Wednesday, December 05, 2007

 

رحلة الحقيقة .....

الاثنين 4 تشرين الثاني 2007
السلام عليكم...
قضيت الاسبوع الماضي مع وفد من منظمة غلوبال اكسجينج الامريكية
Global Exchange
حيث جاء الوفد في رحلة الى الاردن وسوريا يسمونها
Reality Tour
يعني لرؤية حقيقة الاشياء على ارض الواقع بما يخص اللاجئين الفلسطينيين واللاجئين العراقيين ,
كان البرنامج مزدحما , لقاءات مع منظمات تعمل لتقديم خدمات للاجئين , ثم لقاءات مع عوائل لرؤية واقع الحال ورؤية معاناتهم ....

التقينا منظمات مثل
UNHCR و UNRWA و Caritas و Save the children
واستمعنا لممثل كل منظمه وهو يشرح دور منظمته في تخفيف معاناة اللاجئين من عراقيين او فلسطينيين ..
لكنهم جميعهم غاضبون من سوء تصرفات السياسيين بسبب شن الحروب وتهجير الناس من اوطانها ووضعهم تحت ظروف صعبه قاسية, وفي نفس الوقت يوجد ثمة بطء في الاستجابة لتلبية متطلبات الناس الذين يعيشون تحت محنة التهجير واللجوء, وقلة تمويل هذه المنظمات لمساعدتها على تأدية واجباتها الانسانية...
والله شيء محزن , أموال العالم يساء استغلالها بسبب فساد رجال السياسه, حيث يستثمرون هذه الاموال من اجل الحروب وسفك دماء الابرياء, وتهجير الناس من اوطانهم, وزيادة معاناة الشعوب بسبب الجوع والفقر ونقص الادوية والماء والكهرباء والوقود وفرص العمل...
وفي نفس الوقت لا توجد ميزانية كافية لمساعدة ضحايا هذه الحروب السخيفة الغبية ...
اين العداله ؟
ولماذا نحن شعوب الارض نقف مثل مخلوقات سلبية عاجزة غبيه ونتفرج على مجموعة من المجرمين بيدهم القرار السياسي يدمرون الكرة الارضية ومن عليها , ونحن لم نجد طريقه بعد لمواجهة هذا الخراب والدمار او وقفه عند حدود معينه ؟
اليس هذا عار علينا ؟
*******************************
ثم ذهبنا الى سوريا , وهذه المرة الاولى التي اقابل عوائل عراقيه هناك...
حال العراقيين في سوريا لا يوصف...
المنظمات الدوليه هناك عملها محدود وضيق مقارنة بالفسحه الواسعه التي تمتلكها في الاردن , رغم شكوى بعض العوائل من بطء المساعدات وعدم العدالة فيها , لكن على الاقل توجد هنا ابواب ممكن ان تطرقها العائله العراقية الفقيرة عسى ان ينفتح امامها باب واحد منهم...
اما في سوريا فتكاد كل الابواب ان تكون موصدة....
والفقر الموجود بين العراقيين ما رأيته قط في حياتي..
نساء ارامل او ثكالى فقدن ابنائهن بسبب عصابات ومليشيات مجرمه دخلت العراق بعد الاحتلال وقتلت العراقيين على حد سواء...
كلما قابلت امرأة تبكي وتحكي قصتها , ابكي معها على حالها وعلى حال العراق الحزين ومالذي جرى له من تمزيق وتدمير, وعندما تجمعت النسوة وسمعنا قصصهن مع احدى عضوات الوفد الامريكي , كانت معي صديقتي سلمى امريكية تركيه مسلمه...
سألت النساء وكلي اسف لكنني مضطرة للسؤال السخيف: سنية ؟ شيعية ؟
تبين انهن خليط من كلا الطرفين ...
هذه سنية هددوها وقتلوا ابنها..
وهذه شيعية هددوها وقتلوا زوجها...
لا فرق , السنه والشيعه تهجروا من العراق ليعيشوا جنبا الى جنب في دول المنفى , ينتظرون من يحن عليهم ويعطيهم صدقات من حصة غذائية او بطانية أومدفأة لان الشتاء على الابواب, او ينتظرون ثمة منظمة انسانية تعتني باطفالهم المعوقين او المصابين بالسرطان نتيجة اليورانيوم المنضب الذي تلوثت به بيئة العراق منذ حرب الكويت 1990 ثم حرب الاحتلال 2003
ما شاء الله .....
*****************************
وهناك في سوريا انتشرت قصة طلب عودة العراقيين من قبل الحكومة العراقية حيث تسدد لهم تكاليف العودة بالباصات للعراق, وتعجبت من حكومة تنكرت لشعبها المشرد ولم تعترف به ولم ترسل له مساعدات طبيه او غذائية منذ سنوات , والان تتبرع بعودة مجانية للمواطنين, حتى تنتشر لها الدعاية ان الاوضاع مستقرة في العراق , وان هذه حكومة ناجحة وممتازة ....
ذهبت الى ساحة تجمع الباصات ورأينا الباصات تغادر وفيها حوالي 650 شخص , وسألنا بعض الناس لماذا غادر هؤلاء للعراق هل صدقوا فعلا قصة عودة الهدوء والاستقرار والامان للعراق؟
قالوا لا ندري لكن الناس تعبوا من الفقر وقلة الموارد والانتظار بلا سبب, سيعودون , ربما يعيشون ربما يموتون , الله اعلم, لكن هذا ربما افضل من البقاء هنا في الغربه بلا نتيجه ...
والبعض كان يتكلم امام كاميرات الفضائيات ويقولون نحن بعثيون هربنا من العراق بعد ان تهددنا بالقتل, هنا نعيش ظروفا صعبه ولا نقدر ان نرجع لاننا سنواجه الموت الحتمي...
وقفت اتأمل المشهد ....
عراقيون منفيون مشردون في الارض, فقراء بؤساء مرضى , الاسباب عديدة , لكنهم جميعا محرومون من المساعدات , ويعانون الاهمال والنسيان والحرمان...
لا ادري هل أحزن أم أغضب؟
وماذا سيغير الحزن والغضب؟
******************************
وثمة ظاهرة اخرى محزنه بين العراقيين في سوريا , خصوصا النساء...
ظاهرة تفشي الدعارة بسبب الفقر...
يعني هنا في عمان نسمع ان ثمة عراقيات في الملاهي الليلية ربما لانهن محترفات اكثر مما هن فقيرات اضطرهن الفقر لسلوك هذا الطريق..
لكن في سوريا , عندما قابلت النساء في منطقة السيدة زينب من الارامل او الشابات اللواتي عندهن اطفال وزوج مقعد عاجز, من سيمنع هذه من الانجراف في طريق الرذيله اذا اوصدت بوجهها ابواب العيش الشريف؟
واحدة منهن قالت اعمل خادمة في بيت ويعطوني 6 الاف ليرة بالشهر, واجرة بيتي 7 الاف ليرة في الشهر,
والاخرى ابنها عمره 15 سنه يعمل عند صاحب مقهى ليعطيه 250 ليرة باليوم..
وكنا نزلنا في فندق بساحة المرجه بدمشق , وكنت اشرب العصير عند المحل مجاور الفندق, وسالته عن رأيه بالعراقيين هنا, قال ان عددهم كبير ربما مليونين و انهم سببوا رفع الايجارات في البلاد وشحة المساكن , كمان يقولون ولا تزعلي يا مدام انه اي واحد يروح منطقة السيدة زينب يحصل على عراقية ب 250 ليرة...
بقيت ساكته وابتسمت....
هذا هو العراق الجديد الذي بناه لنا بوش والاوغاد الذين جاؤوا معه .....
وهذا هو تحرير النساء العراقيات الذي حصلنا عليه....
الحرائر صرن عاهرات ....
ماشاء الله ....
واين حكام الاسلام والأمه العربيه ؟
هل هم نائمون أم غافلون عما يحدث للعراقيين والعراقيات؟
أم هم شركاء بوش في تحرير العراق؟
لا ادري....
كل واحد منا ينبغي ان يبحث عن الجواب....
قلبي حزين وروحي متعبه ....
لكنني انسانه مؤمنه , وهذا ابتلاء من رب العالمين ,
فعسانا نكون من الصابرين...
ولا نكون من المفسدين ...
بل نكون من الذين يعمرون الارض وما عليها...
ويعينون الضعيف والفقير والمحروم ,
ويأخذون على يد الظالم حتى يتوقف عن ظلمه...
****************************************
رحلة الحقيقة تلك لم تكن فقط للمنظمة الامريكية وأعضاء الوفد , بل كانت لي ايضا ,
فتحت عيوني اكثر, وبصرتني بحقائق اكثر...
ودائما اقول : الخطوة الاولى تفتح عيونك , والخطوة الثانية تضع خطة عمل لتغيير الواقع الاليم ,
وان لزمت الصمت بعدما علمت , فانك شريك في الجريمه....
إنك شريك في ما يحدث للعراقيين من نكبات ومصائب وجوع وفقر وتهجير وحرمان ....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ......



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives