Sunday, February 19, 2006
السبت 18 شباط 2006
مساء الخير....
تذكرت اليوم جملة كتبتها في يومياتي عند بداية الحرب على العراق 2003
قلت ان اسعد لحظاتي كأم هي حين اغلق باب البيت الخارجي , وجميع افراد الاسرة موجودون في الداخل , مجتمعين على العشاء او مشاهدة التلفزيون....
لكنني اليوم ابتسم بمرارة ....
الحمد لله لم نفقد احدا من أفراد اسرتنا خلال هذه الحرب, لكننا اضطرننا لترك البيت والوطن , طلبا للامان الشخصي لافراد العائلة...
تركنا البيت وذكرياته كلها, من حزينة وجميلة, وتركنا الجيران والاقارب والاصدقاء وكل شيء نحبه هناك....
وقت الحروب والكوارث, يضطر الناس للتخلي عن كل شيء, حتى يظلوا على قيد الحياة فقط....
******************
اليوم ماجد يسألني بعد ان عاد من كندا , عن ساعة كوكو اشتراها من جنيف حين كنا في بغداد وذهب لحضور مؤتمر عن الانترنت والعولمة , كانت ساعة سويسرية تقليدية من خشب وعليها راقصات وعصفور كوكو يخرج مع كل دقة ...
اطرقت وابتسمت : قلت له انها هناك في البيت , معلقة على الحائط , ربما عليها غبار الآن , البيت مغلق ومهجور منذ شهور حين غادرنا بغداد..
قلت له : لا نريد ان نتذكر شيئا من بيتنا حتى لا نحزن...متاع الدنيا , نقدر ان نشتري غيره...
اعلم ان الذكريات لا تعوض بثمن , لكن قسوة الحرب والظروف جعلت قلبي قويا مثل قلب أسد , في بداية الحرب كنت ابكي وضعيفة كأي أم او إمرأة , لكنني اليوم , لست كذلك, علمتني هذه الحرب كيف اكون اكثر نضوجا واكثر قوة في قلبي وعقلي..
ودعت ايام الرومانسية والعاطفية والدموع ..
صرت أراها حماقات وسذاجة لا تقدر على تغيير الواقع..
لا تتغير الاحوال بسكب الدموع فقط...
لابد من التفكير المستمر والعمل المستمر, والاتصالات المستمرة , لايجاد طريقة لمساعدة المظلومين في العراق , من عوائل قتل افرادها او تهدمت بيوتها او فقد رب الاسرة عمله ودخل الجوع والفقر الى البيت ...
كلما قتل رجل في العراق, انعصر قلبي وقلت : ها هي ارملة جديدة وايتام جدد على القائمة..
من سيرعاهم ؟
الحكومة الجديدة تائهة في فوضى سياسية لا نهاية لها, والحكومات السابقة منذ الحرب والاحتلال 2003 , لها صفة مشتركة هي الفساد الاداري علنا وبلا خجل , تسربت مليارات الدولارات من المال العام الى بنوك خارج العراق في دول عربية مجاورة , وليس ثمة رقيب او محاسبة...
والفقر والجوع والبطالة يزدادون كل يوم في العراق..
وسوء الخدمات الطبية او نقص الماء والكهرباء والوقود , مازال حديث الناس..
****************************************
التقيت صديقة كردية قادمة من بغداد قبل يومين , قالت تصوري ان طفلا في مدينة كركوك وقع ضحية انفجار وذهبنا به الى مستشفى كركوك لم نجد مغذي ولا مضاد حيوي للطفل ؟
الله اكبر ,أين اموال العراق؟
مستشفى عام وليس فيه ابسط العلاجات للمرضى؟
ذهبنا لمستشفى اليرموك في بغداد , حالته مزرية لا توصف, الناس ملقى بهم على الارض, من جرحى او مرضى ...
لا ادوية, لا رعاية طبية مثل البشر ...
أين اموال العراق؟
أين اموال النفط؟
بقيت احدق بوجهها , لا جواب عندي..
فقط عندي اسئلة مثلها......
كنت استلمت ايميل قبل ايام من صديقتي الطبيبة النسائية في بغداد, قالت ان وضع المستشفيات مؤلم, ثمة نقص في الادوية والتجهيزات , وعادة حين يتعرض افراد الحرس الوطني او الجيش العراقي الجديد لهجمات , ويصاب عدد منهم بجروح, فإنهم يقتحمون المستشفيات المدنية ويتصرفون بشراسة الجيش مع الاطباء وموظفي المستشفيات, ويثيرون الفوضى والرعب امام المرضى...
وفي مناطق الاشتباكات مثل الفلوجة والقائم والانبار تتعرض المستشفيات الى مداهمات جيش الاحتلال بحثا عن مسلحين بين الجرحى, وتنقلب الدنيا في المستشفى ويعتدون على الاطباء والموظفين والمرضى إن تطلب الأمر, دون ان يردعهم احد....
ماذا أقول؟
تحطم كل شيء في العراق, والفوضى هي التي تتكلم هناك..
وهي بالتاكيد تصب في مصلحة المحتل , لأنها تقدم له سببا للبقاء...
**********************************
جاءتني أخبار أن جارنا الشاب الذي تطوع للعمل مع الشرطة العراقية , قد قتل صباح الاربعاء الماضي وهو خارج صباحا من البيت الى العمل...
انقبض قلبي...
تذكرت ان الصباح عادة هو وقت الابتسام والهدوء وسماع صوت العصافير عند الناس العاديين...
وفي العراق صار الصباح هو الوقت المناسب للاغتيالات ...
من الذي قتله؟
كان يكره الاحتلال, وتطوع للعمل مع الشرطة لخدمة العراق والعراقيين, ورفض ان يخرج او يهاجر للعمل في دول مجاورة بأي مهنة تافهة, الشرطة والجيش الذين تم تسريحهم بقرار من الحاكم المدني الامريكي بريمر , حوالي 600 ألف انسان, ما هو مستقبلهم ؟
ماذا يجيدون من عمل في الظروف الحالية؟
الذي عنده امكانية ان يعمل سائق سيارة خاصة او عمومي , هذا اسعد واحد فيهم, والباقين عاطلين عن العمل...
أليس هذا تدمير لشريحة من المجتمع العراقي؟
ودفعهم الى خيارات قاسية مثل اليأس او الانضمام للعمل مع منظمات بعضها ربما مقاومة وطنية وبعضها ربما تنظيمات ارهابية ...
ومن الذي يستهدف شرطة العراق الجديد؟
عندنا اصناف كثيرة في العراق الان بعد الحرب , يوجد حرس وطني , وشرطة, وجيش..
وتوجد فئات منهم تتحرك مع قوات الاحتلال لمحاصرة ومداهمة بيوت العراقيين أو مشاركة قوات الاحتلال في عمليات التحقيق والتعذيب في السجون ,
هؤلاء الذين يرضون لأنفسهم ان يلعبوا هذا الدور القذر هم حفنة من اغبياء مرتزقة, لا يملكون الحد الادنى من الحس الوطني وهذه التصرفات تجلب نقمة الناس, فظهرت جماعات متخصصة فقط بقتل افراد الشرطة والحرس الوطني والجيش العراقي, ولا ادري هل هي جماعات تصنف نفسها وطنية عراقية ام ارهابية, لكننا دخلنا في اشكالية معقدة ولها عدة تفسيرات وتبريرات البعض يوافق عليها والبعض يرفضها, هذه من الاعراض الجانبية الخطيرة لوجود قوات احتلال اجنبية في العراق, حيث تزرع الشك في قلوب البعض من ان هذه القوات العراقية متواطئة مع جيش الاحتلال, فيتم استهدافها , وقتل افرادها صباح مساء, والقاتل يظن نفسه يفعل خيرا للعراق, وربما الضحية كان اكثر حبا للعراق من قاتله , لكن وجود الاحتلال خلط الاوراق, وزرع بذور الفتنة والشك وسوء الظن بين العراقيين...
لا تقل لي ان هذا المحتل جاء لخير العراقيين او جمع كلمتهم او حفظ دمائهم....
لم تحدث الفتن ولم يزداد الجدل والتفرقة والانقسام بين الناس الا بسبب وجود قوات اجنبية في البلاد, صارت تقرب وتكافيء من يعمل معها أو يتعاون , وصارت تؤذي وتهين وتهدد من يرفض وجودها, إن لم تكن لها يد بمسلسل الاغتيالات المستمر ضد رجال عراقيين وطنيين يعارضون وجود الاحتلال...
خروج قوات الاحتلال بلا شك سيخفف من هذه الحوادث , وسيقلل من استهداف رجال شرفاء من الشرطة نذروا حياتهم لخدمة العراق والعراقيين, لكن الظروف غير صحية ابدا, واختلط الرديء مع النظيف, وذهب الغالي بسعر الرخيص.....
قلبي يحزن على ما يحدث في العراق من فتن وسفك دماء...
مات جارنا الشاب وترك خلفه زوجة شابة يانعة لتتحول الى ارملة, وطفلين جميلين تحولا الى يتيمين ...
وذهب الاصدقاء والأقارب ليدفنوه على عجل , لم تستغرق العملية اكثر من ساعة زمن, لتطوي صفحة حياة كانت مليئة بالاحداث والأحلام والامنيات الصغيرة والكبيرة ..
ربما كان يحلم بمستقبل اولاده الصغار, ربما كان يحلم بعراق حر جميل..
لكنه لم يكن يدري أن ثمة من سيطلق عليه طلقتين في الصدر في صباح شتائي بارد..
وينتهى كل شيء...
صار اوميد مجرد ذكرى, وصار كل من يعرفه يقول عنه : المرحوم..
هكذا صارت قصص الحياة اليومية في العراق....
يموت العشرات وربما المئات كل يوم ضحايا تفجيرات وعنف ولا مجال لذكر تفاصيل كل حادث واسماء كل الضحايا وقصص كل عوائلهم التي ظلت تعاني من فقدان الاحبة , والناس مذهولة تلم الضحايا وتدفنها , ولا وقت للتذكر او التألم, المسلسل مستمر , والضربات مستمرة , والناس مذهولة متعبة...
وما زال ثمة من يدافع عن فكرة الحرب على العراق, وشرعيتها, ووجوهها الايجابية..
ماذا أقول ؟
لا شيء سوى ان قلبي حزين على كل عراقي يموت او يفقد عزيزا في هذه الحرب السخيفة , التي يدفع فيها العراقيون ثمنا باهظا ,
والتي قامت لأسباب مجهولة , او على الاقل, المعلن من هذه الاسباب هو سيل من قصص سخيفة غير منطقية , مليئة بالكذب والتزييف...
**********************
نشرت الصحافة العالمية تقريرن في الاسبوع الماضي:
واحد عن صور جديدة عن تجاوزات وانتهاكات في معتقل ابو غريب ..
وواحد عن فلم فديو يصور جنودا بريطانيين في البصرة يضربون شبابا عراقيين ضربا وحشيا...
ودائما تعتذر قوات الجيش الامريكي ان هذه تجاوزات فردية...
وكذلك توني بلير قال عن جنوده انها تجاوزات فردية...
وأنا أقول ان هذه التصرفات تثير الناس في العراق وخارج العراق اكثر مما تثيره خطابات بن لادن ضد الحكومة الأمريكية والبريطانية...
وتزيد من نفورالشعوب العربية هنا من التدخل الامريكي البريطاني في حياتنا...
وسوف يحصدون نتائج هذه الحماقات يوما ما...
سوف يحصدون نتائج هذه التصرفات المخجلة التي تعبر عن عدم احترامهم لمشاعرنا وكرامتنا...
قريبا أم بعيدا.....
سيأتي يوم الحصاد....
و كما يقول المثل : ستحصد ثمار ما زرعت...
*********************
مساء الخير....
تذكرت اليوم جملة كتبتها في يومياتي عند بداية الحرب على العراق 2003
قلت ان اسعد لحظاتي كأم هي حين اغلق باب البيت الخارجي , وجميع افراد الاسرة موجودون في الداخل , مجتمعين على العشاء او مشاهدة التلفزيون....
لكنني اليوم ابتسم بمرارة ....
الحمد لله لم نفقد احدا من أفراد اسرتنا خلال هذه الحرب, لكننا اضطرننا لترك البيت والوطن , طلبا للامان الشخصي لافراد العائلة...
تركنا البيت وذكرياته كلها, من حزينة وجميلة, وتركنا الجيران والاقارب والاصدقاء وكل شيء نحبه هناك....
وقت الحروب والكوارث, يضطر الناس للتخلي عن كل شيء, حتى يظلوا على قيد الحياة فقط....
******************
اليوم ماجد يسألني بعد ان عاد من كندا , عن ساعة كوكو اشتراها من جنيف حين كنا في بغداد وذهب لحضور مؤتمر عن الانترنت والعولمة , كانت ساعة سويسرية تقليدية من خشب وعليها راقصات وعصفور كوكو يخرج مع كل دقة ...
اطرقت وابتسمت : قلت له انها هناك في البيت , معلقة على الحائط , ربما عليها غبار الآن , البيت مغلق ومهجور منذ شهور حين غادرنا بغداد..
قلت له : لا نريد ان نتذكر شيئا من بيتنا حتى لا نحزن...متاع الدنيا , نقدر ان نشتري غيره...
اعلم ان الذكريات لا تعوض بثمن , لكن قسوة الحرب والظروف جعلت قلبي قويا مثل قلب أسد , في بداية الحرب كنت ابكي وضعيفة كأي أم او إمرأة , لكنني اليوم , لست كذلك, علمتني هذه الحرب كيف اكون اكثر نضوجا واكثر قوة في قلبي وعقلي..
ودعت ايام الرومانسية والعاطفية والدموع ..
صرت أراها حماقات وسذاجة لا تقدر على تغيير الواقع..
لا تتغير الاحوال بسكب الدموع فقط...
لابد من التفكير المستمر والعمل المستمر, والاتصالات المستمرة , لايجاد طريقة لمساعدة المظلومين في العراق , من عوائل قتل افرادها او تهدمت بيوتها او فقد رب الاسرة عمله ودخل الجوع والفقر الى البيت ...
كلما قتل رجل في العراق, انعصر قلبي وقلت : ها هي ارملة جديدة وايتام جدد على القائمة..
من سيرعاهم ؟
الحكومة الجديدة تائهة في فوضى سياسية لا نهاية لها, والحكومات السابقة منذ الحرب والاحتلال 2003 , لها صفة مشتركة هي الفساد الاداري علنا وبلا خجل , تسربت مليارات الدولارات من المال العام الى بنوك خارج العراق في دول عربية مجاورة , وليس ثمة رقيب او محاسبة...
والفقر والجوع والبطالة يزدادون كل يوم في العراق..
وسوء الخدمات الطبية او نقص الماء والكهرباء والوقود , مازال حديث الناس..
****************************************
التقيت صديقة كردية قادمة من بغداد قبل يومين , قالت تصوري ان طفلا في مدينة كركوك وقع ضحية انفجار وذهبنا به الى مستشفى كركوك لم نجد مغذي ولا مضاد حيوي للطفل ؟
الله اكبر ,أين اموال العراق؟
مستشفى عام وليس فيه ابسط العلاجات للمرضى؟
ذهبنا لمستشفى اليرموك في بغداد , حالته مزرية لا توصف, الناس ملقى بهم على الارض, من جرحى او مرضى ...
لا ادوية, لا رعاية طبية مثل البشر ...
أين اموال العراق؟
أين اموال النفط؟
بقيت احدق بوجهها , لا جواب عندي..
فقط عندي اسئلة مثلها......
كنت استلمت ايميل قبل ايام من صديقتي الطبيبة النسائية في بغداد, قالت ان وضع المستشفيات مؤلم, ثمة نقص في الادوية والتجهيزات , وعادة حين يتعرض افراد الحرس الوطني او الجيش العراقي الجديد لهجمات , ويصاب عدد منهم بجروح, فإنهم يقتحمون المستشفيات المدنية ويتصرفون بشراسة الجيش مع الاطباء وموظفي المستشفيات, ويثيرون الفوضى والرعب امام المرضى...
وفي مناطق الاشتباكات مثل الفلوجة والقائم والانبار تتعرض المستشفيات الى مداهمات جيش الاحتلال بحثا عن مسلحين بين الجرحى, وتنقلب الدنيا في المستشفى ويعتدون على الاطباء والموظفين والمرضى إن تطلب الأمر, دون ان يردعهم احد....
ماذا أقول؟
تحطم كل شيء في العراق, والفوضى هي التي تتكلم هناك..
وهي بالتاكيد تصب في مصلحة المحتل , لأنها تقدم له سببا للبقاء...
**********************************
جاءتني أخبار أن جارنا الشاب الذي تطوع للعمل مع الشرطة العراقية , قد قتل صباح الاربعاء الماضي وهو خارج صباحا من البيت الى العمل...
انقبض قلبي...
تذكرت ان الصباح عادة هو وقت الابتسام والهدوء وسماع صوت العصافير عند الناس العاديين...
وفي العراق صار الصباح هو الوقت المناسب للاغتيالات ...
من الذي قتله؟
كان يكره الاحتلال, وتطوع للعمل مع الشرطة لخدمة العراق والعراقيين, ورفض ان يخرج او يهاجر للعمل في دول مجاورة بأي مهنة تافهة, الشرطة والجيش الذين تم تسريحهم بقرار من الحاكم المدني الامريكي بريمر , حوالي 600 ألف انسان, ما هو مستقبلهم ؟
ماذا يجيدون من عمل في الظروف الحالية؟
الذي عنده امكانية ان يعمل سائق سيارة خاصة او عمومي , هذا اسعد واحد فيهم, والباقين عاطلين عن العمل...
أليس هذا تدمير لشريحة من المجتمع العراقي؟
ودفعهم الى خيارات قاسية مثل اليأس او الانضمام للعمل مع منظمات بعضها ربما مقاومة وطنية وبعضها ربما تنظيمات ارهابية ...
ومن الذي يستهدف شرطة العراق الجديد؟
عندنا اصناف كثيرة في العراق الان بعد الحرب , يوجد حرس وطني , وشرطة, وجيش..
وتوجد فئات منهم تتحرك مع قوات الاحتلال لمحاصرة ومداهمة بيوت العراقيين أو مشاركة قوات الاحتلال في عمليات التحقيق والتعذيب في السجون ,
هؤلاء الذين يرضون لأنفسهم ان يلعبوا هذا الدور القذر هم حفنة من اغبياء مرتزقة, لا يملكون الحد الادنى من الحس الوطني وهذه التصرفات تجلب نقمة الناس, فظهرت جماعات متخصصة فقط بقتل افراد الشرطة والحرس الوطني والجيش العراقي, ولا ادري هل هي جماعات تصنف نفسها وطنية عراقية ام ارهابية, لكننا دخلنا في اشكالية معقدة ولها عدة تفسيرات وتبريرات البعض يوافق عليها والبعض يرفضها, هذه من الاعراض الجانبية الخطيرة لوجود قوات احتلال اجنبية في العراق, حيث تزرع الشك في قلوب البعض من ان هذه القوات العراقية متواطئة مع جيش الاحتلال, فيتم استهدافها , وقتل افرادها صباح مساء, والقاتل يظن نفسه يفعل خيرا للعراق, وربما الضحية كان اكثر حبا للعراق من قاتله , لكن وجود الاحتلال خلط الاوراق, وزرع بذور الفتنة والشك وسوء الظن بين العراقيين...
لا تقل لي ان هذا المحتل جاء لخير العراقيين او جمع كلمتهم او حفظ دمائهم....
لم تحدث الفتن ولم يزداد الجدل والتفرقة والانقسام بين الناس الا بسبب وجود قوات اجنبية في البلاد, صارت تقرب وتكافيء من يعمل معها أو يتعاون , وصارت تؤذي وتهين وتهدد من يرفض وجودها, إن لم تكن لها يد بمسلسل الاغتيالات المستمر ضد رجال عراقيين وطنيين يعارضون وجود الاحتلال...
خروج قوات الاحتلال بلا شك سيخفف من هذه الحوادث , وسيقلل من استهداف رجال شرفاء من الشرطة نذروا حياتهم لخدمة العراق والعراقيين, لكن الظروف غير صحية ابدا, واختلط الرديء مع النظيف, وذهب الغالي بسعر الرخيص.....
قلبي يحزن على ما يحدث في العراق من فتن وسفك دماء...
مات جارنا الشاب وترك خلفه زوجة شابة يانعة لتتحول الى ارملة, وطفلين جميلين تحولا الى يتيمين ...
وذهب الاصدقاء والأقارب ليدفنوه على عجل , لم تستغرق العملية اكثر من ساعة زمن, لتطوي صفحة حياة كانت مليئة بالاحداث والأحلام والامنيات الصغيرة والكبيرة ..
ربما كان يحلم بمستقبل اولاده الصغار, ربما كان يحلم بعراق حر جميل..
لكنه لم يكن يدري أن ثمة من سيطلق عليه طلقتين في الصدر في صباح شتائي بارد..
وينتهى كل شيء...
صار اوميد مجرد ذكرى, وصار كل من يعرفه يقول عنه : المرحوم..
هكذا صارت قصص الحياة اليومية في العراق....
يموت العشرات وربما المئات كل يوم ضحايا تفجيرات وعنف ولا مجال لذكر تفاصيل كل حادث واسماء كل الضحايا وقصص كل عوائلهم التي ظلت تعاني من فقدان الاحبة , والناس مذهولة تلم الضحايا وتدفنها , ولا وقت للتذكر او التألم, المسلسل مستمر , والضربات مستمرة , والناس مذهولة متعبة...
وما زال ثمة من يدافع عن فكرة الحرب على العراق, وشرعيتها, ووجوهها الايجابية..
ماذا أقول ؟
لا شيء سوى ان قلبي حزين على كل عراقي يموت او يفقد عزيزا في هذه الحرب السخيفة , التي يدفع فيها العراقيون ثمنا باهظا ,
والتي قامت لأسباب مجهولة , او على الاقل, المعلن من هذه الاسباب هو سيل من قصص سخيفة غير منطقية , مليئة بالكذب والتزييف...
**********************
نشرت الصحافة العالمية تقريرن في الاسبوع الماضي:
واحد عن صور جديدة عن تجاوزات وانتهاكات في معتقل ابو غريب ..
وواحد عن فلم فديو يصور جنودا بريطانيين في البصرة يضربون شبابا عراقيين ضربا وحشيا...
ودائما تعتذر قوات الجيش الامريكي ان هذه تجاوزات فردية...
وكذلك توني بلير قال عن جنوده انها تجاوزات فردية...
وأنا أقول ان هذه التصرفات تثير الناس في العراق وخارج العراق اكثر مما تثيره خطابات بن لادن ضد الحكومة الأمريكية والبريطانية...
وتزيد من نفورالشعوب العربية هنا من التدخل الامريكي البريطاني في حياتنا...
وسوف يحصدون نتائج هذه الحماقات يوما ما...
سوف يحصدون نتائج هذه التصرفات المخجلة التي تعبر عن عدم احترامهم لمشاعرنا وكرامتنا...
قريبا أم بعيدا.....
سيأتي يوم الحصاد....
و كما يقول المثل : ستحصد ثمار ما زرعت...
*********************