Wednesday, February 01, 2006
الأربعاء 1 شباط 2006
صباح الخير....
يوم أمس كان يوم بداية السنة الهجرية الجديدة , اتمنى ان تكون سنة جديدة فيها كل أسباب الخير والقوة والنصر للمسلمين...
وليس معنى هذا انني اتمنى الشر لغيرهم , لكن المسلمين يمرون بظروف حرجة وتحديات صعبة, فلهم بطبيعة الحال وضع خاص في قلبي , كوني مسلمة , واعتز بديني, ولا اجد هذا مبررا للعدوانية او احتقار الاخرين...
أبدا, المسلم الحقيقي يمتليء قلبه بحب الخير للناس جميعا, ويطلب لهم الهداية الى الطريق الصحيح, والرحمة والمغفرة من رب العالمين, رب السموات والارض وما بينهما وخالق كل شيء
******************************
السنة الاسلامية الجديدة نسميها هجرية, لأن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام هاجر من مكة الى المدينة المنورة, وهاجر من اجل ان ينقذ الدين الجديد واتباع الدين الجديد من اضطهاد أقوياء واغنياء وتجار مكة, الذين أزعجهم خطاب الدين الجديد, الذي ساوى بين الناس جميعا, فقيرهم وغنيهم, كبيرهم وصغيرهم, ابيضهم واسودهم, بينما خطاب مكة سابقا كان خطاب تجار, والطبقة السائدة هي الغنية المتسلطة على رقاب الناس بما تملك من ثروات دنيوية , فسحب هذا الدين الجديد البساط من تحت اقدام تلك الطبقة المتكبرة , وحاربت الدين الجديد وقائده محمد عليه الصلاة والسلام وكل الذين اصطفوا وراءه من مؤمنين به, واغلبهم من الضعفاء الفقراء في مجتمع مكة
*******************************
هجرة الرسول (ص) هي نقطة انقلاب في مسار الدعوة للإسلام ..
والاسلام ذاته هو كان نقطة انقلاب في حياة العرب اولا , ثم الشعوب التي اعتنقته لاحقا
الاسلام والهجرة , قسما مجتمع الجزيرة العربية آنذاك , بين مناصر له , ومحارب ضده
وقسم العائلة الواحدة بين أفراد ينتمون للدين والعقيدة الجديدة , وبين أفراد يتمسكون بالعقيدة القديمة
لكن بمرور الزمن , وبعد عدة سنوات , عاد الرسول عليه الصلاة والسلام الى مكة , وهو المنتصر, وقد غلب الدين الجديد وأثبت قدرته على البقاء ومواجهة التحديات ,
وكسب المزيد من الانصار والمؤمنين , ودخل في الاسلام غالبية اهل الجزيرة, ولم يجبر غير المسلمين من مسيحيين او يهود على الدخول للدين الجديد , الفكرة كانت وما زالت ان الانتماء للإسلام هو عمل إرادي وليس بالاكراه , ونزلت الآية الكريمة : لا إكراه في الدين , قد تبين الرشد من الغي
***************************************
كنت أسمع الكثير من الناس يتساءلون : لماذا عندنا كلمة ثقافة , مرتبطة بالدين ؟
عند الغرب ربما هي كلمة غير مرتبطة بالدين , لماذا نربطها نحن؟
بقيت مترددة في قبول هذه الفكرة او رفضها..
لكنني حين قرأت تاريخ اوروبا في الاسابيع الماضية ,
واتيت بكتب تاريخ العرب والمسلمين , فهمت الفرق تماما
رأيت ان الاسلام كان نقطة انقلاب حقيقية في حياة الامة
رأيت انه العمود الفقري في تكوين ثقافة هذه الأمة
جاءت عقيدة جديدة وقوانين جديدة, والناس اقتنعوا بها بطريقة جعلتهم يحسمون موقفهم تماما من قضايا مثل الإيمان بالله و توحيده وعدم الشرك به , الإيمان بالرسل والكتب المقدسة , الإيمان بالملائكة , الإيمان بالقدر خيره وشره...
وعند حسم هذه الامور, تتكون نظرة جديدة للعالم ...
هنالك طقوس الانتماء للاسلام وهي : الشهادتين , الصلاة, الصيام , الزكاة , الحج
والرسول ص والقرآن الكريم كلاهما وضح ان ثمة فرق بين الايمان والاسلام
الاسلام هو مرحلة اولى فيها ممارسة لتلك الطقوس...
والايمان هو مرحلة اعلى لا يدركها كل المسلمين بالضرورة
وهنيئا لمن تطور من مرحلة الاسلام الى الايمان , واظن ان العامل الرئيسي في هذا التطور هو اخلاص العبادة والصدق فيها ومخافة الله في السر والعلن...
**********************************
بعد انتشار الاسلام في الجزيرة , خرج المسلمون لنشر الدعوة الى البلدان المجاورة , ربما كانت المواجهات الاولى بالسيف كما حدث في مواجهة جيش الفرس في العراق, وجيش الروم في بلاد الشام, لكن الدعوة ظلت تنتشر الى الشرق والغرب حتى بعد ان توقف امتداد امبراطورية دولة الاسلام , يعني كما يقول المؤرخ توينبي في كتابه تاريخ البشرية : بدأ تمزق الدولة الاسلامية السياسي وظهور دويلات في المغرب ومصر والاندلس منفصلة عن الخلافة في بغداد , لكن الاسلام ظل ينتشر الى بلاد البلغار وبلاد الشرق مثل اندونيسيا وماليزيا والهند والصين بطريقة هادئة وبطيئة..
وفي كتب اخرى رأيت ان الناس في تلك الدول يقولون : ان الاحتكاك مع التجار المسلمين ورؤية حسن اخلاقهم وامانتهم كانت من الاسباب الرئيسية في انتشار الدين الاسلامي بين تلك الشعوب البعيدة
****************************
انصبغت حياة الناس بلون جديد , وصارت ثمة هوية واضحة هي هوية الاسلام , من فنون وعمارة الى فكر وثقافة وادب وشعر وحتى الفلسفة في الاسلام لها ضوابط مختلفة , لأن كل شيء صار يمر من خلال رؤية اسلامية للكون
العلاقة بين الانسان وخالقه, وبين الناس بعضهم بعض, بين الحاكم والمحكوم , بين
البائع والمشتري , بين الرجل والمرأة قبل الزواج وبعد الزواج , بين الابناء والوالدين , كلها لها ضوابط , تتحكم بمشاعر الناس وتضبطها لتصبح معتدلة , لا رهبانية في الاسلام ولا انفتاح لحد الحماقة والوقوع بالاثم والخطيئة , رغم أن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : كل ابن آدم خطاء , وخير الخطائين , التوابون..
يعني الله خلقنا ضعفاء , نخطيء , لكنه فتح امامنا باب التوبة لنعود كل مرة ..
الاعتدال في كل شيء هو منهج الاسلام , الاعتدال في الاكل والشرب وانفاق المال وفي النظرة لأمور الحياة الاخرى ...
وحرم الزنى والفواحش ما ظهر منها وما بطن , يعني الظاهرة والخفية, حتى تظل كرامة الانسان وثقته بنفسه مصانة...
وحرم الاسلام الربا والاحتكار وتكديس الاموال , حتى لا يكون هنالك استغلال او تتكون دولة من الاغنياء , يعني لا تكون ثمة طبقة غنية قوية ظالمة تتحكم برقاب الناس ومصير الدولة, وشرع الاسلام نظام الزكاة حتى تؤخذ صدقات اجبارية من اموال الاغنياء , لتوزعها الدولة على المشاريع التي تساعد العوائل الفقيرة للعيش الكريم...
وحرم الاسلام القتال بين المسلمين , واعتبر القاتل والمقتول في النار
, وقال الرسول ص قولته المعروفة : كل المسلم على المسلم حرام, دمه وماله وعرضه ..
الاسلام وضع رؤية متكاملة لإدارة الدولة إما من خلال القصص القرآنية او سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام ..
لكن حال المسلمين الان يتدهور ويعيشون في متاهات لا علاقة لها بجذورهم ...
وهذا ربما احد أسباب ضياعهم ...
ادعو الله ان يرجعهم الى طريق الصواب , ويقويهم , وينصرهم لما فيه الخير للبشرية ...
*****************************
اعود الى تاريخ اوروبا ...
وجدت ان اوروبا كانت تعيش نظرة خاصة للحياة وتملك خطابا فكريا معينا عبر عنه فلاسفتها مثل سقراط وارسطو وافلاطون وغيرهم, وكانت نظريات جميلة , لكنها لا تخلو من مثالية وسذاجة تتناسب مع رؤية الانسان وهو يعيش سنة 500 قبل الميلاد
وليس ثمة اديان او شرائع سماوية ..
وجاءت المسيحية من الشرق مهد الاديان والديانات الثلاث , لتنتشر الى ارض غريبة وبعيدة , فانتشرت الفكرة , لكنها اتخذت طابعا عنيفا متشددا , وظهر تسلط الكنيسة ورجال الكنيسة , لينافس تسلط الملوك والاقطاعيين , ثم افرز هذا التشدد حملات حروب الى الشرق تحت راية الصليب, مع ان دعوة عيسى عليه السلام كانت غاية في التسامح , ولا تحمل اية بذرة فيها عدوانية , لكن الارض التي نزلت فيها البذرة, كانت تتخذ العنف اسلوبا في الحياة لتعبير عن نفسها...
عانت المجتمعات الاوربية من اضطهاد الكنيسة وكبتها للحريات, ورفضها للنظريات العلمية حول الارض والشمس والكون, وكانت تحرق او تهدد بالحرق من يعترض على افكارها ..
لا اظن ثمة عنف وظلم مثل هذا مرت به المجتمعات الاسلامية, كان ثمة تقبل للنظريات العلمية الموجودة في القران ولم تتناقض مع مستجدات العصر بطريقة تكفر من يقولها , بل ثمة رد هاديء معظم الاحيان , مما لم يوجد تناقض صارخ بين الدين والعلم والدولة كما حدث في تجربة المسيحية في اوروبا....
نهاية المطاف, ان اوروبا قررت الخروج من الشرنقة والصراع, وفصلت الدين عن الدولة, بقي الدين مسألة شخصية , مقبوله او مرفوضة , يؤخذ كاملا او جزئيا حسب المزاج , بينما في الاسلام جاء الخطاب محذرا : غير مسموح ان تأخذ بعض ما في القرآن وتترك البعض الاخر, إما تؤمن به كاملا فتكون من المؤمنين , او ترفضه كاملا فتكون من الكافرين , واما المتذبذب في منتصف الطريق , فهو ضائع لا محالة
**************************
جاءت عصور النهضة والتنوير والنظريات العلمية لتزيد الناس بعدا عن الدين وتمسكا بعقل الانسان , ثم حقوق الانسان, وحرية الانسان...
وكأن الانسان هو رب نفسه وهو رب الكون يفعل ما يشاء...
وبدأ عصر التوسع والانتشار الى قارات العالم حول اوروبا, بلا حدود , بلا ضوابط...
احتلت دول اوروبا دولا كثيرة من قارات مثل افريقيا واميركا الشمالية والجنوبية , واجزاء من آسيا البعيدة ,وسببت الاذى للسكان الاصليين, ونهبت الثروات دونما رحمة, وجاءت بها الى اوروبا لتخلق طبقات جديدة من اغنياء وتتراكم رؤوس اموال كثيرة تطورت الى صناعات حديثة والى استعمار لتصدير الصناعات الى مراكز جديدة خارجية, واستمرار البحث عن موارد جديدة لتمكين العجلة من الدوران, ثمة عبيد وفقراء يعملون من اجل ابقاء العجلة تدور...
فقراء ومستعمرات وثروات ورؤوس اموال و صناعات وتجارة وتسويق وصراعات مستمرة...
هكذا يتكرر المشهد في تاريخ اوروبا , والصراع يشتعل بين دول اوروبا نفسها مما اشعل الحرب العالمية الاولى , ثم الثانية ...
اللغة السائدة هي لغة عنف, ولغة جشع , ولغة حب التغلب على الاخرين..
والله لا اخترع شيئا من عندي..هذا تاريخ حقيقي يملأ الكتب...
والشعوب الاوربية عانت الكثير من انظمة حكم استبدادية ظالمة, هذه الانظمة لم تكن تظلم شعوب المستعمرات والعبيد من افريقيا والسكان الاصليين من هنود حمر, كانت ايضا تستغل شعوبها وتفرض عليها ضرائب , وثمة طبقات فقيرة مسحوقة , وطبقة متوسطة مهمشة, وطبقة غنية من الملوك وحاشيتهم والاقطاعيين والتجار الكبار..
*****************************
ثم جاءت الثورة الفرنسية , وهي اول ثورة في اوروبا لتحرير الانسان من ظلم واستبداد الحكومات الملكية التقليدية , لكن ثمة فوضى من العنف سادت اجواء البلاد , وأكلت الثورة ابناءها, وقتل بعضهم بعضا, ثم ظهر نابليون كقائد عسكري قوي , واراد أن يثبت لأوروبا ان فرنسا تستحق ان تكون امبراطورية تنافس بريطانيا العظمى, فاحتل الكثير من دول اوروبا مثل ايطاليا واسبانيا , وتورط بحروب مع بروسيا والنمسا والمانيا وروسيا وغيرها, ثم ذهب بحملة الى دول البحر المتوسط واحتل مصر وفشل في احتلال سورية...
لا ادري ما المغزى من كل هذا ؟
لقد كان خطابه مثل خطاب الرئيس بوش حاليا : نحن نحمل الحرية لشعوب العالم
لكنه عمل العجائب حين احتل ايطاليا مثلا , نهب المتاحف وفرض الضرائب وقمع المقاومة, هممم, الا تبدو هذه القصة مألوفة للعراقيين؟
المهم, بعد معارك طاحنة وحالة عنف تشبه الهوس, فشل نابليون في حربه مع روسيا وبدأت قوة جيوشه تتراجع وبدأت الهزائم تتوالى ثم اتفقت دول اوروبا على عزله ونفيه الى جزيرة سانت هيلانه حتى يموت فيها, واعادت الحكم الملكي الى فرنسا ...
****************************
بعد الحرب العالمية الاولى تكرر المشهد حيث حوصرت المانيا , وتقرر معاقبتها وجعلها تدفع تعويضات كبيرة لكل الدول التي تضررت من الحرب, وعاش الشعب الالماني مرحلة ذل وانكسار حتى ظهر هتلر, لم اجده مجنونا , كان رجل مرحلته, جاء ليعيد المجد لامته كما فعل نابليون لفرنسا, وطبعا سلك نفس الطريق العنيف العدواني ضد جيرانه , حتى سقطت المانيا ثانية في الحرب العالمية الثانية ...
ثم تكررت نفس القصة مع موسوليني في ايطاليا...
وستالين في روسيا حتى ظل الاخوة الاعداء ينبشون على الاتحاد السوفيتي حتى انهارت الدولة كلها
نحن نقول عادة : كان العرب قبل الاسلام لا شيء, كانوا مجرد قبائل متناحرة تغزو بعضها لتنهب الثروات ...وجاء الاسلام وحدهم وجعلهم أخوة , وبسبب نجاح تلك الاخوة , بنوا امبراطورية اسلامية امتدت من الشرق الى الغرب, وحين تمزقت الاخوة , عادوا ضعفاء ينهشهم كل من هب ودب....
لكن تاريخ اوروبا لم يكن هكذا...
ظل الاخوة هناك ينهش بعضهم بعضا, وينهش القريب والبعيد من الدول التي تحيط بهم , ويستعمرونها ويستبدون بها كما يشاؤون , حتى ضعفت اوروبا , والان صارت لغة الحوار بين دولها اكثر هدوءا, لكنها ما زالت لغة مصالح اكثر منها لغة مباديء ودين مشترك او ما شابه..
وعادت اميركا تكمل مسيرة تراث اوروبا وتعيد التاريخ نفسه والخطاب نفسه , خطاب نابليون , وخطاب هتلر, بانهم عباقرة ومحررون لشعوب يحكمها مستبدون ..
خطاب اميركا منذ تأسست كان خطاب توسع وانتشار في القارة , ثم تدخل في شؤون الجيران في القارة الجنوبية , والقارات البعيدة , حتى وصلت الى العراق اخيرا, آخر الضحايا , وندعو الله ان يكون الضحية الأخيرة.....
*********************
جملة واحدة استوقفتني كثيرا بعد قراءة تاريخ اوروبا :
الاستقرار السياسي هو مفتاح التطور لأي بلاد..
يعني اوروبا بعد ان هدأت فيها حمى الغزو والتوسع والاستعمار بدأ فيها الاستقرار السياسي والنظر الى الاوضاع الداخلية وترتيب البيت من الداخل, وهذا حدث في بريطانيا أولا ثم تلتها دول اوروبية اخرى, حيث بدأت ببرلمانات وانظمة حكم مستقرة ..
نحن في بلدان العالم غير الاوروبي والامريكي نحتاج الى استقرار سياسي للبدء بتطوير بلداننا في كل النواحي الاجتماعية والاقتصادية وغيرها...
وخصوصا دول مثل افغانستان وفلسطين والعراق وباقي الدول العربية ..
هذه تحتاج الى استقرار سياسي لترتاح شعوبها, لكن ماذا عن اصابع المحتلين ؟
مثل هذه الدول بحاجة لإخراج الاحتلال اولا, ثم بدأ عملية الاستقرار السياسي ثانيا وهذه تأتي حين تختار الشعوب طريقها , وليس بتدخل قوى خارجية لها مصالح تتناقض مع مصالح تلك الشعوب....
اصابع اميركا واوروبا ما زالت موجودة بشكل ظاهر أو خفي, في دول العالم غير الاوروبي , في دول آسيا وافريقيا واميركا الجنوبية ودولنا التي يسمونها منطقة الشرق الاوسط, واكبر مصيبة تهدد الاستقرار السياسي هي زراعتهم اسرائيل بيننا , لتظل المنطقة متوترة ساخنة ممزقة لا امل في استقرار او تطور حقيقي على المدى المنظور...
هذا هو واقع الحال المحزن.....
************************************
هل الفرق بين الشرق والغرب هو فقط في الدين والثقافة ؟
ام هو فرق في الخطاب كله والنظرة كلها الى العالم ؟
في هذا الوقت, العالم أحوج ما يكون لأن يسود السلام فيه...
عنف الخطاب الغربي وحبه للغطرسه وعدم احترام مشاعر الاخر, خلق عنفا في الخطاب الاسلامي للدفاع عن الهوية والنفس...
كما حدث مثلا في فضيحة الصحيفة الدنماركية حين فتحت مسابقة كاريكاتير للإستهزاء بالإسلام والنبي محمد عليه الصلاة والسلام في شهر سبتمبر الماضي...
هذا خطاب جاهل أعمى وغبي..
هذا ليس خطاب شعوب متحضرة, المتحضر يعرف كيف يخاطب الاخر ويحترمه, ويفتح ابواب حوار, وليس ابواب حقد واستهزاء...
العالم بحاجة الى سلام...
وآن الأوان ان تعمل شعوب الشرق والغرب معا على صناعة السلام..
كلنا نريد السلام لأوطاننا واولادنا وعوائلنا...
ونملك رغبة مشتركة..
لكن ما زالت ثمة فئات من تجار جشعين متعصبين في الغرب
يريدون الهيمنة على ثروات العالم واشعال نار الحروب والفتن والاحقاد بين الشعوب
الثروات سابقا كانت اخشاب وقطن وتبغ وفرو وحديد وفحم وذهب وفضة وشاي وقهوة وغيرها
الثروة حاليا التي تشن الحروب من أجلها هي البترول, ويوجد الكثير منها في بلاد المسلمين , وهكذا تم استهدافهم كعدو واضح
نفس القصة القديمة , ونفس الجشع والنفوس التي لا تشبع
من سيوقف جشع تجار الحروب وتجار النفط ؟
الشعوب قديما كانت مغيبة ولا تدري ما يحدث خلف البحار
لكنها اليوم تدرك كل صغيرة وكبيرة,
ولا توجد أية حجة لتبرير هذه السلبية
وإلا فإنها ستكون متهمة انها شريكة هؤلاء التجار الجشعين في خطابهم العدواني الغبي الذي يجر العالم كله, الى هاوية لا قرار لها.....
آن الأوان لشعوب الغرب أن تتحرك وتقول كلمتها لشعوب الشرق...
وعساها تكون كلمة طيبة منصفة و تثبت أنها غير راضية عن سياسات هؤلاء الحكام , وانها تريد تغييرهم بحكام اكثر حبا للسلام والعدالة ...
كلنا في حاجة للسلام والعدالة على هذه الأرض.........
وكلنا ينبغي ان نعمل سوية من اجل تحقيق تلك الاحلام النبيلة.....
في الشرق , او في الغرب...
ثمة مصلحة مشتركة, بلا شك ...
صباح الخير....
يوم أمس كان يوم بداية السنة الهجرية الجديدة , اتمنى ان تكون سنة جديدة فيها كل أسباب الخير والقوة والنصر للمسلمين...
وليس معنى هذا انني اتمنى الشر لغيرهم , لكن المسلمين يمرون بظروف حرجة وتحديات صعبة, فلهم بطبيعة الحال وضع خاص في قلبي , كوني مسلمة , واعتز بديني, ولا اجد هذا مبررا للعدوانية او احتقار الاخرين...
أبدا, المسلم الحقيقي يمتليء قلبه بحب الخير للناس جميعا, ويطلب لهم الهداية الى الطريق الصحيح, والرحمة والمغفرة من رب العالمين, رب السموات والارض وما بينهما وخالق كل شيء
******************************
السنة الاسلامية الجديدة نسميها هجرية, لأن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام هاجر من مكة الى المدينة المنورة, وهاجر من اجل ان ينقذ الدين الجديد واتباع الدين الجديد من اضطهاد أقوياء واغنياء وتجار مكة, الذين أزعجهم خطاب الدين الجديد, الذي ساوى بين الناس جميعا, فقيرهم وغنيهم, كبيرهم وصغيرهم, ابيضهم واسودهم, بينما خطاب مكة سابقا كان خطاب تجار, والطبقة السائدة هي الغنية المتسلطة على رقاب الناس بما تملك من ثروات دنيوية , فسحب هذا الدين الجديد البساط من تحت اقدام تلك الطبقة المتكبرة , وحاربت الدين الجديد وقائده محمد عليه الصلاة والسلام وكل الذين اصطفوا وراءه من مؤمنين به, واغلبهم من الضعفاء الفقراء في مجتمع مكة
*******************************
هجرة الرسول (ص) هي نقطة انقلاب في مسار الدعوة للإسلام ..
والاسلام ذاته هو كان نقطة انقلاب في حياة العرب اولا , ثم الشعوب التي اعتنقته لاحقا
الاسلام والهجرة , قسما مجتمع الجزيرة العربية آنذاك , بين مناصر له , ومحارب ضده
وقسم العائلة الواحدة بين أفراد ينتمون للدين والعقيدة الجديدة , وبين أفراد يتمسكون بالعقيدة القديمة
لكن بمرور الزمن , وبعد عدة سنوات , عاد الرسول عليه الصلاة والسلام الى مكة , وهو المنتصر, وقد غلب الدين الجديد وأثبت قدرته على البقاء ومواجهة التحديات ,
وكسب المزيد من الانصار والمؤمنين , ودخل في الاسلام غالبية اهل الجزيرة, ولم يجبر غير المسلمين من مسيحيين او يهود على الدخول للدين الجديد , الفكرة كانت وما زالت ان الانتماء للإسلام هو عمل إرادي وليس بالاكراه , ونزلت الآية الكريمة : لا إكراه في الدين , قد تبين الرشد من الغي
***************************************
كنت أسمع الكثير من الناس يتساءلون : لماذا عندنا كلمة ثقافة , مرتبطة بالدين ؟
عند الغرب ربما هي كلمة غير مرتبطة بالدين , لماذا نربطها نحن؟
بقيت مترددة في قبول هذه الفكرة او رفضها..
لكنني حين قرأت تاريخ اوروبا في الاسابيع الماضية ,
واتيت بكتب تاريخ العرب والمسلمين , فهمت الفرق تماما
رأيت ان الاسلام كان نقطة انقلاب حقيقية في حياة الامة
رأيت انه العمود الفقري في تكوين ثقافة هذه الأمة
جاءت عقيدة جديدة وقوانين جديدة, والناس اقتنعوا بها بطريقة جعلتهم يحسمون موقفهم تماما من قضايا مثل الإيمان بالله و توحيده وعدم الشرك به , الإيمان بالرسل والكتب المقدسة , الإيمان بالملائكة , الإيمان بالقدر خيره وشره...
وعند حسم هذه الامور, تتكون نظرة جديدة للعالم ...
هنالك طقوس الانتماء للاسلام وهي : الشهادتين , الصلاة, الصيام , الزكاة , الحج
والرسول ص والقرآن الكريم كلاهما وضح ان ثمة فرق بين الايمان والاسلام
الاسلام هو مرحلة اولى فيها ممارسة لتلك الطقوس...
والايمان هو مرحلة اعلى لا يدركها كل المسلمين بالضرورة
وهنيئا لمن تطور من مرحلة الاسلام الى الايمان , واظن ان العامل الرئيسي في هذا التطور هو اخلاص العبادة والصدق فيها ومخافة الله في السر والعلن...
**********************************
بعد انتشار الاسلام في الجزيرة , خرج المسلمون لنشر الدعوة الى البلدان المجاورة , ربما كانت المواجهات الاولى بالسيف كما حدث في مواجهة جيش الفرس في العراق, وجيش الروم في بلاد الشام, لكن الدعوة ظلت تنتشر الى الشرق والغرب حتى بعد ان توقف امتداد امبراطورية دولة الاسلام , يعني كما يقول المؤرخ توينبي في كتابه تاريخ البشرية : بدأ تمزق الدولة الاسلامية السياسي وظهور دويلات في المغرب ومصر والاندلس منفصلة عن الخلافة في بغداد , لكن الاسلام ظل ينتشر الى بلاد البلغار وبلاد الشرق مثل اندونيسيا وماليزيا والهند والصين بطريقة هادئة وبطيئة..
وفي كتب اخرى رأيت ان الناس في تلك الدول يقولون : ان الاحتكاك مع التجار المسلمين ورؤية حسن اخلاقهم وامانتهم كانت من الاسباب الرئيسية في انتشار الدين الاسلامي بين تلك الشعوب البعيدة
****************************
انصبغت حياة الناس بلون جديد , وصارت ثمة هوية واضحة هي هوية الاسلام , من فنون وعمارة الى فكر وثقافة وادب وشعر وحتى الفلسفة في الاسلام لها ضوابط مختلفة , لأن كل شيء صار يمر من خلال رؤية اسلامية للكون
العلاقة بين الانسان وخالقه, وبين الناس بعضهم بعض, بين الحاكم والمحكوم , بين
البائع والمشتري , بين الرجل والمرأة قبل الزواج وبعد الزواج , بين الابناء والوالدين , كلها لها ضوابط , تتحكم بمشاعر الناس وتضبطها لتصبح معتدلة , لا رهبانية في الاسلام ولا انفتاح لحد الحماقة والوقوع بالاثم والخطيئة , رغم أن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : كل ابن آدم خطاء , وخير الخطائين , التوابون..
يعني الله خلقنا ضعفاء , نخطيء , لكنه فتح امامنا باب التوبة لنعود كل مرة ..
الاعتدال في كل شيء هو منهج الاسلام , الاعتدال في الاكل والشرب وانفاق المال وفي النظرة لأمور الحياة الاخرى ...
وحرم الزنى والفواحش ما ظهر منها وما بطن , يعني الظاهرة والخفية, حتى تظل كرامة الانسان وثقته بنفسه مصانة...
وحرم الاسلام الربا والاحتكار وتكديس الاموال , حتى لا يكون هنالك استغلال او تتكون دولة من الاغنياء , يعني لا تكون ثمة طبقة غنية قوية ظالمة تتحكم برقاب الناس ومصير الدولة, وشرع الاسلام نظام الزكاة حتى تؤخذ صدقات اجبارية من اموال الاغنياء , لتوزعها الدولة على المشاريع التي تساعد العوائل الفقيرة للعيش الكريم...
وحرم الاسلام القتال بين المسلمين , واعتبر القاتل والمقتول في النار
, وقال الرسول ص قولته المعروفة : كل المسلم على المسلم حرام, دمه وماله وعرضه ..
الاسلام وضع رؤية متكاملة لإدارة الدولة إما من خلال القصص القرآنية او سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام ..
لكن حال المسلمين الان يتدهور ويعيشون في متاهات لا علاقة لها بجذورهم ...
وهذا ربما احد أسباب ضياعهم ...
ادعو الله ان يرجعهم الى طريق الصواب , ويقويهم , وينصرهم لما فيه الخير للبشرية ...
*****************************
اعود الى تاريخ اوروبا ...
وجدت ان اوروبا كانت تعيش نظرة خاصة للحياة وتملك خطابا فكريا معينا عبر عنه فلاسفتها مثل سقراط وارسطو وافلاطون وغيرهم, وكانت نظريات جميلة , لكنها لا تخلو من مثالية وسذاجة تتناسب مع رؤية الانسان وهو يعيش سنة 500 قبل الميلاد
وليس ثمة اديان او شرائع سماوية ..
وجاءت المسيحية من الشرق مهد الاديان والديانات الثلاث , لتنتشر الى ارض غريبة وبعيدة , فانتشرت الفكرة , لكنها اتخذت طابعا عنيفا متشددا , وظهر تسلط الكنيسة ورجال الكنيسة , لينافس تسلط الملوك والاقطاعيين , ثم افرز هذا التشدد حملات حروب الى الشرق تحت راية الصليب, مع ان دعوة عيسى عليه السلام كانت غاية في التسامح , ولا تحمل اية بذرة فيها عدوانية , لكن الارض التي نزلت فيها البذرة, كانت تتخذ العنف اسلوبا في الحياة لتعبير عن نفسها...
عانت المجتمعات الاوربية من اضطهاد الكنيسة وكبتها للحريات, ورفضها للنظريات العلمية حول الارض والشمس والكون, وكانت تحرق او تهدد بالحرق من يعترض على افكارها ..
لا اظن ثمة عنف وظلم مثل هذا مرت به المجتمعات الاسلامية, كان ثمة تقبل للنظريات العلمية الموجودة في القران ولم تتناقض مع مستجدات العصر بطريقة تكفر من يقولها , بل ثمة رد هاديء معظم الاحيان , مما لم يوجد تناقض صارخ بين الدين والعلم والدولة كما حدث في تجربة المسيحية في اوروبا....
نهاية المطاف, ان اوروبا قررت الخروج من الشرنقة والصراع, وفصلت الدين عن الدولة, بقي الدين مسألة شخصية , مقبوله او مرفوضة , يؤخذ كاملا او جزئيا حسب المزاج , بينما في الاسلام جاء الخطاب محذرا : غير مسموح ان تأخذ بعض ما في القرآن وتترك البعض الاخر, إما تؤمن به كاملا فتكون من المؤمنين , او ترفضه كاملا فتكون من الكافرين , واما المتذبذب في منتصف الطريق , فهو ضائع لا محالة
**************************
جاءت عصور النهضة والتنوير والنظريات العلمية لتزيد الناس بعدا عن الدين وتمسكا بعقل الانسان , ثم حقوق الانسان, وحرية الانسان...
وكأن الانسان هو رب نفسه وهو رب الكون يفعل ما يشاء...
وبدأ عصر التوسع والانتشار الى قارات العالم حول اوروبا, بلا حدود , بلا ضوابط...
احتلت دول اوروبا دولا كثيرة من قارات مثل افريقيا واميركا الشمالية والجنوبية , واجزاء من آسيا البعيدة ,وسببت الاذى للسكان الاصليين, ونهبت الثروات دونما رحمة, وجاءت بها الى اوروبا لتخلق طبقات جديدة من اغنياء وتتراكم رؤوس اموال كثيرة تطورت الى صناعات حديثة والى استعمار لتصدير الصناعات الى مراكز جديدة خارجية, واستمرار البحث عن موارد جديدة لتمكين العجلة من الدوران, ثمة عبيد وفقراء يعملون من اجل ابقاء العجلة تدور...
فقراء ومستعمرات وثروات ورؤوس اموال و صناعات وتجارة وتسويق وصراعات مستمرة...
هكذا يتكرر المشهد في تاريخ اوروبا , والصراع يشتعل بين دول اوروبا نفسها مما اشعل الحرب العالمية الاولى , ثم الثانية ...
اللغة السائدة هي لغة عنف, ولغة جشع , ولغة حب التغلب على الاخرين..
والله لا اخترع شيئا من عندي..هذا تاريخ حقيقي يملأ الكتب...
والشعوب الاوربية عانت الكثير من انظمة حكم استبدادية ظالمة, هذه الانظمة لم تكن تظلم شعوب المستعمرات والعبيد من افريقيا والسكان الاصليين من هنود حمر, كانت ايضا تستغل شعوبها وتفرض عليها ضرائب , وثمة طبقات فقيرة مسحوقة , وطبقة متوسطة مهمشة, وطبقة غنية من الملوك وحاشيتهم والاقطاعيين والتجار الكبار..
*****************************
ثم جاءت الثورة الفرنسية , وهي اول ثورة في اوروبا لتحرير الانسان من ظلم واستبداد الحكومات الملكية التقليدية , لكن ثمة فوضى من العنف سادت اجواء البلاد , وأكلت الثورة ابناءها, وقتل بعضهم بعضا, ثم ظهر نابليون كقائد عسكري قوي , واراد أن يثبت لأوروبا ان فرنسا تستحق ان تكون امبراطورية تنافس بريطانيا العظمى, فاحتل الكثير من دول اوروبا مثل ايطاليا واسبانيا , وتورط بحروب مع بروسيا والنمسا والمانيا وروسيا وغيرها, ثم ذهب بحملة الى دول البحر المتوسط واحتل مصر وفشل في احتلال سورية...
لا ادري ما المغزى من كل هذا ؟
لقد كان خطابه مثل خطاب الرئيس بوش حاليا : نحن نحمل الحرية لشعوب العالم
لكنه عمل العجائب حين احتل ايطاليا مثلا , نهب المتاحف وفرض الضرائب وقمع المقاومة, هممم, الا تبدو هذه القصة مألوفة للعراقيين؟
المهم, بعد معارك طاحنة وحالة عنف تشبه الهوس, فشل نابليون في حربه مع روسيا وبدأت قوة جيوشه تتراجع وبدأت الهزائم تتوالى ثم اتفقت دول اوروبا على عزله ونفيه الى جزيرة سانت هيلانه حتى يموت فيها, واعادت الحكم الملكي الى فرنسا ...
****************************
بعد الحرب العالمية الاولى تكرر المشهد حيث حوصرت المانيا , وتقرر معاقبتها وجعلها تدفع تعويضات كبيرة لكل الدول التي تضررت من الحرب, وعاش الشعب الالماني مرحلة ذل وانكسار حتى ظهر هتلر, لم اجده مجنونا , كان رجل مرحلته, جاء ليعيد المجد لامته كما فعل نابليون لفرنسا, وطبعا سلك نفس الطريق العنيف العدواني ضد جيرانه , حتى سقطت المانيا ثانية في الحرب العالمية الثانية ...
ثم تكررت نفس القصة مع موسوليني في ايطاليا...
وستالين في روسيا حتى ظل الاخوة الاعداء ينبشون على الاتحاد السوفيتي حتى انهارت الدولة كلها
نحن نقول عادة : كان العرب قبل الاسلام لا شيء, كانوا مجرد قبائل متناحرة تغزو بعضها لتنهب الثروات ...وجاء الاسلام وحدهم وجعلهم أخوة , وبسبب نجاح تلك الاخوة , بنوا امبراطورية اسلامية امتدت من الشرق الى الغرب, وحين تمزقت الاخوة , عادوا ضعفاء ينهشهم كل من هب ودب....
لكن تاريخ اوروبا لم يكن هكذا...
ظل الاخوة هناك ينهش بعضهم بعضا, وينهش القريب والبعيد من الدول التي تحيط بهم , ويستعمرونها ويستبدون بها كما يشاؤون , حتى ضعفت اوروبا , والان صارت لغة الحوار بين دولها اكثر هدوءا, لكنها ما زالت لغة مصالح اكثر منها لغة مباديء ودين مشترك او ما شابه..
وعادت اميركا تكمل مسيرة تراث اوروبا وتعيد التاريخ نفسه والخطاب نفسه , خطاب نابليون , وخطاب هتلر, بانهم عباقرة ومحررون لشعوب يحكمها مستبدون ..
خطاب اميركا منذ تأسست كان خطاب توسع وانتشار في القارة , ثم تدخل في شؤون الجيران في القارة الجنوبية , والقارات البعيدة , حتى وصلت الى العراق اخيرا, آخر الضحايا , وندعو الله ان يكون الضحية الأخيرة.....
*********************
جملة واحدة استوقفتني كثيرا بعد قراءة تاريخ اوروبا :
الاستقرار السياسي هو مفتاح التطور لأي بلاد..
يعني اوروبا بعد ان هدأت فيها حمى الغزو والتوسع والاستعمار بدأ فيها الاستقرار السياسي والنظر الى الاوضاع الداخلية وترتيب البيت من الداخل, وهذا حدث في بريطانيا أولا ثم تلتها دول اوروبية اخرى, حيث بدأت ببرلمانات وانظمة حكم مستقرة ..
نحن في بلدان العالم غير الاوروبي والامريكي نحتاج الى استقرار سياسي للبدء بتطوير بلداننا في كل النواحي الاجتماعية والاقتصادية وغيرها...
وخصوصا دول مثل افغانستان وفلسطين والعراق وباقي الدول العربية ..
هذه تحتاج الى استقرار سياسي لترتاح شعوبها, لكن ماذا عن اصابع المحتلين ؟
مثل هذه الدول بحاجة لإخراج الاحتلال اولا, ثم بدأ عملية الاستقرار السياسي ثانيا وهذه تأتي حين تختار الشعوب طريقها , وليس بتدخل قوى خارجية لها مصالح تتناقض مع مصالح تلك الشعوب....
اصابع اميركا واوروبا ما زالت موجودة بشكل ظاهر أو خفي, في دول العالم غير الاوروبي , في دول آسيا وافريقيا واميركا الجنوبية ودولنا التي يسمونها منطقة الشرق الاوسط, واكبر مصيبة تهدد الاستقرار السياسي هي زراعتهم اسرائيل بيننا , لتظل المنطقة متوترة ساخنة ممزقة لا امل في استقرار او تطور حقيقي على المدى المنظور...
هذا هو واقع الحال المحزن.....
************************************
هل الفرق بين الشرق والغرب هو فقط في الدين والثقافة ؟
ام هو فرق في الخطاب كله والنظرة كلها الى العالم ؟
في هذا الوقت, العالم أحوج ما يكون لأن يسود السلام فيه...
عنف الخطاب الغربي وحبه للغطرسه وعدم احترام مشاعر الاخر, خلق عنفا في الخطاب الاسلامي للدفاع عن الهوية والنفس...
كما حدث مثلا في فضيحة الصحيفة الدنماركية حين فتحت مسابقة كاريكاتير للإستهزاء بالإسلام والنبي محمد عليه الصلاة والسلام في شهر سبتمبر الماضي...
هذا خطاب جاهل أعمى وغبي..
هذا ليس خطاب شعوب متحضرة, المتحضر يعرف كيف يخاطب الاخر ويحترمه, ويفتح ابواب حوار, وليس ابواب حقد واستهزاء...
العالم بحاجة الى سلام...
وآن الأوان ان تعمل شعوب الشرق والغرب معا على صناعة السلام..
كلنا نريد السلام لأوطاننا واولادنا وعوائلنا...
ونملك رغبة مشتركة..
لكن ما زالت ثمة فئات من تجار جشعين متعصبين في الغرب
يريدون الهيمنة على ثروات العالم واشعال نار الحروب والفتن والاحقاد بين الشعوب
الثروات سابقا كانت اخشاب وقطن وتبغ وفرو وحديد وفحم وذهب وفضة وشاي وقهوة وغيرها
الثروة حاليا التي تشن الحروب من أجلها هي البترول, ويوجد الكثير منها في بلاد المسلمين , وهكذا تم استهدافهم كعدو واضح
نفس القصة القديمة , ونفس الجشع والنفوس التي لا تشبع
من سيوقف جشع تجار الحروب وتجار النفط ؟
الشعوب قديما كانت مغيبة ولا تدري ما يحدث خلف البحار
لكنها اليوم تدرك كل صغيرة وكبيرة,
ولا توجد أية حجة لتبرير هذه السلبية
وإلا فإنها ستكون متهمة انها شريكة هؤلاء التجار الجشعين في خطابهم العدواني الغبي الذي يجر العالم كله, الى هاوية لا قرار لها.....
آن الأوان لشعوب الغرب أن تتحرك وتقول كلمتها لشعوب الشرق...
وعساها تكون كلمة طيبة منصفة و تثبت أنها غير راضية عن سياسات هؤلاء الحكام , وانها تريد تغييرهم بحكام اكثر حبا للسلام والعدالة ...
كلنا في حاجة للسلام والعدالة على هذه الأرض.........
وكلنا ينبغي ان نعمل سوية من اجل تحقيق تلك الاحلام النبيلة.....
في الشرق , او في الغرب...
ثمة مصلحة مشتركة, بلا شك ...