Wednesday, September 01, 2004

 
الأربعاء 1/9/004
مساء الخير....
تحسن الجو في بغداد قليلا...في الصباح الباكر, ثمة نسمات لطيفة, لكن في وقت الظهر والعصر ما زال الجو حارا...
وها هو آب ينتهي ولم يفتح للشتاء باب, كما يقول المثل القديم....
ربما في أيلول سيتحسن الجو أكثر....
والآن بدأت زهور صغيرة تتفتح في الحديقة, وهي علامة جيدة بأن الحرارة بدأت تنكسر حدتها...
***********************
أريد أن أتكلم قليلا عن بعض أحداث حياتي اليومية هذه الأيام..
في الصباح يأتي السائق ويرن الجرس الخارجي, أخرج مسرعة وبيدي حقيبتي وأوراق كثيرة تخص العمل ,
والجمعية , وأمور اخرى...
أغلق الباب الخارجي خلفي, وأنظر بريبة للشارع والسيارات المارة, كل يوم أقول ستتوقف سيارة, وستخرج من الشبابيك بنادق أوتوماتيكية, وستطلق النار علي....
هذه الفكرة تراودني دائما, وبعد حادث السيارة, زادت حدتها.
وتراودني صباحا, وعند عودتي ظهرا للبيت.
وبدأت أقنع نفسي صباح مساء أن الموت يمشي معنا, فمتى جاء, أهلا وسهلا, ولن نتوقف عن العمل ما دامت الحياة في عروقنا
يوجد حديث للرسول عليه الصلاة والسلام يقول ما معناه : لو قامت الساعة وبيدك غرسة نخل كنت تنوي زراعتها, فاغرسها ولا تتردد.
**********************
حسنا , يوم العمل عادة مزدحم بالحديث مع الزبائن, عن أمور تخص الفلاتر ومنظومات معالجة المياه, للقرى والمدن والمعامل
الخاصة والحكومية وللبيوت. واحيانا الحديث عن السياسة ومعاناتنا اليومية والحرب والإحتلال والحكومة العراقية المؤقته, والمستقبل الغامض للعراق. ...
أفتح الإنترنت وأقرأ الرسائل الجديدة, أجيب على معظمها..بينما أكمل تدقيق الدفاتر والمبيعات والحسابات...
وفي العمل توجد احيانا منغصات...
أكثر شيء يستفزني, هو موظف الدولة الذي يشتري أجهزة للدائرة ويطلب زيادة السعر على الفاتورة.
أقول له : أيام صدام كان الراتب قليلا وثمة مبرر لهذه الأفعال, والآن, ما السبب ؟؟
فيضحك بغباء ويقول : مو ست الراتب هم ما يكفي, وأكو هواية ناس بالدائرة تريد, من رئيس القسم الى المحاسب الى مسؤول المشتريات...
أضع يدي على خدي, واتنهد, وأقول في قلبي : مال الحرام مثل ماء البحر...مالح ولا يروي, وسيظلون يسرقون ولا يشبعون.
جاء اليوم مسؤول المشتريات لدائرة ما, وكنت قد اعطيت زميله في الصباح عرض سعر لجهاز سوفتنر لتخفيف عسرة الماء...
قال انه يريد ان يشتري الجهاز الآن, ويدفع لي نقدا, ولا يريد مني فاتورة, وسيبيعه هو للدائرة بسعر آخر...
نظرت اليه, وطلعت من عيني كل إشعاعات الغضب...
قلت له : لا يجوز...هذه أفعال مشينة, لا أتفق مع ناس, ثم أغدر بهم...
قال : ما يهمك؟ سأعطيك المبلغ صافيا, ولن يقطعوا منك ضريبة...
قلت: شكرا, لا توفر علي الضريبة, لا يهمني أمرها, ولكني لا أحب هذه الألاعيب, إبحث عن غيري...
رجعت الى شاشة الكومبيوتر....
لكنه بدأ يلح....ولماذا انت حادة؟؟؟ قال .
نظرت اليه وحاولت أن أكون هادئة : عزيزي , لست حادة, لكني أفهم الامور هكذا, وهذا محلي, وأنا حرة, أتصرف بقناعتي,
لا أحد يجبرني على التفكير بطريقته, إتفقنا ؟؟؟
بربر كثيرا...وتوسل كثيرا, لكني آثرت البرود وعدم الرد, وانشغلت بالإنترنت...فخرج من المحل.
صفقت يدا بيد...وقلت: رحم الله أيام صدام حسين, كانوا يرتشون ويخافون أن يكشفهم أحد ما...
واليوم سرقات ورشاوى وفساد إداري بلا حدود....
من يسائل ومن يدري....كل يغني على ليلاه....
ما فرق هؤلاء عن الذين سرقوا سيارتي؟
كلهم يحلل الحرام ولا يبالي...وكلهم نتاج مريض, لزمن مريض.
وتذكرت بالأمس حين كنت عائدة من العمل, وتوقفنا لشراء خضار, وجاء السائق وقال : تصوري, هذا سائق التاكسي تعارك مع هذه المرأة تلبس العباءة وتضع على وجهها خمار, سحب الخمار فطلعت رجلا بشوارب, كان يريد تسليب السيارة.
بقيت مذهولة, قلت أين هي, قال تعالي سأريك إياها...
رجعنا بالسيارة الى الشارع الرئيسي, كان ثمة إمرأة تلبس عباءة وتضع على وجهها غطاء لا يكشف سوى العينين,
ومعها ولد عمره حوالي الرابعة عشرة, أوقفت سيارة أجرة وركب الولد جنب السائق, وركبت هي في الخلف, قلت للسائق تقدم ببطء وقف جانب التكسي أريد الكلام معه بالإنكليزية, ربما سيفهم, وينزلهم من سيارته, لكن سائقي الأخرق, وقف جانب السيارة الأخرى, وصرخ كالمعتوه : إنتبه , إنهم سلابه, ثم مضى للأمام.
غضبت من غبائه, فالغباء موهبه كما يقولون, قلت له توقف, الرجل لم يفهم عليك, صار يلتفت يمينا ويسارا يبحث عن السلابه
في الشارع ولم يفهم انهم معه, قف هنا ودعني أكلمه بهدوء....
قال : أم رائد إحذري فقد يكونوا مسلحين, هذا الذي يتنكر بزي إمرأة, أكيد يحمل معه مسدسا...
أحسست بالعجز, تماما كما حدث لي أمام اللصوص الذين سلبوني سيارتي, وهذا الغبي الذي معي أفسد فكرتي كلها, لا نقدر أن نتقدم الآن ونتكلم, العصابة داخل السيارة, وهم بدون شك مسلحون....تابعت السيارة بنظري وهي تدخل في فرع جانبي...وانعصر قلبي حزنا على صاحبها وعلى مصيره المجهول, وبقيت طوال النهار والمساء أفكر فيما حصل له, وأدعو الله أن يكون معه, فتلك السيارة مصدر رزقه ورزق عائلته....
كان ثمة جيش عراقي يقف هناك في نقطة تفتيش بعيدة, ورتل أمريكي مدجج بالأسلحة الأوتوماتيكية يمضي في طريق المطار.... وشمس الظهيرة الحارقة...
أسندت ظهري لكرسي السيارة, وتنهدت مرة أخرى بحزن, وابتسمت بمرارة, وعدت للبيت متعكرة المزاج....
************************************************
اليوم جاءت إمرأتان للمحل تلبسان العباءات, جلست أحداهما على الكرسي امامي لتستريح, ووقفت الأخرى تسأل عن الفلاتر المنزلية وأسعارها...رميت القلم من يدي, وتوقفت عن العمل, وبقيت أحدق في هذه الجالسة أمامي...
قلت ربما ستخرج مسدسا من تحت عباءتها وتصوبه لوجهي, ماذا سأفعل؟؟
ناديت أحد المهندسين ليقف أمامي, والى جوارها...وبقيت متوترة, حتى إشتروا فلترا وخرجوا من المحل....
أظن أن الحياة هنا ستصيبني بأمراض نفسية صعبة, هاهاها.
*************************************
بالأمس , قال الموظف معي في المحل, صباح الخير, البارحة سلبوا حقيبة زوجتي وضربوها...
إبتسمت كمن يستقبل مصيبة الصباح الجديدة....كل يوم مصيبة جديدة, هكذا ينبغي التعامل مع الموضوع بروح رياضية.
قال انها كانت ذاهبة لمدرستها, هي تعمل معلمة, كانت مع ابنتها الصغيرة تعود للبيت في باص صغير, مع مجموعة من الركاب, وفي شارع الغزالية, توقف الباص, وأخرج إثنان أو ثلاثة من الركاب سكاكين, وطلبوا من الركاب تسليم نقودهم وحقائبهم اليدوية, ثم ضربوهم وألقوهم في الشارع....
لا أدري ما أقول...أضحك أم أبكي ؟؟
دائما التعليق : هذا العراق العظيم....رأينا أشياء كثيرة أيام صدام , واليوم نرى أعاجيب أكثر....
إتصلت بالمرأة المسكينة وقلت الحمد لله على السلامة, ثم ضحكت و.قلت :لا تهتمي , كلنا نشرب من هذا الكأس....
هكذا تثبتي أنك عراقية, تكتوين بالنار....وتصبرين...
لا نملك خيارا آخر......
**********************************
دخلت إحدى الجمعيات الخيرية قبل أيام , فرأيت شابة وجهها مألوف, تريد الإنتماء للجمعية...
ابتسمت لها وسألتها : أين رأيتك من قبل ؟
قالت : لا اتذكر, وجهك مألوف....
قلت : إسمي كذا وعملي كذا وعنوان عملي كذا....
قالت : آه...تذكرت جئتك مع منظمة فرنسية واشترينا اجهزة...
ضربت بأصابعي في الهواء, وقلت : نعم, تذكرتك. أنت طبيية؟
هزت رأسها بالإيجاب .
جلست اناقش موضوعا ما , مع السيدات.
ثم قالوا نناقش طلب هذه الطبيبة, تريد الإنتماء للجمعية.
قالت إنها عملت مع منظمات غير حكومية اجنبية, والآن تريد العمل مع منظمة غير حكومية عراقية.
قرأوا الطلب , فتبين أن والدها كان وزيرا في وقت ما, وأمها ناشطة معروفة بقضايا إجتماعية وإنسانية, فقالوا طبعا نوافق...
أطرقت, وابتسمت....
أنا أعرف وجها آخر منها, جاءت للمحل مع فرنسيين تسأل عن أجهزة, ثم عادت مع زميلها بدون اعضاء المنظمة الفرنسية,
ووقفت بعيدا تتناقش مع عزام كيف يعطيها عمولة عشرة دولار....
نظرت اليها اليوم, وابتسمت ...., إبنة الوزير تريد عمولة عشرة دولار, ماذا أقول لإبن الناس الفقراء حين يطلب عمولة؟؟؟
وكيف يختار الناس رموزا نظيفة لمواقع قيادية؟؟؟
طبعا كنت سأفرح بإنتمائها لجمعيتي لو طلبت هذا ووجدت أنها بنت فلان وفلانه...
لكني اليوم انظر للموضوع بعين أخرى...هذه مرتشية, كيف سأثق بها؟؟؟
****************************
العراق اليوم يعيش أسوأ حالاته, من سيصلح هذا الواقع الأليم...
القطاع العام والمال العام, يسرقان وينهبان بكل بساطة وعلنا....من سيحاسب؟؟
من سيصلح الأمور, من سيختار قيادات نزيهة شريفة لتقود مستقبل العراق...
اللصوص يزدادون يوما بعد يوم, عددا وخبرة, كم سنحتاج من السنين للسيطرة عليهم , والقضاء عليهم؟؟
ومشاريع صغيرة تنجز للعراقيين, ومصاريف هائلة تصرف, معظمها رشاوى وسرقات...
هذا إستنزاف مستمر...من سيوقفه؟؟
البلاد في دوامة, ووجود قوات اجنبية تزيد من تعقيدات الموقف....
حكومة وطنية شريفة قوية, هذا هو المطلوب...لحل كل المشاكل...
لكن الذي يحدث الآن, ان الحكومة في موقف مربك, وهي تلبي طلبات قوات الإحتلال لتصفية المعارضة وفتح جبهات قتال ضد العراقيين , بدل فتح أبواب حوار ومحبة وجمع شمل للشعب الممزق.
هذه كارثة وجود قوات أجنبية في أي بلد....لها أجندة سياسية وعسكرية تريد تنفيذها بأي ثمن, وليذهب الناس والوطن الى الجحيم....
المعادلة تصبح لها عناصر اخرى داخلة وخارجة, لو كان ثمة حكم وطني , فالمعادلة وعناصرها ستختلف تماما...
ستكون ثمة أولويات لإعادة بناء البلاد, وضبط الأمن, والسيطرة على العصابات, والسرقات من المال العام...
**********************************
الإنتخابات الأمريكية على الأبواب...
ونحن ما عاد يهمنا من سيفوز, الذي يهمنا هو أن يضغط الشعب الأمريكي على حكومته القادمة لتكون أكثر صدقا وجدية في تحقيق السلام والأمان للعراقيين, وإعادة بناء العراق, وفتح آفاق مستقبل مشرق...هذا الذي فشلت لحد الآن في تحقيقه...
بماذا نجحت ؟؟؟
نجحت في فتح ساحات قتال جديدة في العراق, وأدخلت الغرباء والإرهابيين الى العراق, ودمرت ما تبقى من خير في هذا البلد
وهذا الشعب.
إنجازات صغيرة جيدة متواضعة حدثت( تصليح مدارس ومستوصفات ومحطات مياه ومجاري مثلا...) لكنها لا تناسب مع سيل الكوارث اليومية الذي لا يقدر بحجم...
********************************
أريد العودة والتفكير بهذه الحرب منذ البداية, ومن أراد لها أن تقوم...
الحكومة الأمريكية لها مصالح خاصة بعضها مكشوف وبعضها خاضع للإحتمالات...ووضعت يدها بيد المعارضة العراقية
أو جزء منها, الذي أباح لنفسه دخول العراق على دبابة أمريكية,
اعرف أن ثمة معارضة عراقية لحد الآن ترفض أن تضع يدها بيد جيش الإحتلال وتقول أن وجوده لا شرعي هنا....لكنها مهمشة ولا تقترب منها الأضواء...
حسنا تلك الأحزاب التي اتفقت مصالحها مع أميركا, هي تلهث وراء السلطة والكراسي والمناصب, وتكلمت بإسم الشعب العراقي البائس, الذي يتكلم الجميع بإسمه, وهو آخر من يعلم....
هذه الأحزاب والشخصيات إستلمت السلطة هنا وتناحرت عليها, والجلبي نموذج واحد منها...
هذه النماذج تفكر بمصالحها وامتيازاتها, ومصلحة الشعب العراقي في كعب أحذيتهم....تماما كما كنت أقول : إن مصلحة الشعب العراقي مكتوبة على قاع حذاء صدام حسين....والذين جاؤوا من بعده لم يكونوا أكثر رحمة منه للعراقيين...
كل يلهث على مصالحه, وليسقط الشعب في الجحيم...
هذه الحرب تم شنها بإسم الشعب, وقوات الإحتلال موجودة بإسم الشعب, والقتال في الفلوجة والنجف بإسم الشعب, والمؤتمر الوطني الذي تم إنتخابه هناك بعيدا في قصر المؤتمرات, أيضا يتكلم بإسم الشعب....
وكل هذا يتم بمباركة أميركا.....
ماذا نقول ؟؟
كل ما جرى لنا هو بعلم أميركا, ومشاركة أميركا, وموافقة أميركا....
فهل هي غبية؟؟؟ أم خبيثة؟؟
أم أن النيات حسنة لكنهم لم يقدروا أن يحققوها؟؟؟
ليتني أكون ساذجة وأصدق ان الموضوع فيه نيات حسنة, وواقع حال معقد يحول دون تحقيق الأمنيات؟؟؟
والسؤال هو : من الذي جعل واقع الحال هكذا, وأخرجه عن السيطرة؟؟
المثل يقول : الطريق الى جهنم يمتلي بالنوايا الحسنة.
ونحن نقول: الحرب على العراق هي مثل الطريق الى جهنم...تمتليء بالنوايا الحسنة.
لكن , ماذا حصدنا؟؟؟
****************************
اليوم أقرأ في الصحيفة أن مؤتمر الحزب الجمهوري يعقد في أميركا...
وصورة إمرأة عراقية تتحدث في المؤتمر وتقول : الولايات المتحدة قدمت للعراقيين الحرية والديمقراطية...
وهذا تماما ما يريده بوش, وإدارته, شهود من العراق, على نجاح حملته على العراق..
لكن هذه المرأة كانت في حزب معارضة ضد صدام , والآن هي مسؤولة في المجلس الإسلامي الأمريكي
السبب يبدو واضحا, ولماذا جاءت تشكر بوش
هل جاءت بإسم العراقيين البؤساء الذين هنا؟
يموتون من الخوف والكآبة والحزن على ما حصل لحياتهم من دمار؟.
لكن السؤال : كم يمثل رأي هذه المرأة من نسبة بين العراقيين؟
هؤلاء الذين في الأحزاب ولهم وجهات نظرهم الخاصة, هل هم أكثر من 5 بالمئة من الشعب,أو 10 بالمئة؟
وهل هؤلاء يمثل رأيهم حقا رأي الغالبية من الشعب؟
وهل يفهم الشعب الأمريكي هذه الخدع ؟
ابتسمت وتخيلت مؤتمر يقيمه أنصار صدام , في مكان ما, ويأتون بعشرات ومئات من الذين سيشهدوا أن صدام حسين كان قائدا فذا, وكان ديمقراطيا, وكان وكان....
السياسة لعبة بعيدة عن الحقيقة والواقع....تستعمل كل الوسائل لإقناع الناس بوجهة نظر معينة...معظم الأحيان لا تكون صحيحة.
والسعيد هو الذي يقدر ان ينجو من غسيل الأدمغة الذي يستمر صباح مساء عبر وسائل الإعلام المختلفة.
***********************************
أقدر أن أتفهم موقف الحكومة الأمريكية تماما....
هي التي شنت الحرب على العراق , وهي التي تعهدت ببناء العراق على طراز جديد...
إذن من مصلحتها للحفاظ على ماء وجهها أن تقول ان كل شيء على ما يرام في العراق...ويمشي حسب الأصول.
لأن الإعتراف بالفشل سوف يدمر مستقبل الحكومة والحزب الحاكم....
حسنا, ما يهمنا كعراقيين هو أن تكون الإدارة القادمة اكثر صدقا وشفافية في التعامل مع الملف العراقي ...لا نريد اعتذارا عما
حدث من كوارث , نريد خطة عمل ناجحة وملموسة تعيد بناء حياتنا من جديد...هذه أفضل من الإعتذا رات.
إن أسأت لشخص أو مجموعة, فافضل طريقة هي في مساعدتهم لتجاوز آلامهم التي كنت أنا جزءا من أسباب حدوثها, هكذا أفهم حسب نظرتي وتجربتي في الحياة.
أساعد الذين شاركت بطريقة ما , مقصودة أو غير مقصودة, في تحطيم حياتهم.
أقودهم الى مستقبل أفضل...أساعدهم في بناء حياتهم الجديدة...
هذا ما يريده العراقيون من أميركا وحكومتها الجديدة....أفعال طيبة على أرض الواقع...أفعال تفرح العراقيين وتثبت صدق وجدية أميركا تجاهنا....
ولا أتمنى أربع سنوات جديدة قادمة من الآلام والتخبط والتجارب الفاشلة وعدم وضوح الرؤيا.....
الشعب الأمريكي هو الذي سيساعدنا , وهو الذي في الإمتحان, ليس فقط مصداقية الحكومة هي التي معرضة للإمتحان.
الشعب هناك كله معرض للإمتحان....
إمتحان الصدق في تحقيق الوعود, وامتحان الرؤيا الإنسانية نحو الشعوب الأخرى....
امتحان الحضارة , والقدرة على التواصل الحضاري مع الآخرين.... دون عنف, دون تكبر وتفاخر, دون كذب على الذات.
أتمنى أن تنجح أميركا في الإمتحان هنا, سيعطيها سمعة جيدة ونظيفة, وسيعطينا الكثير من الأمل بوجود شريك متفهم وصادق
وينوي مساعدتنا..........
الأيام بيننا........
********************************
وصلتني رسالة الكترونية من قارئة أمريكية, تقول انها ضد الحرب على العراق, ولكن والدتها التي تمثل الجيل القديم تؤيد الحرب وما حدث فيها وبعده...
وترسل لي موقعا الكترونيا فيه رسالة من أب أمريكي لأبنائه الأربعة, يبرر بها الحرب, ويشدد على ضرورة الوقوف مع بوش وإدارته لإكمال الحملة....ويقول ذلك الوالد ان الحروب ضد أميركا قديمة منذ 1979 , اي منذ خطف الدبلوماسيين الأمريكيين
في ايران...والعمليات ضد المارينز والسفارة في بيروت , والسفارة في نيروبي, وغيرها من العمليات الإرهابية.
الرسالة تمتليء بالحقد ضد الإسلام والعراقيين, وتمثلهم كوحوش تبغض اميركا وتحسدها....
الرسالة مخجلة, وتمثل وجهة نظر حاقدة وقصيرة ومحدودة....ودهشت من هذا المنطق, وتساءلت مع نفسي, هل هم يكرهوننا ويحتقروننا هكذا , ويدعون بانهم شنوا الحرب حبا فينا وشفقة علينا....
لست أفهم هل جاؤا هنا لمساعدتنا, أم للإنتقام منا ؟؟؟....
أريد فقط أن أفهم الوجه الحقيقي لأميركا...هل هي معنا, أم ضدنا...
أريد الصراحة...لا شيء سوى الصراحة, فهي المفتاح الأول لمعرفة الآخر, ونواياه الحقيقية.
الحرب انتهت بعملياتها العسكرية بفترة قصيرة....
لكن الذي يستحق التصفيق والإحترام هو الذي يقدر أن يصنع السلام والإستقرار, ويقلل مصائب ما بعد الحرب, من عصابات ولصوص وسرقات وفساد إداري...
وهذا هو الإمتحان الحقيقي لقدرة اميركا هنا....
إن نجحت فيه إستحقت ان تكون الدولة العظمى التي تستحق الإحترام...
وإن لم تنجح....فهي الدولة التي تستحق الرثاء....أكثر مما يستحقه العراقيين .
فمصيبتها اكبر من مصيبتهم
************************************************



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives