Friday, February 06, 2004
الجمعة 6/2
ما زلت في عمان... خالد وماجد رجعوا الى بغداد لمتابعة بعض الأمور الدراسية..الدوام لم يبدأ بعد.
رائد بقي معي..اليوم عيد ميلاده ..سنعمل له حفلة صغيرة في بيت خالته...وتحيط به بنات خالته الصغيرات المشاكسات اللواتي يقضين النهار في الصراخ والمجادلات بينهن ...وأنا ورائد نفتح أفواهنا دهشة من هذا الجيل الجديد ..وربما رائد يخاف أن يتورط معهن في حوار...فيهجمن عليه ليأكلنه..
رائد سيبلغ السادسة والعشرين من عمره...أتمنى له العمر الطويل المليء بالعمل المفيد لنفسه ولغيره..
أتذكر نفسي عندما كنت في عمره ..كنت متزوجة وعندي رائد وعلى وشك أن يأتي خالد..وكنت أعمل ...وأنهمك مع زوجي في شؤون تخص العائلة وتفاصيل حياتها....يعني لم أكن أعيش مرحلة قلق الشباب ..كانت مرحلة قلق من نوع آخر ..أقل أذى من قلق هذه المرحلة..كيف أكون وماذا سأكون؟
وبمناسبة عيد ميلاد رائد ..فأنا سأتلقى السؤال المحرج ..إذن كم عمرك الآن ؟..وابتسم وأخفي إنزعاجي .
لماذا ننزعج من هذا السؤال ؟
لأن الآخرين ينتقدون أي تصرف لا يعجبهم ..وسيقولون ..لماذا تفعلين هذا الشيء ؟...كم عمرك؟
وطبعا أنا لا أقصد الحماقات فهي مرفوضة في أي عمر كان ..ولكني أقصد الطموحات ..كل الطموحات التي تم تأجيلها من أجل ألأولاد والعائلة والظروف وأنت شابة صغيرة السن ...بعد أن يكبر الأولاد تشعري أنك تحررت من عبأ ثقيل , آن الأوان حتى ترتاحي وتري حياتك وما فاتك منها ..فتطلع معزوفة العمر ...ماذا تريدين ..فات الأوان ..أنت في الأربعين أو تجاوزت حدوده بسنوات....مخلوقات غبية محبطة !
****
خرجت للتسوق , اشتريت لرائد هدية عيد ميلاده وكعكة فراولة مع الكريمة..تبدو لذيذة..ونادت علي البائعة لتعرض العطور بأسعار مخفضة..قلت لها سأعطيك فرصة للشرح لكن لا مزاج عندي لشراء عطر جديد..عندي عطور كثيرة ولا أحب المغامرة بنوع جديد يجعلني أعطس طوال الوقت,, وقفت تشرح عن كل عطر , وكيف سيجعلك في أجواء تختلف عن الآخر ...كل واحد له مقدمة وأفكار عنه..في البداية استسخفت الموضوع لكني أصغيت لها وتخيلت نفسي أشرح للزبائن عن أهمية وجود جهاز تصفية أو تعقيم للماء في المنزل...هذه البنت تبذل مجهودا لاقناعي ...حييت فيها الجهد والروح المثابرة لكسب الزبون واقناعه فقررت أن أشتري !
والآن أتساءل مع نفسي هل هذا ما يحدث معي حقا في المحل ؟ هل أبيع لأن الزبائن يشفقون علي ؟ هذه كارثة !
المهم ...اشتريت عطرا برائحة الفواكه ...وهو لطيف ويستعمل في كل الأوقات والفصول ...
بعد عودتي للبيت وجدت رائد عنده ضيف , عرفني عليه , وهو أمريكي يعمل في الصحافة المعارضة للحرب على العراق . وهو في عمان منذ يومين ويريد الذهاب الى بغداد للكتابة عن بعض الشركات الأمريكية وحقيقة عملها في العراق . وهو لا يعرف الكلام بالعربي ومعه فلوس ويخشى أن يتعرض للسرقة..
اتفق معه رائد أن يأخذ جزءا من فلوسه هنا ثم نسلمها له في بغداد ,ثم حجز له مع مجموعة ركاب عراقيين في سيارة واحدة وهذا أفضل من السفر لوحده...سيسافر في المساء ,أما الآن فهو سيتناول الغداء معنا..عند الجيران
حيث نحن مدعوين منذ الأمس .
*****
أفكر دائما حين أجد أجنبيا ...ربما يخاف منا , ويظن أننا سنغدر به أو نؤذيه . لكننا نشفق عليه ونهتم به ونحيطه بالرعاية حتى يعود لأهله. وعندما يتأذى واحد من الأجانب الذين نعرفهم من خلال المنظمات ,يركض الجميع ويسانده , ليس لأننا عملاء لأمريكا , لكنه موضوع انساني , وهذا الشخص لا ذنب له فيما يحصل . تماما مثلنا لا ذنب لنا ...
استلمت سؤالا من مجموعة فتيات يكتبن تقريرا عن الحرب في العراق..كيف تنظرون لعوائل الأمريكيين المتورطين في الحرب عندكم ؟ أنا أنظر اليهم انهم ضحايا مثلنا يدفعون ثمن فاتورة لحساب مستثمرين يكسبون الكثير..ونحن الخاسرون ..نحن الشعوب .
لا أنظر للموضوع كما يقول بن لادن ..قاعدة الحكومات شعوب تؤيد الحروب والظلم , فلذلك يتجه بالعنف والقتل نحو القاعدة ...يعني الشعوب . وأنا أراها رؤيا غبية عدوانية لا واقعية .
فحرب فيتنام مثلا توقفت بسبب ضغط الشعب القاعدة على الحكومات ...وكذلك نأمل أن يحدث لوقف الحرب ضد العراق ...يعني سبيلنا ومساعدنا هو الشعب الأمريكي نفسه وهو ليس عدونا الذي يستحق ضربه وقتله.
لكن حتى المتعاطفين معنا , عندهم رؤيا تختلف عما نراه ...عندنا مثل يقول أهل مكة أدرى بشعابها...
وهذا يعني ان المخلصين والوطنيين العراقيين يملكون رؤيا مستقلة تناسب بلدهم ..وتاريخ شعبه ومزاجهم ..وهذا يساعدهم على اعداد قيادة من الشعب تنفذ البرنامج الذي يناسب ويفيد.. من كثرة آلامنا ما عدنا نثق بأحزاب , الله وحده يعلم من يمولها ويوجهها ...
نريد حياة حرة كريمة ..فيها عدالة وفيها حقوق مضمونة لكل مواطن وكذلك الحرية ..الحرية الواعية الناضجة التي تحترم ولا تعتدي...
لا نريد أفكارا مستوردة وتجارب غربية تطبق هنا..لا يمكنك زراعة الفراولة في الصحراء...تريد أجواء مناسبة
حتى تعيش وتنمو.. وأين هي أجواء الديمقراطية الغربية ؟...لكل مكان أجواؤه الخاصة ..نحترمها ونأخذها بنظر الأعتبار حتى لا نطلع مغفلين .,ونعرض انفسنا للنقد والأستهزاء من المعارضة المسالمة , أو العنف والقتل من معارضة لها مقاييس أخرى في فهم وحل الأمور بطريقة بالغة الحكمة , لا تترك وراءها سوى مزيد من الضحايا ومزيد من الملفات المعقدة بلا حلول في الأفق ....
****
ما زلت في عمان... خالد وماجد رجعوا الى بغداد لمتابعة بعض الأمور الدراسية..الدوام لم يبدأ بعد.
رائد بقي معي..اليوم عيد ميلاده ..سنعمل له حفلة صغيرة في بيت خالته...وتحيط به بنات خالته الصغيرات المشاكسات اللواتي يقضين النهار في الصراخ والمجادلات بينهن ...وأنا ورائد نفتح أفواهنا دهشة من هذا الجيل الجديد ..وربما رائد يخاف أن يتورط معهن في حوار...فيهجمن عليه ليأكلنه..
رائد سيبلغ السادسة والعشرين من عمره...أتمنى له العمر الطويل المليء بالعمل المفيد لنفسه ولغيره..
أتذكر نفسي عندما كنت في عمره ..كنت متزوجة وعندي رائد وعلى وشك أن يأتي خالد..وكنت أعمل ...وأنهمك مع زوجي في شؤون تخص العائلة وتفاصيل حياتها....يعني لم أكن أعيش مرحلة قلق الشباب ..كانت مرحلة قلق من نوع آخر ..أقل أذى من قلق هذه المرحلة..كيف أكون وماذا سأكون؟
وبمناسبة عيد ميلاد رائد ..فأنا سأتلقى السؤال المحرج ..إذن كم عمرك الآن ؟..وابتسم وأخفي إنزعاجي .
لماذا ننزعج من هذا السؤال ؟
لأن الآخرين ينتقدون أي تصرف لا يعجبهم ..وسيقولون ..لماذا تفعلين هذا الشيء ؟...كم عمرك؟
وطبعا أنا لا أقصد الحماقات فهي مرفوضة في أي عمر كان ..ولكني أقصد الطموحات ..كل الطموحات التي تم تأجيلها من أجل ألأولاد والعائلة والظروف وأنت شابة صغيرة السن ...بعد أن يكبر الأولاد تشعري أنك تحررت من عبأ ثقيل , آن الأوان حتى ترتاحي وتري حياتك وما فاتك منها ..فتطلع معزوفة العمر ...ماذا تريدين ..فات الأوان ..أنت في الأربعين أو تجاوزت حدوده بسنوات....مخلوقات غبية محبطة !
****
خرجت للتسوق , اشتريت لرائد هدية عيد ميلاده وكعكة فراولة مع الكريمة..تبدو لذيذة..ونادت علي البائعة لتعرض العطور بأسعار مخفضة..قلت لها سأعطيك فرصة للشرح لكن لا مزاج عندي لشراء عطر جديد..عندي عطور كثيرة ولا أحب المغامرة بنوع جديد يجعلني أعطس طوال الوقت,, وقفت تشرح عن كل عطر , وكيف سيجعلك في أجواء تختلف عن الآخر ...كل واحد له مقدمة وأفكار عنه..في البداية استسخفت الموضوع لكني أصغيت لها وتخيلت نفسي أشرح للزبائن عن أهمية وجود جهاز تصفية أو تعقيم للماء في المنزل...هذه البنت تبذل مجهودا لاقناعي ...حييت فيها الجهد والروح المثابرة لكسب الزبون واقناعه فقررت أن أشتري !
والآن أتساءل مع نفسي هل هذا ما يحدث معي حقا في المحل ؟ هل أبيع لأن الزبائن يشفقون علي ؟ هذه كارثة !
المهم ...اشتريت عطرا برائحة الفواكه ...وهو لطيف ويستعمل في كل الأوقات والفصول ...
بعد عودتي للبيت وجدت رائد عنده ضيف , عرفني عليه , وهو أمريكي يعمل في الصحافة المعارضة للحرب على العراق . وهو في عمان منذ يومين ويريد الذهاب الى بغداد للكتابة عن بعض الشركات الأمريكية وحقيقة عملها في العراق . وهو لا يعرف الكلام بالعربي ومعه فلوس ويخشى أن يتعرض للسرقة..
اتفق معه رائد أن يأخذ جزءا من فلوسه هنا ثم نسلمها له في بغداد ,ثم حجز له مع مجموعة ركاب عراقيين في سيارة واحدة وهذا أفضل من السفر لوحده...سيسافر في المساء ,أما الآن فهو سيتناول الغداء معنا..عند الجيران
حيث نحن مدعوين منذ الأمس .
*****
أفكر دائما حين أجد أجنبيا ...ربما يخاف منا , ويظن أننا سنغدر به أو نؤذيه . لكننا نشفق عليه ونهتم به ونحيطه بالرعاية حتى يعود لأهله. وعندما يتأذى واحد من الأجانب الذين نعرفهم من خلال المنظمات ,يركض الجميع ويسانده , ليس لأننا عملاء لأمريكا , لكنه موضوع انساني , وهذا الشخص لا ذنب له فيما يحصل . تماما مثلنا لا ذنب لنا ...
استلمت سؤالا من مجموعة فتيات يكتبن تقريرا عن الحرب في العراق..كيف تنظرون لعوائل الأمريكيين المتورطين في الحرب عندكم ؟ أنا أنظر اليهم انهم ضحايا مثلنا يدفعون ثمن فاتورة لحساب مستثمرين يكسبون الكثير..ونحن الخاسرون ..نحن الشعوب .
لا أنظر للموضوع كما يقول بن لادن ..قاعدة الحكومات شعوب تؤيد الحروب والظلم , فلذلك يتجه بالعنف والقتل نحو القاعدة ...يعني الشعوب . وأنا أراها رؤيا غبية عدوانية لا واقعية .
فحرب فيتنام مثلا توقفت بسبب ضغط الشعب القاعدة على الحكومات ...وكذلك نأمل أن يحدث لوقف الحرب ضد العراق ...يعني سبيلنا ومساعدنا هو الشعب الأمريكي نفسه وهو ليس عدونا الذي يستحق ضربه وقتله.
لكن حتى المتعاطفين معنا , عندهم رؤيا تختلف عما نراه ...عندنا مثل يقول أهل مكة أدرى بشعابها...
وهذا يعني ان المخلصين والوطنيين العراقيين يملكون رؤيا مستقلة تناسب بلدهم ..وتاريخ شعبه ومزاجهم ..وهذا يساعدهم على اعداد قيادة من الشعب تنفذ البرنامج الذي يناسب ويفيد.. من كثرة آلامنا ما عدنا نثق بأحزاب , الله وحده يعلم من يمولها ويوجهها ...
نريد حياة حرة كريمة ..فيها عدالة وفيها حقوق مضمونة لكل مواطن وكذلك الحرية ..الحرية الواعية الناضجة التي تحترم ولا تعتدي...
لا نريد أفكارا مستوردة وتجارب غربية تطبق هنا..لا يمكنك زراعة الفراولة في الصحراء...تريد أجواء مناسبة
حتى تعيش وتنمو.. وأين هي أجواء الديمقراطية الغربية ؟...لكل مكان أجواؤه الخاصة ..نحترمها ونأخذها بنظر الأعتبار حتى لا نطلع مغفلين .,ونعرض انفسنا للنقد والأستهزاء من المعارضة المسالمة , أو العنف والقتل من معارضة لها مقاييس أخرى في فهم وحل الأمور بطريقة بالغة الحكمة , لا تترك وراءها سوى مزيد من الضحايا ومزيد من الملفات المعقدة بلا حلول في الأفق ....
****