Wednesday, February 04, 2004
الثلاثاء 3/2
نحن الآن في عمان.. الجو بارد وغائم والمدينة تبدو كأنها تغرق في سبات …الشوارع شبه فارغة
والبيوت مغلقة أبجوراتها…ولا أولاد يلعبون في الشوارع كما تعودت أن أراهم في الصيف…
حتى الناس لم أر منهم لحد الآن سوى سائقي التاكسيات..وسؤال في داخلي أين السكان ؟
في الصيف تكون المدينة مزدحمة بأهلها وزوارها من الدول المجاورة..وكل الفنادق ممتلئة تقريبا والشوارع مزدحمة بالسيارات الزائرة التي. تبدو أكثر من السيارات المحلية , وكنت أرى الفتيات والفتيان من صغار السن يمشون بنشاط وحيوية..تسعدني رؤيتهم وأتمنى لهم مستقبلا جميلا …
عمان مدينة صغيرة وجميلة ونظيفة …لكنها تبدو كقرية صغيرة مقارنة ببغداد..من حيث المساحة والسكان
ولها طابع معماري مميز وجميل ……لكنني أفكر أحيانا لو أنني أغمضت عيني وفتحتها لوجدت كأنني في دولة أوربية من حيث الاعلانات وطريقة توزيعها في المدينة ..والمحلات التجارية..وطريقة عرضها للبضائع..والشوارع وطريقة تنظيمها وتخطيطها والاشارات الضوئية …
بغداد لها طابع قديم و لكنني أحسها ما زالت تحمل هوية المدينة العربية …بينما أحس وكأن عمان فقدت شيئا من تلك الهوية ..فهي تتجه نحو الطابع الغربي أكثر …
خصوصا بوجود سلسلة المطاعم الأمريكية..مثل ماكدونالدز وكنتاكي وبوستن…أو اعلانات عن نوادي ليلية وكازينو و صالات لعب بليارد...
لكني لا أحزن كثيرا..فهي لم تكن يوما عاصمة الرشيد..وتحولت الى مدينة أوربية…ولكني سأحزن ان صارت بغداد هكذا ..لا أدري ..أظنها ستصبح غريبة حتى عن أهلها.. أنا لست ضد التطور لكني معه , ومع المحافظة على الهوية …
عندما كنت أعيش عمان في نهاية السبعينات ..ثم في الثمانينات ..كانت أقرب الى القرية الصغيرة..أما الآن فهي مزدحمة بكل اللافتات والدعايات لكبرى الشركات…مما يبدو أكبر من حجم وقدرة المدينة…
وكأنها بنت عائلة متواضعة تلبس ثوبا غير ثوبها مدعية انها من طبقة أخرى …
أنا أحب البساطة …وليس أجمل .منها وسيلة , .لتقديم الشخص .نفسه أمام الآخرين …
****
أختي تسكن في عمان مؤقتا بسبب ظروف الحرب ..وهي تشكو من الحنين للوطن وأقول لها أصبري فهي مرحلة مؤقتة وأتمنى أن تعودي وزوجك وبناتك بالسلامة.الى بغداد حين تهدأ الأحوال .
وجاءت عندها صديقاتها وسألوني كيف حال بغداد ؟ ضحكت وقلت ربما أحسن من هنا , حيث الهدوء والملل , هناك طائرات الهليكوبتر الأمريكية تدوي مراوحها طوال النهار وتملأ يومنا متعة وحيوية …وفي الليل ..طائرات مقاتلة تخرق سكون الليل لا أدري عما يبحث الطيار أم انه مجرد تسلية له , لئلا تصدأ محركات الطائرة من قلة الأستعمال … يكون نومنا قلقا هل يدري انه يزعجنا أم انه لا يهمه رأينا قط ؟ وأيضا التفجيرات المفاجئة حيث تهتز نوافذ البيت ...وأقفز من مكاني ..
ومع كل ذلك فانني مشتاقة لبغداد وأود العودة سريعا …لكن ثمة صوت عاقل بداخلي يقول تريثي قليلا وتمتعي باجازتك ولا تعودي بسرعة فتندمي …وها أنا أسمع صوت العقل وأنتظر …حتى يحين موعد العودة …
***
سأحاول النزول للبلد للبحث عن كتب جديدة أو قديمة ..وأبحث عن متاحف ومعارض للصور ..أبدد الوقت لأنني أفتقد هذا الصفاء والفراغ في بغداد …فهناك أكون متوترة المزاج خصوصا حين أرى سربا من آليات عسكرية أمريكية ..منظرها مستفز ! ويعكر مزاجي ..
وهنا هدوء أكثر من اللازم ..هدوء هو الآخر مستفز !
أحب الحركة والنشاط ..ففيها حياة..والحياة هبة جميلة من الخالق ..