Monday, September 17, 2007
العراق يغلي.....
الاثنين 17 أيلول 2007
السلام عليكم....
نعود للعراق مرة أخرى ..
هذه الفترة يمر العراق بتطورات ساخنة , كأن درجة غليان الوضع في العراق تقترب من الحد الذي سيخرج عن السيطرة,
أو أن يحدث تغيير حقيقي يرضي العراقيين ..............
الادارة الامريكية والحكومه العراقية حاليا تعانيان من سخط كبير يحمله الشعب العراقي اولا, ثم الشعب الامريكي , عليهما , لكن بالتأكيد غضب العراقيين أكبر , لأنهم يعيشون العذاب والتدمير اليومي منذ اكثر من اربع سنوات دون توقف
( وكما يقول المثل عندنا الذي تحت ضرب العصا ليس كمثل الذي يقف ويعد الضربات )
وكلما برق أمل في الأفق, عاد وانطفأ , وكلما ساد هدوء مؤقت , عادت وانفجرت الاحياء السكنية بالسيارات المفخخة او اطلاق الرصاص بين عصابات ومليشيات مسلحة الله وحده يعلم من يمولها ويرسلها لتدمير العراق وشعبه...
بينما الشعب واحد متوحد, على شاشات الفضائيات العراقية والعربية ترى مقابلات مع عراقيين داخل العراق او في سوريا والاردن ومصر , كلهم يتكلمون نفس المصطلحات وكلهم غاضبون وساخطون على هذه الحكومة الحالية في العراق وعلى بوش وما فعله للعراق وشعبه...
وكلهم يريدون أن يروا الامان والاستقرار في العراق ليعودوا الى بيوتهم ......
************************************************
الاسبوع الماضي قدم قائد القوات الامريكية في العراق, والسفير الامريكي في العراق, قدما شهادتهما عن الوضع في العراق أمام الكونغرس,
وطبعا كما توقعنا فهم سيرقعون مصائب بوش في العراق , ويقدمون شهادات مزورة وكاذبة ترضي بوش ,
وتنقذ ماء وجهه أمام الشعب الامريكي لكن ليس أمام الشعب العراقي , فنحن كعراقيين نعيش داخل العراق أو خارجه , نعرف تماما ما هي القصص الحقيقية على أرض الواقع في العراق المحتل الحزين الجريح......
وقال قائد القوات ان خطة زيادة القوات قبل ستة شهور قد نجحت وحصدنا ثمارها الايجابية من تحسين الوضع الامني في العراق وخصوصا منطقة الانبار...
وقال بوش انه يفكر بسحب حوالي خمسة الاف جندي امريكي من العراق نهاية هذا العام , وربما اكثر بحلول الصيف القادم ..
ونحن كلنا نعرف ان هذا لن يغير شيئا , ارسال خمسة الاف او سحبهم , لن يغير شيئا ..
المشكلة في العراق لا علاقة لها بعدد الجنود الامريكيين ابدا ابدا....
المشكلة هي ضرورة جلوس الاطراف العراقية المتصارعة على الحكم مع بعضها البعض للتوصل لصيغة معقولة لضبط البلاد , العنف في الشارع هو دليل على عدم اتفاق الاحزاب التي في الحكومة او التي خارجها مع بعضها البعض, كل حزب له مليشيا يرسلها للشارع لتقتل العراقيين وتزيد الوضع توترا , ليثبت لخصومه انه موجود وانه قادر على السيطرة على حالة الشارع العراقي....
الحل في العراق سياسي فقط , لو اتفق السياسيون على نقاط رئيسية لانقاذ البلاد من الفوضى والدمار, لساد الهدوء والامان,
لكن هيهات , هذه تبدو كأنها احلام بعيدة المنال منذ 4 سنوات ...
لماذا ؟
لان المحتل وضع اصابعه في صياغة مستقبل العراق الجديد , ووضع أسس عراق طائفي عرقي منقسم على ذاته ...
الحكومات كلها التي جاءتنا لحد الان تعتمد المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية , وهي تتناحر بينها , ليس لديها وقت او رغبة في التفكير بمصالح العراقيين او العراق, هذه الاحزاب تفكر فقط بمصالحها وكيف تحتفظ بالكراسي,
العراقيون يموتون كل يوم ويعانون كل يوم ولا احد يبالي بهم , لا بوش, ولا زعماء الطوائف والاحزاب المريضة المشوهة التي دخلت العراق بعد الحرب,
والان بعد 4 سنوات من العملية السياسية في العراق ماذا جنينا؟
تحطمت كل التحالفات في الاسابيع الماضية
خصوصا هذا الاسبوع ظهرت التناقضات واضحة
حيث ...
بدأ التحالف الشيعي بالإنهيار وانسحبت منه كتلة الصدر وحزب الفضيلة ,وحزب الدعوة فرع العراق يهدد ايضا بالانسحاب
( هذه تناحرات الاحزاب الطائفية بينها)
وتحطمت جبهة التوافق والمفروض انها سنية , لكن تناحرت الاحزاب المكونه لها وانقسمت وكل قسم له رؤية مختلفة في حل مشاكل العراق...
والبرلمان منقسم على نفسه وبدأت تظهر كتل سياسية جديدة معارضة للكتل الرئيسية في حكومة المالكي...
ليس فقط بوش في مأزق , بل كل من دخل معه للعراق وكل من شارك في العملية السياسية,
هو في مأزق الان .....
اعتقد انه صار واضحا أن الحل الوحيد للخروج من الازمة في العراق هو حكومة وحدة وطنية
لا طائفية ولا احزاب دينية فاشلة ولا كلام فارغ ..........
ضاعت السنوات الماضية سدى لأن بوش ومن معه من هؤلاء الكذابين الانتهازيين اللصوص , لا يريدون للعراق هذا الاختيار,
حكومة وحدة وطنية عراقية ............
هذا الاختيار إن حصل , سيأتي رجال ونساء للحكم أكثر وطنية وحبا للعراق, وأقل حبا وطاعة للاحتلال, وسيطالبون بوش بسحب الجيوش , وهذا ما لا يريده , هو يخطط للبقاء في العراق الى أجل غير مسمى ...
والطريقة الوحيدة التي تمكنه في البقاء بالعراق هو وجود حكومة ضعيفة وأحزاب ومليشيات متقاتلة متناحرة وشارع تعمه الفوضى وسفك الدماء , ونفط وثروات تنهبها شركات امريكية , وشعب يتضور جوعا ويغرق في ظلام الفقر والجهل والمرض, وقد هرب خيرة المثقفين والخبراء والعلماء خارج البلاد الى المنافي المختلفة, أو تم قتلهم ودفنهم تحت التراب...
هذا هو العراق الذي يريده بوش ان يظل على قيد الحياة .............
لكنني اؤمن أن الله سينصر العراقيين , مهما طال الزمان , ستنتصر رغبتهم , كما حدث تماما في تاريخ العراق تحت الاحتلال البريطاني, كم مكروا ؟
وكم افسدوا وفرقوا بين العراقيين؟
وكم من ثورات حدثت ضدهم ؟
وكم تغيرت وزارات ومجالس برلمان وجاءت وجوه وذهبت وجوه , لكنهم جميعا ذهبوا وبقي العراق, وبقي التاريخ يحكي القصص..
وسيذهب الاحتلال الامريكي من العراق, وسيكتب التاريخ قصصا أخرى ...
****************************************************************************
هذه واحدة من القصص الغامضة مثلا في العراق
والتي احب ان اتكلم عنها اليوم ....
بوش زار العراق قبل صدور التقرير وتقديم الشهادات , ونزلت طيارته في الانبار ,وصافح القادة العسكريين الامريكيين هناك وصافح الشيخ عبد الستار ابو ريشه , وهو رئيس ما يسمى مجلس عشائر صحوة الانبار , على أساس انه البطل الذي نظف الانبار من القاعدة ,
هذه القصة ظلت غامضة وعندي فضول كثير ان اعرف تفاصيلها الحقيقية ......
وبعد يومين او ثلاثة من تقديم الشهادات حول العراق , جاءت سيارة مفخخة وانفجرت بموكب ابو ريشه وقتلته , وهذه نكبة اخرى تصيب بوش , وتصادمت الاراء القادمة من الانبار, البعض يتهم حكومة المالكي بقتل ابوريشه , والبعض يتهم القاعدة مرة أخرى...
ثم ارسل لنا بعض الاصدقاء فيلما وثائقيا صدر جديدا ( قام بتصويره ناشط أمريكي ), يظهر فيه ابو ريشه وهو معتز بنفسه جالس في احد فنادق عمان , ويتحدى الارهابيين ويقول انه سيعود الى بيته بعد ايام وخلي الارهابيين يأتون الى هناك ...
ثم رأيت في الفيلم ان القوات الامريكية تتمشى في أمان في بعض مدن الانبار , او يستعملون الدراجات الهوائية ...
السؤال البريء : طيب , القوات الامريكية كانت تتعرض لهجمات من القاعدة والمقاومة الوطنية العراقية ...
القاعدة تم القضاء عليها بعد التعاون بين بعض عشائر الانبار والقوات الامريكية , وماذا عن المقاومة الوطنية؟
هل تم القضاء عليها ايضا أم تم اخراجها باتفاق سلمي من مدن الانبار؟
قابلت هنا عراقيين من الانبار , وسألتهم عن وجهات نظرهم , وجدت وجهتي نظر متناقضتين , واحدة تقول ان مجلس صحوة الانبار هو مشروع يدعمه الاحتلال بالمال والسلاح , وهذا عنوان كاف بحد ذاته لمعرفة انه مشروع ضد المقاومة الوطنية في الانبار...
ووجهة النظر الثانية تشجع ابو ريشه رغم انها تعترف انه كان طوال حياته سلاب ( قاطع طريق) لكن بعد تعرض اقاربه للقتل من قبل القاعدة , قرر ان يواجهها ويطلب العون من الجيش الامريكي لتسليح عدد من شباب العشائر هناك , ونجحت مبادرته وسانده الجيش الامريكي بالسلاح , بينما الحكومة العراقية رفضت مساعدته , هذه حسب افادة الشخص الذي هو عضو عشيرة منخرطة مع برنامج صحوة الانبار,
قلت له طيب ما الفرق بين القاعدة والمقاومة الوطنية؟
قال القاعدة دخلت علينا من كل الحدود الجنوبية والغربية الى الانبار ( يقصد السعودية وسوريا والاردن ) وهو يقول انهم يملكون السلاح , في البداية ظنت المقاومة الوطنية انهم جاؤوا لمساندتها, ثم تبين ان للقاعدة اجندة مختلفة , فهم قتلوا اعدادا كبيرة من رجال الدين وشيوخ العشائر واساتذة الجامعات واطباء ورجال الشرطة وضباط الجيش , بتهمة انهم عملاء...
وفجروا بيوت وقتلوا ابرياء وعوائل بحجة ان احد افراد العائلة يعمل مع الجيش العراقي او الشرطة العراقية...
وأيضا هاجمت الاحياء السكنية السنية او الشيعية وهجرت الكثير من العوائل تحت اسباب طائفية ...
بينما المقاومة الوطنية عندها هدف رئيسي هو مقاتلة جيش الاحتلال...
عندما تعب أهل الانبار من وجود القاعدة وعدم قدرتهم في السيطرة عليها, لان اي واحد من افراد العشائر لو وجد عنده سلاح سوف يلقى به في سجون الاحتلال ( خاصة سجن بوكه في البصرة
وجد الناس ان ملاذهم الوحيد هو الاستنجاد بالجيش الامريكي وعقد صفقة معه : اعطينا سلاح , نقضي على كل من يعمل عمليات ضدكم , حتى يسود الأمان في المدينة....
قلت للرجل : الا ترى ان التفسير المنطقي للموضوع هو ان القاعدة كانت تعمل لصالح المحتل؟
قتلت خير الرجال عندكم , افسدت وشوهت صورة المقاومة الوطنية , أرهبتكم الى درجة جعلتكم تلوذون بالمحتل ليعطيكم سلاح وتوفرون له الأمان والقبول في مدنكم ؟
الا تظن ان له يدا في ادخال هذه العناصر الغريبة عدوة العراقيين , دمرتكم واذتكم حتى وصلتم لمرحلة اللوذ بجنود الاحتلال باعتبارهم المخلصين لكم من محنتكم؟
قال : اي طبعا ممكن الاحتمال وارد جدا ......
سألته طيب أين ذهبت المقاومة الوطنية؟
قال طلبنا منهم ان يوقفوا عملياتهم ضد الجيش الامريكي داخل المدن , قلنا لهم اذهبوا الى الطريق الخارجي واضربوهم هناك ,
قلت له طيب انت عندما قابلتك قبل سنة كنت تفتخر انك من المقاومة الوطنية, وحين سقطت الفلوجة خرجت انت منها وكنت احد افراد وفد المفاوضات مع الجيش الامريكي ....
ما الذي تغير؟
قال نريد ان نشارك في العملية السياسية ...
قلت في نفسي. هممم..... صار الرجل يبحث عن كرسي ومنصب في الحكومة , سبحان الله كيف يتغير الناس؟
الان صار مثله الأعلى ابو ريشه , الذي حظى بمصافحة بوش وظهر على الشاشات كأنه بطل , والكل يتكلم عن الاموال الهائلة بين يديه لا ادري من اين جاءته ؟ من مقاولات مع الجيش الامريكي ام مجرد مكافات له لتغري الاخرين ان يكونوا مثله ؟
فهمت ايضا ان في الانبار 17 عشيرة , وان 4 عشائر وقعت على اتفاق للتعاون من الجيش الامريكي ,
يعني الان الانبار منقسمة على نفسها كما هو حال كل العراق ....
لا توجد انقسامات طائفية سنية شيعية , بل بين الفئة الواحدة انقسامات بعضها مع الاحتلال وبعضها ضد الاحتلال,
كما حدث تماما ايام الاحتلال البريطاني للعراق...
وكتب لنا التاريخ اسماء الوطنيين واسماء الانتهازيين, وهم موجودون في كل زمان ومكان......
*****************************************************************************
ماذا فعل هذا الاحتلال القبيح بالعراق والعراقيين؟
مزق وحدتهم وشتت ارائهم وجعل بعضهم عدوا لبعض...
لكنني مازلت أراهن على العراقيين الوطنيين المخلصين , الذين لا تبدلهم اغراءات الاحتلال ولا تهديداته ...
ان شالله ينتصرون ويستلمون قيادة البلاد يوما ما , ويتوجهون به نحو طريق النجاة , ويسود الامان والسلام في بلاد الرافدين من جديد .........
ويعود العراقيون من دول الشتات الى بيوتهم في العراق ليبنوا وطنا جديدا مليئا بالمحبة والأمان والسلام .....
آمين ...
السلام عليكم....
نعود للعراق مرة أخرى ..
هذه الفترة يمر العراق بتطورات ساخنة , كأن درجة غليان الوضع في العراق تقترب من الحد الذي سيخرج عن السيطرة,
أو أن يحدث تغيير حقيقي يرضي العراقيين ..............
الادارة الامريكية والحكومه العراقية حاليا تعانيان من سخط كبير يحمله الشعب العراقي اولا, ثم الشعب الامريكي , عليهما , لكن بالتأكيد غضب العراقيين أكبر , لأنهم يعيشون العذاب والتدمير اليومي منذ اكثر من اربع سنوات دون توقف
( وكما يقول المثل عندنا الذي تحت ضرب العصا ليس كمثل الذي يقف ويعد الضربات )
وكلما برق أمل في الأفق, عاد وانطفأ , وكلما ساد هدوء مؤقت , عادت وانفجرت الاحياء السكنية بالسيارات المفخخة او اطلاق الرصاص بين عصابات ومليشيات مسلحة الله وحده يعلم من يمولها ويرسلها لتدمير العراق وشعبه...
بينما الشعب واحد متوحد, على شاشات الفضائيات العراقية والعربية ترى مقابلات مع عراقيين داخل العراق او في سوريا والاردن ومصر , كلهم يتكلمون نفس المصطلحات وكلهم غاضبون وساخطون على هذه الحكومة الحالية في العراق وعلى بوش وما فعله للعراق وشعبه...
وكلهم يريدون أن يروا الامان والاستقرار في العراق ليعودوا الى بيوتهم ......
************************************************
الاسبوع الماضي قدم قائد القوات الامريكية في العراق, والسفير الامريكي في العراق, قدما شهادتهما عن الوضع في العراق أمام الكونغرس,
وطبعا كما توقعنا فهم سيرقعون مصائب بوش في العراق , ويقدمون شهادات مزورة وكاذبة ترضي بوش ,
وتنقذ ماء وجهه أمام الشعب الامريكي لكن ليس أمام الشعب العراقي , فنحن كعراقيين نعيش داخل العراق أو خارجه , نعرف تماما ما هي القصص الحقيقية على أرض الواقع في العراق المحتل الحزين الجريح......
وقال قائد القوات ان خطة زيادة القوات قبل ستة شهور قد نجحت وحصدنا ثمارها الايجابية من تحسين الوضع الامني في العراق وخصوصا منطقة الانبار...
وقال بوش انه يفكر بسحب حوالي خمسة الاف جندي امريكي من العراق نهاية هذا العام , وربما اكثر بحلول الصيف القادم ..
ونحن كلنا نعرف ان هذا لن يغير شيئا , ارسال خمسة الاف او سحبهم , لن يغير شيئا ..
المشكلة في العراق لا علاقة لها بعدد الجنود الامريكيين ابدا ابدا....
المشكلة هي ضرورة جلوس الاطراف العراقية المتصارعة على الحكم مع بعضها البعض للتوصل لصيغة معقولة لضبط البلاد , العنف في الشارع هو دليل على عدم اتفاق الاحزاب التي في الحكومة او التي خارجها مع بعضها البعض, كل حزب له مليشيا يرسلها للشارع لتقتل العراقيين وتزيد الوضع توترا , ليثبت لخصومه انه موجود وانه قادر على السيطرة على حالة الشارع العراقي....
الحل في العراق سياسي فقط , لو اتفق السياسيون على نقاط رئيسية لانقاذ البلاد من الفوضى والدمار, لساد الهدوء والامان,
لكن هيهات , هذه تبدو كأنها احلام بعيدة المنال منذ 4 سنوات ...
لماذا ؟
لان المحتل وضع اصابعه في صياغة مستقبل العراق الجديد , ووضع أسس عراق طائفي عرقي منقسم على ذاته ...
الحكومات كلها التي جاءتنا لحد الان تعتمد المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية , وهي تتناحر بينها , ليس لديها وقت او رغبة في التفكير بمصالح العراقيين او العراق, هذه الاحزاب تفكر فقط بمصالحها وكيف تحتفظ بالكراسي,
العراقيون يموتون كل يوم ويعانون كل يوم ولا احد يبالي بهم , لا بوش, ولا زعماء الطوائف والاحزاب المريضة المشوهة التي دخلت العراق بعد الحرب,
والان بعد 4 سنوات من العملية السياسية في العراق ماذا جنينا؟
تحطمت كل التحالفات في الاسابيع الماضية
خصوصا هذا الاسبوع ظهرت التناقضات واضحة
حيث ...
بدأ التحالف الشيعي بالإنهيار وانسحبت منه كتلة الصدر وحزب الفضيلة ,وحزب الدعوة فرع العراق يهدد ايضا بالانسحاب
( هذه تناحرات الاحزاب الطائفية بينها)
وتحطمت جبهة التوافق والمفروض انها سنية , لكن تناحرت الاحزاب المكونه لها وانقسمت وكل قسم له رؤية مختلفة في حل مشاكل العراق...
والبرلمان منقسم على نفسه وبدأت تظهر كتل سياسية جديدة معارضة للكتل الرئيسية في حكومة المالكي...
ليس فقط بوش في مأزق , بل كل من دخل معه للعراق وكل من شارك في العملية السياسية,
هو في مأزق الان .....
اعتقد انه صار واضحا أن الحل الوحيد للخروج من الازمة في العراق هو حكومة وحدة وطنية
لا طائفية ولا احزاب دينية فاشلة ولا كلام فارغ ..........
ضاعت السنوات الماضية سدى لأن بوش ومن معه من هؤلاء الكذابين الانتهازيين اللصوص , لا يريدون للعراق هذا الاختيار,
حكومة وحدة وطنية عراقية ............
هذا الاختيار إن حصل , سيأتي رجال ونساء للحكم أكثر وطنية وحبا للعراق, وأقل حبا وطاعة للاحتلال, وسيطالبون بوش بسحب الجيوش , وهذا ما لا يريده , هو يخطط للبقاء في العراق الى أجل غير مسمى ...
والطريقة الوحيدة التي تمكنه في البقاء بالعراق هو وجود حكومة ضعيفة وأحزاب ومليشيات متقاتلة متناحرة وشارع تعمه الفوضى وسفك الدماء , ونفط وثروات تنهبها شركات امريكية , وشعب يتضور جوعا ويغرق في ظلام الفقر والجهل والمرض, وقد هرب خيرة المثقفين والخبراء والعلماء خارج البلاد الى المنافي المختلفة, أو تم قتلهم ودفنهم تحت التراب...
هذا هو العراق الذي يريده بوش ان يظل على قيد الحياة .............
لكنني اؤمن أن الله سينصر العراقيين , مهما طال الزمان , ستنتصر رغبتهم , كما حدث تماما في تاريخ العراق تحت الاحتلال البريطاني, كم مكروا ؟
وكم افسدوا وفرقوا بين العراقيين؟
وكم من ثورات حدثت ضدهم ؟
وكم تغيرت وزارات ومجالس برلمان وجاءت وجوه وذهبت وجوه , لكنهم جميعا ذهبوا وبقي العراق, وبقي التاريخ يحكي القصص..
وسيذهب الاحتلال الامريكي من العراق, وسيكتب التاريخ قصصا أخرى ...
****************************************************************************
هذه واحدة من القصص الغامضة مثلا في العراق
والتي احب ان اتكلم عنها اليوم ....
بوش زار العراق قبل صدور التقرير وتقديم الشهادات , ونزلت طيارته في الانبار ,وصافح القادة العسكريين الامريكيين هناك وصافح الشيخ عبد الستار ابو ريشه , وهو رئيس ما يسمى مجلس عشائر صحوة الانبار , على أساس انه البطل الذي نظف الانبار من القاعدة ,
هذه القصة ظلت غامضة وعندي فضول كثير ان اعرف تفاصيلها الحقيقية ......
وبعد يومين او ثلاثة من تقديم الشهادات حول العراق , جاءت سيارة مفخخة وانفجرت بموكب ابو ريشه وقتلته , وهذه نكبة اخرى تصيب بوش , وتصادمت الاراء القادمة من الانبار, البعض يتهم حكومة المالكي بقتل ابوريشه , والبعض يتهم القاعدة مرة أخرى...
ثم ارسل لنا بعض الاصدقاء فيلما وثائقيا صدر جديدا ( قام بتصويره ناشط أمريكي ), يظهر فيه ابو ريشه وهو معتز بنفسه جالس في احد فنادق عمان , ويتحدى الارهابيين ويقول انه سيعود الى بيته بعد ايام وخلي الارهابيين يأتون الى هناك ...
ثم رأيت في الفيلم ان القوات الامريكية تتمشى في أمان في بعض مدن الانبار , او يستعملون الدراجات الهوائية ...
السؤال البريء : طيب , القوات الامريكية كانت تتعرض لهجمات من القاعدة والمقاومة الوطنية العراقية ...
القاعدة تم القضاء عليها بعد التعاون بين بعض عشائر الانبار والقوات الامريكية , وماذا عن المقاومة الوطنية؟
هل تم القضاء عليها ايضا أم تم اخراجها باتفاق سلمي من مدن الانبار؟
قابلت هنا عراقيين من الانبار , وسألتهم عن وجهات نظرهم , وجدت وجهتي نظر متناقضتين , واحدة تقول ان مجلس صحوة الانبار هو مشروع يدعمه الاحتلال بالمال والسلاح , وهذا عنوان كاف بحد ذاته لمعرفة انه مشروع ضد المقاومة الوطنية في الانبار...
ووجهة النظر الثانية تشجع ابو ريشه رغم انها تعترف انه كان طوال حياته سلاب ( قاطع طريق) لكن بعد تعرض اقاربه للقتل من قبل القاعدة , قرر ان يواجهها ويطلب العون من الجيش الامريكي لتسليح عدد من شباب العشائر هناك , ونجحت مبادرته وسانده الجيش الامريكي بالسلاح , بينما الحكومة العراقية رفضت مساعدته , هذه حسب افادة الشخص الذي هو عضو عشيرة منخرطة مع برنامج صحوة الانبار,
قلت له طيب ما الفرق بين القاعدة والمقاومة الوطنية؟
قال القاعدة دخلت علينا من كل الحدود الجنوبية والغربية الى الانبار ( يقصد السعودية وسوريا والاردن ) وهو يقول انهم يملكون السلاح , في البداية ظنت المقاومة الوطنية انهم جاؤوا لمساندتها, ثم تبين ان للقاعدة اجندة مختلفة , فهم قتلوا اعدادا كبيرة من رجال الدين وشيوخ العشائر واساتذة الجامعات واطباء ورجال الشرطة وضباط الجيش , بتهمة انهم عملاء...
وفجروا بيوت وقتلوا ابرياء وعوائل بحجة ان احد افراد العائلة يعمل مع الجيش العراقي او الشرطة العراقية...
وأيضا هاجمت الاحياء السكنية السنية او الشيعية وهجرت الكثير من العوائل تحت اسباب طائفية ...
بينما المقاومة الوطنية عندها هدف رئيسي هو مقاتلة جيش الاحتلال...
عندما تعب أهل الانبار من وجود القاعدة وعدم قدرتهم في السيطرة عليها, لان اي واحد من افراد العشائر لو وجد عنده سلاح سوف يلقى به في سجون الاحتلال ( خاصة سجن بوكه في البصرة
وجد الناس ان ملاذهم الوحيد هو الاستنجاد بالجيش الامريكي وعقد صفقة معه : اعطينا سلاح , نقضي على كل من يعمل عمليات ضدكم , حتى يسود الأمان في المدينة....
قلت للرجل : الا ترى ان التفسير المنطقي للموضوع هو ان القاعدة كانت تعمل لصالح المحتل؟
قتلت خير الرجال عندكم , افسدت وشوهت صورة المقاومة الوطنية , أرهبتكم الى درجة جعلتكم تلوذون بالمحتل ليعطيكم سلاح وتوفرون له الأمان والقبول في مدنكم ؟
الا تظن ان له يدا في ادخال هذه العناصر الغريبة عدوة العراقيين , دمرتكم واذتكم حتى وصلتم لمرحلة اللوذ بجنود الاحتلال باعتبارهم المخلصين لكم من محنتكم؟
قال : اي طبعا ممكن الاحتمال وارد جدا ......
سألته طيب أين ذهبت المقاومة الوطنية؟
قال طلبنا منهم ان يوقفوا عملياتهم ضد الجيش الامريكي داخل المدن , قلنا لهم اذهبوا الى الطريق الخارجي واضربوهم هناك ,
قلت له طيب انت عندما قابلتك قبل سنة كنت تفتخر انك من المقاومة الوطنية, وحين سقطت الفلوجة خرجت انت منها وكنت احد افراد وفد المفاوضات مع الجيش الامريكي ....
ما الذي تغير؟
قال نريد ان نشارك في العملية السياسية ...
قلت في نفسي. هممم..... صار الرجل يبحث عن كرسي ومنصب في الحكومة , سبحان الله كيف يتغير الناس؟
الان صار مثله الأعلى ابو ريشه , الذي حظى بمصافحة بوش وظهر على الشاشات كأنه بطل , والكل يتكلم عن الاموال الهائلة بين يديه لا ادري من اين جاءته ؟ من مقاولات مع الجيش الامريكي ام مجرد مكافات له لتغري الاخرين ان يكونوا مثله ؟
فهمت ايضا ان في الانبار 17 عشيرة , وان 4 عشائر وقعت على اتفاق للتعاون من الجيش الامريكي ,
يعني الان الانبار منقسمة على نفسها كما هو حال كل العراق ....
لا توجد انقسامات طائفية سنية شيعية , بل بين الفئة الواحدة انقسامات بعضها مع الاحتلال وبعضها ضد الاحتلال,
كما حدث تماما ايام الاحتلال البريطاني للعراق...
وكتب لنا التاريخ اسماء الوطنيين واسماء الانتهازيين, وهم موجودون في كل زمان ومكان......
*****************************************************************************
ماذا فعل هذا الاحتلال القبيح بالعراق والعراقيين؟
مزق وحدتهم وشتت ارائهم وجعل بعضهم عدوا لبعض...
لكنني مازلت أراهن على العراقيين الوطنيين المخلصين , الذين لا تبدلهم اغراءات الاحتلال ولا تهديداته ...
ان شالله ينتصرون ويستلمون قيادة البلاد يوما ما , ويتوجهون به نحو طريق النجاة , ويسود الامان والسلام في بلاد الرافدين من جديد .........
ويعود العراقيون من دول الشتات الى بيوتهم في العراق ليبنوا وطنا جديدا مليئا بالمحبة والأمان والسلام .....
آمين ...