Saturday, February 12, 2005
السبت 12شباط 2005
صباح الخير....
الجو في عمان ما زال ممطرا مع ضباب....
الأسبوع الماضي كان مليئا بالبرد والأمطار منذ بدايته ,ثم نزل الثلج.
بيتنا في منطقة مرتفعة, أحب رؤية الثلج ينزل,لكني لا احب الحبس في البيت وتعطيل الأعمال الكثيرة التي نويت انجازها ذلك اليوم.
نزلت للسوق واشتريت مزيدا من ملابس شتوية ثقيلة ,لأن البرد شديد جدا, وكل الناس يسألون : عندكم برد مثل هذا في بغداد؟
وأضحك وأقول : لا , عندنا حر شديد في الصيف مثل هذا البرد الشديد , وكلاهما لا يطاق.
الإعتدال جميل...في الطقس...والمباديء..واسلوب الحياة.
والتطرف غير محبوب , أيضا في الطقس والمباديء وطريقة الحياة.
أظن العراقيون المقيمون في عمان فرحوا برؤية الثلج لأول مرة, منظر مدهش بالنسبة لهم.
وكما تقول اختي المقيمة بعد الحرب هنا ,وهي تضحك, رأينا حروب وصواريخ ورعب في بغداد, ثم زلزال العام الماضي هنا,ثم ثلوج هذه السنة ...
ههه...نعيش لنرى أشياء كثيرة.
**********************************
هذه الأيام بداية السنة الهجرية ...
تذكرنا بهجرة الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة, الى المدينة, ليبتعد عن مواجهة ظروف قاسية كان يتعرض لها هو والمسلمون الجدد حيث كانوا ضعفاء, لا يقدرون على مواجهة قريش الظالمة المتجبرة التي تحاصرهم وتضايقهم من العيش بسلام ونشر دعوة الدين.
هاجر المسلمون الأوائل وتركوا بيوتهم وممتلكاتهم لينجو بدينهم وأنفسهم وعوائلهم الى مدينة آمنة, مؤقتا, حتى تتحسن الظروف.
والله أرى كأن العراقيين يعيشون نفس الحالة الان....
البعض هاجر لينجو بدينه من الفتنة, من كثر المصائب والظلم الذي رآه , خاف ان يشك في عدالة الله أو وجوده , فهاجر الى بلد آمن, حتى يحافظ على إيمانه بالله.
والبعض هاجر ليحمي نفسه وعائلته من الأذى, والبعض هاجر خوفا على أمواله و ممتلكاته...
وأواسي نفسي وأصبرها على فراق بغداد وكل ما أحب فيها, وأقول لها: عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
عسى أن نستفيد من هجرتنا مزيدا من العلم والمعرفة والتجربة, لنعود ونساعد في بناء وطن جديد , وطن حر مستقل ديمقراطي, متطور في كل ما نقدر عليه, دون فقدان جذورنا وهويتنا…
*************************************
نتائج الإنتخابات لم تظهر بعد بشكل نهائي.
لكن ثمة مؤشرات أولية...
إن كانت حقا قائمة الشيعة هي الغالبية, ثم الأكراد, ثم غيرها مثل إياد علاوي, فهذه مؤشرات مبدأية حقيقية من أرض الواقع.
الظروف كانت ممتازة وهادئة نسبيا للناخبين الشيعة في محافظات الجنوب, وللأكراد في محافظاتهم.
وقوائمهم ستكون لها الأولوية في الفوز, منطقيا.
أما قوائم أخرى مثل إياد علاوي والياور والباجه جي, فقد تأخذ نسبا منخفضة, لأن لا غالبية كبيرة تدعمها كما يحدث مع الشيعة والأكراد.
والمفروض أن الحكومة القادمة ترتب أمورها لتكون خليطا منسجما من مختلف ألوان الشعب العراقي (أديان,وطوائف, وأعراق
واتمنى ان يستلم القيادة رجال ونساء هادئون منصفون, لا يختارون العنف والتمييز كأسلوب للحوار, ويحبون العراق وشعبه أولا وأخيرا....ويعملون لمصلحته أولا وأخيرا.
****************************************
أظن أن العراق يحتاج الى سنة أخرى حتى تتوضح الصورة .
الحكومة الجديدة أمامها تحديات كثيرة, مثل الملف الأمني وهو أهم المواضيع التي تستحق المعالجة بجدية وواقعية, ثم ملف الفساد الإداري ووضع حلول واقعية لإيقافه من الإنتشار وتخريب البلاد, ثم كتابة الدستور الجديد , ثم النهوض بإقتصاد البلاد المحطم, وإعادة الحياة اليه , وبداية مشاريع بناء البنية التحتية للبلاد (ماء كهرباء مجاري…)
وما يتعلق بها من مدارس ومستشفيات في مناطق بعيدة محرومة من هكذا خدمات.
العراق بحاجة لحملة إعمار وبناء طويلة المدى… لعشرات السنين ,وبحاجة لخبرات العراقيين وإعطائهم الأولوية في بناء بلادهم, ولا بد من وجود استشاريين عرب أو أجانب لمساعدتهم في مجالات كثيرة.
هكذا أرى المستقبل…
تحسن الحالة الأمنية هي المفتاح الأول للدخول الى المستقبل.
وضبط الفساد الإداري في الجهاز الحكومي وغيره من أجهزة مسؤولة عن تنفيذ برنامج العمل لصناعة مستقبل العراق الجديد, هذا هو المفتاح الثاني…
وكل الأبواب بعدها ستكون مفتوحة بسهولة وأمان , إن شاء الله.
المفروض ان الشعب هو الذي انتخب هذه الحكومة, ويحق له مراقبتها ومحاسبتها على ما أنجزته من وعودها لتوفير حياة كريمة للعراقيين…هذه هي الخطوة رقم واحد من حصاد الديمقراطية.
الديمقراطية ليست فقط صناديق اقتراع واوراق واسماء وكاميرات وصحافة وخطب حماسية.
الديمقراطية هي اسلوب حياة يتعلمه الناس, والحكومات, ولغة حوار بين الطرفين.
أتمنى أن يرى العراقيون الخير من هذه التجربة الجديدة في حياتهم, والوجوه الجديدة التي ستأتي لإستلام المسؤوليات.
قلوبنا متعبة , ولكنها ما زالت مفعمة بالأمل ان ما سيأتي….سيكون أفضل من الذي مضى.
أما الإحتلال , فلا بد من وجود جدولة إنسحاب خلال السنوات القليلة القادمة.
أؤمن بفكرة : يد تبني العراق, ويد تدفع الإحتلال للخروج من العراق.
*************************************************
أقرأ في كتاب عن النساء والحروب الأهلية
.women and civil war
المؤلف إسمه
Krishna Kumar
الكتاب فيه دراسة عن مجتمعات حدثت فيها حروب اهلية,مثل رواندا, كمبوديا, جورجيا,البوسنة والهرسك, غواتيمالا والسلفادور.
المخاطر التي تواجه النساء هي ذاتها في كل الحالات, الخوف على عوائلهن واطفالهن من القتال والعنف حتى وهن يختبئن في البيوت, ثم الأذى والجروح النفسية التي تصيبهن بفقدان أحد من العائلة, أو تهجيرهن مع أطفالهن الى مخيمات, والتهديد النفسي والرعب وفقدان الشعور بالأمان, ثم الحوادث القاسية التي ممكن أن يتعرضن لها خلال
الإشتباكات, حيث يستعمل سلاح الإعتداء على النساء بطريقة واضحة لتهجير العوائل والتطهير العرقي كما حدث ضد المسلمين في البوسنه, وضد النساء في رواندا , في الصراع العرقي بين القبائل هناك.
ثم تاتي مسألة المتاجرة بالنساء , داخل البلاد, أو للخارج, وطبعا العصابات يقودها رجال أشرار عادة.
لست ضد الرجال عامة أو أحرض ضدهم, لكني أرى هنا بوضوح صعوبة وخصوصية وضع النساء في اوقات الحروب والنزاعات.
ثم يفقدن أزواجهن, فيواجهن مصيرا صعبا حيث مسؤولية العائلة ومستقبل الأطفال على أكتافهن.
وسيعملن حتى يوفرن الطعام للمائدة, وسيقمن بدور الام والأب لتعويض غيابه عن العائلة.
أراهن مسحوقات من قسوة الحياة, وبحاجة لمن يمد يد العون لهن من اجل حياة افضل, ومن أجل تعويضهن عما رأينه من آلام.......
****************************
أنظر للعراقيات وأرى ذات التاريخ والألم , رأينه في الحرب مع إيران وفقدان الأزواج والأخوة والأبناء والآباء.
وكيف كان عليهن العمل لتعويض فقدان المعيل...
ثم قسوة الحياة بعد حرب الكويت, والحصار الإقتصادي كم ضيق فرص العيش الكريم, فباعت العوائل ممتلكاتها من بيوت وأراضي ثم أثاث. وعانت المرأة ما عانت من جوع وظلم وفقر...
وإن كان الزوج عاطلا عن العمل, معاناتها شديدة إن لم يكن هنالك دخل آخر للأسرة وهي لا تقدر أن تحسن من ذلك الوضع, وربما كان الزوج مدمنا على الكحول ويستنزف الدخل على حماقاته.
وربما اضطرت أن تعمل خادمة في البيوت لتعيل اطفالها.
وربما اضطر قسم منهن الى اللجوء للرذيلة, والمتاجرة باجسادهن, خصوصا إن كن بلا تعليم أو ثقافة.
وبعد هذه الحرب الأخيرة, تكررت ذات الآلام في المجتمع, من فقدان المعيل للعائلة, والفقر والحاجة, وطبعا تم تهجير عوائل الفلوجة وغيرها من مناطق الإشتباكات الى خيام أو جوامع او هياكل, الحمد لله, النساء لم يتعرضن لإعتداآت جسدية من عراقيين, الحمد لله, لم تحدث هكذا أشياء بشعة رغم كل الفتن الطائفية التي أراد البعض إشعالها بيننا.
فقط حوادث سجن أبو غريب أحزنتنا وصدمتنا, ولم يقترفها عراقيون.
لكني أرى والحزن يشق قلبي, فضائيات عربية جديدة في الخليج, راقصاتها معظمهن عراقيات شابات يلبسن ملابس شفافة وخليعة, وأتذكر ما يقوله الكتاب السابق ذكره عن إزدهار تجارة النساء وقت الحروب.هؤلاء النساء ضحايا ..يحتجن الى من يوقف التجارة بهن, وإعادة تأهيلهن, وتعليمهن مهن شريفة ليعشن حياة كريمة.
لو فتحت ملفا للنساء العراقيات وحاجاتهن , لوجدته كأنه له بداية, وليس له نهاية.....
********************************
ثمة موضوع يثير في نفسي السؤال والريبة.
لماذا نساء عربيات او عراقيات يفتحن موضوع الحجاب ويوجهن ضده إنتقادات على صحف غربية ؟
هذا موضوع حساس ومهم, وينبغي مناقشته في بلادنا, لنرى الصحيح من الخطأ.
أما فتح النار على الحجاب هناك في صحف الغرب, فهو نوع من الجبن والنفاق والتملق.
لماذا أدغدغ مشاعر الغرب أنكم افضل منا, وثقافتكم أفضل؟
لماذا لا نناقش أمورنا مع بعضنا لنصل الى نتيجة؟
مثل عائلة واحدة, فيها وجهات نظر مختلفة, ما هو التصرف الحكيم؟
ننشر خلافاتنا أمام العالم, أم نناقشها بطريقة هادئة عقلانية بلا تملق ونفاق, حتى نحل المشكلة ونصل الى إتفاق معقول.
نعم, حجاب المرأة حسب وجهة نظري مطلوب, كعلامة إحتشام وأحترام.
أنا شخصيا محجبة, ووضعته بقناعتي الكاملة منذ سنتين.
ولم يقف يوما ضد طموحاتي أو مهنتي أو أثر على شخصيتي وتفكيري, بل أظنه أعطاني ثقة أكثر بالنفس للتحرك في مجتمع محافظ مثل مجتمعاتنا.
الحجاب مرتبط بطبيعة المجتمع, وتاريخه وثقافته وإرث كبير...لا يمكن تجاهله بسهولة.
لكن ممكن نناقش طريقة هذا الحجاب وتأثيره على النساء, تفكيرهن, ثقافتهن,مشاركتهن في المجتمع.
لا أحب الحجاب الذي يبدو كغطاء من فوق الى أسفل على المرأة كأنه خيمة, أو مخلوق من كوكب آخر مختفي عن الأنظار.
منظر المرأة التي ترتدي الحجاب المبالغ به يثير في نفسي الدهشة مثل منظر المرأة التي ترتدي بلوزة مفضوحة تظهر معظم صدرها, ونصف ظهرها, ونصف بطنها, بما فيه السرة . ههههه.هذه موضة حديثة.
كلاهما قد بالغت.....
الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقول : لا إفراط...ولا تفريط.
هكذا أفهم الدين وطريقة الحياة.
لا نحرم المرأة من ضوء الشمس والنهار...ولا نتاجر بجسدها.
كلاهما يظلمها.
هكذا أفكر, واحب مناقشة الأمر مع المسلمين اولا, كموضوع يخصنا ويخص حياتنا.
ولا احترم من يلجأ الى الإعلام الغربي ليحتمي هناك, ويرمي الأحجار على المسلمين.
هذه ألاعيب لها مآرب أخرى....لا احبها.
***************************************
عندنا في مجتمعاتنا البنات والسيدات يرتدين الحجاب وهن في الجامعات والمدارس والمستشفيات وأماكن العمل والأسواق العامة, والشوارع, ويقدن السيارات, ويشاركن في الحياة العامة مثل الرجال .
ويشاركن في الأحزاب والتنظيمات والجمعيات الإنسانية والإجتماعية , والمنظمات غير الحكومية.
أتكلم بصورة عامة عن الوطن العربي....
رأيت نفس المشاهد في بغداد, وهنا في عمان, وفي دمشق والقاهرة.
الحجاب لم يكن عائقا ضد المرأة, بل كما اظنه نقطة حماية لها في مجتمعات محافظة.
كان يمكن أن تحرم من التعليم أو العمل لو لم تكن محجبة
هذه وجهة نظري للموضوع.
أما ما أراه يستحق النقاش فعلا فهو إعطاء حقوق للمرأة في بعض الدول العربية كالسماح لها بقيادة السيارة, أو المشاركة في الجمعيات والمنظمات في مدينتها, والمشاركة في الإنتخابات البلدية أو الوطنية العامة.
إعطائها فرص أكبر للتعلم والعمل, وتطوير ذاتها وقدراتها, كفتح مراكز تعليم لغات أخرى غير العربية, وكومبيوتر وانترنت, ومكتبات عامة يستعرن كتب ويقرأن ما يفيد....لأنهن سيربين أجيال الوطن الجديدة.
أظن هذه نقاط تستحق النقاش والمطالبة بها, ليس على صفحات جرائد الغرب, لكن على صفحات جرائد الدول العربية المعنية.
هذه هي الجرأة والنضال لتحرير النساء من قيود الغباء والتخلف...
وليس هناك, في دول الغرب وعبر وسائل إعلامها, أقف و أرمي الحجارة على الشرق
*********************************
ثمة ظاهرة تنتقدها تلك النساء وهي زيادة الحجاب في العراق بعد الحرب.
في الكتاب الذي ذكرته سابقا تفسير لهذه الظاهرة..
عندما كنت في بغداد, لم أكن أمتلك هذا التفسير بوضوح, كنت أشعر به غامضا: قوات إحتلال اجنبية, تبرر مزيدا من الحشمة للنساء والمحافظة عليهن من الفساد. هكذا كانت الفكرة في ذهني.
وفهمت الموضوع أكثرمن الكتاب.
يقول الكاتب ثمة ظاهرة واضحة في دول مثل كمبوديا, عانت من حروب اهلية’ ثم جاءت قوات حفظ السلام من مختلف دو ل العالم وبقيت لسنوات طويلة, هذا خلق طبقة من المومسات في المجتمع بسبب وجود أعداد كبيرة من رجال غرباء عن أو طانهم !!
ابتسمت, وفهمت لماذا زاد الحجاب بين العراقيات.
ربما برغبة ذاتيه , أو بطلب من الأهل( لا أحب إستعمال تعبير ضغط من الأهل
لا احب تعبيرات خبيثة مثل هذه.
الخلاصة, إنني أرى أمام النساء في العراق أو غيره من الدول العربية والإسلامية, كثير من الأمور التي تستحق النقاش , لفتح آفاق مستقبل مشرق لهن, وممكن إنجازها دون المساس بالدين أو الحجاب.
النساء تستحق المزيد من الإهتمام, حتى نضمن جيلا عربيا مسلما قادر على مواجهة تحديات الحياة وصعوباتها .
وقادر على خلق مستقبل جديد مختلف عما رأيناه وعانينا منه....
مستقبل مشرق مضيء, فيه صدق كثير, ونجاح وتفوق, ونهوض بواقعنا المحزن الى واقع أكثر نجاحا وقوة في التأثير....
الى واقع فيه عمل وإنتاج وتطور إقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي...
الى واقع جديد نستحقه , ويرفع مكانتنا بين الدول والشعوب...
الى واقع يكون فيه الكلام الفارغ والثرثرة , هما آخر شيء في حياتنا, ولا نجد من يصغي اليهما حتى, لأننا مشغولون بالعمل المفيد والطموحات والإنجازات الناجحة........
ذلك هو المستقبل الذي أتمناه للعراق, ولكل الشعوب العربية والإسلامية.
*******************
صباح الخير....
الجو في عمان ما زال ممطرا مع ضباب....
الأسبوع الماضي كان مليئا بالبرد والأمطار منذ بدايته ,ثم نزل الثلج.
بيتنا في منطقة مرتفعة, أحب رؤية الثلج ينزل,لكني لا احب الحبس في البيت وتعطيل الأعمال الكثيرة التي نويت انجازها ذلك اليوم.
نزلت للسوق واشتريت مزيدا من ملابس شتوية ثقيلة ,لأن البرد شديد جدا, وكل الناس يسألون : عندكم برد مثل هذا في بغداد؟
وأضحك وأقول : لا , عندنا حر شديد في الصيف مثل هذا البرد الشديد , وكلاهما لا يطاق.
الإعتدال جميل...في الطقس...والمباديء..واسلوب الحياة.
والتطرف غير محبوب , أيضا في الطقس والمباديء وطريقة الحياة.
أظن العراقيون المقيمون في عمان فرحوا برؤية الثلج لأول مرة, منظر مدهش بالنسبة لهم.
وكما تقول اختي المقيمة بعد الحرب هنا ,وهي تضحك, رأينا حروب وصواريخ ورعب في بغداد, ثم زلزال العام الماضي هنا,ثم ثلوج هذه السنة ...
ههه...نعيش لنرى أشياء كثيرة.
**********************************
هذه الأيام بداية السنة الهجرية ...
تذكرنا بهجرة الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة, الى المدينة, ليبتعد عن مواجهة ظروف قاسية كان يتعرض لها هو والمسلمون الجدد حيث كانوا ضعفاء, لا يقدرون على مواجهة قريش الظالمة المتجبرة التي تحاصرهم وتضايقهم من العيش بسلام ونشر دعوة الدين.
هاجر المسلمون الأوائل وتركوا بيوتهم وممتلكاتهم لينجو بدينهم وأنفسهم وعوائلهم الى مدينة آمنة, مؤقتا, حتى تتحسن الظروف.
والله أرى كأن العراقيين يعيشون نفس الحالة الان....
البعض هاجر لينجو بدينه من الفتنة, من كثر المصائب والظلم الذي رآه , خاف ان يشك في عدالة الله أو وجوده , فهاجر الى بلد آمن, حتى يحافظ على إيمانه بالله.
والبعض هاجر ليحمي نفسه وعائلته من الأذى, والبعض هاجر خوفا على أمواله و ممتلكاته...
وأواسي نفسي وأصبرها على فراق بغداد وكل ما أحب فيها, وأقول لها: عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
عسى أن نستفيد من هجرتنا مزيدا من العلم والمعرفة والتجربة, لنعود ونساعد في بناء وطن جديد , وطن حر مستقل ديمقراطي, متطور في كل ما نقدر عليه, دون فقدان جذورنا وهويتنا…
*************************************
نتائج الإنتخابات لم تظهر بعد بشكل نهائي.
لكن ثمة مؤشرات أولية...
إن كانت حقا قائمة الشيعة هي الغالبية, ثم الأكراد, ثم غيرها مثل إياد علاوي, فهذه مؤشرات مبدأية حقيقية من أرض الواقع.
الظروف كانت ممتازة وهادئة نسبيا للناخبين الشيعة في محافظات الجنوب, وللأكراد في محافظاتهم.
وقوائمهم ستكون لها الأولوية في الفوز, منطقيا.
أما قوائم أخرى مثل إياد علاوي والياور والباجه جي, فقد تأخذ نسبا منخفضة, لأن لا غالبية كبيرة تدعمها كما يحدث مع الشيعة والأكراد.
والمفروض أن الحكومة القادمة ترتب أمورها لتكون خليطا منسجما من مختلف ألوان الشعب العراقي (أديان,وطوائف, وأعراق
واتمنى ان يستلم القيادة رجال ونساء هادئون منصفون, لا يختارون العنف والتمييز كأسلوب للحوار, ويحبون العراق وشعبه أولا وأخيرا....ويعملون لمصلحته أولا وأخيرا.
****************************************
أظن أن العراق يحتاج الى سنة أخرى حتى تتوضح الصورة .
الحكومة الجديدة أمامها تحديات كثيرة, مثل الملف الأمني وهو أهم المواضيع التي تستحق المعالجة بجدية وواقعية, ثم ملف الفساد الإداري ووضع حلول واقعية لإيقافه من الإنتشار وتخريب البلاد, ثم كتابة الدستور الجديد , ثم النهوض بإقتصاد البلاد المحطم, وإعادة الحياة اليه , وبداية مشاريع بناء البنية التحتية للبلاد (ماء كهرباء مجاري…)
وما يتعلق بها من مدارس ومستشفيات في مناطق بعيدة محرومة من هكذا خدمات.
العراق بحاجة لحملة إعمار وبناء طويلة المدى… لعشرات السنين ,وبحاجة لخبرات العراقيين وإعطائهم الأولوية في بناء بلادهم, ولا بد من وجود استشاريين عرب أو أجانب لمساعدتهم في مجالات كثيرة.
هكذا أرى المستقبل…
تحسن الحالة الأمنية هي المفتاح الأول للدخول الى المستقبل.
وضبط الفساد الإداري في الجهاز الحكومي وغيره من أجهزة مسؤولة عن تنفيذ برنامج العمل لصناعة مستقبل العراق الجديد, هذا هو المفتاح الثاني…
وكل الأبواب بعدها ستكون مفتوحة بسهولة وأمان , إن شاء الله.
المفروض ان الشعب هو الذي انتخب هذه الحكومة, ويحق له مراقبتها ومحاسبتها على ما أنجزته من وعودها لتوفير حياة كريمة للعراقيين…هذه هي الخطوة رقم واحد من حصاد الديمقراطية.
الديمقراطية ليست فقط صناديق اقتراع واوراق واسماء وكاميرات وصحافة وخطب حماسية.
الديمقراطية هي اسلوب حياة يتعلمه الناس, والحكومات, ولغة حوار بين الطرفين.
أتمنى أن يرى العراقيون الخير من هذه التجربة الجديدة في حياتهم, والوجوه الجديدة التي ستأتي لإستلام المسؤوليات.
قلوبنا متعبة , ولكنها ما زالت مفعمة بالأمل ان ما سيأتي….سيكون أفضل من الذي مضى.
أما الإحتلال , فلا بد من وجود جدولة إنسحاب خلال السنوات القليلة القادمة.
أؤمن بفكرة : يد تبني العراق, ويد تدفع الإحتلال للخروج من العراق.
*************************************************
أقرأ في كتاب عن النساء والحروب الأهلية
.women and civil war
المؤلف إسمه
Krishna Kumar
الكتاب فيه دراسة عن مجتمعات حدثت فيها حروب اهلية,مثل رواندا, كمبوديا, جورجيا,البوسنة والهرسك, غواتيمالا والسلفادور.
المخاطر التي تواجه النساء هي ذاتها في كل الحالات, الخوف على عوائلهن واطفالهن من القتال والعنف حتى وهن يختبئن في البيوت, ثم الأذى والجروح النفسية التي تصيبهن بفقدان أحد من العائلة, أو تهجيرهن مع أطفالهن الى مخيمات, والتهديد النفسي والرعب وفقدان الشعور بالأمان, ثم الحوادث القاسية التي ممكن أن يتعرضن لها خلال
الإشتباكات, حيث يستعمل سلاح الإعتداء على النساء بطريقة واضحة لتهجير العوائل والتطهير العرقي كما حدث ضد المسلمين في البوسنه, وضد النساء في رواندا , في الصراع العرقي بين القبائل هناك.
ثم تاتي مسألة المتاجرة بالنساء , داخل البلاد, أو للخارج, وطبعا العصابات يقودها رجال أشرار عادة.
لست ضد الرجال عامة أو أحرض ضدهم, لكني أرى هنا بوضوح صعوبة وخصوصية وضع النساء في اوقات الحروب والنزاعات.
ثم يفقدن أزواجهن, فيواجهن مصيرا صعبا حيث مسؤولية العائلة ومستقبل الأطفال على أكتافهن.
وسيعملن حتى يوفرن الطعام للمائدة, وسيقمن بدور الام والأب لتعويض غيابه عن العائلة.
أراهن مسحوقات من قسوة الحياة, وبحاجة لمن يمد يد العون لهن من اجل حياة افضل, ومن أجل تعويضهن عما رأينه من آلام.......
****************************
أنظر للعراقيات وأرى ذات التاريخ والألم , رأينه في الحرب مع إيران وفقدان الأزواج والأخوة والأبناء والآباء.
وكيف كان عليهن العمل لتعويض فقدان المعيل...
ثم قسوة الحياة بعد حرب الكويت, والحصار الإقتصادي كم ضيق فرص العيش الكريم, فباعت العوائل ممتلكاتها من بيوت وأراضي ثم أثاث. وعانت المرأة ما عانت من جوع وظلم وفقر...
وإن كان الزوج عاطلا عن العمل, معاناتها شديدة إن لم يكن هنالك دخل آخر للأسرة وهي لا تقدر أن تحسن من ذلك الوضع, وربما كان الزوج مدمنا على الكحول ويستنزف الدخل على حماقاته.
وربما اضطرت أن تعمل خادمة في البيوت لتعيل اطفالها.
وربما اضطر قسم منهن الى اللجوء للرذيلة, والمتاجرة باجسادهن, خصوصا إن كن بلا تعليم أو ثقافة.
وبعد هذه الحرب الأخيرة, تكررت ذات الآلام في المجتمع, من فقدان المعيل للعائلة, والفقر والحاجة, وطبعا تم تهجير عوائل الفلوجة وغيرها من مناطق الإشتباكات الى خيام أو جوامع او هياكل, الحمد لله, النساء لم يتعرضن لإعتداآت جسدية من عراقيين, الحمد لله, لم تحدث هكذا أشياء بشعة رغم كل الفتن الطائفية التي أراد البعض إشعالها بيننا.
فقط حوادث سجن أبو غريب أحزنتنا وصدمتنا, ولم يقترفها عراقيون.
لكني أرى والحزن يشق قلبي, فضائيات عربية جديدة في الخليج, راقصاتها معظمهن عراقيات شابات يلبسن ملابس شفافة وخليعة, وأتذكر ما يقوله الكتاب السابق ذكره عن إزدهار تجارة النساء وقت الحروب.هؤلاء النساء ضحايا ..يحتجن الى من يوقف التجارة بهن, وإعادة تأهيلهن, وتعليمهن مهن شريفة ليعشن حياة كريمة.
لو فتحت ملفا للنساء العراقيات وحاجاتهن , لوجدته كأنه له بداية, وليس له نهاية.....
********************************
ثمة موضوع يثير في نفسي السؤال والريبة.
لماذا نساء عربيات او عراقيات يفتحن موضوع الحجاب ويوجهن ضده إنتقادات على صحف غربية ؟
هذا موضوع حساس ومهم, وينبغي مناقشته في بلادنا, لنرى الصحيح من الخطأ.
أما فتح النار على الحجاب هناك في صحف الغرب, فهو نوع من الجبن والنفاق والتملق.
لماذا أدغدغ مشاعر الغرب أنكم افضل منا, وثقافتكم أفضل؟
لماذا لا نناقش أمورنا مع بعضنا لنصل الى نتيجة؟
مثل عائلة واحدة, فيها وجهات نظر مختلفة, ما هو التصرف الحكيم؟
ننشر خلافاتنا أمام العالم, أم نناقشها بطريقة هادئة عقلانية بلا تملق ونفاق, حتى نحل المشكلة ونصل الى إتفاق معقول.
نعم, حجاب المرأة حسب وجهة نظري مطلوب, كعلامة إحتشام وأحترام.
أنا شخصيا محجبة, ووضعته بقناعتي الكاملة منذ سنتين.
ولم يقف يوما ضد طموحاتي أو مهنتي أو أثر على شخصيتي وتفكيري, بل أظنه أعطاني ثقة أكثر بالنفس للتحرك في مجتمع محافظ مثل مجتمعاتنا.
الحجاب مرتبط بطبيعة المجتمع, وتاريخه وثقافته وإرث كبير...لا يمكن تجاهله بسهولة.
لكن ممكن نناقش طريقة هذا الحجاب وتأثيره على النساء, تفكيرهن, ثقافتهن,مشاركتهن في المجتمع.
لا أحب الحجاب الذي يبدو كغطاء من فوق الى أسفل على المرأة كأنه خيمة, أو مخلوق من كوكب آخر مختفي عن الأنظار.
منظر المرأة التي ترتدي الحجاب المبالغ به يثير في نفسي الدهشة مثل منظر المرأة التي ترتدي بلوزة مفضوحة تظهر معظم صدرها, ونصف ظهرها, ونصف بطنها, بما فيه السرة . ههههه.هذه موضة حديثة.
كلاهما قد بالغت.....
الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقول : لا إفراط...ولا تفريط.
هكذا أفهم الدين وطريقة الحياة.
لا نحرم المرأة من ضوء الشمس والنهار...ولا نتاجر بجسدها.
كلاهما يظلمها.
هكذا أفكر, واحب مناقشة الأمر مع المسلمين اولا, كموضوع يخصنا ويخص حياتنا.
ولا احترم من يلجأ الى الإعلام الغربي ليحتمي هناك, ويرمي الأحجار على المسلمين.
هذه ألاعيب لها مآرب أخرى....لا احبها.
***************************************
عندنا في مجتمعاتنا البنات والسيدات يرتدين الحجاب وهن في الجامعات والمدارس والمستشفيات وأماكن العمل والأسواق العامة, والشوارع, ويقدن السيارات, ويشاركن في الحياة العامة مثل الرجال .
ويشاركن في الأحزاب والتنظيمات والجمعيات الإنسانية والإجتماعية , والمنظمات غير الحكومية.
أتكلم بصورة عامة عن الوطن العربي....
رأيت نفس المشاهد في بغداد, وهنا في عمان, وفي دمشق والقاهرة.
الحجاب لم يكن عائقا ضد المرأة, بل كما اظنه نقطة حماية لها في مجتمعات محافظة.
كان يمكن أن تحرم من التعليم أو العمل لو لم تكن محجبة
هذه وجهة نظري للموضوع.
أما ما أراه يستحق النقاش فعلا فهو إعطاء حقوق للمرأة في بعض الدول العربية كالسماح لها بقيادة السيارة, أو المشاركة في الجمعيات والمنظمات في مدينتها, والمشاركة في الإنتخابات البلدية أو الوطنية العامة.
إعطائها فرص أكبر للتعلم والعمل, وتطوير ذاتها وقدراتها, كفتح مراكز تعليم لغات أخرى غير العربية, وكومبيوتر وانترنت, ومكتبات عامة يستعرن كتب ويقرأن ما يفيد....لأنهن سيربين أجيال الوطن الجديدة.
أظن هذه نقاط تستحق النقاش والمطالبة بها, ليس على صفحات جرائد الغرب, لكن على صفحات جرائد الدول العربية المعنية.
هذه هي الجرأة والنضال لتحرير النساء من قيود الغباء والتخلف...
وليس هناك, في دول الغرب وعبر وسائل إعلامها, أقف و أرمي الحجارة على الشرق
*********************************
ثمة ظاهرة تنتقدها تلك النساء وهي زيادة الحجاب في العراق بعد الحرب.
في الكتاب الذي ذكرته سابقا تفسير لهذه الظاهرة..
عندما كنت في بغداد, لم أكن أمتلك هذا التفسير بوضوح, كنت أشعر به غامضا: قوات إحتلال اجنبية, تبرر مزيدا من الحشمة للنساء والمحافظة عليهن من الفساد. هكذا كانت الفكرة في ذهني.
وفهمت الموضوع أكثرمن الكتاب.
يقول الكاتب ثمة ظاهرة واضحة في دول مثل كمبوديا, عانت من حروب اهلية’ ثم جاءت قوات حفظ السلام من مختلف دو ل العالم وبقيت لسنوات طويلة, هذا خلق طبقة من المومسات في المجتمع بسبب وجود أعداد كبيرة من رجال غرباء عن أو طانهم !!
ابتسمت, وفهمت لماذا زاد الحجاب بين العراقيات.
ربما برغبة ذاتيه , أو بطلب من الأهل( لا أحب إستعمال تعبير ضغط من الأهل
لا احب تعبيرات خبيثة مثل هذه.
الخلاصة, إنني أرى أمام النساء في العراق أو غيره من الدول العربية والإسلامية, كثير من الأمور التي تستحق النقاش , لفتح آفاق مستقبل مشرق لهن, وممكن إنجازها دون المساس بالدين أو الحجاب.
النساء تستحق المزيد من الإهتمام, حتى نضمن جيلا عربيا مسلما قادر على مواجهة تحديات الحياة وصعوباتها .
وقادر على خلق مستقبل جديد مختلف عما رأيناه وعانينا منه....
مستقبل مشرق مضيء, فيه صدق كثير, ونجاح وتفوق, ونهوض بواقعنا المحزن الى واقع أكثر نجاحا وقوة في التأثير....
الى واقع فيه عمل وإنتاج وتطور إقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي...
الى واقع جديد نستحقه , ويرفع مكانتنا بين الدول والشعوب...
الى واقع يكون فيه الكلام الفارغ والثرثرة , هما آخر شيء في حياتنا, ولا نجد من يصغي اليهما حتى, لأننا مشغولون بالعمل المفيد والطموحات والإنجازات الناجحة........
ذلك هو المستقبل الذي أتمناه للعراق, ولكل الشعوب العربية والإسلامية.
*******************