Saturday, January 22, 2005

 
الجمعة 21 كانون الثاني 2005
مساء الخير....
هذه أيام عيد الأضحى, كل عام وانتم بخير...
اتمنى أن يأتي العيد القادم والعراق بخير وفيه سلام واستقرار وخير لكل العراقيين.
أراه حلما بعيدا....لكني لن أكف عن الدعاء والعمل والإنتظار من اجل تحقيق هذا الحلم....
بكيت ليلة العيد وأنا في غرفة الفندق في البحر الميت, لحضور مؤتمر عن الجمعيات العراقية وتمويلها.
تذكرت السنوات الماضية ونحن عائلة كاملة, عزام وأنا وألاولاد, رائد وخالد وماجد...
كنا نذهب لشراء ملابس جديدة قبل العيد, وحلويات وشكولاته وعصير لتقديمهم للضيوف...
وكان عزام يوزع العيديات على أفراد العائلة, صباح العيد...ثم نجتمع عند الأخ الأكبر سنا, ونتبادل التهاني بالعيد, ثم في الأيام الأخرى نزور مزيدا من الأقارب والأصدقاء.. حتى تنتهي إجازة العيد...
أما اليوم...
عزام في اميركا عنده عمل مع إحدى الشركات, وماجد في كندا, ورائد يزور الإمارات مع خطيبته, وخالد في بغداد, وأنا في عمان.
بكيت في حرقة وحزن....
وأشتقت لعائلتي وبيتنا , وجيراني وصديقاتي وزملاء العمل, وقطتنا المشاكسة الشقية, وكل شيء هناك...
لا أعرف متى سأعود, ومتى سيجتمع شملنا ثانية, في وطن مستقر آمن, ومستقبل واضح مشرق.
*****************************************************************
حسنا, أريد أن أتكلم عن المؤتمر الذي حضرته في البحر الميت.
المؤتمر أقامته منظمة أمريكية تعنى بتمويل المشاريع الخاصة.
والحضور كانوا من غرف التجارة العراقية المختلفة, بغداد, النجف,البصرة,..
واتحاد الصناعات العراقية, واتحاد رجال الاعمال, واتحاد المستثمرين, وغيرهم من منظمات قديمة وجديدة.
لكن يجمعها قاسم مشترك, هو التعامل مع رؤوس الأموال,واستثمارها, ومحاولة ايجاد سبل جديدة لزيادة وتنشيط المدخول لكل منظمة.
الحقيقة, إنني أدركت من اليوم الاول أنني لا امتلك أي رغبة في المشاركة في هكذا مؤتمرات, جاءت الدعوة عن طريق جمعيتنا النسائية, دون تقديم تفاصيل عن برنامج المحاضرات.
فذهبت وعندي فضول لمعرفة هل ثمة شيء مفيد؟

********************************************
كان ثمة محاضرين من أميركيين , ومن عرب.
المواضيع تدور حول عناوين مثل : الأعمال /الأسواق/الديمقراطية.
التخطيط الستراتيجي وبرامج العمل.
مصادر الدخل وتنميتها.
الميزانية والإدارة المالية للمنظمة.
إنشاء إثتلاف بين جمعيات.
ثم ورشة عمل مناقشة مشاريع مقترحة لكل جمعية على حدة.
إستفدت من كثير من الملاحظات التي تفيدني كمديرة في عملي, وليس في الجمعية, لأنني لا أميل للإنتماء لجمعية مشاريع وأرباح.
أميل للعمل مع جمعيات تفكر في مساعدة العراقيات إجتماعيا, وتطوير قدراتهن الذاتية في إقامة مشاريع انتاجية صغيرة تحسن من دخل العائلة, أو حل مشاكل العائلة وتربية الأولاد, وتعليم الأزواج كيف يتعاملون مع بعضهم من اجل حياة زوجية اكثر نجاحا...كأن يحترم كل منهما خصوصيات الاخر..ويتفق الإثنان على إعطاء الاولوية للعائلة في تفكيرهما وتضحياتهما من أجل توفير مستقبل أفضل لجميع أفراد هذه المؤسسة الصغيرة, العائلة.
ثم, بمرور الوقت, وتقدم الأولاد في العمر, وقلة اعتمادهم على الوالدين, تتحرر الأم قليلا من تلك الأعباء, وتشارك في الحياة العامة في المجتمع,من خلال جمعيات نسائية مختلفة, لتقديم يد العون لنساء أقل حظا في التجربة والتعليم والحالة المادية.. الحياة مشاركة, هذا هو مبدأ جميل أثق به, مشاركة في الماديات, كأن نعطي ملابس فائضة للفقراء, أو تبرعات نقدية لأسر فقيرة, أو مشاركة فكرية من خلال إعطاء النصائح للذين يحتاجون اليها , من خلال تجاربنا في الحياة.
لكني وجدت نفسي في مؤتمر يفكر بطريقة مختلفة, يفكر في كيفية زيادة الدخل لمنظمات قديمة غنية أصلا...
هههه. مرة أخرى أجد نفسي في المكان الخطأ .
لكن , لا شيء يمكن أن يكون بلا فائدة, تعلمت الكثير مما يفيد بعملي, كمهندسة في شركة تتعامل مع شركات مختلفة, وموظفين, وكيفية إدارة هذه الشركة ماليا وإداريا.
**************************************************
برنامج المحاضرات طويل ومتعب, منذ الثامنة والنصف صباحا حتى الخامسة أو السادسة مساء, تتخللها فترا ت استراحة بسيطة, ثم استراحة غداء, ثم عودة للمحاضرات.
وفد منظمتنا يتألف من الثلاثة اللواتي قدمن استقالات من الجمعية القديمة, حيث كنا عضوات مجلس إدارة, وصرنا عضوات مؤسسات لهذه الجمعية الجديدة, و معنا عضوة جديدة, يعني أربعة.
كنا متفقات على كل شيء تقريبا.
كان ثمة مشاريع قديمة تحدثنا عنها في بغداد, وجاؤا بها مطبوعة, وأضفنا لها مشروعا جديدا عن إقامة دورات تدريبة للنساء العراقيات في الأردن, مثل المهارات القيادية, الإتصالات, التسويق.
عندما كنا في بغداد, اقترحنا على واحدة من عندنا نحن الثلاثة, ان تكون الرئيسة لأن الباقيات مشغولات جدا في عملهن الصباحي, وهذه التي اقترحناها لتكون الرئيسة , تملك مكتبا لكن لا عمل حقيقي لها, تشارك في مناقصات لتجهيز كومبيوترات او اجهزة أخرى للدولة, ولم تحصل على شيء حقيقي بعد.
عندها وقت فائض, وعندها مكتب, اقترحنا أن تكون هي الرئيسة, وان يكون مكتبها هو المقر للجمعية.
وأعطيتها مبلغا من المال لتغطية مصاريف البداية, مثل مطبوعات, تصميم شعار وموقع للجمعية على الانترنت, وقلت لها ادفعي من عندك مبلغا مثله, ثم ممكن أن نسترد نقودنا يوما ما من مشاريع الجمعية, أو نتنازل عنها كتبرع.
وقلت لها اولادنا كبروا, هذه الجمعية إبن جديد صغير نحبه ونرعاه....ونتمنى له النجاح.
************************************************
في اليومين الأولين للمؤتمر, كان كل شيء يمضي بصورة هادئة ومنسجمة.
في اليوم الثالث كان مقررا ان ننقسم الى مجاميع, وكل مجموعة تناقش اقتراحات مشاريعها مع شخص من الجهة المنظمة للمؤتمر, والمسؤولة عن تمويل المشاريع المقترحة من قبل الجمعيات العراقية.

قضينا فترة بعد الظهر في طباعة المشاريع وإضافة جمل وتعديلات , ثم طباعة ال
C.V .
لكل واحدة منا لنرفقه مع كتب تعريف بالجمعية ونشاطاتها
رأيناجمعيات أخرى اجتمعت صباح اليوم وحصلت على تمويل لمشاريعها وسوف توقع العقد غدا.
والله فرحنا وصار عندنا املا كبيرا ان هذه الجمعية الجديدة ستقف على قدمين قويتين, وسنقدر من خلال التمويل الذي نحصل عليه من مساعدة نساء عراقيات كثيرات, من خلال تطوير مهاراتهن في دورات تثقيفية, أو تمويل مشاريع صغيرة, أو تسويق منتجات لإسر عراقية فقيرة.
في المساء, قبل العشاء, حدث نقاش حاد بين الرئيسة وعضوة هيئة إدارية, وكنت أحاول ان ألزم الصمت أو التدخل لتهدئة الموقف.
محور الحديث, أن عضوة الهيئة الإدارية معترضة على بعض تصرفات الرئيسة, والرئيسة تناقشها بعصبية, ثم توتر الموقف نهائيا حين صرخت الرئيسة في وجوهنا : إسمعوا , لقد تحملتكم كثيرا...من الان وصاعدا, يجب ان تعلموا انني أنا الرئيسة, ولا شيء تقولوه أو تفعلوه بدون إذني...
ثم رفعت أصبع السبابة في وجوهنا ولوحت به....
نظرت اليها...وضحكت.
قلت لها : لكنك لا تمتلكين أي شيء زيادة عنا, في التفكير او التخطيط أو القدرات..نحن سمحنا لك ان تكوني رئيسة تقديرا من طرفنا, وهو موقع رمزي, ليس لك حقوق اكثر من أية واحدة منا...المفروض اننا نحن الثلاثة مؤسسات , وصديقات, لا فرق بيننا...ولا سلطة لواحدة منا على الأخريات.
قالت بعصبية : لا , كفى, لقد تحملتكم كثيرا...اشتغلت لوحدي في متابعة تصميم الشعار والموقع ومتابعة تسجيل أوراق الجمعية...
قلت لها : لكنك تعرفين ظروفنا, لم نتهرب من المسؤولية, عندما كنت في بغداد, كنت اشارك معك في التفكير وكتابة رسالة الجمعية واهدافها, والذهاب للوزارة للتسجيل , ثم الاتصال لجمع عضوات جديدات, لكني سافرت لأن ظروفي سيئة ومتعبة أكثر منك, وبقينا على اتصال, ومن هنا في عمان اتصلت بجمعيات نسائية عالمية من أجل تأمين الدعم لجمعيتنا وفتح قنوات اتصال مع العالم الخارجي لمساعدة العراقيات....
إحتد النقاش بينهما وصارت كل واحدة تتهم الأخرى بالتقصير, وتعمد الإساءة ....
كنا في طريقنا الى صالة المطعم للعشاء, توقفت, وأدرت ظهري, واتجهت عائدة الى غرفة نومي.
أحسست ثمة شيء إنهار في داخلي....بناء جميل بذلنا مجهودا من أجل إظهاره للوجود بروح جماعية مخلصة, وهذه الغبية جاءت الآن فحطمت كل شيء بأنانيتها وحبها للزعامة.
يا الهي, هذا مرض متأصل في هذا الأمة, ورثناه من قديم الزمان.
اين هو القائد المتفاني الذي يعمل بروح الجماعة ولا يحطموه؟؟
يحبون الأناني القاسي المتفرد في الرأي مثل صدام حسين, وحتى حينما يسقط, تخرج نماذج صغيرة تشبهه, وهي تدعي أنها ضده, لكنها بدون شعور, تقلده, وتمشي على خطاه.
جلست في غرفتي افكر مصدومة, ماذا أفعل؟؟
أريد مساعدة العراقيات البائسات, ولا أريد التصادم مع هذه الغبية الحمقاء صغيرة العقل...
القائد الفاشل هو الذي يرفع اصابعه في وجوه الناس ويقول : انا القائد,
!! تذكروا
هذه كارثة, ومرض أصاب هذه الأمة , كيف سنشفى منه؟؟
والإسلام المسكين هو المتهم اولا واخيرا.
الإسلام بريء مما يفعلون.
القرآن هو مرجعية الإسلام الفكرية, وهو الذي يحث على روح الجماعة ( يد الله مع الجماعة
والذي يسود بين قادتنا هي روح الفرد, وحب الذات, وحب التحكم والسيطرة على العباد.
ما كان محمدا ( صلى الله عليه وسلم) طاغية مستبدا, ولا الصحابة الأربعة الذي حكموا من بعده.
لكن الدولة الأموية والعباسية التي جاءت لاحقا, رسخت فكرة عبادة الرئيس والتملق له, حيث يلتصق بكرسي الحكم حتى يموت, ثم ياتي إبنه او اخوه فيلتصق هو الاخر حتى يموت, وياتي بعده ولي عهد آخر فيلتصق بالكرسي حتى يموت...ههههه, والله انها مهزلة. مطلوب من المسلمين ان يصلحوا مسارهم الخاطيء, حيث إبتعدوا كثيرا عن قواعد الإسلام الحقيقية, فتاهوا في ظلمات لا نهاية لها.
***********************************************
الغرب يتهم الإسلام إنه دين تخلف وعنف....
وهو بريء من كل التهم.
المسلمون أساؤوا تسويق الإسلام, أي نشر فكره للآخرين.
البعض, حين ينظر للإحباط الذي أصاب الأمة, يتخذ رد فعل , من ضمن عدة إحتمالات.
إما التهرب من الإسلام والتنكر له, والتقرب والتملق للغرب.وهذه قلة من مثقفين ومتعلمين للأسف.
أو الحزن لما أصاب الإسلام من تشويه وسوء فهم, والإنسحاب من الحياة, واالوذ بالصمت والسلبية, وهذه غالبية الأمة المسكينة المستضعفة حتى في اوطانها.
وفئة من كثر خيبتها وقلة قدرتها على التغيير, وكثرة حماستها, فقد اتخذت طريق العنف للتعبير عن غضبها, ومعظمها من شباب هذه الأمة, ربما قد تم استغلال طاقتهم وغضبهم وحبهم للإسلام, بطريقة بشعة, وجعلوا من انفسهم أداة لتشويه الإسلام وتدميره وتبغيضه للعالم, بدل تقديمه بطريقة عاقلة ناضجة تفيد الأمة, وتبحث عن حلول هادئة عاقلة لإخراج الأمة من محنتها.
نعم, الظالمون كثيرون ويتحالفون مع بعضهم لتدمير هذه الأمة, لكن المؤمنين وليهم الله, هل ثمة من هو أفضل من الله.؟؟
الغرب يتهم الإسلام انه ضد الديمقراطية..
روح الجماعة هي الديمقراطية.
وأن تحترم قرار الجماعة, هو إحترام الديمقراطية.
المسلمون أنفسهم ظلموا دينهم حين ابتعدوا عن تعاليمه الأصيلة, وتم تشويها , صار الإرث الموجود هو عبادة الفرد.
هل هذا من الإسلام؟؟
**********************************
البشر مخلوقات كثيرة الأخطاء, ومتعبة, وعنيدة, وتصر على الخطأ نفسه.
وهذه تجر كوارث وكوارث لسكان الأرض.
المسيحية مثلا دين السلام والمحبة, والسيد المسيح من تعاليمه, لا تزن, لا تشرب الخمر, لا تكره عدوك ولا تؤذ جارك, وان ضربوك على خدك الأيمن, أدر لهم خدك الأيسر.
أين هو الغرب اليوم من تعاليم السيد المسيح عليه السلام؟؟
والإسلام يحرم الزنا والفواحش والكذب والنفاق والرشوة وشرب الخمر وظلم الناس....
والمسلمون يرتكبون كل تلك الحماقات, فهل الإسلام متهم؟؟ أم أن أتباعه حمقى؟؟؟
ثمة حديث للرسول عليه الصلاة والسلام : يعود الإسلام غريبا كما بدأ....فطوبى للغرباء.
أي يطلب لهم الرحمة والمعونة من الله اولئك البؤساء المتمسكين بقواعد الدين, نعم, يرون انفسهم غرباء كأنهم من كوكب آخر...
الناس تركض وتلهث وراء مكاسب الدنيا, ولا يهم, بالحلال او الحرام, بالصدق أو الكذب, بالحق او بالظلم....لا يهم, المهم أن يحصلوا عليها بأي ثمن.
أسفي على هذا العالم الذي فقد قيمه الجميله.
ما قيمة الحياة إذن بلا مباديء وقيم جميلة؟؟؟
لا ادري....
تصبح الحياة عبئا ثقيلا مملا ...نتمنى الخلاص منه بأسرع وقت.
ويصبح القلب حزينا ثقيلا وهو يرى العالم يتجه نحو الهاوية.
وكلما رأيت طفلا...حدقت فيه, وتساءلت في قلبي, أي مستقبل ينتظرك أيها المسكين؟؟
ماذا يفعل الكبار اليوم من اجل تامين حياة أفضل لجيلك؟
الكبار يتقاتلون وينهش بعضهم بعضا ليحصل على ثروات أكثر...ولا يهمه الخراب الذي يحل بكوكب الأرض, والإرث الحزين الذي سنخلفه للاجيال بعدنا....إرث من الأحقاد والأطماع والظلم.
*************************************************************
أعود لجمعيتنا المسكينة...
الرئيسة خربت علينا كل شيء حين قالت في اليوم التالي, أثناء مناقشة مشاريعنا : أنا فعلت كل هذا, هذه جهودي أنا.
لقد دمرتنا كلمة أنا...
ألف مرة قلت لها قولي نحن, ولا تقولي أنا.
لم يتم تمويل الجمعية بقرش وحد.لأن الجهة الممولة إهتزت ثقتها بنا بعد أن رأت الرئيسة العظيمة وطريقة إدارتها للموقف.
طبعا قدمت إستقالتي من الجمعية قبل عودتي الى عمان.
وقلت لها : تعلمي يا عزيزتي أهمية كلمة ( نحن) في حياتنا وعملنا ومستقبلنا. أراها مفتاح النجاح لكل شيء في العالم.
أنظري للغرب كيف نجح؟؟
بكلمة نحن, وروح العمل تحت شعار نحن.
وحتى إسرائيل, كيف تفوقت على العرب وهي دولة صغيرة؟؟
روح نحن تحكمهم, وروح أنا دمرت العرب وجعلتهم أضحوكة العالم...
متى ستتعلمون .؟؟؟
متى ستراجعون أخطاءكم؟؟؟
متى , ومتى, ومتى....
لا ادري....
لكن لي قلبا متعبا من كل هذا الذي يحدث....

********************************************************









<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives