Saturday, August 30, 2008
العراقيون يتقلبون على الجمر .....
السبت 30 آب 2008
السلام عليكم...
أعرف أن كتابتي صارت قليلة وبفترات متباعدة,
ربما لأن ضغوطات العمل اليومي تتعبني ,وكلها تدور حول العراقيين اللاجئين هنا ومشاكلهم ومعاناتهم التي لا حدود لها , بين هموم الاقامه غير الشرعيه, وهموم البحث عن عمل وايجاد دخل للعائله, والخوف من ملاحقة الشرطه لانه لا يحق لهم ان يعملوا ان لم تكن اقامتهم شرعيه,وبين التفكير بالعودة للعراق والتردد والخوف, وبين طلب اعادة التوطين والقلق من المستقبل المجهول هناك لكل عائله ولاطفالها , وبين تأمين الحاجات اليوميه من غذاء ودواء وتعليم للاطفال , وبين اضطرابات ومشاكل نفسيه اجتماعيه قانونيه تعصف بأفراد العائله , وربما وصلت الى مشاكل عنف منزلي متكرر نتيجة سوء الاوضاع النفسيه والاجتماعيه مما تسبب احيانا تحطيم مؤسسة العائله واللجوء الى الطلاق .
عندما اعود للبيت , افضل عدم الحديث عما رأيته وسمعته طوال النهار , واضع موبايلي على الصامت حتى لا اجيب المكالمات , وطبعا معظمها من عراقيين .
وأعود في المساء لاتصل بهم واسمع ماهو الجديد, لا يمكن ان أوصد الابواب في وجه من يحتاج المساعدة , عندنا مثل يقول : اللي يريد يشتغل جمال ( راعي جمال ) يوسع باب داره ,
يعني الذي يريد يساعد الناس يوسع صدره وقلبه ...
والله قلبي متعب مما حصل لنا جميعا , وهموم الناس تضاف الى همومي الشخصيه , بل تنسيني همومي الشخصيه , لأنه بالمقارنه لما أسمع من كوارث , تصغر همومي وتتلاشى من ذاكرتي ...
*******************************
العراقيين كلهم مهمومين , حتى الذي عنده اقامه شرعيه ومخزون مالي جيد , عندما تحاوره تكتشف كم هو منكسر من الداخل , كما قال احدهم : مثل لوح الزجاج اذا انكسر, هل يعود كالسابق ؟
طبعا مستحيل.....
توجد منظمات كثيرة هنا تعمل للعراقيين , لكن هيكلية المنظمات هي عادة من موظفين اجانب او اردنيين , برواتب وامتيازات عاليه ...
اما طاقم المتطوعين فهو عادة من عراقيين وعراقيات معظمهم يحملون شهادات جامعيه لكنهم بلا اقامه , فيعملون بظروف عمل قاسية ومهينه في معظم الاحيان , وبرواتب متدنيه لا يقبل بها أي أردني لانها أقل من الحد الادنى للاجور الذي تحدده الحكومه ووزارة العمل هنا.
اما المنظمات التي توزع حصص غذائيه أو كاش فهي تخير العائله اما حصةغذائية أو كاش شهري بمعدل 30 دينار للشخص الواحد
( اقل من خمسين دولار ) , وهذا المبلغ عادة يذهب لتغطية ايجار البيت ونفقات الماء والكهرباء ,
طيب من أين يأكلون ؟
الا يوجد احد بهذه المنظمات ( الانسانية ) يفكر بضمير ؟
الا يقول لنفسه : طيب اعطيناهم حصة غذاء فمن أين سيدفعون اجرة البيت ؟
واذا اعطيناهم الاجرة للبيت فمن أين سيأكلون؟
في الحقيقة من تجربتي مع هذه المنظمات انها لا تملك اي فكر انساني حقيقي , هي فقط تقدم قطرات من مساعدات هزيله لا تسمن ولا تغني من جوع , وتنشر كتيبات وتطبع بوسترات ملونه بورق لماع ربما تكلف ميزانية اكثر مما تعطيه لهذه العوائل الفقيرة ....
والمنظمات التي كانت تقدم مساعدات طبيه سابقا , اغلقت ابوابها في الشهور الاخيرة, مافي تمويل , يعني اذهبواالى الجحيم ..
والمنظمات التي تساعد طلاب المدارس ايضا سحبت تمويلها لطلاب المدارس الخاصه وحولتهم للمدارس الحكوميه الاردنيه الفقيرة والتي تعاني من مشاكل كثيرة اهمها ضعف البنية التحتيه لهذه المدارس وعدم قدرتها على استيعاب طلاب جدد, لكن العراقيين مجبورون ان يطيعوا التعليمات
لئلا يبقى اولادهم في البيوت بلا تعليم...
وبدأ العام الدراسي قبل اسبوعين مثلا , وبدأت العوائل الفقيرة تتصل وتشتكي انهم محتاجين لحقائب وزي مدرسي لاولادهم , واتصلت مع اكبر منظمه هنا ترعى موضوع تعليم العراقيين , فقالت المنسقه : في شهر اكتوبر نوزع المساعدات المدرسيه ..
قلت لها يعني انتم تعلمون ان المدراس تفتح في آب , ما عرفتم ان ترتبوا موضوع المساعدات من دفاتر وحقائب وملابس لتكون مع بداية العام الدراسي؟
هل معقول ان ينتظر الطالب شهرين حتى يستلم حقيبه وملابس مدرسيه ؟
طبعا ماذا سيكون جوابها؟
بارد وتافه كالعادة...
هؤلاء موظفون ياخذون رواتب عاليه وامتيازات بسبب كارثة العراق والعراقيين ,
بينما كل شيء حولهم يقول فليذهب العراقيون الى الجحيم...
هكذا هو واقع الحال الذي يعيشه اللاجئون هنا...
طيب ماذا عن الذين يعيشون في الداخل ؟
او الذين ذهبوا الى ما يسمى اعادة توطين؟
الذين في الداخل يعانون من قلة الأمان والاستقرار والوظائف , وغلاء الاسعار بطريقة جنونيه خصوصا الوقود , وشحة الكهرباء والماء النظيف , ونحن نعيش هذا الصيف الجهنمي , وفي العراق يوجد حر شديد وكهرباء قليله , وقلق وخوف من الحاضر والمستقبل ...
ماذا عن المهجرين في داخل العراق؟
حالهم مثل اللاجئين هنا , لكن الفرق هو انهم لا مشاكل عندهم بموضوع الاقامه , لكنهم بنفس الحال والظروف , فقدوا بيوتهم واعمالهم ووظائفهم واستقرارهم ومدراس اولادهم ,وجاؤوا ليعيشوا بيئه جديده غريبه نوعا ماعنهم ...
ووصلني تقرير من صديقة امريكيه صادر من الامم المتحدةعن وضع المهجرين العراقيين ...
نسب العوائل التي هجرت وسكنت الخيام هي نسب قليله ضئيله
( مثلا 5%)
ثم تاتي نسب يسكنون في مباني حكوميه
ثم نسب اعلى لمن يسكنون مع اقاربهم في المدن التي هجروا اليها
ثم النسبه الاكبر هي عوائل استأجرت بيوت في المدن الجديدة التي نزحت لها
حتى تصل نسبتهم الى اكثر من ثمانين بالمئه
من المجموع الكلي للتصنيف
http://www.iom-iraq.net/library.html#IDP
...
يعني العراقي هو يحل مشاكله بيده ...
مشكلته مع الكهرباء يحلها بشراء مولده او الاشتراك مع مولدة الحي
مشكلته مع الماء يحفر بئر في الحديقه للحصول على ماء...
مشكلته مع التهجير والعنف الطائفي الذي اخترعه الاحتلال , ان تذهب العائله الى مدينةاخرى وتستاجر بيت وتدبر عيشتها ...
او تسافر الى دول مجاورة وتعيش بوضع لا جئين بلا اقامه بلا كرامه , يتلقون الاهانات اينما ولوا وجوههم .....
او يحصلون على اعادة توطين ,اذا كان طبيب او مهندس او صاحب شهادة عاليه , لازم يتشحشط ويبدأ من نقطة الصفر لأن تلك الدول لا تعترف بالشهادة والخبرة السابقة خصوصا الدول الاوربيه ..
اما في اميركا , فالذي معه لغة انكليزيه ممكن ان يحصل على مهنة صغيرة براتب اقل من الفين دولار ويبقى يستلم بطاقة معونه غذائيه من دائرة الهجرة ...
واذا كان عنده تعليم بسيط ولا يتقن اللغة الانكليزيه , يذهب ويعمل عامل في محطة وقود
او عامل سوبرماركت يكنس وينظف ويتدبر أمره بنفسه
او اي مهنة تافهه
هل هذا هو الحلم بمستقبل مشرق للعراقيين
بعد سقوط النظام الدكتاتوري الفاشستي ؟
يذهب العراقيون ليعملوا كالخدم في اميركا؟
اميركا التي احتلت بلدهم ودمرته وشردتهم ؟
بدل ان يرجع العراقيون ليعمروا بلادهم بيديهم
يذهب مقاولون اميركان وجنود امريكان ليعيشوا
بخيرات العراق
واهل العراق محرومون من خيرات وطنهم؟
مشردون في بقاع الارض المختلفه
مهانون محتقرون منفيون ؟
أين العداله ؟
*******************************************************
الذين هنا يعانون من الجوع والفقر والذل,ينتظرون اعادة التوطين في بلد ثالث , وهم يعلمون تماما انه ليس الحل السحري الذي سيعطيهم السعادة والامان والاستقرار , لكنهم يقولون هذا حل افضل من بقائنا هنا تحت رعب التسفير القسري والعودة للعراق....
واين دور الحكومه العراقيه العزيزه؟
يذهب رئيس الوزراء عادة لزيارة بلدان الجوار ويطلب منهم اعادة العراقيين الى العراق, عدم تسهيل اقامة العراقيين ودفعهم للعودة الى العراق بعد ان تسد في وجوههم الابواب ويصلون الى مرحلة اليأس ....ويعدهم بثمانمائة دولار لكل عائله ترجع....
كلما قابلت عائله بوضع سيءسألتهم نفس السؤال : لماذا لا تعودون للعراق؟
فيكون رد الفعل كأن صاعقة ضربتهم : ماذا ؟ نرجع ؟ الى أين نرجع ؟ بعنا بيوتنا أو هجرنا من بيوتنا ونخاف العودة , أين نسكن ؟ كيف نعيش ؟ نخاف على اولادنا وبناتنا ....
عادة أبقى مبحلقة في الوجوه , لا أقدر ان ألومهم ....
طيب والثمانمائة دولار؟
لا احد يتقبلها !
يرونه عرضا سخيفا لا يستحق المجازفه .....
****************************************
الصورة العامه تقول ان كل ما جرى وما زال يجري , هو برنامج منظم لتحطيم شخصية الانسان العراقي , تحطيم ثقته بنفسه عن طريق تجويعه واذلاله وجعله يدور كالشحاد على ابواب المنظمات التي تسمي نفسها انسانيه ,وهي ابعد ما تكون عن الانسانيه ...
وبرنامج افقار وتفقير للعراقيين في الداخل والخارج , حيث استنزفت موارد معظم العوائل بسبب ضيق العيش والاعتماد على الدخل الشخصي لحل المشاكل اليوميه , هذه عملية سحق مبرمجه لشعب بأكمله ...
والعراقيون حالهم مثل الايتام حول موائد اللئام ... يرمون لهم الفتات الذي لا يسد جوعهم وحاجتهم ..
وفي نفس الوقت , تبنى قواعد عسكريه امريكيه على ارض العراق, وتوضع اتفاقيات امنيه طويله الامد لتكبيل البلاد بقيود استعمار طويل الامد , ليبقى كل شيء يدورتحت رحمة الاحتلال
*************************************************
أما أميركا , فتعيش الان مهرجان الانتخابات والناخبين والشعارات والاعلام المرفرفه والمرشحين على الشاشات مع زوجاتهم واولادهم سعداء مبتسمين , ويثرثون عن وعود بتحسين الاقتصاد او سحب الجيوش من العراق من أجل سعادة الشعب الامريكي طبعا وليس رحمة بالشعب العراقي المسفوك دمه من خمس سنوات
والعراقيون يتساءلون بسذاجه : اين نفطنا؟ أين ثرواتنا الوطنيه ؟ أين الحريه والديمقراطيه والشفافيه والحكومه الفتيه التي جاءت لترحمنا من ظلم الدكتاتور ؟
أين كرامتنا؟ اين حقوق الانسان فينا؟ اين مستقبلنا ومستقبل اطفالنا ؟
هل ثمة من يفكر بنا ؟
هل ثمة من يحزن علينا ويريد ايجاد حلول جذريه لوقف العنف واعادة استقرار البلاد وترجيع الناس الى بيوتهم ليعيشوا مطمئنين آمنين مثل غيرهم من شعوب العالم؟
لماذا يدفع العراقيون وحدهم ثمن جشع تجار الحروب ؟
ولماذا يصمت الاخرون ؟
كل العالم تقريبا يتفرج ويصمت على ما يحدث في العراق...
ويظن الشيطان احيانا انه انتصر ,
لكنهم يقولون الذي يضحك اخيرا هو الذي يضحك كثيرا ...
وليس لنا سوى الانتظار والصبر حتى ينهزم الشيطان....
السلام عليكم...
أعرف أن كتابتي صارت قليلة وبفترات متباعدة,
ربما لأن ضغوطات العمل اليومي تتعبني ,وكلها تدور حول العراقيين اللاجئين هنا ومشاكلهم ومعاناتهم التي لا حدود لها , بين هموم الاقامه غير الشرعيه, وهموم البحث عن عمل وايجاد دخل للعائله, والخوف من ملاحقة الشرطه لانه لا يحق لهم ان يعملوا ان لم تكن اقامتهم شرعيه,وبين التفكير بالعودة للعراق والتردد والخوف, وبين طلب اعادة التوطين والقلق من المستقبل المجهول هناك لكل عائله ولاطفالها , وبين تأمين الحاجات اليوميه من غذاء ودواء وتعليم للاطفال , وبين اضطرابات ومشاكل نفسيه اجتماعيه قانونيه تعصف بأفراد العائله , وربما وصلت الى مشاكل عنف منزلي متكرر نتيجة سوء الاوضاع النفسيه والاجتماعيه مما تسبب احيانا تحطيم مؤسسة العائله واللجوء الى الطلاق .
عندما اعود للبيت , افضل عدم الحديث عما رأيته وسمعته طوال النهار , واضع موبايلي على الصامت حتى لا اجيب المكالمات , وطبعا معظمها من عراقيين .
وأعود في المساء لاتصل بهم واسمع ماهو الجديد, لا يمكن ان أوصد الابواب في وجه من يحتاج المساعدة , عندنا مثل يقول : اللي يريد يشتغل جمال ( راعي جمال ) يوسع باب داره ,
يعني الذي يريد يساعد الناس يوسع صدره وقلبه ...
والله قلبي متعب مما حصل لنا جميعا , وهموم الناس تضاف الى همومي الشخصيه , بل تنسيني همومي الشخصيه , لأنه بالمقارنه لما أسمع من كوارث , تصغر همومي وتتلاشى من ذاكرتي ...
*******************************
العراقيين كلهم مهمومين , حتى الذي عنده اقامه شرعيه ومخزون مالي جيد , عندما تحاوره تكتشف كم هو منكسر من الداخل , كما قال احدهم : مثل لوح الزجاج اذا انكسر, هل يعود كالسابق ؟
طبعا مستحيل.....
توجد منظمات كثيرة هنا تعمل للعراقيين , لكن هيكلية المنظمات هي عادة من موظفين اجانب او اردنيين , برواتب وامتيازات عاليه ...
اما طاقم المتطوعين فهو عادة من عراقيين وعراقيات معظمهم يحملون شهادات جامعيه لكنهم بلا اقامه , فيعملون بظروف عمل قاسية ومهينه في معظم الاحيان , وبرواتب متدنيه لا يقبل بها أي أردني لانها أقل من الحد الادنى للاجور الذي تحدده الحكومه ووزارة العمل هنا.
اما المنظمات التي توزع حصص غذائيه أو كاش فهي تخير العائله اما حصةغذائية أو كاش شهري بمعدل 30 دينار للشخص الواحد
( اقل من خمسين دولار ) , وهذا المبلغ عادة يذهب لتغطية ايجار البيت ونفقات الماء والكهرباء ,
طيب من أين يأكلون ؟
الا يوجد احد بهذه المنظمات ( الانسانية ) يفكر بضمير ؟
الا يقول لنفسه : طيب اعطيناهم حصة غذاء فمن أين سيدفعون اجرة البيت ؟
واذا اعطيناهم الاجرة للبيت فمن أين سيأكلون؟
في الحقيقة من تجربتي مع هذه المنظمات انها لا تملك اي فكر انساني حقيقي , هي فقط تقدم قطرات من مساعدات هزيله لا تسمن ولا تغني من جوع , وتنشر كتيبات وتطبع بوسترات ملونه بورق لماع ربما تكلف ميزانية اكثر مما تعطيه لهذه العوائل الفقيرة ....
والمنظمات التي كانت تقدم مساعدات طبيه سابقا , اغلقت ابوابها في الشهور الاخيرة, مافي تمويل , يعني اذهبواالى الجحيم ..
والمنظمات التي تساعد طلاب المدارس ايضا سحبت تمويلها لطلاب المدارس الخاصه وحولتهم للمدارس الحكوميه الاردنيه الفقيرة والتي تعاني من مشاكل كثيرة اهمها ضعف البنية التحتيه لهذه المدارس وعدم قدرتها على استيعاب طلاب جدد, لكن العراقيين مجبورون ان يطيعوا التعليمات
لئلا يبقى اولادهم في البيوت بلا تعليم...
وبدأ العام الدراسي قبل اسبوعين مثلا , وبدأت العوائل الفقيرة تتصل وتشتكي انهم محتاجين لحقائب وزي مدرسي لاولادهم , واتصلت مع اكبر منظمه هنا ترعى موضوع تعليم العراقيين , فقالت المنسقه : في شهر اكتوبر نوزع المساعدات المدرسيه ..
قلت لها يعني انتم تعلمون ان المدراس تفتح في آب , ما عرفتم ان ترتبوا موضوع المساعدات من دفاتر وحقائب وملابس لتكون مع بداية العام الدراسي؟
هل معقول ان ينتظر الطالب شهرين حتى يستلم حقيبه وملابس مدرسيه ؟
طبعا ماذا سيكون جوابها؟
بارد وتافه كالعادة...
هؤلاء موظفون ياخذون رواتب عاليه وامتيازات بسبب كارثة العراق والعراقيين ,
بينما كل شيء حولهم يقول فليذهب العراقيون الى الجحيم...
هكذا هو واقع الحال الذي يعيشه اللاجئون هنا...
طيب ماذا عن الذين يعيشون في الداخل ؟
او الذين ذهبوا الى ما يسمى اعادة توطين؟
الذين في الداخل يعانون من قلة الأمان والاستقرار والوظائف , وغلاء الاسعار بطريقة جنونيه خصوصا الوقود , وشحة الكهرباء والماء النظيف , ونحن نعيش هذا الصيف الجهنمي , وفي العراق يوجد حر شديد وكهرباء قليله , وقلق وخوف من الحاضر والمستقبل ...
ماذا عن المهجرين في داخل العراق؟
حالهم مثل اللاجئين هنا , لكن الفرق هو انهم لا مشاكل عندهم بموضوع الاقامه , لكنهم بنفس الحال والظروف , فقدوا بيوتهم واعمالهم ووظائفهم واستقرارهم ومدراس اولادهم ,وجاؤوا ليعيشوا بيئه جديده غريبه نوعا ماعنهم ...
ووصلني تقرير من صديقة امريكيه صادر من الامم المتحدةعن وضع المهجرين العراقيين ...
نسب العوائل التي هجرت وسكنت الخيام هي نسب قليله ضئيله
( مثلا 5%)
ثم تاتي نسب يسكنون في مباني حكوميه
ثم نسب اعلى لمن يسكنون مع اقاربهم في المدن التي هجروا اليها
ثم النسبه الاكبر هي عوائل استأجرت بيوت في المدن الجديدة التي نزحت لها
حتى تصل نسبتهم الى اكثر من ثمانين بالمئه
من المجموع الكلي للتصنيف
http://www.iom-iraq.net/library.html#IDP
...
يعني العراقي هو يحل مشاكله بيده ...
مشكلته مع الكهرباء يحلها بشراء مولده او الاشتراك مع مولدة الحي
مشكلته مع الماء يحفر بئر في الحديقه للحصول على ماء...
مشكلته مع التهجير والعنف الطائفي الذي اخترعه الاحتلال , ان تذهب العائله الى مدينةاخرى وتستاجر بيت وتدبر عيشتها ...
او تسافر الى دول مجاورة وتعيش بوضع لا جئين بلا اقامه بلا كرامه , يتلقون الاهانات اينما ولوا وجوههم .....
او يحصلون على اعادة توطين ,اذا كان طبيب او مهندس او صاحب شهادة عاليه , لازم يتشحشط ويبدأ من نقطة الصفر لأن تلك الدول لا تعترف بالشهادة والخبرة السابقة خصوصا الدول الاوربيه ..
اما في اميركا , فالذي معه لغة انكليزيه ممكن ان يحصل على مهنة صغيرة براتب اقل من الفين دولار ويبقى يستلم بطاقة معونه غذائيه من دائرة الهجرة ...
واذا كان عنده تعليم بسيط ولا يتقن اللغة الانكليزيه , يذهب ويعمل عامل في محطة وقود
او عامل سوبرماركت يكنس وينظف ويتدبر أمره بنفسه
او اي مهنة تافهه
هل هذا هو الحلم بمستقبل مشرق للعراقيين
بعد سقوط النظام الدكتاتوري الفاشستي ؟
يذهب العراقيون ليعملوا كالخدم في اميركا؟
اميركا التي احتلت بلدهم ودمرته وشردتهم ؟
بدل ان يرجع العراقيون ليعمروا بلادهم بيديهم
يذهب مقاولون اميركان وجنود امريكان ليعيشوا
بخيرات العراق
واهل العراق محرومون من خيرات وطنهم؟
مشردون في بقاع الارض المختلفه
مهانون محتقرون منفيون ؟
أين العداله ؟
*******************************************************
الذين هنا يعانون من الجوع والفقر والذل,ينتظرون اعادة التوطين في بلد ثالث , وهم يعلمون تماما انه ليس الحل السحري الذي سيعطيهم السعادة والامان والاستقرار , لكنهم يقولون هذا حل افضل من بقائنا هنا تحت رعب التسفير القسري والعودة للعراق....
واين دور الحكومه العراقيه العزيزه؟
يذهب رئيس الوزراء عادة لزيارة بلدان الجوار ويطلب منهم اعادة العراقيين الى العراق, عدم تسهيل اقامة العراقيين ودفعهم للعودة الى العراق بعد ان تسد في وجوههم الابواب ويصلون الى مرحلة اليأس ....ويعدهم بثمانمائة دولار لكل عائله ترجع....
كلما قابلت عائله بوضع سيءسألتهم نفس السؤال : لماذا لا تعودون للعراق؟
فيكون رد الفعل كأن صاعقة ضربتهم : ماذا ؟ نرجع ؟ الى أين نرجع ؟ بعنا بيوتنا أو هجرنا من بيوتنا ونخاف العودة , أين نسكن ؟ كيف نعيش ؟ نخاف على اولادنا وبناتنا ....
عادة أبقى مبحلقة في الوجوه , لا أقدر ان ألومهم ....
طيب والثمانمائة دولار؟
لا احد يتقبلها !
يرونه عرضا سخيفا لا يستحق المجازفه .....
****************************************
الصورة العامه تقول ان كل ما جرى وما زال يجري , هو برنامج منظم لتحطيم شخصية الانسان العراقي , تحطيم ثقته بنفسه عن طريق تجويعه واذلاله وجعله يدور كالشحاد على ابواب المنظمات التي تسمي نفسها انسانيه ,وهي ابعد ما تكون عن الانسانيه ...
وبرنامج افقار وتفقير للعراقيين في الداخل والخارج , حيث استنزفت موارد معظم العوائل بسبب ضيق العيش والاعتماد على الدخل الشخصي لحل المشاكل اليوميه , هذه عملية سحق مبرمجه لشعب بأكمله ...
والعراقيون حالهم مثل الايتام حول موائد اللئام ... يرمون لهم الفتات الذي لا يسد جوعهم وحاجتهم ..
وفي نفس الوقت , تبنى قواعد عسكريه امريكيه على ارض العراق, وتوضع اتفاقيات امنيه طويله الامد لتكبيل البلاد بقيود استعمار طويل الامد , ليبقى كل شيء يدورتحت رحمة الاحتلال
*************************************************
أما أميركا , فتعيش الان مهرجان الانتخابات والناخبين والشعارات والاعلام المرفرفه والمرشحين على الشاشات مع زوجاتهم واولادهم سعداء مبتسمين , ويثرثون عن وعود بتحسين الاقتصاد او سحب الجيوش من العراق من أجل سعادة الشعب الامريكي طبعا وليس رحمة بالشعب العراقي المسفوك دمه من خمس سنوات
والعراقيون يتساءلون بسذاجه : اين نفطنا؟ أين ثرواتنا الوطنيه ؟ أين الحريه والديمقراطيه والشفافيه والحكومه الفتيه التي جاءت لترحمنا من ظلم الدكتاتور ؟
أين كرامتنا؟ اين حقوق الانسان فينا؟ اين مستقبلنا ومستقبل اطفالنا ؟
هل ثمة من يفكر بنا ؟
هل ثمة من يحزن علينا ويريد ايجاد حلول جذريه لوقف العنف واعادة استقرار البلاد وترجيع الناس الى بيوتهم ليعيشوا مطمئنين آمنين مثل غيرهم من شعوب العالم؟
لماذا يدفع العراقيون وحدهم ثمن جشع تجار الحروب ؟
ولماذا يصمت الاخرون ؟
كل العالم تقريبا يتفرج ويصمت على ما يحدث في العراق...
ويظن الشيطان احيانا انه انتصر ,
لكنهم يقولون الذي يضحك اخيرا هو الذي يضحك كثيرا ...
وليس لنا سوى الانتظار والصبر حتى ينهزم الشيطان....