Sunday, June 13, 2004

 
السبت 12 حزيران/ 2004
صباح الخير...
بغداد بخير...رغم الحزن , وغموض مصير العراق والعراقيين, لكننا لا نقطع الأمل بغد جميل مشرق...
لأنني لم أقطع الأمل بالعراقيين...
اتمنى أن يظلوا رمزا للشهامة وحب الوطن...والأ يناموا كما نام غيرهم...والأ يصيروا خرافا كما صار غيرهم..
فهم الأمل الذي تبقى لهذه الأمة المتعبة التي تكالب عليها الأعداء من كل الجهات...
********
سألني شاب أمريكي زارنا قبل أيام مع مجموعة من الشباب والشابات من اميركا واستراليا ونيوزلنده وآيرلنده
يعملون كناشطي سلام حول العالم...
كيف تتمني أن تري العراق بعد خمس سنوات من الآن...
اطرقت وفكرت....ثم قلت: اتمنى أن أراه حرا جميلا متطورا في كل شيء..
في مناهج التعليم في المدارس والجامعات, وفي طريقة تفكيرنا صوب الحياة... وفي كل شيء ,ولكن...
دون أن نفقد هويتنا ....مسلمين,أو عرب , أوعراقيين.
دون أن نفقد ثقافتنا وننسى تاريخنا...
لا نريد أن نذوب في خليط لا هوية له...
قلت لهم :انا مسلمة , وانتم مسيحيون أو بلا ديانة, لا يهمني...
لا مانع ان نكون اصدقاء, يحترم أحدنا الآخر, ويستمع اليه, دون أن نفقد الهوية ...
ثقافات وتاريخ واديان مختلفة...نبني عالما جميلا يسوده السلام والأمان.
لا حروب ولا أحقاد...ولا ندمر بعضنا...
هكذا اتمنى ان يكون العالم في السنوات القادمة...يعيشه اولادنا واحفادنا , مع اولادكم واحفادكم...
***********
هذا الوفد أهدى ابني ماجد( سي دي )فيه أغاني للفرقة التي تغني للسلام...
مرسوم عليه طائرة بي 52 ترمي قلوب وحب على العالم...
وتذكرت البي 52 التي كانت ترمي الصواريخ على العراق في الحرب الأخيرة..
وكنا نسميها المحراث...لأنها تحرث الأرض وتدمر كل من عليها من بشر واشجار ومباني وآليات.
وحين كنا نستمع للأخبار اليومية , يقولون انطلقت طائرات بي 52 من قاعدة في اوروبا مثلا...
فكنا نضحك ونقول عدوا الساعات ستصل اليكم بعد ست ساعات أو ثمانية , وتبدأ الغارة.
وطبعا غاراتها كانت طوال الليل على مواقع الجيش العراقي...الذي تم سحقه بلا رحمة .
***********
كنت اطبع قبل أيام يوميات الحرب من دفتري القديم..
ورأيت اننا منذ سقوط بغداد بدأنا نتمنى الأمان وننتظره...وعودة الماء والكهرباء..
وها نحن بعد أكثر من سنة, نتكلم ونطالب بنفس البنود , وكأن الزمن توقف وما عاد له معنى.
لماذا؟
مطالب الناس بتوفير ابسط البنود للحياة اليومية أصبحت عسيرة؟
اليست هي الأولويات؟
لكن لم تكن كذلك حتى الآن...
لا من قبل مجلس الحكم, ولا من قبل قوات الإحتلال...
وطبعا ستسمع قصصا طويلة ومبررات كثيرة....
*********
في الأسبوع الماضي, عندما اطلق سائق الدبابة النار على الطلاب في المقهى..
تألمت كثيرا حين سمعت القصة..لأنني أم , وأحسست بمقدار ألم امهاتهم وآبائهم..
واتصلت برائد, وسألته أن يساعدني على ايجاد اتصال مع اي منظمة تعنى بحقوق الإنسان لتقديم شكوى...
ثم عاد واتصل وقال : لا يوجد حاليا في العراق اية منظمة من هذه التي تسألين عنها..
خذي عنوان الموقع وحاولي الإتصال بهم...
فتحت الموقع ووجدت أن فيه تقارير عن تجاوزات قوات الإحتلال لحقوق الإنسان في العراق , لكن لا أحد يهتم
أو يتعاون في هذا الموضوع...
تذكرت انفجار مبنى الأمم المتحدة...ومقتل ممثل الأمين العام...واغلاق مكتب المنظمة وانسحاب الأعضاء العاملين الى عمان حتى اشعار آخر...
من له مصلحة بتفجير ذلك المكتب؟
ومن له مصلحة بإخراج الأمم المتحدة من العراق؟
هل هم حقا العراقيون؟
أشك في ذلك...كلنا نشك في ذلك.
هذه الأفعال يرتكبها أعداء العراقيين , الذين يملأون العراق الآن , من كافة الإنتماءات والجنسيات .
والعراقيون هم الخاسرون.
تدمير شبكات الكهرباء, واستهداف مراكز الشرطة والجيش الجديد, هذه افعال لا يرتكبها عراقيون شرفاء..
هذه يرتكبها مرتزقة يبتغون من ورائها أهدافا سياسية ....واساءة للشعب العراق, وتشويه لسمعته, ومبرر لسحب
الإستقلالية من يده, وتخويل جهات اجنبية بتملك القرارات الخاصة بالعراق...حتى اشعار أخر...
*********
أما عن قرار مجلس الأمن حول الحكومة الإنتقالية ومجيء قوات متعددة الجنسيات الى العراق
فهو كلام جميل بظاهره, يمتليء بالغموض والأسئلة في باطنه..
ابقاء الحق للقوات الأجنبية باتخاذ ما يلزم لضبط الأمن ؟
هذه نقطة مثلا ستكون مبررا لكل عمليات عسكرية ستوقع ضحايا آخرين من مدنيين وغيرهم...
وسنظل في الرعب لأن ثمة قوات اجنبية تملك صلاحيات لا محدودة...
وتمسك يزمام الأمور....
وهذا يعني لا استقلال للدولة العراقية في المنظور القريب.
*********
والصحف تمتليء بالحديث عن رئيس الحكومة اياد علاوي...
وتقارير عن كونه من السي آي أيه, وانه كان مسؤولا عن تنفيذ التفجيرات في العراق في عهد صدام...
لماذا يفضحون الرجل ويشوهون سمعته؟
هل هو حقا عميل سي آي أيه؟
وهل هذه القصص تسقط عنه النزاهة والكفاءة؟
ومن الذي جاء به واختاره رئيسا للحكومة؟
وهل هذه سياسة ابتزاز للرجل ليظل تحت السيطرة ولا يتمرد عليهم في المستقبل؟
وكيف سنحترمه ونثق به ؟
*********
لست خبيرة سياسة ولا أحزاب...لكن التأمل والنظر لما يحدث, وتحليله, يعطي احتمالات منطقية .
الهندسة علمتني التفكير والتحليل لكل شيء في الحياة .
عندما ذهبت لبيروت مع عزام في بداية زواجي وتخرجي من الجامعة عام 1976, وعملت كمتطوعة لأعادة اعمار مخيمات اللاجئين الفلسطينيين , واعادة الماء والكهرباء اليهم, ومتطلبات الحياة الأخرى...
كنت في بداية العشرينات من عمري...
ونظرت الى القادة السياسيين, قادة الأحزاب والتنظيمات, فوجدتهم أبعد ما يكونوا عن الناس واهتماماتهم...
واشد ما يهمهم في الحياة , المناصب والإمتيازات, والقتال فيما بينهم من أجل تلك الإمتيازات...
وكان ثمة حرب أهلية طاحنة..استمرت لخمسة عشر سنة, مصالح ومصالح ومصالح...
مات في تلك الحرب عشرات الآلاف من الأبرياء....
حتى توصل أصحاب الأحزاب الى صيغة لتتوقف الحرب .
ومن تلك الأيام كرهت السياسة وأهل السياسة.
ووجدت انها اسوأ مهنة في العالم...
وانها ابعد ما تكون عن الصدق...
ففيها كذب ومكر والاعيب...
ومنها تأتي الحروب والخراب والدمار للشعوب والأوطان...لأنها مهنة مصالح ..
والمصالح عادة لفئة قليلة, والخسائر تدفعها فئات الشعب البريئة ...
*******
لو كان الأمر بيدي, لبقيت أكتب في موقعي هذا عن الأطفال والزهور والعصافير...وكل المواضيع الجميلة التي
لا تعكر المزاج ...او تثير الخلافات...
لكن العالم الذي نعيشه, يتخبط, ويتجه نحو الهاوية...بفعل سياسات رجال حمقى, لا يعملون الا لمصالح فئة قليلة
وشعوب العالم تغط في نوم عميق...بعضها يتفرج , وبعضها يدفع الثمن.
وأرى اننا جميعا نتحمل المسؤولية....
نتحمل مسؤولية أن نفتح عيوننا وعقولنا لنفهم ما الذي يجري من حولنا..
لنوقف الشرير عند حده, ونشجع الشريف على انجاز ما فيه مصلحة المجموع من الخير...
ان نصمت أو ننام , فكأننا شاركنا الأشرار في اعمالهم...
العالم قرية صغيرة, نريد ان يسودها الأمن والسلام .
وهذه مسؤوليتنا جميعا....
***********
اليوم جاءت امانة بغداد لترفع كل التجاوزات التي حصلت على الشوارع, والطلب من الباعة المتجولين بعدم النزول للشارع لعرض البضاعة, واستعمال الرصيف بطريقة لا تؤذي المشاة.
واعطاء مهلة للذين تجاوزا واقاموا منشآت مؤقتة غير مرخصة , بان يزيلوها بأسرع وقت ممكن..
وقبل قليل حدث اطلاق نار ضد الشرطة من بعض المتجاوزين...
وجاءت قوة اسناد, واخذوا الذين اطلقوا النار الى مركز الشرطة لتوقيفهم, واتخاذ الإجراءات اللازمة .
نعم ..هذه أخبار سارة جدا...
نحن مع الشرطة العراقية, ونريد أن يفهم كل من تجاوزأن ثمة دولة تسأله وتحاسبه...
ويفهم الجميع ان الحرية لا تعني التجاوز على حقوق الآخرين...
وهذا يعطينا املا بأن حوادث القتل والخطف والسرقات ستقل...عندما تكون ثمة دولة عراقية ترعى شؤون مواطنيها وتحميهم....
نرحب بها ونساندها, ونبني معها عراقا جديدا قويا...
وفي وقت ما , اذا أحس العراقيون أن هذه الدولة, تفرط في حقوقهم, وتعطي صلاحيات للأجنبي أن تكون له السيادة...فسيكون لكل حادث حديث....
اتمنى ان يكون للعراقيين قدرة للوقوف وقول كلمة : لا , حين يتطلب الموقف...
اتمنى أن لا يناموا أو يصبحوا كالخراف...فتضيع حقوقهم كما كان الحال ايام صدام...
اتمنى ان لا يعيد التاريخ المؤلم نفسه هنا....مرة أخرى .
************












<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives