Sunday, April 02, 2006

 
الأحد 2 نيسان 2006
صباح الخير...
عندما كنت في عمان قبل حضوري الى هنا, استلمت دعوة لحضور مؤتمر تقيمه منظمة نسائية امريكية انشأتها مجموعة من نساء ينتمين الى اتجاهات دينية مختلفة , وهذا مؤتمر للقاء بين نساء امريكيات وعراقيات لتقريب وجهات نظر الاديان المختلفة
( مسلمين يهود مسيحيين ) او طوائف مختلفة ( نساء سنة وشيعة من العراق)
حين رأيت اسماء المدعوات من العراقيات , وجدت معظمهن يعملن مع منظمات امريكية , تمولها الحكومة الأمريكية أو جهات لها وجهة نظر مؤيدة للحرب والاحتلال , او وزيرة سابقة في حكومة علاوي , او قاضية تعمل حاليا عضوة برلمان...
ارسلت اعتذاري للمنظمة وقلت لهم : عندي موقف ووجهة نظر لن تنسجم مع هؤلاء النساء العراقيات المدعوات , لا اريد تضييع وقتي , اعتذر عن الحضور..
جاء الرد منهم : تعالي احضري , نريد سماع وجهة النظر الاخرى...
قلت : حسنا , إن كان ثمة عدالة , اكون موافقة , سأحضر...
*******************************
قضيت اكثر من عشرين يوما في اميركا,جولات في ولايات مختلفة للحديث مع الناس , ومرة واحدة ذهبنا للكونغرس, طبعا لا توجد فرصة للقاء اعضاء الكونغرس او وسائل الاعلام الرسمية للوفد الذي نحن فيه, عادة هم يستعدون للوفود الرسمية من الحكومة العراقية والمنظمات غير الحكومية التي تصفق للاحتلال, وليس ثمة عندهم عدالة , لن يقابلوا وفدا من عراقيين وعراقيات ممثلين لمنظمات او مستقلين , كلهم يعارضون احتلال بلادهم, ويريدون خروج الاحتلال, وترك العراق للعراقيين ليحلوا مشاكله بالطريقة التي يرونها مناسبة لثقافتهم ووجهة نظرهم...
لا احد من المسؤولين في الادارة الامريكية مستعد لمقابلة ناس مثلنا, لاننا سنقول كلاما لن يعجبهم, هم فقط يقابلون العراقيين الذين يقولون لهم شكرا لقد حررتم العراق , يعني الذين يقولون الكلام الذي تحب الحكومة الامريكية ان تسمعه...
وطوال ترحالي ولقائي للناس كنت اقول : اريد اشوف ناس موافقين على الحرب والاحتلال, اسمع وجهة نظرهم , اقول لهم وجهة نظري , ما معنى احضر اجتماعات مع ناس اصلا هم متفقين معي و اصلا هم ضد الحرب؟
*****************
يوم 26 اذار سافرت من سان فرانسيسكو الى نيويورك لحضور المؤتمر بين نساء عراقيات وامريكيات للحديث عن العراق ومحاولة تفهم ما يحدث, وكيف نجد الحلول..
وصلت مساء مرهقة جدا , حتى انني لم اتناول وجبة طعام حقيقية ذلك اليوم, الوقت لا يكفي...
وجدت فتاة تنتظرني في مطار نيويورك , اوصلتني للفندق ثم ذهبنا لمكان اخر للقاء السيدات كلهن والتعرف على العراقيات والأمريكيات المشاركات, وفهمت ان المؤتمر تم افتتاحه ظهرا , وغدا الجلسات الحقيقية...
وقالت لي واحدة من صديقاتي العراقيات وجدتها هناك : اسمعي, كوني حذرة , اليوم هؤلاء العراقيات المشاركات يقلن تحرير العراق, لا يقلن احتلال , ماذا ستفعلين؟
ذهبت الى النساء المسؤولات عن تنظيم المؤتمر , قلت لهن : غدا سأتكلم بصراحة لن يمنعني أحد , سأقول احتلال, وليس تحرير, إن لم يعجبكم سأنسحب من الان..
قالوا : أبدا لن نعترض عليك , قولي ما شئت, لماذا دعوناك اذن؟
همممم...
اتفقنا...
تناولت العشاء, وسلمت على كثير من النساء بمودة ولطافة , ورجعنا الى الفندق للنوم, غدا سيكون يوما متعب آخر , قلت في نفسي...
******************************
في الصباح ذهبنا للفندق , ثمة صحافة ومصورين ووسائل إعلام , وحضور كثير من مختلف المنظمات حكومية وغير حكومية امريكية , ونساء من جنسيات مختلفة , عربيات , امريكيات, ايرانيات, شرق اسيويات, وغيرهن , جلسنا على المنصة , ثمة اسماء مختلفة, بعضها اعرفها وبعضها سمعت عنها او اراها اول مرة..
بدأ الحديث , المفروض كل واحد يتكلم عن تجربته في العراق, وما هو واقع الحياة منذ 3 سنوات
التي تعمل مع جمعية ايتام وارامل تكلمت عن تجربتها وواقع الحال الاليم لهؤلاء الضحايا الجدد في العراق, والتي تعمل مع منظمة شباب تكلمت عن التحديات والمخاطر والصعوبات التي تواجه الشباب , والقاضية التي تعمل في المجلس الوطني تكلمت عن نظام صدام حسين الدموي الفاشستي (هذه كلماتها وليست مني ) وكيف اعدم زوجها لانه كان ضدالنظام وكيف وضعوها تحت الاقامة الجبرية , ثم غادرت العراق لتعيش في واشنطن مع اولادها , ثم عادت للعراق بعد التحرير (هذه كلماتها ) وهي سعيدة جدا الان , وتشكر الشعب والحكومة الامريكية على تحرير العراق
وقالت ان قصتها منشورة في مجلة ما , وفيها صورتها , وضحكت وقالت : كنت شابة في الصورة, المجلة قديمة....
جاء دوري, حكيت عن تجربتي الشخصية خلال الحرب, والعصابة المسلحة التي خطفت مني سيارتي امام بيتي بعد سنة من الحرب , وقصة خطف ابني من الكلية من قبل مليشيات الامن التابعة لوزارة الداخلية, ثم ابتزازهم لنا حيث دفعنا عشرات الالاف من الدولارات ليطلقوا سراحه, وغادرنا البلاد كغيرنا من العراقيين الذين يعيشون لاجئين في دول الجوار ..
وتكلمت عن سياسة الاحتلال كيف فرقوا العراقيين وحرضوهم ضد بعضهم البعض من سنة وشيعة, وكرد وعرب, والدستور الجديد الذي لم يكتبه العراقيون, والذي يكرس الطائفية والعرقية, ودفع البلاد الى حرب اهلية, وتكلمت عن قصف المدن وتهجير السكان وقتل الرجال او اعتقالهم ووضعهم في السجون , وتكلمت عن معاناة العوائل العراقية من سوء الحالة الامنية وقلة الخدمات , وتساءلت من يهتم بهم؟
من يحميهم؟
الاحتلال لا علاقة له بحماية الناس
والحكومة تعيش محمية في المنطقة الخضراء
من يهتم بالعراقيين الفقراء البؤساء الذين هم ضحايا هذه الحرب, الذين عاشوا تحت حكم صدام حسين وعانوا من الحروب والحصار والان من الاحتلال, هؤلاء هم ضحايا جدد للاحتلال...
عندما انهينا الكلام, كان هنالك اسئلة ونقاشات , ثم استراحة لشرب الشاي والقهوة...
*************************
بعد الاستراحة عدنا مرة اخرى للمنصة...
رأيت وجوها جديدة ..
تكلمت ثلاث نساء, الاولى قالت انها عانت من صدام حسين وعذبها وقتل اقاربها ولاب لاب لاب, وشكرت الامريكان لانهم حرروا العراق
جاءت الثانية , صدام حسين قتلنا دمرنا حبسنا لاب لاب لاب , شكرا للامريكان حرروا العراق
الثالثة جاءت , صدام حسين قتلنا دمرنا عذبنا لاب لاب لاب , شكرا للامريكان حرروا العراق, العراقيون كلهم سعداء..
جاء دوري, قلت في نفسي : هاه, هؤلاء الذين كنت انتظر ثلاث سنوات لالتقي بهم , في العراق هم مختبئين في المنطقة الخضراء او القواعد العسكرية , لا يخالطون العراقيين , لهم عالمهم الخاص, هذه هي فرصتي السعيدة..
قلت : اولا اريد ان اقول لا احد له الحق ان يتكلم بإسم العراقيين , كل واحدة خليها تقول هذا رأيي الشخصي, ثانيا انا سعيدة لانني هنا ارى اناسا يؤيدون الحرب على العراق ويسمون الاحتلال تحرير
كنت دائما اريد ان افهم هؤلاء الناس , والان رأيت ان المسألة عندهم شخصية , صدام حسين اذاهم شخصيا, فحقدوا عليه وعلى كل العراق, والان هم فرحين, انحلت مشكلتهم الشخصية , لكن ماذا عن الضحايا الجدد في العراق؟
كوني امرأة مستقلة, عيوني رأت سيئات صدام حسين وظلمه وجرائمه ضد الشعب ولم نقدر ام نفعل شيئا, والان عيوني نفسها ترى جرائم الاحتلال ضد العراقيين , هل نسكت؟
نفس تصرفات صدام حسين الان نراها في العراق ترتكب من الاحتلال , هل نسكت؟
يقصفون المدن, يهجرون العوائل , يسجنون الرجال, يعذبونهم, يبنون سجونا جديدة, يهرب العراقيون الى خارج البلاد من الجحيم , نفس الحال السابق..
هل اصدق أن هذا تحرير للعراق؟
هل اصدق ان قتل الناس الابرياء في الفلوجة والقائم وسامراء وغيرها هو لخير العراق؟
انا شيعية , ان كنت اعترض على قتل الشيعة والكرد في الماضي, فانني اعترض على قتل السنة حاليا , لانهم عراقيون, كلنا عراقيون, لا يوجد سنة او شيعة او كرد, كلنا عراقيون..
وان كان صدام حسين اذى بعض الناس فليس معنى هذا ان يكرهوا العراق ويرضوا تدمير بلادهم..
العراق ليس صدام حسين , العراق شي اخر, العراق هو الارض والناس والتاريخ والحضارة, هو الماء والنخلات والجبال والاصدقاء والاقارب والذكريات الجميلة والحزينة, العراق ليس صدام حسين, والناس الذين جاؤوا الى اميركا ليعيشوا هنا, وعندهم مشكلة شخصية مع صدام , هؤلاء لا يمثلون العراق, العراقيون الحقيقيون هم الذين عاشوا في الداخل وعانوا من كل شيء, وصبروا ولم يأتوا الى هنا لينافقوا ويشجعوا على الحرب ضد بلادهم ولم يفكروا سوى بالحقد والانتقام الشخصي
والحصول على الاقامة في اميركا او الجنسية الامريكية , هؤلاء منافقين لا تهمهم سوى مصلحتهم الشخصية , هؤلاء دمروا العراق والعراقيين , لانهم لم يتعلموا بعد كيف يغفروا ويسامحوا ويتجاوزوا الماضي من اجل حل مشاكل العراق, ما زالوا يعيشون بعد 3 سنوات من الخراب والدمار الذي حل بالعراق, مازالوا يعيشون في الماضي والحقد, لم يتجاوزوا حالتهم المرضية والصدمة النفسية, العراق كله لازم يدفع ثمن حقدهم , ولم يبرد حقدهم بعد, ماذا تريدون اكثر؟
تدمر العراق, قتل الناس, المستقبل اسود وكل شي منهار , وما زلتم تبكون على انفسكم وتحكون على صدام حسين؟
صدام حسين صار شيئا من الماضي, انسوه, اطووا الصفحة, فكروا بالناس , بالعوائل , بالاطفال, بالضحايا الجدد, فكروا كيف نخرج من المأزق , كيف نبني مستقبل العراق؟
فكروا بعقلية التسامح لا الحقد, ماذا جنينا من الحقد غير الخراب والدمار؟
كنت في غاية الالم , اريد ان اخرج ما في قلبي منذ 3 سنوات من الغضب على هؤلاء المرضى النفسيين الذين مازالوا يعيشون في ظلام حقدهم , وخدعوا الشعب الامريكي ليرسل اولاده ليموتوا من اجل الانتقام لهؤلاء الحاقدات المريضات نفسيا...
والان يشكرن الشعب الامريكي لانهن الان سعيدات وفي مواقع مهمة وعندهن الاموال ويعشن حياتهن المرفهة , انحلت مشاكلهن الشخصية, وليذهب العراق كله الى الجحيم , لا يردن الحديث عن معاناة العراقيين الجديدة من سوء الحالة الامنية او قلة الخدمات , او الفساد الاداري في الحكومة, او تقصير الحكومة وسوء ادارة البلاد...
المهم, انني اكملت كلامي بصعوبة بالغة, هجمن علي امام المنصة, وعلى الصراخ في القاعة منهن ضدي, بعثية صدامية زوجك سرق فلوس النفط والغذاء...
غرقت في الضحك , قلت لهن : اسمي معروف وتاريخي معروف اذهبوا واسالوا ان كنت بعثية او صدامية في يوم من حياتي, ثم انتم اصلا لا تعرفوني ولا تعرفون من هو زوجي, ما اسمه ؟ كيف توجهون التهم للناس دون معرفتهم؟
والله رأيتهن حفنة من فاشلات يثرن الشفقة ,
نزلت عن المنصة, وطالبت السيدة مديرة الجلسة منهن ان يصمتن...
جاء دور واحدة عراقية غيري لتتكلم , لا اعرفها , قالت انها تعمل في الجامعة, والحالة الامنية رديئة وبصعوبة يذهب الطلاب للدوام,
هجمن عليها وقاطعن كلامها واعترضن عليها
قالت لهم بهدوء: لكنكم تعيشون في المنطقة الخضراء ولا تعرفون معاناة الناس
هجمن عليها بالصراخ..
اعتذرت المسكينة عن الحديث, ونزلت من المنصة...
*********************************
ساد في القاعة همهمة وكلام بصوت خفيض...
كنت اجلس بجانب سيدة امريكية من المسؤولات عن تنظيم المؤتمر...
مالت الى جانبي قالت : هذا فظيع !
قلت لها : شكرا لانكم سمحتم لنا ان نتكلم..
قالت : لقد اكتشفنا الان حقيقة ما يحدث في العراق..
قلت لها : نعم, هذه هي الحقيقة , ليس ثمة حرب اهلية, انا شيعية, وبعض اللواتي صرخن علي شيعيات, اذن المسألة ليست سنة وشيعة, المسألة من هو ضد الاحتلال, ومن هو مؤيد للاحتلال, وترين اللواتي في الحكومة موقفهن ليس كاللواتي مستقلات, المستقلات يمثلن الوان المجتمع, ويرفضن الاحتلال رغم اننا لا نعرف بعضنا , لكننا نملك وجهة نظر واحدة مشتركة, لاننا لا نفكر بمصالحنا الشخصية, نحن عانينا من ظلم صدام حسين , والان نعاني من ظلم الاحتلال والحكومة الجديدة..
رأيت كيف صرخن ووجهن اتهامات لي؟
وكيف صرخن على العراقية التي بعدي وخافت منهن ونزلت عن المنصة ؟
هذا هو العراق الجديد, الناس ملعون ابوها, ولا يقدرون أن يتكلموا , مثل ايام صدام حسين...
الذين يعيشون في العراق يملؤهم الرعب , لا يقدرون على الكلام , لو كنت انا في بغداد حاليا, وتكلمت هكذا, صباح اليوم التالي مباشرة سيأتي من يغتالني على باب بيتي, هذا هو العراق اليوم
والمنافقات مثل هؤلاء النساء, يعشن تحت حماية مشددة , ولهن سائق وحرس شخصي, ويعملن مع الحكومة برواتب خيالية, او يعملن رئيسات منظمات تستلم مئات الالاف من الدولارات تمويل من الحكومة الامريكية او مؤسسات امريكية تساند الحرب على العراق, ولا يهمهن الحديث عن ضحايا في العراق ومدن تتهدم وعوائل تقتل واطفال ايتام ونساء ارامل وحقوق انسان مهدورة, لا يردن الكلام عن كل هذا, يردن ان يصورن للشعب الامريكي ان كل شيء تمام في العراق, التحرير ممتاز والسعادة تملأ بيوت العراقيين...

*****************************************
صعدت الى المنصة نساء امريكيات وبداؤوا الكلام عن التسامح وثقافة التسامح ونلسون منديلا كيف قاد بلاده من حالة العنف والحقد والعنصرية بعد ان نشر بينهم ثقافة التسامح لينسوا الماضي ويبدأؤا من جديد...
خرجنا من الصالة , جاءت نساء كثيرات امريكيات وغير امريكيات , كل واحدة تعانقني وتهمس في اذني : انت امرأة شجاعة, ابتسم لها ونمضي كل واحدة في طريق..
قلبي يملؤه الحزن والغضب....

ذهبنا للكنيسة وقرأؤا صلوات وطلبوا من الجميع ان يصلوا ويغفروا ويسامحوا ...
ثم ذهبنا للعشاء..
جلسنا حلقات, طبعا انقسمت المجموعات , صار لكل مجموعة لون محدد, الذين يؤيدون تحرير العراق جلسوا على طاولات متقاربة ..
والذين يرفضون الحرب والاحتلال, جلسوا على طاولات اخرى...
أرى النساء الامريكيات محرجات من الموقف , يحاولن تهدئة الكل , لكنني كنت اقول لهن : هذا هو واقع العراق الحقيقي , ترونه الان بعيونكم, لتفهموا ما فعله الاحتلال بنا, مزقنا وقسم الشعب الى فئتين متصادمتين تماما كما حدث للشعب الامريكي, لكن التصادم بين العراقيين أشد الما لان البلد تدمر والناس ماتوا او هربوا او في السجون , والمستقبل اظلم كئيب, وهؤلاء جاؤوا ليقولوا شكرا للتحرير, هل ثمة كارثة اكبر من هذه ؟
*********************************************
في الليل جلست في غرفتي في الفندق , استرجع ذكرى الحرب والهول والعذاب الذي رآه العراقيون البؤساء, وهؤلاء النسوة ومثلهن رجال , كانوا يعيشون هنا, يشجعون الحرب على بلادهم , وينتظرون العودة (بعد التحرير ) , لينتقموا ويبثوا احقادهم المريضة ويخربوا العراق اكثر واكثر..
تذكرت الذين ماتوا من جيراني واصدقائي واقاربي من هذه الحرب, والذين هربوا من البلاد , تذكرت اننا كنا ثمانية اخوة واخوات, اطباء ومهندسين وصيادلة, هربنا من خطورة الحالة الامنية, وبقي في العراق فقط اخ واحد وعائلته واخت واحدة وعائلتها, يغرقون في الرعب والخوف كل يوم ولا قدرة مالية عندهم على مغادرة البلاد ..
تذكرت جيراني الذين هاجروا خارج العراق وباعوا بيوتهم أو تركوها امانة عند الحراس, تذكرت العقول الجميلة التي اغتالوها في العراق او هرب اصحابها الى دول الجوار والمنفى, تذكرت المتحف الذي هدم وسرقت تحفه منذ ثلاث سنين ولم يعثر عليها, والوثائق الوطنية القديمة التي احرقت من قبل المرتزقة الذين جاؤوا مع الاحتلال, والوزارات والدوائر الحكومية التي نهبت واحرقت من قبل مجهولين, والارشيف لكل الوزارات تم نقله الى القاعدة العسكرية الامريكية في قطر , حيث تمت ترجمته من موظفين عرب تم توظيفهم بعد الحرب على العراق, تذكرت ارشيف الدوائر والوزارات والجامعات الذي تم اتلافه ليعود العراق الى نقطة الصفر, تذكرت الجيش الذي تم حله ليذهب رجاله الى البيوت يجلسون عاطلين امام زوجاتهم, واللصوص تحوم في شوارع بغداد تنهب وتخطف وتدمر وقوات الاحتلال تتفرج ولا تتدخل...
تذكرت الدستور العفن الذي فرضوه علينا, وقال العراقيون ان نتائج التصويت عليه كانت مزورة, والان العراق يسرح ويمرح به المجرمون والمرتزقة والمليشيات التي دربتها وزارة الداخلية لتقتل العراقيين وتقضي عليهم, وقوات الاحتلال يدعون براءتهم من كل هذا ..
مذا يفعلون اذن في العراق منذ 3 سنوات؟
اين ذهبت ملايين الدولارات؟
احسست ألما كبيرا في قلبي ورأسي , بكيت كثيرا, ونمت, وصحوت على صداع شديد...
اريد أن اخرج العراق من رأسي , ولا أقدر..
لا أفكر بزوجي ولا بأولادي ولا بيتي ولا عائلتي, فقط العراق يسيطر علي..
أعتقد انني سأموت من الحزن على العراق....
**********************************



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives