Thursday, June 17, 2004

 
الأربعاء 16 حزيران 2004
صباح الخير...
الجو لطيف في الصباح, حار في الظهيرة, أكثر من 40 درجة مئوية..
انتهت امتحانات المدارس والجامعات في العراق....
ستبدأ العطلة الصيفية...حيث سيسافر كثير من العراقيين للخارج, لأن العطلة طويلة, وتستمر طوال شهور الصيف الحارة...
والطلاب سيقضون معظم الأوقات في مقاهي الإنترنت أو المشاركة في نوادي رياضية ان كانوا من عوائل جيدة الدخل, أو يعملون لمساعدة عوائلهم ان كانوا من عوائل فقيرة...حتى يعود العام الدراسي الجديد...
اتمنى الخير دائما للجميع...
واتمنى ان تكون الأيام والشهور القادمة , أفضل من التي مضت...آمين.
*************
اشتريت كتبا جديدة..وهذه الأيام مشغولة جدا في القراءة..
ليس أجمل منها هواية لتمضية الوقت..
أقرأ عن تاريخ العراق الحديث للدكتور علي الوردي, وفترة الإنتداب البريطاني للعراق بعد سقوط الدولة العثمانية ونهاية الحرب العالمية الأولى...
ما أشبه اليوم بالبارحة...هكذا يقول المثل.
ابتسم واهز رأسي دهشة...
العشائر العراقية وعلاقتها بالبريطانيين...
كان معظم زعماء العشائر ضد الإنتداب, وكذلك القيادات الدينية في العراق من سنة وشيعة.
وكانت بريطانيا تحاول أن تقيم علاقات طيبة معهم لتكسب رضاهم, ومن ثم يؤثرون على الشعب لإقناعه
بحسن نوايا البريطانيين, وانهم جاءوا لإعطاء الحرية والديقراطية للعراقيين, وتخليصهم من ظلم وتخلف العثمانيين...
الأ يبدو هذا الكلام معادا مألوفا هذه الأيام ؟؟
منذ عام 1920 الى 2004
كم من السنوات والأجيال مضت؟
والحديث نفسه, والخطاب السياسي والإعلامي نفسه
والغرب يفكر بنفس العقلية, ونحن العرب والمسلمين ما زلنا نشرح لهم ليفهمونا...دون جدوى .
**********
هم يفكرون بعقلية الرجل الأبيض المحرر للشعوب المتخلفة...ونحن منها كما يظنون.
ونحن نرى انهم جاؤا لتحقيق مصالحهم هنا...والفجوة كبيرة دائما, ولا سبيل لردمها.
********
نحن عندنا قيم ومفاهيم من الدين أو غيره, اننا شعوب لا ترضى بحكم الأجنبي...وتظنه عارا أن يكون
المسيطر على قيادة الأمة أجنبيا أو عربيا يستلم الأوامر من أجنبي .
هذه صفة موروثة وسائدة في هذه الأمة, منذ أيام محمد عليه الصلاة والسلام ,وحتى قبلها.
العربي أو البدوي الذي تحول الى مسلم..طبيعته متمردة, شديد العزة بالنفس, وكرامته اثمن من كل شيء.
وصعب قيادته...لأنه يتشبث بوجهة نظره, ويرى التراجع عنها ضعفا واستسلاما...وخصوصا أذا كان خصمه أجنبيا.
دائما أقول أن من معجزات محمد عليه الصلاة والسلام , ليس فقط القرآن والأحاديث, لكن لم شمل هؤلاء الأعراب المتمردين وتوحيد كلمتهم, معجزة بحد ذاتها....
فكيف يظن الإحتلال الأجنبي أنه يقدر أن يقنع العرب والمسلمين بأنه على حق, وانه يريد الخير لهم, وانه يملي عليهم البرنامج القادم لحياتهم؟؟
انه سيمضي سنواته بمشقة بالغة, ولن يحصد الثمار التي يتمناها...
أهم الثمار هي أن يصدقوه, ويؤمنوا به...ويسيروا من خلفه.
ذلك حلم بعيد......
*********
وفي التاريخ الذي أقرأه , كان ثمة فئة قليلة من زعماء العشائر يؤيدون الإنتداب البريطاني, ولهم علاقة صداقة قوية, لكنهم لا يجرأون على البوح بها, أو تزكية البريطانيين أمام الشعب ,لأنهم يخافون من نقمة وغضب الشعب.
ويقولون للقادة العسكريين البريطانيين نحن معكم, لكن أمام الشعب سنقول اننا ضدكم, لأننا نخاف ...
حقا قراءة التاريخ ممتعة...
فما كان خلف الأبواب...اصبح مكشوفا اليوم .
وهذا كله يجعلني اضحك وأتأكد ان ثمة خونة دائما لأرادة الشعب , ويبحثون عن مصالحهم , لكنهم في النهاية يسقطون...
وان ثمة رجال شرفاء يقفون ويتحدون الظلم...والشعب يلتف حولهم..يشعلون الثورات ضد الظلم والباطل...
فينكسر الباطل, وينتصر الحق.
وكأنني أرى أحفاد هؤلاء, وأحفاد هؤلاء...كل يعيد الدور...
الشريف يعرف طريقه ويتمسك به..
والخائن يتبع خطى أجداده...
وكل سينال جزاءه...
**********
الأصدقاء كثيرون من الأجانب...نتراسل بالبريد ونتناقش حول مواضيع مختلفة..
وأدرك تماما أن نقاشاتنا مجدية, لكنها محدودة التأثير...
كم من أمريكي أو بريطاني أو أوروبي يدخلون مواقع الكتاب العراقيين الذين يعيشون في بغداد ولهم مواقع على الإنترنت, , وينقلون صورة الحياة اليومية الحقيقية؟
وكم من الأمريكيين والأوربيين الذين يأخذون مصادر الأخبار من جهات غير التي تدعمها الحكومة والجهات الرسمية..
عشرة آلاف؟ عشرون ؟ خمسون؟
ما نسبتهم بالنسبة لشعوبهم؟
مانسبة هذه الآلاف القليلة التي تقرأ وتناقش وتتعلم, وترى وجها للحقيقة مختلفا عما تظهره لهم حكوماتهم ووسائل الإعلام هناك؟
الولايات المتحدة عدد سكانها حوالي 300 مليون نسمة.
يعني الغالبية أما مشغولة لا تبالي, أو تسمع وسائل الإعلام الرسمية التي لا تتكلم عن الحقيقة.
والأقلية الواعية التي تبحث عن الحقيقة...لكنها أقلية لا يشعر بوجودها أحد...وتحتاج لجهد عظيم وزمن طويل حتى يكون لها صوت مسموع بين طبقات الشعب.
وأتساءل مع نفسي: نحن الآن في عصر الأنترنت والموبايلات وهكذا الجهل بين الناس...
فكيف كان الحال في العشرينات من القرن الماضي؟
وكانت بريطانيا العظمى تتحكم بالعالم والشعوب, كما تفعل أميركا الآن...
**********
وتقول المس بيل في مذكراتها , وكانت مساعدة أو مستشارة للحاكم العسكري آنذاك.
اننا نحاول أن نقنع الناس ان حكم بريطانيا للعراقيين أفضل من حكمهم لأنفسهم , لأن دولتنا هي رمز العدالة والإنصاف في العالم...
يا الهي...انها جمل قديمة جديدة, تجعلني أحتار, هل ابتسم أم أحزن؟
انها نفس العقلية التي يتكلم بها قادة الإحتلال في العراق...
وأنظر للصحف ووسائل الإعلام , وصورتنا فيها.هذه الأيام ..
عراقيون جرحى وقتلى من تفجيرات ...أو عصابات تتقاتل للنهب والسلب.وحوش...وحوش...وحوش.
هذه صورتنا في الإعلام هناك...
والشعوب هناك تتألم وتتساءل لماذا ترفضون مساعدة حكوماتنا لإنقاذكم وتحسين حياتكم؟
ونحن نفتح أفواهنا دهشة؟
هذا الذي يشوه صورتنا, هو نفسه يقوم بدور المنقذ؟
كيف نصدقه؟
ما مصلحته بتشويه الصورة واختراع القصص الكاذبة التي تسيء لنا؟
أظن الجواب أصبح واضحا: ليعطي مبررا قويا لمعنى وجوده هنا...
فنحن وحوش تتقاتل فيما بينها, والقوات الأجنبية تقوم بعملها الإنساني لتعليمنا الف باء الحضارة والحياة الصحيحة...ونحن لا نصغي...نتقاتل ونفجر ونهدم ما تنجزه قوات الإحتلال من بنية تحتية...
من يصدق.؟
الشعوب هناك كلها تصدق. .. وبعضهم يحزن علينا وبعضهم يحتقرنا....
نعم...هذه هي الصورة الآن...
*********
وكنت أفكر مع نفسي في الصباح, وأنا في طريقي للعمل...
بريطانيا دخلت العراق بعد سقوط العثمانيين لتحرره وتعطيه الديمقراطية...هكذا كانت التغطية لذلك الإحتلال...
وبماذا خرجت من العراق بفوائد؟؟؟
سيطرت على النفط وانتاجه لعشرات السنين , ساعدت على قيام دولة اسرائيل, شقت صفوف العراقيين لسنوات طويلة, حكومات عراقية وحكومات عراقية متعاقبة, ومظاهرات وشهداء, ومعاهدات, وحكام بظاهرهم مستقلين, وبباطنهم تابعين ينفذون سياسات بريطانيا العظمى....
حتى حدث الإستقلال عام 1958 واقامة أول حكم وطني عراقي من الشعب نفسه...
لكن الأحقاد والدسائس ضد العراق و العراقيين لم تتوقف...
وظلت أصابعهم تحوك شباكا واهية كخيوط العنكبوت....حتى سقطت بغداد عام 2003 على يد قوات الإحتلال مرة أخرى....
لكن هذه المرة بريطانيا مع أميركا كقوات تحالف..
هذا هو تاريخنا وذكرياتنا مع قوات احتلال مضت...وقوات احتلال جاءت...
وما أشد شبه اليوم بالبارحة...
وكأن ...وكأن التاريخ يعيد نفسه هنا ويضحك مستهزئا من جديد....
********
الخميس 17 حزيران 2004
صباح الخير مرة أخرى...
صباح الإنفجارات...
انفجار سيارة مفخخة في بغداد, قرب مركز للجيش العراقي الجديد ..
هذه ثاني مرة أو ثالث مرة يستهدف هذا المركز خلال شهور..
ما هي الإجراءات الأمنية التي تمنع حدوث انفجارات مرة أخرى؟
لا شيء طبعا...
*******
ومن هو البطل الذي يعلن مسؤوليته عن هذه التفجيرات؟
الزرقاوي أم قوى الظلام, صدام حسين؟
هه, نكات سخيفة ما عاد يصدقها أحد...
دماء العراقيين تسيل في الشوارع صباح مساء... من مدنيين وشرطة وجيش..
وعدد العراقيين الضحايا يفوق عدد القتلى من قوات التحالف بأضعاف...دائما.
الى من نوجه غضبنا؟
الى قوات التحالف أم قوى الظلام الخفية؟
ومن الذي فتح لها الباب لتدخل العراق وتعشش فيه؟
اليست هي قوات التحالف التي جاءت لنجدتنا وتحريرنا؟
شكرا لهم صباح مساء...
بعد كل تفجير وقبل كل تفجير..
فقد صار العراق أرض الدماء والخراب والدمار والسيارات المفخخة
بدل أن يصبح أرضا للحرية والديمقراطية كما يدعون...
متى يعود السلام الى بغداد مدينة السلام؟
عندما تخرج هذه القوات المشؤومة من بلادنا...
هذه التي جاءت وجاء معها بنود جديدة دخلت حياتنا لم نكن نعرفها , بل نسمع أنها تحدث أحيانا في مدن أخرى من العالم...
سيارات مفخخة, وانفجارات في كل وقت ومكان , وقتلى وجرحى, و قصص عن سجناء ابو غريب
هذه مفردات حياتنا الجديدة بعد الإحتلال...
وما زال ثمة حمقى يدافعون عن قوات الإحتلال ويرونها المنقذة للعراق...
هه, نكتة سخيفة أخرى ...
في الحقيقة...
صارت حياتنا هنا كلها عبارة عن نكتة سخيفة لا معنى لها...
ولا أحتمل قراءة أية رسالة من أي أمريكي , ما زال يحاول أن يقنعني بإنسانية حكومته, وحملتها العظيمة من أجل تحرير العراق والعراقيين...
أخرجوا من بلادنا....
هذا أفضل عمل انساني تقدموه لنا في الوقت الحاضر...
وبعد أن تخرجوا...اقسموا لنا انكم لن تعبثوا بحياتنا وترسلوا مزيدا من المجرمين والمخربين ليعيثوا فسادا
في بلادنا..
أنا شخصيا لا أظن أن أميركا أو بريطانيا ممكن أن يغمض لها جفن, ونحن سعداء مطمئنين...
أبدا....فسعادتهم دائما تأتي من تدميرنا وتخريب حياتنا...
وهم الآن بأسعد حال...
وهاهم يفعلون بنا ما كانوا يحلمون يه منذ عشرات السنين...
لكن الله يقول: تلك الأيام نداولها بين الناس...
يعني سيأتي يوم تخرب وتتحطم حياتهم كما فعلوا بنا...
ونحن ننتظر ذلك اليوم...
عساهم يفهموا عند ذاك, آلامنا التي نعيشها كل يوم وكل ساعة......
***************










<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives