Sunday, August 14, 2005

 
الأحد 14 آب 2005
صباح الخير...
مشغولة هذه الأيام بترتيب أوضاع العائلة بعد القرار بالإستقرار هنا مؤقتا حتى تهدأ الأوضاع في بغداد...
عندما تتعرض حياة أحد أفراد العائلة للخطر, يصبح قرار المغادرة هو الأكثر عقلانية, حيث لا نتحمل صدمة جديدة وضحية جديدة.
الآن انظر للعراق من بعيد كأي عراقي قسرته وأرغمته الظروف على مغادرة من يحب , وما يحب, وهو شعور مؤلم غاية الألم, كل يوم أسأل نفسي : ترى متى نعود الى بيتنا؟
ولا اجد جوابا.....
الأخبار ما زالت محبطة ومتدهورة يوما بعد يوم....
واتخيل بيتنا مظلما لا صوت فيه, والأثاث علاه الغبار...
والجيران والأصدقاء يتذكروننا كما نتذكرهم, ويتمنون لقاءنا كما نتمنى...لكن هيهات...
لا ندري متى سيطول الرحيل عن العراق, سنة, إثنتان ؟
خمسة؟ عشرة ؟
الله اعلم....
وأقول لنفسي مواسية : لسنا أول شعب يهاجر مرغما , هذه صارت قصة مألوفة هنا وهناك بين شعوب اوروبا وآسيا وأفريقيا وغيرها...وكلنا ضحايا صراعات ونزاعات تتحكم بها أقليات ظالمة أنانية لا يهمها سوى مصالحها...
*****************************
هذه الأيام سيصدر الدستور الجديد في العراق.
حيث ستكرس فيه روح الطائفية والإنفصالية , واتفقوا مبدأيا أن يكون اسم العراق الجديد , جمهورية العراق الإتحادية, والأكراد يسعون لنيل جزء يخصهم غني بالنفط ليكون مكسبا ماديا كبيرا, وجزء من قادة الشيعة , ينادون بدولة شيعية تشمل مناطق آبار النفط في محافظات الجنوب, وكلاهما طبعا سيطبق الإقتصاد الحر و الخصخصة لدوائر الدولة , وسيعطون الإمتيازات لشركات نفطية غربية ( هل ممكن تكون غير امريكية؟) وهكذا تكون الحرب على العراق قد بدأت تحصد اول الثمار لمن خطط لها أو نفذها
أما الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان, فقد تبين انها مفردات تستعمل للتغطية فقط.
حيث كانت وسائل الإعلام الغربية تتباكى على العراقيين وتظهر نظام صدام حسين كأسوأ نظام في القرن العشرين , حيث يختفي الناس ولا يعلم اقاربهم أين هم, ويتم تعذيبهم في سجون ومعتقلات لا ترى النور, ولا يدخلها محامون للدفاع عن المتهمين,
والفساد الإداري والرشاوي منتشرة في العراق حيث فئة قليلة غنية تتحكم بموارد البلاد, والشعب جائع ,وصفقات النفط مقابل الغذاء وسرقات من ميزانية الدولة, والشعب العراقي محروم من خدمات كالماء والكهرباء والخدمات الصحية وغيرها...
والآن , ماذا تبدل على العراقيين؟
اليست المعتقلات ممتلئة بالأبرياء, ويتم تعذيب الناس ليعترفوا بجرائم لم يقترفوها, ويظهروهم على شاشات التلفزيون المحلي ليثبتوا بطولات الحكومة ووطنيتها في الدفاع عن العراقيين؟
اليس الفساد الإداري والسرقات سارية المفعول من عراقيين وغير عراقيين؟
اليس العراقيون مازالوا محرومين من الخدمات واحترام انسانيتهم ؟
الحر قاتل في الصيف حيث درجات الحرارة تصل الى 50 درجة مئوية واكثر, والكهرباء مقطوعة ولا تاتي الا ساعات لا تتجاوز الستة خلال 24 ساعة؟
لكن وسائل الإعلام الغربية صامتة , بل ترسل قصصا عن العراق الجديد وتقول ان اهله سعداء بالتغيير ويؤيدوه, وان ثمة( اعداء للديمقراطية) يعارضون الحكومة او يهاجمون قوات الإحتلال والحكومة ومن يعمل معهم.
الفرق الحقيقي هو , أن هذه الوجوه العراقية الجديدة متعاونة مع تطبيق نظرية النظام العالمي الجديد, والعولمة, والخصخصة, والإقتصاد الحر, التي كانت أهم أسباب الحرب على العراق. وصدام حسين كان غبيا غير متعاون.....
اما أساليب التعامل مع العراقيين , فلم تختلف, بل زالت حدة وقسوة, حيث تحطم ابواب البيوت ليلا, وتقتحم البيوت بدون إذن قانوني, ويداس على رؤوس الرجال بالأحذية, وتقيد أيديهم, وتوضع اكياس على رؤوسهم, والنساء والأطفال يبكون ويصرخون
هل ثمة إهانة لحقوق الإنسان اكثر من هذه؟
ثم, في معظم الحالات, يطلق سراح الرجل لانه بريء !!
ألم تعلمكم أميركا الشريكة سيدة الديمقراطية وحقوق الإنسان , بعد , أن تعاملوا الناس بطريقة أفضل؟
******************************************
قرأت في تقرير لأحد الاحزاب الأردنية في جريدته التي تصدر في الأسواق.
ان عمر احتياطي البترول الأمريكي يصل الى 11 سنة.
وان عمر احتياطي البترول العراقي يصل الى 127 سنة.
واصابني الإحباط اكثر, لأنني ظننت أن احتياطي النفط العراقي هو 50 أو 60 سنة, وكنت أقول سينتهي النفط وينقلعون من العراق بلا رجعة بعد 50 سنة, اما بعد رؤية هذه الأرقام, فيبدو ان بقاءهم سيطول الى اكثر من 100 عام.
من سيخرجهم من العراق ويعيد له بهاءه واستقلاله؟
**************************************
التقرير السابق الذي ذكرته تكلم عن خطط اميركا للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط الكبير, يعني تقريبا من أفغانستان ثم ايران والعراق وسوريا والى آخر الدول العربية في افريقيا ( مصر, تونس, الجزائر ليبيا,
طبعا هنا منابع البترول, ثم وضع قدم ثابتة لمواجهة خطر الصين القادم والمتنامي, وخطر الأسلحة النووية في ايران والهند وباكستان وغيرها....
الآن , أريد اعادة قراءة التاريخ منذ سقوط الإتحاد السوفيتي , او منذ بداية التسعينات من القرن الماضي.
بدات حروب تقسيم دول الإتحاد السوفيتي مثل البوسنة والهرسك, ثم يوغسلافيا, وتم اعادة رسم خريطة العالم هناك بتقسيمات جديدة ممكن السيطرة عليها ولها ولاء للغرب.
ثم بدات تنظيرات مفكري الغرب مثل هنتغتون أن الخطر القادم هو الإسلام في مقالته التي كتبها حوالي 1993 على ما أتذكر.
كنت أقول دائما , وربما كلنا نقول : لماذا ؟
ما شاننا نحن لنصطدم بالغرب؟
لكن الان فهمت...
الخطة هي السيطرة على الشرق الأوسط , حيث منابع البترول, ومركز استراتيجي لكسر شوكة الدول القوية ...
اذن, من هي القوة التي تواجه خطة النظام العالمي الجديد والعولمة وتعيقها؟
من غير الإسلام هنا في الشرق الأوسط؟؟
إذن نعلن الحرب على الإسلام, نشوهه ونمزقه ونظهره بمظهر المجرم المتخلف الذي يمتلك عقلية الظلام والقرون الوسطى وعدم حبه لجيرانه , وعدوانيته ضد كل من هو غير مسلم , الخ من خرافات واكاذيب.....
وتبدا الحملة إعلاميا اولا...الصحف والمجلات والتلفزيونات والإذاعات كلها تتكلم ضد الإسلام, وثمة حملة مسعورة لتشويهه....
ثم جاءت تفجيرات سبتمبر لتكمل القصة...
هل حقا المسلمون اغبياء لهذا الحد واعطوا المبررات المطلوبة للهجوم عليهم؟
**********************************
ثم جاءت الحرب على افغانستان, وقصف سريع وضربات جوية, وعزلت طالبان, وجاء كرزاي , وانتهت القصة هناك...
لكن الحرب على العراق مختلفة...
لم تتم الطبخة سريعا ويستسلم العراق ويضعوا كرزاي جديد كما تمنوا , فتعقدت الأمور, وطالت....
فبدأت الخطط الجهنمية تظهر , للسيطرة على الشارع العراقي...
تقسيم الناس الى سنة وشيعة واكراد...
والمضحك في الموضوع ان غالبية الأكراد سنة, لكن العرقية طغت على تصنيفهم بدل الدين.
وبالنسبة للقيادات الدينية, يوجد في العراق قيادات ضد الإحتلال , تم اعتقالها او تهميشها او اغتيالها , أو تشويه صورتها في وسائل الإعلام مثل الصدر, لأنه بصراحة قال أنه ضد الإحتلال الاجنبي للعراق.
توجد قيادات دينية اخرى, فضلت الإنتهازية ومصلحتها على قول الحق, وأيدت وجودالإحتلال ما دام ثمة مصالح وامتيازات ستاتي...
أين الإسلام هنا؟
إذن الموضوع واضح, ليس كل الإسلام ضد الغرب..
ثمة قيادات انتهازية تتودد للغرب, عراقية وغير عراقية, مثل حكومة باكستان, واندونيسيا وماليزيا, وكثير من حكومات عربية, يلبس رؤساؤها الزي العربي الإسلامي في بلادهم, ويخلعونه في الغرب, ويجلسون مع قيادات النظام العالمي الجديد, يشربون الأنخاب, او يلعبون القمار, ويضعون اموال بلادهم في بنوك اميركا ,هؤلاء ليسوا اسلاميين مكروهين, هؤلاء ليسوا ارهابيين, هؤلاء معتدلين حبابين, يريدون الرضى في قلوب اصحاب نظرية النظام العالمي الجديد.
اما من يعترض على تلك النظرية, فهو ارهابي...
ندبر له المكائد لندمره ونشوه سمعته وننفيه من الأرض, مكانه المناسب في زنازين مظلمة, او في القبر....
هل حقا ارتكب المسلمون المعارضون لخطط العولمة تفجيرات لندن؟
هل اعطوا لحكومة بلير المبرر لطردهم وسحب الجنسية؟
أم ان مجرد الكلام والإعتراض على ما يحدث , صار تهمة؟
و ماذا عن التفجيرات الغامضة؟
ثم ما قصة موضة هذه المواقع على الإنترنت التي تصدر البيانات والتهديدات ومسؤوليتها عن التفجيرات هنا وهناك
ثم يدفع ثمنها كل رجال الدين المسلمين غير المتملقين والمنافقين؟
مثل قصة رجال الدين المسلمين الذين أبعدوا من بريطانيا بعد التفجيرات
وبعد بيانات سخيفة منسوبة للظواهري على الإنترنت
ما هو الدليل على أرض الواقع على تورط هؤلاء الناس بعمل إرهابي؟
أليس في هذا إفتراء واضح وتبلي على العباد ؟
واضح أن حقوق الإنسان هي كلمات يلعبون بها كما يحلو لهم وحسب مزاجهم
والله أرى الديمقراطيات الغربية صارت مهزلة ومخجلة
هل هذه هي الحقيقة؟
لا ديمقراطية على أرض الواقع حين تصطدم قوانين حقوق الإنسان مع مصالح الأقوياء المتنفذين ؟....
******************************
إذن ليس كل الإسلام مستهدف...
مستهدف منه الجزء الذي يعترض على ما يجري في العراق أو افغانستان او فلسطين او غيرها...
ومطلوب منهم السكوت , او المباركة...
*********************************
في العراق قواعد اللعبة واضحة...
ثمة معارضة ضد وجود الإحتلال...
هذه المعارضة تستهدف قوات الإحتلال, والحكومة العراقية المتعاونة والموافقة على وجود هذه القوات, والشرطة العراقية التي تقتحم البيوت وتعتقل الناس بإشراف قوات الإحتلال, وكل مقاول أو مترجم او شخص يعمل مع هذه القوات ويؤيد وجودها...
لو كانت الصورة واضحة هكذا , لقال الناس في الشرق والغرب : يا عمي اطلعوا, العراقيين لا يريدونكم, اتركوهم يختاروا حكومتهم , ويبنوا جيشهم وشرطتهم بدون تدخلكم.
لكن , لتغطية تلك الصورة التي تزعج اصحاب العولمة والسوق الحر والخصخصة
فقد دخلت قصة السيارات المفخخة العجيبة التي لا صاحب لها, تتفجر عن بعد ,
او بسائق لا يدري ما بها , كما نسمع من القصص اليومية في العراق.
هذه التفجيرات, تغطي على المقاومة المشروعة, وتصبغ كل الصورة بدم الأبرياء المدنيين الذين لا ذنب لهم.
فيتوه المتفرج ولا يفهم ما يحدث , وهذه العمليات البشعة, تبرر بقاء قوات الإحتلال بحجة محاربة الإرهاب....
لا شيء يبرر بقاء الإحتلال ا لحد الآن, سوى هذه العمليات.
هل يقترفها عراقيون يحبون الإحتلال ويريدون بقاءه؟
هل يقترفها عراقيون يكرهون الإحتلال ويريدون خروجه؟
وايضا قصة الزرقاوي وموقعه على الأنترنت وتهديداته وتصريحاته
وكلنا يتساءل منذ أكثر من سنتين هل هو موجود حقا في العراق؟
وما هو الدليل على ارض الواقع؟
أين تنظيمه ورجاله؟
هل رآهم احد من العراقيين؟
لا نريد اعتماد القصص الوهمية في وسائل الإعلام الرسمية فهي ما عادت جديرة بالثقة
ودائما قوات الإحتلال تاخذ التصريحات على الإنترنت ماخذ الجد
وتداهم المدن العراقية التي فيها مقاومة بحجة البحث عن الزرقاوي المتوحش
والله أراهم حفنة من فاشلين وبائسين
الناس ملت من سماع قصصهم الوهمية السخيفة
الأ يبدون مثل قصة دون كيشوت المشهورة وهو عبارة عن رجل شبه مجنون يقاتل أعداء وهميين
ويشهر سيفه بوجه طواحين الهواء , يظنها هي الأعداء
**********************************
من النظر الى تجارب دول تعيش جنبنا , نتعلم ونفهم...
الحرب الأهلية في لبنان 1973استمرت 15 سنة.
والنتيجة؟
خرجت المقاومة الفلسطينية من لبنان, هذا هو المطلوب منذ البداية حتى النهاية.
تفجير موكب الحريري في لبنان 2005وقتله, النتيجة ؟
خرجت القوات السورية من لبنان, هذا هو المطلوب...
تفجيرات في جامعة بغداد سنة 1980 والوضع متوتر مع ايران..وضحايا وقتلى من طلاب عراقيين , كانت سببا لشن الحرب على ايران لمدة 8 سنوات.
هذا هو المطلوب منذ البداية, انهاك العراق وايران واستنزافهما, من المستفيد؟
تفجيرات سبتمبر 2001, ثم الحرب على افغانستان والحرب على العراق
ما هو المطلوب هنا ؟؟

السؤال : في كل هذه الحالات ألم يمكن ضبط النفس , وتجنب الحروب والقتل والدمار؟
لماذا التهور والركض وراء العواطف السخيفة والأحقاد وإثارة الناس للمطالبة بالإنتقام؟؟
الحقيقة ان الناس الذين يعطون الضوء الأخضر للإنتقام, هم الحمقى الذين تم الضحك عليهم, وايهامهم أن هذه الحرب , أي حرب كانت, قد قامت بإسمهم...والحقيقة أن لكل حرب هدف غير معلن وهو الحقيقي....وأهداف كثيرة معلنة يتسلى بالحديث عنها المغفلون في اوقات عملهم أو فراغهم......
*********************************
الأهداف من الحرب على العراق باتت واضحة....
تطبيق العولمة, والسوق الحر في العراق, واستثمار النفط لشركات اجنبية, وبقاء قواعد عسكرية في العراق لعشرات السنين بحجج مختلفة, وجعل العراق هيكلا فارغا من كل قيادات وطنية فعلية.....حتى الذين يجلسون على الكراسي المهمة, صلاحياتهم محدودة...
القيادة الفعلية بيد قادة النظام العالمي الجديد....
والعراق ينبغي ان يكون جزءا من هذا النظام العالمي الجديد....هذه هي الفكرة.
مرة أخرى :من سيخرجهم من العراق ويعيد له بهاءه وحريته واستقلاله؟
هذا هو السؤال الذي سيبقى معلقا الى عشرات السنين ربما , وهو ينتظر الجواب....



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives