Sunday, February 13, 2011

 

بين بغداد والقاهره .....


الأحد 13 شباط 2011
السلام عليكم ...
انا حاليا في القاهره , جئت الى هنا منذ شهرين حيث قدمت للجامعه الامريكيه وتم قبولي في الدراسات العليا , وسوف تستغرق عملية إكمال الدراسه مالايقل عن سنتين ..
طبعا يحزنني ان اكون بعيده عن العراق , لكن هذه الدراسه هي استراحه من معاناتي في العراق سنة 2010 حيث عملت هناك لعشرة شهور متعبه مع منظمات المجتمع المدني , و اريد الأن استغلال الوقت في الدراسه في تخصص حول ادارة منظمات المجتمع المدني او ادارة اصلاحات القطاع الحكومي , وكلا التخصصين اراهما مهمين ويمكن ان يفيدوني بعملي في المستقبل مع منظمات كبيرة او مع حكومات ...
*******************
اما الحديث عن انتفاضة الشباب في مصر والتزامهم الاعتصام في ميدان التحرير لمدة عشرين يوم تقريبا , فهذه تجربه مدهشه فعلا , أثارت اعجاب وتقدير القريب والبعيد , في بداية ايام الاضطرابات جاءتني الكثير من الايميلات من صديقاتي او قريباتي يطلبون مني مغادرة القاهره , لكنني رفضت الفكرة نهائيا لعدة أسباب , اولا لا اريد ان اتصرف كانني سائحه وهذا المكان لا يهمني , بالعكس هذا المكان اراه وطني الثاني , وايضا كنت ارى كل يوم كيف يتعامل الناس هنا مع الأزمه , وليس النظام والحكومه ..
أدهشني الشعب المصري بوحدته وقوة ايمانه وصبره , رغم انني رأيت بعض المتشككين والمستهزئين هنا لكنهم اقليه , فالاغلبيه كانت مصممه على المضي قدما وعدم التراجع , وفعلا الله اكرمهم وحقق لهم حلمهم بالتغيير , وتخلى مبارك عن السلطه وغادر البلاد , يعني شيء يشبه الحلم , لا احد يتخيل ان هذا سيحدث !
آخر ليله قبل ان يستقيل كان الناس متحشدين في ميدان التحرير ويغلون من الغضب, ثم القى خطابه في الساعه الحاديه عشرة ليلا وقال انه باق في السلطه وانه لن يتخلى واعاد نفس القصص القديمه عن ذكريته وطموحاته , ولم يكن ليكمل خطابه حتى تعالى الصراخ من المتظاهرين : إرحل , إرحل ..
كان الموقف جدا مخيف , ذهبنا للنوم ونحن نفكر ان البلد ستنقسم على نفسها في الايام المقبله , وان عناد هذا الرجل سوف يدفع البلاد لحرب اهليه لا محاله , وفي مساء اليوم التالي سمعنا اصوات زغاريد النساء وزوامير السيارات في الشوارع حولنا , وفتحنا التلفاز لنفهم ماذا حدث ؟
فتبين انه تم اعلان انسحاب الرئيس وانه سيستلم قيادة البلاد مجلس أعلى من قيادة الجيش المصري , الحمد لله أحسست ان الكربه انزاحت عن صدورنا جميعا وان الحياة الطبيعيه سوف تعود للبلاد قريبا , وبمستقبل افضل ان شالله
************************************
كل يوم كان يمر علي هنا أثناء الازمه , كنت افكر بالعراق وما حدث له اثناء الاحتلال سنة 2003
كيف تم حل الجيش والشرطه العراقيه واغراق البلاد في الفوضى واللصوص , كيف تم جلب قيادات عراقيه من الخارج متفقه مع المحتل انها ستقود البلاد , كيف تمت صياغة دستور عراقي بيد امريكيه وعقليه امريكيه ووقعت عليه شخصيات قياديه عراقيه , كيف تم قتل وسجن الوطنيين العراقييين المعارضين للاحتلال , كيف تم اغتيال قيادات الجيش العراقي وخيرة العلماء ورجال الدين , كيف تم دفع البلاد نحو هاوية الحرب الاهليه بسبب المليشيات الطائفيه التي شكلتها الاحزاب الطائفيه التي استلمت الحكم في العراق تحت حماية ورضى الاحتلال ...
يعني في اقل من ثمان سنوات رأيت بعيني نموذجين متناقضين !
سبحان الله !
نموذج التغيير حين يأتي من الخارج لتغيير النظام في بلد ما بتخطيط اجنبي ورسم سياساته وكتابة دستوره وتقرير مستقبله , وكل هذا يحدث في دوامة من العنف وسفك الدماء والخراب والدمار والخيبه والفشل , هذا هو تماما النموذج الذي طبقته اميركا خلال احتلالها للعراق منذ 2003
ورأيت النموذج الثاني في مصر كيف قرر الشعب وحده اسقاط النظام وتغييرة بطريقة سلميه وبأقل عدد ممكن من الضحايا في الممتلكات والانفس , وكيف الان كل الشعب المصري متلهف لبناء غد افضل وحياة افضل , سيكتبون دستورا جديدا بروح مصريه خالصه ويرسمون مستقبلا لبلادهم حسب ما يريدون هم ويظنون الافضل لهم ولاجيالهم القادمه ,
رأيت في الايام الماضيه كيف انتشرت الاعلام المصريه في الشوارع على السيارات وعلى بلكونات البيوت كلها تقول : نحبك يا مصر... وكيف ان الجيش والشعب تلاحموا مع بعضهم لحماية مصر وشعب مصر وممتلكات مصر ....
طبعا هذا يحدث لان ليست ثمة محتل اجنبي بينهم
هذه هي الطريقه العفويه الطبيعيه التي يسلكها اي شعب على وجه الارض خلال الازمات والايام الصعبه
نقطة قوة شعب مصر انه متوحد منسجم مع نفسه , ولم يتمكن احد من شق صفوفهم وتمزيقهم

بينما نقطة ضعف الشعب في العراق انه من اعراق وطوائف مختلفه , فدخل المحتل من هذا الباب
ووجد ارضا خصبه ليبث سمومه ويمزق البلاد

هنئيا لمصر ثورتها .. وان شالله يحققون كل احلامهم في بناء بلد ديمقراطي مستقر ومزدهر ,
وللعراق اتمنى ما تمنيته لمصر, لكن متى سيحدث هذا ؟
كم من السنوات ستمر وكم من التضحيات ستقدم حتى يتحقق حلم العراقيين ببلد مستقر آمن موحد ومستقبل مزدهر؟
الله وحده يعلم متى..
اما انا فأراه حلما بعيد المنال .....



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives