Thursday, January 08, 2004

 
الأربعاء 31/12/003
إذن فقد جاء اليوم الاخير من هذه السنة وها نحت تعيشه ثم نفترب من وداعه,
في الصباح كانت الشوارع مغلقة وبصعوبة وصلنا الى المحل بواسطة طرق بديلة أخرى لكنها جميعا كانت مزدحمة . وشرطة وحواجز وأخبار عت فنابل مزروعة في وسط الشارع ,وهكذا مضى يوم بغداد الاخير لهذه السنة . وأتخيل كيف تعيش اليوم عواصم العالم أتخيل الناس في المتاجر يشنرون وفي بيوتهم يحتفلون أما نحن فنلوذ في بيوتنا مختبئين مع أحزاننا وكآبتنا . مثل مخلوقات نسيت كيف هي البهجة والفرحة ؟
عندما مررت في شوارع بغداد الكئيبة تساءلت لماذا هذه المدبنة قديمة بيوتها ومستشفياتها ومدارسها وحتى دوائر الدولة ؟والمفروض اننا دولة غنية فأين ذهبت أموال النفط ونحن بلد نفطي ؟
أنظر لدول الخليج التي تجاورنا كيف يعيش سكانها مرفهين بحياتهم ووسائل التكنولوجيا وصلت اليهم ولا يشغل بالهم حروب أو حصار .فلماذا نحن يطمسنا التخلف والظلم والبعد عن العالم .كأن هوة ضخمة تعزلنا عن شعوب الارض .
الناس هنا يقولون دائما أميركا هي التي جاءت بصدام حسين الينا ليدمرنا وثبتوه وسندوه وفشلت كل محاولات العراقيين للتخلص منه ,ثم حين أرادت التخلص منه جاءت لتحتل العراق وهذه هي أمنيتها منذ عشرات السنين والذي يرى الجيوش والدبابات تملأ مدن العراق سيقول بكل براءة من الذي سيخرجهم من هنا ؟ لا يمكن التصديق انهم ينوون الرحيل بعد سنة أو اثنتين ’حالهم يقول نحن باقون الى الابد
وصدام استنزف أموال الشعب من النفط ليخوض حروبا سخيفة أسبابها وهمية ونتائجها الخراب والدمار فقط.ثم جاءت حربه ضد الكويت وهم جيران وأخوان , فوجد المبررات السخيفة مرة أخرى ومن يعترض ؟
عرفنا فيما بعد أين يضع المعترضين !
ويحيط نفسه بجوقة من المنافقين الذين يصفقون له وينهشون الناس الضعفاء , والعالم يزداد بعده عنا وبعدنا عنه وخصوصا بعد كارثة الحصار ,حيث صرنا مثل يوسف في ظلام البئر ,بعد أن ألقى به أخوته ....
وبعد توقف الحروب ,وتنفيذ الحصار , صار الرجل يبدد ضجره وأموال النفط ببناء قصور لا يسكن فيها ولا يزورها حتى ! وكنت أرى شاحنات في المساء تمتلأ بالشباب يرتدون ملابس رثة ويلتصقون ببعضهم وأسال من هؤلاء وأبن كانوا فأسمع الجواب انهم عمال اليومية يعملون في بناء قصور السيد الرئيس .
وتخطر في بالي فورا جملته المعهودة الشعب العراقي العظيم ! وأقول هؤلاء اذن أبناء الشعب العظيم يبنون قصور القائد العظيم وأود لو أبكي حزنا على حالنا وبؤسنا لكني احترم نفسي واسكت .
حقا أنا اتساءل من جاء به ليدمرنا ويمسح الكرامة من وجوهنا وحياتنا ؟ هل ممكن لوحده فعل كل هذا أم هنالك قوى خارجية ساعدته ودفعته ليرتكب كل هذه الحماقات وهو يظن نفسه البطل .
عندما كنت في عمان وهجم على الكويت غضبت كثيرا وتألمت وقلت إنه يفودنا الى جحيم آخر بعد نهاية حرب ايران. فغضب زميلي في العمل وقال لماذا تزعلين انه لايفعل شيئا لنفسه هذه مكاسب للشعب سوف يتركها لكم . أدهشني هذا التفسير . أية مكاسب بظلم الناس وقتلهم ؟ أوقفت النقاش لانني ظننت نفسي غبية لا تملك بعد نظر !
بعد حرب الكويت وبداية الحصار هاجر الكثير من العراقيين بعد أن يئسوا من تحسن الاحوال وأمتلات دول العالم بالمثقفين العراقيين والادباء والشعراء والاطباء والمهندسين وبقي القلة حتى كادت الجامعات العراقية تخلو من كوادر التدريس لولا تخرج دفعات جديدة تم تعيينها لسد الفراغ وكان حال الدولة كأنها تقول لهم مع السلامة إن لم تكونوا من المصفقين !
بقيت الاكثرية المغلوبة على أمرها , وأكثرية أخرى مستفيدة تمص دم الفئة الضعيفة , وتصفق وتهتف للسيد الرئيس .
في هذه الفترة عدت الى العراق , ولامني أهلي وقالوا ماذا جاء بك مجنونة ؟ ضحكت وقلت الله أراد أن أعود ورتب الظروف فلا تحاولوا !
عدت لأرى عراقا محطما دولة وإنسان . المباديء انقرضت والناس المعروفين كرموز وطنية معظمهم ماتوا والتعليم كله فساد ورشاوي وقطاع الصحة مهمل والفقير يموت من قلة الدواء ولاأحد يشعر به.
والاغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقرا..!
الاحياء القديمة الغنية صارت قديمة فعلا لكنها فقيرة,والناس يبيعون أثاث بيوتهم والفائض منها ثم يديهم تمتد قليلا قليلا لبيع الضروريات حتى المروحة والمبردة باعوها في عز الصيف حتى يظلوا على قيد الحياة ويا لها من حياة! وطبقة موظفي الدولة المتقاعدين من الجيش أوالتربية أوحتى السلك الدبلوماسي صاروا طبفة مسحوقة تعيش على الذكريات , وتحزن وتتأسف على الحاضر .
وظهرت طبقة جديدة بيديها الاموال والتجارة وحقوق الاستيراد والتصدير وتتحكم بحياة الناس وتنظر اليهم وتتساءل ماذا يمتلكون من ثقافة أو شهادات أو مهارات فيكون الجواب معظم الاحوال لا شيء إنه فقط صديق الاستاذ عدي أو قريب السيد الرئيس حفظه الله ......
في أي بؤس عشتم أيها العراقيون ؟ وأظل أتساءل هل شاركتم بأنفسكم بتدمير حياتكم ؟ أم يتحمل السؤولية عصابة الاغبياء التي كانت تنهش ولا تشبع حتى نزل الغضب الإلهي .؟........ **********




<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives