and glamorization of words and deeds?? I do not know…
As I move on in age…and my experiences increase … I realize that simplicity and clarity is a grand secret, owned by prophets, and the great ones… modesty and simplicity are the most beautiful of the human traits, and the most noble. Why wouldn't some people realize them, and keep on spinning in the eddy of tiring courtesies, that drags behind it hypocrisy, stupidity, and foolishness???
I don't know…
Is it a personal matter? Or some society rules that dictate themselves on the individual??
I believe that the freedom of thought is something that lives inside us, in our brain cells, first, and then spreads to the human's comprehension, his behaviors with others.
It's an internal, personal decision… a disengagement from silly matters that have been controlling our minds for a long time.
When we grow up, and become mature, we posses the ability to distinguish between silly things and beautiful, and do not remain as dumb parrots…
*****************************************
I breathed freely when we went outside, to the crowded streets… it was a Thursday evening, weddings were a plenty, because it will soon be Ramadan, the Fasting month…when weddings stop.
I smiled again from behind the car window, as I looked at the lights of commercial shops, the car lights, and heard the noises of pipes, songs, and clapping, coming from the wedding cars… here is a wedding procession…it is very crowded…
Then another…the traffic jam gets mixed up… I was not annoyed; at least we were stuck in a beautiful jam…full of Brides, songs, and laughter… I wish all traffic jams were like this….
Isn't it more merciful than a jam of ambulances, dead people, explosions, and American armors, pulling machine guns in you face??
***********************************
Two days later, my friends came to visit me in the shop… we talked quickly, asking about each other, and our news…then one of them asked, laughing: Did you hear the speeches of Bush and Ayyad Alawi in the Congress, and the white House?? I smiled and said: Yes.
She said: Did you hear?? They drew a picture of Iraq as if it is full of happiness and roses…
We all laughed…
**********************************
We went, my friends and I, to attend a lecture about Democracy, and the Elections. The lecturer was an Iraqi lady, who said she attended some work-shop discussions about the subject, and she'll explain it to us, so we could explain it to others.
She spoke about the meaning of the two words, and their relation with each other. Then she spoke about the methods of elections, and their traits, then the civil society and its role in elections, the relation of the civil society with the parties, and the danger in the party's dominance over the civil organizations.
Then the elements of elections, which are: The Base, The Candidates, and The Campaign; and the method of delivering a message of every candidate to convince the public…
She said The Base consists of three elements:
- -An Element who had fixed his opinion, his candidate, and sticks to him.
- An Element who decided not to vote.
- And an Element who is wavering, and he is the one to whom all invitations and debates are addressed, to convince him to vote for one of the candidates.
She said every candidate has a message, which he keeps repeating to people's attention until they memorize it…
I smiled........... imagining the poor American citizen these days…they all fight, and debate, giving him the headaches, as they try, each separately, to say he is completely right, and the other is completely wrong…and whoever votes for the opponent is a complete fool…
Ha, ha, ha…
A game that gives people the headaches…as if you are in a Bazaar…each is calling for his merchandise, wanting to sell it more than the others.
But people's lives and destinies are decided here…inside this chaos, shouting, and headache-promoting noise…
I don't know…as if I see the propaganda, the competition, and the debates, are subjected to a lot of acting, and show-offs, more than honesty, calmness, and rationality.
The media plays its role here…where truth gets mingled with lies, justice with false…and facts get lost.
A very dangerous game….this is Democracy.
And the bad people could maneuver it, because they play like jugglers, in a circus. And the audiences are poor….who could easily be tricked.
***********************************************
I buy the newspaper everyday…and I don't read it. Then, a week or more later, I open them, one by one, according to date, and start reading… and by GOD, I discovered that this method is very smoothing to nerves.
First of all, it eases away the daily tension that grips you when you read the everyday news … and burns your nerves.
And by then, a week later, it becomes old, but the accumulation is useful, as it completes painting a picture of the events, and which way they are moving…
So, reading the newspaper becomes a useful, fruitful event…not a passing one, which you throw aside, and forget quickly.
****************************************
I always noticed some implying to the presence of Arabs, or Iranians, after each hot event, in Fallujah, Sammarra, Haifa st, and other places… except in Najaf, and the southern cities. This story can't be sold…for there is another explanation for the clashes with Al-Sadder, and Al-Mahdi Army…(they want to build a model of the Iranian leaders in Iraq).
That is a naïve story, and whoever lives in Iraq laughs when he hears it, because they know it does not concert with the nature of Iraqis, and their view point to matters…but it frightens the American citizen, and he believes it.
The Iraqis do not have an extremist vision of religion, as do the Iranians. It is the nature of the people there, in Iran, that they love worshiping the religious personals, and exaggerate in this worship. As the way they look upon Imam Ali, Hussein, and Fatima, (may the peace of GOD be upon them all).
They have this great love, as if it is a worship of these religious symbols, and they have habits, like striking their faces, and knocking their heads with iron, and so on, in the anniversary of Imam Hussein's martyrdom, (peace be upon him).
At the times of the Shah, he was trying to erect a European model in Iran...but the Khomeini's revolution, after years of the Shah's dictatorship, and his injustice to the people, came as a violent reaction to the Shah, his policies, and his directions...
So, the masses of people rallied around the new religious leadership…and a dissension began, between a moderate religious faction, and another, an extremist.
The scale is still trying to balance…..
In Iraq, it is different….
Saddam Hussein fell, and the Iraqis did not seek a religious leadership like Iran… the Iraqis have a moderate temperament in religion…not extremist, nor exaggerated. Neither like the extremist Shi'aa in Iran, nor the extremists Wahabis in Saudi Arabia.
Yes, historically, the Iraqis respected their religious leaderships, but they never made Political leaders out of them.
They were spiritual leaders, but without politics.
This is how the reality is here….
Even when I read the Iraqis revolution's history against the British imperialism, I found a spiritual, religious leadership, in Najaf, like the Sistani's is today. And I found a national leadership, of politicians, and party men, working to fulfill the Iraqi people's hopes, and these leaderships meet, every now and then, each respecting the presence of each other, and co-coordinating together, to the best interests of the Iraqis, and Iraq.
The books of Dr. Ali Al-Wardi, and Abdul-Razzaq Al-Hassani are my references.
Why would America want to convince the world, that there are some clerics, like Al-Sadder, who hate democracy, or anything good, to Iraq and the Iraqis, and that these leaderships must be eliminated, or, put down to scale??? Why do they say that these leaderships want to reproduce the Iranian sample, here?? Who said so??
This is like the story of the civil war, that they want for it to start in Iraq, everyday…in vain.
These seem to be the illusions in Bush's administration's heads…as he strikes the opposition here, heaping accusations upon them, fabricated in his mind. And the people in America believe him, and support him, saying to him: We are with you, we don't want the Iranian sample in Iraq.
But who said the Iraqis want the Iranian sample in Iraq??? Who ever spoke so???
Even Al- Sadder in his speeches did not portray himself as a political leader of Iraq. The man spoke of the homeland, the occupation army, and perhaps he said that resisting the occupation is legitimate, perhaps he was honest, and doesn't want personal benefits, or maybe he wants to put pressure to gain a post, or a representation percentage in the Parliament, or so…
Why wouldn't they allow someone like him to have an existence in the Parliament, and the next elections? Doesn't he represent a faction of Iraqis?
Even if they were a faction less educated, and has less of a vision than others, time is capable of developing such factions, or eliminating them from existence, people learn their experience with days, and choose the better leaders… that is how the process of maturing people's experiences goes on, all along human history…
Why wouldn't we allow a percentage of seats to the people of Fallujah, Sammarra, Ramadi, and others? Why do we attack, kill, and change town's maps, and elections?? Why would they come up with declarations, that the highly- tension areas will be excluded from the elections.
Is it logical that the whole Parliament, and the coming Iraqi government, all of them support Bush's view point in life??
This is an injustice….and Democracy means justice. This is stupidity, an increase of violence, tension, and a runaway…
In order to absorb anger and violence, give the other party a chance to express himself, do not oppress or kill him, thinking you have eliminated evil… more likely you have created evil, and gave it the strength against you… day by day, violence will increase…and problems shall not be solved, but rather will be more complex, by stupidity and stubbornness…
If you do not give a chance to the opposition to speak up, and have a dialogue with them, you might as well have pushed it to the paths of evil and darkness… as was the case in Chechnya against Russia, and the extremist Palestinian formations, that appeared on the field, after all attempts of logical dialogue between the Palestinians and the israili government failed, a government as frozen as Bush and his stiff mentality, and his lack of ability to absorb the presence of the ''Other""…. He controls the media, speaks about himself and the ""Other""…accusing his opponents of always being criminals, dark people, who wouldn't want Democracy, or freedom… and the events of September is the fruit of a stupid policy, which created enemies, whose number and size can't be counted…
The fruit of a stupid policy, and here is the world paying its price in more victims, and endless violence…
Violence gets more violence…and dialogue isn't weakness….dialogue is strength. Dialogue opens the doors to peace…and peace is a victory to all humans…
In my mind now, I thought of : The Noble Peace Prize… why wouldn't they start a prize for those who wage wars?? Because they are fools…and plenty, and the way of war is easy, and a rushing, foolish, decision…
But the way of peace, as the way of virtue, is hard and difficult to cross, and only great ones and geniuses can go through it…. Making by that a bright history for humanity.
***************************************
Why wouldn't America solve matters in a rational, quiet, diplomatic way??
Why does she hold the heavy stick, and hit whoever stands in opposition against her, accusing them with false charges?? Isn't that a weakness, and lack of wisdom in running things??
Is the manner of hitting and violence a civilized manner, in facing the ""other""??
The lady in the lecture said about Democracy: It teaches us how to respect the other opinion… yes, this is the theory, but the reality here is something different…
Here, the American Democracy is: How to destroy the other opinion, and how to wipe it out of existence, by all means…… and the Bush reason is always: they are extremists, who hate us…
Oh, my GOD…who is the extremist?? Who started the violence, the hurt, the " in advance hits"??
The style of the American Administration is distrusting the other…heaping accusations against him, then hitting him, and destroying him.
Is this the Democracy??
I think America is in a fix… where are the beautiful theories, and what were their connection to this painful, ugly, reality the world is living through, because of the bad policies, bad management, and the unlimited aggression against the other…. These conducts indicate a defeated, abortive mentality….like the mentality of Saddam Hussein.
That who is sure of himself, wins the battle quietly, without destroying and disfiguring the opponent…opening the door of dialogue with the other, because he is strong, and full of confidence in himself.
And the loser raises storms to win the round, by terrorizing the others, frightening them, and closing their mouths.
*****************************************
Going back to the story of the Arabs and Iranians in Fallujah, or Sammarra, or the other hot spots. After each American bombing of these towns, or clashes and campaign, the newspapers come out with headlines like: The capture of a number of Syrians, Yamane, and Iranians. That, of course, is in addition to the Invisible Man: Al-Zarqawi, and his gang.
Of course, up till now, we saw no one, either on TV., or in the newspapers, no real faces, no real people who would say they were from Al-Zarqawi gang, or Iranians, or whatever, and would confess their crimes in front of people.
Nothing but mock web sites, and silly, naïve letters, signed by this and that.
Every person can start a web site, and say whatever he wants…shall we believe all this gibbering??
************************
This week I started understanding these stories…
Someone wants to circulate, in America and the world, that these clashes and problems has nothing to do with the Iraqis, that there are some scum of mercenaries or lunatics, who call themselves Mujahideen, who came here to fight America…as for the Iraqis, they are in a state of harmony and contentedness with the occupation forces, no resistance, and no clashes.
Yes, there might be some truth in part of this theory, that America promotes, and work to maintain, by keeping the uncontrolled state of the boarders…where there are no security forces, nor order there, since the occupation of Iraq till now…the boarders are a loose, ignored, uncontrolled area. There is no presence of an American, nor Iraqi, strong force.
So, the situation looks deliberate now….they want to open the boarders to everyone who wants to confront America and fight her, here in Iraq, this new battle zone, so, why go to far away America??
We get two birds by one stone….we confirm our existence in Iraq, with the ploy of fighting terrorism, and control the fate of all the states of the region. And protect America and its people, from terrorism and its people. ( There are two more birds in the story: Iraqi Oil, the free treasure, and protecting the loved, pampered Israel)…ha, ha, ha….
As for the miserable Iraqis who would fall victims to this vicious plans, well, who cares about them?? Who shall count them?? Who will defend them, and stop their bleeding???
No one, of course…
We are an escape goat, so that America, and its people could live in peace, and sleep soundly. And let death and destruction be ours….and happiness and calmness be theirs.
But Bush covers all this by weeping for us, that he wants the shining future and democracy for us, and he must accomplish that one day….so, we should be patient, and wait….
*******************************************
As for the kidnapping gangs, killings, and beheadings on the internet…and the daily trapped cars…the killings of the new recruiters in the Iraqi Police and Army…these are a two-edged weapon… they prove Bush's inability to control the situation, if his enemies were behind them. And at the same time, he uses them to his advantage, a pretext to remain here and clean Iraq of terrorism..
Who opened the doors of hell, and brought them here?? It seems that Bush's plan is to trick them here…making Iraq the area of terrorism, instead of America.
And in all possibilities…the Iraqi people remain the sole loser…and the victim……
************************************
Kerry says America is building 14 military bases in Iraq, and the Middle East…
I put my hand to my cheek, and smile…will these bases remain forever?? Shall we always remain like this, to justify the remaining of the bases?? When will we build an independent Iraq, with Iraqi eyes, and Iraqi hands??
Shall Iraq remain an American colony?? Will they keep interfering in our affairs, every thing big or small in our lives, explaining things by their moods??
And what shall the Iraqis do when they hear this good news?? Will they sleep, or escalate their resistance?? Who shall win, who shall lose??
I don't know….. The wisdom of President Bush and his administration has always made me wonder…. For I find no answers to my questions…
*****************************************
The traditional Americans, of old age, or those who wouldn't like accepting new viewpoints, or those who still believe America is the master of the world, and would not make mistakes…those would choose Bush again. And the rational faction, the wiser, the more mature, shall choose Kerry, even though they know he didn't submit a clear program…but they choose him under the notion of choosing the (less evil), assuming he wouldn't commit more evils than Bush…
Most of the Iraqis salute this faction, because they posses a human sensitivity, with the daily sufferings and anguish of the Iraqis…because they look upon the matter that there are people who get hurt, and is paying for the follies of others…their lives has turned into hell, death, murder, and blood every day…and criminals of various types filling the streets. Their lives are sour… and a gloomy, ambiguous future looms on the horizon…and Bush shouts and repeats that everything is moving all right and well, that he is sure of the success of his plan…
A man drowning in dreams there…and people are drowning in hell here.…
This is the reality of the matter….
************************************
Yesterday, Bremer, the military governor of Iraq after the fall of Baghdad, was talking to the press in America, about his experience in Iraq, that some shortcoming occurred in controlling the security, and the absence of law… that he demanded more troops from the American Administration, to enforce the order…but the Administration didn't grant him that….
We here in Baghdad lived that experience with him, and have seen it with a different eye….
There was no shortage of troops…the streets were full of tanks, Humvees, and soldiers…the sky full of fighter planes, and several types of Helicopters…nevertheless, chaos ruled Iraq…looting, stealing, and assassinations…
And what were Bremer's priorities?? De-rooting the Ba'ath from the state… discharging General Managers and University Professors from their jobs, because they were Ba'athiees…then disbanding the Army and Police forces, and forming long lines of unemployed in the streets…shouting and calling for retirement salaries to feed their families… these long lines were the suitable seeds for criminals and outlaws to blossom from.
Then he opened the doors of hatreds between Iraqis… instead of helping them to gather themselves, and solve their pre-war problems…he opened the door of strife and malice….(I wrote about that in my war Diaries). Then, with time, after some months, he changed his mind, and started re-employing Ba'athiees again in state jobs. And the Iraqi Police always vows that they capture thieves and murderers, then the American army comes, and turns them loose in the morning…where did they get these instructions???
I would like these questions to be addressed to Bremer…
Who takes responsibility for these grave mistakes??? Is he the author of these thoughts and initiatives, or the instructions used to come from Washington???
I wish the journalists would come here, meet the Iraqi Policemen, and the local Municipal council Members…to tell them about the instructions, and how they were in Bremer's time….and up till now….
This gap between us and the American Media, is used by the Bush Administration, to tell colorful stories…
Come here, and listen to the true stories…
How do we remove the veil from your eyes, and show you the truth?? And there are thousands upon thousands of miles between us….and this is to the advantage of those who wouldn't want you to know the truth….
But you shall…sooner or later…
*********************************************
Translated by May/ Baghdad.
Good evening….
This is the month of autumn…the sky is cloudy sometimes, but the weather isn't cold yet, nor the rain fell… perhaps by next month we'll see the cold and the rain, by the will of GOD…
This month holds special meanings for me…it contains the Birthdays of two of my sons, Khalid and Majid, in its last week. The age difference between them is four years and two days… when they were young, I used to arrange a joint birthday party…and when they grew up, they revolted, each wanting his private party, and invite his friends only. The selfishness of children is very funny…but it is the beginning of their personality's independence. And that is a positive aspect of this selfishness.
********************
In the last years they became grown young men, so they invited their friends in a restaurant or the club, in their birthdays. The house became no longer suitable a place for their meetings, laughters, stories, and secrets. I used to give them only the expanses of the invitation, a gift, and a beautiful musical card, with a drawing of roses, with a few words written inside, containing a Mother's love, and her beautiful wishes for her children of a happy life, and a successful future….they usually laugh, perhaps saying in their minds: Boring mother's words ….
But today I feel the sting of Majid's absence, with his birthday at the end of the month… I wish he would spend it with his new friends in Canada, hoping GOD would always save him, and grant him success, and happiness, wherever he is…..
Majid is the pampered little one….and parting with him is heavy on my heart…but I stick to patience…perhaps his life away from here is better for him than our daily life, filled with violence, killings, and blood….
I wish he would finish his studies, and come back to a settled, safe Iraq, so he could join in building a new country… a beautiful country…..
**********************************
I wonder how people change with time… does the circumstances change?? Or is it a matter of getting older, and a change of priorities??
I think the circumstances are the most influential reason… then the subjective factor of a persons own reaction. For I have seen in my life some people who lived the same way in life and thinking, regardless of the changing circumstances, but they were not influenced, and their inner world kept going by the same rhythm until they died….
I do not know whether this is a sign of stupidity, or strength??
***********************************
I was invited with Khalid last week to a wedding party for a relative's son at the Hunting Club. I hesitated a lot, for my mood did not welcome such partaking, I had no wish… and last week was eventful of bombings and violence… but Khalid said: Mama, don't be at fault, they will be upset, and you wouldn't be able to justify your absence…let's go, even if for half an hour… I reluctantly agreed….
The club is at the Princesses Street, which it is an old, beautiful, wide street, but the Villas in it are mostly new and modern…even the old ones are beautiful and characteristic.
Before we got to the club, there was a burned, black car on the curb, its doors were clearly defined, the rest of its parts weren't completely burned, and I didn't find out whether it was originally black in color, or the explosion had rendered it so, and changed its color… I knew there was a trapped car that blew up in this street two days ago, as it went through an American vehicles convoy that was passing the area… I do not know whether this was the trapped car, or it was the car of an Iraqi civilian victim?
I saw the black banners on the street corner, bearing the names of the victims, Iraqi civilians: a young man, (his name), and his nephews, (their names, so and so), Mr. (so and so), and his family, Mrs. (so and so), with her daughter and son, ….. I do not know…. Sadness shrouds my heart, and the hearts of all innocent Iraqis, who were forced into this black nightmare, without any fault…
************************************
We entered the club, Khalid and I, and asked the driver to come back for us in an hour…Music was surging out of the Hall, we entered, and saluted the Groom's family, wishing them happiness. Then we sat at the table that gathered the relatives… we have not seen each other in months…and we used to visit each other weekly… life after the war is no longer safe, we contact each other by phone, but do not meet each other frequently…even relationships became cold. As if separations have killed some beautiful things in them, yes, it has killed warmth and vitality.
I sat gazing at the newly weds, then at the circular dance floor in front of them, I did not have the feeling of joy and dazzlement in my heart, as I used to feel in the past… I used to attend weddings with a feeling of enthusiasm and happiness, saying to my self, this is a new family, and a nice, intimate relation between two, a man and a woman, I used to look upon them happily, joyfully, seeing in them a new experience, and wishing them all happiness, with all my heart…
But today, I do not know where did all my feelings go, evaporated?? Here I sit, in a daze…watching people and things…as if I am from another world…as if they are from another world…
The young men and women danced to the sounds of music and songs…they wore their prettiest clothes…had smiles on their faces, and laughter…perhaps they were hiding their fears behind it…perhaps they were trying to forget the hell in our daily life, with these noisy dances and laughter… or perhaps their young years, and fresh hearts, empty of experiences and sorrows, made them live moments of innocent joy, while they were unmindful of it.
I looked with a smile, but stifled the urge to cry in my chest… since when haven't we laughed, danced, or clapped?? We used to attend weddings here, join in the dace and laughter, talk and babble about every thing, with joyful hearts, not knowing what sorrows the days kept in store for us….
At the front of the hall, in a large, gilded line… a verse from a long poem was written, by Al-Jawahiri, GOD bless his sole, which he wrote in his exile, away from Iraq..
(I SALUTE YOUR BANKS, FROM FAR WAY, SO SALUTE ME BACK….
OH, TIGRIS, FULL OF OPULENCE, DROVER OF GROVES…).
I don't know why the tears crowded in my eyes, as I stared at those words. Words of love and longing, to a river, and a homeland….
What is left today of that homeland?? Where is that which they loved, and longed for??
***************************************
The Groom's mother came and sat by me… she said they had bought a lot of gold for the Bride, but today, due to the bad security conditions, will not enrobe her with it…they will have another party in a weeks time, at home, and present the gold to her…
I looked at her and smiled, said: My dear, who cares about gold these days…people want only safety, and the peace of mind…
No one really cared about appearances any more….
I remember…when I used to live in Amman, in the summer, there were so many weddings, for in the summer the expatriates come, the Jordanians and Palestinians, to get married with their parents… and of course, there had to be a Hall, a party, dinner, sweets, guests, and beautiful gowns and suites for the couple…
Then, there is a strange spectacle, some families perform, sometimes… the Groom's mother comes, carrying a tray, full of various pieces of golden jewelry… and start enrobing the Bride, in front of the guests… I used to feel ashamed of such conducts, while I looked on with people…
What does that mean?? We have bought you with a high price?? We boast in front of people with what we present to our Bride??
I do not know how these people think… if there was love and respect; it can be expressed in away devoid of boasting and show- offs, like this… I find this a manner far from truthfulness and transparency… I smell in it insincerity and flashing.
I thanked GOD they didn't do this here today, because of the bad security conditions.
*******************************************
Why do some people keep thinking in a naïve, foolish way, when expressing themselves in front of others?? Why do they tend to lies, hypocrisy, and glamorization of words and deeds?? I do not know…
As I move on in age…and my experiences increase … I realize that simplicity and clarity is a grand secret, owned by prophets, and the great ones… modesty and simplicity are the most beautiful of the human traits, and the most noble. Why wouldn't some people realize them, and keep on spinning in the eddy of tiring courtesies, that drags behind it hypocrisy, stupidity, and foolishness???
I don't know…
Is it a personal matter? Or some society rules that dictate themselves on the individual??
I believe that the freedom of thought is something that lives inside us, in our brain cells, first, and then spreads to the human's comprehension, his behaviors with others.
It's an internal, personal decision… a disengagement from silly matters that have been controlling our minds for a long time.
When we grow up, and become mature, we posses the ability to distinguish between silly things and beautiful, and do not remain as dumb parrots…
*****************************************
I breathed freely when we went outside, to the crowded streets… it was a Thursday evening, weddings were a plenty, because it will soon be Ramadan, the Fasting month…when weddings stop.
I smiled again from behind the car window, as I looked at the lights of commercial shops, the car lights, and heard the noises of pipes, songs, and clapping, coming from the wedding cars… here is a wedding procession…it is very crowded…
Then another…the traffic jam gets mixed up… I was not annoyed; at least we were stuck in a beautiful jam…full of Brides, songs, and laughter… I wish all traffic jams were like this….
Isn't it more merciful than a jam of ambulances, dead people, explosions, and American armors, pulling machine guns in you face??
***********************************
Two days later, my friends came to visit me in the shop… we talked quickly, asking about each other, and our news…then one of them asked, laughing: Did you hear the speeches of Bush and Ayyad Alawi in the Congress, and the white House?? I smiled and said: Yes.
She said: Did you hear?? They drew a picture of Iraq as if it is full of happiness and roses…
We all laughed…
**********************************
We went, my friends and I, to attend a lecture about Democracy, and the Elections. The lecturer was an Iraqi lady, who said she attended some work-shop discussions about the subject, and she'll explain it to us, so we could explain it to others.
She spoke about the meaning of the two words, and their relation with each other. Then she spoke about the methods of elections, and their traits, then the civil society and its role in elections, the relation of the civil society with the parties, and the danger in the party's dominance over the civil organizations.
Then the elements of elections, which are: The Base, The Candidates, and The Campaign; and the method of delivering a message of every candidate to convince the public…
She said The Base consists of three elements:
- -An Element who had fixed his opinion, his candidate, and sticks to him.
- An Element who decided not to vote.
- And an Element who is wavering, and he is the one to whom all invitations and debates are addressed, to convince him to vote for one of the candidates.
She said every candidate has a message, which he keeps repeating to people's attention until they memorize it…
I smiled........... imagining the poor American citizen these days…they all fight, and debate, giving him the headaches, as they try, each separately, to say he is completely right, and the other is completely wrong…and whoever votes for the opponent is a complete fool…
Ha, ha, ha…
A game that gives people the headaches…as if you are in a Bazaar…each is calling for his merchandise, wanting to sell it more than the others.
But people's lives and destinies are decided here…inside this chaos, shouting, and headache-promoting noise…
I don't know…as if I see the propaganda, the competition, and the debates, are subjected to a lot of acting, and show-offs, more than honesty, calmness, and rationality.
The media plays its role here…where truth gets mingled with lies, justice with false…and facts get lost.
A very dangerous game….this is Democracy.
And the bad people could maneuver it, because they play like jugglers, in a circus. And the audiences are poor….who could easily be tricked.
***********************************************
I buy the newspaper everyday…and I don't read it. Then, a week or more later, I open them, one by one, according to date, and start reading… and by GOD, I discovered that this method is very smoothing to nerves.
First of all, it eases away the daily tension that grips you when you read the everyday news … and burns your nerves.
And by then, a week later, it becomes old, but the accumulation is useful, as it completes painting a picture of the events, and which way they are moving…
So, reading the newspaper becomes a useful, fruitful event…not a passing one, which you throw aside, and forget quickly.
****************************************
I always noticed some implying to the presence of Arabs, or Iranians, after each hot event, in Fallujah, Sammarra, Haifa st, and other places… except in Najaf, and the southern cities. This story can't be sold…for there is another explanation for the clashes with Al-Sadder, and Al-Mahdi Army…(they want to build a model of the Iranian leaders in Iraq).
That is a naïve story, and whoever lives in Iraq laughs when he hears it, because they know it does not concert with the nature of Iraqis, and their view point to matters…but it frightens the American citizen, and he believes it.
The Iraqis do not have an extremist vision of religion, as do the Iranians. It is the nature of the people there, in Iran, that they love worshiping the religious personals, and exaggerate in this worship. As the way they look upon Imam Ali, Hussein, and Fatima, (may the peace of GOD be upon them all).
They have this great love, as if it is a worship of these religious symbols, and they have habits, like striking their faces, and knocking their heads with iron, and so on, in the anniversary of Imam Hussein's martyrdom, (peace be upon him).
At the times of the Shah, he was trying to erect a European model in Iran...but the Khomeini's revolution, after years of the Shah's dictatorship, and his injustice to the people, came as a violent reaction to the Shah, his policies, and his directions...
So, the masses of people rallied around the new religious leadership…and a dissension began, between a moderate religious faction, and another, an extremist.
The scale is still trying to balance…..
In Iraq, it is different….
Saddam Hussein fell, and the Iraqis did not seek a religious leadership like Iran… the Iraqis have a moderate temperament in religion…not extremist, nor exaggerated. Neither like the extremist Shi'aa in Iran, nor the extremists Wahabis in Saudi Arabia.
Yes, historically, the Iraqis respected their religious leaderships, but they never made Political leaders out of them.
They were spiritual leaders, but without politics.
This is how the reality is here….
Even when I read the Iraqis revolution's history against the British imperialism, I found a spiritual, religious leadership, in Najaf, like the Sistani's is today. And I found a national leadership, of politicians, and party men, working to fulfill the Iraqi people's hopes, and these leaderships meet, every now and then, each respecting the presence of each other, and co-coordinating together, to the best interests of the Iraqis, and Iraq.
The books of Dr. Ali Al-Wardi, and Abdul-Razzaq Al-Hassani are my references.
Why would America want to convince the world, that there are some clerics, like Al-Sadder, who hate democracy, or anything good, to Iraq and the Iraqis, and that these leaderships must be eliminated, or, put down to scale??? Why do they say that these leaderships want to reproduce the Iranian sample, here?? Who said so??
This is like the story of the civil war, that they want for it to start in Iraq, everyday…in vain.
These seem to be the illusions in Bush's administration's heads…as he strikes the opposition here, heaping accusations upon them, fabricated in his mind. And the people in America believe him, and support him, saying to him: We are with you, we don't want the Iranian sample in Iraq.
But who said the Iraqis want the Iranian sample in Iraq??? Who ever spoke so???
Even Al- Sadder in his speeches did not portray himself as a political leader of Iraq. The man spoke of the homeland, the occupation army, and perhaps he said that resisting the occupation is legitimate, perhaps he was honest, and doesn't want personal benefits, or maybe he wants to put pressure to gain a post, or a representation percentage in the Parliament, or so…
Why wouldn't they allow someone like him to have an existence in the Parliament, and the next elections? Doesn't he represent a faction of Iraqis?
Even if they were a faction less educated, and has less of a vision than others, time is capable of developing such factions, or eliminating them from existence, people learn their experience with days, and choose the better leaders… that is how the process of maturing people's experiences goes on, all along human history…
Why wouldn't we allow a percentage of seats to the people of Fallujah, Sammarra, Ramadi, and others? Why do we attack, kill, and change town's maps, and elections?? Why would they come up with declarations, that the highly- tension areas will be excluded from the elections.
Is it logical that the whole Parliament, and the coming Iraqi government, all of them support Bush's view point in life??
This is an injustice….and Democracy means justice. This is stupidity, an increase of violence, tension, and a runaway…
In order to absorb anger and violence, give the other party a chance to express himself, do not oppress or kill him, thinking you have eliminated evil… more likely you have created evil, and gave it the strength against you… day by day, violence will increase…and problems shall not be solved, but rather will be more complex, by stupidity and stubbornness…
If you do not give a chance to the opposition to speak up, and have a dialogue with them, you might as well have pushed it to the paths of evil and darkness… as was the case in Chechnya against Russia, and the extremist Palestinian formations, that appeared on the field, after all attempts of logical dialogue between the Palestinians and the israili government failed, a government as frozen as Bush and his stiff mentality, and his lack of ability to absorb the presence of the ''Other""…. He controls the media, speaks about himself and the ""Other""…accusing his opponents of always being criminals, dark people, who wouldn't want Democracy, or freedom… and the events of September is the fruit of a stupid policy, which created enemies, whose number and size can't be counted…
The fruit of a stupid policy, and here is the world paying its price in more victims, and endless violence…
Violence gets more violence…and dialogue isn't weakness….dialogue is strength. Dialogue opens the doors to peace…and peace is a victory to all humans…
In my mind now, I thought of : The Noble Peace Prize… why wouldn't they start a prize for those who wage wars?? Because they are fools…and plenty, and the way of war is easy, and a rushing, foolish, decision…
But the way of peace, as the way of virtue, is hard and difficult to cross, and only great ones and geniuses can go through it…. Making by that a bright history for humanity.
***************************************
Why wouldn't America solve matters in a rational, quiet, diplomatic way??
Why does she hold the heavy stick, and hit whoever stands in opposition against her, accusing them with false charges?? Isn't that a weakness, and lack of wisdom in running things??
Is the manner of hitting and violence a civilized manner, in facing the ""other""??
The lady in the lecture said about Democracy: It teaches us how to respect the other opinion… yes, this is the theory, but the reality here is something different…
Here, the American Democracy is: How to destroy the other opinion, and how to wipe it out of existence, by all means…… and the Bush reason is always: they are extremists, who hate us…
Oh, my GOD…who is the extremist?? Who started the violence, the hurt, the " in advance hits"??
The style of the American Administration is distrusting the other…heaping accusations against him, then hitting him, and destroying him.
Is this the Democracy??
I think America is in a fix… where are the beautiful theories, and what were their connection to this painful, ugly, reality the world is living through, because of the bad policies, bad management, and the unlimited aggression against the other…. These conducts indicate a defeated, abortive mentality….like the mentality of Saddam Hussein.
That who is sure of himself, wins the battle quietly, without destroying and disfiguring the opponent…opening the door of dialogue with the other, because he is strong, and full of confidence in himself.
And the loser raises storms to win the round, by terrorizing the others, frightening them, and closing their mouths.
*****************************************
Going back to the story of the Arabs and Iranians in Fallujah, or Sammarra, or the other hot spots. After each American bombing of these towns, or clashes and campaign, the newspapers come out with headlines like: The capture of a number of Syrians, Yamane, and Iranians. That, of course, is in addition to the Invisible Man: Al-Zarqawi, and his gang.
Of course, up till now, we saw no one, either on TV., or in the newspapers, no real faces, no real people who would say they were from Al-Zarqawi gang, or Iranians, or whatever, and would confess their crimes in front of people.
Nothing but mock web sites, and silly, naïve letters, signed by this and that.
Every person can start a web site, and say whatever he wants…shall we believe all this gibbering??
************************
This week I started understanding these stories…
Someone wants to circulate, in America and the world, that these clashes and problems has nothing to do with the Iraqis, that there are some scum of mercenaries or lunatics, who call themselves Mujahideen, who came here to fight America…as for the Iraqis, they are in a state of harmony and contentedness with the occupation forces, no resistance, and no clashes.
Yes, there might be some truth in part of this theory, that America promotes, and work to maintain, by keeping the uncontrolled state of the boarders…where there are no security forces, nor order there, since the occupation of Iraq till now…the boarders are a loose, ignored, uncontrolled area. There is no presence of an American, nor Iraqi, strong force.
So, the situation looks deliberate now….they want to open the boarders to everyone who wants to confront America and fight her, here in Iraq, this new battle zone, so, why go to far away America??
We get two birds by one stone….we confirm our existence in Iraq, with the ploy of fighting terrorism, and control the fate of all the states of the region. And protect America and its people, from terrorism and its people. ( There are two more birds in the story: Iraqi Oil, the free treasure, and protecting the loved, pampered Israel)…ha, ha, ha….
As for the miserable Iraqis who would fall victims to this vicious plans, well, who cares about them?? Who shall count them?? Who will defend them, and stop their bleeding???
No one, of course…
We are an escape goat, so that America, and its people could live in peace, and sleep soundly. And let death and destruction be ours….and happiness and calmness be theirs.
But Bush covers all this by weeping for us, that he wants the shining future and democracy for us, and he must accomplish that one day….so, we should be patient, and wait….
*******************************************
As for the kidnapping gangs, killings, and beheadings on the internet…and the daily trapped cars…the killings of the new recruiters in the Iraqi Police and Army…these are a two-edged weapon… they prove Bush's inability to control the situation, if his enemies were behind them. And at the same time, he uses them to his advantage, a pretext to remain here and clean Iraq of terrorism..
Who opened the doors of hell, and brought them here?? It seems that Bush's plan is to trick them here…making Iraq the area of terrorism, instead of America.
And in all possibilities…the Iraqi people remain the sole loser…and the victim……
************************************
Kerry says America is building 14 military bases in Iraq, and the Middle East…
I put my hand to my cheek, and smile…will these bases remain forever?? Shall we always remain like this, to justify the remaining of the bases?? When will we build an independent Iraq, with Iraqi eyes, and Iraqi hands??
Shall Iraq remain an American colony?? Will they keep interfering in our affairs, every thing big or small in our lives, explaining things by their moods??
And what shall the Iraqis do when they hear this good news?? Will they sleep, or escalate their resistance?? Who shall win, who shall lose??
I don't know….. The wisdom of President Bush and his administration has always made me wonder…. For I find no answers to my questions…
*****************************************
The traditional Americans, of old age, or those who wouldn't like accepting new viewpoints, or those who still believe America is the master of the world, and would not make mistakes…those would choose Bush again. And the rational faction, the wiser, the more mature, shall choose Kerry, even though they know he didn't submit a clear program…but they choose him under the notion of choosing the (less evil), assuming he wouldn't commit more evils than Bush…
Most of the Iraqis salute this faction, because they posses a human sensitivity, with the daily sufferings and anguish of the Iraqis…because they look upon the matter that there are people who get hurt, and is paying for the follies of others…their lives has turned into hell, death, murder, and blood every day…and criminals of various types filling the streets. Their lives are sour… and a gloomy, ambiguous future looms on the horizon…and Bush shouts and repeats that everything is moving all right and well, that he is sure of the success of his plan…
A man drowning in dreams there…and people are drowning in hell here.…
This is the reality of the matter….
************************************
Yesterday, Bremer, the military governor of Iraq after the fall of Baghdad, was talking to the press in America, about his experience in Iraq, that some shortcoming occurred in controlling the security, and the absence of law… that he demanded more troops from the American Administration, to enforce the order…but the Administration didn't grant him that….
We here in Baghdad lived that experience with him, and have seen it with a different eye….
There was no shortage of troops…the streets were full of tanks, Humvees, and soldiers…the sky full of fighter planes, and several types of Helicopters…nevertheless, chaos ruled Iraq…looting, stealing, and assassinations…
And what were Bremer's priorities?? De-rooting the Ba'ath from the state… discharging General Managers and University Professors from their jobs, because they were Ba'athiees…then disbanding the Army and Police forces, and forming long lines of unemployed in the streets…shouting and calling for retirement salaries to feed their families… these long lines were the suitable seeds for criminals and outlaws to blossom from.
Then he opened the doors of hatreds between Iraqis… instead of helping them to gather themselves, and solve their pre-war problems…he opened the door of strife and malice….(I wrote about that in my war Diaries). Then, with time, after some months, he changed his mind, and started re-employing Ba'athiees again in state jobs. And the Iraqi Police always vows that they capture thieves and murderers, then the American army comes, and turns them loose in the morning…where did they get these instructions???
I would like these questions to be addressed to Bremer…
Who takes responsibility for these grave mistakes??? Is he the author of these thoughts and initiatives, or the instructions used to come from Washington???
I wish the journalists would come here, meet the Iraqi Policemen, and the local Municipal council Members…to tell them about the instructions, and how they were in Bremer's time….and up till now….
This gap between us and the American Media, is used by the Bush Administration, to tell colorful stories…
Come here, and listen to the true stories…
How do we remove the veil from your eyes, and show you the truth?? And there are thousands upon thousands of miles between us….and this is to the advantage of those who wouldn't want you to know the truth….
But you shall…sooner or later…
*********************************************
Translated by May/ Baghdad.