Tuesday, January 17, 2006
الإثنين 16 كانون الثاني 2006
صباح الخير..
لقد اكتشفت وتاكدت أن أكثر شيء سخيف ومتعب في هذه الدنيا هو مهنة السياسة, وان اكثر ناس ممكن أن يطولهم الفساد والإنتهازية والكذب هم الذين يعملون في السياسة..
يعني ربما هم في البداية يكونون صادقين متحمسين وعندهم رؤيا معينة , لكن بمرور الوقت, يبدأوون بالتنازل قليلا قليلا عن تلك الطموحات, و ينزلق معظمهم الى متاهات أبعد ما تكون عن بداياتهم, وينتقلون الى حالة انتهازية يسمونها واقعية , ومعناها تقديم التنازلات, وممارسة فنون الخداع والمراوغة من اجل البقاء في الساحة, يعني يتحولون الى عقلية تجار, حتى لو أفلس فهو يظل يراوغ ويستغل كل شيء من اجل البقاء, ووداعا للمباديء النظيفة والشفافية, هذه يتسلى بها الساذجون والمثاليون من الناس, أما الذي صاروا خبراء, فقد تحولوا الى أسماك قرش تقتل وتبتلع كل من يقترب منها...
يبدو ان هذا هو حال أهل الدنيا في كل زمان ومكان...
لكني استثني قادة مثل الأنبياء جميعهم فقد حملوا الرسالة الربانية وأدوا الأمانة وكانوا أوفياء حتى النهاية ..
ومن قادة أمم مثل غاندي ونهرو ومارتن لوثر كنج, هؤلاء أيضا ماتوا وهم في طور تبليغ الرسالة , قبل أن يطالهم التعب او الفساد...
لكن أين نحن الآن ؟
وما شكل قادة العالم اليوم ؟
****************************
هل يشكل الرئيس بوش نموذجا للقائد الذي يستحق ان تسير من خلفه البشرية؟
وهل هذه هي العولمة التي تحقق توحد مشاعر الناس من جميع الدول على اختلاف الأديان والأعراق والأجناس؟
طبعا لا..
هذه العولمة دخلت بلدا مثل العراق فمزقته, جعلت أخوة الأمس يقتتلون, ويفتحون ملفات الحقد القديمة وينشرون روح الإنتقام وفلسفة التفرقة : هذا لك وهذا لي, سواء في الأرض او في الثروات...
مع ان ادوات العولمة دخلت العراق بعد الحرب : موبايلات, ستلايت, انترنت..
يعني هذه عولمة تجارة وأسواق ....
لكن أين هي السعادة التي كنا نحلم بها؟؟
ألم تكن وسائل الإعلام الغربية تطبل وتزمر ان الدولة العراقية نظامها متخلف وشمولي ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة, ولا يعطي حريات عامة, ولا اتصالات مع العالم...
حسنا, ها هي الصحف والمجلات والفضائيات المختلفة تملأ العراق, ومعظم الناس امتلكت ستلايت في بيوتها وموبايلات أيضا وانترنت..
لكن أين هي السعادة والراحة؟
هي ليست مسألة تفجيرات وتدهور أمني فقط, هي مسألة بوابة انفتحت , ودخل بلدوزر حطم كل شيء في حياة العراقيين, حطم وحدتهم, ومزق هويتهم, وضيع ثوابت في حياتهم صارت الآن مصدر نقاش سخيف مثل :
هل نحن عرب ام اكراد؟
هل نحن سنة ام شيعة؟
هل نعيش متوحدين ام نتحول الى اقاليم ؟
هل نحن جزء من العالم العربي والاسلامي أم لا ؟
شيء مؤلم والله ما يحدث في العراق, ونحن هناك ندفع ثمن سياسات حمقاء يقودها قادة انانيون قساة القلوب لهم مصالح , ولا يهمهم خسائر الشعب العراقي من أرواح او استقرار نفسي لكل مواطن ...
يعني جاءتني مثلا رسالة بالبريد الألكتروني من دكتورة في القسم المعماري مسيحية كانت مدرسة ابني رائد في الكلية, وهي ارسلت لي الرد بعد ان ارسلت لها تهنئة على العام الجديد..
كانت رسالتها تطفح بالحزن , قالت أن ما يحدث في العراق منذ الحرب لحد اليوم, باعد بيننا وبين أيامنا الماضية الهادئة السعيدة كأنها مضت منذ 20 سنة...
والله استوقفتني جملتها كثيرا...
فعلا : الدمار الذي حل بالعراق, والضياع والحزن في قلوب الناس, لم تفعله بهم 8 سنوات من الحرب مع ايران, و لا 13 سنة من الحصار الظالم...
لحد سقوط بغداد , كانت معنويات الناس قوية متماسكة, تحلم بغد أفضل سيأتي يوما ما, وسيصنعه العراقيون انفسهم ذات يوم بعد ذهاب صدام...
لكن ليس بهذه الحرب الغبية التي لم تهدم العمارات وتحفر الشوارع فقط, هذه الحرب هدمت وحفرت في نفوس العراقيين آلاما واحزانا لم يروها من قبل....
تفضل وامشي في شوارع بغداد او المدن الاخرى, واسأل الناس عن يومياتهم, وعما فقدوه بسبب هذه الحرب, وعما كسبوه من هذه الحرب, وعن المستقبل القادم ومقدار تفاؤلهم به , خاصة بوجود ادارة بوش التي تدس اصابعها الخبيثة في كل شيء, فينقلب الى خراب حقيقي....
هذه هي تجربتنا هنا منذ آذار 2003 وحتى الان..
ولا يغرنكم قصص النجاح الوهمية التي تعزف عليها محطات مدفوعة الثمن مثل الحرة والسي ان ان وفوكس وغيرها, هذه مجرد بهلوانات ومهرجين يحتفلون بفوز ونصر وهمي للحرب على العراق, والحقيقة هناك
هناك في بيوت العراقيين, وفي شوارعهم, ومدنهم...
حقيقة واضحة بشعة محزنة , لكن من يملك الجرأة على ارسالها للرئيس بوش؟
هو يحتاج ويصغي لمن يصفق له فقط, وليس عنده استعداد لسماع وجهة النظر المعاكسة, ولا يقول في نفسه ربما فيها بعض الحق, دعني اصغي
والله هذا كان نفسه مرض السيد الرئيس صدام حسين حتى سقط في الهاوية, لانه لم يكن مستعدا للإصغاء لوجهة النظر المخالفة لما يجري داخل عقله من اوهام
وكذلك هتلر وموسوليني...
ولذلك , أرى أن السيد الرئيس بوش يمشي على خطاهم
وثمة هاوية تنتظره لتبتلعه , كما حصل للطغاة السابقين
هل نحزن من اجله ونشفق على مصيره؟
ام نقول بغضب : فليذهب للحجيم ؟
هذه مسألة فيها نظر....
*******************************
الثلاثاء 17 كانون الثاني 2006
مساء الخير....
لقد أحزنني وأذهلني تاريخ جمال عبد الناصر في مصر بعد ثورة 1952 ضد الحكم الملكي والإحتلال البريطاني..
في وقتها كنت لم اولد بعد, وعندما كبرت قليلا بدأت اسمع ان عبد الناصر هو بطل العرب الاسطوري الذي كانوا ينتظرونه...
وحين حدثت حرب 1967 لم أفهم بالضبط ما حصل , لكني فهمت انها كانت محبطة ومؤلمة لأبي الذي يستمع الى نشرات الأخبار وكل من يجلس معه من اقارب وأصدقاء كبار السن...
ومات عبد الناصر حين كنت في المدرسة المتوسطة, واتذكر أن المدارس كلها توقفت عن الدوام, وربما دوائر الدولة, باعتباره يوم حزين للأمة...
والآن , بعد مضي أكثر من ثلاثين سنة على وفاته, خطر ببالي صدفة ان أعرف المزيد عنه, وعن شخصيته, واسلوبه في القيادة, وكيف عامل جماعته من الضباط, وكيف عامل معارضيه, وكيف حدثت تلك الحرب 1967 مع اسرائيل وما هي الظروف التي سببت الهزيمة؟
لقد ذهلت , كأن ثمة شخص صفعني على وجهي....
قرأت كتبا مختلفة تمثل وجهات نظر خصومه أومحبيه أوضحاياه ...
لقد كان رجلا دكتاتوريا بكل معنى الكلمة !
قام بتصفية او عزل زملائه من الضباط الذين شاركوه في الثورة, كان يقرب من يفكر مثله أو يؤيده, ويهمش أو يعزل من ينتقده..
وأعدم قسما من رجال المعارضة والقى الكثير منهم في زنازين السجون تحت التعذيب
وأقام دولة الوحدة مع سوريا بشرط الغاء كل النشاطات السياسية للاحزاب الاخرى..
وورط جيشه في حرب اليمن للإستقلال, وانهك الجيش والاقتصاد المصري بلا مبرر..
ولعب على الحبال بين روسيا واميركا , كان يريد الدعم والأسلحة, لكن كلاهما تهرب منه , وكان الكثير من الضغوطات عليه من الطرفين , فلم تعرف البلاد حالة قوة واستقرار سياسي وهي تحت هذه الحالة المتذبذبة بين قطبين كبيرين...
وكان هذا أحد اهم أسباب هزيمة حزيران 1967 مع اسرائيل..
كان يظن أن اميركا لن تتدخل لدعم اسرائيل, وان روسيا ستقف الى جانبه..
كان ثمة خطأ في قراءة الواقع....
والنتيجة : روسيا وقفت تتفرج على الهزيمة, وتبتز مصر من اجل فتح اراضيها لقواعد روسية أو تسهيلات مرور الاسطول الروسي في البحر المتوسط, مقابل تزويد مصر بأسلحة روسية ...
وأميركا ساهمت بطريقة مباشرة أو مخفية بدعم اسرائيل وتقويتها , وإلا كيف تنتصر دولة صغيرة طرية العود على جيوش 3 دول عربية أو اكثر؟
ثمة اميركا يا حبيبي مختفية خلف الصورة...
المهم , احتلت اسرائيل ما تبقى من فلسطين , ثم شفطت سيناء من مصر, والجولان من سوريا , والضفة الغربية من الأردن...
والله تاريخ مخجل لحكوماتنا العربية...
لا أدري هل هو غباء ام سوء تدبير ام استهتار بمصير الأمة ...
وبالتالي دخلت القضية الفلسطينية في نفق مظلم لم يجدوا له الحل المناسب حتى يومنا هذا...
وفي مصر اثناء الحرب والخراب الذي لحق بالطيران المصري حيث تم قصفه كله على أرض المطار منذ الساعة 8 صباحا , كيف حدث هذا ؟
هل هنالك دولة في العالم تجهز للحرب , وتترك طائراتها في العراء الجناح على الجناح لتكون هدفا سهلا لقصف الأعداء؟
وكيف سيحارب الجيش المصري بلا غطاء جوي؟
يعني المعركة حسمت في أول نصف ساعة, لكن راديو صوت العرب من القاهرة ظل يبث ويقول اسقطنا 70 طائرة للعدو وحطمناهم ودمرناهم , والشعب المصري والعربي كله مخدوع ويصفق ويتأمل النصر..
هل هذه تصرفات قيادة عاقلة؟
أم تصرفات شلة من الحمقى الكذابين المغرو رين ؟
أليست نفس عقلية صدام حسين حين تحدى اميركا وجعلها تدخل العراق وتمزقه , بينما يطلق هو تصريحات نارية موجهة للعراقيين البؤساء : قاتلوهم , قاتلوا الغزاة؟
بماذا نقاتلهم ؟
بالدبابة التي اكلها الصدأ و لم يحدث لها صيانة منذ 1990؟
ام بالبنادق القديمة المنقرضة؟
وبلير وبوش المحترمين طلعوا اشاعات ان عندنا اسلحة دمار شامل و عندنا قدرة ان نقصف اميركا ولندن خلال 45 دقيقة...
هههههههه
والله شر البلية ما يضحك..
والناس هناك ماتوا من الرعب وصدقوا التقارير العظيمة ...
اميركا وبريطانيا يراقبون العراق صباح مساء بالاقمار الصناعية, ومتأكدين اكثر مني الآن, ان العراق بلد بائس محطم عسكريا , لا حول له ولا قوة....
يعني هو صدام المسكين كان في مأزق, محتار , هل يقول : يابه احنه مفلسين ما عدنا شي, أو يقول : أي والله احنه راح ندمركم..
لكن الحرب ونتيجتها, قالت كل الحقيقة ..
قالت ان أسلحة الدمار الشامل مجرد كذب , ولا علاقة بالقاعدة مع صدام ولا احداث سبتمبر المشؤومة....
ومع ذلك , هل ثمة احد تقدم واعتذر للعراقيين من ادارة بوش؟
هل قالوا انهم مستعدون للاعتذار ودفع تعويضات الخراب؟
طبعا لا..
فالسياسة ذاتها ماضية على قدم وساق لتدمير العراق
****************************
لم انتقد الحكومات العربية لأنني استهدفها , لا ليس هذا هو القصد ,
إنما تعجبي هو من هذا ال
system
المتبع في خداع الجماهير وتضليلها وتضييع احلامها هباء
وبالامس كنت أقرأ كتابا فيه مقابلة مع نعوم تشومسكي , وهو مفكر يهودي امريكي, من المفروض أنه عدوي حسب مقاييس بوش التي يشيعها ضد المسلمين...
لكنني دهشت , وجدت الرجل أقرب الى تفكيري وتفكير كثير من العرب , أكثر من قربه الى اليهود في اسرائيل, او الأمريكان في اميركا نفسها...
لقد اعاد في حديثه تقييم التاريخ الامريكي بكل المرارة التي استعملتها أنا في تقييم تاريخ بعض الحكومات العربية في التاريخ الحديث..
واكتشفت أن ثمة
system
هناك أيضا في اميركا , يشتغل صباح مساء , ثمة مهرجين وطبالين ومزمرين , كالذين كانوا حول عبد الناصر او صدام حسين , لتأليه شخصية الرئيس, وتغطية مصائبه وعيوبه ...
هههه
فعلا العالم قرية صغيرة متشابهة فيها الكلمات والأفعال...
هذا هو الوجه الجميل من العولمة ,و ليس تمزيق هويات الشعوب وسلخ جلودها في مسلخ اقتصاد السوق وحرية التجارة العالمية والخصخصة والشركات عابرة القارات, وقروض البنك الدولي وشروطه لتحطيم اقتصاد الدول التي تتعامل معه , هذه العولمة القذرة, عولمة اللصوص...
لكن ثمة عولمة جميلة هي عولمة المثقفين , واتفاقهم على وجهة نظر واحدة محددة لتقييم العالم وتفسير وما يجري فيه من مصائب..
يتفق المثقف الأمريكي اليهودي نعوم تشومسكي مع مثقف بريطاني مثل هارولد بنتر الذي فاز بجائزة نوبل للآداب , مع أي مثقف عربي مثل ادوارد سعيد رحمه الله أو أي مثقف أفريقي أو امريكي لا تيني أو اندونيسي ... سبحان الله , خطابهم واحد, وكأنهم جلسوا حول مائدة مستديرة , واتفقوا على طريقة للتعبير عما يحدث في العالم
هذه هي توارد الخواطر, هذه هي افرازات ايجابية لشيء اسمه العولمة
وليس حروب قذرة وسرقات لثروات الشعوب , وسرقة الأمل من الشعوب المضطهدة والحلم بالإستقلال وحرية صياغة المستقبل الوطني الملائم
*************************************
طيب , دائما وسائل الاعلام الأمريكية تبكي على الرئيس جون كنيدي وعبقريته , وقد صدقت هذا لفترة من الزمن, كنت اظنه من افضل الرجال , لكن نعوم تشومسكي يذكر كيف شن جون كنيدي الحرب ضد كوبا, وعزف معزوفة الأمن القومي الأمريكي, وتأزم الموقف في 1962
كانت قصة الصواريخ الروسية في كوبا , وانها ستطلق في أي لحظة أذا لم تسحب اميركا تهديداتها , يعني كان العالم على حافة حرب نووية
ثم جيش الجيوش وشن الحرب على فيتنام ..
لكن انظروا ما يقوله الخطاب الرسمي عن الرئيس جون كنيدي ؟
انه بطل مثالي مثل إله ...لا عيوب فيه ..
يعني هذه العقلية , عقلية حب الهيمنة والسيطرة والاستهتار بالمنظمات الدولية الشرعية , واختراع القصص المبالغ فيها ضد العدو القادم , هذه السياسة نفسها كانت موجودة منذ ايام الرئيس كنيدي , وليس فقط هذه الايام على زمن بوش, لكن ما الفرق ؟
الفرق ان العالم صار مثل قرية صغيرة, والناس صاروا يفتحون عيونهم ليعلموا الحقيقة من وسائل اخرى غير اذاعات حكوماتهم الكاذبة ..
يعني الناس صاروا اقل تأثرا بالدعاية التي تطلقها الحكومات لتغسل ادمغتهم كما كان يفعل هتلر وموسوليني وغيرهم من نازيين عنصريين ...
طيب ما فرق عقلية ادارة بوش عن عقلية هتلر؟
اليست نفس العقلية الضيقة المتطرفة الحاقدة على الآخر وتشوه صورته لتبرر القضاء عليه ؟
هذه الإدارة تشوه الإسلام وتجعله هدفا لها , وتلم من حولها أحزاب او تكتلات دينية متطرفة هي الاخرى من مسيحية ويهودية ’ ضيقة الافق حاقدة...
مع ان كاتبا مسيحيا مثل ادوارد سعيد رحمه الله , كان يعيش في اميركا كأستاذ في احدى جامعات نيويوك , كان ممكن ان يستغل كونه مسيحيا ليجري ويصفق ويتملق ويزور التاريخ , لكنه كان مثقفا واعيا صلبا نظيفا , ظل يدافع عن الشعب العربي والأسلام حتى آخر ايام حياته بعد غزو العراق, كان مسيحيا من القدس, لكنه رأى بعينه شفافية الإسلام ونقائه وبراءته من التهم الموجهة اليه , وظل ينتقد سياسات حكومة بوش العدوانية العنصرية المتطرفة ضد الاسلام...
وها هو نعوم تشومسكي اليهودي يدهشني يطريقة تحليله للتاريخ الامريكي الحديث , وقصة حماية الأمن القومي التي تستعمل عادة لغزو دول اخرى او اسقاط انظمة وحكوماتمن فيتنام الى تشيلي الى نيكاراغوا الى السلفادور الى غرينادا الى اندونيسيا الى يوغسلافيا الى افغانستان الى العراق...
القائمة طويلة ...
والان على الطريق : ايران وسوريا , تحت حجج واهية تافهة..
**********************************
ما يلفت نظري المصائب التي اقترفتها حكومة الرئيس ريغان والرئيس كارتر , في دول اميركا الجنوبية, التي بلاها الله بجار قوي وشرير في نفس الوقت, طبعا, دائما ترسل حملات تأديبية الى هناك لتغببر انظمة واسقاط حكومات تحت حجة حماية الامن القومي للولايات المتحدة الامريكية ...
وتبدأ هذه الحماية من تأديب الجيران القريبين مثل كوبا وتشيلي الى جيران بعيدين مثل افغانستان والعراق
( هل تشمل هؤلاء البؤساء صفة الجيران ؟)
والحقيقة أن العالم كله اصبح جيران الولايات المتحدة خلال عصر العولمة , لذلك وجب تأديب الجميع ....
يعني صورة الرئيس ريغان في الإعلام الأمريكي انه الرئيس الملاك المخلص, بينما هو شن حروبا ودمر بلدانا ومزق شعوبا , تماما كما يفعل الرئيس بوش حاليا ...
إذن, ليست الشعوب العربية وحدها هي ضحايا اعلام مخادع و
system
كاذب يزوق الموت ويرش عليه السكر كما يقول المثل ...
يعني يغطي المصائب التي ترتكبها الحكومة ويظهرها كتصرفات جميلة حكيمة تريد مصلحة البلاد والشعب,
كما حصل عندنا عندما دخل صدام حسين الكويت في 1990 معظم العراقيين لطموا على رؤوسهم وقالوا انه يقودنا الى كارثة جديدة, لكن اذاعة وتلفزيون وصحف الدولة وضعت صوره وقالت: يعيش السيد الرئيس !
الان , أريد أن اوضح نقطة مهمة تشغل بالي دائما...
شعوبنا واعية , لو جلست مع أي رجل عجوز او سائق تكسي او رجال يشربون الشاي في المقهى , في أي مدينة اوقرية نائية من الوطن العربي, ستذهل من وعيهم وادراكهم لما يحصل تماما...
ويظننا الغرب شعوبا متخلفة نائمة...
بينما , شعوب الغرب معظمها غافلة عما يحدث حولها, وعما تقترفه حكوماتها من جرائم بحق الشعوب الاخرى ..
يعني هل كان البريطانيون مدركين تماما ما كانت تفعله بريطانيا من ظلم لشعوب المستعمرات ؟
ومن نهب لثروات تلك البلدان الزراعية مثل القطن والحبوب من الهند ومصر , ومثل النفط من ايران والعراق؟
هل كانت تلك الشعوب غافلة كما يقول برتراند راسل
وهويصف شعوب الدول الامبريالية ؟
هل مازالت هذه الشعوب نائمة او لا مبالية عما تفعله حكوماتها خارج الحدود؟
كلنا نرى تحرك شعوب اوروبا واميركا ضد الحرب على العراق, لكن الحرب قامت رغما عن انف الجميع , ومازالت اصوات المعارضة للحرب ترتفع , لكن حكومة اميركا وورائها حكومة بريطانيا , مازالتا تبرران الحرب , وتستمران في تطبيق الخطة,
وما هي الخطة ؟
جلب الحرية والديمقراطية للشعوب العربية ؟
شكرا , نحن نعلم أنها مجرد مسرحية لأسقاط انظمة غير موالية ووضع انظمة موالية كما في تشيلي والسلفادور ونيكاراغوا وغيرها...
وما يحدث في العراق الآن من مسرحيات هزلية هو دليل كاف...
نحن شعوب مضطهدة من قبل حكوماتها, لكننا لسنا شعوبا غافلة او غبية , أبدا
الشعوب الغافلة والمخدوعة حقا هي الشعوب الغربية , من اميركا الى اوروبا الى كل من يصدق ما تبثه وسائل الاعلام المسمومة الكاذبة مثل التي في رواية جورج اورويل 1984
حيث تغسل عقول الناس وترهبهم في نفس الوقت, تملأ نفوسهم بالخوف والرعب الوهمي حتى يصدقوا ويساندوا الحكومة في قرارات الحروب واسقاط الانظمة في العالم , حيث تخبرهم حكوماتهم أن هذا يصب في مصلحة شعب بريطانيا والولايات المتحدة وغيرها من الشعوب المشاركة في اللعبة, ومن ضمنها الشعب في رواية جورج ارويل ...
************************************
وكما يقول نعوم تشومسكي , وكذلك كنت اقول دائما : الشعوب المضطهدة لا تسأل : ماذا نفعل ؟
هي تعرف كيف تسلك طريق الخلاص , وتمضي فيه , كما يفعل الآن شعب العراق وفلسطين ومصر وافغانستان, على سبيل المثال...
لكن الشعوب التي تحكمها دول امبريالية مثل شعب الولايات المتحدة دائما يتساءلون :
ماذا نفعل ؟
هنا يظهر العجز , والسؤال : لماذا لا يعرفون الطريق؟
هل لأن شركات الانتاج سيطرت على عقولهم وخدرتها بثقافة الأكل والنوم والإستهلاك ؟
ام وسائل الاعلام سممت عقولهم وغسلتها ؟
أم أن القصص دائما تصلهم سطحية تافهة ذات بعد واحد , وبطريقة ستيريو تايب, هذا مسلم , هذا ارهابي, هذا حاكم دكتاتوري سنهجم عليه ونسقطه , وسنعطي شعبه حرية وديمقراطية وشفافية ولاب لاب لاب....
أين الخلل , ومن يتحمل المسؤولية عما تقترفه هذه الحكومات من خطايا ؟
لا ادري , الجواب عندهم هناك...
وأشفق على شعب الولايات المتحدة , وأرى انه هو الذي يحتاج الى قوة عظمى تأتي لتزيح هذا ال
system
المسيطر عليه وتطلق حرية الشعب , ليرى النور , ليرى حقيقة الأشياء, بعيدا عن فلاتر حكومة بوش والشركات الكبرى التي تشاركه حكم البلاد والقبض على كل شيء ليكون بين يديهم ...
***************************
كما قرأت تاريخ حكوماتنا الحديثة الفاشلة وصفعني على وجهي, وأكد لي ان هذه الأمة ينبغي لها أن تقرأ الماضي وتنتقده لتحسن صناعة المستقبل, بتغيير هذه القيادات , وتغيير الخطاب الفكري والإعلامي الى آخر أكثر صدقا وشفافية , واكثر واقعية ..
كذلك أ دعو الشعوب الأوربية لدول امبريالية مثل بريطانيا والولايات المتحدة , أن تعيد قراءة تاريخها , فربما ظهر لهم أيضا ان أبطال الأمس لم يكونوا سوى مجرمون , أيديهم ملطخة بدماء شعوب اخرى مضطهدة مظلومة مسلوبة ثرواتها..
ينبغي للشعوب الغربية ان تعيد قراءة تاريخها لترى أين الحق وأين الباطل ؟
أين الصحيح وأين الكذب ؟
ولتزيح جبالا متراكمة فصلت بين الغرب والشرق...
يستثمرها الآن رجال مثل بوش وبلير , عنصريون ومنحازون , ليشنوا المزيد من الحروب, ويخلقوا المزيد من الأحقاد والفرقة بين شعوب الأرض وبين شعوبهم..
وكل ذلك تحت شعار العولمة ..
وما هي الا كذبة ,
فالعولمة الحقيقية هي التي تقرب الشعوب ولا تباعدها , حيث يتم اكتشاف الآخر عن قرب , والتودد اليه, وردم الفجوة بين الثقافات والحضارات , لتصبح الأرض كوكبا يسوده السلام والعدل والطمأنينة..
بدل الحروب والظلم وثقافة الرعب التي يسوقها بوش وادارته ومن يدور في فلكهم .....
******************************
صباح الخير..
لقد اكتشفت وتاكدت أن أكثر شيء سخيف ومتعب في هذه الدنيا هو مهنة السياسة, وان اكثر ناس ممكن أن يطولهم الفساد والإنتهازية والكذب هم الذين يعملون في السياسة..
يعني ربما هم في البداية يكونون صادقين متحمسين وعندهم رؤيا معينة , لكن بمرور الوقت, يبدأوون بالتنازل قليلا قليلا عن تلك الطموحات, و ينزلق معظمهم الى متاهات أبعد ما تكون عن بداياتهم, وينتقلون الى حالة انتهازية يسمونها واقعية , ومعناها تقديم التنازلات, وممارسة فنون الخداع والمراوغة من اجل البقاء في الساحة, يعني يتحولون الى عقلية تجار, حتى لو أفلس فهو يظل يراوغ ويستغل كل شيء من اجل البقاء, ووداعا للمباديء النظيفة والشفافية, هذه يتسلى بها الساذجون والمثاليون من الناس, أما الذي صاروا خبراء, فقد تحولوا الى أسماك قرش تقتل وتبتلع كل من يقترب منها...
يبدو ان هذا هو حال أهل الدنيا في كل زمان ومكان...
لكني استثني قادة مثل الأنبياء جميعهم فقد حملوا الرسالة الربانية وأدوا الأمانة وكانوا أوفياء حتى النهاية ..
ومن قادة أمم مثل غاندي ونهرو ومارتن لوثر كنج, هؤلاء أيضا ماتوا وهم في طور تبليغ الرسالة , قبل أن يطالهم التعب او الفساد...
لكن أين نحن الآن ؟
وما شكل قادة العالم اليوم ؟
****************************
هل يشكل الرئيس بوش نموذجا للقائد الذي يستحق ان تسير من خلفه البشرية؟
وهل هذه هي العولمة التي تحقق توحد مشاعر الناس من جميع الدول على اختلاف الأديان والأعراق والأجناس؟
طبعا لا..
هذه العولمة دخلت بلدا مثل العراق فمزقته, جعلت أخوة الأمس يقتتلون, ويفتحون ملفات الحقد القديمة وينشرون روح الإنتقام وفلسفة التفرقة : هذا لك وهذا لي, سواء في الأرض او في الثروات...
مع ان ادوات العولمة دخلت العراق بعد الحرب : موبايلات, ستلايت, انترنت..
يعني هذه عولمة تجارة وأسواق ....
لكن أين هي السعادة التي كنا نحلم بها؟؟
ألم تكن وسائل الإعلام الغربية تطبل وتزمر ان الدولة العراقية نظامها متخلف وشمولي ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة, ولا يعطي حريات عامة, ولا اتصالات مع العالم...
حسنا, ها هي الصحف والمجلات والفضائيات المختلفة تملأ العراق, ومعظم الناس امتلكت ستلايت في بيوتها وموبايلات أيضا وانترنت..
لكن أين هي السعادة والراحة؟
هي ليست مسألة تفجيرات وتدهور أمني فقط, هي مسألة بوابة انفتحت , ودخل بلدوزر حطم كل شيء في حياة العراقيين, حطم وحدتهم, ومزق هويتهم, وضيع ثوابت في حياتهم صارت الآن مصدر نقاش سخيف مثل :
هل نحن عرب ام اكراد؟
هل نحن سنة ام شيعة؟
هل نعيش متوحدين ام نتحول الى اقاليم ؟
هل نحن جزء من العالم العربي والاسلامي أم لا ؟
شيء مؤلم والله ما يحدث في العراق, ونحن هناك ندفع ثمن سياسات حمقاء يقودها قادة انانيون قساة القلوب لهم مصالح , ولا يهمهم خسائر الشعب العراقي من أرواح او استقرار نفسي لكل مواطن ...
يعني جاءتني مثلا رسالة بالبريد الألكتروني من دكتورة في القسم المعماري مسيحية كانت مدرسة ابني رائد في الكلية, وهي ارسلت لي الرد بعد ان ارسلت لها تهنئة على العام الجديد..
كانت رسالتها تطفح بالحزن , قالت أن ما يحدث في العراق منذ الحرب لحد اليوم, باعد بيننا وبين أيامنا الماضية الهادئة السعيدة كأنها مضت منذ 20 سنة...
والله استوقفتني جملتها كثيرا...
فعلا : الدمار الذي حل بالعراق, والضياع والحزن في قلوب الناس, لم تفعله بهم 8 سنوات من الحرب مع ايران, و لا 13 سنة من الحصار الظالم...
لحد سقوط بغداد , كانت معنويات الناس قوية متماسكة, تحلم بغد أفضل سيأتي يوما ما, وسيصنعه العراقيون انفسهم ذات يوم بعد ذهاب صدام...
لكن ليس بهذه الحرب الغبية التي لم تهدم العمارات وتحفر الشوارع فقط, هذه الحرب هدمت وحفرت في نفوس العراقيين آلاما واحزانا لم يروها من قبل....
تفضل وامشي في شوارع بغداد او المدن الاخرى, واسأل الناس عن يومياتهم, وعما فقدوه بسبب هذه الحرب, وعما كسبوه من هذه الحرب, وعن المستقبل القادم ومقدار تفاؤلهم به , خاصة بوجود ادارة بوش التي تدس اصابعها الخبيثة في كل شيء, فينقلب الى خراب حقيقي....
هذه هي تجربتنا هنا منذ آذار 2003 وحتى الان..
ولا يغرنكم قصص النجاح الوهمية التي تعزف عليها محطات مدفوعة الثمن مثل الحرة والسي ان ان وفوكس وغيرها, هذه مجرد بهلوانات ومهرجين يحتفلون بفوز ونصر وهمي للحرب على العراق, والحقيقة هناك
هناك في بيوت العراقيين, وفي شوارعهم, ومدنهم...
حقيقة واضحة بشعة محزنة , لكن من يملك الجرأة على ارسالها للرئيس بوش؟
هو يحتاج ويصغي لمن يصفق له فقط, وليس عنده استعداد لسماع وجهة النظر المعاكسة, ولا يقول في نفسه ربما فيها بعض الحق, دعني اصغي
والله هذا كان نفسه مرض السيد الرئيس صدام حسين حتى سقط في الهاوية, لانه لم يكن مستعدا للإصغاء لوجهة النظر المخالفة لما يجري داخل عقله من اوهام
وكذلك هتلر وموسوليني...
ولذلك , أرى أن السيد الرئيس بوش يمشي على خطاهم
وثمة هاوية تنتظره لتبتلعه , كما حصل للطغاة السابقين
هل نحزن من اجله ونشفق على مصيره؟
ام نقول بغضب : فليذهب للحجيم ؟
هذه مسألة فيها نظر....
*******************************
الثلاثاء 17 كانون الثاني 2006
مساء الخير....
لقد أحزنني وأذهلني تاريخ جمال عبد الناصر في مصر بعد ثورة 1952 ضد الحكم الملكي والإحتلال البريطاني..
في وقتها كنت لم اولد بعد, وعندما كبرت قليلا بدأت اسمع ان عبد الناصر هو بطل العرب الاسطوري الذي كانوا ينتظرونه...
وحين حدثت حرب 1967 لم أفهم بالضبط ما حصل , لكني فهمت انها كانت محبطة ومؤلمة لأبي الذي يستمع الى نشرات الأخبار وكل من يجلس معه من اقارب وأصدقاء كبار السن...
ومات عبد الناصر حين كنت في المدرسة المتوسطة, واتذكر أن المدارس كلها توقفت عن الدوام, وربما دوائر الدولة, باعتباره يوم حزين للأمة...
والآن , بعد مضي أكثر من ثلاثين سنة على وفاته, خطر ببالي صدفة ان أعرف المزيد عنه, وعن شخصيته, واسلوبه في القيادة, وكيف عامل جماعته من الضباط, وكيف عامل معارضيه, وكيف حدثت تلك الحرب 1967 مع اسرائيل وما هي الظروف التي سببت الهزيمة؟
لقد ذهلت , كأن ثمة شخص صفعني على وجهي....
قرأت كتبا مختلفة تمثل وجهات نظر خصومه أومحبيه أوضحاياه ...
لقد كان رجلا دكتاتوريا بكل معنى الكلمة !
قام بتصفية او عزل زملائه من الضباط الذين شاركوه في الثورة, كان يقرب من يفكر مثله أو يؤيده, ويهمش أو يعزل من ينتقده..
وأعدم قسما من رجال المعارضة والقى الكثير منهم في زنازين السجون تحت التعذيب
وأقام دولة الوحدة مع سوريا بشرط الغاء كل النشاطات السياسية للاحزاب الاخرى..
وورط جيشه في حرب اليمن للإستقلال, وانهك الجيش والاقتصاد المصري بلا مبرر..
ولعب على الحبال بين روسيا واميركا , كان يريد الدعم والأسلحة, لكن كلاهما تهرب منه , وكان الكثير من الضغوطات عليه من الطرفين , فلم تعرف البلاد حالة قوة واستقرار سياسي وهي تحت هذه الحالة المتذبذبة بين قطبين كبيرين...
وكان هذا أحد اهم أسباب هزيمة حزيران 1967 مع اسرائيل..
كان يظن أن اميركا لن تتدخل لدعم اسرائيل, وان روسيا ستقف الى جانبه..
كان ثمة خطأ في قراءة الواقع....
والنتيجة : روسيا وقفت تتفرج على الهزيمة, وتبتز مصر من اجل فتح اراضيها لقواعد روسية أو تسهيلات مرور الاسطول الروسي في البحر المتوسط, مقابل تزويد مصر بأسلحة روسية ...
وأميركا ساهمت بطريقة مباشرة أو مخفية بدعم اسرائيل وتقويتها , وإلا كيف تنتصر دولة صغيرة طرية العود على جيوش 3 دول عربية أو اكثر؟
ثمة اميركا يا حبيبي مختفية خلف الصورة...
المهم , احتلت اسرائيل ما تبقى من فلسطين , ثم شفطت سيناء من مصر, والجولان من سوريا , والضفة الغربية من الأردن...
والله تاريخ مخجل لحكوماتنا العربية...
لا أدري هل هو غباء ام سوء تدبير ام استهتار بمصير الأمة ...
وبالتالي دخلت القضية الفلسطينية في نفق مظلم لم يجدوا له الحل المناسب حتى يومنا هذا...
وفي مصر اثناء الحرب والخراب الذي لحق بالطيران المصري حيث تم قصفه كله على أرض المطار منذ الساعة 8 صباحا , كيف حدث هذا ؟
هل هنالك دولة في العالم تجهز للحرب , وتترك طائراتها في العراء الجناح على الجناح لتكون هدفا سهلا لقصف الأعداء؟
وكيف سيحارب الجيش المصري بلا غطاء جوي؟
يعني المعركة حسمت في أول نصف ساعة, لكن راديو صوت العرب من القاهرة ظل يبث ويقول اسقطنا 70 طائرة للعدو وحطمناهم ودمرناهم , والشعب المصري والعربي كله مخدوع ويصفق ويتأمل النصر..
هل هذه تصرفات قيادة عاقلة؟
أم تصرفات شلة من الحمقى الكذابين المغرو رين ؟
أليست نفس عقلية صدام حسين حين تحدى اميركا وجعلها تدخل العراق وتمزقه , بينما يطلق هو تصريحات نارية موجهة للعراقيين البؤساء : قاتلوهم , قاتلوا الغزاة؟
بماذا نقاتلهم ؟
بالدبابة التي اكلها الصدأ و لم يحدث لها صيانة منذ 1990؟
ام بالبنادق القديمة المنقرضة؟
وبلير وبوش المحترمين طلعوا اشاعات ان عندنا اسلحة دمار شامل و عندنا قدرة ان نقصف اميركا ولندن خلال 45 دقيقة...
هههههههه
والله شر البلية ما يضحك..
والناس هناك ماتوا من الرعب وصدقوا التقارير العظيمة ...
اميركا وبريطانيا يراقبون العراق صباح مساء بالاقمار الصناعية, ومتأكدين اكثر مني الآن, ان العراق بلد بائس محطم عسكريا , لا حول له ولا قوة....
يعني هو صدام المسكين كان في مأزق, محتار , هل يقول : يابه احنه مفلسين ما عدنا شي, أو يقول : أي والله احنه راح ندمركم..
لكن الحرب ونتيجتها, قالت كل الحقيقة ..
قالت ان أسلحة الدمار الشامل مجرد كذب , ولا علاقة بالقاعدة مع صدام ولا احداث سبتمبر المشؤومة....
ومع ذلك , هل ثمة احد تقدم واعتذر للعراقيين من ادارة بوش؟
هل قالوا انهم مستعدون للاعتذار ودفع تعويضات الخراب؟
طبعا لا..
فالسياسة ذاتها ماضية على قدم وساق لتدمير العراق
****************************
لم انتقد الحكومات العربية لأنني استهدفها , لا ليس هذا هو القصد ,
إنما تعجبي هو من هذا ال
system
المتبع في خداع الجماهير وتضليلها وتضييع احلامها هباء
وبالامس كنت أقرأ كتابا فيه مقابلة مع نعوم تشومسكي , وهو مفكر يهودي امريكي, من المفروض أنه عدوي حسب مقاييس بوش التي يشيعها ضد المسلمين...
لكنني دهشت , وجدت الرجل أقرب الى تفكيري وتفكير كثير من العرب , أكثر من قربه الى اليهود في اسرائيل, او الأمريكان في اميركا نفسها...
لقد اعاد في حديثه تقييم التاريخ الامريكي بكل المرارة التي استعملتها أنا في تقييم تاريخ بعض الحكومات العربية في التاريخ الحديث..
واكتشفت أن ثمة
system
هناك أيضا في اميركا , يشتغل صباح مساء , ثمة مهرجين وطبالين ومزمرين , كالذين كانوا حول عبد الناصر او صدام حسين , لتأليه شخصية الرئيس, وتغطية مصائبه وعيوبه ...
هههه
فعلا العالم قرية صغيرة متشابهة فيها الكلمات والأفعال...
هذا هو الوجه الجميل من العولمة ,و ليس تمزيق هويات الشعوب وسلخ جلودها في مسلخ اقتصاد السوق وحرية التجارة العالمية والخصخصة والشركات عابرة القارات, وقروض البنك الدولي وشروطه لتحطيم اقتصاد الدول التي تتعامل معه , هذه العولمة القذرة, عولمة اللصوص...
لكن ثمة عولمة جميلة هي عولمة المثقفين , واتفاقهم على وجهة نظر واحدة محددة لتقييم العالم وتفسير وما يجري فيه من مصائب..
يتفق المثقف الأمريكي اليهودي نعوم تشومسكي مع مثقف بريطاني مثل هارولد بنتر الذي فاز بجائزة نوبل للآداب , مع أي مثقف عربي مثل ادوارد سعيد رحمه الله أو أي مثقف أفريقي أو امريكي لا تيني أو اندونيسي ... سبحان الله , خطابهم واحد, وكأنهم جلسوا حول مائدة مستديرة , واتفقوا على طريقة للتعبير عما يحدث في العالم
هذه هي توارد الخواطر, هذه هي افرازات ايجابية لشيء اسمه العولمة
وليس حروب قذرة وسرقات لثروات الشعوب , وسرقة الأمل من الشعوب المضطهدة والحلم بالإستقلال وحرية صياغة المستقبل الوطني الملائم
*************************************
طيب , دائما وسائل الاعلام الأمريكية تبكي على الرئيس جون كنيدي وعبقريته , وقد صدقت هذا لفترة من الزمن, كنت اظنه من افضل الرجال , لكن نعوم تشومسكي يذكر كيف شن جون كنيدي الحرب ضد كوبا, وعزف معزوفة الأمن القومي الأمريكي, وتأزم الموقف في 1962
كانت قصة الصواريخ الروسية في كوبا , وانها ستطلق في أي لحظة أذا لم تسحب اميركا تهديداتها , يعني كان العالم على حافة حرب نووية
ثم جيش الجيوش وشن الحرب على فيتنام ..
لكن انظروا ما يقوله الخطاب الرسمي عن الرئيس جون كنيدي ؟
انه بطل مثالي مثل إله ...لا عيوب فيه ..
يعني هذه العقلية , عقلية حب الهيمنة والسيطرة والاستهتار بالمنظمات الدولية الشرعية , واختراع القصص المبالغ فيها ضد العدو القادم , هذه السياسة نفسها كانت موجودة منذ ايام الرئيس كنيدي , وليس فقط هذه الايام على زمن بوش, لكن ما الفرق ؟
الفرق ان العالم صار مثل قرية صغيرة, والناس صاروا يفتحون عيونهم ليعلموا الحقيقة من وسائل اخرى غير اذاعات حكوماتهم الكاذبة ..
يعني الناس صاروا اقل تأثرا بالدعاية التي تطلقها الحكومات لتغسل ادمغتهم كما كان يفعل هتلر وموسوليني وغيرهم من نازيين عنصريين ...
طيب ما فرق عقلية ادارة بوش عن عقلية هتلر؟
اليست نفس العقلية الضيقة المتطرفة الحاقدة على الآخر وتشوه صورته لتبرر القضاء عليه ؟
هذه الإدارة تشوه الإسلام وتجعله هدفا لها , وتلم من حولها أحزاب او تكتلات دينية متطرفة هي الاخرى من مسيحية ويهودية ’ ضيقة الافق حاقدة...
مع ان كاتبا مسيحيا مثل ادوارد سعيد رحمه الله , كان يعيش في اميركا كأستاذ في احدى جامعات نيويوك , كان ممكن ان يستغل كونه مسيحيا ليجري ويصفق ويتملق ويزور التاريخ , لكنه كان مثقفا واعيا صلبا نظيفا , ظل يدافع عن الشعب العربي والأسلام حتى آخر ايام حياته بعد غزو العراق, كان مسيحيا من القدس, لكنه رأى بعينه شفافية الإسلام ونقائه وبراءته من التهم الموجهة اليه , وظل ينتقد سياسات حكومة بوش العدوانية العنصرية المتطرفة ضد الاسلام...
وها هو نعوم تشومسكي اليهودي يدهشني يطريقة تحليله للتاريخ الامريكي الحديث , وقصة حماية الأمن القومي التي تستعمل عادة لغزو دول اخرى او اسقاط انظمة وحكوماتمن فيتنام الى تشيلي الى نيكاراغوا الى السلفادور الى غرينادا الى اندونيسيا الى يوغسلافيا الى افغانستان الى العراق...
القائمة طويلة ...
والان على الطريق : ايران وسوريا , تحت حجج واهية تافهة..
**********************************
ما يلفت نظري المصائب التي اقترفتها حكومة الرئيس ريغان والرئيس كارتر , في دول اميركا الجنوبية, التي بلاها الله بجار قوي وشرير في نفس الوقت, طبعا, دائما ترسل حملات تأديبية الى هناك لتغببر انظمة واسقاط حكومات تحت حجة حماية الامن القومي للولايات المتحدة الامريكية ...
وتبدأ هذه الحماية من تأديب الجيران القريبين مثل كوبا وتشيلي الى جيران بعيدين مثل افغانستان والعراق
( هل تشمل هؤلاء البؤساء صفة الجيران ؟)
والحقيقة أن العالم كله اصبح جيران الولايات المتحدة خلال عصر العولمة , لذلك وجب تأديب الجميع ....
يعني صورة الرئيس ريغان في الإعلام الأمريكي انه الرئيس الملاك المخلص, بينما هو شن حروبا ودمر بلدانا ومزق شعوبا , تماما كما يفعل الرئيس بوش حاليا ...
إذن, ليست الشعوب العربية وحدها هي ضحايا اعلام مخادع و
system
كاذب يزوق الموت ويرش عليه السكر كما يقول المثل ...
يعني يغطي المصائب التي ترتكبها الحكومة ويظهرها كتصرفات جميلة حكيمة تريد مصلحة البلاد والشعب,
كما حصل عندنا عندما دخل صدام حسين الكويت في 1990 معظم العراقيين لطموا على رؤوسهم وقالوا انه يقودنا الى كارثة جديدة, لكن اذاعة وتلفزيون وصحف الدولة وضعت صوره وقالت: يعيش السيد الرئيس !
الان , أريد أن اوضح نقطة مهمة تشغل بالي دائما...
شعوبنا واعية , لو جلست مع أي رجل عجوز او سائق تكسي او رجال يشربون الشاي في المقهى , في أي مدينة اوقرية نائية من الوطن العربي, ستذهل من وعيهم وادراكهم لما يحصل تماما...
ويظننا الغرب شعوبا متخلفة نائمة...
بينما , شعوب الغرب معظمها غافلة عما يحدث حولها, وعما تقترفه حكوماتها من جرائم بحق الشعوب الاخرى ..
يعني هل كان البريطانيون مدركين تماما ما كانت تفعله بريطانيا من ظلم لشعوب المستعمرات ؟
ومن نهب لثروات تلك البلدان الزراعية مثل القطن والحبوب من الهند ومصر , ومثل النفط من ايران والعراق؟
هل كانت تلك الشعوب غافلة كما يقول برتراند راسل
وهويصف شعوب الدول الامبريالية ؟
هل مازالت هذه الشعوب نائمة او لا مبالية عما تفعله حكوماتها خارج الحدود؟
كلنا نرى تحرك شعوب اوروبا واميركا ضد الحرب على العراق, لكن الحرب قامت رغما عن انف الجميع , ومازالت اصوات المعارضة للحرب ترتفع , لكن حكومة اميركا وورائها حكومة بريطانيا , مازالتا تبرران الحرب , وتستمران في تطبيق الخطة,
وما هي الخطة ؟
جلب الحرية والديمقراطية للشعوب العربية ؟
شكرا , نحن نعلم أنها مجرد مسرحية لأسقاط انظمة غير موالية ووضع انظمة موالية كما في تشيلي والسلفادور ونيكاراغوا وغيرها...
وما يحدث في العراق الآن من مسرحيات هزلية هو دليل كاف...
نحن شعوب مضطهدة من قبل حكوماتها, لكننا لسنا شعوبا غافلة او غبية , أبدا
الشعوب الغافلة والمخدوعة حقا هي الشعوب الغربية , من اميركا الى اوروبا الى كل من يصدق ما تبثه وسائل الاعلام المسمومة الكاذبة مثل التي في رواية جورج اورويل 1984
حيث تغسل عقول الناس وترهبهم في نفس الوقت, تملأ نفوسهم بالخوف والرعب الوهمي حتى يصدقوا ويساندوا الحكومة في قرارات الحروب واسقاط الانظمة في العالم , حيث تخبرهم حكوماتهم أن هذا يصب في مصلحة شعب بريطانيا والولايات المتحدة وغيرها من الشعوب المشاركة في اللعبة, ومن ضمنها الشعب في رواية جورج ارويل ...
************************************
وكما يقول نعوم تشومسكي , وكذلك كنت اقول دائما : الشعوب المضطهدة لا تسأل : ماذا نفعل ؟
هي تعرف كيف تسلك طريق الخلاص , وتمضي فيه , كما يفعل الآن شعب العراق وفلسطين ومصر وافغانستان, على سبيل المثال...
لكن الشعوب التي تحكمها دول امبريالية مثل شعب الولايات المتحدة دائما يتساءلون :
ماذا نفعل ؟
هنا يظهر العجز , والسؤال : لماذا لا يعرفون الطريق؟
هل لأن شركات الانتاج سيطرت على عقولهم وخدرتها بثقافة الأكل والنوم والإستهلاك ؟
ام وسائل الاعلام سممت عقولهم وغسلتها ؟
أم أن القصص دائما تصلهم سطحية تافهة ذات بعد واحد , وبطريقة ستيريو تايب, هذا مسلم , هذا ارهابي, هذا حاكم دكتاتوري سنهجم عليه ونسقطه , وسنعطي شعبه حرية وديمقراطية وشفافية ولاب لاب لاب....
أين الخلل , ومن يتحمل المسؤولية عما تقترفه هذه الحكومات من خطايا ؟
لا ادري , الجواب عندهم هناك...
وأشفق على شعب الولايات المتحدة , وأرى انه هو الذي يحتاج الى قوة عظمى تأتي لتزيح هذا ال
system
المسيطر عليه وتطلق حرية الشعب , ليرى النور , ليرى حقيقة الأشياء, بعيدا عن فلاتر حكومة بوش والشركات الكبرى التي تشاركه حكم البلاد والقبض على كل شيء ليكون بين يديهم ...
***************************
كما قرأت تاريخ حكوماتنا الحديثة الفاشلة وصفعني على وجهي, وأكد لي ان هذه الأمة ينبغي لها أن تقرأ الماضي وتنتقده لتحسن صناعة المستقبل, بتغيير هذه القيادات , وتغيير الخطاب الفكري والإعلامي الى آخر أكثر صدقا وشفافية , واكثر واقعية ..
كذلك أ دعو الشعوب الأوربية لدول امبريالية مثل بريطانيا والولايات المتحدة , أن تعيد قراءة تاريخها , فربما ظهر لهم أيضا ان أبطال الأمس لم يكونوا سوى مجرمون , أيديهم ملطخة بدماء شعوب اخرى مضطهدة مظلومة مسلوبة ثرواتها..
ينبغي للشعوب الغربية ان تعيد قراءة تاريخها لترى أين الحق وأين الباطل ؟
أين الصحيح وأين الكذب ؟
ولتزيح جبالا متراكمة فصلت بين الغرب والشرق...
يستثمرها الآن رجال مثل بوش وبلير , عنصريون ومنحازون , ليشنوا المزيد من الحروب, ويخلقوا المزيد من الأحقاد والفرقة بين شعوب الأرض وبين شعوبهم..
وكل ذلك تحت شعار العولمة ..
وما هي الا كذبة ,
فالعولمة الحقيقية هي التي تقرب الشعوب ولا تباعدها , حيث يتم اكتشاف الآخر عن قرب , والتودد اليه, وردم الفجوة بين الثقافات والحضارات , لتصبح الأرض كوكبا يسوده السلام والعدل والطمأنينة..
بدل الحروب والظلم وثقافة الرعب التي يسوقها بوش وادارته ومن يدور في فلكهم .....
******************************