Thursday, November 06, 2008

 

اوباما وآمال كثيرة ....

الخميس 6 تشرين الثاني 2008
السلام عليكم ,
اعرف ان رؤوس الناس قد تصدعت من كثرة التقارير والتحليلات السياسيه عن فوز اوباما ليكون الرئيس المنتخب الجديد لأميركا
لكنني أحب ان أتكلم عن هذا الموضوع بصفتي عراقيه , وما هي وجهة نظري في الموضوع ؟

طبعا في البدايه كنا نقول انهم جميعا نفس الشيء , بوش او ماكين او اوباما ,
ولكن بعد ظهور نتائج الانتخابات ووقوف اوباما على المنصه بعد فوزه , والكلمة المختصرة التي القاها , أعطتني الانطباع انه رجل من نوع آخر, من نوع لا يشبه بوش وماكين وكلنتون وغيرهم ممن عاصرناهم ...
فخطابه كان يمتليء بالكلام المنطقي المتزن الذي لم تؤثر عليه نشوة النصر والنجاح فخرج علينا يتبجح ويهدد باستعمال القوة ذات اليمين وذات اليسار كما كان يفعل بوش في خطاباته الناريه التي تاتي مباشرة بعد نتائج فوزه في صناديق الاقتراع ...

اوباما قال ان هذا النصر هو للشعب الامريكي وليس له , وانا اقول فعلا هو نصر للشعب الامريكي المسكين الذي عانى الكثير منذ احداث سبتمبر 2001 ولحد الان , حيث استغلت الادارة الامريكيه السابقه هذه الاحداث ابشع استغلال, ودفعت البلاد الى طريق مليء بالمخاطر حين شنت الحروب والاحتلالات على افغانستان ثم العراق , وتحت حجج واهيه غير مقنعه , رغم ان الاف وربما ملايين من الامريكان خرجوا في مظاهرات كثيرة يرفضون الحرب , سواء قبل حدوثها, او كل سنه في يوم ذكرى نشوب الحرب على العراق الحزين...

ونتيجة هذه السياسات العدوانيه الخرقاء التي استعملتها الادراة الامريكيه , فقد تدهور اقتصاد البلاد وساءت احوال الناس المعيشية , وزادت البطاله , وارتفعت اسعار تكاليف الحياة, وتدهور وضع التأمين الصحي لملايين من الامريكيين , وكذلك النظام التعليمي ظهرت فيه مشاكل وتدهوروصار بحاجة ملحه الى رعاية وانتباه,
لكن الادارة الامريكية ظلت تتصرف كأنها ليست هنا , كأنها طرشاء وعمياء عما يحدث حولها ...
حتى حدثت الانهيارات الاقتصاديه الاخيرة التي اصابت البنوك وشركات التأمين الامريكيه
وحاولت ادارة بوش تقديم الحلول لكنها لم تكن مقنعه بما فيه الكفايه للشعب الامريكي
وسبحان الله
ربما هذا هو السبب الذي دفع الناس لانتخاب اوباما
********************************************************

واستنزفت الميزانية من أجل حرب لم تظهر ايجابياتها للعراقيين والامريكيين على حد سواء , على الرغم من مرور خمس سنوات عليها , صرفت مليارات مليارات الدولارات , والنتيجه , قتلى وجرحى من العراقيين , وسجناء , وأرامل وايتام وثكالى , وخراب البنية التحتيه للعراق والذي لم يسترجع عافيته لحد الان رغم كل القصص الوهميه عن توقيع العقود واعادة الاعمار, والعراقي مازال يعاني من نقص الكهرباء والماء النظيف , وتفشت الكوليرا في الشهور الاخيرة ايضا , ونقص في فرص العمل , رغم ان بعض المناطق شهدت تحسنا في الوضع الامني , لكن الناس مازالوا يعانون الفقر وتفشي البطاله بشكل واسع ...
والوضع الامني تحسن للاسف بعد تقسيم العراق , يعني المهمه انتهت ...
تقسمت بغداد الى مناطق سنية وشيعيه ...
وتقسمت المحافظات الى محافظات سنية وشيعيه...
والانتخابات قادمه في المحافظات , والله يستر مما سيحدث من تقاتل على السلطه
ثم سياتي قانون تقسيم العراق الى فدراليات سنية شيعية كرديه ...
يعني مستقبل البلاد مخيف وبشع ...
والعراقي اما مهجر في الداخل او لاجيء في دول الجوار او طالب توطين الى بلد ثالث او يعيش داخل العراق يعمل مع الاحزاب والحكومه وحياته مهددة بالخطر كل يوم , او فقيرا محروما لا حول له ولا قوة ,,,
يعني الانسان اذا كان مهانا فقيرا محروما في بلده الغني بالثروات والنفط , كيف يكون شعوره ؟
على من يغضب؟
على حكومته ام على الاحتلال أم على كليهما معا؟
******************************************
وهل يدرك الشعب الامريكي ان هذا هو وضع الشعب العراقي منذ احتلاله 2003 ولحد الان ؟
بوش ظل يخدعهم ويضللهم ويخفي الحقائق ...
لكنه لا يقدر ان يكذب الى الابد ...

الشعب الامريكي عاش في قوقعة مغلقة لا يدري مالذي يحصل في العراق منذ 2003
بوش وادارته اغلق كل المنافذ لوصول الحقيقه عما يجري في العراق ,
لكن مئات الناشطين من اميركا جاؤوا للعراق او الدول المجاورة ليستقصوا حقيقة مايحدث في العراق, خلال هذه السنوات الخمسه , ورجعوا ليكتبوا مقالات في الصحف او على الانترنت أو عملوا افلاما وثائقيه , في جهود متواصله حتى ينقلوا الحقائق التي رأوها بعيونهم , الى شعبهم هناك, حتى يفتح عيونه ويضغط على القيادات لتتوقف عن الكذب وخداع الناس ...
عساها توقف الحرب هناك , وتسحب الدبابات والهليكوبترات والجيوش المسلحه من أرض العراق , ما هكذا تصنع الديمقراطيات للشعوب , لا بالدبابه ولا بالهليكوبتر ولا بجنود مسلحين متمترسين في ارتال عسكريه تروع السكان المدنيين كل يوم .....

والديمقراطيه لا تصنع عن طريق مساندة قيادات محلية تملك الولاء لاميركا ولا تملك الولاء لشعبها , ولا تهتم بمعاناته ولا حل مشاكله اليوميه ...

اليست هذه نفس القصص الممله المكرره في اميركا اللاتينيه وفيتنام وغيرها من بلدان احتلتها اميركا في القرن الماضي واذاقت شعوبها المر والذل والهوان والفقر والجوع والسجون ؟
وتنصيب قيادات لا تملك الرحمه نحو شعوبها ؟
وماذا كانت النتيجه ؟
صارت هذه قصصا من الماضي ...
تحررت فيتنام , وكذلك فعلت معظم دول اميركا اللاتينيه , والان بدأت تمضي خطوت نحو ديمقراطيه حقيقية دون تدخل اجنبي , بدأت هذه الدول تصيغ لنفسها تاريخا جديدا تصنعه شعوبها ...
لكن للاسف حين جاءت اميركا لتحتل العراق , فقد ارجعتنا للقرن الماضي, وعادت ذكريات الاحتلال الانكليزي لاذهان العراقيين , وكأننا رجعنا الى خانة الصفر من جديد , عدنا لنعيش ونرى ما عاشه ورآه اجدادنا في عشرينيات القرن الماضي....
رغم كل ما تحاول وسائل الاعلام الامريكيه فبركته عن ان العراق تحرر وانطلق الى عصر جديد وحرية وديمقراطيه وحقوق انسان وشفافيه , لكننا جميعا نعرف انه محض كلام فارغ ...
مادام المحتل يتمشى بدباباته في شوارع بغداد ومدن عراقيه اخرى, فنحن لسنا بأحرار , نحن شعب بلا كرامه ...
مادام يقتحم البيوت ويفتش بمطلق الحريه ويعتقل من يشاء ويطلق سراح من يشاء, مادام يشن غارات جويه على قرى ومدن عراقيه والحكومه لا تسأله ولا تقدر ان تمنعه , فاين هو استقلال البلاد ؟
حتى رجال القيادة في العراق , من زعماء احزاب او رجال دين او رؤساء عشائر او نواب برلمان او وزراء , لا أظنهم ينكرون ان البلد محتل , وان القرار الحقيقي ليس بيدهم , وأنما بيد المحتل ...

وحتى لو خطط المحتل للانسحاب من الشوارع واختبأ في قواعد عسكريه دائميه , فلا يغير هذا شيئا من الحقيقة ان العراق بلد محتل , لا يملك مصير نفسه بيده ...
هذا شيء محزن
هذا شيء مخجل
ان يحدث ونحن نعيش في سنة 2008
وليس سنة 1920
**********************************

اعجبتني كلمة اوباما , بل اذهلتني , لم اكن اصدق ان ثمة قائد يعيش على قيد الحياة في اميركا , وعنده هذه الرؤيه ,
قال ان قوة اميركا ليست في قوتها العسكريه ولا ما تملك من ثروات , بل ما تملك من قيم نبيله
وانه يطلب ان يعود الامريكان لقيم الاجداد المؤسسين ,
حتى تكون اميركا قائده للعالم ,

رأيت الجمهور يصفق وتنهمر الدموع من عيون بعضهم ...
انا لو كنت امريكيه كنت سأفعل نفس الشيء...
هذه اميركا التي ينبغي ان نحبها ونفتخر بها لتكون قائدة لدول العالم ...
هذه اميركا التي خرج اهلها ضد الحرب على العراق
هذه اميركا التي تريد سحب الجيوش من العراق وترك البلد لاهله يبنوه بيديهم
هذه اميركا التي احبها واحترمها واريدها ان تعين العراق ليبني نفسه ثم تنسحب منه كما يفعل الصديق حين يكمل مهمة انقاذ صديقه الذي كان في محنه ....

فرحت لفرح كل صديقاتي واصدقائي من الامريكان الذي عانوا الرعب والاضطهاد الذي مارسه عليهم بوش وادارته اليمينيه المتطرفه ...
احسست انهم اخيرا تنفسوا الصعداء , وتخلصوا من الكابوس, وحققوا حلمهم الجميل ...
فهنيئا لهم ,
***********************************
عندما كنا في اميركا 2006 مع وفد نسائي عراقي..
كنا زرنا الكنائس والجامعات والبيوت وراينا الناس هناك كم يرفضون الحرب على العراق , والكثير منهم يأتي ويعتذر ويبكي ,
ويسألوننا كيف يمكن ان نساعد العراقيين ؟
نقول لهم غيروا قياداتكم , انتخبوا قيادات جديدة تحب السلام والحوار مع الامم الاخرى بدلا من الحروب والاحتلالات كلغة حوار مع الاخرين ...
والبارحه فرحت , أحسست ان الشعب الامريكي خصوصا الجزء منه المحب للسلام والمؤمن بحرية الشعوب , هو الذي صوت لاوباما , لانه قدم لهم خطاب فكري مختلف عن خطاب بوش العنصري العدواني الهتلري ...
واعترف ان نظرتي للشعب الامريكي قد تغيرت الان...
ماعادوا بالنسبة لي اناس انانيين جاهلين بما يحدث حولهم ,
اثبتوا انهم عارفين بكل السلبيات التي تحيط بهم , وانهم اختاروا التغيير ,
وهذه علامة ايجابيه ...
*********************************
ربما ثمة أناس يظنونني جاهلة وساذجه حيث ارسم صورة ورديه متفائله لما حدث يوم امس او لما سيأتي ,
لكنني انسانه واقعيه , ومن تجاربي في الحياة علمتني ان الانسان الذي يملك المباديء , لا يغيره شيء ابدا,
كلما طال به العمر ازداد ثباتا وعنادا على المباديء التي يؤمن بها,
واظن ان اوباما من الناس اصحاب المباديء,
ومهما يكن السستم الذي يعمل داخله , اقصد منظومة الادارة الامريكيه , هي منظومه معقدة وليست سهلة الاختراق او تغيير الاتجاه ,
لكنني واثقه انه اذا كان اوباما صادقا في مبادئه , سيكون قويا وشجاعا للدفاع عنها من اجل ترسيخها,
ايضا مطلوب من الشعب الامريكي ان يبقى معه يشجعه ويعينه على اختيار سبل السلام والحوار مع الاخرين بلا عدوانيه وعنف وحروب ,
واتمنى ان يستغلوا موارد بلادهم وثرواتها من أجل سعادة المواطن الامريكي وراحته ,
وليس من اجل استنزاف اموال الناس ثم استغلالها في حروب بشعه تحرق الاخضر واليابس في بلدان اخرى مثل افغانستان والعراق وتدمير المدن والقرى وقتل السكان المدنيين وتنغيص حياتهم وتحويلها الى فقر وجوع وامراض بعدما وعدوهم بالحريه والديمقراطيه كثمن لهذا التدخل العسكري ....

تمنياتي ان تكون السنوات القادمه افضل من اللواتي مضين على الشعب الامريكي والعراقي...
اتمنى الخير لنا جميعا,
اتمنى ان نعيش حياة كريمه آمنه ..
وأن نبني مستقبلا زاهرا مشرقا لاولادنا واحفادنا ...


وأرجو من القيادات العراقيه ان تستغل قدوم رئيس امريكي جديد له خطاب مختلف عن بوش , في ان تبني علاقة جديدة على أسس مختلفه مع هذا الرئيس الجديد ,
أسس فيها احترام متبادل وليس ضعف وخضوع وخوف منه ,
واستغلال الوقت لتقوية اجهزة الدوله وتنظيفها من الفساد ,
وتقوية اجهزة الجيش والشرطه الوطنيه وتزويدها بأسلحه وتدريب كافي لتتولى الملف الامني في البلاد ,
مادام اوباما يخطط لسحب الجيوش مبكرا من العراق,
ينبغي على القيادة العراقية استغلال هذا البند لصالح تسريع اصلاح اوضاع البلاد , وخاصة الوضع الامني , والدفع الحقيقي من أجل انجاز المصالحه الوطنيه ...
وايضا عدم التساهل ببنود المعاهدة الامنيه وجعل سلطة جيش الاحتلال سلطة بلا رقيب, سلطة بلا حدود , هذا لا يجوز ان تسمح به أي قيادة تحترم نفسها وتحترم شعبها ...
وان تكون قيمة الانسان الامريكي تساوي قيمة الانسان العراقي ,
يعني العراقي الذي يقتل جنود امريكيين يحكم عليه بالاعدام ؟
و الجندي الامريكي الذي يقتل عراقيين مدنيين يحكم بالسجن لثمانية شهور ؟
هذه ليست عداله !

ليس العراق وحده , وانما كل دول العالم ينبغي لها ان تعيد صياغة العلاقة مع اميركا بطريقة صحية , فيها احترام متبادل , وتفهم للطرف الاخر , وليس علاقة سيد وعبد مطيع لا يناقش, كالتي رسختها ادارة بوش العدوانيه , ويا له من ماض مشين وتاريخ قبيح تركه وراءه بوش المسكين ورفاقه دك شيني وغونداليزا وغيرهم من جنرالات الحروب الاشرار ..

أرجو ان لا يبتلى العالم مرة اخرى بقادة عنصريين دمويين كهؤلاء ,
نريد السلام ان يسود حياتنا , وحاضرنا, ومستقبلنا ...
نريد للسلام ان يكون لغة الحوار بين شعوب الارض..
وان نكون قد دخلنا عصرا جديدا ليس فيه مفردات مثل تصادم الحضارات ومحاربة الارهاب ...
فهذه كانت كلمات بشعه سوقها جنرالات الحروب حتى يبرروا سياساتهم العدوانيه على الدول الاخرى ...
كفانا ما رأيناه من خراب ودمار وسفك دماء واحزان ...
أتمنى ان يكون الزمن الذي سيأتي , افضل من الذي مضى ...
اتمنى ذلك من كل قلبي ...

ملاحظة : ربما كل تقديراتي تطلع خاطئه واوباما سيكمل سياسات بوش الكارثيه العدوانيه العنصريه
معنى هذا ان ثمة خطأ في نظام الديمقراطيه الامريكيه حين يلهث الناس من اجل تنصيب قادة كذابين
لا ادري
لكن التغيير الايجابي لا بد ان يحدث ذات يوم
وهذه مسؤوليتنا جميعا أن نعمل لتحقيق السلام على الارض
تحياتي



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives