Tuesday, September 07, 2004
الثلاثاء 7 أيلول 2004
مساء الخير....
الأخبار في بغداد متنوعة...بعض الأيام يسود الهدوء, وبعضها تشتعل منذ الصباح حتى المساء..
لا نعرف من يشعل ومن يطفيء...تعبنا ومللنا من هذه السخافات, عسى المسؤولين عنها يتعبون ويملون ويتوقفون.
الجو ما زال حارا...خصوصا وقت الظهيرة, حيث الشوارع شبه فارغة, واللصوص معظم جرائمهم ترتكب وقت الظهيرة..
من خطف رجال ونساء وأطفال, أو تسليب سيارات.
أتمنى أن أرى نهاية لكل هذا الجنون.... كلنا نتمنى هذا في العراق المتعب المنهك, من الحروب, وكوارث ما بعد الحروب.
وهذه الكوارث أشد ألما للنفس من الحرب ذاتها...
كلنا نتذكر أيام الحرب ونقول : يا سلام, ليتها تعود...كنا نختبيء ببيوتنا, والأبواب الخارجية مقفلة , لا نخاف اللصوص والقتلة والعصابات, نخاف فقط من قذيفة أو صاروخ تائهين. أما الآن, فالخوف لا يعد ولا يحصى.....على أرواحنا وبيوتنا وممتلكاتنا .
لو كان الأمان يباع في الأسواق...لركضنا وأشتريناه بأي ثمن....أي ثمن.
فالحياة بلا أمان تجربة سخيفة لا طعم لها ولا رائحة. , ولا أظن أحدا يحب أن يعيشها....
***********************************
عندما ذهبت الى لبنان , في بداية حياتي بعد التخرج والزواج, كنت أعمل مع منظمات إنسانية لإعادة الحياة للقرى المدمرة من الحرب الأهلية, ثم عدت للعيش في بيروت العاصمة, والعمل في مكتب هندسي للتصاميم الإنشائية.
اللبنانيون شعب راق, أخلاقه شبيهة بأخلاق الأوربيين, أكثر منها بأخلاق المنطقة العربية, وعندهم نسبة عالية من المسيحيين...
لكن خلال الحرب إنقلبوا الى وحوش تأكل بعضها البعض...تكاد لا تصدق, هذا اللبناني الناعم المهذب الجنتلمان, يقتل ويذبح أخوته وأبناء وطنه؟؟؟
المسيحيون يقيمون حواجز فيقتلون الفلسطنيين الذين يمرون من مناطقهم دون اللبنانيين, والأحزاب المسيحية اللبنانية تقصف
أجزاء بيروت التي فيها أحزاب وطنية لبنانية أخرى وأحزاب ومنظمات فلسطينية...والذين هنا يقصفون الذين هناك .
القوات السورية تتمترس في الجبال وتقصف هؤلاء وهؤلاء...
ذم جاءت إسرائيل واجتاحت لبنان ودخلت بيروت , وأنجزت مذابح في المخيمات الفلسطينية وقتلت المدنيين الأبرياء في عمليات تخجل منها البشرية....هم يبكون على ما فعل بهم هتلر...ويرتكبون أقبح الأفعال ضد الفلسطينيين, أين ضميرهم؟؟؟
إن كنت يوما ما ضحية لمجرم ظالم...فهل أنتهز قرصة ما لأعبر عن أحقادي ضد ضحية أخرى؟؟؟
كيف يفكر هؤلاء الناس؟؟؟
وما فرقهم عن هتلر؟؟؟
نفس الستراتيجية في التفكير الشرير ضد الاخر , شيء مخجل....
العالم يتجه نحو الهاوية....هذا ما أردده صباح مساء, بعد سماع أخبار العالم المخجلة كل يوم....
***************************
المذبحة التي حصلت قبل أيام في مدرسة جنوب روسيا وراح ضحيتها مئات من الطلاب الأطفال وذويهم....
المتحاربون دائما إثنان, هكذا هي المعادلة : أحمق, ومجرم.
وتذهب الضحايا بسبب أخطاء كل منهما, وكل منهما يلقي اللوم على الآخر.....
وأهالي الأطفال الذين ماتوا يبكون ويلقون اللوم على سوء تدبير الحكومة الروسية, والحكومة غاضبة ولا تحب الإنتقادات...
والإرهابيون يقولون إنهم فقدوا أطفالهم بسبب عدوانية الحكومة الروسية ضدهم في الشيشان....
ولا تدري من المخطيء ومن الذي على حق...لكنك بالتأكيد تهز رأسك أن ثمة ضحايا أبرياء دفعوا أخطاء الأحمق والمجرم...
لا تغضبوا مني...فأنا تخيلت أننا الشعب العراقي وقعنا في نفس الفخ, ضحايا بين بوش وصدام...
كلاهما عنيد ومتشبث برأيه, ويظن نفسه على حق....ونحن الذين دفعنا, وما نزال ندفع, ثمن حماقات وجرائم لم نشارك فيها.
تماما مثل أطفال المدرسة الروسية....
العالم فقد المباديء والرحمة....العالم يتجه نحو الهاوية, يوما بعد يوم....
ويستعملون أسماء الأديان كغطاء لجرائمهم وحماقاتهم....
الإسلام والمسيحية واليهودية بريئة مما يرتكب من جرائم....
الله واحد...والأنبياء أخوة, والعباد عيال الله, أي أولاده, كلهم أخوة وأخوات....
لكن الأرض صارت تشتعل كالجحيم...ونحن هنا في قلب الجحيم...ونحس بالنار تكوينا كل يوم....
وكأنها تمتد لتشتعل في مناطق مختلفة من العالم....ثم تعود لتنطفي, ثم تشتعل في بقعة أخرى....
كل هذا من حماقات الإنسان,وشروره, وطمعه, وأنانيته....
لكني مؤمنة أن رحمة الله ستنزل يوما ما , ويسود السلام على الأرض.....
*****************************************
أعود الى لبنان مرة أخرى...
أخلاق الناس خلال الحرب, كأنهم شعب آخر...شعب متوحش.
في بيروت الشوارع مكتظة, ولا شرطة مرور ولا إشارة ضوئية, ويتقاتل سائقو التكسيات مع بعضهم, ويسب بعضهم الآخر بعصبية, وربما ينزلان ويتجادلان, ثم يفتح أحدهما صندوق السيارة الخلفي, وينزل العتلة المستعملة لنفخ إطارات السيارات(الجك)
ويضرب بها خصمه...ويغلق الشارع من أثر المعركة وترتفع اصوات المعارك والسباب.
الحرب لها آثار نفسية سلبية على الناس, تثير في نفوسهم المشاعر العدوانية.هذا ما أظنه...
فيمتليء الشارع بالعنف والتوتر.....
وأتذكر حين كنت اعود للبيت ظهرا...كنت أخشى أن تنفجر سيارة ملغومة بوجهي, وأذهب ضحية مع باقي الضحايا اليومية.
كم من الرفاق والأصدقاء ماتوا هناك بسبب كهذا أوغيره؟؟؟
لا أكاد أتذكر عددهم, لكني ما زلت أتذكر وجوههم وأسماءهم وأحاديثهم وضحكاتهم....
كم تترك الحرب من آلام واحزان....وكم هو أحمق من يظن أنها ممكن ان تكون ( مفتاحا سحريا ) لمشاكل البشر...بل هي المفتاح لخراب حياة البشر.....
وكنت أتفاجأ أحيانا بقصف عشوائي مركز ضد بيروت الغربية, وأنا عائدة للبيت وقت الغداء, لا أعرف أين عزام, ولا عندنا هاتف, ولا عندي أقارب ألوذ لديهم , كنت اختبيء مذعورة في مداخل العمارات , يخف القصف, فأخرج الى الشارع, أركض على الرصيف, وأنا شابة في العشرين من عمري, وأرتدي بنطلون الجينز, لم أكن أملك غيره, جئت هنا لأساعد الضعفاء والمحتاجين
ولم أندم....لكن الرعب كان لا يطاق...وأحتملته, لأنني كنت مؤمنة برسالتي التي جئت من اجلها, وتركت وطني وأهلي ومستقبلي
كله وراء ظهري....وجئت الى لبنان...
واليوم أبتسم, هل حقا أقدر أن أترك العراق وهو يعيش هذا الواقع الأليم؟؟
هل حقا أقدر أن أتخلى عن مبادئي وحبي لمساعدة الناس والتضحية؟؟؟
أقول لكم بصراحة, آلامي في بيروت كانت أقل من هذا بكثير...
الذي يحطمني هنا هو ليس الحرب والتفجيرات والخوف...
الذي يكسر نفسي ويحبطني هو هذا الخراب في النفوس والضمائر, ما عدت أقدر على الثقة بأحد...صرت أقنع نفسي الا تحزن
إذا اكتشفت خائنا جديدا, حتى لا أحبط وأكره العراقيين, إن كرهتهم, فقدت إيماني بهم وبنفسي, وما عاد لبقائي هنا أية جدوى...
*********************************
بالأمس كنت محبطة وبكيت كثيرا...إكتشفت أن السائق الذي معي , يكذب على ويأخذ عمولة على أي شيء أبعثه لشرائه...
فطردته...لم أقدر ان أقول له في وجهه انه لص, مع أنني امتلك الدلائل, خجلت وخفت أن أجرح شعوره, وقضيت المساء كئيبة محبطة كأن زوجي خانني مع إمراة اخرى....
كم أكره الخيانه وأجدها من أقبح الشرور...وكم هي تغضب الرب؟؟
لكن من عاد يهمه الرب, وما يرضيه وما يغضبه؟؟؟
كل اللصوص يتكلمون بالدين, ويقدمون أنفسهم كمؤمنين, ويتصرفون عكس ذلك تماما...
لا أدري, هل عندهم مرض الضعف ضد النوايا الشريرة التي بداخلهم؟؟
أم هم يتقصدون الكذب والخيانة؟؟؟؟
لا أدري....
*****************************
بعد خمس عشرة سنة طاحنة من الحرب الأهلية في لبنان, ساد السلام, وكفت كل الأطراف عن القتال, هل حققوا أهدافهم؟؟
أم أنهم تعبوا وقرروا التوقف, والجلوس لسماع صوت العقل.....
كم يدا كانت تحارب في لبنان؟؟؟
اللبنانيون, والفلسطينيون, والسوريون, وصدام حسين يغذي فصيلا, وليبيا ربما تغذي آخر, والسعودية وايران ربما لها اطراف
تساندها, ثم إسرائيل, وأميركا, وفرنسا, وربما دول اخرى غابت عن ذاكرتي....
هذا هو السبب في بقاء الحرب لخمس عشرة سنة.
واتساءل: كم سنة ستظل الحرب والمعارك في العراق؟؟؟
وكم يدا تمتد وتحارب هنا؟؟؟
أميركا واسرائيل, وإيران وافغانستان, وجماعة صدام, وماذا بعد؟؟؟
تنظيمات غريبة عجيبة الله وحده يعرف من جاء بها ومن يمولها وما أغراضها....
تنظيمات بإسم الشعب, وأخرى بإسم الله والأسلام, ويقتلون الأبرياء بإسم الإسلام, وهو بريء منهم...
شوهوا الأديان وجعلوها قبيحة بغيضة, وهي بريئة مما يفعلون...
قتلوا العمال النيباليين الأبرياء الفقراء, وقالوا هذا بإسم الإسلام, أي إسلام؟؟
ومن أعطاهم التفويض, اولئك الحثالة من المجرمين.
ثار ناس من النيبال وأحرقوا الجامع في مدينتهم وأحرقوا مكاتب الخطوط الجوية السعودية والقطرية, ما ذنب هؤلاء؟؟
الذي فعل تلك الجريمة البشعة, أراد لهذه الفتنة ان تقوم...لعنة الله عليهم الى يوم الدين....
ادعو الله أن يفضح هذه التنظيمات المشبوهة, لنعرف جميعنا من يقف وراءها.
يقف وراءها أعداء الإنسانية......كل من يحطم العلاقات الجميلة بين البشر, ويشيع بينهم الأحقاد والفتن ,هو مجرم. وآثم..
وعليه غضب الرب الى يوم القيامة.
****************************************
لبنان الان مثل الجنة....
أعيد بناء مركز المدينة والفنادق الجميلة...كانت في وقتي, مدينة أشباح وهياكل عمارات في وسط المدينة مزقها رصاص القناصة
والمتحاربين, بقلوب يملؤها الحقد والظلام....
والآن, ما اجمل لبنان, زارها رائد قبل سنتين, وجلب لي الصور, ودهشت وفرحت, وتمنيت اليوم للعراق ان يسوده السلام ويصبح جنة جميلة مثل لبنان...
متى تتحقق الأحلام؟؟
لا أدري, لكن الصبر والإيمان, هما قوت حياتنا اليومية حتى نقدر ان نتحمل هذا الحال .
...
**********************************
أريد أن أعود للكلام عن الجمعية النسائية...ما زلنا نجتمع ونتناقش كل أسبوع, وما زلنا نسعى لتحقيق المشاريع..نهاية هذا الأسبوع عندنا إجتماع مهم مع سيدة أمريكية...أتمنى ان يكون الإجتماع مثمرا بالخير.
مع ان في داخلي إمتعاض, لا أحب طلب التمويل من مؤسسات أمريكية.
لو كانت أوروبية, كنت سأشعر أنها إنسانية اكثر, خصوصا من دول لم تشارك في الحرب علينا, مثل فرنسا والمانيا...
وأخشىان هذه الجمعيات الأمريكية تساعدنا كنوع من الدعاية لنفسها...
الله يعلم ما في القلوب......
سأخبركم عما يحدث , في مقالتي القادمة ان شاء الله .
******************************
أما اخبار ماجد حبيبي, فهي اخباري السعيدة, التي تنسيني كل آلام يومي وأسبوعي....
ماجد وصل كندا, مدرسته في فانكوفر, وهي مدرسة إعدادية قبل الدخول للجامعة.وسيبقى فيها سنتين ان شاء الله.
اتصل بي حين وصوله, وكان منتعشا ومبهورا : ماما المدينة جدا جميلة, والمدرسة ممتازة وفخمة.
ثم أرسل لي رسائل في البريد الألكتروني , اعطاني رقم تلفون القسم الداخلي, ورقم غرفته.
والرسائل كلها مرحة وجميلة ويقول انه مشتاق الى ماما كثيرا...كتبت له وقلت له : أن البيت وبغداد كلها كئيبة من غيرك.
كان مرحا ويملأ البيت بروحه المرحة, وكنت أحس بقلبي يضحك سعيدا معه.
والآن , وهو بعيد, حين أقرأ رسائله الألكترونية يمتليء قلبي بالفرح ثانية , وأكاد انسى كآبة بغداد وأحزانها اليومية.
وقلت له أرسل لي صورة المدرسة والمدينة والشوارع والأشجار...حتى أحس كأنني معك.
وعدني انه سيرسلها قريبا...
واليوم, صباحا , طلب العلم العراقي والملابس الشعبية العراقية ( دشداشة بيضاء وحطة وعقال ) ليلبسها في حفلة المدرسة
حيث سيلبس كل طالب زيه الوطني...والمدرسة فيها طلاب من معظم دول العالم.
اشتريت له كل الأغراض, وسيرسلها عزام غدا مع البريد المستعجل ,ان شاء الله...
جزء من قلبي هناك عند ماجد....وهو الجزء السعيد من قلبي الحزين.
أدعو له كل يوم ان يحفظه الله في غربته, وأن ينجحه في كل أعماله. آمين.
************************************
لي أصدقاء جدد من مدينة سياتل الأمريكية...
أرسلوا لي صور مدينتهم, والشوارع والغابات والبحيرات والجبال...وصورة كلبهم الذهبي...شكله يقول انه ذكي وشقي.
بقيت طوال النهار في العمل أحدق في الصور, وأبتسم...كأن روحي انتقلت الى مكان بعيد جميل آمن...
وفكرت مع نفسي: هل هؤلاء الناس يعيشون على نفس الكرة الأرضية التي نعيشها نحن؟؟؟
لماذا نحن نرى وجهها القبيح وهم يرون وجهها الجميل ؟؟
وهل الأنسان الذي يعيش هناك هو نفسه الذي يعيش هنا؟؟
يعني لو ذهبت الى هناك , أظنني سأصبح فائزة اخرى غير التي تعرفونها...
سأصبح أكثر مرحا وسعادة وثقة بالنفس, وثقة بالغد وما سيأتي به من أخبار جميلة...
أما الان, فإنني أكتوي مثل غيري هنا , بنار الألم والصبر...
ولا أتمنى , لا أتمنى أبدا أن نتبادل الأمكنة مع أي انسان أحبه وأحترمه....
لا اتمنى له الشقاء أبدا...الشقاء الذي نعيشه نحن.
قلبي لا يحتمل أن يرى ألم الآخرين.......
لكنه يحتمل آلامي , وهذه تكفيه .
اظن الألم مطلوب احيانا لتطهير الضمائر والنفوس, من الآثام .
واتذكر الآية الكريمة دائما, والله يقسم بالنفس الإنسانية : ( ونفس وما سواها, فألهمها فجورها وتقواها , قد أفلح من زكاها , وقد
خاب من دساها ...)
فالنفس فيها جزء شرير مظلم, وجزء مشرق جميل...
فهنيئا لذوي النفوس المشرقة الطيبة, التي تريد الخير للناس, وتفعله, دون فوارق في دين أو عرق أو وطن...
فكلنا أخوة في الإنسانية....وكلنا نملك نفس المشاعر من الحب والفرح والحزن والخوف .
********************************
العصابة التي خطفت الصحفيين الفرنسيين قالت في البداية انها تعمل من اجل الدفاع عن الإسلام والحجاب في فرنسا
وهب ضدها المسلمون في العراق والعالم العربي وكل دول العالم الإسلامي
وأرسلوا لها برسائل شفهية تطالب بالإفراج عن الرهائن
واليوم نسمع انهم يريدون مبلغ خمسة ملايين دولار كفدية لإطلاق سراحهم
أين ذهب الإسلام والحجاب؟؟
إنكشف الكذب والباطل, وسقطت الأقنعة
واليوم إختطفوا فتاتين من منظمة إيطالية ومعهن مهندس دكتور عراقي صديقنا
وهم من احسن الناس اخلاقا واستقامة لخدمة العراقيين
ويعملون في إصلاح المستشفيات والمدارس منذ 1993
أي قبل الحرب وهم في منظمة انسانية لا علاقة لها بالسياسة ولا بالحكومة الإيطالية
تنغص يومي.....
أتمنى أن يحفظهم الله ويرجعهم بالسلامة لكل الذين يحبونهم
وأن ينتقم من كل الأشرار الذين جعلوا الحياة هنا غاية في القباحة
الذي يعمل الخير يخطفوه ويؤذوه
والمجرمون الأشرارطلقاء و أحرا ر ,يعيثون فسادا في الأرض
المعادلة هنا مقلوبة
مقلوبة تماما , ويتحمل مسؤولية ما يحدث هنا من آلام ومصائب
كل من شارك بشن هذه الحرب السخيفة القبيحة أو شجع عليها
وسوف يساءل يوم الحساب عما اقترفه من آثام بحق الأبرياء
كل الأبرياء الذين ماتوا أو خطفوا أو ذاقوا الخوف والألم والعذاب هنا
وما يزال المسلسل مستمرا
*********************************************
الأربعاء 8 ايلول 2004
قضيت الليل في حزن وأنا أفكر في سيمونا توريتا وسيمونا باري والدكتور رعد الذين اختطفوا أمس من داخل بناية المنظمة الأيطالية التي يعملون بها
أعرفهم منذ سقوط بغداد
ووجدتهم مخلصين ونشيطين دائما لعمل الخير للعراقيين
لتصليح المدارس ومنظومات مياه الشرب خصوصا في جنوب العراق
زرتهم قبل اسبوع
وتناقشنا كيف يساعدوني لتسويق منتجات عوائل عراقية الى ايطاليا
وكان المفروض أن أراهم هذا الأسبوع لتكملة النقاش لكني كنت مشغولة
**********************************************
في وقت الظهيرة أمس جاءت عصابة من عشرين رجلا مسلحا ببنادق غربية
اوتوماتيكية ومسدسات بكاتم صوت
وانتشروا لسد مدخل الشارع الى المنظمة
وبباب المنظمة ثم دخل قسم منهم الى الداخل وخطفوا البنات الإيطاليات ومترجمة عراقية والمهندس العراقي
وخرجوا بوقاحة ولم يقدر أن يوقفهم أحد
الحراس في باب المنظمة غير مسلحين
طبعا هكذا تبدو صيدا سهلا للمجرمين
رأيت التقرير في المساء عن الحادث في اليورو نيوز
وكان الجنود الأمريكيون يقفون أمام عدسات الكاميرا ببنادقهم
فقفز السؤال في عقلي
أين كنتم؟
وماذا فعلتم من ترتيبات لحماية العراقيين المدنيين والمنظمات الإنسانية الأجنبية التي هنا ؟
ألم يمكن أن تفرزوا دبابة واحدة لحراسة كل منظمة؟؟
أو تنسقوا مع الحكومة العراقية لوضع سيارات شرطة عراقية أمام المنظمات؟؟
أم أن الموضوع ليس من الأولويات؟؟
الأ تخجل أميركا؟
ألا تظن أن الموضوع يتعلق بسمعتها في العالم ؟؟
أين الأمان والإستقرار الذي جلبته للعراق؟؟
من أين جاءت هذه العصابات المنظمة والمتدربة على
الإغتيالات والخطف والقتل ؟؟
لا تقل أنها من جماعة أبو غريب
هذه عصابات دولية متدربة ومتخصصة مثل المافيا
شبكة من المرتزقة تعيث فسادا في العراق
وما زالت الإدارة الأمريكية تشرح للشعب الأمريكي إنجازاتها العظيمة الناجحة في العراق
وما زال من يصدق
ويصفق ويساند
ويلعب بنا مثل ما يلعبون في نوادي القمار
يراهنون ويضحكون ويتسلون
لكن ليس مع جمادات
هنا يلعبون ويغامرون بأرواح البشر
بئس ما يفعلون
ولسوف يساءلهم ربهم ذات يوم عما اقترفت أيديهم من آثام
فبماذا سيجيبون؟؟
***************************************
القصف مستمر في مدينة الثورة- الصدر
هذه نقطة عنف جديدة
والقصف مستمر ضد الفلوجة
يبدو ثمة جدول لبرنامج طويل
تشتغل عليه قوات الإحتلال ولا تبالي بأحداث حياتنا اليومية
وكل يوم حصيلة القتلى العراقيين من القصف أو العنف
يزداد ولا ينقص
*******************************
ماذا يعني لنا الغد؟؟
يعني يوما ثقيلا جديدا
يحمل معه مصائب جديدة
وآلام جديدة
ومسافة بعيدة بعيدة
بيننا وبين الحلم بغد أفضل
***********************************
مساء الخير....
الأخبار في بغداد متنوعة...بعض الأيام يسود الهدوء, وبعضها تشتعل منذ الصباح حتى المساء..
لا نعرف من يشعل ومن يطفيء...تعبنا ومللنا من هذه السخافات, عسى المسؤولين عنها يتعبون ويملون ويتوقفون.
الجو ما زال حارا...خصوصا وقت الظهيرة, حيث الشوارع شبه فارغة, واللصوص معظم جرائمهم ترتكب وقت الظهيرة..
من خطف رجال ونساء وأطفال, أو تسليب سيارات.
أتمنى أن أرى نهاية لكل هذا الجنون.... كلنا نتمنى هذا في العراق المتعب المنهك, من الحروب, وكوارث ما بعد الحروب.
وهذه الكوارث أشد ألما للنفس من الحرب ذاتها...
كلنا نتذكر أيام الحرب ونقول : يا سلام, ليتها تعود...كنا نختبيء ببيوتنا, والأبواب الخارجية مقفلة , لا نخاف اللصوص والقتلة والعصابات, نخاف فقط من قذيفة أو صاروخ تائهين. أما الآن, فالخوف لا يعد ولا يحصى.....على أرواحنا وبيوتنا وممتلكاتنا .
لو كان الأمان يباع في الأسواق...لركضنا وأشتريناه بأي ثمن....أي ثمن.
فالحياة بلا أمان تجربة سخيفة لا طعم لها ولا رائحة. , ولا أظن أحدا يحب أن يعيشها....
***********************************
عندما ذهبت الى لبنان , في بداية حياتي بعد التخرج والزواج, كنت أعمل مع منظمات إنسانية لإعادة الحياة للقرى المدمرة من الحرب الأهلية, ثم عدت للعيش في بيروت العاصمة, والعمل في مكتب هندسي للتصاميم الإنشائية.
اللبنانيون شعب راق, أخلاقه شبيهة بأخلاق الأوربيين, أكثر منها بأخلاق المنطقة العربية, وعندهم نسبة عالية من المسيحيين...
لكن خلال الحرب إنقلبوا الى وحوش تأكل بعضها البعض...تكاد لا تصدق, هذا اللبناني الناعم المهذب الجنتلمان, يقتل ويذبح أخوته وأبناء وطنه؟؟؟
المسيحيون يقيمون حواجز فيقتلون الفلسطنيين الذين يمرون من مناطقهم دون اللبنانيين, والأحزاب المسيحية اللبنانية تقصف
أجزاء بيروت التي فيها أحزاب وطنية لبنانية أخرى وأحزاب ومنظمات فلسطينية...والذين هنا يقصفون الذين هناك .
القوات السورية تتمترس في الجبال وتقصف هؤلاء وهؤلاء...
ذم جاءت إسرائيل واجتاحت لبنان ودخلت بيروت , وأنجزت مذابح في المخيمات الفلسطينية وقتلت المدنيين الأبرياء في عمليات تخجل منها البشرية....هم يبكون على ما فعل بهم هتلر...ويرتكبون أقبح الأفعال ضد الفلسطينيين, أين ضميرهم؟؟؟
إن كنت يوما ما ضحية لمجرم ظالم...فهل أنتهز قرصة ما لأعبر عن أحقادي ضد ضحية أخرى؟؟؟
كيف يفكر هؤلاء الناس؟؟؟
وما فرقهم عن هتلر؟؟؟
نفس الستراتيجية في التفكير الشرير ضد الاخر , شيء مخجل....
العالم يتجه نحو الهاوية....هذا ما أردده صباح مساء, بعد سماع أخبار العالم المخجلة كل يوم....
***************************
المذبحة التي حصلت قبل أيام في مدرسة جنوب روسيا وراح ضحيتها مئات من الطلاب الأطفال وذويهم....
المتحاربون دائما إثنان, هكذا هي المعادلة : أحمق, ومجرم.
وتذهب الضحايا بسبب أخطاء كل منهما, وكل منهما يلقي اللوم على الآخر.....
وأهالي الأطفال الذين ماتوا يبكون ويلقون اللوم على سوء تدبير الحكومة الروسية, والحكومة غاضبة ولا تحب الإنتقادات...
والإرهابيون يقولون إنهم فقدوا أطفالهم بسبب عدوانية الحكومة الروسية ضدهم في الشيشان....
ولا تدري من المخطيء ومن الذي على حق...لكنك بالتأكيد تهز رأسك أن ثمة ضحايا أبرياء دفعوا أخطاء الأحمق والمجرم...
لا تغضبوا مني...فأنا تخيلت أننا الشعب العراقي وقعنا في نفس الفخ, ضحايا بين بوش وصدام...
كلاهما عنيد ومتشبث برأيه, ويظن نفسه على حق....ونحن الذين دفعنا, وما نزال ندفع, ثمن حماقات وجرائم لم نشارك فيها.
تماما مثل أطفال المدرسة الروسية....
العالم فقد المباديء والرحمة....العالم يتجه نحو الهاوية, يوما بعد يوم....
ويستعملون أسماء الأديان كغطاء لجرائمهم وحماقاتهم....
الإسلام والمسيحية واليهودية بريئة مما يرتكب من جرائم....
الله واحد...والأنبياء أخوة, والعباد عيال الله, أي أولاده, كلهم أخوة وأخوات....
لكن الأرض صارت تشتعل كالجحيم...ونحن هنا في قلب الجحيم...ونحس بالنار تكوينا كل يوم....
وكأنها تمتد لتشتعل في مناطق مختلفة من العالم....ثم تعود لتنطفي, ثم تشتعل في بقعة أخرى....
كل هذا من حماقات الإنسان,وشروره, وطمعه, وأنانيته....
لكني مؤمنة أن رحمة الله ستنزل يوما ما , ويسود السلام على الأرض.....
*****************************************
أعود الى لبنان مرة أخرى...
أخلاق الناس خلال الحرب, كأنهم شعب آخر...شعب متوحش.
في بيروت الشوارع مكتظة, ولا شرطة مرور ولا إشارة ضوئية, ويتقاتل سائقو التكسيات مع بعضهم, ويسب بعضهم الآخر بعصبية, وربما ينزلان ويتجادلان, ثم يفتح أحدهما صندوق السيارة الخلفي, وينزل العتلة المستعملة لنفخ إطارات السيارات(الجك)
ويضرب بها خصمه...ويغلق الشارع من أثر المعركة وترتفع اصوات المعارك والسباب.
الحرب لها آثار نفسية سلبية على الناس, تثير في نفوسهم المشاعر العدوانية.هذا ما أظنه...
فيمتليء الشارع بالعنف والتوتر.....
وأتذكر حين كنت اعود للبيت ظهرا...كنت أخشى أن تنفجر سيارة ملغومة بوجهي, وأذهب ضحية مع باقي الضحايا اليومية.
كم من الرفاق والأصدقاء ماتوا هناك بسبب كهذا أوغيره؟؟؟
لا أكاد أتذكر عددهم, لكني ما زلت أتذكر وجوههم وأسماءهم وأحاديثهم وضحكاتهم....
كم تترك الحرب من آلام واحزان....وكم هو أحمق من يظن أنها ممكن ان تكون ( مفتاحا سحريا ) لمشاكل البشر...بل هي المفتاح لخراب حياة البشر.....
وكنت أتفاجأ أحيانا بقصف عشوائي مركز ضد بيروت الغربية, وأنا عائدة للبيت وقت الغداء, لا أعرف أين عزام, ولا عندنا هاتف, ولا عندي أقارب ألوذ لديهم , كنت اختبيء مذعورة في مداخل العمارات , يخف القصف, فأخرج الى الشارع, أركض على الرصيف, وأنا شابة في العشرين من عمري, وأرتدي بنطلون الجينز, لم أكن أملك غيره, جئت هنا لأساعد الضعفاء والمحتاجين
ولم أندم....لكن الرعب كان لا يطاق...وأحتملته, لأنني كنت مؤمنة برسالتي التي جئت من اجلها, وتركت وطني وأهلي ومستقبلي
كله وراء ظهري....وجئت الى لبنان...
واليوم أبتسم, هل حقا أقدر أن أترك العراق وهو يعيش هذا الواقع الأليم؟؟
هل حقا أقدر أن أتخلى عن مبادئي وحبي لمساعدة الناس والتضحية؟؟؟
أقول لكم بصراحة, آلامي في بيروت كانت أقل من هذا بكثير...
الذي يحطمني هنا هو ليس الحرب والتفجيرات والخوف...
الذي يكسر نفسي ويحبطني هو هذا الخراب في النفوس والضمائر, ما عدت أقدر على الثقة بأحد...صرت أقنع نفسي الا تحزن
إذا اكتشفت خائنا جديدا, حتى لا أحبط وأكره العراقيين, إن كرهتهم, فقدت إيماني بهم وبنفسي, وما عاد لبقائي هنا أية جدوى...
*********************************
بالأمس كنت محبطة وبكيت كثيرا...إكتشفت أن السائق الذي معي , يكذب على ويأخذ عمولة على أي شيء أبعثه لشرائه...
فطردته...لم أقدر ان أقول له في وجهه انه لص, مع أنني امتلك الدلائل, خجلت وخفت أن أجرح شعوره, وقضيت المساء كئيبة محبطة كأن زوجي خانني مع إمراة اخرى....
كم أكره الخيانه وأجدها من أقبح الشرور...وكم هي تغضب الرب؟؟
لكن من عاد يهمه الرب, وما يرضيه وما يغضبه؟؟؟
كل اللصوص يتكلمون بالدين, ويقدمون أنفسهم كمؤمنين, ويتصرفون عكس ذلك تماما...
لا أدري, هل عندهم مرض الضعف ضد النوايا الشريرة التي بداخلهم؟؟
أم هم يتقصدون الكذب والخيانة؟؟؟؟
لا أدري....
*****************************
بعد خمس عشرة سنة طاحنة من الحرب الأهلية في لبنان, ساد السلام, وكفت كل الأطراف عن القتال, هل حققوا أهدافهم؟؟
أم أنهم تعبوا وقرروا التوقف, والجلوس لسماع صوت العقل.....
كم يدا كانت تحارب في لبنان؟؟؟
اللبنانيون, والفلسطينيون, والسوريون, وصدام حسين يغذي فصيلا, وليبيا ربما تغذي آخر, والسعودية وايران ربما لها اطراف
تساندها, ثم إسرائيل, وأميركا, وفرنسا, وربما دول اخرى غابت عن ذاكرتي....
هذا هو السبب في بقاء الحرب لخمس عشرة سنة.
واتساءل: كم سنة ستظل الحرب والمعارك في العراق؟؟؟
وكم يدا تمتد وتحارب هنا؟؟؟
أميركا واسرائيل, وإيران وافغانستان, وجماعة صدام, وماذا بعد؟؟؟
تنظيمات غريبة عجيبة الله وحده يعرف من جاء بها ومن يمولها وما أغراضها....
تنظيمات بإسم الشعب, وأخرى بإسم الله والأسلام, ويقتلون الأبرياء بإسم الإسلام, وهو بريء منهم...
شوهوا الأديان وجعلوها قبيحة بغيضة, وهي بريئة مما يفعلون...
قتلوا العمال النيباليين الأبرياء الفقراء, وقالوا هذا بإسم الإسلام, أي إسلام؟؟
ومن أعطاهم التفويض, اولئك الحثالة من المجرمين.
ثار ناس من النيبال وأحرقوا الجامع في مدينتهم وأحرقوا مكاتب الخطوط الجوية السعودية والقطرية, ما ذنب هؤلاء؟؟
الذي فعل تلك الجريمة البشعة, أراد لهذه الفتنة ان تقوم...لعنة الله عليهم الى يوم الدين....
ادعو الله أن يفضح هذه التنظيمات المشبوهة, لنعرف جميعنا من يقف وراءها.
يقف وراءها أعداء الإنسانية......كل من يحطم العلاقات الجميلة بين البشر, ويشيع بينهم الأحقاد والفتن ,هو مجرم. وآثم..
وعليه غضب الرب الى يوم القيامة.
****************************************
لبنان الان مثل الجنة....
أعيد بناء مركز المدينة والفنادق الجميلة...كانت في وقتي, مدينة أشباح وهياكل عمارات في وسط المدينة مزقها رصاص القناصة
والمتحاربين, بقلوب يملؤها الحقد والظلام....
والآن, ما اجمل لبنان, زارها رائد قبل سنتين, وجلب لي الصور, ودهشت وفرحت, وتمنيت اليوم للعراق ان يسوده السلام ويصبح جنة جميلة مثل لبنان...
متى تتحقق الأحلام؟؟
لا أدري, لكن الصبر والإيمان, هما قوت حياتنا اليومية حتى نقدر ان نتحمل هذا الحال .
...
**********************************
أريد أن أعود للكلام عن الجمعية النسائية...ما زلنا نجتمع ونتناقش كل أسبوع, وما زلنا نسعى لتحقيق المشاريع..نهاية هذا الأسبوع عندنا إجتماع مهم مع سيدة أمريكية...أتمنى ان يكون الإجتماع مثمرا بالخير.
مع ان في داخلي إمتعاض, لا أحب طلب التمويل من مؤسسات أمريكية.
لو كانت أوروبية, كنت سأشعر أنها إنسانية اكثر, خصوصا من دول لم تشارك في الحرب علينا, مثل فرنسا والمانيا...
وأخشىان هذه الجمعيات الأمريكية تساعدنا كنوع من الدعاية لنفسها...
الله يعلم ما في القلوب......
سأخبركم عما يحدث , في مقالتي القادمة ان شاء الله .
******************************
أما اخبار ماجد حبيبي, فهي اخباري السعيدة, التي تنسيني كل آلام يومي وأسبوعي....
ماجد وصل كندا, مدرسته في فانكوفر, وهي مدرسة إعدادية قبل الدخول للجامعة.وسيبقى فيها سنتين ان شاء الله.
اتصل بي حين وصوله, وكان منتعشا ومبهورا : ماما المدينة جدا جميلة, والمدرسة ممتازة وفخمة.
ثم أرسل لي رسائل في البريد الألكتروني , اعطاني رقم تلفون القسم الداخلي, ورقم غرفته.
والرسائل كلها مرحة وجميلة ويقول انه مشتاق الى ماما كثيرا...كتبت له وقلت له : أن البيت وبغداد كلها كئيبة من غيرك.
كان مرحا ويملأ البيت بروحه المرحة, وكنت أحس بقلبي يضحك سعيدا معه.
والآن , وهو بعيد, حين أقرأ رسائله الألكترونية يمتليء قلبي بالفرح ثانية , وأكاد انسى كآبة بغداد وأحزانها اليومية.
وقلت له أرسل لي صورة المدرسة والمدينة والشوارع والأشجار...حتى أحس كأنني معك.
وعدني انه سيرسلها قريبا...
واليوم, صباحا , طلب العلم العراقي والملابس الشعبية العراقية ( دشداشة بيضاء وحطة وعقال ) ليلبسها في حفلة المدرسة
حيث سيلبس كل طالب زيه الوطني...والمدرسة فيها طلاب من معظم دول العالم.
اشتريت له كل الأغراض, وسيرسلها عزام غدا مع البريد المستعجل ,ان شاء الله...
جزء من قلبي هناك عند ماجد....وهو الجزء السعيد من قلبي الحزين.
أدعو له كل يوم ان يحفظه الله في غربته, وأن ينجحه في كل أعماله. آمين.
************************************
لي أصدقاء جدد من مدينة سياتل الأمريكية...
أرسلوا لي صور مدينتهم, والشوارع والغابات والبحيرات والجبال...وصورة كلبهم الذهبي...شكله يقول انه ذكي وشقي.
بقيت طوال النهار في العمل أحدق في الصور, وأبتسم...كأن روحي انتقلت الى مكان بعيد جميل آمن...
وفكرت مع نفسي: هل هؤلاء الناس يعيشون على نفس الكرة الأرضية التي نعيشها نحن؟؟؟
لماذا نحن نرى وجهها القبيح وهم يرون وجهها الجميل ؟؟
وهل الأنسان الذي يعيش هناك هو نفسه الذي يعيش هنا؟؟
يعني لو ذهبت الى هناك , أظنني سأصبح فائزة اخرى غير التي تعرفونها...
سأصبح أكثر مرحا وسعادة وثقة بالنفس, وثقة بالغد وما سيأتي به من أخبار جميلة...
أما الان, فإنني أكتوي مثل غيري هنا , بنار الألم والصبر...
ولا أتمنى , لا أتمنى أبدا أن نتبادل الأمكنة مع أي انسان أحبه وأحترمه....
لا اتمنى له الشقاء أبدا...الشقاء الذي نعيشه نحن.
قلبي لا يحتمل أن يرى ألم الآخرين.......
لكنه يحتمل آلامي , وهذه تكفيه .
اظن الألم مطلوب احيانا لتطهير الضمائر والنفوس, من الآثام .
واتذكر الآية الكريمة دائما, والله يقسم بالنفس الإنسانية : ( ونفس وما سواها, فألهمها فجورها وتقواها , قد أفلح من زكاها , وقد
خاب من دساها ...)
فالنفس فيها جزء شرير مظلم, وجزء مشرق جميل...
فهنيئا لذوي النفوس المشرقة الطيبة, التي تريد الخير للناس, وتفعله, دون فوارق في دين أو عرق أو وطن...
فكلنا أخوة في الإنسانية....وكلنا نملك نفس المشاعر من الحب والفرح والحزن والخوف .
********************************
العصابة التي خطفت الصحفيين الفرنسيين قالت في البداية انها تعمل من اجل الدفاع عن الإسلام والحجاب في فرنسا
وهب ضدها المسلمون في العراق والعالم العربي وكل دول العالم الإسلامي
وأرسلوا لها برسائل شفهية تطالب بالإفراج عن الرهائن
واليوم نسمع انهم يريدون مبلغ خمسة ملايين دولار كفدية لإطلاق سراحهم
أين ذهب الإسلام والحجاب؟؟
إنكشف الكذب والباطل, وسقطت الأقنعة
واليوم إختطفوا فتاتين من منظمة إيطالية ومعهن مهندس دكتور عراقي صديقنا
وهم من احسن الناس اخلاقا واستقامة لخدمة العراقيين
ويعملون في إصلاح المستشفيات والمدارس منذ 1993
أي قبل الحرب وهم في منظمة انسانية لا علاقة لها بالسياسة ولا بالحكومة الإيطالية
تنغص يومي.....
أتمنى أن يحفظهم الله ويرجعهم بالسلامة لكل الذين يحبونهم
وأن ينتقم من كل الأشرار الذين جعلوا الحياة هنا غاية في القباحة
الذي يعمل الخير يخطفوه ويؤذوه
والمجرمون الأشرارطلقاء و أحرا ر ,يعيثون فسادا في الأرض
المعادلة هنا مقلوبة
مقلوبة تماما , ويتحمل مسؤولية ما يحدث هنا من آلام ومصائب
كل من شارك بشن هذه الحرب السخيفة القبيحة أو شجع عليها
وسوف يساءل يوم الحساب عما اقترفه من آثام بحق الأبرياء
كل الأبرياء الذين ماتوا أو خطفوا أو ذاقوا الخوف والألم والعذاب هنا
وما يزال المسلسل مستمرا
*********************************************
الأربعاء 8 ايلول 2004
قضيت الليل في حزن وأنا أفكر في سيمونا توريتا وسيمونا باري والدكتور رعد الذين اختطفوا أمس من داخل بناية المنظمة الأيطالية التي يعملون بها
أعرفهم منذ سقوط بغداد
ووجدتهم مخلصين ونشيطين دائما لعمل الخير للعراقيين
لتصليح المدارس ومنظومات مياه الشرب خصوصا في جنوب العراق
زرتهم قبل اسبوع
وتناقشنا كيف يساعدوني لتسويق منتجات عوائل عراقية الى ايطاليا
وكان المفروض أن أراهم هذا الأسبوع لتكملة النقاش لكني كنت مشغولة
**********************************************
في وقت الظهيرة أمس جاءت عصابة من عشرين رجلا مسلحا ببنادق غربية
اوتوماتيكية ومسدسات بكاتم صوت
وانتشروا لسد مدخل الشارع الى المنظمة
وبباب المنظمة ثم دخل قسم منهم الى الداخل وخطفوا البنات الإيطاليات ومترجمة عراقية والمهندس العراقي
وخرجوا بوقاحة ولم يقدر أن يوقفهم أحد
الحراس في باب المنظمة غير مسلحين
طبعا هكذا تبدو صيدا سهلا للمجرمين
رأيت التقرير في المساء عن الحادث في اليورو نيوز
وكان الجنود الأمريكيون يقفون أمام عدسات الكاميرا ببنادقهم
فقفز السؤال في عقلي
أين كنتم؟
وماذا فعلتم من ترتيبات لحماية العراقيين المدنيين والمنظمات الإنسانية الأجنبية التي هنا ؟
ألم يمكن أن تفرزوا دبابة واحدة لحراسة كل منظمة؟؟
أو تنسقوا مع الحكومة العراقية لوضع سيارات شرطة عراقية أمام المنظمات؟؟
أم أن الموضوع ليس من الأولويات؟؟
الأ تخجل أميركا؟
ألا تظن أن الموضوع يتعلق بسمعتها في العالم ؟؟
أين الأمان والإستقرار الذي جلبته للعراق؟؟
من أين جاءت هذه العصابات المنظمة والمتدربة على
الإغتيالات والخطف والقتل ؟؟
لا تقل أنها من جماعة أبو غريب
هذه عصابات دولية متدربة ومتخصصة مثل المافيا
شبكة من المرتزقة تعيث فسادا في العراق
وما زالت الإدارة الأمريكية تشرح للشعب الأمريكي إنجازاتها العظيمة الناجحة في العراق
وما زال من يصدق
ويصفق ويساند
ويلعب بنا مثل ما يلعبون في نوادي القمار
يراهنون ويضحكون ويتسلون
لكن ليس مع جمادات
هنا يلعبون ويغامرون بأرواح البشر
بئس ما يفعلون
ولسوف يساءلهم ربهم ذات يوم عما اقترفت أيديهم من آثام
فبماذا سيجيبون؟؟
***************************************
القصف مستمر في مدينة الثورة- الصدر
هذه نقطة عنف جديدة
والقصف مستمر ضد الفلوجة
يبدو ثمة جدول لبرنامج طويل
تشتغل عليه قوات الإحتلال ولا تبالي بأحداث حياتنا اليومية
وكل يوم حصيلة القتلى العراقيين من القصف أو العنف
يزداد ولا ينقص
*******************************
ماذا يعني لنا الغد؟؟
يعني يوما ثقيلا جديدا
يحمل معه مصائب جديدة
وآلام جديدة
ومسافة بعيدة بعيدة
بيننا وبين الحلم بغد أفضل
***********************************