Monday, October 15, 2007

 

تقسيم العراق

الاثنين 15 تشرين الاول 2007
السلام عليكم...
انتهى شهر رمضان المبارك, وجاء عيد الفطر, وتبادلنا التهاني لبعضنا وجها لوجه او من خلال مسجات الموبايلات والاتصالات الهاتفية , ودعونا الله أن يعيد علينا رمضان القادم والعيد القادم ونحن في العراق, وهو بخير وسلام وطمأنينه وبدون احتلال بغيض...
لكننا جميعا ندرك ان الامنيات لا تنجز بالدعاء وحده , العمل ضروري جدا لتحقيق الامنيات , والله يعين عبده الذي يسعى ويجد ويجتهد ولا يعين الكسول الذي ينام ويتمنى على الله الاماني...

ونحن جميعا نعلم ان امنياتنا صعب جدا تحقيقها , بعد اربع سنوات ونصف بدأ يظهر واضحا ماهو الهدف من غزو العراق واحتلاله, ليس فقط النفط واحتكار استثماره لشركات امريكية بالدرجة الاولى , لكن أيضا ثمة حقد ضد شيء إسمه العراق وحضارة العراق وتاريخ العراق ووحدة العراق..
وقد تم تمزيق كل شيء منذ دخل الاحتلال الى أرض العراق, ومازالوا...
نم قصف المتحف العراقي ونهبه منذ الاسبوع الاول, واختفت الاف القطع الاثرية الثمينه التي تحكي حضارة وادي الرافدين وهي من أقدم الحضارات على الارض..
ثم حرقت المكتبه الوطنية التي تضم الاف الوثائق التاريخية من أزمان عراقية مختلفة...
ثم تم وضع دستور مشوه قبيح تحت اشراف بول بريمر الحاكم المدني الامريكي بعد الاحتلال, ووضع دستورا فيه أسس بناء دوله طائفية عرقية ممزقه, وسموها الفدراليات , يعني أي تسميه بس المهم ان تغطي على نواياهم الخبيثة, ويحاولون اظهار ان فكرة الفدرالية هي ديمقراطية وحرية للاقاليم, وفي الحقيقة هي تمزيق لوحدة الوطن ووضع أمراء طوائف واعراق على كل اقليم, وسوف يتحكمون بثروات كل اقليم كما يشاؤون , وسوف تتفتت ثروات العراق بطريقة مثيرة للريبة وليست للعداله, وسوف يستفرد المحتل بعلاقات خاصة ومصالح خاصة مع قادة كل اقليم, وعلى العراق السلام, يعني ينتهي شيء اسمه العراق..
كما فعلوا أول خطوة حين قسمونا الى سنة وشيعة وعرب وأكراد , صرنا حين نلتقي بالناس خارج العراق يواجهونا بالسؤال الغبي :
سنه أم شيعه؟
أكراد أم عرب؟
وبعد تقسيم العراق سيكون السؤال: من كردستان أم شيعستان ام سنستان؟
كما ضيعوا كلمة الاسلام في العراق بعد الحرب وصار الناس يصنفون الى سنه وشيعه,
الان سيضيع اسم العراق بعد تقسيمه الى اقاليم او فدراليات او اي زفت بوجوههم , وسوف يسألونا الناس سؤالهم الغبي خارج حدود العراق: من أي فدرالية انتم؟ من أي اقليم أنتم ؟
كما حصل ليوغسلافيا مثلا, اختفى اسمها من الخارطه..
صارت اقاليم مثل كرواتيا والصرب والجبل الاسود وهكذا...
**********************************************
كلما اشتد الظلام في العراق نقول : قريبا سوف تتحسن الامور ....
لكن يبدو الفكرة غير قابلة للتنفيذ مادام هنالك محتل موجود بقواته العسكريه على أرض العراق,
لماذا؟
لأن الادارة الامريكية تستعمل القوة العسكرية لتنفيذ النوايا السياسية ....

وقبل يومين قال سانشيز مسؤول القوات الامريكية السابق في العراق ان حرب العراق كابوس لا نهاية له , وان السياسيين الامريكيين يستغلون الجيش لتحقيق مصالحهم ...
والله فعلا شيء محزن , الجيوش هي قوة اي بلد , وهذه القوة تستنزف ميزانية البلاد لتكون ذات جاهزية عاليه من اسلحة ومعدات وافراد متدربين, وهذه الاموال التي تصرف لتطوير الجيش تؤخذ من ميزانية الدولة , ومن جيوب الناس , اقصد من اموال الضرائب التي اقتطعت من رواتبهم, وبالنتيجة فإن الناس العاديين من الشعب الامريكي هم الممولين لهذه الحرب ضد العراق, وغالبية الشعب الامريكي حسب الاستطلاعات من حين لاخر , هم ضد الحرب على العراق أو استمرار بقاء الجيوش هناك ,
من يصدق ان هذا يحدث في اميركا وليس في دولة من التي يسمونها دول العالم الثالث التي لا تحترم الديمقراطية وحقوق الانسان؟
من يصدق ان في اميركا ثمة أقلية فاسدة مستبدة تتحكم في أغلبية ضعيفة مغلوبة على أمرها؟
ربما كانت اميركا هكذا منذ زمن بعيد لكن الناس كانوا لاهين في حياتهم اليومية , و الحرب على العراق غيرت كثيرا من الاشياء ,
لم يعد الناس غافلين كما كانوا من قبل...
********************************************

منذ بداية الغزو واحتلال العراق مرت علينا اوقات عصيبة ومحن كثيرة, وكلما هدأت الامور ومضت نحو المصالحة الوطنية او الاتفاق بين الاطراف المختلفة لتهدئة الموقف في العراق, عادت الامور وتأزمت من جديد ,
ثمة من يشعل النيران حتى يبقى العراق متقاتلا متناحرا لا سلام فيه,
في 2006 تم تفجير قبة سامراء , بعد فرحة العراقيين بالانتخابات وبداية توحيد صفوفهم ووضع برنامج للخروج من المحنه, لكن الايدي الخبيثة امتدت حتى تفرق العراقيين من جديد, وانتشرت فرق الموت الطائفية تقتل العراقيين من كل الجهات, وتنسف بيوتهم وتحرق مساجدهم ...
ثم تأزم الموقف من جديد , وظل الوضع يتدهور الى أن صارت ظاهرة تهجير العراقيين من مساكنهم هو شيء من الطقوس اليومية , كأن ثمة من وضع تقسيما لمدن العراق وهو يدفع باتجاه تطبيقه على الارض, هذه مدن سنية هذه مدن شيعية , هذه احياء سنية وهذه احياء شيعية..
وفي هذه الفوضى هاجر ملايين من العراقيين الى دول الجوار او طلبوا حق اللجوء الانساني الى دول اوروبية مختلفة...
وظل الضغط مستمرا على مسألة القتل والتهجير الطائفي كل يوم........
تأتي عصابات مسلحة ملثمة من خارج الاحياء وتبدأ بكتابات تهديد على جدران البيوت , او ارسال رسائل تهديد للعوائل تطالبها بالرحيل من الحي... وطبعا هذه العصابات المرتزقة تتحالف مع الفئة المنحطة من شباب المنطقة من خريجي السجون والمجرمين ومدمني المخدرات ليكونوا عيونهم التي تراقب الحي وتكتب التقارير ضد العوائل,فيتم مهاجمة البيوت واحراقها وتهديد واجبار سكانها على الرحيل....
بقي هذا المسلسل جاري في العراق منذ بداية 2006 ولحد الان, تحت صمت وتجاهل قوات الاحتلال والحكومة العراقية الحالية, والعراقيون يرفضون فكرة التقسيم الطائفي ويرونها أكبر كارثة ممكن أن تصيب العراق منذ أن وجد على وجه الارض...
وفي خضم هذا العنف والمصادمات اليومية , وثمة مجموعات في البرلمان معارضة للحكومة والاحتلال تريد ان تتحالف حتى تسقط الحكومة وتطالب بانتخابات جديدة لاخراج البلاد من مأزق العنف والفوضى وسفك الدماء...
كل العراقيين كانت عيونهم مفتوحه وقلوبهم معلقة تنتظر التغيير الايجابي على الارض في الشهر الماضي , وانا واحدة منهم, وكتبت اخر بوست وقلت فيه ان العراق يغلي وهو ينتظر التغيير...

لكن ماذا حدث ؟
جاء قرار الكونغرس الامريكي حول اقتراح تقسيم العراق ليكون حجرا كبيرا يسقط على رؤوس العراقيين المساكين,
ويكون كشف للنوايا الحقيقية لرجال السياسة في اميركا, الحزب الديمقراطي مع الجمهوري لا يملكون أي رؤيا ترضي العراقيين حول مستقبلهم....
ظل العراقيون مشدوهين !
تحملنا وصبرنا وقدمنا التضحيات بالانفس والاموال , ثم يأتي قرار تقسيم العراق من أميركا نفسها؟
كنا ننتظر قرار انسحاب الجيوش من العراق لنبدأ مشوار بناء وطننا ونعود اليه,
من أعطاهم الحق باصدار قرارات تخص مستقبل العراق؟
أين ذهب 27 مليون عراقي او ما تبقى منهم , أين ذهبوا؟ أليس لهم حق تقرير مصير بلادهم ومستقبلهم ؟
لم نر في حياتنا هكذا وقاحة وهكذا سموم تنفث ضد العراق وشعبه ...
لكنهم كشفوا عن انيابهم , وظهر تماما ان غزو العراق لم يكن من اجل النفط والاستيلاء عليه فقط ,وانما تمزيق العراق وشعبه الى أشلاء لا يمكن ان تقف يوما متوحدة قوية لتطردهم من البلاد...
ثم ظهر عدد من رجال الحكومة العراقية يبررون ويرقعون المصيبة التي حصلت بعد رفض الناس للقرار,
وصرحوا ان التقسيم فدرالي لتسهيل الديمقراطية والحرية...
سموم توضع داخل كلمات حلوة ...
ثم قال ان قوات الاحتلال ستنسحب من العراق لكنها ستترك معسكرات وقواعد لضمان
(أمن العراق)
ومعاهدة طويلة الأمد مع الحكومة العراقية....
أليست هذه قصص قديمة جديدة مملة ومكررة ؟
هل يظنون الناس اغبياء وسذج ؟
**************************************
على كل حال , دعوهم يفعلون ما يحلوا لهم ....
هذه الدنيا لها خالق عظيم يتحكم بها, وهويتفرج ويبتسم في عليائه, يعطي للظالمين جولة , ثم يخسف بهم الأرض حين يشاء...
ونسأله أن ينصر العراقيين الشرفاء الاحرار في كفاحهم لتحرير وطنهم من الاحتلال واتباعه ...
وأن يصبر العراقيين الضعفاء المساكين الذين مازالوا يعانون,
سواء من الذين في الداخل او الذين اضطروا للهجرة الى منافي مختلفة...
وأن يرحم الشهداء الذين ملأت دماؤهم شوارع وأرصفة ومدن العراق...
آمين.........

قناعتي لا تتزحزح :
إن النصر لقادم ...
وإن طال الزمان...
وسيخرج الاحتلال مهزوما مخذولا من العراق..
وإن طال الزمان...
والسلام عليكم ......



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives