Thursday, July 13, 2006

 
الخميس 13 تموز 2006
مساء الخير...
قلبي مثقل بالاحزان لما يحدث للعراق وفلسطين ولبنان هذه الايام
العدو واحد وواضح, ولكن عجز القيادات العربية مخجل ومزري, وهم لا يخجلون من انفسهم, بسلبيتهم التي اهانت كرامة هذه الأمة , وقادتها نحو الحضيض
لماذا لا يوقفون القوى الخارجية التي تعتدي على الشعب العربي والمسلم؟
هل المشكلة هي قلة أموال؟
هل هي قلة قوة بشرية؟
هل هي قلة علماء ومثقفين ووطنيين في هذه الأمة , يرغبون بالدفاع عنها ؟

لا أظن ان ثمة قلة في أي بند مما مضى, فنحن من أغنى الأمم وأكثرها تعدادا سكانيا وما اكثر العلماء والمثقفين والوطنيين فينا...
لكن المحنة هي في هذه القيادات الفاسدة الجبانة, التي اتفقت على خراب الأمة , حاضرا ومستقبلا,
حسبنا الله ونعم الوكيل
سيأتي اليوم الذي يساءلون فيه عما اقترفوا من جرائم بحق الأمة, وكيف خانوا الأمانة التي في اعناقهم , وكيف جعلوا أمتنا أضعف الأمم, وهانت على الجميع , وسحقت تحت الأقدام...
**************************
ذهبنا قبل عدة أسابيع للقاء مجموعة معتقلين عراقيين خارجين من سجون قوات الإحتلال
واستمعنا الى قصصهم , قصص مليئة بالألم والظلم والتعذيب وقتل الاقارب والأحبة من عوائلهم,
خرجت من الإجتماع وقد انعصر قلبي حزنا
أحسست نفسي أختنق لما يحدث من جرائم ضد الإنسانية في العراق
ووسائل الاعلام العالمية الغبية , قد اتفقت على اهمال الحديث عن حقوق الانسان المهدورة في العراق
والتطبيل والتزمير للعملية الديمقراطية والحرية والشفافية والكلام الفارغ الذي يروج له المعتوه بوش والمجرمون الذي في ادارته , منذ الحرب على العراق, ولحد الان
تحول العراق بفعل سياستهم الخبيثة الى كومة من ركام , وتحتها وفوقها جثث العراقيين
وثمة سجون ومعتقلات مختلفة, وضحايا لا تعد من رجال ونساء واطفال
والعراق تحول الى قطعة من الجحيم, تعيث به قوات الاحتلال فسادا وتمزيقا
وتعمل معها قوات مليشيات طائفية ايرانية او عراقية ما عاد يهم الهوية, لكنهم يهدرون الدم العراقي البريء في الشوارع والبيوت وفي كل مكان , والعالم كله يتفرج, ولا احد يقدر على وقف نزيف الدم العراقي , لا من الحكومة العراقية, ولا من غيرها
وعندنا مثل قديم يقول : مجنون رمى حجر في بئر, الف عاقل لا يقدر ان يطلعه...
وها هو العراق الان
لو اجتمع الاف العقلاء لحل الفوضى والخراب الذي صنعته الحرب الامريكية عليه, لما وجدوا سبيلا للحل, الخيوط متشابكة, والاصابع متعددة, والمصالح كذلك
ونحن العراقيون, الضحية الوحيدة.............
*********************************
قبل اسبوعين ,قلت لنفسي انني متعبة من العراق واخبار العراق
قررت السفر مع مجموعة نساء وعوائل لزيارة الاماكن المقدسة للمسلمين في المدينة المنورة ومكة المكرمة, قلت سأذهب الى هناك فقط لأطلب من الله ان ينزل السكينة والطمانينة على العراق, لا اريد شيئا لنفسي أريد فقط ان تنطفي الفتن التي اثارها المجرمون الذين جاؤوا من خارج العراق مهما كانت هوياتهم,لعنة الله عليهم
لكن لهم مصلحة واحدة مشتركة وهي : تمزيق العراق وتقسيمه الى مناطق ثلاث
وكل هذه الدماء التي تسيل هي لتنفيذ مخطط الفدرالية اللعينة في العراق
***************************
ذهبنا بالباصات من عمان الى المدينة المنورة
الرحلة استغرقت 24 ساعة تماما, توقفنا في مناطق متعددة داخل الاراضي الاردنية أو السعودية, للراحة والصلاة والاكل
عند الحدود لم تكن ثمة مشاكل, كل شيء جرى بطريقة سهلة وسريعة , الحمد لله
لكن ما ضايقنا جميعا , هو عدم نظافة الاستراحات والحمامات التي كانت على الطريق, حتى وصلنا المدينة المنورة , حيث كل شيء مرتب ونظيف
لكننا تعجبنا ان هذه الطريق البرية التي يسلكها الحجاج من عشرات السنين او ربما المئات, لكن الاهمال واضح على الحمامات والاستراحات
وكنا نلبس ملابس نظيفة لأننا ذاهبون لزيارة بيت الله
لكننا احسسنا بالإحباط , والغضب, على ما لاقيناه من مناظر مزعجة , ما كان ينبغي ان يراها الزوار الى بيت الله
وعتبنا على حكوماتنا التي نسيت ان تولي هذا الموضوع عناية حقيقية, حيث يكثرون الكلام عادة امام شاشات التلفزيونات عن اهتمامهم , لكن واقع الحال قال العكس تماما...
كانت هذه اول منغصات الرحلة
وكنا نقول لبعضنا : ميخالف, الأجر على قدر المشقة , وهذه مشقة
ووصلنا المدينة المنورة مساء
بالنسبة لي نسيت كل اوجاع السفر ومنغصاته , المدينة جميلة جدا , منبسطة تشبه بغداد الحبيبة قبل الحرب , شوارعها عريضة واشجارها جميلة وانوارها متلألئة
والحرم المدني (نسبة للمدينة المنورة )واسع جدا و جميل جدا ويسلب العقل

صلينا المغرب ثم العشاء , وجلسنا لقراءة القران والدعاء
ثم خرجنا نتمشى ونتفرج, يوجد حول الحرم فنادق واسواق تجارية ومحلات ملابس و بخور وعطور ومجوهرات
قلبي مقفل تماما, لا رغبة عندي بشراء أي شيء , العراقيون يموتون كل يوم وكل ساعة
**********************************
بعد يومين من وجودنا , اشتريت تمرالمدينة , وهو تمر مميز ومشهور,
واشتريت عددا من المسابح ( جمع مسبحة ) اخذها هدايا للأقارب والاصدقاء
وجلست في غرفة الفندق أفكر , لماذا هذه المدينة تنعم بالسكينة والسعادة والرخاء , كل شيء رخيص وجميل من البضائع
بينما العراقيون يعيشون في الجحيم ؟
لا أدري...
لم اجد الجواب ..
هل هؤلاء الناس يحبهم الله اكثر فاعطاهم الهدوء والأمان
أم ان العراقيين ارسل لهم المصائب والقتل والخراب والدمار وسفك الدماء ليبلوهم ؟
وعندنا في الاسلام ان الله اذا احب عبدا , ابتلاه
وبقيت أسأل نفسي هل ما يحدث في العراق غضب إلهي أم إبتلاء واختبار ؟
لا ادري, لم اجد اجوبة ,
لكن قلبي ظل حزينا مخنوقا لا سعادة فيه, يحمل احزان العراقيين هناك
الذين يعانون ويموتون في كل ساعة من ليل او نهار
****************************************
سافرنا بعد ثلاثة أيام الى مكة المكرمة
طوال الطريق الذي استغرق حوالي خمس ساعات في الباص , كنت انظر للصحراء من حولي وأفكر بالرسول عليه الصلاة والسلام حين كذبه أهل مكة و واضطهدوه واضطهدوا أتباعه وحاربوهم , ثم اضطر الى الهجرة لينجو بدينه من قريش الغنية الظالمة المتكبرة
واحببت المدينة لأن اهلها نصروا الرسول وصدقوه وقدموا له المأوى لإقامة الدين الجديد, والدولة الجديدة في جزيرة العرب

توقفنا في منطقة آبار علي, من اجل الوضوء والصلاة وعقد نية العمرة, , ولبس ملابس الاحرام الخاصة للرجال , اما النساء فنحن نلبس ملابس طويلة شرعية اصلا ونغطي رؤوسنا , فهذه كافية لتكون ملابس إحرام لغاية العمرة

وصلنا مكة قبل المغرب , طبيعتها قاسية وتختلف تماما عن المدينة المنورة, الجو حار جدا, الأرض صخرية قاسية , والبيوت مبنية على سفوح الجبال الصخرية القاحلة

وضعنا الحقائب بسرعة في الفندق , وغسلنا وجوهنا, وجددنا وضوءنا, ونزلنا نتمشى باتجاه الكعبة
كان قلبي يخفق بشدة, لا اصدق انني هنا
كنت في العراق احلم بزيارة هذه الاراضي المقدسة , عشنا في الحصار , ثم في الحرب الاخيرة , ولم يكن ثمة فرصة للسفر للعمرة او الحج
وبعد مغادرتنا العراق بسبب الظروف الامنية السيئة, سبحان الله , تيسر لنا هذا الامر من الاردن بدلا من العراق, والحمد لله على كل حال
بدانا طقوس العمرة بعد صلاة العشاء , وهي الطواف سبع مرات حول الكعبة, ثم الصلاة ركعتين في الحرم, ثم السعي بين الصفا والمروة سبعة اشواط
انتهينا من هذا بعد حوالي ساعتين
وكنت في غاية التعب والارهاق
لكنني كنت في غاية السعادة والرضى
فقد تحقق حلمي اخيرا...
*******************************
لا أقدر أن أصف مشاعري وانا اقف في الصلاة مع جماعة النساء , سواء في الحرم المكي او المدني,
في الايام الاولى لم اكن اقدر ان امنع دموعي من الانهمار طوال الصلاة
صوت الامام جميل جدا ,
في المدينة المنورة , الحذيفي عادة يقيم الصلاة
وفي مكة , السديس أو سعود الشريم
وأصواتهم جميله مؤثرة, سبحان من خلقها
ويقرأوون ايات من القران الكريم , فتخشع القلوب لسماعها
وعندما يقرأ احدهم في الصلاة آية مثل : ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين, الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون

اختنق, وتنزل دموعي, وكأني أراه يصف حال العراقيين الذين لا حول لهم ولا قوة في هذه الايام العصيبة , وقد احاط بهم الجوع والخوف , وقد فقدوا الاحبة والممتلكات ...
وبشر الصابرين....
*************************
ورأيت بحزن بالغ الاسواق التجارية والمطاعم والفنادق التي تحيط بالحرم المكي
ومعظمها مطاعم امريكية وفنادق درجة اولى ومحلات عطور ومجوهرات وماركات عالمية

وفي كل وقت صلاة , تغلق المحلات والمطاعم, ويذهب الناس للصلاة, ثم يعودون للمتاجر والمطاعم
وفكرت مع نفسي ان ثمة تفريغ للدين من محتواه الحقيقي
لم يكن الاسلام في يوم من الايام دين عبادات فقط , بل هو دين عبادة واسلوب حياة
وتذكرت حديثا للرسول ص وهو يقول : ما آمن بي, ما آمن بي, ما آمن بي , قالوا من يا رسول الله؟
قال : الذي بات شبعانا وجاره جائع

وكيف الان في العراق وفلسطين , تسفك الدماء البريئة من قبل قوات محتلة اجنبية, تمارس كل الجرائم , بيديها او أيد اخرى, لكن ثمة دماء بريئة مسلمة تسفك
والناس هنا, يصلون , ويقرأوون القران, ثم يذهبون للتسوق ثانية
هل هذا ما تبقى من الاسلام ؟

لكن ما يواسيني, أن الرسول ص قد تكلم عن كل هذا وتنبأ به
قال : يعود الاسلام غريبا كما بدأ , فطوبى للغرباء
وقال: سيأتي زمن لا يبقى فيه من الاسلام الا اسمه
وقال : لا يصلح آخر هذه الامة , الا كما صلح أولها
وأنا افهم من هذا , لا يصلح حال هذه الامة, الا حين يقودها رجال ونساء مؤمنون ومؤمنات, أقوياء وأشداء على خصمهم, رحماء بينهم , صادقون بإيمانهم , يؤمنون بالله ورسوله, ويحملون الرسالة بأمانة كما حملها محمد عليه الصلاة والسلام ورفاقه الاوائل...

اما الان, فالأمة تمر بالمرحلة التي وصفها الرسول ص : حيث تسلم الامانة لغير اهلها, ويقود الأمة أبعد الناس حرصا على مصلحتها
لكن كل شيء سيتغير , كما اخبر الرسول الكريم ص
وسيتولى قيادة هذه الأمة رجالها ونساؤها المخلصون , يوما ما
وما كان محمد ص لينطق عن الهوى....


والسلام عليكم........



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives