Friday, September 14, 2007
لبنان وسوريا ....
الجمعة 14 أيلول 2007
السلام عليكم
كنت مشغولة طوال الفترة السابقة مع العوائل العراقية هنا, الان جاء شهر رمضان المبارك , قررت ان اخذ اجازة وراحة
واجلس في البيت كم يوم لانني مرهقة جدا , نفسيا وجسميا , ومحتاجة أن أكون وحدي , بدون أن أرد على التلفونات أو افتح بريدي الالكتروني..
في مثل هذه الايام يعاودني الحنين لبيتي في بغداد , والحنين لبغداد الحبيبة والعراق وكل شيء هناك , لا أظن ثمة شيء يحزن القلب أكثر من فراق الوطن , فهو يعني كل شيء بالنسبة لشخص أجبر على مغادرة بيته ووطنه مثلي ومثل معظم العراقيين الذين يعيشون في الشتات , حيث نحن الى عملنا وبيوتنا وجيراننا واقاربنا واصدقائنا وذكرياتنا وكل شيء هناك,...
انا هنا لا أعاني من إقامه غير شرعية او ليس عندي فرصة عمل او دخل للأسرة , او ممنوعة من السفر للعالم لأنني أحمل جواز سفر عراقي مغضوب عليه,
لست أعاني من أي شيء كهذا لأن زوجي أردني ...
, لكن الحزن في قلبي مثل الجبال
فكيف هو حال العراقيين الذين لا يملكون اقامات شرعيه هنا, واولادهم كذلك,
فهم يعيشون في رعب دائم من أن
تأتي شرطة الاقامة وتلقي بهم على الحدود رغم انهم جميعا يحملون الورقة البيضاء من مفوضية الامم المتحدة للاجئين, لكنهم لا يثقون بها , ولا يصدقون انها تشكل سقف حماية كاف لهم ,
وايضا غير مسموح لهم بالعمل , وهذه الورقة البيضاء من المفوضية لا تكفل لهم حق العمل, يعني مسموح لشرطة الاقامة تسفير من تجده يعمل من العراقيين وهو بلا اقامة شرعية , سواء كان طبيب , او عامل بناء....
طيب من اين يعيشون؟
معظمهم انقطعت علاقتهم باهلهم في الداخل وتوقفوا عن ارسال مساعدات لهم , لأن الذين في الداخل يكفيهم ما هم فيه من بؤس وجحيم, من قلة فرص العمل , وارتفاع اسعار المواد الغذائية والوقود , وسوء الخدمات من ماء وكهرباء وصحة , يعني تتحمل العائلة مسؤولية توفير وشراء ماء نظيف للشرب منتج من شركات خاصة, وكهرباء من مولدات خاصة لتغطية عدد ساعات معقولة لأن الساعات التي يرون فيها الكهرباء الوطنية محدودة ولا تكفي, وهذا يكلف طبعا ثمن شراء الوقود او الاشتراك في مولدة الحي الكبيرة , ايضا البنزين ليس دائما سهل الحصول عليه من محطات الدولة , احيانا شحة وطابور طويل يضطر الناس لشرائه من تجار السوق السوداء رغم ارتفاع ثمنه , كذلك الوقود الاخر مثل غاز الطبخ او النفط الابيض خصوصا في الشتاء,...
اما اذا مرض شخص من العائلة او اصيب بشظايا او طلقات نتيجة اشتباكات يومية فهذه كارثة اخرى تضاف للعائلة هناك , المستشفيات الحكومية تلفظ انفاسها من سوء الخدمات وهجرة الاطباء وشحة الادوية او تسريبها للسوق بسبب الفساد الاداري المتفشي في اجهزة الحكومة , مصايب كثيرة ليس بيد المواطن العراقي المسكين السيطرة عليها, وأمامه اختيارين لا ثالث لهما , اما ان يسكت ويصبر, او يلملم حطامه ويبحث عن منفى في سوريا او الاردن او مصر او السويد ..
لكن طبعا هذا ايضا صار حلما بعيدا , الجميع تقريبا اغلق ابوابه بوجه العراقيين الان............
يعني البلاد تعيش حالة فوضى وخراب ليس على مستوى خطف وقتل وتفجيرات فقط, انما ايضا الحياة اليومية المدنيه هي حياة مرهقة متعبة مهينة لكرامة الانسان....
فهل من المعقول ان نطلب من هؤلاء ان يساعدوا اقاربهم الذين هاجروا من العراق؟
طبعا مستحيل , المنطقي هو ان الذين هاجروا ينبغي عليهم مساعدة الذين يعيشون في الداخل في ظل الجحيم اليومي ان لم يكن من تفجيرات , فهو من جوع وفقر واحباط مستمر, وبصيص الأمل يظهر ثم يعود ليتلاشى....
هذا هو حال العراقيين في الداخل او المنافي, حتى الذي يملك بيتا ومصدر دخل معقول واقامة شرعية , مثلي, فهو غير سعيد ولا راض , يرى سعادته الوحيدة في عودته الى وطنه , ويرى سعادته ان يرى جنود الاحتلال والمرتزقه واللصوص والقتله , كلهم قد غادروا العراق دون رجعة....
متى سيأتي ذلك اليوم؟
لا أدري بالضبط , فعلمه عند ربي , لكنه سيأتي ,آجلا او عاجلا....سيأتي..
وكلنا ننتظره بشوق شديد ولا نتنازل عن هذا الحلم , ولا هذا الأمل....
فما اضيق العيش لولا فسحة الأمل...
*****************************************************************
كنت قبل اسابيع في مهمة لشراء بعض مسلتزمات مدرسية لعدد من اطفال العوائل العراقية هنا, ثم في نفس اليوم حدث انني كنت مشغوله ومرتبكه في محل المكتبه , ولم انتبه ان حقيبتي اليدويه مفتوحه , ثم جلست لالتقط انفاسي في المحل نفسه وانتبهت ان محفظتي والكاميرا قد اختفتا من الحقيبة , كانت لحظة سعيدة جدا !
بقيت غير مصدقة ما حدث, فثمة من خطف المحفظة ويظنها تحوي النقود , لكنها في الحقيقة مليئة بهوياتي الشخصية , من هوية احوال مدنية الى رخصة القيادة الى بطاقات البنك الى هويات نقابة المهندسين الى بطاقة التأمين الصحي الى هوية اشتراك بمكتبة عامة الى بطاقات تخفيض من محلات انا عادة زبونتهم ..........
اصابتني حالة احباط نفسي لا توصف, اكملت شراء المواد وعدت للبيت كأن ثمة من ضربني على رأسي بهراوة ثقيلة ...
بلغت الشرطة وانتظرت عدة ايام ان يتصلوا بي , لكن أحدا لم يتصل...
في هذه الفترة تماما قررت ان اسافر مع اولادي لقضاء اجازة في لبنان وسوريا , عساها تخفف عني هذا الشعور بالقهر والانزعاج, وحين أعود من الاجازة , سأبدأ عملية استخراج بطاقات وهويات بدل ضائع ...
******************************************
لبنان كنت أعيش فيه أول سنوات حياتي بعد التخرج من الجامعة ,و زواجي,
ذهبت مع زوجي الى هناك اعمل متطوعة لإعادة اعمار المخيمات الفلسطينية خلال الحرب الاهلية...
عملت مع مكاتب هندسية ومنظمات انسانية لبناء مستشفيات , واعادة ماء وكهرباء للمخيمات التي تعرضت للقصف والخراب والدمار الذي طال البنية التحية وأثر على حياة المدنيين المساكين...
كنت صغيرة وتجربتي في الحياة مازالت غضة, لكن هدفي وقناعاتي كانت واضحة , رفضت التعيين والعمل في اجهزة الدوله العراقية كما يفعل الخريجون الجدد , رأيت ان للانسان رسالة في هذه الحياة هي أكبر من أن يكون أناني يفكر بنفسه وبيته وسيارته وعائلته فقط , التضحية من أجل الاخرين هي رسالة نبيلة تستحق ان يلتزم بها الانسان في جزء من حياته او طوال حياته, هذه تعتمد على قدراته الذاتيه وقرارته الشخصية...
الان حين أرى ابني رائد قد رفض العمل كمهندس معماري في مكاتب خاصة سواء في منطقة الشرق الاوسط او اميركا حيث يعيش, والتزم بالعمل الانساني من أجل انقاذ العراق من محنته , ابتسم واقول كيف الومه واقول له اترك هذا العمل يا ماما لانه محبط ومتعب وانت مازلت شابا في أول الطريق ...
هو لن يسمعني بالتأكيد , هكذا كنت افعل أنا حين كان ينصحني الكبار انذاك , قناعتي لا تتزحزح , ولحد الان, رغم كل ما عانيته ودفعت ثمنه من أجل تلك السنتين في لبنان , لست نادمه أبدا...
الحمد لله ان السنوات لم تغيرني, ولم اتحول الى انتهازية أو سلبية محبطة , كما أرى كثيرا من الناس حولي للاسف, قد اصابتهم هذه الاعراض بمرور الزمن, وانهزموا من الداخل قبل ان يعلنوا هزيمتهم الرسمية بصراحه ....
**************************************
ذهبت مع اولادي خالد وماجد الى بيروت وسوريا ضمن تور سياحي , باصات يعني , الرحلة متعبة بالباص, تشنجت عضلات ظهري وانتفخت اقدامي بسبب المقعد الضيق وبجواري دائما سيدة لا اعرفها..
الجلوس غير المريح لساعات طويله اتعبني كثيرا, مررنا على الحدود الاردنية السورية ثم دخلنا سوريا وقطعناها الى الحدود السورية اللبنانية , ودخلنا لبنان اخيرا...
ذهبنا الى المصايف في عاليه ونبع الصفا وقصر بيت الدين ومررنا بشتورا , مناظر جميله جدا جدا, الطبيعه هناك جبال خضراء وبيوت كرميد كأننا في سويسرا ,
الجو جدا جميل سبحان الله ...
رجعنا لبيروت ونزلنا بفندق في منطقة الحمراء, ذهبنا الى صخرة الروشة وتمشينا على الكورنيش وشربنا عصير طازج, ورأينا بياع الفول والذرة والترمس ....
تذكرت كل شيء عندما كنت أعيش ببيروت ايام الحرب الاهلية, وها أنا ازورها ثانية بعد حوالي 30 سنة , لكن الحال ليس افضل مما كانت عليه ,
المدينة كأنها تعيش على بركان سينفجر في اية لحظة , المدينة منقسمة الى مناطق تحمل شعارات وصور تؤيد حزب الله وحسن نصرالله ومن معه , ومناطق اخرى تحمل شعارات وصور تؤيد الحريري وتهاجم سوريا ومن يتحالف معها...
وفي منطقة البلد , توجد خيام المعارضة ضد الحكومة , ومليشيات احزاب لبنانية معارضة للحكومة ....
وتوجد مناطق سكنية قديمة حزينة مهملة لم تمتد لها يد التنظيف والتطوير منذ ايام الحرب الاهلية ربما, في حين ترى مناطق اخرى ترتفع فيها فنادق راقية وعمارات تجاريه وسكنية فاخرة , كأن ثمة عالمين مختلفين يعيشان في مدينة واحدة صغيرة , هي اصغر من ان تستوعب هكذا تناقضات كبيرة...
البلد صغير وضعيف ولا يحتمل صراعات الجيران داخله , ليس فقط الجيران , بل قوة عظمى مثل أميركا صارت لاعبا رئيسيا واضحا في لبنان , يدخل ليعيد ترتيب البيت اللبناني بما يتفق مع مصالحه ...
شيء محزن ...
لبنان نموذج عجيب من دوله طائفية متعددة الاقطاب والقيادات : المسلمون هنا سنة وشيعة , والمسيحيون ايضا مارونيين وغيرهم , كذلك يوجد قادة لطائفة الدروز , واحزاب مسيحية متعددة متصارعة , ومليشيات متعددة متصارعة ...
والحكومة تعيش حالة محاصصة طائفية , الرئيس لازم يكون مسيحي, ورئيس الوزراء مسلم سني, ورئيس البرلمان مسلم شيعي, والنواب بين سنة وشيعة ودروز...
هذا التقسيم القبيح أدخله الاحتلال للعراق منذ 2003 , يعني المطلوب بناء دوله ممزقه ضعيفة في العراق مثل النموذج اللبناني, تظل متصارعة فيما بينها , والجيران ايضا يمدون اصابعهم ويسلحون البعض ضد البعض الاخر...
زاد حزني وطار مني اي مزاج للتمتع بإجازة , اتمنى لو ان ثمة زر اطفاء للذاكرة حتى انسى الذكريات الاليمة عما حدث للعراق واتمتع بالاجازة واضحك واصفق لسماع الاغاني السخيفة التي يبثها سائق الباص الغبي بصوت عال والتي زادت من تعكير مزاجي .......
هكذا هو لبنان منذ عقود طويلة , نموذج لدوله صغيرة هزيله ضعيفة تعصف بها رياح ومصالح قوى داخليه وخارجية ...
البعض يقول ان هذا حدث للبنان لانه جيران اسرائيل , لانه ينبغي له ان يظل ضعيفا مضطربا سياسيا واقتصاديا حتى لا يشكل اي تهديد الى اسرائيل , التي تحظى بالاستقرار والدعم العسكري والاقتصادي دائما من دول الغرب , بعكس الدول العربية المجاورة لاسرائيل , دائما يتم اضعافها وتحطيمها اقتصاديا وعسكريا حتى تبقى هكذا , لا تشكل اي خطر...
مصر ولبنان والاردن كلها محاصرة اقتصاديا وسياسيا , وسوريا اكثر واحدة مهددة الان , لأنها ترفض عقد مفاوضات مع اسرائيل , فهي دوله متهمه بأنها ارهابية او حاضنة للارهاب...
والعراق كان سابقا يشكل تهديدا لاسرائيل , والان تم غزوه واحتلاله وتدميره وتمزيقه حتى يكون عبرة لغيره من دول المنطقة, كل من يتحدى أميركا واسرائيل هذا هو مصيره, يعني هذا درس الى سوريا وايران مثلا , مصيركم سيكون مثل العراق ان لم توقعوا اتفاقيات سلام مع اسرائيل....
كم أكره السياسة والذين يعملون بها؟
كأنها أقذر مهنة في العالم , لانها تدمر الشعوب والاوطان على حد سواء....
والسبب( مصالح حيوية) لفئة قليلة حاكمة من اللصوص هنا او هناك ..........
عمت عينهم ........
*******************************************************************************
لبنان غالية جدا , عملتهم الليرة , كل 1500 ليرة تساوي دولار واحد , يعني مثل الدينار العراقي المسكين المنهار..
يعني منذ 1990 تقريبا انتهت الحرب الاهلية , لكن العملة اللبنانية ظلت ضعيفة هكذا ؟
رغم الاستثمارات والسياحة والفنادق ؟
شيء غريب حقا..........
اعجبتني زيارة مغارة جعيتا, جدا جميلة , هي مغارة عمرها عشرات الالاف من السنين , تراكمت فيها نقاط الماء مع مواد كلسية مذابه فصنعت تماثيل غريبة وجميلة لا يقدر اي فنان ان ينجزها , سبحان الله !
وايضا كنت سعيدة في تلك الزيارة حيث صادفني الكثير من العراقيين هناك , كنت محتارة بين ان أقف واقول : هلو انا ايضا عراقية هاربة من الجحيم مثلكم قلبي حزين وأريد الرجوع للعراق مثلكم !
وبين ان ابتسم والوذ بالصمت كأنني غريبة ....
لاأعرف لماذا الشعور بالغربة عن الوطن شعور محزن ويكسر قلب الانسان ...
***********************************************************************
ذهبنا الى سوريا ...
يا الهي كم توجد فواكه طازجه ومنظرها شهي؟
وحبوب مثل الجوز واللوز والزبيب والفستق والكاجو ؟
وشكولاته ونوغا وبقلاوة وفواكه مجففه ؟
سوريا ارض الخيرات , سبحان الله !
ذهبنا في البداية للاذقية , يا الهي كم هي جميلة , والبحر جميل, والجو جدا لطيف, الهواء منعش وبارد...
بيروت كانت حارة ورطبة ....
خرجنا من اللاذقية بالباص الى مناطق شمال سوريا قريبة من الحدود التركية , يا الهي كم جميلة المناظر هناك؟
كأنها الجنة ؟
جبال خضراء مزروعه ليس فيها بقعة جرداء, وبيوت جميلة تعيش امنه على اطراف الجبال او في بطن الوادي...
اشترينا من هناك صابون غار صناعة محلية , جدا لطيف , منه انواع للبشرة ومنها انواع للشعر.........
ثم ذهبنا بعد يومين الى دمشق...
احب دمشق مع انها مدينة قديمة , لكنها تذكرني ببغداد ايام الحصار, لا مباني جديدة ولا استثمارات خاصة كثيرة , لكن عندهم انترنت وموبايلات ..
سوق الحميدية مشهوروهو سوق شعبي مزدحم ومليء بكل البضائع الحلوة معظمها صناعة سورية محلية , لهذا احترم الشعب السوري كثيرا ...
عندما اكون في لبنان والاردن ارى كل شيء مستورد , وهذا شيء ممل , لا توجد هوية للبلاد , فقط منتجات يدوية الصنع في محلات للسياح , بعض السجاد او الخزفيات .........
لكن في سوريا ومصر والعراق , ترى وتشم رائحة حضارة قديمة عريقة , تحبها وتتلهف للتعرف عليها..
سوق الحميدية والشوارع حوله يكتظ بالمشاة وتعرف انهم عراقيون من خريطة العراق التي يلبسونها
وتتدلى على صدورهم
الشارع كله عراقيون شباب وشابات وامهات واباء واطفال !
صوتهم ولهجتهم واضحة مميزة
كم مليون هرب من العراق الى الجيران ؟
..................
في سوريا البضائع في السوق معظمها صناعة محلية , دشاديش رجالية ونسائية, ملابس داخلية وقمصان نوم, حجابات , شراشف ومفارش للسراير والطاولات , صناعات خشبية مطعمه بالصدف , صناعات نحاسية يدوية جميلة جدا, صناعات جلدية يدوية من حقائب وجزادين , حلويات وفواكه مجففه صناعة محلية نظيفة وراقية واسعارها رخيصة...
سوريا رخيصة جدا بالنسبة الى لبنان والاردن بجوارها......
ترى شيئا مالوفا هناك : الشركه العامه للصناعات الخزفية , الشركة العامة لصناعة الصوف والسجاد , ....
هذه مؤسسات تعود للدولة , تذكرني بالعراق ومؤسسات القطاع العام قبل الحرب....
لكن بوش والعولمه التي يريد تصديرها يريد ان يثبت القطاع الخاص وسياسة الخصخصة ويلغي القطاع العام , يعني تقفل ابواب مؤسسات الحكومة , وتفتح مؤسسات القطاع الخاص, فترتفع الاسعار , ويستفيد طبقة محددة من التجار في البلاد , وتضعف الدوله ولا تتدخل في حماية حقوق المستهلك خصوصا الفقراء...........
لذلك سوريا الان مبغوضه من قبل بوش , فهي تملك القليل من الوطنية والهوية , وهذه ينبغي لها ان تتحطم , العصر الان عصر عولمه , وانفتاح الاسواق للتجار والشركات الكبيرة , ودع الصناعات الوطنية تتحطم وتنقرض ويجوع اصحابها امام منافسة البضائع الرخيصة المستوردة من الصين مثلا....
عندما رجعنا الى عمان قالت الاخبار ان الطيران الاسرائيلي حلق فوق منطقة اللاذقية وقصف موقعا عسكريا هناك...
حزنت لانني لا اتمنى ان يصيب سوريا الخراب والدمار الذي سببته اميركا للعراق....
دعوت لسوريا ان يديم الله عليهم نعمة الامان والاستقرار...
وان يكفيهم شر الماكرين الذين دمروا العراق...
آمين ........
لا اتمنى ان يحدث للناس ما حدث للعراقيين , مهما كانت الاسباب , الحرب خيار غبي وشرير...
انظروا الينا ماذا جنينا من هذه الحرب على العراق بعد اكثر من اربع سنوات؟
ومن يسألني هل تعتقدين انها تستحق التضحيات التي حصلت ؟
أقول لا ...
يكفي الدماء التي سفكت , من يبرر سفك الدماء؟
من يبرر قتل الابرياء وتهديم البيوت وتخريب المدن ؟
من كان يؤمن بالله , وفي قلبه ذرة رحمه للبشر , لا يمكن ان يقبل بخيار قيام حرب ...........
أبشع شيء يمكن ان يقوم به البشر ضد بعضهم البعض......
لا توجد اي مبررات نبيلة من أجل قتل الناس وسفك دمائهم في هذا الزمان ..............
بل هي من أجل مصالح حقيرة لفئة من اللصوص قساة القلوب لا تشبع عيونهم من الدنيا , نفوسهم وقلوبهم مريضة ....
عمت عينهم مرة اخرى ......
*****************************************************
السلام عليكم
كنت مشغولة طوال الفترة السابقة مع العوائل العراقية هنا, الان جاء شهر رمضان المبارك , قررت ان اخذ اجازة وراحة
واجلس في البيت كم يوم لانني مرهقة جدا , نفسيا وجسميا , ومحتاجة أن أكون وحدي , بدون أن أرد على التلفونات أو افتح بريدي الالكتروني..
في مثل هذه الايام يعاودني الحنين لبيتي في بغداد , والحنين لبغداد الحبيبة والعراق وكل شيء هناك , لا أظن ثمة شيء يحزن القلب أكثر من فراق الوطن , فهو يعني كل شيء بالنسبة لشخص أجبر على مغادرة بيته ووطنه مثلي ومثل معظم العراقيين الذين يعيشون في الشتات , حيث نحن الى عملنا وبيوتنا وجيراننا واقاربنا واصدقائنا وذكرياتنا وكل شيء هناك,...
انا هنا لا أعاني من إقامه غير شرعية او ليس عندي فرصة عمل او دخل للأسرة , او ممنوعة من السفر للعالم لأنني أحمل جواز سفر عراقي مغضوب عليه,
لست أعاني من أي شيء كهذا لأن زوجي أردني ...
, لكن الحزن في قلبي مثل الجبال
فكيف هو حال العراقيين الذين لا يملكون اقامات شرعيه هنا, واولادهم كذلك,
فهم يعيشون في رعب دائم من أن
تأتي شرطة الاقامة وتلقي بهم على الحدود رغم انهم جميعا يحملون الورقة البيضاء من مفوضية الامم المتحدة للاجئين, لكنهم لا يثقون بها , ولا يصدقون انها تشكل سقف حماية كاف لهم ,
وايضا غير مسموح لهم بالعمل , وهذه الورقة البيضاء من المفوضية لا تكفل لهم حق العمل, يعني مسموح لشرطة الاقامة تسفير من تجده يعمل من العراقيين وهو بلا اقامة شرعية , سواء كان طبيب , او عامل بناء....
طيب من اين يعيشون؟
معظمهم انقطعت علاقتهم باهلهم في الداخل وتوقفوا عن ارسال مساعدات لهم , لأن الذين في الداخل يكفيهم ما هم فيه من بؤس وجحيم, من قلة فرص العمل , وارتفاع اسعار المواد الغذائية والوقود , وسوء الخدمات من ماء وكهرباء وصحة , يعني تتحمل العائلة مسؤولية توفير وشراء ماء نظيف للشرب منتج من شركات خاصة, وكهرباء من مولدات خاصة لتغطية عدد ساعات معقولة لأن الساعات التي يرون فيها الكهرباء الوطنية محدودة ولا تكفي, وهذا يكلف طبعا ثمن شراء الوقود او الاشتراك في مولدة الحي الكبيرة , ايضا البنزين ليس دائما سهل الحصول عليه من محطات الدولة , احيانا شحة وطابور طويل يضطر الناس لشرائه من تجار السوق السوداء رغم ارتفاع ثمنه , كذلك الوقود الاخر مثل غاز الطبخ او النفط الابيض خصوصا في الشتاء,...
اما اذا مرض شخص من العائلة او اصيب بشظايا او طلقات نتيجة اشتباكات يومية فهذه كارثة اخرى تضاف للعائلة هناك , المستشفيات الحكومية تلفظ انفاسها من سوء الخدمات وهجرة الاطباء وشحة الادوية او تسريبها للسوق بسبب الفساد الاداري المتفشي في اجهزة الحكومة , مصايب كثيرة ليس بيد المواطن العراقي المسكين السيطرة عليها, وأمامه اختيارين لا ثالث لهما , اما ان يسكت ويصبر, او يلملم حطامه ويبحث عن منفى في سوريا او الاردن او مصر او السويد ..
لكن طبعا هذا ايضا صار حلما بعيدا , الجميع تقريبا اغلق ابوابه بوجه العراقيين الان............
يعني البلاد تعيش حالة فوضى وخراب ليس على مستوى خطف وقتل وتفجيرات فقط, انما ايضا الحياة اليومية المدنيه هي حياة مرهقة متعبة مهينة لكرامة الانسان....
فهل من المعقول ان نطلب من هؤلاء ان يساعدوا اقاربهم الذين هاجروا من العراق؟
طبعا مستحيل , المنطقي هو ان الذين هاجروا ينبغي عليهم مساعدة الذين يعيشون في الداخل في ظل الجحيم اليومي ان لم يكن من تفجيرات , فهو من جوع وفقر واحباط مستمر, وبصيص الأمل يظهر ثم يعود ليتلاشى....
هذا هو حال العراقيين في الداخل او المنافي, حتى الذي يملك بيتا ومصدر دخل معقول واقامة شرعية , مثلي, فهو غير سعيد ولا راض , يرى سعادته الوحيدة في عودته الى وطنه , ويرى سعادته ان يرى جنود الاحتلال والمرتزقه واللصوص والقتله , كلهم قد غادروا العراق دون رجعة....
متى سيأتي ذلك اليوم؟
لا أدري بالضبط , فعلمه عند ربي , لكنه سيأتي ,آجلا او عاجلا....سيأتي..
وكلنا ننتظره بشوق شديد ولا نتنازل عن هذا الحلم , ولا هذا الأمل....
فما اضيق العيش لولا فسحة الأمل...
*****************************************************************
كنت قبل اسابيع في مهمة لشراء بعض مسلتزمات مدرسية لعدد من اطفال العوائل العراقية هنا, ثم في نفس اليوم حدث انني كنت مشغوله ومرتبكه في محل المكتبه , ولم انتبه ان حقيبتي اليدويه مفتوحه , ثم جلست لالتقط انفاسي في المحل نفسه وانتبهت ان محفظتي والكاميرا قد اختفتا من الحقيبة , كانت لحظة سعيدة جدا !
بقيت غير مصدقة ما حدث, فثمة من خطف المحفظة ويظنها تحوي النقود , لكنها في الحقيقة مليئة بهوياتي الشخصية , من هوية احوال مدنية الى رخصة القيادة الى بطاقات البنك الى هويات نقابة المهندسين الى بطاقة التأمين الصحي الى هوية اشتراك بمكتبة عامة الى بطاقات تخفيض من محلات انا عادة زبونتهم ..........
اصابتني حالة احباط نفسي لا توصف, اكملت شراء المواد وعدت للبيت كأن ثمة من ضربني على رأسي بهراوة ثقيلة ...
بلغت الشرطة وانتظرت عدة ايام ان يتصلوا بي , لكن أحدا لم يتصل...
في هذه الفترة تماما قررت ان اسافر مع اولادي لقضاء اجازة في لبنان وسوريا , عساها تخفف عني هذا الشعور بالقهر والانزعاج, وحين أعود من الاجازة , سأبدأ عملية استخراج بطاقات وهويات بدل ضائع ...
******************************************
لبنان كنت أعيش فيه أول سنوات حياتي بعد التخرج من الجامعة ,و زواجي,
ذهبت مع زوجي الى هناك اعمل متطوعة لإعادة اعمار المخيمات الفلسطينية خلال الحرب الاهلية...
عملت مع مكاتب هندسية ومنظمات انسانية لبناء مستشفيات , واعادة ماء وكهرباء للمخيمات التي تعرضت للقصف والخراب والدمار الذي طال البنية التحية وأثر على حياة المدنيين المساكين...
كنت صغيرة وتجربتي في الحياة مازالت غضة, لكن هدفي وقناعاتي كانت واضحة , رفضت التعيين والعمل في اجهزة الدوله العراقية كما يفعل الخريجون الجدد , رأيت ان للانسان رسالة في هذه الحياة هي أكبر من أن يكون أناني يفكر بنفسه وبيته وسيارته وعائلته فقط , التضحية من أجل الاخرين هي رسالة نبيلة تستحق ان يلتزم بها الانسان في جزء من حياته او طوال حياته, هذه تعتمد على قدراته الذاتيه وقرارته الشخصية...
الان حين أرى ابني رائد قد رفض العمل كمهندس معماري في مكاتب خاصة سواء في منطقة الشرق الاوسط او اميركا حيث يعيش, والتزم بالعمل الانساني من أجل انقاذ العراق من محنته , ابتسم واقول كيف الومه واقول له اترك هذا العمل يا ماما لانه محبط ومتعب وانت مازلت شابا في أول الطريق ...
هو لن يسمعني بالتأكيد , هكذا كنت افعل أنا حين كان ينصحني الكبار انذاك , قناعتي لا تتزحزح , ولحد الان, رغم كل ما عانيته ودفعت ثمنه من أجل تلك السنتين في لبنان , لست نادمه أبدا...
الحمد لله ان السنوات لم تغيرني, ولم اتحول الى انتهازية أو سلبية محبطة , كما أرى كثيرا من الناس حولي للاسف, قد اصابتهم هذه الاعراض بمرور الزمن, وانهزموا من الداخل قبل ان يعلنوا هزيمتهم الرسمية بصراحه ....
**************************************
ذهبت مع اولادي خالد وماجد الى بيروت وسوريا ضمن تور سياحي , باصات يعني , الرحلة متعبة بالباص, تشنجت عضلات ظهري وانتفخت اقدامي بسبب المقعد الضيق وبجواري دائما سيدة لا اعرفها..
الجلوس غير المريح لساعات طويله اتعبني كثيرا, مررنا على الحدود الاردنية السورية ثم دخلنا سوريا وقطعناها الى الحدود السورية اللبنانية , ودخلنا لبنان اخيرا...
ذهبنا الى المصايف في عاليه ونبع الصفا وقصر بيت الدين ومررنا بشتورا , مناظر جميله جدا جدا, الطبيعه هناك جبال خضراء وبيوت كرميد كأننا في سويسرا ,
الجو جدا جميل سبحان الله ...
رجعنا لبيروت ونزلنا بفندق في منطقة الحمراء, ذهبنا الى صخرة الروشة وتمشينا على الكورنيش وشربنا عصير طازج, ورأينا بياع الفول والذرة والترمس ....
تذكرت كل شيء عندما كنت أعيش ببيروت ايام الحرب الاهلية, وها أنا ازورها ثانية بعد حوالي 30 سنة , لكن الحال ليس افضل مما كانت عليه ,
المدينة كأنها تعيش على بركان سينفجر في اية لحظة , المدينة منقسمة الى مناطق تحمل شعارات وصور تؤيد حزب الله وحسن نصرالله ومن معه , ومناطق اخرى تحمل شعارات وصور تؤيد الحريري وتهاجم سوريا ومن يتحالف معها...
وفي منطقة البلد , توجد خيام المعارضة ضد الحكومة , ومليشيات احزاب لبنانية معارضة للحكومة ....
وتوجد مناطق سكنية قديمة حزينة مهملة لم تمتد لها يد التنظيف والتطوير منذ ايام الحرب الاهلية ربما, في حين ترى مناطق اخرى ترتفع فيها فنادق راقية وعمارات تجاريه وسكنية فاخرة , كأن ثمة عالمين مختلفين يعيشان في مدينة واحدة صغيرة , هي اصغر من ان تستوعب هكذا تناقضات كبيرة...
البلد صغير وضعيف ولا يحتمل صراعات الجيران داخله , ليس فقط الجيران , بل قوة عظمى مثل أميركا صارت لاعبا رئيسيا واضحا في لبنان , يدخل ليعيد ترتيب البيت اللبناني بما يتفق مع مصالحه ...
شيء محزن ...
لبنان نموذج عجيب من دوله طائفية متعددة الاقطاب والقيادات : المسلمون هنا سنة وشيعة , والمسيحيون ايضا مارونيين وغيرهم , كذلك يوجد قادة لطائفة الدروز , واحزاب مسيحية متعددة متصارعة , ومليشيات متعددة متصارعة ...
والحكومة تعيش حالة محاصصة طائفية , الرئيس لازم يكون مسيحي, ورئيس الوزراء مسلم سني, ورئيس البرلمان مسلم شيعي, والنواب بين سنة وشيعة ودروز...
هذا التقسيم القبيح أدخله الاحتلال للعراق منذ 2003 , يعني المطلوب بناء دوله ممزقه ضعيفة في العراق مثل النموذج اللبناني, تظل متصارعة فيما بينها , والجيران ايضا يمدون اصابعهم ويسلحون البعض ضد البعض الاخر...
زاد حزني وطار مني اي مزاج للتمتع بإجازة , اتمنى لو ان ثمة زر اطفاء للذاكرة حتى انسى الذكريات الاليمة عما حدث للعراق واتمتع بالاجازة واضحك واصفق لسماع الاغاني السخيفة التي يبثها سائق الباص الغبي بصوت عال والتي زادت من تعكير مزاجي .......
هكذا هو لبنان منذ عقود طويلة , نموذج لدوله صغيرة هزيله ضعيفة تعصف بها رياح ومصالح قوى داخليه وخارجية ...
البعض يقول ان هذا حدث للبنان لانه جيران اسرائيل , لانه ينبغي له ان يظل ضعيفا مضطربا سياسيا واقتصاديا حتى لا يشكل اي تهديد الى اسرائيل , التي تحظى بالاستقرار والدعم العسكري والاقتصادي دائما من دول الغرب , بعكس الدول العربية المجاورة لاسرائيل , دائما يتم اضعافها وتحطيمها اقتصاديا وعسكريا حتى تبقى هكذا , لا تشكل اي خطر...
مصر ولبنان والاردن كلها محاصرة اقتصاديا وسياسيا , وسوريا اكثر واحدة مهددة الان , لأنها ترفض عقد مفاوضات مع اسرائيل , فهي دوله متهمه بأنها ارهابية او حاضنة للارهاب...
والعراق كان سابقا يشكل تهديدا لاسرائيل , والان تم غزوه واحتلاله وتدميره وتمزيقه حتى يكون عبرة لغيره من دول المنطقة, كل من يتحدى أميركا واسرائيل هذا هو مصيره, يعني هذا درس الى سوريا وايران مثلا , مصيركم سيكون مثل العراق ان لم توقعوا اتفاقيات سلام مع اسرائيل....
كم أكره السياسة والذين يعملون بها؟
كأنها أقذر مهنة في العالم , لانها تدمر الشعوب والاوطان على حد سواء....
والسبب( مصالح حيوية) لفئة قليلة حاكمة من اللصوص هنا او هناك ..........
عمت عينهم ........
*******************************************************************************
لبنان غالية جدا , عملتهم الليرة , كل 1500 ليرة تساوي دولار واحد , يعني مثل الدينار العراقي المسكين المنهار..
يعني منذ 1990 تقريبا انتهت الحرب الاهلية , لكن العملة اللبنانية ظلت ضعيفة هكذا ؟
رغم الاستثمارات والسياحة والفنادق ؟
شيء غريب حقا..........
اعجبتني زيارة مغارة جعيتا, جدا جميلة , هي مغارة عمرها عشرات الالاف من السنين , تراكمت فيها نقاط الماء مع مواد كلسية مذابه فصنعت تماثيل غريبة وجميلة لا يقدر اي فنان ان ينجزها , سبحان الله !
وايضا كنت سعيدة في تلك الزيارة حيث صادفني الكثير من العراقيين هناك , كنت محتارة بين ان أقف واقول : هلو انا ايضا عراقية هاربة من الجحيم مثلكم قلبي حزين وأريد الرجوع للعراق مثلكم !
وبين ان ابتسم والوذ بالصمت كأنني غريبة ....
لاأعرف لماذا الشعور بالغربة عن الوطن شعور محزن ويكسر قلب الانسان ...
***********************************************************************
ذهبنا الى سوريا ...
يا الهي كم توجد فواكه طازجه ومنظرها شهي؟
وحبوب مثل الجوز واللوز والزبيب والفستق والكاجو ؟
وشكولاته ونوغا وبقلاوة وفواكه مجففه ؟
سوريا ارض الخيرات , سبحان الله !
ذهبنا في البداية للاذقية , يا الهي كم هي جميلة , والبحر جميل, والجو جدا لطيف, الهواء منعش وبارد...
بيروت كانت حارة ورطبة ....
خرجنا من اللاذقية بالباص الى مناطق شمال سوريا قريبة من الحدود التركية , يا الهي كم جميلة المناظر هناك؟
كأنها الجنة ؟
جبال خضراء مزروعه ليس فيها بقعة جرداء, وبيوت جميلة تعيش امنه على اطراف الجبال او في بطن الوادي...
اشترينا من هناك صابون غار صناعة محلية , جدا لطيف , منه انواع للبشرة ومنها انواع للشعر.........
ثم ذهبنا بعد يومين الى دمشق...
احب دمشق مع انها مدينة قديمة , لكنها تذكرني ببغداد ايام الحصار, لا مباني جديدة ولا استثمارات خاصة كثيرة , لكن عندهم انترنت وموبايلات ..
سوق الحميدية مشهوروهو سوق شعبي مزدحم ومليء بكل البضائع الحلوة معظمها صناعة سورية محلية , لهذا احترم الشعب السوري كثيرا ...
عندما اكون في لبنان والاردن ارى كل شيء مستورد , وهذا شيء ممل , لا توجد هوية للبلاد , فقط منتجات يدوية الصنع في محلات للسياح , بعض السجاد او الخزفيات .........
لكن في سوريا ومصر والعراق , ترى وتشم رائحة حضارة قديمة عريقة , تحبها وتتلهف للتعرف عليها..
سوق الحميدية والشوارع حوله يكتظ بالمشاة وتعرف انهم عراقيون من خريطة العراق التي يلبسونها
وتتدلى على صدورهم
الشارع كله عراقيون شباب وشابات وامهات واباء واطفال !
صوتهم ولهجتهم واضحة مميزة
كم مليون هرب من العراق الى الجيران ؟
..................
في سوريا البضائع في السوق معظمها صناعة محلية , دشاديش رجالية ونسائية, ملابس داخلية وقمصان نوم, حجابات , شراشف ومفارش للسراير والطاولات , صناعات خشبية مطعمه بالصدف , صناعات نحاسية يدوية جميلة جدا, صناعات جلدية يدوية من حقائب وجزادين , حلويات وفواكه مجففه صناعة محلية نظيفة وراقية واسعارها رخيصة...
سوريا رخيصة جدا بالنسبة الى لبنان والاردن بجوارها......
ترى شيئا مالوفا هناك : الشركه العامه للصناعات الخزفية , الشركة العامة لصناعة الصوف والسجاد , ....
هذه مؤسسات تعود للدولة , تذكرني بالعراق ومؤسسات القطاع العام قبل الحرب....
لكن بوش والعولمه التي يريد تصديرها يريد ان يثبت القطاع الخاص وسياسة الخصخصة ويلغي القطاع العام , يعني تقفل ابواب مؤسسات الحكومة , وتفتح مؤسسات القطاع الخاص, فترتفع الاسعار , ويستفيد طبقة محددة من التجار في البلاد , وتضعف الدوله ولا تتدخل في حماية حقوق المستهلك خصوصا الفقراء...........
لذلك سوريا الان مبغوضه من قبل بوش , فهي تملك القليل من الوطنية والهوية , وهذه ينبغي لها ان تتحطم , العصر الان عصر عولمه , وانفتاح الاسواق للتجار والشركات الكبيرة , ودع الصناعات الوطنية تتحطم وتنقرض ويجوع اصحابها امام منافسة البضائع الرخيصة المستوردة من الصين مثلا....
عندما رجعنا الى عمان قالت الاخبار ان الطيران الاسرائيلي حلق فوق منطقة اللاذقية وقصف موقعا عسكريا هناك...
حزنت لانني لا اتمنى ان يصيب سوريا الخراب والدمار الذي سببته اميركا للعراق....
دعوت لسوريا ان يديم الله عليهم نعمة الامان والاستقرار...
وان يكفيهم شر الماكرين الذين دمروا العراق...
آمين ........
لا اتمنى ان يحدث للناس ما حدث للعراقيين , مهما كانت الاسباب , الحرب خيار غبي وشرير...
انظروا الينا ماذا جنينا من هذه الحرب على العراق بعد اكثر من اربع سنوات؟
ومن يسألني هل تعتقدين انها تستحق التضحيات التي حصلت ؟
أقول لا ...
يكفي الدماء التي سفكت , من يبرر سفك الدماء؟
من يبرر قتل الابرياء وتهديم البيوت وتخريب المدن ؟
من كان يؤمن بالله , وفي قلبه ذرة رحمه للبشر , لا يمكن ان يقبل بخيار قيام حرب ...........
أبشع شيء يمكن ان يقوم به البشر ضد بعضهم البعض......
لا توجد اي مبررات نبيلة من أجل قتل الناس وسفك دمائهم في هذا الزمان ..............
بل هي من أجل مصالح حقيرة لفئة من اللصوص قساة القلوب لا تشبع عيونهم من الدنيا , نفوسهم وقلوبهم مريضة ....
عمت عينهم مرة اخرى ......
*****************************************************