Monday, April 12, 2004

 
الأحد11/4
صباح الخير...
اليوم ذكرى أربعين الحسين عليه السلام, وعيد قيامة المسيح عليه السلام...
كلاهما مات من أجل كلمة الحق...في وجه أقوياء ظالمين..
وكلاهما مات منذ آلاف السنين , وظلت ذكراه قوية في عقول الناس يتوارثونها جيلا بعد جيل...
وكلاهما من عباد الله الصالحين...
فكأن الله اليوم يجلس على كرسيه , في عليائه , ويبتسم ويقول:هذا مسلم وهذا مسيحي..
وكلكم عبادي...فلماذا يظلم بعضكم بعضا؟؟
****
القوي يقتل الضعيف , ويسلبه كل شيء , ويعطي مبررات دائما...
دفتر سميك يحتوي على أكاذيب قديمة وحديثة ...إسمه دفتر المبررات...منذ آلاف السنين, يستعمله الأقوياء
الأشرار لتفسير أعمالهم القبيحة, بأسباب بريئة يريدون بها دائما المصلحة العامة.
****
بالأمس وصلتني رسالة جميلة جدا من مواطنة أمريكية, سيدة تعمل ممرضة, وتعيش في ولاية متشغان.
سردت فيها تاريخ الولايات المتحدة...وجعلتني أفكر طويلا معها , واتخيل الصورة تماما...كيف يفكر المواطن الأمريكي...ضمن تاريخه وثقافته التي تغذيها وسائل الإعلام...
حرب الإستقلال , ثم معركة بيرل هاربر, ثم قرار الإشتراك في الحرب العالمية, لإسترداد الكرامة للشعب الأمريكي
وفعلا نجحت أميركا في استرداد الكرامة...
ثم حرب فيتنام..ولم أفهم بالضبط هل هي أيضا لها علاقة بتلك الكرامة؟؟
أظن الجواب نعم...
مسألة الكرامة هذه صارت كلمة سر...تفتح بها كل الأبواب الصعبة...وتغلق بها أيضا كل الأفواه المعترضة..
لعبة ذكية لإستدراج الشعوب نحو الكوارث وهي راضية سعيدة...
نعود لحرب فيتنام...لم تنجح قصة الكرامة هنا...فانقلبت الى جحيم... ورفض الشعب الأمريكي الإستمرار
في هذه اللعبة الخطرة لأن الخسائر زادت عن حدها...زادت عن حجم الشعور بالنصر والإفتخار...
انقلبت الى مشاعر حزن وانكسار...ضحايا من الشعب الأمريكي..وحرب طاحنة لا مبرر منطقي لإستمرارها.
فتوقفت...وظلت تجربة أليمة في وجدان الشعب الأمريكي...البعض يريدها درسا قاسيا حتى لا تتكرر..
والبعض يريد أن يفتح أبواب حروب أخرى, يجلب فيها النصر...وينسى خيبة تلك الفيتنام...
****
ولحد الآن الشعب الأمريكي, حين يشرح تاريخ قادته الموجودين من رؤساء الى مستشارين الى منافسين جدد في الإنتخابات...معظمهم أو كلهم له تاريخ في حرب فيتنام !!!
وكأن هذا الشرط الأول للتقدم والمشاركة في السياسة وتقرير مصير البلاد...
حسنا بدات افهم الأجواء هناك...
من بوش الأب الى الإبن الى كيري الى باول الى تشيني الى رامسفيلد الى ...
تبدو الصورة أمامي واضحة ومضحكة...
ثمة عقلية محدودة مغلقة تتحكم في تفكير المواطن الأمريكي...
وكنت أظن اننا الشعوب الوحيدة المحكومة بعقلية مغلقة غبية...تمجد الماضي وتحتقر وتهمش الآخر...
فوجدت كأن العالم كله يتكلم ذات اللغة....ويفكر ذات الطريقة..في تناول موضوع ( نحن والآخرين ).
هي الطريقة الفاشلة ذاتها...والتي تهيء وتعبيء الشعوب لتكون مستعدة لإبادة بعضها البعض من أجل مصلحة فئة قليلة لا رحمة في قلوبها فئة حاكمة, تشبه الفئة التي قتلت المسيح, والأخرى التي قتلت الحسين...
هم ذاتهم لا يتغيرون ...رغم مرور آلاف السنين..
******
وبعد انتهاء جدوى ثقافة الكبرياء...جاءت ثقافة الخوف من الآخر...اقتله ودمره حتى تضمن لنفسك وعائلتك حياة سعيدة آمنة..
هذا هو الذي يعيشه المواطن الأمريكي الآن...سياسة الخوف من الآخر...وتغذيه وسائل الإعلام...
والحرب على الإرهاب ...والحرب على العراق...كلها تندرج تحت هذا الشعار...
وتصمت الأفواه مرة أخرى وتدق طبول الحرب...
*****
اتخيل نفسي جنديا أمريكيا..., وثمة عراقي غاضب, يرفض وجودي على أرض وطنه كقوة اجنبية محتلة...كيف سأقنع نفسي أن قتله مسألة ضرورية ؟؟؟
وأن وجهة نظر العراقي خاطئة؟؟
أولا : وجودي ضرورة هنا حتى لا تحدث حرب أهلية...فلن أغادر, وسأقتل من يعترض, لأنه يؤذي
مصلحة الشعب العراقي...جئت لمساعدتهم, وسأقتل الشرير الذي يرفض مساعدتي...
ثانيا:حكومتي صادقة في نيتها مئة بالمئة...تريد أن تقيم دولة حرة ديمقراطية هنا على الطريقة الأمريكية...
وسأقتل الأغبياء الذين يرفضون هذه الفكرة ويعترضون تحقيقها...
ثالثا:نحن على حق دائما وهم على خطأ دائما...سنظل نقتل ونقتل حتى يرضخوا لوجهة نظرنا....
ويموت منا القليل ومنهم الكثير...لا يهم , فنحن مؤمنون بالمباديء...عاشت أميركا, بلاد الحرية
وحقوق الإنسان...وهؤلاء حفنة من الجهلة نريد أن نعلمهم الحرية وحقوق الإنسان على طريقتنا...
نحن أميركا العظيمة..
والعراقي يقول في نفسه, من أين جاء هذا الغبي ليعلمني الحضارة؟؟
تاريخ حضارتي منذ آلاف السنين, وتاريخ أميركا مئتي سنة فقط
الأمريكي يفتخر بالتكنولوجيا المتفوقة , ويراها الوجه المشرق لدولته
والعراقي يراها الوجه القبيح لأميركا , الذي طالما استعملته لإذلال الشعوب وقهرها دون وجه حق
الأمريكي يرى أن قيم مجتمعه تستحق أن تسود وتحكم العالم
والعراقي يرى فيها قيما فاسدة تحطم المجتمع وتفرقه
دين مغيب, , ومخدرات ,وأمراض مثل الأيدز, وقوانين تسمح بزواج الشاذين
والأمريكي يراها ديمقراطية وحرية
والعراقي يراها انحطاط وفشل....
****
كيف يمكن جمع النقيضين ,ليصغي أحدهما للآخر.؟؟؟
لا أظن ثمة طريقة مناسبة في الأفق...
الآن الدبابة والهليكوبتر والمدافع والصواريخ تتكلم...
وتسقط لغة الحوار بين البشر...
هذا ما تفعله الإدارة الأمريكية بالضبط..في اسلوبها بإقناع الآخر , بوجهة نظرها..
****
واتخيل السيد المسيح عليه السلام يمد يده وينشر بركاته , ويبتسم ويقول : المجد لله في السموات
وعلى الأرض السلام....
****



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives