Sunday, June 20, 2004

 
الأحد 20 حزيران 2004
صباح الخير
بغداد هادئة والجو لطيف في الخارج..
الحمد لله لم نسمع تفجيرات اليوم..
ما أجمل الحياة الهادئة المستقرة...بلا خوف, بلا قلق.
*******
لا أحد يفهم موضة المنظمات الإرهابية التي ظهرت في هذا الزمان...
لا عربي ولا مسلم يؤيدها...
منظمات إجرامية تحترف القتل والدمار وسفك الدماء...
وهي أبعد ما تكون عن أخلاقنا وثقافتنا...
نحن شعوب مسالمة , ماضينا وحاضرنا فيه رحمة وهدوء...
لا نحب استعمال القوة الا في حالات الدفاع عن النفس والوطن وهذه من صفات كل البشر
أما تلك المنظمات الإرهابية فهي لتدمير البشر خلال حياتهم اليومية الهادئة...حين يذهبون لأعمالهم, أو حين يذهب أطفالهم للمدارس...
لا أدري أي عقل شرير ابتكرها...اتمنى أن تحل عليه اللعنة في الأرض والسماء.
*********
في الصباح عند ذهابي للعمل...كنت أقود السيارة بهدوء في شارع ضيق, ثم فوجئت بسيارة تضايقني على اليسار
وظننتها بكب , وودت أن افتح الشباك وأصرخ عليه وأقول ياغبي انتبه !
لكني فوجئت أنها سيارة عسكرية أمريكية ويتبعها رتل...ثم صارت الشاحنة أمامي, والجندي الذي يتولى الحراسة
وجهه أمامي..فأشار لي بطريقته الغبية الغاضبة أن قفي علىاليمين , ليمر الرتل....
أخذت طريقي نحو اليمين وتوقفت...
كان ممكن أن ينتظرني أمر, ثم يمر الرتل...لكنه آثر هذا التصرف الشرس لأنه لن يجد من يعترضه...أو ينتقده.
بقيت أفكر مع نفسي...
لو انني نزلت من سيارتي غاضبة وتحاورت معه...طبعا لن يصغي ولن يحترم..وربما أطلق علي النار..
لكنني تمنيت للمرة الأولى في حياتي أن أكون أمريكية الجنسية, وأن أنزل وأتكلم معه, ثم القي بجواز سفري الأمريكي على وجهه, ليفهم انني غاضبة, وأنه يسيء للشعب الأمريكي كله بهذه التصرفات الغبية الوقحة.
وتذكرت الناس الذين نقلوا لي قصة العراقي الذي قتل قبل يومين وهو يقود سيارته في منطقة السيدية, وتفاجأ بالرتل, ودخل بينهم, فأطلقوا عليه الرصاص, ومات فورا, وتوقف السير, وساد الصمت على العراقيين, ومضى الرتل ببطولة متناهية في طريقه....
وتأتيني رسائل من أمريكان تعاتبني لماذا انت لا تحبين أميركا؟
وجوابي هو: هذا هو الوجه القبيح الذي لا أحبه من أميركا....
وتذكرت الجندي جو ورسالته التي وضعتها على الموقع قبل شهور....حيث قال ان ثمة جنود أمريكان هم سيئون, وهم كلاب حرب...
نعم هؤلاء هم الوجه القبيح الذي يجعلنا نرفض كل يوم وجود قوات احتلال على اراضينا..
وهؤلاء هم الذين يجعلونا نتعاطف مع المقاومة العراقية التي تطلق القذائف آر بي جي أمام أعيننا, على رتل أمريكي, ثم ينسحب العراقي , ويختفي, والناس تبتسم .....
التصرفات الحمقاء العدوانية من جنود الإحتلال هي التي تشجع على العنف ضدهم....وهذا رد فعل طبيعي.
فلا يلومهم أحد.....
**********
كلما تراكمت الأفعال الغبية المؤذية لمشاعر العراقيين, كلما كانت سببا قويا لثورة قادمة مثل ثورة العشرين.
ضد الإحتلال البريطاني..
حيث كانت قد تراكمت الآلام في صدور العراقيين ضد الإحتلال الإنكليزي, والتصرفات الحمقاء الخالية من الإحترام لسكان البلاد ومشاعرهم .
في العادة ترى الناس صامتين, لكنها المرحلة الأولى, ثم ستأتي مرحلة الإنفجار...ولن يقدر أحد أن يكتم ذلك الإنفجار أو يضع له حدا.....
هكذا تجري الأمور في الحياة, عادة . والذكي يفهم وينتبه, والغبي يستمر في جهله وغبائه...ثم يدفع الثمن غاليا.
********
ثمة شعوب تملك تاريخا قديما...آلاف السنين قبل الميلاد..
والشعب العراقي واحد منها....
وله تاريخ قديم في الحروب, والثقافة, والعلم...والحضارة.
الحضارة السومرية والبابلية والآشورية...وكتابات اولى على ألواح الطين ورسومات لنظرية تشبه نظرية فيثاغورس, ومسلة حمورابي وقوانينه المدهشة العادلة, منها العين بالعين والسن بالسن, وملحمة كلكامش وبحثه الطويل عن محاولة ايجاد طريق لخلود للإنسان...كان فيها فلسفة عميقة وذكاء انسان ما قبل التاريخ....نفس الذكاء والقلق الذي يعيشه انسان القرن الحادي والعشرين, بل ربما أكثر صفاء....حيث لم تكن قد شوهته بعد وسائل اعلام وتكنولوجيا مادية.
وتذكرت بالأمس أن من احدى مكاسب الإحتلال البريطاني للعراق, هو حملات التنقيب عن الآثار العراقية القديمة, ثم تمت مصادرة تلك الآثار العظيمة ووضعها في متاحف أوربا حتى الآن...
السؤال هو : من أعطاهم الحق؟
اليس هذا تاريخنا وتراثنا؟
لماذا يسرقونه ويعرضونه عندهم كأنه يعود لهم؟
ومن سيعيده لنا ؟
**************
وأتذكر كلمات استاذي العراقي الذي التقيته ذات يوم صدفة في عمان...
كان استاذا جامعيا في نهاية الخمسين من عمره, زوجته بريطانية, وكذلك جنسيته,وكان درسني في جامعة بغداد مادة الهندسة الصحية ...وفرحت حين التقيت به بعد سنوات طويلة من تخرجي...وتناقشنا في امور عديدة, عن صعوبة الغربة والعيش خارج الوطن...ثم تكلمنا عن العراق والعراقيين, فقال لي جملة لم انساها...
انها مسألة جينات...كل شعب يحمل جينات أجداده...والعراقيون يحملون في دمائهم حضارة عميقة قديمة...فلا تظني ذلك أمرا تافها....انه مؤثر جدا على شخصية الإنسان.
أتذكره دائما...وكلما اشتدت الكرب على العراق والعراقيين , أتذكر تاريخهم القديم وقوتهم وصبرهم...واتفاءل أنهم شعب لن يهزم...ولن يستسلم لمن يريد محو هويته....
********
وكلما رأيت شبابا عراقيين بأعمار أولادي رائد وخالد وماجد...يكتبون مقالات وقصائد كلها وطنية وحب للعراق ووحدته واستقلاله كانهم رجال ناضجون, ابتسم ويرتعش قلبي فرحا...واتذكر كلمات استاذي...لا تخافي على العراقيين وأجيالهم...انهم يحملون جينات قديمة قوية ...جينات فيها حب وعشق للعراق وأرض العراق وعزته وكرامته
واتذكر قصيدة السياب وهو في غربته:
الريح تصرخ بي: عراق
والموج يعول بي: عراق...عراق ,ليس سوى عراق
البحر أوسع ما يكون , وانت أبعد ما تكون
والبحر دونك يا عراق
........
.........
إني لأعجب كيف يخون الخائنون
أيخون انسان بلاده؟
إن خان معنى أن يكون, فكيف يمكن أن يكون؟
الشمس في بلادي أجمل من سواها, والظلام
حتى الظلام هناك أجمل,فهو يحتضن العراق
********
كل الحب وكل الأمنيات الجميلة
لأرض العراق, ودجلة والفرات, وجبال وسهول ووديان العراق..
.والنخلات العاليات الشامخات ...يذكرنني بوجه أمي الحنون ...لا أدري لماذا..لكنهن يبدون لي مبتسمات رغم المحن, كأم عراقية صابرة.
اللهم بردا وسلاما على العراق والعراقيين
اللهم بردا وسلاما على العراق والعراقيين
اللهم بردا وسلاما على العراق والعراقيين
*********







<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives