Thursday, February 12, 2004
الأريعاء 11/2
ما زلت في عمان ... سأغادرها غدا مساء مع رائد..الى بغداد..كم مشتاقة الى بغداد...
اليوم صباحا حدث زلزال صغير في عمان ,لكن ردود أفعال الناس كانت شديدة ومبالغ فيها..حيث أخلوا المدارس والعمارات ونزلوا الى الشوارع ..وصارت أزمة مرورية خانقة..ووجدت سيارة أجرة بصعوبة..وكان السائق شخصية مميزة ..حيث ظل طوال الطريق يمد رأسه من نافذة السيارة ويسب على الناس ويقول لهم ..ان شاء الله كل يوم زلزال يا كلاب..حتى تطلعوا فلوسكم ونشتغل مضبوط ...ضحكت وقلت له مصائب قوم عند قوم فوائد..
ان شاالله تسقط عماراتكم وتروح فلوسكم ..يا كلاب بعتوا فلسطين ..وهسه العراق..بس يهمكم الفلوس ...ان شالله تموتوا كلكم...
غرقت في الضحك ..وهو يصرخ كالمعتوه ...وأنا مرعوبة من الهزة القادمة المحتمل وقوعها...لكن كلامه أدهشني وجعلني أضحك ..وأتساءل في داخلي من أين جاء هذا المعتوه أمامي وفي هذه الساعة ؟
وحين مررنا بمبنى للأمن العام ..كان ثمة ضباط شرطة يقفون أمام الباب ..نظر اليهم ..وأكمل السباب ..يا كلاب ..انتوا كمان انشالله توقع بنايتكم عليكم..
الآن ...الوقت ليلا ..وكل شيء هاديء ..والمدينة عادت لحياتها الطبيعية ..وأتذكر ذلك السائق المسكين الذي لم تتحقق ولا واحدة من أمنياته..وأحسست بالشفقة عليه ..وقدرت مدى سخطه على الأغنياء والأقوياء...غدا سيكون يوما مملا له ..وسيلزم السكوت ..ويتحسر على الفرصة التى ضاعت منه لينتقم من أعدائه ...
****
وصلتني اليوم رسائل كثيرة في البريد الألكتروني..معظمها من أميركا , وينتقدون مقالتي السابقة ,ذكرت فيها الرأسمالية بأنها أفكار من الغرب , ورديئة...
الكل يعتب ويقول انني أظلم الرأسمالية لأنها نظام فيه حسنات للفرد والمجتمع..وإن ما ذكرته غير صحيح..
أريد أن اوضح وجهة نظري بطريقة أكثر دقة .
الرأسمالية نظام فيه حسنات للمجتمعات التي تعتمد هذا المبدأ كأسلوب تفكير وحياة.. حيث الفرصة مفتوحة للجميع ليعيش الحياة ويحقق لنفسه ماأمكن من طموحات ..لبناء عائلة ومستقبل مهني .
أما نحن فلم نرى من الرأسمالية سوى وجهها القبيح ..حيث الإحتلال والإستعمار وسلب ثروات الشعوب الفقيرة..ونشر مفاهيم جديدة ..تحطم ما تعود عليه أهل تلك البلدان...وكأن شعار كل شيء من أجل المال هو الذي يسود...
سأعود للشرح مرة أخرى, حين بدأ تطبيق الرأسمالية في المجتمعات الغربية ,أخذت عشرات من السنين حتى يستقر وضعها وتتم السيطرة على أعراضها الجانبية, غير المرغوب فيها. يعني في البداية كان ثمة انتاج وجشع وسوء استغلال ولكن بمرور الوقت , وبسبب المنافسة والرغبة في مبيعات أفضل وانتشار أوسع ,وليس لوجه الله , فقد لجأت الشركات لأسلوب تقديم خدمات أفضل ,بتكاليف أقل,وصارت المنافسة شديدة , يوجد عروض ويوجد طلب متزايد...والمواطن وجد نفسه مدلل ومستفيد , فالكل يريد أن يكسبه زبونا له,ويبيعه سلعته,فهذه المواصفات وهذا السعر وأنت صاحب القرار...فلماذا تظل مغفلا تدفع لسلعة مبلغا عاليا ما دام بإمكانك الحصول عليها بنفس المواصفات , وبسعر أقل؟
بمرور الوقت .وضمن هذه الرؤيا , قل الغش وزاد الإخلاص لتقديم منتوج أفضل. كم أخذت هذه العملية ؟ اليس عشرات السنين ؟
أما عندنا ,هذه الدول التى تحاول تقليد الغرب , فما زال الأمر غير واضح وناضج بعد...فالشركات التي تدخل السوق هنا لا تجد منافسة شديدة , وبالتالي تتحكم بأخلاق السوق فتجعلها قبيحة قاسية لا تعرف الرحمة, فالبقاء هتا ليس للأفضل, بل للأشد قسوة وتحكما...فتنعكس هذه على أخلاقيات الناس مع بعضهم,فيستغل أحدهم الآخر ,وتصبح الأولوية للمال ولمن يملكه,,وتتحطم العلاقات الشفافة الجميلة التي كانت تسود تلك المجتمعات قبل حدوث هذه التطورات في اقتصاد البلاد.
نحن شعوب تعودنا أن تكون الأولوية في المباديء والقيم قبل أن تكون الأولوية للمادة ... لكن ما يحدث يسبب ارباكا وعدم وضوح للرؤيا يجعلنا نصب غضبنا على الرأسمالية..
في المجتمعات الغربية فصلوا الدين عن الدولة منذ زمن بعيد ...وصارت مسألة الدين هي أمر شخصي ..لا علاقة لأحد ليتدخل فيه .وبمرور الوقت , ربما أدرك كثيرون أن الحياة بدون قيم جميلة لا يمكن أن تطاق , والدين هو القيم الجميلة , التي تجعلنا نعرف حدودنا ولا نتخطاها,ولا نرتكب الحماقات التي تدمر حياتنا وربما حياة الآخرين...
لا نسرق ولا نقتل ولا نظلم ولا نرتشي ولا نحطم حياتنا الأسرية بعلاقات أخرى غير بريئة خارج حدود الأسرة, يعني نحترم ونقدس قيما تجعلنا نحس بأننا مخلوقات محترمة ,تستحق الحياة بطريقة محترمة..
عاد الكثيرون من افراد المجتمع الغربي الى الدين ..لكني لا أقدر أن أخمن كم نسبتهم في المجتمع ؟ وكم تأثيرهم فيه ؟
وربما نسبتهم قليلة وقدرتهم على صناعة القرار أو المشاركة في صنعه معدومة ,لأن الحكومات هناك لا تتصرف من منطلق ديني , وإلا ما اتجهت للمشاركة أو القيام بحروب ضد دول أخرى بحجج مختلفة , والحقيقة ان الأسباب مادية بحتة , وهي البحث عن أسواق جديدة, أو البحث عن مصادر ثروة جديدة ,لإنعاش الإقتصاد المهدد بالضعف !
وهنا يأتي دور الأفراد ..هل سيظل ساكتا متواطئا مع حكومته لتفعل ما تشاء ,باعتبار أن ثمة مكاسب ستصيبه وتحسن من حياته ومستقبله ومستقبل أولاده ؟...حتى لو كان في هذا دمار لحياة بشر آخرين ومستقبلهم ومستقبل أولادهم ؟
أعود مرة أخرى الى بن لادن ونظريته في تدمير القاعدة ...وهي هذه الشعوب التي تصفق لحكوماتها وتنتخب من هو أكثر قدرة على العدوانية وغزو الآخرين ..لجلب المكاسب للبلاد ..وانعاش الحياة...حتى لو كان ذلك على حساب شعوب أخرى , لها الحق أيضا أن تعيش وتنتعش وترى النور...
أنا لا أؤمن بالعنف انه سبيل لحل مشاكل البشر , أنا أجده أسلوب فاشل خاسر...
ولا أؤمن بنظرية صراع الحضارات , بل انفتاح الحضارات علىبعضها , وعيشها بسلام مع بعضها..
*****
المثل يقول الناس أعداء ما جهلوا ..
وهذا الغموض في العلاقات بيننا وبين الغرب , يجعلنا ننفر من بعضنا , ونصدق كل التهم ضده , كطريقة دفاعية لحماية معتقداتنا..
عندما أكون محدودة الإدراك والمعلومات..وعندي عدم وضوح في فهم الآخر..أكون معرضة لتقبل نظريات متطرفة أحادية الجانب .فأحلل قتله وتدميره لأنني أظن أنه لا يستحق الحياة مثلي ,,لأنني أحمل قيما أقتنع بها ,وأشك في قيم الآخر وأستخف بها..فما جدوى إعطاءه فرصة ؟ إنه لا شيء ...فليذهب الى الجحيم ...
اليس هذه حقيقة نظرة الغرب للمسلمين ؟ ونظرة المسلمين للغرب ؟
كل واحد يظن انه على حق ,والآخر غريب ,يريد أن يتدخل في حياتي ويعيد صياغتها بطريقته الخاصة, لن أعطيه الفرصة ..فليذهب الى الجحيم !
عندما كنت صغيرة ,أو حتى شابة صغيرة , كنت أسمع دائما أن الناس في الغرب لا قيم لهم ,,عوائلهم متفسخة,وعلاقاتهم فاسدة , وعندهم أيدز , وشذوذ, ونساء ساقطات, ورجال سكارى !
وعندما بدأت ألتقي بأشخاص من الغربيين , وخصوصا بعد الحرب الأخيرة على العراق..وجدت فيهم أناسا أذكياء ومهذبين وخجولين ..نساء ورجال ..ووجدت أنهم بشر مثلنا , لهم عوائل وقيم وأخلاق ,,؟ من شوه صورتهم هكذا في مخيلتنا ؟
وأعود فأسأل ..ما صورتنا نحن في مخيلتهم ؟ ربما مجرد أغبياء جهلة ..يركبون على الجمال ..أو ارهابيين مثل بن لادن ..ولا نفهم سوى العنف والحدة في معالجة الأمور...
لا بد من الإنفتاح بين الحضارات ..لكي يتم تصحيح الرؤيا..من كل الأطراف..تجاه الطرف الآخر...
وأتذكر آية في القرآن ..كل يوم تتردد في ذهني حين أنهي قراءة البريد القادم من أماكن متفرقة من العالم..
(إنا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا , إن أكرمكم عند الله أتقاكم )...أي أشدكم خوفا منه ..وأكثركم تطبيقا لعدالته ,هو الأقرب الى الله...دونما هوية ..دونما امتيازات أخرى .
فأحس ان ثمة خطأ.. في تقديرنا لبعضنا..وهذا الخطأ سببه الحواجز ..حواجز اللغة والثقافة..وأشياء أخرى..
وينبغي علينا ..من طرفنا وطرفهم السعي بكل الوسائل الممكنة لهدم هذه الحواجز..وتقريب وجهات النظر..لتعيش أجيالنا القادمة بسلام وعلاقات أجمل من التي عاشها جيلنا ..ودفع ثمنها حروبا ودمارا...لا فائدة منها ...
*****
ما زلت في عمان ... سأغادرها غدا مساء مع رائد..الى بغداد..كم مشتاقة الى بغداد...
اليوم صباحا حدث زلزال صغير في عمان ,لكن ردود أفعال الناس كانت شديدة ومبالغ فيها..حيث أخلوا المدارس والعمارات ونزلوا الى الشوارع ..وصارت أزمة مرورية خانقة..ووجدت سيارة أجرة بصعوبة..وكان السائق شخصية مميزة ..حيث ظل طوال الطريق يمد رأسه من نافذة السيارة ويسب على الناس ويقول لهم ..ان شاء الله كل يوم زلزال يا كلاب..حتى تطلعوا فلوسكم ونشتغل مضبوط ...ضحكت وقلت له مصائب قوم عند قوم فوائد..
ان شاالله تسقط عماراتكم وتروح فلوسكم ..يا كلاب بعتوا فلسطين ..وهسه العراق..بس يهمكم الفلوس ...ان شالله تموتوا كلكم...
غرقت في الضحك ..وهو يصرخ كالمعتوه ...وأنا مرعوبة من الهزة القادمة المحتمل وقوعها...لكن كلامه أدهشني وجعلني أضحك ..وأتساءل في داخلي من أين جاء هذا المعتوه أمامي وفي هذه الساعة ؟
وحين مررنا بمبنى للأمن العام ..كان ثمة ضباط شرطة يقفون أمام الباب ..نظر اليهم ..وأكمل السباب ..يا كلاب ..انتوا كمان انشالله توقع بنايتكم عليكم..
الآن ...الوقت ليلا ..وكل شيء هاديء ..والمدينة عادت لحياتها الطبيعية ..وأتذكر ذلك السائق المسكين الذي لم تتحقق ولا واحدة من أمنياته..وأحسست بالشفقة عليه ..وقدرت مدى سخطه على الأغنياء والأقوياء...غدا سيكون يوما مملا له ..وسيلزم السكوت ..ويتحسر على الفرصة التى ضاعت منه لينتقم من أعدائه ...
****
وصلتني اليوم رسائل كثيرة في البريد الألكتروني..معظمها من أميركا , وينتقدون مقالتي السابقة ,ذكرت فيها الرأسمالية بأنها أفكار من الغرب , ورديئة...
الكل يعتب ويقول انني أظلم الرأسمالية لأنها نظام فيه حسنات للفرد والمجتمع..وإن ما ذكرته غير صحيح..
أريد أن اوضح وجهة نظري بطريقة أكثر دقة .
الرأسمالية نظام فيه حسنات للمجتمعات التي تعتمد هذا المبدأ كأسلوب تفكير وحياة.. حيث الفرصة مفتوحة للجميع ليعيش الحياة ويحقق لنفسه ماأمكن من طموحات ..لبناء عائلة ومستقبل مهني .
أما نحن فلم نرى من الرأسمالية سوى وجهها القبيح ..حيث الإحتلال والإستعمار وسلب ثروات الشعوب الفقيرة..ونشر مفاهيم جديدة ..تحطم ما تعود عليه أهل تلك البلدان...وكأن شعار كل شيء من أجل المال هو الذي يسود...
سأعود للشرح مرة أخرى, حين بدأ تطبيق الرأسمالية في المجتمعات الغربية ,أخذت عشرات من السنين حتى يستقر وضعها وتتم السيطرة على أعراضها الجانبية, غير المرغوب فيها. يعني في البداية كان ثمة انتاج وجشع وسوء استغلال ولكن بمرور الوقت , وبسبب المنافسة والرغبة في مبيعات أفضل وانتشار أوسع ,وليس لوجه الله , فقد لجأت الشركات لأسلوب تقديم خدمات أفضل ,بتكاليف أقل,وصارت المنافسة شديدة , يوجد عروض ويوجد طلب متزايد...والمواطن وجد نفسه مدلل ومستفيد , فالكل يريد أن يكسبه زبونا له,ويبيعه سلعته,فهذه المواصفات وهذا السعر وأنت صاحب القرار...فلماذا تظل مغفلا تدفع لسلعة مبلغا عاليا ما دام بإمكانك الحصول عليها بنفس المواصفات , وبسعر أقل؟
بمرور الوقت .وضمن هذه الرؤيا , قل الغش وزاد الإخلاص لتقديم منتوج أفضل. كم أخذت هذه العملية ؟ اليس عشرات السنين ؟
أما عندنا ,هذه الدول التى تحاول تقليد الغرب , فما زال الأمر غير واضح وناضج بعد...فالشركات التي تدخل السوق هنا لا تجد منافسة شديدة , وبالتالي تتحكم بأخلاق السوق فتجعلها قبيحة قاسية لا تعرف الرحمة, فالبقاء هتا ليس للأفضل, بل للأشد قسوة وتحكما...فتنعكس هذه على أخلاقيات الناس مع بعضهم,فيستغل أحدهم الآخر ,وتصبح الأولوية للمال ولمن يملكه,,وتتحطم العلاقات الشفافة الجميلة التي كانت تسود تلك المجتمعات قبل حدوث هذه التطورات في اقتصاد البلاد.
نحن شعوب تعودنا أن تكون الأولوية في المباديء والقيم قبل أن تكون الأولوية للمادة ... لكن ما يحدث يسبب ارباكا وعدم وضوح للرؤيا يجعلنا نصب غضبنا على الرأسمالية..
في المجتمعات الغربية فصلوا الدين عن الدولة منذ زمن بعيد ...وصارت مسألة الدين هي أمر شخصي ..لا علاقة لأحد ليتدخل فيه .وبمرور الوقت , ربما أدرك كثيرون أن الحياة بدون قيم جميلة لا يمكن أن تطاق , والدين هو القيم الجميلة , التي تجعلنا نعرف حدودنا ولا نتخطاها,ولا نرتكب الحماقات التي تدمر حياتنا وربما حياة الآخرين...
لا نسرق ولا نقتل ولا نظلم ولا نرتشي ولا نحطم حياتنا الأسرية بعلاقات أخرى غير بريئة خارج حدود الأسرة, يعني نحترم ونقدس قيما تجعلنا نحس بأننا مخلوقات محترمة ,تستحق الحياة بطريقة محترمة..
عاد الكثيرون من افراد المجتمع الغربي الى الدين ..لكني لا أقدر أن أخمن كم نسبتهم في المجتمع ؟ وكم تأثيرهم فيه ؟
وربما نسبتهم قليلة وقدرتهم على صناعة القرار أو المشاركة في صنعه معدومة ,لأن الحكومات هناك لا تتصرف من منطلق ديني , وإلا ما اتجهت للمشاركة أو القيام بحروب ضد دول أخرى بحجج مختلفة , والحقيقة ان الأسباب مادية بحتة , وهي البحث عن أسواق جديدة, أو البحث عن مصادر ثروة جديدة ,لإنعاش الإقتصاد المهدد بالضعف !
وهنا يأتي دور الأفراد ..هل سيظل ساكتا متواطئا مع حكومته لتفعل ما تشاء ,باعتبار أن ثمة مكاسب ستصيبه وتحسن من حياته ومستقبله ومستقبل أولاده ؟...حتى لو كان في هذا دمار لحياة بشر آخرين ومستقبلهم ومستقبل أولادهم ؟
أعود مرة أخرى الى بن لادن ونظريته في تدمير القاعدة ...وهي هذه الشعوب التي تصفق لحكوماتها وتنتخب من هو أكثر قدرة على العدوانية وغزو الآخرين ..لجلب المكاسب للبلاد ..وانعاش الحياة...حتى لو كان ذلك على حساب شعوب أخرى , لها الحق أيضا أن تعيش وتنتعش وترى النور...
أنا لا أؤمن بالعنف انه سبيل لحل مشاكل البشر , أنا أجده أسلوب فاشل خاسر...
ولا أؤمن بنظرية صراع الحضارات , بل انفتاح الحضارات علىبعضها , وعيشها بسلام مع بعضها..
*****
المثل يقول الناس أعداء ما جهلوا ..
وهذا الغموض في العلاقات بيننا وبين الغرب , يجعلنا ننفر من بعضنا , ونصدق كل التهم ضده , كطريقة دفاعية لحماية معتقداتنا..
عندما أكون محدودة الإدراك والمعلومات..وعندي عدم وضوح في فهم الآخر..أكون معرضة لتقبل نظريات متطرفة أحادية الجانب .فأحلل قتله وتدميره لأنني أظن أنه لا يستحق الحياة مثلي ,,لأنني أحمل قيما أقتنع بها ,وأشك في قيم الآخر وأستخف بها..فما جدوى إعطاءه فرصة ؟ إنه لا شيء ...فليذهب الى الجحيم ...
اليس هذه حقيقة نظرة الغرب للمسلمين ؟ ونظرة المسلمين للغرب ؟
كل واحد يظن انه على حق ,والآخر غريب ,يريد أن يتدخل في حياتي ويعيد صياغتها بطريقته الخاصة, لن أعطيه الفرصة ..فليذهب الى الجحيم !
عندما كنت صغيرة ,أو حتى شابة صغيرة , كنت أسمع دائما أن الناس في الغرب لا قيم لهم ,,عوائلهم متفسخة,وعلاقاتهم فاسدة , وعندهم أيدز , وشذوذ, ونساء ساقطات, ورجال سكارى !
وعندما بدأت ألتقي بأشخاص من الغربيين , وخصوصا بعد الحرب الأخيرة على العراق..وجدت فيهم أناسا أذكياء ومهذبين وخجولين ..نساء ورجال ..ووجدت أنهم بشر مثلنا , لهم عوائل وقيم وأخلاق ,,؟ من شوه صورتهم هكذا في مخيلتنا ؟
وأعود فأسأل ..ما صورتنا نحن في مخيلتهم ؟ ربما مجرد أغبياء جهلة ..يركبون على الجمال ..أو ارهابيين مثل بن لادن ..ولا نفهم سوى العنف والحدة في معالجة الأمور...
لا بد من الإنفتاح بين الحضارات ..لكي يتم تصحيح الرؤيا..من كل الأطراف..تجاه الطرف الآخر...
وأتذكر آية في القرآن ..كل يوم تتردد في ذهني حين أنهي قراءة البريد القادم من أماكن متفرقة من العالم..
(إنا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا , إن أكرمكم عند الله أتقاكم )...أي أشدكم خوفا منه ..وأكثركم تطبيقا لعدالته ,هو الأقرب الى الله...دونما هوية ..دونما امتيازات أخرى .
فأحس ان ثمة خطأ.. في تقديرنا لبعضنا..وهذا الخطأ سببه الحواجز ..حواجز اللغة والثقافة..وأشياء أخرى..
وينبغي علينا ..من طرفنا وطرفهم السعي بكل الوسائل الممكنة لهدم هذه الحواجز..وتقريب وجهات النظر..لتعيش أجيالنا القادمة بسلام وعلاقات أجمل من التي عاشها جيلنا ..ودفع ثمنها حروبا ودمارا...لا فائدة منها ...
*****