Friday, February 27, 2004
الجمعة 27/2
اليوم هو يوم العطلة الأسبوعية, يجتمع شمل العائلة, ونتناول الفطور سويا , وكذلك الغداء .وهذا لا يحدث دائما في أيام الأسبوع الأخرى,,,حيث تتفاوت برامج أهل البيت بين مواعيد عمل أو دراسة.
في مثل هذه الأيام تكون الطبخة متميزة عادة حيث انني أتمتع بفائض من الوقت ,أحسد ربات البيوت عليه,
وطبخت اليوم خضار محشية(دولمة)...بضمنها شجر وخيار وفلفل, وممكن بصل وسلق , لكني اليوم اختصرت.
وجاءت عندنا المرأة التي تساعدني بالتنظيف الأسبوعي, مع إبنها , عمره أصغر من ماجد ,وهم عائلة فقيرة مهذبة جدا,وأمينة,وعندها عزة نفس تعجبني وتجعلني أحترمها, ولا أبدلها بأخرى...
أنهيت الطبخ , وهي أنهت التنظيف , ووضعت الغداء لي ولللأولاد في المطبخ ,ولها وإبنها على طاولة الحديقة حيث الشمس جميلة ودافئة , والنهار ربيعي أكثر منه شتائي...لا أحب أن نتناول طعامنا وهم ينتظرون , فأنا أحس أن فيها إهانة لهم وقلة ذوق مني...
وأتذكر قول الرسول, أطعموهم مما تأكلون , وألبسوهم مما تلبسون...
عن الناس الفقراء الذين تضطرهم الظروف للعمل في بيوتنا ...
وتعودت أن أتبرع بوجبة من ملابسي النظيفة والمرتبة, حين أشتري وجبة من ملابس جديدة, وكذلك الأحذية..
وأخجل أن أعطيهم شيئا غير نظيف أو مكوي, أحس أن فيها إهانة لهم .
وأكرمهم وأحسن اليهم ,تماما كما أحب أن يكرمني الله ويحسن إلي...
ويوم الجمعة , يوم صلاة المسلمين في أماكن العبادة, الجوامع والمساجد .
ماجد وخالد ذهبوا للصلاة ...وكنت قلقة عليهم , من حدوث تفجيرات أو شيء من الفتن التى لا تعد ولا تحصى
ثم عادوا بالسلامة للبيت.
كلما خرج أحدهم أظل قلقة متوترة ,وأقرأ آيات في قلبي , وأدعو الله أن يحفظهم ويرجعهم بالسلامة..
وأفكر دائما ,إن الإيمان بالله هو ملاذ الإنسان وقت المحن .
*****
هذا الشهر هو أول شهور السنة الهجرية , وهي سنة المسلمين التي تقابل السنة الميلادية للمسيحيين .
وفي حياتنا اليومية, ومعاملاتنا ,وأعياد ميلادنا, نلتزم التقويم الميلادي بصورة عامة ...ولا أدري منذ متى
اوقف التعامل بالتقويم الإسلامي بطريقة رسمية للدول العربية, لكني أعلم أنه ما زال يستعمل بطريقة أكثر إلتزاما في دول الخليج كالسعودية ...
وظل عند معظم الدول العربية , هو رمز لمناسبات دينية كثيرة خلال السنة...
وكل سنة مثل هذه الأيام , تكون بغداد مليئة بالمسلحين من رجال الشرطة أو الأمن أو الجيش , خوفا من حصول إضطرابات من الشيعة, لأن الأيام العشرة الأولى من هذا الشهر ذكرى مقتل الحسين عليه السلام , وهو ابن فاطمة,
البنت الصغرى للرسول, حيث قام بثورته المشهورة ضد الحاكم للدولة الأموية في ذلك الوقت , وكانت تلك الدولة
قد شاع فيها الظلم والفساد, فاستنجد الناس في العراق بالحسين, وكان يقيم في الجزيرة العربية, فلبى نداءهم , وجاء مع أهله , وأخوته ونساءهم وأطفالهم, وجماعة من أتباعه, وكان عددهم حوالي السبعين.
وصارت مفاوضات بينهم وبين الحاكم الذي مركزه في بلاد الشام , فأرسل اليهم تهديدات , وجاء الرسل الى الحسين وحذروه من الدخول لمعركة , فأنها لن تكون متكافئة , وقالوا له إن أهل العراق قلوبهم معك وسيوفهم عليك,,,فلا تغامر بالحرب وانت لا سند قوي عندك...وتقول كتب التاريخ إنه فكر بالإنسحاب والعودة الى حيث أتى, لإنه لم يكن رجلا طامعا بالعرش , بل كان شريفا يريد أن يدافع عن المظلومين , ويوقف الفاسدين عند حدهم .
وحسب كتب التاريخ , فإن الحاكم الظالم , رفض أن يعطي الحسين فرصة للعودة, خوفا من أن تتجمع المعارضة وتشتد ضد الحاكم , فأرسل جيوشا , وحاصر الحسين وأهله ونساءه وأطفالهم, في يوم العاشر من محرم , قرب نبع من الماء في مدينة كربلاء , ومنعهم من شرب الماء , وحاربهم وقتلهم بعد أن دافعوا أشرف دفاع عن أنفسهم وعن مبادئهم , وما أن حل المساء من ذلك اليوم الا وقد استشهد الحسين ورفاقه جميعا, وبقي النساء والأطفال , فقادوهم الى بلاد الشام أسارى, ومعهم رأس الحسين مقطوعا , ليروه للحاكم , ويطمئن على نهاية الثورة ......
لكن الحسين وثورته ظلت منذ ذلك التاريخ , حية في قصص الناس , يحكونها لأولادهم جيلا بعد جيل ...
ذكرى رجل شريف لم يقبل أن يسكت على الظلم , فدفع حياته وحياة رفاقه ثمنا لمبادئه .....
والآن ...ترى بغداد , ترفرف بها رايات سوداء,, حزنا على الحسين, والبيوت تطبخ وتوزع للفقراء , طعاما معينا
لوجه الله , وعلى روح الحسين...وحين نطبخ ..نحرك الطعام بملعقة كبيرة ونقول...السلام عليك يا أبا عبد الله, ورحمة الله,طبت وطاب مكانك في الجنة...مع الشهداء والأنبياء.
أحب هذه القصة جدا , ويؤلمني ذكرها , لكني لا أحب المبالغة في الموضوع, أو ضرب الرؤوس بالقامات, أو جلد الأجسام بالحديد....فهذه أفعال عنيفة مؤذية لا علاقة لها بالموضوع أبدا...استذكار قصة الحسين لها معاني راقية جميلة تهذب النفس, وتجعل الإنسان يعيد التفكير بالمباديء والقيم التي مات من أجلها الحسين ورفاقه,,, والتي تكاد تنسى وتنقرض ,,,في زمن صارت المادة هي التي يموت من أجلها البشر,,,
*****
اليوم هو يوم العطلة الأسبوعية, يجتمع شمل العائلة, ونتناول الفطور سويا , وكذلك الغداء .وهذا لا يحدث دائما في أيام الأسبوع الأخرى,,,حيث تتفاوت برامج أهل البيت بين مواعيد عمل أو دراسة.
في مثل هذه الأيام تكون الطبخة متميزة عادة حيث انني أتمتع بفائض من الوقت ,أحسد ربات البيوت عليه,
وطبخت اليوم خضار محشية(دولمة)...بضمنها شجر وخيار وفلفل, وممكن بصل وسلق , لكني اليوم اختصرت.
وجاءت عندنا المرأة التي تساعدني بالتنظيف الأسبوعي, مع إبنها , عمره أصغر من ماجد ,وهم عائلة فقيرة مهذبة جدا,وأمينة,وعندها عزة نفس تعجبني وتجعلني أحترمها, ولا أبدلها بأخرى...
أنهيت الطبخ , وهي أنهت التنظيف , ووضعت الغداء لي ولللأولاد في المطبخ ,ولها وإبنها على طاولة الحديقة حيث الشمس جميلة ودافئة , والنهار ربيعي أكثر منه شتائي...لا أحب أن نتناول طعامنا وهم ينتظرون , فأنا أحس أن فيها إهانة لهم وقلة ذوق مني...
وأتذكر قول الرسول, أطعموهم مما تأكلون , وألبسوهم مما تلبسون...
عن الناس الفقراء الذين تضطرهم الظروف للعمل في بيوتنا ...
وتعودت أن أتبرع بوجبة من ملابسي النظيفة والمرتبة, حين أشتري وجبة من ملابس جديدة, وكذلك الأحذية..
وأخجل أن أعطيهم شيئا غير نظيف أو مكوي, أحس أن فيها إهانة لهم .
وأكرمهم وأحسن اليهم ,تماما كما أحب أن يكرمني الله ويحسن إلي...
ويوم الجمعة , يوم صلاة المسلمين في أماكن العبادة, الجوامع والمساجد .
ماجد وخالد ذهبوا للصلاة ...وكنت قلقة عليهم , من حدوث تفجيرات أو شيء من الفتن التى لا تعد ولا تحصى
ثم عادوا بالسلامة للبيت.
كلما خرج أحدهم أظل قلقة متوترة ,وأقرأ آيات في قلبي , وأدعو الله أن يحفظهم ويرجعهم بالسلامة..
وأفكر دائما ,إن الإيمان بالله هو ملاذ الإنسان وقت المحن .
*****
هذا الشهر هو أول شهور السنة الهجرية , وهي سنة المسلمين التي تقابل السنة الميلادية للمسيحيين .
وفي حياتنا اليومية, ومعاملاتنا ,وأعياد ميلادنا, نلتزم التقويم الميلادي بصورة عامة ...ولا أدري منذ متى
اوقف التعامل بالتقويم الإسلامي بطريقة رسمية للدول العربية, لكني أعلم أنه ما زال يستعمل بطريقة أكثر إلتزاما في دول الخليج كالسعودية ...
وظل عند معظم الدول العربية , هو رمز لمناسبات دينية كثيرة خلال السنة...
وكل سنة مثل هذه الأيام , تكون بغداد مليئة بالمسلحين من رجال الشرطة أو الأمن أو الجيش , خوفا من حصول إضطرابات من الشيعة, لأن الأيام العشرة الأولى من هذا الشهر ذكرى مقتل الحسين عليه السلام , وهو ابن فاطمة,
البنت الصغرى للرسول, حيث قام بثورته المشهورة ضد الحاكم للدولة الأموية في ذلك الوقت , وكانت تلك الدولة
قد شاع فيها الظلم والفساد, فاستنجد الناس في العراق بالحسين, وكان يقيم في الجزيرة العربية, فلبى نداءهم , وجاء مع أهله , وأخوته ونساءهم وأطفالهم, وجماعة من أتباعه, وكان عددهم حوالي السبعين.
وصارت مفاوضات بينهم وبين الحاكم الذي مركزه في بلاد الشام , فأرسل اليهم تهديدات , وجاء الرسل الى الحسين وحذروه من الدخول لمعركة , فأنها لن تكون متكافئة , وقالوا له إن أهل العراق قلوبهم معك وسيوفهم عليك,,,فلا تغامر بالحرب وانت لا سند قوي عندك...وتقول كتب التاريخ إنه فكر بالإنسحاب والعودة الى حيث أتى, لإنه لم يكن رجلا طامعا بالعرش , بل كان شريفا يريد أن يدافع عن المظلومين , ويوقف الفاسدين عند حدهم .
وحسب كتب التاريخ , فإن الحاكم الظالم , رفض أن يعطي الحسين فرصة للعودة, خوفا من أن تتجمع المعارضة وتشتد ضد الحاكم , فأرسل جيوشا , وحاصر الحسين وأهله ونساءه وأطفالهم, في يوم العاشر من محرم , قرب نبع من الماء في مدينة كربلاء , ومنعهم من شرب الماء , وحاربهم وقتلهم بعد أن دافعوا أشرف دفاع عن أنفسهم وعن مبادئهم , وما أن حل المساء من ذلك اليوم الا وقد استشهد الحسين ورفاقه جميعا, وبقي النساء والأطفال , فقادوهم الى بلاد الشام أسارى, ومعهم رأس الحسين مقطوعا , ليروه للحاكم , ويطمئن على نهاية الثورة ......
لكن الحسين وثورته ظلت منذ ذلك التاريخ , حية في قصص الناس , يحكونها لأولادهم جيلا بعد جيل ...
ذكرى رجل شريف لم يقبل أن يسكت على الظلم , فدفع حياته وحياة رفاقه ثمنا لمبادئه .....
والآن ...ترى بغداد , ترفرف بها رايات سوداء,, حزنا على الحسين, والبيوت تطبخ وتوزع للفقراء , طعاما معينا
لوجه الله , وعلى روح الحسين...وحين نطبخ ..نحرك الطعام بملعقة كبيرة ونقول...السلام عليك يا أبا عبد الله, ورحمة الله,طبت وطاب مكانك في الجنة...مع الشهداء والأنبياء.
أحب هذه القصة جدا , ويؤلمني ذكرها , لكني لا أحب المبالغة في الموضوع, أو ضرب الرؤوس بالقامات, أو جلد الأجسام بالحديد....فهذه أفعال عنيفة مؤذية لا علاقة لها بالموضوع أبدا...استذكار قصة الحسين لها معاني راقية جميلة تهذب النفس, وتجعل الإنسان يعيد التفكير بالمباديء والقيم التي مات من أجلها الحسين ورفاقه,,, والتي تكاد تنسى وتنقرض ,,,في زمن صارت المادة هي التي يموت من أجلها البشر,,,
*****