Sunday, May 09, 2004

 
الأحد 9/5
صباح الخير
اليوم عيد الأمهات في بعض دول العالم..
اتمنى لهن جميعا يوما جميلا مع العائلة...وباقة من الورود, أو هدايا بسيطة جميلة تدخل السعادة على قلوب
الأمهات...
واتمنى أن يعود السلام والهدوء لحياتنا لنحتفل مثل باقي البشر بمناسبات جميلة كهذه...ونحس بطعمها.
طعم الأشياء يغدو تافها مع أجواء الحرب...هي الحياة ذاتها تصبح تافهة..مملة...حزينة .
أتذكر عندما كنا نعيش في عمان...وكان الأولاد صغارا في المدارس الإبتدائية..
كانوا يتنافسون في شراء هدية لماما في عيد الأم..
ما زلت احتفظ بعدد منها...مزهرية صغيرة من خالد..وكتاب من رائد...وبطاقة ملونة ..وكتب فيها رائد كل عام وانت بخير ماما حبيبتي...كلما أراها ابتسم وتدمع عيوني...
ماجد رسم بطاقة عليها وردات ملونة وهو في صف الروضة...وكتب ماما بخط يده...
ليس أسعد على قلب الأم من أن تجد أولادها يردون لها الحب الذي اعطتهم اياه ..
بالمحبة والتقدير والكلمات الجميلة...
يفرح قلبها وتحس ان رسالتها في الحياة أثمرت...وأعطت جيلا جديدا يتواصل معها , فيعطي معاني أجمل وأعمق للحياة .
*********
الناس متشابهون...مهما كان مكان وجودهم على الكرة الأرضية..
فيهم الطيب والشرير..الجميل والقبيح...الغني والفقير..الغبي والذكي..
والغبي , هو الذي يظن الصفات الطيبة لشعبه فقط..والآخرون حثالة لا يستحقون الحياة .
أتذكر الآية الكريمة :( وخلقناكم من نفس واحدة.....)
يعني تحسون بكل المشاعر مهما اختلفتم لغاتكم والوانكم وجنسياتكم..
تفرحون وتحزنون وتغضبون, وتعرفون هذا خير وهذا شر..هذا جميل وهذا قبيح .
وكلكم عندكم أحلام وطموحات ..وعندكم حواس تنظر وتسمع...وعندكم عقول تفكر وتفهم..
وعندكم رغبات طيبة وشريرة..
التواضع والقناعة..أو التكبر والأفتخار
**********
لا أريد أن اتكلم عن حياتنا دون سرد تفاصيل.
فهذا يوضح الصورة أكثر...
عندما كنا صغارا...أخوتي وأنا , كنا متفوقين في المدارس, وكنا فقراء..
كان أبي يقول تمسكوا بالعلم...فإنه يجعلكم سادة الناس...حتى الملوك يخضعون للعلماء...
وكنا نضحك...ونتعجب, ولم نكن نفهم...لكنا نصدقه...ونحترم رأيه.
ومرت بنا السنون...وتخرجنا من الجامعات..
الأول طبيب أسنان كان من العشرة الأوائل, فذهب الى اميركا ليكمل دراسة الإختصاص بتقويم اسنان الأطفال...
وعاد ليعمل استاذا في الجامعة..وعنده عيادة في المساء..
الثاني تخرج طبيبا وذهب الى بريطانيا ليتخصص جملة عصبية..عاد ليعمل استاذا في الجامعة, وعنده عيادة بعد الظهر..
الثالثة أنا, تخرجت مهندسة وتزوجت وسافرت للعمل في دول عربية مجاورة, في مكاتب هندسية استشارية
كمهندسة تصميم مدني للمباني..
الرابع تخرج طبيبا وتخصص في الجراحة, ومثل السابقين, يدرس في الجامعة, وعنده عيادة.
الخامسة, تخرجت طبيبة وتخصصت نسائية وتعمل في الصباح في عيادة للدولة, وفي المساء عيادتها الخاصة.
السادسة تخرجت مهندسة ري, وعملت في الدولة باختصاصهالفترة طويلة , ثم استقالت.
السابعة تخرجت صيدلانية وعملت في معمل أدوية سامراء للدولة ثم استقالت, وعندها مذخر ادوية وصيدلية..
الثامن تخرج مهندسا ميكانيكيا ويعمل بقسم صيانة المكائن في معمل غازات طبية حكومي...وهو رئيس مهندسين الآن .
هل عائلتنا حالة خاصة؟؟
لا أظن ...هكذا معظم العوائل العراقية..
التعليم مجاني, ونأخذ فرصتنا في كثير من الأحيان بعدالة..كما في أي مكان آخر من العالم..
*******
تزوجنا جميعا من الذين اخترناهم...لم يفرض علينا أحد رأيه...
ومعظم الزواجات من زملاء الدراسة, كما هو حال ابناء وبنات جيلنا...
علاقاتنا مع العائلة مستقرة وطبيعية, نلتقي في المناسبات , ولا نقطع الود عن بعضنا...
الغني يساعد الفقير...الذي عنده مركز مهم يساعد الذي بحاجة له.
هكذا مضت سنوات حياتنا...
******
حتى الحروب استفاد منها العراقيون لتزيدهم خبرة في الحياة..
ورغم ظلم صدام حسين ومعاملته القاسية للعراقيين, فهم لم يكونوا اغبياء او كسالى..
في الحرب الإيرانية , تطورت خبرة الأطباء العراقيين في العمليات الصعبة والمعقدة...وكانوا يأخذون معهم للمؤتمرات اوراقا للبحوث العلمية, وكيف عالجوا الحالات الصعبة, مثل كسور الفك والأسنان,
أو الجراحة التجميلية بسبب اصابات الحرب, أو الجراحة العصبية, وألأمراض العصبية الجديدة, وكيفية علاجها...
اتذكر اخواني وزملائهم وهم يشاركون في المؤتمرات الطبية ويقدمون أوراقا فيها حالات صعبة...ويشرحون ويعرضون سلايدات..ويقدمون اقتراحات للعلاج..
والمهندسين العراقيين, تعلموا كيف يصنعون وينتجون ما يفيدهم اثناء الحرب, من جسور ومنشآت تستعمل للجيش, ثم صناعة الأسلحة , فتعلموا اشياء جديدة لم تكن سابقا ضمن برنامج حياتهم.
وربات البيوت والموظفات في الدولة..تعودن كيف يكن قائدات للعمل بدون رجال...
يتحملن المسؤولية, ويقمن بالعمل بما يضمن استمراريته...
رغم آلامهن بغياب ازواجهن واولادهن ...مشاركين في الحرب .
لكن عجلة الحياة كانت تدور....
هذه كلها صور لحياتنا قبل التسعينات...
الدراسة والعمل والزواج...وحتى الحرب.
*******
بعد حرب الكويت...
ثم فرض الحصار على العراق...
من قاد فرض الحصار؟؟؟
وأصر عليه؟؟
ولماذا؟؟
الكل يعلم ان صدام حسين وعائلته واتباعه هم آخر من سيتأثر في الحصار...
والشعب العراقي كان هو الضحية الوحيدة....
منذ عام 1991الى عام 2003
حتى سقط صام حسين...
كيف اصبح حال العراقيين؟؟
هاجر اصحاب العقول والخبرات, والعلماء...وصاروا بناة حضارة للآخرين..
في اوروبا و أمريكا وكندا واستراليا ونيوزلندة ....
وعانت النساء العراقيات ما عانت , من قلة الدخل, وشدة الحاجة...وباعت العوائل ممتلكاتها حتى تبقى على قيد الحياة..
والشباب تحطمت آمالهم بحياة جميلة مستقرة...
يتخرجون من الجامعات فلا يجدون عملا..
وينتمي معظمهم ليكونوا من حرس صدام أو مخابراته...
وضاعت المباديء والقيم الجميلة...
صار الحب نادرا...وكذلك الزواج ....
حتى العلاقات العائلية تفتت, وابتعد الأخوة عن بعضهم, وانفقدت الرحمة بينهم.
وتشتت العوائل...وسافر الملايين من العراقيين وما عاد لهم صلة باهلهم...
وصار الموظف العراقي في الدولة نموذجا للمرتشي الفاسد..بعد أن كان نموذجا للإنسان الشريف المتعفف.
صار العراقي ممزقا بين ماض مجيد...وحاضر محطم...
كفر العراقيون بكل المباديء....وانهارت قيم الحياة الجميلة أمام اعينهم....
وكان صدام حسين يتمتع بالقوة والجاه والمال...وكذلك أولاده عاثوا فسادا في الأرض...
والناس أكثرهم ضعفاء وجاهلون...يركضون وراء القوي...ويصفقون, عسى أن يرمي لهم الفتات...
*******
وبعد 2003
حدثت الحرب على العراق
واكتمل المشهد
هاجر ما تبقى من العراقيين الأغنياء..والعلماء..
وتم اغتيال أطباء ومهندسين وعلماء واساتذة جامعيين ورجال دين ومدراء عامين...
كأن ثمة من يرسم ويخطط لكل هذا منذ زمن بعيد...
ليقول أن العراق فيه لصوص وقتلة.....لا غير.
وهذا يبرر بقاء قوات اجنبية على أرضه.
والذين في الخارج من العراقيين يخشون العودة...
وجلبت معها قوات الإحتلال القادة الجدد للعراق...
لكن العراقيين ما زالوا بعيون مفتوحة ينظرون....ويجادلون ...ويناقشون..ويرفضون.
ما زال الشعب العراقي حيا...لم يمت .
الحمد لله....
********
وبالأمس كنت غاضبة من عراقية تعيش في امريكا...ولها موقع تكتب فيه..
صورتنا.كأغبياء ,بلا طموحات ,بلا ارادة, بلا خبرة في الحياة.
وصورتنا كأننا مخلوقات فاشلة تحسد وتبغض الشعوب الأخرى...
والحقيقة...غير هذا تماما..
نحن شعوب عندها عقول ذكية مبدعة...وطموحات...ونجاحات...وخبرات.
لكن ثمة من يريد طمس كل هذا ..وأظهارنا بمظهر التخلف والهمجية...
*******
بعد سقوط الإتحاد السوفيتي ونهاية العدو الأول لأميركا...
ظهر بطريقة ما التركيز على الإسلام كعدو أول...
وظهرت شخصية بن لادن التي صنعتها المخابرات المركزية الأمريكية, لتدمر بها روسيا وتخرجها من افغانستان...
وبن لادن لا يمثل المسلمين وتراثهم واخلاقهم...
نحن شعوب مسالمة...تحب الخير..وتعفو عن المسيء..وتصبر على الأذى,,,
هكذا تعاليم ديننا..
نسامح, ونعطف, ولا نحب القسوة والشراسة.
وفي حياتنا اليومية لا نسمع عن جريمة حدثت, او اعتداء على امراة أو طفل..
الا نادرا نادرا...
مجتمعاتنا فيها قيم ومباديء...ما زالت محفوظة...
لا توجد مظاهر قبيحة في مجتمعاتنا...مثل الأيدز والشاذين والمخدرات...والعلاقات غير الشرعية والأطفال غير الشرعيين...كل هذا بحجة الحرية!!!
عندما نسمع عن شيء كهذا نفتح أفواهنا دهشة...ويصيبنا الرعب...ونتمنى أن تظل بعيدة عن بيوتنا وحياتنا..
لكن ثمة من يريد تشويهنا..وظهارنا كأننا برابرة..بلا رحمة...بلا قلوب.
نحن الأعداء الجدد...الذين يستحقون السحق ...هكذا كل الإعلام الغربي يفعل..
ونحن ابرياء...نرتعب من اخبار الإنفجارات التي تستهدف رجالنا ونساءنا واطفالنا...
ثم يقولون...انظروا ماذا يقدم المسلمون للعالم؟؟؟
اريد أن أعرف من يمول تلك التنظيمات المجرمة؟؟؟
اليست هي الجهة نفسها التي مولت بن لادن وجعلت منه كابوسا يدمر حياتنا وحياة الآخرين ؟؟...
وابو مصعب الزرقاوي.؟؟...
وأسماء اخرى....لا نعرف هل هي حقيقية..أم من وحي الخيال؟؟؟
نشروا ثقافة الخوف ...والعنف...وتشويه صورة الإسلام.
نفس الأصابع تدور على خارطة العالم....تقتل وتفجر وتدمر...وتخلق الفتن..
في العراق والأردن والسعودية ومن قبلها في برجي التجارة في نيويورك...
نفس الأصابع قتلت العراقيين وغيرهم من ضحايا أبرياء في كل مدن العالم ....
وتجعلنا نبحث حائرين عن متهم....
والمجرمون الحقيقيون يختبأؤن ويضحكون...
صرنا أعداء بعضنا...وكل واحد منا بريء...
******
هكذا هو حال الدنيا اليوم....
لكننا لا نتوقف عن الحلم بغد أفضل.....











<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives