Wednesday, February 04, 2004
الأربعاء 4/2
صحوت باكرا ..السابعة والنصف..الأولاد نائمون , الشقة هادئة , العمارة هادئة , نظرت من النافذة , الشارع هاديء فارررررغ .شربت كوبا من الشاي ولبست ملابس شتوية ثقيلة ونزلت أتمشى ...كان محل البقالة المجاور يفتح أبوابه للتو ,اشتريت صحيفتين محليتين ...وأكملت مسيرتي..الشوارع فارغة والبيوت مغلقة ..وليس ثمة سيارة تاكسي تلوح في الأفق ...قلت لنفسي هذا بسبب عطلة العيد ..ربما تعود الحياة غدا بنهاية العطلة .
كنت أسكن هنا في عام 1985 ثم انتقلنا الى بيت آخر قبل أن نعود لبغداد...
تمشيت في الشارع أحسست أن ثمة أسرار وذكريات بيني وبينه ...مررت بجانب فيللا كان أصحابها أصدقاء وجيران ...وأولادهم جدا أشقياء ..يتسلقون أعمدة الكهرباء مثل القرود ويضربون القطط الصغيرة بغباء وقسوة ..وكانت أمهم دائمة الأناقة ولا تبالي بهم ..تعيش عالما خاصا بعيدا ..كانت جميلة شقراء وعينيها زرقاوين ..وكنت أحبها وأظن أن فيها شيء من السذاجة أو اللامبالاة تجاه الأمور أو ربما بلهاء ...لا أدري لم أقدر لحد الآن على تشخيصها ..لكنها مسالمة جدا لا تؤذي ...ولا أظنها تحسد أو تغار ..ليست ممن يقدرون على هذه الصفات ...هذه لها أصناف أخرى من البشر ...
زوجها يشتغل في البورصة أو شيء مشايه ...اشترى البيت حين ربح صفقة في يوم ما ...ثم عرفت لاحقا انه باعه عندما خسر في صفقة أخرى ...بعد عدة سنين ..
اليوم مررت أمام البيت وحزنت على مصير العائلة بعد أن انتقلوا للسكن في شقة للإيجار في حي بعيد ...ثمة خطأ في حياتهم دفعوا ثمنه لاحقا ...
وبجانب البيت ثمة ساحة فارغة ..ما زالت فارغة اليوم ..كان يلعب بها الأولاد على الدراجات الهوائية ..وفي الصيف يأتي بائع البطيخ ويعمل فيها عريش ...وتزدحم بزبائنه ..ترى هل ما زال يحدث هذا في الصيف ؟
تبدو الآن ..كأنني أتذكر الآية ...(خاوية على عروشها...)
هذا بيتنا ..كنا نسكن هنا في بيت أبو حسن ...هم في الطابق الأرضي ونحن في الطابق الأول ...وهذه الفرندة ..أتذكر وأنا أجلس هنا وأنا حزينة ..وحامل في الشهور الأخيرة قبل أن يولد ماجد ...
كنت أحس بوحشة شديدة ومحتاجة لأمي أو أختي لتحضر ولادتي ...لكن حربا في العراق تعيق قدومها الى عمان ...قوانين السفر صارمة ومشددة .
وكنت أراقب جارتي الحامل في العمارة المقابلة ...ثم ولدت قبلي ..وجاءت عندها أمها ووقفت على البلكون تنشر غسيل البيبي ..فغرقت عيوني بالدموع ..من الغيرة ؟ أو ربما حزنا ..فقد أدركت قيمة أمي في تلك اللحظات ...
وكانت جارتي أم حسن طيبة معي وتقول دائما لا تحزني نحن أهلك ..وابتسم وأشكرها ..ويزيد حزني ووحشتي ..
الآن أتعجب من نفسي كيف تحملت كل تلك السنوات القاسية؟ الغربة جحيم ..حتى لو كان عندي عائلة و عمل ودخل مادي جيد وخادمة حنونة ...لكنها لا تعوض ...
وكنت أحن الى نهر دجلة ..وأتذكر قصيدة الجواهري ..(يا دجلة الخير ..يا نبعا أفارقه على الكراهة بين الحين والحين ...) وأجد عمان خاوية من ماء يجري ...يتأمله الناظر ويسعد به ...ويحس بألفة معه .
وددت أن أطرق الباب , باب أم حسن ,لكني ترددت , فالوقت مبكر ..وأتخيلهم يفتحون الباب ..ويفركون عيونهم ..وأنا أقف كالبلهاء أشرح ...أنا أم رائد ..جارتكم قبل 500سنة...سيقولون من أين أتت هذه المعتوهة؟
فقررت الغاء الفكرة ...
صحوت باكرا ..السابعة والنصف..الأولاد نائمون , الشقة هادئة , العمارة هادئة , نظرت من النافذة , الشارع هاديء فارررررغ .شربت كوبا من الشاي ولبست ملابس شتوية ثقيلة ونزلت أتمشى ...كان محل البقالة المجاور يفتح أبوابه للتو ,اشتريت صحيفتين محليتين ...وأكملت مسيرتي..الشوارع فارغة والبيوت مغلقة ..وليس ثمة سيارة تاكسي تلوح في الأفق ...قلت لنفسي هذا بسبب عطلة العيد ..ربما تعود الحياة غدا بنهاية العطلة .
كنت أسكن هنا في عام 1985 ثم انتقلنا الى بيت آخر قبل أن نعود لبغداد...
تمشيت في الشارع أحسست أن ثمة أسرار وذكريات بيني وبينه ...مررت بجانب فيللا كان أصحابها أصدقاء وجيران ...وأولادهم جدا أشقياء ..يتسلقون أعمدة الكهرباء مثل القرود ويضربون القطط الصغيرة بغباء وقسوة ..وكانت أمهم دائمة الأناقة ولا تبالي بهم ..تعيش عالما خاصا بعيدا ..كانت جميلة شقراء وعينيها زرقاوين ..وكنت أحبها وأظن أن فيها شيء من السذاجة أو اللامبالاة تجاه الأمور أو ربما بلهاء ...لا أدري لم أقدر لحد الآن على تشخيصها ..لكنها مسالمة جدا لا تؤذي ...ولا أظنها تحسد أو تغار ..ليست ممن يقدرون على هذه الصفات ...هذه لها أصناف أخرى من البشر ...
زوجها يشتغل في البورصة أو شيء مشايه ...اشترى البيت حين ربح صفقة في يوم ما ...ثم عرفت لاحقا انه باعه عندما خسر في صفقة أخرى ...بعد عدة سنين ..
اليوم مررت أمام البيت وحزنت على مصير العائلة بعد أن انتقلوا للسكن في شقة للإيجار في حي بعيد ...ثمة خطأ في حياتهم دفعوا ثمنه لاحقا ...
وبجانب البيت ثمة ساحة فارغة ..ما زالت فارغة اليوم ..كان يلعب بها الأولاد على الدراجات الهوائية ..وفي الصيف يأتي بائع البطيخ ويعمل فيها عريش ...وتزدحم بزبائنه ..ترى هل ما زال يحدث هذا في الصيف ؟
تبدو الآن ..كأنني أتذكر الآية ...(خاوية على عروشها...)
هذا بيتنا ..كنا نسكن هنا في بيت أبو حسن ...هم في الطابق الأرضي ونحن في الطابق الأول ...وهذه الفرندة ..أتذكر وأنا أجلس هنا وأنا حزينة ..وحامل في الشهور الأخيرة قبل أن يولد ماجد ...
كنت أحس بوحشة شديدة ومحتاجة لأمي أو أختي لتحضر ولادتي ...لكن حربا في العراق تعيق قدومها الى عمان ...قوانين السفر صارمة ومشددة .
وكنت أراقب جارتي الحامل في العمارة المقابلة ...ثم ولدت قبلي ..وجاءت عندها أمها ووقفت على البلكون تنشر غسيل البيبي ..فغرقت عيوني بالدموع ..من الغيرة ؟ أو ربما حزنا ..فقد أدركت قيمة أمي في تلك اللحظات ...
وكانت جارتي أم حسن طيبة معي وتقول دائما لا تحزني نحن أهلك ..وابتسم وأشكرها ..ويزيد حزني ووحشتي ..
الآن أتعجب من نفسي كيف تحملت كل تلك السنوات القاسية؟ الغربة جحيم ..حتى لو كان عندي عائلة و عمل ودخل مادي جيد وخادمة حنونة ...لكنها لا تعوض ...
وكنت أحن الى نهر دجلة ..وأتذكر قصيدة الجواهري ..(يا دجلة الخير ..يا نبعا أفارقه على الكراهة بين الحين والحين ...) وأجد عمان خاوية من ماء يجري ...يتأمله الناظر ويسعد به ...ويحس بألفة معه .
وددت أن أطرق الباب , باب أم حسن ,لكني ترددت , فالوقت مبكر ..وأتخيلهم يفتحون الباب ..ويفركون عيونهم ..وأنا أقف كالبلهاء أشرح ...أنا أم رائد ..جارتكم قبل 500سنة...سيقولون من أين أتت هذه المعتوهة؟
فقررت الغاء الفكرة ...