Sunday, December 31, 2006
أيام العيد وإعدام صدام حسين
الأحد 31 كانون الاول 2006
السلام عليكم
هذه ايام عيد الأضحى عند المسلمين ,
وقبلها مرت ايام العشر الاولى من شهر ذي الحجة ,
وهي ايام مباركات حيث نصوم ونصلي ونتصدق ونعمل كل الاعمال الصالحة التي تقربنا لله تعالى, نسأله ان يغفر ذنوبنا, ويرحمنا, ومن يغفر الذنوب سواه؟
ونتذكر قول الرسول عليه الصلاة والسلام: كل ابن ادم خطاء, وخير الخطائين التوابون...
وهو يشبه قول السيد المسيح عليه السلام : من كان منكم بلا خطيئة , فليرجمها بحجر...
( عندما ارادوا رجم المرأة الزانية واحتقارها أمامه )
والبارحة , صحوت على تكبيرات المساجد لصلاة العيد : الله اكبر , الله اكبر , الله اكبر, لا اله الا الله ...
كم هي جميلة, انتظرها كل عيد لاسمعها ...
واليوم الذي قبله قضيناه والناس في صيام ودعاء وعبادة, يوم عرفات, من اقدس الايام للمسلمين..
ثلاثة مليون مسلم كانوا على جبل عرفات يدعون ويرددون : لبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك لبيك, ان الحمد والنعمة لك والملك, لا شريك لك...
في بداية الشهر ,قرأت كتيبا يقول ان الحسنات تتضاعف للمسلم هذه الايام ان قام بأي عمل صالح , فأكثروا الاعمال الصالحة ..
وتقصدت ان اساعد الناس اكثر, امضيت الايام العشرة في توزيع مساعدات مالية على عوائل عراقية فقيرة في عمان, وزرت بيوتهم, وأكلت معهم, وفرحت بسماع دعواتهم الطيبة, وقلت لهم ادعو الله دائما ان يطفي نار الفتن في العراق, ويرجعنا الى وطننا , ويوحد صفوفنا, ويجمع شملنا
ونعود لنبني بلدنا بأيدينا ..
وكانوا كلهم يبتسمون ويقولون : آمين...
كلما قابلت عراقيا او عراقيه, احسست ان الجرح واحد والالم واحد, ولا شيء يفرقنا , هنا في عمان نعيش مئات الالاف من العراقيين , نتقابل صدفة في الشوارع او المطاعم او المجمعات التجارية, نتكلم ونبتسم ونتعارف سريعا, وندعو بالخير لبلدنا, و لا نسأل هل انت سني او شيعي او مسيحي او كردي, هذه الكذبة السامة التي يروجها بوش الكذاب الغبي ومن يساند مشروعه الخبيث في العراق, مشروع الدمار والخراب المستمر منذ 2003 وحتى الان ....
*******************
اخر يوم قضيته قبل العيد, كنت اركض من الصباح حتى المغرب , حتى اشتري منظومة تصفية مياه لمستشفى الفلوجة, ومستلزمات طبية للمستشفى : باندج وشاش وكحول طبي وسرنجات وكانيولا وانابيب طبية بلاستيكية لاغراض متعددة, وزجاجات للمايكروسكوب للفحوص المختبريه, وكفوف طبية, وغطاء راس للاطباء , واشياء لا اتذكر كلها...
توجد مجموعة صغيرة من امريكيين ارسلوا لي مبلغا من المال , واشتريت كل شي, وصورت كل شيء, وارسلت فواتير كل شيء..
وانتظر ارسال الصناديق الى الفلوجة بعد عطلة العيد ان شالله ...
رجعت للبيت مرهقة جدا, لكنني في غاية السعادة..
سيشرب الناس في المستشفى ماء معقما نظيفا , وسيغسل الاطباء ايديهم بماء معقم ايضا قبل العمليات وبعدها, وسيجد الجرحى من اطفال وكبار, بعض المواد الطبية التي من الممكن ان تسعفهم , وتنقذ حياتهم..
اهل الفلوجة المفروض حسب برنامج بوش الكذاب انهم مجرمون , وقتله, وارهابيون,
لكنني اراهم عراقيين ابرياء, ضحايا حربه السخيفة الظالمة ضد كل الشعب العراقي
وهؤلاء المفروض انهم سنة مجرمون صداميون, والمفروض انني عراقية شيعية , ظلمني صدام, وجاء بوش ليحررني مع قادة المعارضة العراقية الشيعية, ما شاء الله , هذه القصة الكاذبة الفاسدة التي تم تسويقها عن العراق منذ بداية الحرب ولحد هذه اللحظة...
لكن لي قلبا وعقلا لم يتلوثا بعد بكل هذا الكذب والباطل , وظلت رؤيتي نظيفة سليمة
انا عراقية, وهؤلاء عراقيون , هؤلاء اخوتي واخواتي, هؤلاء اهلي وناسي
كيف اقبل بالظلم لهم؟
ان كنت لا ادري ما كان يفعله نظام صدام ضد العراقيين , ان كنت غافلة, فربما اكون معذورة , لكنني اليوم ما عدت غافلة, كلنا نرى ونسمع ما يحدث في العراق, وهذه مسؤولية ما دامت العيون والعقول انفتحت , هذه مسؤولية, لا يمكن ان اقول : هذا لا يخصني, هذا لا يعنيني..
كلما زاد ايماني بالله, كلما زاد عندي الشعور بالمسؤولية , لا ينبغي ان اخاف, لا ينبغي ان اكذب , لا ينبغي ان اكون انتهازية اقبل بانصاف الحلول , الاسلام واضح ,
كما قال الرسول ص : الحلال بين والحرام بين وبينهما شبهات, اتقوا الشبهات ,
يعني ابتعدوا عنها ...
طيب , كل شيء في العراق واضح الان ...
هذا كذب , هذا ظلم , هذا تزييف...
الحمد لله الذي اعطاني هذه القدرة على رؤية الاشياء على حقيقتها, والحمد لله الذي اعطاني الشجاعة لقول الحق....
ما كنت ادري انني شجاعة, حتى رأيت الجبناء من حولي...
وما كنت ادري انني تعلمت من الاسلام والايمان كيف تنغسل القلوب من الكذب والحقد...
حتى رأيت بوش ومن خلفه , يصفقون ويطيعون ويخضعون, وينفذون ما يطلب منهم, حتى اكتشفت كم هم
مساكين ؟..
في اي عالم حقير مظلم يعيشون ؟
***************************
وفكرت كثير ا الاسبوع الماضي , بالامريكيين الذين ارسلوا مساعدات للعوائل العراقية الفقيرة في عمان , او تبرعات لشراء منظومة تعقيم الماء والادوية لمستشفى الفلوجة...
قلت في نفسي نحن فعلا اخوان في الله ..
كم من مسلم غبي يظن نفسه هو الوحيد الناجي وغيره في النار, وهو لا يساعد احدا ولا يشفق على احد؟
وكم من مسيحي غبي ايضا لانه يظن نفسه الوحيد على حق وغيره في جهنم؟
هذه المحن توحدنا وتجعلنا نحس حقا اننا اخوان, وان الله واحد, خالقنا , ويراقبنا , ويحاسبنا...
وافضل واحد عنده, هو الاكثر رحمة , هو الاكثر حبا للاخرين , هو الاكثر سعيا لمساعدة المحتاجين والفقراء..
اظن هذه هي تعاليم كل الاديان , فهي جاءت من رب واحد ....
****************************************
البارحة كنت اريد ان احس بطعم يوم العيد وبركته ........
لكن مزاجي تعكر , وتنغص يومي كله حين اخبرني ابني ماجد : ماما , ما عرفت ؟
لقد اعدموا صدام الساعة السادسة صباح هذا اليوم؟
بقيت مذهولة ...لم اتخيل ان ثمة اغبياء او حاقدين او حقراء مثل هؤلاء يجلسون في الحكم , ويتخذون قرارات مخزية مثل هذه , دون ان يحترموا مشاعر الناس...
هذه ايام اعياد المسلمين والمسيحيين سواء.....
نحن نعيش ايام عبادة , والمفروض انها ايام تتنزل فيها الرحمة والمغفرة على العباد جميعا..
وفوجئنا كلنا بخبر تنفيذ حكم الاعدام فجرا بصدام ...
طيب لماذا؟
الا تحترمون مشاعرنا؟
ان كان الموضوع يسعدكم هكذا ويطفي احقادكم , اختاروا له اياما اخرى قبيحة سوداء مثل قلوبكم ووجوهكم ..
دعوا هذه الايام الجميلة المقدسة عند الناس تمر دون ان تعكروا صفوها باحقادكم الدنيئة ...
ام انها رغبات بوش ؟
لا يقدر ان ينام دون ان تتنفذ رغباته الحقودة الشريرة ؟
ماذا يفهم من الدين هذا ؟
وكم يحترم مشاعر المسلمين او المسيحيين ؟
وهؤلاء الذين في العراق ينفذون رغبته , ماذا يعرفون عن الاسلام؟
لقد اثبتوا انهم أشد عداء للاسلام من بوش , حين فرقوا العراقيين, ونشروا بينهم الفتنه البغيضة, وقصص السنة والشيعة والاكاذيب الباطلة التي اخترعوها ....
ان شاء الله نهايتهم أسوأ ما يكون.........
*************************************
والله بالأمس ذهلت ...
لم اصدق انه يوجد على الارض مخلوقات تملك هذا الحجم الهائل من الحقد والحقارة ..
نفسيات دنيئة وضيعة , انكشفت بالامس , وهللت وطبلت ورقصت مثل قبائل همجية متوحشة ..
أصابني الذهول في البداية, ثم مساء تحول الذهول الى قرف واشمئزاز من هؤلاء الوحوش
ثم اليوم تحول شعوري الى شفقة, فهؤلاء مساكين لا يدركون انهم يعيشون في ظلام احقادهم
وانهم مغضوب عليهم من الله
ابعد القلوب عن الله القلب القاسي
هذا القلب المليء بالظلام والظلم والحقد والكراهية
اعوذ بالله منه وممن يحمل مثله في صدره بين ضلوعه....
************************
صدام حسين كان انسانا عاديا , يخطيء ويصيب
وفي الاسلام عندنا , ندعو لولي الامر بالهداية وعمل الخير, نسأل الله ان يريه الحق حقا ويرزقه اتباعه, وان يريه الباطل باطلا ويرزقه اجتنابه
هذا هو الخطاب في الاسلام, والمفروض ان الحكم في الاسلام شورى, وليس دكتاتورية واستبداد ,
واذا استبد الحاكم , اما نجاهد ونقول له كلمة الحق بوجهه حتى لو قتلنا , فهذا اعظم الجهاد
او ندعو له ونسال الله ان يهديه للطريق السليم ..
في العراق حدث كل هذا , كان البعض يواجهه ويقول له كلمة الحق بوجهه , فيحكم عليه بالموت, وكان البعض يدعو له بالهداية, وكان البعض ينافق وينتهز الفرص ليستفيد
لكن الكارثة الكبرى حصلت حين لجأ من يسمون انفسهم معارضة عراقية, الى الغرب, ووضعوا ايديهم بيد بريطانيا واميركا, وخططوا لاسقاط النظام , والدولة, وتنفيذ مشروع احتلال العراق, ثم كل واحد ياخذ نصيبه من الهجوم , البعض يقتل ويسفك الدماء, والبعض يسرق وينهب الثروات, والبعض يبني قواعد عسكرية للبقاء الى الابد , وهكذا , توزعت الادوار, والعراق جريح ممزق, والشعب ايضا ممزق ويستغيث, وما من مجيب, ثمة حكومة سفلة مستفيدين , وينكرون اي اعتراض عما يحدث في العراق من كوارث وسلب ونهب وقتل, يقولون امام وسائل الاعلام : كل شيء في العراق تمام , نحن انجزنا مشروع الديمقراطية في العراق, دستور جديد, برلمان وحكومة منتخبة, وكل شيء تمام ...
وطبعا بوش الكذاب سفاك الدماء يغطي على مصائبهم ويصفق لهم ويؤيدهم , لماذا؟
لان المعادلة واضحة , والاتفاق واضح الان حيث تم توزيع الادوار كما يلي : انتم الامريكان تحتلون العراق, وتبنون قواعد عسكرية لكم, و نقيم معكم السجون لنضع بها كل عراقي يرفضنا او يرفضكم , وشركاتكم تستثمر النفط العراقي الى ما لا نهاية, حتى ينفذ ويبقى العراق صحراء...
ونحن , رجال المعارضة الابطال المناضلون, نجلس على الكراسي, ونعمل مليشيات تقتل العراقيين الذين لا يريدونا, ونرهب الباقين, ونسرق ما نقدر عليه من المال العام , ولن نطلب منكم ان تغادروا العراق ابدا ..
نحن نغطي عليكم, وانتم تغطون علينا.....
انتم تظلون في العراق...
ونحن نظل على كراسي الحكم ...
اتقفنا ؟
******************************
لحد الان, ما يحدث في العراق, هو تطبيق لهذه الخطة بين الطرفين ...
العراق تدمر وتمزق كوطن واحد مستقل...
والعراقيون ماتوا او هاجروا او سجنوا, او صامتين مرعوبين في بيوتهم ...
ويتم تسويق الافكار المتخلفة القذرة الهمجية على العراقيين , وعلى العالم ...
افكار مثل : سنة وشيعة وحرب اهلية, اعدمنا صدام لننتقم لشهداء العراق, ولاب لاب لاب..
وثمة اقلية من جهلة وحاقدين ومخدوعين , يطبلون يزمرون ويظنون انفسهم انتصروا...
لكنني لا ارى اي منتصر....
أرى دائرة من العنف والحقد والانتقام والظلم والغباء والكذب, علست صدام حسين , وهي نفسها سوف تأكل كل خصومه الحمقى, لانهم اشد ظلما وجهلا وحماقة .........
صدام حسين أخطأ احيانا وأصاب أحيانا...
صدام حسين له اعداء, وله محبون ..
لكن هؤلاء الاغبياء لم نر منهم سوى الشر والاعمال القبيحة........
صدام حسين وضع اقدامه على طريق الجحيم حين وضع يده بيد أميركا ومخابراتها , وسمح لهم أن يستعملوه كورقة جوكر لضرب ايران, وسمح لنفسه ان يجعل مسلما يقتل اخاه المسلم , ثم دمر اقتصاد العراق بعد حرب الثماني سنوات, ثم هجم على الكويت بقرار فردي احمق غير مسؤول وغير عاقل, اظنه تلك اللحظة اكتشف انه أخطأ وحالف الشيطان , لكن بعد فوات الاوان, ظل حال العراق يتدهور ويتدهور بعد الحرب ضد الكويت, حيث جاءت اميركا ودمرت البنية التحتية للعراق, ثم ادخلته في الحصار والجوع والفقر الذي ضرب العراقيين كلهم, وتدهورت حالة المدارس والجامعات ومؤسسات الدولة والمستشفيات , وتدهور الاقتصاد , وتدهور حال المجتمع كله ...
ربما كان صدام حسين نادما على صداقته لاميركا , التي استعملته كورقة لتدمير العراق وشعبه واقتصاده , لكنه لم يعرف كيف يتصرف بحكمة , ظل يفكر بطريقة كيف ينتقم من اميركا , لكنه لم يفكر بطريقة كيف اكفر عن ذنوبي وارحم بحال هذا الشعب المسكين ؟
هذا الشعب الذي فقد اولاده في حروب سخيفة رعناء , وفقد مورد العيش الكريم بمرور الزمن, وفقد حتى ايمانه بمعاني كلمات مثل : الوطن, العروبة, القومية...
لكن نار صدام حسين تبين انها ارحم من جنة الاحتلال والمعارضة التي جاءت معه على ظهر الدبابة...
حيث تم تدمير ما تبقى من العراق واقتصاده , وتم تمزيق وحدة الشعب بخطاب طائفي حقير منحط لم نسمع به من قبل, وتم قتل عشرات الالاف من الابرياء العراقيين
كانت من التهم ضد صدام حسين انه قتل شعبه واقام مقابر جماعية...
والان رأينا بعيوننا عشرات الالاف يقتلون ومقابر جماعية يومية لجثث مجهولة الهوية,
من اقترف هذه الافعال ضد العراقيين؟
من سيحاسبه؟
واين العدالة؟
ام انها عوراء بعين واحدة, مثل عين بوش الاعور الكذاب؟
*************************************
رأيت مرة مسلسلا تلفزيونيا في رمضان ..
وكان يتحدث عن سيرة الحجاج كم كان قاسيا شريرا في معاملة العراقيين...
ثم اصابه مرض عضال, ربما سرطان , فعانى كثيرا من العذاب, حتى مات...
وجاء الحاجب يهرول يخبر الخليفة المؤمن المسالم عمر بن عبد العزيز , الحاجب كان فرحانا شامتا
لكن عمر بن عبد العزيز كان مؤمنا عاقلا متزنا لم تعميه الاحقاد , قال له في ازدراء : اصمت, ولا تشمت به, ما يدريك, فلعل الله قد غفر له....
وأنا ايضا أقول لكل من يشمت ويفرح بموت صدام حسين : ما يدريك؟
لعل الله قد يغفر له ويرحمه ...
ولعل الله ينزل لعنته وغضبه على من جاء بعده , واذاق العراقيين من الويلات التي لم يريهم اياها صدام حسين , رحمه الله...
وتلك الايام نداولها بين الناس.....
سيأتيهم يوم الحساب في الدنيا قبل الاخرة , كما جاء لغيرهم....
فعدالة السماء فوق الجميع...
والسلام عليكم ....
السلام عليكم
هذه ايام عيد الأضحى عند المسلمين ,
وقبلها مرت ايام العشر الاولى من شهر ذي الحجة ,
وهي ايام مباركات حيث نصوم ونصلي ونتصدق ونعمل كل الاعمال الصالحة التي تقربنا لله تعالى, نسأله ان يغفر ذنوبنا, ويرحمنا, ومن يغفر الذنوب سواه؟
ونتذكر قول الرسول عليه الصلاة والسلام: كل ابن ادم خطاء, وخير الخطائين التوابون...
وهو يشبه قول السيد المسيح عليه السلام : من كان منكم بلا خطيئة , فليرجمها بحجر...
( عندما ارادوا رجم المرأة الزانية واحتقارها أمامه )
والبارحة , صحوت على تكبيرات المساجد لصلاة العيد : الله اكبر , الله اكبر , الله اكبر, لا اله الا الله ...
كم هي جميلة, انتظرها كل عيد لاسمعها ...
واليوم الذي قبله قضيناه والناس في صيام ودعاء وعبادة, يوم عرفات, من اقدس الايام للمسلمين..
ثلاثة مليون مسلم كانوا على جبل عرفات يدعون ويرددون : لبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك لبيك, ان الحمد والنعمة لك والملك, لا شريك لك...
في بداية الشهر ,قرأت كتيبا يقول ان الحسنات تتضاعف للمسلم هذه الايام ان قام بأي عمل صالح , فأكثروا الاعمال الصالحة ..
وتقصدت ان اساعد الناس اكثر, امضيت الايام العشرة في توزيع مساعدات مالية على عوائل عراقية فقيرة في عمان, وزرت بيوتهم, وأكلت معهم, وفرحت بسماع دعواتهم الطيبة, وقلت لهم ادعو الله دائما ان يطفي نار الفتن في العراق, ويرجعنا الى وطننا , ويوحد صفوفنا, ويجمع شملنا
ونعود لنبني بلدنا بأيدينا ..
وكانوا كلهم يبتسمون ويقولون : آمين...
كلما قابلت عراقيا او عراقيه, احسست ان الجرح واحد والالم واحد, ولا شيء يفرقنا , هنا في عمان نعيش مئات الالاف من العراقيين , نتقابل صدفة في الشوارع او المطاعم او المجمعات التجارية, نتكلم ونبتسم ونتعارف سريعا, وندعو بالخير لبلدنا, و لا نسأل هل انت سني او شيعي او مسيحي او كردي, هذه الكذبة السامة التي يروجها بوش الكذاب الغبي ومن يساند مشروعه الخبيث في العراق, مشروع الدمار والخراب المستمر منذ 2003 وحتى الان ....
*******************
اخر يوم قضيته قبل العيد, كنت اركض من الصباح حتى المغرب , حتى اشتري منظومة تصفية مياه لمستشفى الفلوجة, ومستلزمات طبية للمستشفى : باندج وشاش وكحول طبي وسرنجات وكانيولا وانابيب طبية بلاستيكية لاغراض متعددة, وزجاجات للمايكروسكوب للفحوص المختبريه, وكفوف طبية, وغطاء راس للاطباء , واشياء لا اتذكر كلها...
توجد مجموعة صغيرة من امريكيين ارسلوا لي مبلغا من المال , واشتريت كل شي, وصورت كل شيء, وارسلت فواتير كل شيء..
وانتظر ارسال الصناديق الى الفلوجة بعد عطلة العيد ان شالله ...
رجعت للبيت مرهقة جدا, لكنني في غاية السعادة..
سيشرب الناس في المستشفى ماء معقما نظيفا , وسيغسل الاطباء ايديهم بماء معقم ايضا قبل العمليات وبعدها, وسيجد الجرحى من اطفال وكبار, بعض المواد الطبية التي من الممكن ان تسعفهم , وتنقذ حياتهم..
اهل الفلوجة المفروض حسب برنامج بوش الكذاب انهم مجرمون , وقتله, وارهابيون,
لكنني اراهم عراقيين ابرياء, ضحايا حربه السخيفة الظالمة ضد كل الشعب العراقي
وهؤلاء المفروض انهم سنة مجرمون صداميون, والمفروض انني عراقية شيعية , ظلمني صدام, وجاء بوش ليحررني مع قادة المعارضة العراقية الشيعية, ما شاء الله , هذه القصة الكاذبة الفاسدة التي تم تسويقها عن العراق منذ بداية الحرب ولحد هذه اللحظة...
لكن لي قلبا وعقلا لم يتلوثا بعد بكل هذا الكذب والباطل , وظلت رؤيتي نظيفة سليمة
انا عراقية, وهؤلاء عراقيون , هؤلاء اخوتي واخواتي, هؤلاء اهلي وناسي
كيف اقبل بالظلم لهم؟
ان كنت لا ادري ما كان يفعله نظام صدام ضد العراقيين , ان كنت غافلة, فربما اكون معذورة , لكنني اليوم ما عدت غافلة, كلنا نرى ونسمع ما يحدث في العراق, وهذه مسؤولية ما دامت العيون والعقول انفتحت , هذه مسؤولية, لا يمكن ان اقول : هذا لا يخصني, هذا لا يعنيني..
كلما زاد ايماني بالله, كلما زاد عندي الشعور بالمسؤولية , لا ينبغي ان اخاف, لا ينبغي ان اكذب , لا ينبغي ان اكون انتهازية اقبل بانصاف الحلول , الاسلام واضح ,
كما قال الرسول ص : الحلال بين والحرام بين وبينهما شبهات, اتقوا الشبهات ,
يعني ابتعدوا عنها ...
طيب , كل شيء في العراق واضح الان ...
هذا كذب , هذا ظلم , هذا تزييف...
الحمد لله الذي اعطاني هذه القدرة على رؤية الاشياء على حقيقتها, والحمد لله الذي اعطاني الشجاعة لقول الحق....
ما كنت ادري انني شجاعة, حتى رأيت الجبناء من حولي...
وما كنت ادري انني تعلمت من الاسلام والايمان كيف تنغسل القلوب من الكذب والحقد...
حتى رأيت بوش ومن خلفه , يصفقون ويطيعون ويخضعون, وينفذون ما يطلب منهم, حتى اكتشفت كم هم
مساكين ؟..
في اي عالم حقير مظلم يعيشون ؟
***************************
وفكرت كثير ا الاسبوع الماضي , بالامريكيين الذين ارسلوا مساعدات للعوائل العراقية الفقيرة في عمان , او تبرعات لشراء منظومة تعقيم الماء والادوية لمستشفى الفلوجة...
قلت في نفسي نحن فعلا اخوان في الله ..
كم من مسلم غبي يظن نفسه هو الوحيد الناجي وغيره في النار, وهو لا يساعد احدا ولا يشفق على احد؟
وكم من مسيحي غبي ايضا لانه يظن نفسه الوحيد على حق وغيره في جهنم؟
هذه المحن توحدنا وتجعلنا نحس حقا اننا اخوان, وان الله واحد, خالقنا , ويراقبنا , ويحاسبنا...
وافضل واحد عنده, هو الاكثر رحمة , هو الاكثر حبا للاخرين , هو الاكثر سعيا لمساعدة المحتاجين والفقراء..
اظن هذه هي تعاليم كل الاديان , فهي جاءت من رب واحد ....
****************************************
البارحة كنت اريد ان احس بطعم يوم العيد وبركته ........
لكن مزاجي تعكر , وتنغص يومي كله حين اخبرني ابني ماجد : ماما , ما عرفت ؟
لقد اعدموا صدام الساعة السادسة صباح هذا اليوم؟
بقيت مذهولة ...لم اتخيل ان ثمة اغبياء او حاقدين او حقراء مثل هؤلاء يجلسون في الحكم , ويتخذون قرارات مخزية مثل هذه , دون ان يحترموا مشاعر الناس...
هذه ايام اعياد المسلمين والمسيحيين سواء.....
نحن نعيش ايام عبادة , والمفروض انها ايام تتنزل فيها الرحمة والمغفرة على العباد جميعا..
وفوجئنا كلنا بخبر تنفيذ حكم الاعدام فجرا بصدام ...
طيب لماذا؟
الا تحترمون مشاعرنا؟
ان كان الموضوع يسعدكم هكذا ويطفي احقادكم , اختاروا له اياما اخرى قبيحة سوداء مثل قلوبكم ووجوهكم ..
دعوا هذه الايام الجميلة المقدسة عند الناس تمر دون ان تعكروا صفوها باحقادكم الدنيئة ...
ام انها رغبات بوش ؟
لا يقدر ان ينام دون ان تتنفذ رغباته الحقودة الشريرة ؟
ماذا يفهم من الدين هذا ؟
وكم يحترم مشاعر المسلمين او المسيحيين ؟
وهؤلاء الذين في العراق ينفذون رغبته , ماذا يعرفون عن الاسلام؟
لقد اثبتوا انهم أشد عداء للاسلام من بوش , حين فرقوا العراقيين, ونشروا بينهم الفتنه البغيضة, وقصص السنة والشيعة والاكاذيب الباطلة التي اخترعوها ....
ان شاء الله نهايتهم أسوأ ما يكون.........
*************************************
والله بالأمس ذهلت ...
لم اصدق انه يوجد على الارض مخلوقات تملك هذا الحجم الهائل من الحقد والحقارة ..
نفسيات دنيئة وضيعة , انكشفت بالامس , وهللت وطبلت ورقصت مثل قبائل همجية متوحشة ..
أصابني الذهول في البداية, ثم مساء تحول الذهول الى قرف واشمئزاز من هؤلاء الوحوش
ثم اليوم تحول شعوري الى شفقة, فهؤلاء مساكين لا يدركون انهم يعيشون في ظلام احقادهم
وانهم مغضوب عليهم من الله
ابعد القلوب عن الله القلب القاسي
هذا القلب المليء بالظلام والظلم والحقد والكراهية
اعوذ بالله منه وممن يحمل مثله في صدره بين ضلوعه....
************************
صدام حسين كان انسانا عاديا , يخطيء ويصيب
وفي الاسلام عندنا , ندعو لولي الامر بالهداية وعمل الخير, نسأل الله ان يريه الحق حقا ويرزقه اتباعه, وان يريه الباطل باطلا ويرزقه اجتنابه
هذا هو الخطاب في الاسلام, والمفروض ان الحكم في الاسلام شورى, وليس دكتاتورية واستبداد ,
واذا استبد الحاكم , اما نجاهد ونقول له كلمة الحق بوجهه حتى لو قتلنا , فهذا اعظم الجهاد
او ندعو له ونسال الله ان يهديه للطريق السليم ..
في العراق حدث كل هذا , كان البعض يواجهه ويقول له كلمة الحق بوجهه , فيحكم عليه بالموت, وكان البعض يدعو له بالهداية, وكان البعض ينافق وينتهز الفرص ليستفيد
لكن الكارثة الكبرى حصلت حين لجأ من يسمون انفسهم معارضة عراقية, الى الغرب, ووضعوا ايديهم بيد بريطانيا واميركا, وخططوا لاسقاط النظام , والدولة, وتنفيذ مشروع احتلال العراق, ثم كل واحد ياخذ نصيبه من الهجوم , البعض يقتل ويسفك الدماء, والبعض يسرق وينهب الثروات, والبعض يبني قواعد عسكرية للبقاء الى الابد , وهكذا , توزعت الادوار, والعراق جريح ممزق, والشعب ايضا ممزق ويستغيث, وما من مجيب, ثمة حكومة سفلة مستفيدين , وينكرون اي اعتراض عما يحدث في العراق من كوارث وسلب ونهب وقتل, يقولون امام وسائل الاعلام : كل شيء في العراق تمام , نحن انجزنا مشروع الديمقراطية في العراق, دستور جديد, برلمان وحكومة منتخبة, وكل شيء تمام ...
وطبعا بوش الكذاب سفاك الدماء يغطي على مصائبهم ويصفق لهم ويؤيدهم , لماذا؟
لان المعادلة واضحة , والاتفاق واضح الان حيث تم توزيع الادوار كما يلي : انتم الامريكان تحتلون العراق, وتبنون قواعد عسكرية لكم, و نقيم معكم السجون لنضع بها كل عراقي يرفضنا او يرفضكم , وشركاتكم تستثمر النفط العراقي الى ما لا نهاية, حتى ينفذ ويبقى العراق صحراء...
ونحن , رجال المعارضة الابطال المناضلون, نجلس على الكراسي, ونعمل مليشيات تقتل العراقيين الذين لا يريدونا, ونرهب الباقين, ونسرق ما نقدر عليه من المال العام , ولن نطلب منكم ان تغادروا العراق ابدا ..
نحن نغطي عليكم, وانتم تغطون علينا.....
انتم تظلون في العراق...
ونحن نظل على كراسي الحكم ...
اتقفنا ؟
******************************
لحد الان, ما يحدث في العراق, هو تطبيق لهذه الخطة بين الطرفين ...
العراق تدمر وتمزق كوطن واحد مستقل...
والعراقيون ماتوا او هاجروا او سجنوا, او صامتين مرعوبين في بيوتهم ...
ويتم تسويق الافكار المتخلفة القذرة الهمجية على العراقيين , وعلى العالم ...
افكار مثل : سنة وشيعة وحرب اهلية, اعدمنا صدام لننتقم لشهداء العراق, ولاب لاب لاب..
وثمة اقلية من جهلة وحاقدين ومخدوعين , يطبلون يزمرون ويظنون انفسهم انتصروا...
لكنني لا ارى اي منتصر....
أرى دائرة من العنف والحقد والانتقام والظلم والغباء والكذب, علست صدام حسين , وهي نفسها سوف تأكل كل خصومه الحمقى, لانهم اشد ظلما وجهلا وحماقة .........
صدام حسين أخطأ احيانا وأصاب أحيانا...
صدام حسين له اعداء, وله محبون ..
لكن هؤلاء الاغبياء لم نر منهم سوى الشر والاعمال القبيحة........
صدام حسين وضع اقدامه على طريق الجحيم حين وضع يده بيد أميركا ومخابراتها , وسمح لهم أن يستعملوه كورقة جوكر لضرب ايران, وسمح لنفسه ان يجعل مسلما يقتل اخاه المسلم , ثم دمر اقتصاد العراق بعد حرب الثماني سنوات, ثم هجم على الكويت بقرار فردي احمق غير مسؤول وغير عاقل, اظنه تلك اللحظة اكتشف انه أخطأ وحالف الشيطان , لكن بعد فوات الاوان, ظل حال العراق يتدهور ويتدهور بعد الحرب ضد الكويت, حيث جاءت اميركا ودمرت البنية التحتية للعراق, ثم ادخلته في الحصار والجوع والفقر الذي ضرب العراقيين كلهم, وتدهورت حالة المدارس والجامعات ومؤسسات الدولة والمستشفيات , وتدهور الاقتصاد , وتدهور حال المجتمع كله ...
ربما كان صدام حسين نادما على صداقته لاميركا , التي استعملته كورقة لتدمير العراق وشعبه واقتصاده , لكنه لم يعرف كيف يتصرف بحكمة , ظل يفكر بطريقة كيف ينتقم من اميركا , لكنه لم يفكر بطريقة كيف اكفر عن ذنوبي وارحم بحال هذا الشعب المسكين ؟
هذا الشعب الذي فقد اولاده في حروب سخيفة رعناء , وفقد مورد العيش الكريم بمرور الزمن, وفقد حتى ايمانه بمعاني كلمات مثل : الوطن, العروبة, القومية...
لكن نار صدام حسين تبين انها ارحم من جنة الاحتلال والمعارضة التي جاءت معه على ظهر الدبابة...
حيث تم تدمير ما تبقى من العراق واقتصاده , وتم تمزيق وحدة الشعب بخطاب طائفي حقير منحط لم نسمع به من قبل, وتم قتل عشرات الالاف من الابرياء العراقيين
كانت من التهم ضد صدام حسين انه قتل شعبه واقام مقابر جماعية...
والان رأينا بعيوننا عشرات الالاف يقتلون ومقابر جماعية يومية لجثث مجهولة الهوية,
من اقترف هذه الافعال ضد العراقيين؟
من سيحاسبه؟
واين العدالة؟
ام انها عوراء بعين واحدة, مثل عين بوش الاعور الكذاب؟
*************************************
رأيت مرة مسلسلا تلفزيونيا في رمضان ..
وكان يتحدث عن سيرة الحجاج كم كان قاسيا شريرا في معاملة العراقيين...
ثم اصابه مرض عضال, ربما سرطان , فعانى كثيرا من العذاب, حتى مات...
وجاء الحاجب يهرول يخبر الخليفة المؤمن المسالم عمر بن عبد العزيز , الحاجب كان فرحانا شامتا
لكن عمر بن عبد العزيز كان مؤمنا عاقلا متزنا لم تعميه الاحقاد , قال له في ازدراء : اصمت, ولا تشمت به, ما يدريك, فلعل الله قد غفر له....
وأنا ايضا أقول لكل من يشمت ويفرح بموت صدام حسين : ما يدريك؟
لعل الله قد يغفر له ويرحمه ...
ولعل الله ينزل لعنته وغضبه على من جاء بعده , واذاق العراقيين من الويلات التي لم يريهم اياها صدام حسين , رحمه الله...
وتلك الايام نداولها بين الناس.....
سيأتيهم يوم الحساب في الدنيا قبل الاخرة , كما جاء لغيرهم....
فعدالة السماء فوق الجميع...
والسلام عليكم ....