Monday, July 02, 2012

 

مازلنا نحلم بمستقبل أفضل ...




الاثنين 2 تموز 2012 
السلام عليكم
فرحت كثيرا بعد اعلان نتائج انتخابات مصر وفوز الدكتور محمد مرسي بمنصب الرئاسه . اعتقد ان الملايين من العرب والمسلمين  حول العالم قد فرحوا لهذه النتيجه , وزادت آمالهم بعد سماع خطابات الدكتور مرسي في ميدان التحرير وفي جامعة القاهره , حيث وعد بعمل تغييرات كثيرة في البلاد تتجه كلها نحو طريق الحريه والعداله الاجتماعيه والتغيير الايجابي.
تجربة مصر هي تجربه مثيرة للاعجاب والجدل . وعندما حدثت الثورة كنت في مصر . وبدات أقارن بينها وبين ما حدث في العراق عند الاحتلال الامريكي في 2003. التغيير في مصر قاده الشعب نفسه بدون احزاب وشخصيات معارضه كما حدث في العراق.
ظلت الثوره في مصر تتأرجح بين صراعات مختلفه  لمدة سنه ونصف وكادت  الثورة ان تنتهي وتجهض وتعود البلاد للحكم القديم لولا فوز الدكتور مرسي الذي اعطى الامل ان الثورة مستمره وانه سيعيد ترتيب اولويات البلاد حسب خطة عامه ترضاها كافة القوى الوطنيه والسياسيه في مصر.
الشيء المميز في الدكتور مرسي انه يتحدث بلسان الشعوب وليس بلسان الحزب الضيق كما نراه في اوطان عربيه ومسلمه اخرى, وهذا هو الفرق بينه وبين باقي قياداتنا القديمه . نحن كشعوب عربيه نؤمن اننا كنا وطنا واحدا  قسمته معاهدة سايكس بيكو بعد الحرب العالميه الاولى  في 1919 واننا ممكن ان نعود كوطن واحد قوي ومؤثر في العالم كله , حلمنا هو الولايات  العربيه  المتحده , مثل الولايات الامريكيه المتحده , نكون قوة عظمى في العالم وعندنا كل مقومات النجاح , عندنا ثروات اقتصاديه غنيه وثروات بشريه متنوعه وتاريخ عريق وخبرة ممتازه , ينقصنا فقط قيادات صادقه ومنتميه لشعوبنا تفكر مثل شعوبنا وتتحدث بلسان شعوبنا وتفكر بتحقيق احلام شعوبنا نحو الحريه والعداله والتفوق والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي ... والدكتور محمد مرسي نموذج ناجح لهذه القيادات التي كنا ننتظرها من زمان لتظهر وتستلم قيادة هذه الأمة نحو طريق صحيح وسليم ويرضي طموحات الناس واحلامهم  وينتمي هذا الرئيس لشعبه وهوية شعبه وليس عدوا لشعبه ولهويته , كما يحدث في كثير من اوطاننا العربيه والمسلمه , حيث القيادات موجوده لترضي الغرب ومتطلبات الغرب ولتذهب الشعوب العربيه الى الجحيم , هكذا يفكرون منذ عقود طويله من الزمن.  لكن بعد حدوث ثورات الغضب العربي , مصر هي النموذج الاكثر نجاحا لان الثورة حدثت بإرادة شعبيه حقيقيه بدون تدخل خارجي , وليس كما حدث في ليبيا واليمن حيث تدخلت ايدي خارجيه لتقرير مصير البلاد , اما تونس فلست مطلعه تماما على تفاصيل ما حدث بعد الثورة هناك ..
نحن هنا في اوطاننا العربيه نعيش تجارب حيه ولا نقرأ عن الاحداث في الكتب , نحن نعيش التجارب الصعبه والقاسيه ونتعلم منها , مثل تجربة العراق وتجربة مصر هما تجربتان مميزتان حدثتا خلال فترة أقل من عشر سنوات , وتعطي افكارا خصبه للكثير من  الناشطين او المثقفين او الدارسين هنا , وايضا لمن يتابع الاحداث من الخارج .
في تجربة العراق عشنا تحت نظام حكم عسكري مستبد , ولا مجال للحريات السياسيه او حريات التعبير الفرديه , انا اقصد التعبير السياسي والفكري  وليس الديني , كل الناس كان عندها حرية الدين , عندنا مسيحيين ومسلمين وصابئه , وكل فئه لها اعيادها ومناسباتها ودور عبادتها تحت رعاية الدوله . لكن الصراعات السياسيه في العراق كانت محسومه لصالح حزب واحد  ثم استبد فرد واحد من الحزب على مكونات الدوله وصارت تابعه له ولأولاده واقاربه كأنها مزرعتهم الخاصه . وايضا نفس الحال في مصر, كان ثمة حزب حاكم واحد ويتكرر فوزه في الانتخابات رغم أنف الناس هناك , والحكومه تستعمل كل أساليب تزوير ارادة الناس بكل وقاحه  وبلا محاسبه من أحد , وكان الغرب راضيا عن النظام ويعتبره من الانظمه المعتدله في المنطقه , يعني رضي بإقامة علاقات دبلوماسيه مع اسرائيل , بينما النظام في العراق لم يرض بإقامة علاقات دبلوماسيه مع اسرائيل وكان خطابه السياسي وطني قومي , فهذا كان مسخوط عليه من الغرب , ووسائل الاعلام الغربيه بالغت في تشويه صورة نظام صدام بينما تغاضت عن مصائب نظام حسني مبارك , وهذا يرجع للنفاق السياسي في الغرب وتقديم مصالحهم الشخصيه على مصالح الشعوب ...
بعد احتلال العراق في 2003 جاءت  للسلطه احزاب خطابها السياسي ديني طائفي متخلف يفرق ولا يجمع , يزرع الاحقاد بدل توحيد الناس وبث روح التسامح , بثت هذه الاحزاب  روح الحقد والتفرقه بين العراقيين , واستلمت السلطه بطريق الانتخابات المزوره والعنف والخداع , وكل هذا حدث تحت نظر ومباركة الاحتلال الامريكي وتحت غضب وسخط الشعب العراقي . الدستور العراقي الجديد دستور مشوه وقبيح لانه تم كتابته في اميركا وهو مليء بالغام ومتفجرات ستبقي العراق مقسما متنازعا لاسباب طائفيه وعرقيه  الى مالانهاية , حتى يبقى العراق  بلدا ضعيفا مفككا مادام هذا الدستور هو الذي تعمل الحكومات تحت تعليماته وارشاداته .
لكنني لا أظن ان هذا سيستمر الى مالانهاية , العراقيون غاضبون وساخطون على كل الحكومه  واحزابها سنيه كانت ام شيعيه , التي لم تقدر ان تقدم حياة كريمه ومستقره للشعب هناك. رغم وجود الموارد الغنيه في العراق من النفط  والتي تمكنه من أن يكون من أكثر الدول تقدما واستقرارا في المنطقه , لكن البلد مازال في أزمة اقتصاديه وسياسيه . مازال الكثير من العنف يحدث في الشارع نتيجة الاختلافات بين الاحزاب الحاكمه , سنيه او شيعيه , لم تقدم أي شيء للشعب العراقي ,  والسنه والشيعه في العراق مازالوا فقراء ومضطهدين  اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا والدوله تمارس ضدهم الارهاب الفكري والسياسي كما كنا ايام زمان وربما اكثر, حيث الاغتيالات السياسيه صارت من طقوس حياة العراقيين العلنيه , السجون مليئه بخصوم الحكومه , الفساد والسرقات صارت قصصا واضحه على مستوى العالم كله وليس فقط على مستوى العراق ..ولكن لا أحد يقدر على محاسبتهم او معاقبتهم حتى الآن ...
بينما في مصر جاء رئيس منتخب جديد نتيجة عملية انتخابيه عادله وشفافه , الرئيس عنده خطاب واضح ومشروع نهضه ورؤيه , توجد لجان عديده وطنيه ومصريه تتابع عمل الرئيس وتقدم النصح والمشوره له , الرئيس له اتصال مع القوى الوطنيه الشعبيه  ليبقي علاقه صحيه متينه بينه وبين كافة اطياف الشعب وهذا سيعطيه القدره على العمل  وتحقيق ما يرضي الناس . الدستور سوف يتم تعديله بناء على اتفاق قوى سياسيه وطنيه مختلفه في البلاد, لا تدخل اجنبي ولا اصابع اجنبيه تقرر مصير البلاد . يعني الحاله المصريه تعطي مؤشرات انها نموذج عنده قدرات على النجاح مادامت جميع قوى الوطن تشارك في صياغة الدستور وصناعة القرار . عكس ما حدث في العراق, فقد تم بناء الدوله بطريقه مشوهه وضعيفه ومفككه , لذلك لم ينال الاستقرار لحد الان , ولن يناله ....
الآن دول المنطقه تتودد لمصر الجديده بعد الثورة , تركيا تريد ان تقيم علاقات قويه ومشاريع مشتركه, ايران تريد رفع مستوى العلاقات الدبلوماسيه واكيد الاقتصاديه , دول الخليج تبحث عن استثمارات جاده وكبيره في مصر , لماذا ؟ لانهم يرونها نموذجا ناجحا مستقرا واعدا في المنطقه . بينما هرب المستثمرون من العراق وساءت علاقة العراق مع دول الجوار , لماذا ؟ لانه توجد ثمة غباء عظيم في إدارة العراق الجديد بعد الاحتلال, غباء عراقي وامريكي مشترك , جعل البلاد تعيش محنه لا نهاية لها , وخيبات وفشل سياسي واقتصادي لا نظير لهما في المنطقه . 
كل العيون تتجه لمصر وتجربة مصر, وكلنا نعلم ان المسيرة طويله , وان التغيير ليس سهلا ولا سريعا , لكنه يحتاج الى وقت ومراحل كثيره , وتوجد تحديات كثيرة تواجه الثوره والرئيس في مصر, لكننا نتمنى وندعو الله دائما ان تنجح هذه التجربه لتكون قدوة للشعوب العربيه المجاوره , حيث كلها تطمح للتغيير والاصلاح والتقدم وبناء دول حديثه ومدنيه بلا هيمنه عسكريه او استبداد الحزب الواحد او الفرد الواحد وعائلته ..
اعتقد ان منطقتنا العربيه تمر حاليا في مرحلة تغيير عميق واتمنى ان يكون نحو الاحسن , فقد مللنا من الخيبه والفشل والتخلف والاستبداد , بينما نملك على الارض كل مقومات النجاح والتفوق ..
ان شالله المستقبل  لهذه الأمه سيكون افضل كثيرا من الحاضر الذي نعيشه , وأتمنى أن لا تذهب كل هذه التضحيات سدى وبلا نتيجه ايجابيه على الارض , بل يقطف الناس ثمارهذه التضحيات قريبا ,ويحققون احلامهم التي طالما تمنوها أن تصبح حقيقيه ....



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives