Saturday, August 01, 2009

 

العراق ينادي ....

السبت 1 آب 2009

صباح الخير...
ما يحدث في العراق الآن من انقسامات و صراعات على السلطه بين الاحزاب المشاركه في العمليه السياسيه , وتفجيرات وسفك دماء للمدنيين الابرياء , يحزن كل من يحب العراق , وقلق على مستقبله ..
الناس هناك صارت متعبه وفقدت الثقه بكل الاحزاب والقيادات السياسية وخطاباتها الفكريه, ان كان هنالك ثمة فكر , خطاباتها صارت بالنسبة للناس ليست سوى كلام فارغ وكاذب لا معنى له , بعد اكثر من 6 سنوات على الاحتلال , نتساءل كلنا كعراقيين : ماذا جنينا من كل هذا ؟ ماذا ربحنا ؟ وماذا خسرنا؟
الناس مازالت تعاني من نقص الكهرباء , ونقص باقي الخدمات مثل الماء وتحسين البنيه التحتيه مثل المدارس والمستشفيات في معظم مدن العراق , نقص فرص العمل, غلاء الاسعار وضيق ذات اليد , الفقر والحرمان والجوع والبطاله صاروا من مفردات الحياة اليوميه العراقيه
وكنا نظن اننا سنرى النور فور ان يسقط صدام حسين وحكومته لانهم رأس الشرور في العراق كما ادعت اميركا ومن حالفها على الحرب 2003

واليوم بعد مرور كل هذه السنوات العجاف, مازال العراق يرزح تحت اعباء ثقيله تزداد يوما بعد يوم , وظهرت اعباء جديدة سببت تردى اكبر في مستوى الحياة للعراقيين عامة
ماذا جنينا منذ الاحتلال غير العنف والقتل وسفك الدماء ,والفساد الاداري الذي نهب الموازنه العامه للبلاد, ولم تنفذ المشاريع الموعودة ولم تتحسن حياة الفرد العراقي اليوميه , صارت قصة الفساد الاداري يعرفها كل صغير وكبير في العراق, ولكن الحكومة تذر الرماد في عيون العراقيين حين يمنع مثلا رئيس الوزراء محاسبة وزير التجاره المتهم بالفساد الاداري من قبل لجنة النزاهه في البرلمان العراقي, وايضا يوجد في البرلمان رئيس لجنة اخرى يمنع مساءلة وزير النفط عن قضايا فساد اداري وتوقيع عقود مشبوهه مع شركات اجنبيه , لان رئيس الوزراء ورئيس هذه اللجنه في البرلمان وهؤلاء الوزراء المتهمون كلهم من حزب واحد او ائتلاف حزبي واحد , فطبعا لا يسمحون بتشويه سمعة حزبهم او ائتلافهم , ويحمون مصالحهم الحزبيه ويعطوها اولويه فوق مصلحة الشعب العراقي الذي انتخبهم ووضعهم على هذه الكراسي...

هكذا تجري العمليه الديمقراطيه في العراق,
من يصدق ان كل هذا يحدث بعيدا عن عيو ن اميركا وقياداتها؟

الا يمكن ان تنصح الحكومه الامريكيه هذه الحكومه العراقية او توجه لها انتقادات لتصحيح مسار هذه الديمقراطيه المشوهه في العراق؟
الا يمكن ان تعطي اميركا دورات تدريبيه لهذه القيادات الهمجيه المتخلفه التي لاتفهم أي شيء عن السياسه والحوار ؟
أم أن هذا هو عين المطلوب ان يحدث للعراق واهله ,وكأنه انتقام مبرمج لسحق هذا الشعب وتحطيم ثقته بنفسه ؟
أن يبتلى العراقيون بحكومة ضعيفه لا تقدر ان تدافع عن حقوق الناس وتحميهم من الظلم والبطش الذي يأتي من الخارج او الداخل, وان تكون الحكومه فاسدة تنهب ثروات البلاد دون تقديم خدمات منظورة واضحه للناس, وان تتقاتل احزاب الحكومة بين بعضها وتفجر الاحياء السكنيه انتقاما من بعضها البعض ويذهب ضحايا هذه التفجيرات مدنيين عراقيين ابرياء , ثم يقول المسؤولون ان هذه اعمال ارهابيه تقوم بها القاعدة ورجال النظام السابق او من دول الجوار...
ثم يذهب وفد من الحكومة لاميركا في الاسبوع الماضي ,ويضع الزهور على قبر الجنود الامريكيين الذين قتلوا في العراق , وثمة سؤال من باب العداله , من ذهب ليضع الزهور على قبور العراقيين ضحايا هذا الاحتلال ؟
حسبنا الله ونعم الوكيل , أية مصيبة أكبر من هذه ممكن ان تصيب شعبا ما على هذه الارض؟
الا يكفي الاحتلال ومصائبه , وتدخلات دول الجوار: ايران ترسل اسلحة وافراد لتنفيذ تفجيرات واغتيالات , تركيا تبني السدود وتسبب شحة المياه في انهار العراق وجفاف الاراضي الزراعيه , الكويت تطالب العراق بدفع مليارات الدولارت كتعويضات للحرب مع ايران وتمنع خروج العراق من البند السابع , هذه امثله على تصرفات واضحه من دول الجوار , ثم الاحزاب العراقيه التي شاركت بالعمليه السياسيه جاءت لتكمل الكوارث على رأس هذا الشعب المغلوب على أمره ؟
**********************************************************
والانتخابات البرلمانيه على الابواب , وهذا سبب شراسة وحدة المواجهات والتفجيرات وانفلات الوضع الامني في الشارع , ليس بسبب اصابع دول الجوار هذه المرة , كما يقول مراقبون ومحللون عراقيون الان , بل هي اصابع من داخل العراق, تريد ان تجبر الناس على العودة للمربع الاول ,المربع الطائفي الذي ثبت فشله ورفضه كل العراقيين .

وثمة احزاب كبيرة الان في الحكومة العراقية وفازت باكبر عدد من مقاعد البرلمان في الانتخابات الاخيرة قبل 4 سنوات , هذه احزاب مفلسه فكريا ووطنيا ليس عندها شي تقدمه للناس الا الخطاب الطائفي والعرقي الحاقد الذي يفرق ولا يجمع والذي مزق نسيج المجتمع العراقي وسبب في نزوح وتهجير حوالي 5 ملايين عراقي حسب ما تتفق عليه معظم المصادر المحليه والعالميه من منظمات انسانيه

الاحتلال وهذه الاحزاب الطائفيه الان أفلست كل سياساتهم وخططهم لتقسيم العراق وتطبيق مشروع الفدراليه الطائفيه والعرقيه , حتى في شمال العراق فازت قوائم جديدة في انتخابات الاسبوع الماضي ودخلت الحكومه المحليه للمحافظات هناك , قوائم للتغيير وخطابها السياسي غير قومي ضيق حاقد , خطابها السياسي وطني عام يرغب بتوحيد العراق....
وطبعا العراقيون في الوسط والجنوب الان متحفزون للانتخابات , يريدون ان يطردوا هذه الاحزاب الفاشله التي كذبت كثيرا وقدمت وعودا كثيرة للشعب لكن لا شيء تحقق منها , هدرت دماء الشعب وامواله , طوال السنوات الاربع التي مضت , لم تهتم بشيء سوى مصالحها , وتناحرت فيما بينها في البرلمان وفي الشارع , ويا ليتها تملك اسلوبا حضاريا مسالما في الحوار, لكنها لجأت لاساليب اجراميه دمويه وسفكت دماء العراقيين بلا رحمة , من اجل ان تبقى في السلطه, والله شيء مرعب , لا احد يقدر ان يتصور كيف تقسو قلوب البشر هكذا وتتحول الى غرف يسكنها الشيطان فقط , يسرقون ويقتلون بلا رحمة أبدا ..
هؤلاء نريد ان يخرجوا من العمليه السياسيه نهائيا , لا يجوز ان يبقوا بالسلطه وبيدهم القرار والاموال والاسلحه ويعيثون فسادا بأرض العراق ...
افكر مع نفسي , كيف نحن كشعب عراقي , كم نحن شعب مسالم متحضر؟
هؤلاء اصحاب الاحزاب يفكرون بعقليه العصابات والمافيات , ونحن نفكر بطريقه ازاحتهم عن السلطه بطريقه حضاريه سلميه عن طريق التصويت والانتخاب , وهم يتعاملون معنا بكل انواع العنف والدمويه , لكن الشعب يرفض ان يتعلم منهم هذه الثقافه الكريهه ويرد عليها بالمثل ... ثقافة القتل وسفك الدماء
******************************************************************
في الاسابيع الماضيه قابلت الكثير من العراقيين وسالتهم نفس السؤال : هل تظنون اننا كشعب عراقي نحتاج الى مصالحه وطنيه ؟
الجميع بلا استثناء ابتسم وهز رأسه بالنفي ..
اذن نتكلم قليلا لنعرف من يحتاج مصالحه وطنيه في العراق؟
الاحزاب المتناحره في السلطه هل تحتاج مصالحه وطنيه بينها؟
الجواب من الجميع : لا, لانها تتناحر على الكراسي والمصالح , هذه معظمها لا يوجد عندها وطنيه اصلا..
اذن تبقى مجموعة الاحزاب والكتل السياسيه التي رفضت المشاركه في العمليه السياسيه منذ البدايه ,لانها تراها مشوهه تحت الاحتلال, هذه ممكن ان تتصالح بينها وتوجد أرضيه وطنيه مشتركه للاتفاق على ثوابت تحمي العراق وشعبه وتدافع عن حقوقهم وتصيغ لهم مستقبلا مشرقا مشرفا وتصبح هي صاحبة القرار السياسي في العراق , بغض النظر عن الانتماءات الدينيه او الطائفيه او العرقيه , يجتمعون كلهم تحت شعار : كلنا عراقيون ....
اعتقد هذه ممكن ان تكون بدايه جديدة للمصالحه الوطنيه في العراق , وتكوين بدائل عن هذه الاحزاب الطائفيه الفاشله المفلسه فكريا ووطنيا والتي ارجعتنا الى عصور مظلمه كلها احتراب وحقد وانتقام وتخلف ......
*********************************************************
لو تعرض شعب آخر لما تعرض له العراقيين طوال هذه السنوات العجاف منذ 2003 من قتل وتشريد وفقر وجوع وظلم وسجون وتعذيب ورعب يومي ونقص الرزق ونقص الخدمات , ما كانت اظنه سيصمد كما صمد هذا الشعب
ربما هذه صفة الشعوب التي لها جذور عميقه في ارضها منذ فجر التاريخ , منذ اكثر من 5 الاف سنه , وهذا الوطن وهذا الشعب يتعرض للغزاة والطامعين , ويقدم التضحيات , ويصبر ويتحمل , ثم ينهض من جديد كطائر العنقاء الخرافي من الرماد , ينفض جناحيه ليعيش الحياة من جديد ....
انا فخورة ان اكون عراقيه , والله , رغم كل المحن , ماتغيرت ثوابتي ولا اهتز ايماني اننا شعب واحد , ولن يفرقنا شيء, حتى لوخسرت اميركا كل اموالها من اجل تفريقنا , لن تقدر ان تحقق هذا , العراقيون بصبرهم وتماسكهم , يقولون لي هذا كل يوم ....
***********************************
ماذا كسبنا وماذا خسرنا بعد اكثر من 6 سنوات على الاحتلال؟
كسبنا اشياء كثيرة رغم التضحيات والخسائر في الانفس والاموال , تعلمنا ما هي حقيقة الاستعمار مرة اخرى , رأيناه عن قرب , لم نكتفي بقراءة التاريخ وسماع قصص الاباء والاجداد , لكن رأينا بعيوننا كيف يلبس المحتل ملابس الصديق الذي يريد مصلحتنا , وهو يخفي الافاعي تحت ثيابه , يطلقها لتسمم حياتنا , وهو يضع اصابعه بكل صغيرة وكبيرة في حياتنا , ويظننا مغفلين , المحتل الذي كتب الدستور العراقي الجديد بيديه ثم طلب من العراقيين ان يصوتوا له , هذه كانت اول خطوة في العراق الديمقراطي الجديد , اول خطوة كذابه مليئه بالسموم كم من السنوات ستمضي حتى نلغي هذا الدستور الذي لا يعبر عن ارادتنا ؟
كم من السنوات سنعمل من أجل ان نلغي الخطوة الاولى ؟
تخيلوا كم من السنوات سنحتاج حتى نصلح العراق ونرجعه كما نحب ان يكون , وطنا جميلا خالصا كما نحب ان يكون ...
لا كما يحب حكام اميركا ومن خطط لهذه الحرب معهم , ان يكون

ايضا تعلمنا كيف نحب هويتنا ونتمسك بها كيف نحب ديننا وثقافتنا وحضارتنا
كيف نحب اوطاننا
كيف نسترجع ثقتنا بأنفسنا
عندنا مثل قديم يقول الضربه التي لا تحطمك سوف تزيدك قوة
شكرا للاحتلال لانه زادنا قوة وايمانا وثقة بالنفس
وكشف الوجه القبيح المزيف لحضارة تدعي انها تستحق ان تسود العالم

***********************************************************************

كيف هو العراق الان ؟
هو سجن كبير لمن يعيش فيه , هو عالم من الرعب والخوف من كل شيء , هو عالم من الظلم والقهر والحرمان , هو عالم بلا عداله بلا سلام بلا استقرار بلا كرامه , وكأنني أراه واسمعه وهو يبكي على ابنائه كل يوم , كأنه يعتذر ويقول : ما فعلت هذا من نفسي ,
انا لا املك نفسي ...

لذلك أرى ان العراق ينادي ابناءه الان ,
مدوا ايديكم من اجل تغيير مايمكن تغييره على الارض ,
فهذا لن يحدث بعصا سحريه ..

تصليح الخراب الذي حصل للعراق يحتاج مشاركة كل الناس الطيبين , ولسنوات طويله قادمه ...
هذه أول خطوة نحو طرد المحتل وهذه القيادات والاحزاب التي جاءت لتدمر العراق معه
...
أن نكون ايجابيين ونتحرك للعمل , وليس فقط ننتقد ونتأفف ونشتكي ونتهم , لا أحب السلبيه , هذه الايام الذي يتخذ موقفا سلبيا تجاه ما يحدث في العراق ,
هو مشارك في الاثم والخيانه , دون شك ...
هذه هي وجهة نظري....
العراق ينادينا أن ننقذه مما هو فيه ..



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives