Wednesday, October 06, 2004

 
الأحد 3 تشرين أول 2004
مساء الخير....
هذا شهر الخريف...الجو غائم أحيانا, لكنه لم يبرد بعد, ولم ينزل المطر...
ربما الشهر القادم سنرى البرد والمطر, إن شاء الله...
هذا الشهر له معاني خاصة عندي...فيه ذكرى عيد ميلاد أولادي خالد وماجد, في اسبوعه الأخير .
فرق السن بينهما اربع سنوات ويومين...
عندما كانوا صغارا, كنت أقيم لهم حفلة مشتركة...
وعندما كبروا , تمردوا, وصار كل واحد يعمل حفلة لوحده, ويدعو أصدقاءه فقط,
أنانية الأطفال مضحكة... لكنها بداية لإستقلال شخصيتهم. وهذا وجه إيجابي لتلك الأنانية.
********************
في السنوات الأخيرة, صاروا شبابا يافعين, يدعون أصدقاءهم في المطاعم أو النوادي يوم عيد ميلادهم.
ما عاد البيت مكانا مناسبا للقاءآتهم, وضحكاتهم , وقصصهم, وأسرارهم.
كنت فقط أعطيهم نفقات الدعوة , و هدية مع كرت عيد ميلاد بموسيقى جميلة وصورة ورود, وكلمات داخل الكرت , فيها حب الأم, وتمنياتها الحلوة لهم بحياة ومستقبل ناجح سعيد....
وهم يضحكون عادة وربما قالوا في سرهم : كلام أمهات ممل....
لكني اليوم أستوحش غياب ماجد, وعيد ميلاده نهاية هذا الشهر...
اتمنى أن يقضيه مع أصدقائه الجدد في كندا, وأتمنى أن يحفظه الله دائما, ويوفقه, ويسعده,أينما كان.....
ماجد هو الصغير المدلل....وفراقه ثقيل على قلبي...لكني اتجمل بالصبر...
حياته بعيدا عن هنا, ربما أفضل له, من يومياتنا المليئة بالعنف والقتل والدماء....
أتمنى أن ينهي دراسته, والعراق صار مستقرا آمنا, ليعود اليه, ويشارك في بناء وطن جديد...
وطن جميل.....
**********************************
أتعجب كيف يتغير الإنسان بمرور الزمن...
هل هي الظروف تتغير؟؟
أم هي مسألة العمر وتغيير الأولويات؟؟
أظن أن الظروف هي السبب الأكثر تأثيرا...ثم العامل الذاتي لرد فعل الإنسان نفسه.
فقد رأيت في حياتي أناسا يعيشون ذات الطريقة في الحياة والتفكير, رغم تغير الظروف,
لكنهم لم يتأثروا, ظل عالمهم الداخلي يمضي بنفس الإيقاع حتى ماتوا....
لا اعرف , هل هذه علامة غباء أم قوة؟؟
***********************************
كنت مدعوة مع خالد في الأسبوع الماضي لحضور حفلة عرس لإبن أقاربنا في نادي الصيد.
وترددت كثيرا, مزاجي لا يرغب بهذه المشاركات, لا رغبة عندي ...
وكان الأسبوع الماضي حافلا بالتفجيرات والعنف...
لكن خالد قال : ماما عيب, سيزعلون, ولن تقدري أن تبرري عدم حضورك...لنذهب ولو لنصف ساعة...
وافقت على مضض....
النادي في شارع الأميرات, وهو شارع جميل وعريض وقديم, لكن الفلل فيه معظمها حديث وجميل...حتى القديمة جميلة ومميزة.
قبل وصولنا النادي, كانت ثمة سيارة محترقة سوداء على الرصيف, وأبوابها واضحة المعالم, وباقي أجزائها لم تحترق تماما, لم أفهم, هي أصلا سوداء اللون, أم الإنفجار الذي حدث هنا غير لونها...
أعلم أن ثمة سيارة مفخخة انفجرت بهذا الشارع قبل يومين, وهي دخلت بين آليات رتل أمريكي
يمر من هنا...
لا أدري هل هذه هي المفخخة, أم إنها سيارة ضحية عراقي مدني؟
رأيت قطع القماش الأسود على زاوية الشارع, فيها أسماء الضحايا من عراقيين مدنيين : الشاب فلان وأولاد خالته فلان وفلان, السيد فلان وعائلته, السيدة فلانه مع ابنها وبنتها.....
لا أعرف....
الحزن يلف قلبي, وقلب كل العراقيين الأبرياء , الذين أقحموا في هذا الكابوس الأسود, دونما ذنب...
************************************
دخلنا النادي, خالد وانا, وطلبنا من السائق أن يعود بعد ساعة...
الموسيقى تنبعث من القاعة, دخلنا وسلمنا على أهل العريس, وتمنينا لهم السعادة.
ثم جلسنا على الطاولة التي تضم الأقارب...لم نرى بعضنا منذ شهور...كنا نتزاور أسبوعيا..
بعد الحرب, الحياة ما عادت آمنه, نتواصل عبر الهاتف, ونرى بعضنا بفترات بعيدة...
حتى العلاقات صارت باردة, كأن البعد قد أمات أشياء جميلة فيها, نعم أمات فيها الحرارة والحيوية.
جلست أحدق في العرسان, ثم في الساحة الدائرية امامهما والمخصصة للرقص, لم يكن في قلبي شعور بالمرح والإنبهار كما كان يحدث سابقا...كنت أحضر الأعراس وأنا متحمسة, سعيدة, أقول في نفسي هذه عائلة جديدة, وعلاقة جميلة حميمة بين إثنين, رجل وامراة, كنت أنظر اليهما بغبطة وسعادة, أرى فيهما تجرية جديدة, وأتمنى لهما السعادة من كل قلبي..
لكني اليوم لا أدري أين ذهبت وتبخرت كل مشاعري؟؟
أجلس هنا كالبلهاء...أحدق في الناس والأشياء...كأنني من عالم آخر...
وكأنهم من عالم آخر...
الشباب والشابات يرقصون على صوت الأغاني والموسيقى...ويلبسون أجمل ثيابهم...وعلى وجوههم إبتسامات وضحكات...ربما يخفون خوفهم ورائها...وربما يحاولون نسيان الجحيم الذي
في حياتنا اليومية بهذه الرقصات الصاخبة والضحكات...
أو ربما عمرهم الصغير , وقلوبهم الطازجة الخاوية من التجارب والأحزان, تجعلهم يعيشون لحظات من اللهو البريء وهم في غفلة من أمرهم.
كنت أنظر بابتسامة , وتختنق في صدري رغبة في البكاء..
منذ متى لم نضحك ونرقص ونصفق؟؟
كنا نحضر اعراسا هنا, ونشارك في الرقصات والضحكات, ونتحدث ونثرثر عن كل شيء, بقلوب لاهية, لا تدري ما تخفي لها الأيام من أحزان....
مكتوب في صدر القاعة على الجدار بخط ذهبي كبير...
بيت شعر من قصيدة طويلة للجواهري رحمه الله, كتبها وهو في منفاه بعيدا عن العراق..
(حييت سفحك عن بعد فحييني.... يا دجلة الخير يا أم البساتين).
لا أعرف لماذا ترقرقت الدموع في عيني وأنا أحدق في الكلمات.
كلمات حب وشوق لوطن ونهر....
ماذا تبقى اليوم من ذلك الوطن؟؟
وأين الذين يحبونه ويشتاقون اليه؟؟
***************************************
جاءت أم العريس وجلست بجواري...
قالت إنهم قد اشتروا الكثير من الذهب للعروس, لكنهم اليوم , بسبب الظروف الأمنية السيئة, لن يلبسوها إياه...سيعملون حفلة بعد اسبوع في البيت, ويلبسونها الذهب...
نظرت اليها وابتسمت وقلت : عزيزتي, من يبالي بالذهب اليوم...الناس تريد الأمان وراحة البال..
ما عاد ثمة من يفكر بالمظاهر....
تذكرت...حين كنت أعيش في عمان, في الصيف تكثر الأعراس, ياتي المغتربون من الأردنيين والفلسطينيين, ويتزوجون عند اهلهم...وطبعا قاعة وحفلة وعشاء وحلويات ومدعويين وبدلات جميلة للعرسان...
ثم توجد لقطة غريبة, أحيانا تفعلها بعض العوائل...
تأتي أم العريس وبيديها صينية, ممتلئة بقطع مختلفة من الذهب...وتبدأ بتلبيس العروس أمام المدعوين...كنت أحس بالخجل من هذه التصرفات وأنا أتفرج مع الناس...
ما معنى هذا؟؟
إشتريناك بثمن مرتفع؟؟
نتباهى أمام الناس بما نقدمه لعروستنا؟؟
لا أعرف كيف يفكر هؤلاء الناس...
إن كان ثمة حب واحترام, فيمكن التعبير عنه بطريقة ليس فيها إستعراض وتباهي مثل هذه...
أجدها طريقة بعيدة عن الصدق والشفافية...أشم فيها رائحة التباهي والنفاق.
حمدت الله أنهم لم يفعلوا هذا اليوم هنا بسبب الأحوال الأمنية السيئة.
*******************************************
لماذا يظل بعض الناس يفكرون بطريقة غبية ساذجة في التعبير عن أنفسهم أمام الآخرين؟؟
لماذا يلجأون للكذب والنفاق وتزويق التصرفات والكلمات؟؟
لا أعرف...
كلما تقدم بي العمر...وزادت التجارب..أدركت ان البساطة والوضوح هي سر عظيم, يمتلكه
العظماء والأنبياء...
التواضع والبساطة, من أجمل سمات البشر وأنبلها.
لماذا لا يدركها البعض, ويظل يدور في دوامة المجاملات المتعبة, والتي تجر وراءها النفاق والغباء والسخافات؟؟؟
لا أعرف...
هل هي مسألة شخصية؟
أم هي قيم مجتمع تفرض نفسها على الفرد؟؟
أؤمن أن حرية التفكير هي شيء يعيش في داخلنا, داخل خلايا المخ أولا, ومنه تنتشر الى إدراك الإنسان, وتصرفاته مع الآخرين.
هي قرار شخصي وداخلي...هي تحرر من سخافات تسيطر على عقولنا لفترة طويلة من الزمن.
عندما نكبر وننضج, نملك القدرة على تمييز الأشياء الجميلة من السخيفة, ولا نظل كالببغاوات الغبية...
*****************************************
تنفست الصعداء حين خرجنا الى الشوارع المزدحمة...
كان مساء الخميس, والأعراس كثيرة لأن شهر رمضان والصيام على الأبواب...حيث تتوقف الأعراس.
عدت وابتسمت من خلف زجاج السيارة, وانا أنظر الى أضواء المحلات التجارية, وأضواء السيارات وأسمع صوت الأبواق والأغاني والتصفيق من سيارات أهل العرسان...
هذه زفة عرسان...وازدحام شديد..
ثم زفة عرسان أخرين...والإزدحام يشتبك...لم أنزعج, علقنا في ازدحام جميل...كله عرسان وأغاني وضحكات...يا ليت كل الإزدحامات هكذا....
أليس أرحم من إزدحام سيارات إسعاف وموتى وتفجيرات وآليات أمريكية تشهر بنادقها في وجهك؟؟
***********************************
بعد يومين, جاءت صديقاتي للمحل لزيارتي...
تحدثنا بسرعة وسألنا عن بعضنا وأخبارنا...ثم قالت إحداهن ضاحكة : هل سمعت خطاب بوش وإياد علاوي في الكونغرس والبيت الأبيض؟؟
إبتسمت وقلت نعم.
قالت : سمعت؟؟
لقد رسموا العراق وكأنه يمتليء بالسعادة والورود...
ضحكنا كلنا...
**********************************
ذهبنا وصديقاتي لحضور محاضرة عن الديمقراطية والإنتخابات.
السيدة التي القت المحاضرة هي عراقية. قالت انها حضرت ورشة عمل عن هذا الموضوع
وستشرحه لنا, لنشرحه للآخرين.
تكلمت عن تفسير الكلمتين وعلاقتهما ببعضهما.
ثم عن طرق الإنتخابات وميزاتها, ثم المجتمع المدني ودوره في الإنتخابات, وعلاقة المجتمع المدني بالأحزاب , وخطورة تسلط الأحزاب على المنظمات المدنية.
ثم اركان الانتخابات وهي: القاعدة والمرشحين والحملة الانتخابية وطريقة توصيل رسالة كل مرشح لاقناع الجمهور...
وقالت ان القاعدة تتالف من ثلاثة عناصر: عنصر حدد رأيه ومرشحه ومتمسك به.
وعنصر قرر انه لن يشارك.
وعنصر متذبذب, وهو الذي تتوجه اليه كل الدعوات والنقاشات لإقناعه بالتصويت لأحد المرشحين.
وقالت أن لكل مرشح رسالة, يظل يكررها على أسماع الناس حتى يحفظونها...
وابتسمت ........... وتخيلت حال المواطن الأمريكي البائس هذه الأيام...
كلهم يتقاتلون ويتناقشون ويسببون له الصداع, وهم يحاولون كل على حدة, أن يقول إنه على حق تام,
والآخر هو المخطيء تماما...والذي يصوت له هو الغبي تماما...
هههه...
لعبة تصيب الناس بالصداع...كأنك في سوق الباعة المتجولين...كل واحد ينادي على بضاعته ويريد تسويقها أكثر من غيره.
لكن حياة البشر ومصير الشعوب يتقرر هنا...داخل هذه الفوضى والصراخ والضوضاء المسببة للصداع...
لا أعرف...كأنني أرى الدعايات والمنافسات والمناقشات, تخضع لكثير من عمليات التمثيل والإستعراض, أكثر من الصدق والهدوء والعقلانية.
الإعلام يلعب لعبته هنا...ويختلط الصدق مع الكذب, والحق مع الباطل...وتتوه الحقائق.
لعبة خطرة جدا ....هذه الديمقراطية.
والأشرار يقدرون أن يتحايلوا عليها لأنهم يلعبون كالبهلوانات في السيرك.
وجمهور المتفرجين مساكين.....يمكن خداعهم بسهولة.
***********************************************
أشتري الصحيفة كل يوم..ولا أقرأها.
ثم بعد أسبوع أو أكثر, أفتحهن واحدة واحدة حسب التاريخ, وأقرأ...
والله اكتشفت أن هذه طريقة مريحة للأعصاب.
أولا تخفف عنك التوتر اليومي الذي يصيبك حين تقرأ أخبار كل يوم.. وتحرق اعصابك.
ثم انها بعد أسبوع تصبح قديمة, لكن تراكمها مفيد, يكمل رسم صورة الأحداث, والى أين تسير...
فتصبح قراءة الصحيفة حدثا مفيدا مجديا...لا عابرا تلقي به جانبا , وتنساه بسرعة.
****************************************
لا حظت دائما الإشارة الى وجود عرب او إيرانيين بعد كل أحداث ساخنة, في الفلوجة, وسامراء, وشارع حيفا وغيرها...
الا في النجف ومدن الجنوب, هذه القصة لا يمكن تسويقها...فثمة تفسير آخر للتصادم مع جيش المهدي والصدر..(إنهم يريدون إقامة نموذج حكام إيران في العراق ).
هذه قصة ساذجة, الذي يعيش في العراق يضحك حين يسمعها لأنه يعرف أنها لا تنسجم مع طبيعة العراقيين ., ونظرتهم للامور... لكنها تفزع المواطن الأمريكي ويصدقها.
العراقيون لا يملكون رؤية متشددة في الدين مثل الإيرانيين.
طبيعة الشعب هناك في إيران يحبون عبادة الشخصيات الدينية والمبالغة في هذه العبادة.
كنظرتهم للأمام علي عليه السلام والحسين عليه السلام وفاطمة عليها السلام.
عندهم حب شديد كانه عبادة لهذه الرموز الدينية, وعندهم عادات مثل اللطم والضرب على الرؤؤس بالحديد او ماشابه, في ذكرى مقتل الإمام الحسين عليه السلام.
في زمن حكم الشاه, كان يحاول صنع نموذج أوروبي في ايران...لكن ثورة الخميني, بعد سنوات من دكتاتورية الشاه وظلمه للشعب, جاءت كرد فعل عنيف على الشاه وسياساته وتوجهاته..
فالتفت الجموع حول القيادة الدينية الجديدة...وبدأ ثمة صراع بين إتجاه ديني معتدل, وآخر متشدد.
وما زال الميزان يتأرجح.....
في العراق الأمر مختلف....
سقط صدام حسين, ولم يبحث العراقيون عن قيادة دينية مثل إيران...العراقيون لهم مزاج معتدل في الدين...غير متشدد, غير متطرف.
لا كما في تشدد الشيعة في إيران, ولا في تطرف الوهابية في السعودية.
نعم, العراقيون تاريخيا يحترمون قياداتهم الدينية, لكنهم لم يحدث أن جعلوا منهم قادة سياسيين.
هم قادة روحييين, لكن بدون سياسة.
هكذا يبدو الواقع هنا....
حتى حين قرأت تاريخ ثورات العراقيين ضد الإستعمار الإنكليزي, وجدت قيادة روحية دينية
في النجف, مثل قيادة السستاني اليوم.
ووجدت قيادة وطنية من رجال الأحزاب والسياسة, يعملون على تحقيق أماني الشعب الوطنية
وتلتقي هذه القيادات مع تلك, بين فترة وأخرى, وتحترم كل واحدة منهما وجود الأخرى وتنسق معه لما فيه الخير للعراق والعراقيين.
كتب الدكتور على الوردي وعبد الرزاق الحسني هما مرجعيتي.
لماذا تريد أميركا أن تقنع العالم أن ثمة رجال دين مثل الصدر , يكرهون الديمقراطية أو الخير للعراق والعراقيين, وينبغي تصفية هذه القيادات أو تحجيمها؟؟؟
لماذا يقولون أن هذه القيادات تريد أن تصنع النموذج الإيراني هنا؟؟
من قال هذا؟؟
انها مثل قصة الحرب الأهلية التي يريدون لها أن تنشب في العراق كل يوم...دون جدوى.
يبدو أنها اوهام في رأس إدارة بوش...وهو يضرب المعارضة هنا ويكيل لهم التهم التي يخترعها عقله.
والناس في أميركا تصدق, وتؤيده, وتقول له : نحن معك, لا نريد نموذج إيران في العراق.
من قال أن العراقيين يريدون نموذج إيران؟؟؟
من تكلم هكذا ؟؟
حتى الصدر في خطبه لم يطرح نفسه قائدا سياسيا للعراق. الرجل تكلم عن الوطن وجيش الإحتلال, وربما قال المقاومة للإحتلال مشروعة, ربما هو صادق ولا يريد مكاسب شخصية , أو ربما هو يريد الضغط لإعطائه منصبا أو نسبة تمثيل في البرلمان وما شابه...
لماذا لا يسمحون لمثله أن يكون له وجود في البرلمان والإنتخابات القادمة؟
أليس هو يمثل فئة من العراقيين؟
حتى لو كانت فئة أقل ثقافة أو رؤية من غيرها, الوقت كفيل بتطوير هذه الفئات أو الغائها من الوجود , الشعب يتعلم تجربته مع الأيام ويختار القادة الأفضل...هكذا تجري عملية نضوج تجارب الشعوب طوال التاريخ الإنساني...
لماذا لا نسمح بنسبة من المقاعد لأهل الفلوجة وسامراء والرمادي وغيرهم ؟
لماذا نهجم ونقتل ونغير خارطة المدن والإنتخابات؟؟
ولماذا يطلعون تصريحات أن هذه المناطق المتوترة ستحرم من الإنتخابات
هل من المعقول ان يكون البرلمان والحكومة العراقية القادمة, كلها من الذين يؤيدون وجهة نظر بوش في الحياة؟؟
هذه ليست عدالة....والديمقراطية عدالة.
هذا هروب وغباء وزيادة للتوتر والعنف...
لإمتصاص العنف والغضب , إعط الطرف الآخر فرصة ليعبر عن نفسه, ولا تقمعه أو تقتله, وتظن نفسك قضيت على الشر...بل أنت خلقت الشر وقويته ضدك....يوما بعد يوم سيزداد العنف..ولن تحل المشاكل, بل ستزداد تعقيدا بسبب الغباء والعناد...
إن لم تعط فرصة للمعارضة لتتكلم وتتحاور معها, فقد تكون دفعتها لطرق الشر والظلام...
كما يحدث في الشيشان ضد روسيا, والتنظيمات الفلسطينية المتطرفة, حيث ظهرت في الساحة,
بعد سقوط كل محاولات الحوار العقلاني بين الفلسطينيين والحكومة الإسرائيلية المتشددة مثل بوش وعقليته الجامدة , وعدم قدرته على إستيعاب وجود الآخر )....
ويسيطر على وسائل الإعلام ويتكلم عن نفسه وعن( الآخر)..متهما معارضيه بأنهم دائما مجرمين وظلاميين ولا يريدون الديمقراطية ولا الحرية..
وأحداث سبتمبر هي ثمرة سياسة غبية, خلقت أعداءا لا يقدر حجمهم ولا عددهم...
ثمرة سياسة غبية, ها هو العالم يدفع ثمنها مزيدا من الضحايا والعنف الذي لا نهاية له...
العنف يجلب مزيدا من العنف...
والحوار ليس ضعفا....الحوار قوة.
الحوار يفتح أبوابا للسلام....والسلام انتصار لكل البشر..
يخطر في بالي الان : جائزة نوبل للسلام..
لماذا لم تكن ثمة جائزة للذين يشنون الحروب؟؟
لأنهم حمقى...وكثيرون, وطريق الحرب سهل وقرار أحمق سريع...
لكن طريق السلام , كطريق الفضيلة, صعب وشاق, ولا يقدرعلى المضي فيه سوى العباقرة والعظماء....ويصنعون من خلاله تاريخا مشرقا للبشرية.
***************************************
لماذا لا تحل أميركا الأمور بطريقة هادئة دبلوماسية عقلانية؟؟
لماذا تحمل العصا الغليظة وتضرب من يقف أمامها يعارض, وتتهمه بتهم باطلة؟؟
أليس هذا ضعفا وقلة حكمة في إدارة الأمور؟؟
هل إسلوب االضرب والعنف هو أسلوب حضاري لمواجهة الآخر؟؟
قالت السيدة في المحاضرة عن الديمقراطية : إنها تعلمنا كيفية إحترام الرأي الآخر...
نعم, هذه هي النظرية, لكن الواقع هنا شيء مختلف...
هنا ديمقراطية أميركا : كيفية تحطيم الرأي الآخر, ومسحه من الوجود بكل الوسائل......
وحجة بوش دائما : إنهم متطرفون يكرهوننا....
يا الهي...
من هو المتطرف؟؟
ومن هو الباديء بالعنف والأذى" والضربات الإستباقية "؟؟
الإدارة الأمريكية اسلوبها هو سوء الظن بالاخر...وكيل التهم ضده, ثم ضربه وتحطيمه.
هل هذه هي الديمقراطية؟؟
أظن أن أميركا في مأزق...
أين النظريات الجميلة, وما علاقتها بهذا الواقع المؤلم القبيح الذي يعيشه العالم من جراء سوء السياسات, وسوء التدبير, والعدوانية اللامحدودة ضد الآخر....
هذه تصرفات تدل على عقلية فاشلة مهزومة....كعقلية صدام حسين.
الواثق من نفسه, يكسب المعركة بهدوء دون تشويه وتحطيم للخصم...ويفتح باب الحوار مع الآخر لأنه شجاع, واثق من نفسه.
والفاشل يثير الزوابع ليكسب الجولة بإرهاب الآخرين وتخويفهم وتكميم أفواههم.
*****************************************
أعود الى قصة العرب والإيرانيين في الفلوجة أو سامراء وغيرها من المناطق الساخنة.
بعد كل قصف أمريكي لتلك المدن, أو مداهمات ومصادمات, تخرج الصحف بعناوين مثل : القبض على عدد من السوريين واليمنيين والإيرانيين.
طبعا بالإضافة الى الرجل الخفي , الزرقاوي وجماعته.
طبعا لم نر لحد الان على شاشات التلفزيون أو الصحف , وجوها حقيقية, وأشخاصا حقيقيين
يقولون أنهم من جماعة الزرقاوي أو ايرانيين أو ما شابه, ويعترفون أمام الناس بجرائمهم.
سوى مواقع وهمية على الإنترنت وخطابات ساذجة تافهة موقعة بإسم فلان أو فلان.
كل واحد يقدر أن يفتح موقعا على الإنترنت ويقول ما يشاء...هل سنصدق كل هذه الثرثرة؟؟
************************
هذا الأسبوع بدأت أفهم هذه القصص...
ثمة من يريد ان يروج في اميركا والعالم , ان هذه المصادمات والمشاكل لا علاقة للعراقيين بها, يوجد حثالة من مرتزقةأو مجانين يسمون أنفسهم مجاهدين, جاؤوا هنا لمقاتلة اميركا...أما العراقيون فهم في حالة رضى وانسجام مع قوات الإحتلال, لا مقاومة ولا مصادمات.
نعم, قد تكون ثمة حقيقة في جزء من هذه النظرية التي تشجعها اميركا وتعمل على تحقيقها من خلال بقاء الإنفلات عبر الحدود ...حيث لا قوات حفظ نظام أو أمن هناك, منذ بداية إحتلال العراق ولحد الان...الحدود منطقة فالته, مهمله, غير مسيطر عليها. لا بوجود قوات أمريكية, أو عراقية قوية.
يعني تبدو الصورة كانها متعمدة....
يريدون أن يفتحوا الحدود لكل من يريد مواجهة اميركا ومقاتلتها, هنا في العراق, هذه ساحة القتال الجديدة. فلماذا تذهبون لأميركا البعيدة؟؟
نضرب عصفورين بحجر....
نثبت بقاءنا في العراق بحجة مقاومة الإرهاب .ونسيطر على مصير دول المنطقة كلها.
ونحمي أميركا وشعبها من الإرهاب واهله.
(يوجد عصفورين آخرين في القصة: النفط العراقي, كنز مجاني, وحماية إسرائيل الحبيبة المدللة)
ههههه....
اما العراقيين البوساء الذين سيسقطون ضحايا هذه الخطط الخبيثة, فمن يبالي بهم؟؟
ومن يحصيهم ؟؟ ومن سيدافع عنهم ويوقف نزيف دمائهم؟؟؟
لا أحد طبعا...
نحن كبش فداء, لتعيش اميركا, وشعب اميركا , بسلام, وينامون بإطمئنان.
وليكن الموت والخراب لنا .....والسعادة والسكينة لهم.
لكن بوش يغطي كل هذا بالبكاء علينا , وبأنه يريد لنا المستقبل المشرق والديمقراطية , وإنه لابد سيحققهم لنا ذات يوم....فينبغي أن نصبر وننتظر....
*******************************************
أما عصابات الخطف و القتل وقطع الرؤؤس على الإنترنت...
والسيارات المفخخة اليومية ...
وقتل المتطوعين الجدد من الجيش العراقي والشرطة..
فهي سلاح ذو حدين...
هي تثبت عجز بوش في السيطرة على الوضع إن كان وراءها أعداءه.
وهي بذات الوقت يستغلها بوش لمصلحته حجة للبقاء هنا لتنظيف العراق من الإرهاب. يعني إحتمال أن يكون له يد فيها, إحتمال وارد وغير بعيد......المنطق يقول هكذا.
من الذي فتح باب الجحيم وجاء بهم الى هنا؟؟
يبدو أن خطة بوش هي إستدراجهم الى هنا...وجعل العراق ساحة الإرهاب بدل أميركا.
وفي كل الإحتمالات...يبقى الشعب العراقي هو الخاسر الوحيد...
وهو الضحية......
************************************
جون كيري يقول أن أميركا تبني 14 قاعدة عسكرية في العراق ومنطقة الشرق الأوسط...
وأضع يدي على خدي وابتسم...
هل ستظل هذه القواعد للأبد؟؟
وهل سيظل حالنا هكذا لتبرير بقاء القواعد؟؟
ومتى سنبني عراقا حرا مستقلا بعيون عراقية وأيد عراقية؟؟
هل سيبقى العراق مستعمرة أمريكية؟؟
وهل ستظل تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا, وتفسر الأمور حسب مزاجها؟؟
وماذا سيفعل العراقيون حين يسمعون بهذا النبأ السعيد؟؟
هل سينامون أم تزيد مقاومتهم؟؟
ومن الذي سيربح ومن الذي سيخسر؟؟
لا أدري.....
حكمة الرئيس بوش وإدارته تحيرني دائما....
فلا أجد اجوبة لأسئلتي...
*****************************************
الأمريكيون التقليديون من كبار السن, أو الذين لا يحبون تقبل وجهات نظر جديدة, أو الذين مازالوا يؤمنون أن أميركا سيدة العالم ولا تخطيء...هؤلاء سيختارون بوش ثانية.
والفئة الأكثر عقلانية وحكمة ونضوجا, ستختار كيري, مع علمهم إنه لم يقدم برنامجا واضحا...
لكنهم يختارونه تحت فكرة ( الأقل شرا ). باعتبار انه لن يرتكب أكثر من بوش شرورا...
هذه الفئة يحييها غالبية العراقيين لأنهم يملكون حسا انسانيا مع معاناة وعذابات العراقيين اليومية...
لأنهم ينظرون للأمربأن هذا شعب يتأذى ويدفع ثمن حماقات غيره...
وحياته صارت جحيما, موت وقتل ودماء كل يوم...ومجرمون من شتى الأصناف تملأ الشوارع.
وتنغص حياته...ومستقبل غامض كئيب يلوح في الأفق...وبوش يصرخ ويكرر أن كل شيء يسير على ما يرام, وإنه واثق من نجاح خطته..
رجل يغرق في الأحلام هناك...وشعب يغرق في الجحيم هنا....
هذه هو واقع الحال....
************************************
بالأمس , كان بريمر , الحاكم العسكري للعراق بعد سقوط بغداد, يتكلم للصحافة في أميركا عن تجربته في العراق, وبأن ثمة تقصير حدث, في سوء ضبط الأمن وانعدام القانون...وبأنه طالب الإدارة الأمريكية بمزيد من القوات لحفظ النظام...لكن الإدارة لم تستجب لطلبه....
نحن هنا في بغداد عشنا التجربة معه, ونراها بعين أخرى....
لم يكن ثمة نقص في القوات...الشوارع تمتليء بالدبابات والهمفي والجنود...والسماء تمتليء بالطائرات الحربية والهليكوبتر من عدة انواع...
ومع ذلك فالفوضى تعم العراق...والسلب والنهب والإغتيالات...
وماذا كانت اولويات بريمر؟؟
إجتثاث البعث من الدولة...وفصل المدراء العامين واساتذة الجامعات من في سلك التعليم, كلهم لأنهم بعثيين..ثم حل الجيش والشرطة, ووقفت طوابير من العاطلين عن العمل...
تصرخ وتنادي برواتب تقاعدية ليطعموا عوائلهم...
هذه الطوابير كانت بذرة مناسبة ليخرج منها المجرمون, والخارجون على القانون.
وفتح باب الأحقاد بين العراقيين...بدل أن يساعدهم لينجمع شملهم ويحلوا مشاكل ما بعد الحرب...فتح لهم أبواب الفتن والأحقاد....(كتبت عن هذا في يوميات الحرب)
ثم بمرور الزمن, وبعد شهور, غير رأيه, وبدأ بإعادة البعثيين لوظائف الدولة.
والشرطة العراقية تشهد دائما إنها كانت تلقي القبض على اللصوص والقتلة, ويأتي الجيش الأمريكي ويطلق سراحهم في الصباح...من أين كانت تأتي التعليمات؟؟؟
أريد أن تتوجه هذه الأسئلة الى بريمر...
من يتحمل مسؤولية تلك الأخطاء القاتلة؟؟
وهل هو كان صاحب الأفكار والمبادرات, أم كانت تأتيه التعليمات من واشنطن؟؟؟
أتمنى لويأتي صحافيون الى هنا ويلتقوا رجال الشرطة العراقية ورجال المجالس البلدية المحلية...
ليحكوا لهم ما كانت التعليمات وقت وجود بريمر....
ولحد الآن....
هذه الفجوة بيننا وبين الإعلام الأمريكي, تستغلها إدارة بوش لتحكي قصصا ملونة...
تعالوا الى هنا, واسمعوا القصص الحقيقية...
كيف نرفع الغشاوة عن عيونكم ونريكم الحقيقة؟؟
وبيننا وبينكم آلاف آلاف الكيلومترات....
وهذه من مصلحة الذي لا يريدكم أن تعرفوا الحقيقة....
لكنكم ستعرفونها...عاجلا ام آجلا..
*********************************************






<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives