Tuesday, January 11, 2005

 
الثلاثاء 11 كانون الثاني 2005
صباح الخير...
ما زلت أتمتع بإجازة مفتوحة في عمان.الحياة مريحة بلا هموم عمل , وخوف من تفجيرات واغتيالات , وقلق مما سيأتي به الغد الغامض.
هذا حال مؤقت بالنسبة لي, حتى تتوضح صورة ما في ذهني وأقرر بعدها هل سأعود الى بغداد, أم سأقضي الوقت هنا في عمل جديد, أو دراسة , أو سفر الى الخارج. لا أدري لم أقرر بعد.
الاولاد بعيدون وقلبي يفكر بهم دائما وأدعو لهم يالسلامة والتوفيق دائما, وادعو الله ان يلم شمل عائلتنا الصغيرة يوما ما في بغداد, حيث اشتقت الى جلساتنا واحاديثنا وضحكاتنا, ونجتمع على الغداء او العشاء, وصراخهم وجدلهم ومناقشاتهم...كلها لحظات جميلة محفورة في الذاكرة....
الحرب فرقتنا......
الحرب أبشع شيء إخترعه الإنسان.
************************************************

ابتعادي عن بغداد أحزنني, لكنه فتح امامي آفاقا جديدة للحياة.
صرت أفكر باقتناء كتب أكثر, وعندي وقت فائض لمزيد من القراءة.
هموم البيت والعمل في بغداد لا يتركان لي وقت فراغ كثير.
أكثر شيء أحبه في الحياة من هوايات هو قراءة الكتب. يا الهي , تفتح الأبواب على عوالم بعيدة غامضة, وتجعلها قريبة واضحة.
إشتريت كتب لزبنغيو بريجنسكي, وهنري كيسنجر, وطبعا كتاب صمويل هنتنغتون عن تصادم الحضارات.
وكتاب جميل وفريد من نوعه عن تاريخ الفكر العربي, للدكتور عمر فروخ, لبناني.
واو....
العالم بين يدي...فكر الشرق, وفكر الغرب.
نعم, من الغرب لم آخذ تفاصيل عريضة من فكره, لكني أريد ان أرى كيف يفكر رجال الغرب حاليا, وكيف ينظرون للعالم, والينا.
لا بد من خطوة اولى للحوار مع الاخر...أن تفهم مفردات تفكيره في الحياة.
حتى لو اختلفت معه...إفهم تفكيره اولا ,ثم إدخل في حوار او جدال.
لا احب الاغبياء الذين يمتلكون نظرة جامدة , ويلتصقون بها, ولا يغيرون خطابهم الفكري وطريقة الحوار مع الاخر.
هذه العقليات المتجمدة هي كارثة على السلام في العالم, وتقريب وجهات النظر.
وهذه العقليات موجودة في خطاب الغرب نحو الشرق, وفي خطاب الشرق نحو الغرب.
لا بد من إيجاد لغة حوار أكثر ليونة وعقلانية...لغةحوار أقل عدوانية تجاه الاخر....لغة حوار ناضجة تحترم البشرية وحضارتها ومستقبلها.
لغة حوار تريد ان ترسخ الخير والسلام لكل سكان الأرض.
الأرض صارت قرية صغيرة, نتواصل مع بعضنا دون حواجز...
اتلقى رسائل بريد الكتروني من اليابان والصين والهند وباكستان, مثلما من كندا واميركا وبريطانيا وفرنسا واميركا الجنوبية.
كلنا نملك رغبة في الحوار...وكلنا بشر...واهدافنا في الحياة متشابهة.
نريد حياة آمنة حرة كريمة...وكفى.
هل هذا مطلب صعب؟؟
*******************************************************
حسنا, كتب السياسة بصورة عامة مملة .ولكن القاريء مضطر للصبر حتى يفهم النهاية.
أدهشتني نهاية كتاب بريجنسكي (رقعة الشطرنج الكبرى
حيث استعرض فيه علاقات أميركا مع دول العالم ,أوروبا وآسيا وغيرها.
ثم بدأ يضع اقتراحات نهاية الكتاب كيف يمكن لأميركا الإحتفاظ بدور سيدة العالم او قائدة العالم.
ابتسمت...وأنا أتفهم هذا الطموح البشري في الخلود. ربما منذ أيام جلجامش العراقي قبل التاريخ.
لكن ثمة مثل شائع عندنا, ومتاكدة يوجد في الغرب مثله...
لو دامت لغيرك, ما آلت اليك.
وهذا معناه, لو دامت السلطة والقوة لغيرك, لبقيت له الى الأبد, وما انتقلت اليك بطريقة ما..
البشر معظمهم حمقى...ومغرورين. وحين يتسلم أحدهم منصبا ما...يظل يفكر بكل الوسائل كيف سيظل ملتصقا بهذا المكان ولا يعطيه لغيره....
مجرد أحلام حمقاء.....سيذهب منك شئت أو أبيت...لو دام لغيرك, ما وصل اليك.
من يقدر أن يوقف الحمقى عند حدهم وغرورهم؟؟
ربما الله وحده ...يوما ما , دائما يأتي هذا اليوم, وينقلب الموقف, ويذهب احمق مغرور فيأتي بعده من هو أحمق منه وأشد غرورا...دنيا مضحكة.
*******************************************
نهاية الكتاب يقول الكاتب, ثمة إحصائية للشعب الأمريكي تقول ان الغالبية لا تحب فكرة أن تحكم بلادهم العالم او تتدخل في شؤون الدول, لأنها دولة ديمقراطية, لا يمكن لدولة ديمقراطية ان تكون امبريالية استعمارية.
صحيح...
إذن, هو يقول : لا بد من حدث عظيم يجمع الأمة الأمريكية على قرار مثل نعم, دعوا اميركا تتدخل في دول العالم وتتحكم برقعة الشطرنج الكبرى.
كيف يحدث هذا التحول؟؟
يقول المؤلف : إذا تعرضت اميركا لحادث كارثي مأساوي مثل بيرل هاربر وهجوم اليابان في الحرب العالمية الثانية, وخسائر بشرية كبيرة, نعم, ستوافق غالبية الأمة على تدخل اميركا في العالم وشن حرب جديدة.
أذهلتني هذه التوصيات.
الكتاب أنجز عام 1997.
واحداث ايلول سبتمبر حدثت عام 2001.
حدث تما ما ما اوصى به الكاتب.وهو مستشار الأمن القومي سابقا.
ماذا أقول؟؟
هل الذي فعل كارثة 11 سبتمبر , كان يحب اميركا ويريد لها ان تكون سيدة العالم؟
هل كان يكرهها ويريد لها أن تكون سيدة العالم؟
هل ارتكب تلك الجريمة البشعة أعداء أميركا حقا؟؟
يا لهم من أعداء اغبياء, يريدون المجد والسيادة لأميركا على العالم.
واعطوها كامل الحجة التي كانت تريدها للتحرك.
أم هم من داخل اميركا نفسها؟؟
لست أدري....
أسئلة صعبة محيرة...من يملك الجواب الحقيقي؟
لست أدري....
ولهذا لا احب السياسة ولا المشاركة فيها..لأنها لعبة غامضة غير بريئة.
لعبة يختلط فيها الخير والشر....
لعبة تحكمها نظرية : الغاية تبرر الوسيلة.
وهذا يعني استعمل كل وسيلة ممكنة لتحقيق الهدف...حتى لو كانت بلا أخلاق, بلا رحمة, بلا عدالة.
وهذا ما يحدث للعالم اليوم.
وهذا ما يدعوني للقول : لا بد من تغيير هذه اللغة الغبية القبيحة التي دمرت العالم.
لا بد من أيجاد لغة حوار جميلة مهذبة فيها أخلاق, فيها مباديء..فيها رحمة وعدالة.
وسيصبح العالم , وقتها , مكانا أكثر جمالا وامانا وسلاما....دون شك****************************************************




<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives