Thursday, July 09, 2009

 

الفيل الكبير في الغرفه .....


الخميس 9 تموز 2009
السلام عليكم....
كنت في زيارة لاميركا استمرت حوالي شهر, ذهبت مرة اخرى لحضور دورة عن صناعة السلام وحل النزاعات في معهد بولاية فيرمونت ,

SIT.edu
وهو معهد خاص غير حكومي , عنده برامج كثيرة للدراسه ومنها برنامج حل النزاعات
ومرة اخرى تعرفت على ناس جدد وتعلمت اشياء كثيرة ,
يبدو ان الانسان مخلوق حتى يتعلم ويبقى هكذا حتى آخر لحظه في حياته
وهذا شيء جميل يجعل الحياة قابله للتجدد
***************************************************************************
الاسبوع الاخير من هذه الدورة التدريبيه عادة هو اسبوع لمادة واحدة فقط , اخترت مادة النزاعات والتطوير
Conflict and development
في الحقيقه انا احب هذا الموضوع كثيرا , واريد ان ادرسه بعمق وتفهم كبير , لانني اظن ان العراق يحتاج الى اناس يملكون هذه المهارة في حل النزاعات وتطوير المجتمع كله سواء من ناحيه سياسية او اقتصاديه او ثقافيه او تعليميه او صحيه وغيرها
وايضا نحتاج الى ايجاد الية عمل لتخفيف اجواء العنف ونشر اجواء المصالحه الوطنيه واحترام كل الاطراف والسماح لهم بالمشاركه على كل المستويات
وعندما شرح الاستاذ نظريات تفسير اسباب العنف المباشر الظاهر على السطح في اي مجتمع , ورسم مثلثا برؤوس ثلاثه , رأس علوي مكتوب عليه عنف مباشر ,
ورؤؤس في القاعدة السفليه للمثلث احدها يمثل العنف المنظم , واخر اسمه العنف الثقافي
يعني المصطلحات هي كما يلي :
عنف مباشر : direct violence
عنف منظم :system violence
عنف ثقافي : cultural violence
يعني اي عنف ظاهري بين اثنين , توجد له اسباب عميقه مختبئه غير ظاهره , هذه الاسباب تؤجج نار هذا العنف.

هنا بقيت مطرقه في الصف ...
واعدت بسرعه احداث الحرب والاحتلال والخطاب العدواني الذي انتشر بين العراقيين وحاول ان يفرق بينهم ويقسمهم الى فئات بهويات طائفيه وعرقيه متناحرة
وفهمت تماما ان من شن الحرب على العراق قد استشار علماء اجتماع وفهم منهم كل النظريات وطبقها في بلد مثل العراق , بلد هو تكوينه التاريخي والجغرافي ملون بكل الاطياف منذ الاف السنين


تم تأجيج العنف ضد نظام صدام وحزب البعث وصارت حملات قتل واغتيال وتهجير للبعثيين في كل العراق


وتم تأجيج العنف الثقافي بين السنه والشيعه والعرب والاكراد
( باستغلال احداث سلبيه حدثت في الماضي )
وبالتالي هذه كانت مثل الوقود الذي يغذي نار العنف وشعلة النزاعات الحزبيه والطائفيه في عراق ما بعد الاحتلال
وتم خلق ثقافة العنف والحقد وحب الانتقام بين العراقيين , وهذه تبث كل يوم عبر وسائل الاعلام الغربيه والعراقيه على حد سواء , تذكرني برواية
1984
حيث كان النظام يوجه كل صباح برنامج دقيقتان من البغض عبر الاجهزة السمعيه والبصريه , حتى يحمس الناس ويبقون وطنيين ويكرهون عدوهم , هكذا تتم برمجة عقول الناس في الروايه المشهورة لجورج اورويل , وها هم العراقيون قد انتهت برمجتهم على نظام صدام , الان البرمجه حدث فيها ازاحه بسيطه ودخلت مصطلحات جديدة مثل النظام البائد النظام المقبور...

انا شخصيا لم اكن يوما من الايام بعثيه او معجبه بحزب البعث , لكنني اخجل وارفض ان استعمل هذه المصطلحات لانني اراها تحمل في طياتها عنف وعدوانيه غير صحيه ولا تليق بمجتمع متحضر
******************************************************************
عندما رجعت للعراق سنة 1991 , احسست انني غريبه , الناس كانوا مبرمجين على مصطلحات تستعملها الدوله مثل حرب القادسيه والعدوان الثلاثيني ( بعد حرب الكويت ), والعبور والنصر, والقائد المنصور, الانظمه البائده والخ من مصطلحات كان الناس يتداولونها , يعني مصطلحات وضعها النظام السستم في عقولهم

الان للاسف اجد نفسي ايضا اختلف مع العراقيين الذين في الداخل حيث تعبأت عقولهم بمصطلحات ايضا فيها عنف وعدوانيه ضد الاخر ,
وايضا العراقيون من البعثيين عندهم نمط تفكير عدواني ضد الحكومه الحاليه والاحزاب الحاليه ويتعاملون معهم كانهم كلهم خونه وان العراق لن ينقذه الا عودة حزب البعث الى السلطه ...
والاحزاب الجديدة في الحكومه تستمتع باستعمال مصطلحات عدوانيه جدا ضد حزب البعث والحكومة السابقه قبل الحرب , وثمة الكثير من الناس يتصلون بالتلفزيون على الهواء مباشرة او يكتبون بالصحف والمجلات كيف ان النظام السابق ظلمهم , ابعدهم ,عذبهم الخ وكانهم يتمتعون بهذه القصص التي تضيف هاله مقدسه على شخوصهم لانهم مناضلون ضد النظام السابق والخ
هذه اراها قصص مخجله وقد آن الاوان ان تتوقف
يوجد الاف الاف من العراقيين الذين سقط عنهم الحياء والفوا قصصا كثيرة عن اضطهاد لم يحصل , واستثمروها حتى يحصلو ا على لجوء او هجرة الى اوروربا واميركا , او وظائف ومناصب في الداخل
والله لو اريد ان افعل مثلهم و عندي قصص كثيرة تتعلق بعائلتي كنت استعملتها لاحصل على وظيفه او منصب
لكنني اخجل, هذه تصرفات لا تليق بانسان عنده كرامه ويحترم ذاته
هذه قناعاتي
*********************************************************************
الان السؤال : كيف يمكن ان نخلق اجواء مصالحه وطنيه حقيقيه في العراق حتى تكون مرحلة اولى نحو تحقيق الاستقرار في البلاد وبداية اعادة الاعمار
فكلنا يعلم ان خطوة اعادة الاعمار لا يمكن ان تحدث والبلد فيه تناحرات ونزاعات
التطوير واعادة البناء هما خطوات طبيعيه تأتي بعد خطوة المصالحه الوطنيه
المفروض ان تكون القيادات السياسيه ناضجه الى حد يكفي ان تتقبل بعضها البعض , وتعمل سوية على جمع قواسم مشتركه وطنيه لتكون ارضية للحوار بينهم, وتضع مباديء اساسيه مثل ميثاق شرف يلتزم به كل الاطراف , للعمل على توفير اجواء صحيه سلميه
في البلاد مستعدة لاستقبال فكرة المصالحه الوطنيه

وبناء عليه يتبعهم الناس وتيصرفون مثلهم ويتنازلون عن الطريقه الضيقه في التفكير و عقلية : هذه الحقوق لنا وحدنا
فالناس على دين ملوكهم , يعني يقلدون قياداتهم
اذا القيادة وطنيه غير طائفيه غير عرقيه غير عنصريه متطرفه تؤمن بحق كل عراقي ان يمتلك حقوق متساويه مع العراقي الاخر بغض النظر عن دينه او طائفته او عرقيته او لونه او جنسه , معنى هذا ان البلاد ستعيش حالة صحية في تفهم حقوق الانسان والدستور والقانون فوق الجميع
اما الدستور او الدوله التي تضع شروط وتحدد حصص لكل طائفه او عرق فهذه كارئه , هذه دوله قائمه على اسس متناحره وكل واحد يريد ان ينال اكبر الامتيازات لطائفته او حزبه او جماعته العرقيه بطريقه شرعيه او غير شرعيه
ويحدث فساد اداري وسلب ونهب لثروات البلاد في حال غياب قانون يقول ان العداله للجميع , وكل العراقيين لهم الحق في ثروات بلادهم بغض النظر عن انتماءاتهم
يعني في هذه الحاله لن يحدث تناحر بين الاكراد في الشمال والحكومة المركزيه في ببغداد , لان كل واحد يسيء الظن بالاخر ويظن انه يريد ان يأكل حقه من عائدات النفط العراقي الذي تستثمره شركات اجنبيه , مما يجعل الاحزاب او القيادات تتناحر على توقيع عقود علنيه او مخفيه مع هذه الشركات ,

وايضا في العراق زرع الاحتلال قنابل موقوته في مسودة الدستور الجديد والتي بقيت لحد الان نقاطا مثيرة للنزاع مثل مدينة كركوك هي لمن ؟
الاكراد والعرب والتركمان كل فئه تقول لها حق تاريخي في المدينه , طبعا كلهم على حق
لكن المدينه فيها ابار نفط واستثمارات وهذا هو سبب النزاع عادة, السبب الخفي والحقيقي, كل جهة تريد موارد النفط لها
وفي الدستور الجديد القبيح موجود بند يقول ممكن عمل استفتاء في كركوك لرؤية من هي الفئه الاكبر من سكان المدينه و وطبعا حدثت تفجيرات وقتل وتهجير وعنف , لان كل طرف يريد ان يقول انه يشكل اغلبيه من سكان المدينه , من خلق هذه القصه القبيحه وجعل المدينه تعيش على بركان لحد الان؟
الاحتلال الذي جاء يحرر العراق ويقيم دولة العداله والقانون ؟

نفس القصه تهدد محافظة الموصل في الشمال , متنازع عليها بين الاكراد والعرب
نفس القصه على محافظات العراق الشماليه اربيل السليمانيه دهوك , مطلوب استفتاء للسكان هناك على دستور مقترح لدوله للاكراد تقريبا دوله مستقله ,وهذا الموضوع يثير قلقا لدى الحكومه المركزيه في بغداد حول مامدى الاستقلال المخطط له ؟
وايضا الحدود لهذه الدوله المزعومه هي حدود لم يتفق عليها بعد , وثمة خلافات واعتراضات من الحكومه المركزيه ومجلس النواب العراقي ومجالس محافظات اخرى مجاورة لاقليم الاكراد
يعني العراق حتى لو انسحبت منه قوات الاحتلال , فستترك وراءها ملفات معقدة وشائكه وكافيه ان تبقي العراقيين في حالة تناحر ونزاع الى عشرات من السنين القادمه, ملفات زرعها الاحتلال وسيبقى حريصا ان تظل ساخنه ومتنازع عليها كما حصل الان وجاء بايدن مبعوث الرئيس الامريكي حتى يحل نزاعات مزعومه بين الاكراد وحكومة بغداد
هذا بالاضافه الى تهديدات ايران وتركيا وباقي دول الجوار , كل دوله لها اجندة خاصة
واذا توترت العلاقات بين اميركا وايران فان ساحة العراق هي الضحيه دائما للعنف والتفجيرات
يعني العراق يهمه ان يسود الهدوء والاستقرار في ايران , ويؤذيه توتر الاوضاع هناك , هذه ليست لصالح العراق ابدا
********************************************************************************
وايضا مازالت ملفات عالقه غامضه لم تتوضح بعد ماهي سلبياتها وايجابياتها مثل قانون النفط والغاز
مازال غامضا والبعض يدافع عنه والبعض يعترض عليه
و انا شخصيا اظن ان ثمة اشياء كثيرة يتم اخفاؤها عن الناس , لا توجد شفافيه كافيه تجعل الناس على ثقة ان مايدور في الخفاء هو لصالح مستقبل البلاد والشعب
لانه توجد عناصر فاسدة في الحكومه والوزارات خاصة وهذه تستغل وجودها حاليا لتوقيع عقود وقبض عمولات هذا شي طبيعي , وهؤلاء الناس يخططون للهروب من العراق والعيش في الخارج كما فعل كثير غيرهم من الوزراء بعد 2003 ولم يعاقبهم احد

يعني فعلا شيء محزن ما يحدث في العراق , وما حدث لحد الان
نحن دائما نقول اننا لا نتخلى عن الامل بان الغد سيكون افضل
لكننا ايضا لا نحب ان نكون سذجا او مغفلين , ندرك تماما ان الواقع في العراق مازال حزينا قاتما , التحديات كبيرة وكثيرة والاخطار ايضا
لكن يظل الامل بان ثمة قيادات اكثر وطنيه واكثر خبرة وتجربه ونضوج وشجاعه , سوف تأتي لتستلم قيادة العراق الى طريق السلام والبناء والاستقلال والمستقبل الزاهر
هذه تحتاج الى عشرات السنين حتى تتحقق
هذا في حال التفاؤل
اما الذين فقدوا الامل فيرون ان العراق قد تحطم كالزجاج ولن يعاد سبكه من جديد

وانا اقول مادام ثمة اصابع احتلال بالموضوع , فالبلد سيبقى مستقبله مهددا وكذلك استقلاله واستقراره
كلما خرج الفيل الكبير من الغرفه , كلما كان هنالك متسع لهواء منعش نظيف يدخل الغرفه , ونور الشمس ايضا سيدخل من الشبايبك
من هو الفيل الكبير في الغرفه الان ؟
هههههه
تحياتي




This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives