Friday, January 30, 2004
الجمعة 30/1
نويت أن أسافر الى عمان في اجازة أمتحانات نصف السنة..
أحس بنفسي متعبة ..وحزينة ولابد من تغيير برنامج الحياة اليومية والضغوطات النفسية..
وعندما أكون متعبة , أصبح عصبية المزاج ولا أتحمل أخطاء الآخرين ...وهذه اشارة تقول انني بحاجة لأجازة !
مشتاقة الى شقتنا الصغيرة هناك ..حيث أثاثها جديد..لم يستهلك بعد من أفراد العائلة,.أو الضيوف
وهي في الطابق الثالث من العمارة , وهي غير مزدحمة بالأثاث مثل بيتنا في بغداد..
وفيها فرندة مقززة كما يقول أهل عمان ..أجلس فيها أحدق في بيوت عمان الجميلة وطراز بنائها الحجري التقليدي ..وهو بناء مكلف ..لكنه جميل معماريا..ويعطي االبناء متانة أكثر .
وقضيت فترة طويلة من حياتي في عمان أعمل كمهندسة تصميم أنشائي..لبيوت أو عمارات سكنية أو مدارس حكومية . وكانت فترة جميلة من حياتي , وكان عندي كثير من الصديقات المهندسات , وزملاء عمل من المهندسين أعتز بهم .
وفي فترة كانت عندي نشاطات في نقابة المهندسين , وكنت في لجنة النشاطات الأجتماعية وفيها نقيم ندوات واحتفالات وطنية أو سياسية حسب الظروف والمناسبات ..
وكنت أحس وقتها ان العمل النقابي جميل ما لم تدخل السياسة فتجعله قبيحا كله تكتلات ومصالح ومنافسة فتتحول النقابة الى معقل لفئة معينة تتحكم به ...فئة لم تجد متنفسا لها سوى هذا المكان ...
والنقاشات تصير حادة ..وبعض الأطراف تتحد مع أطراف أخرى ..لتكسب أصواتا أكثر , وفي وقت آخر يعودوا فيتفرقوا ..شيء مخجل ...لا أحب الاقتراب من هذه الأجواء ...
لا أفهم لغتهم ولا تعجبني ,أحس أن فيها الكثير من المصالح الذاتية , والقليل من المصلحة العامة
تركت تلك الجنة وانتقلت الى اللجنة العلمية..حيث لا سياسة ولا منافسات . وكنا نستضيف عددا من المهندسين لشرح موضوع هندسي جميل وغريب , مثل حالات من التشققات في المباني بفعل الزلازل أو سوء التنفيذ , أو عرض لطرق تصميم انشائية حديثة ..
وبعد الندوة نعمل حفلة شاي ونتعرف على بعضنا , أقصد الحضور ,وأعضاء اللجنة والدكتور المحاضر ...
كانت تجربة ممتعة...وكان الأولاد صغارا (في الأبتدائية ) وكان عندي خادمة سريلانكية ,وكنت أحبها جدا وأدللها لأنها فقيرة وغريبة وتركت عائلتها لتعمل في بلد بعيد من أجل تأمين حياة أفضل لأولادها ... وكانت حنونة جدا على الأولاد وأثق بها لترعاهم خلال غيابي ..
وكان عزام يتذمر ..لكني كنت أجد في نشاطاتي مصدرا آخر لسعادتي حيث كانت عندي طاقات كبيرة , أقدر أن أعمل في الصباح ثم أعتني بالأولاد بعد الظهر ..وأحيانا أشارك في نشاطاتي النقابية ..
ورغم انني اصطدمت مع نماذج كريهة ,من المنتمين للاحزاب ويحقدون على من يخالفهم الرأي
ويعاملونه بعدوانية ,لكني كنت أواجههم بصلابة لأنني مستقلة ولا أنتمي لاي تنظيم , وكنت أجد في هذا مصدر قوة ..أن تكون مستقلا ,يعني أن تكون ملكا ..لا سلطان لأحد عليك !
ثم في فترة ما تعبت ومللت ,وابتعدت عن النقابة ,لأن المستقلين أقلية ضعيفة ..والحزبيين أكثرية مزعجة تفسد طعم صفاء الأجواء هناك ...
ثم بدأت أكتب في الصحف قصصا قصيرة ..لكن باسم مستعار ..خوفا من انتقادات زوجي أو أقاربه !
عشت أياما جميلة في عمان , رغم انني دخلتها غريبة ,خجولة ,خائفة .. في بداية العشرينات من عمري , وغادرتها وأنا أمتلك تجارب كثيرة مفيدة , وأنا في منتصف الثلاثين .,حيث عدت الى بغدادي الحبيبة بعد طول فراق ...
عمان مدينة جبلية وطبيعتها جميلة ,عكس بغداد المنبسطة , ونظام البناء في عمان عمودي ,
عكس بغداد ببنائها الأفقي ..
شتاء عمان طويل الفترة وشديد البرودة, بينما صيف بغداد طويل الفترة شديد الحرارة.
أهل عمان أكثر أناقة وترتيبا من أهل بغداد .. بملابسهم وبيوتهم ..ربما لانهم لم يعيشوا فترات صعبة من حياتهم, في السنوات الأخيرة , كما حصل مع العراقيين .
وكنت أول عودتي لبغداد أتعجب من أستاذ الجامعة الذي يحضر بقميصه غير المكوي الى قاعة المحاضرات , ثم بمرور الوقت ورؤيتي لحياة الناس القاسية هنا , أدركت مقدار الكآبة التي في قلب من يخرج من البيت بقميص غير مكوي ...
وليس تحيزا , لكني عشت أوطانا كثيرة , وسافرت الى أوطان أخرى كزائرة, ولكني لم أجد أناسا أنسجم معهم ,وأفهمهم ,وأدرك ما بداخلهم , طيبا كان أم خبيثا ..أكثر من العراقيين !
لا أعرف ...ولكني أحبهم حتى وأنا ساخطة عليهم من بعض التصرفات الغبية !
أليس هذه نفس المشاعر تجاه أولادي ؟
******
سأذهب الى عمان ..غدا أو بعد غد ..وربما لن تسنح لي الفرصة للكتابة من هناك , لكن قلبي سيظل في بغداد ..
أتذكر وأردد مقطعا من قصيدة للسياب ...
(واني لأعجب كيف يخون الخائنون
أيخون انسان بلاده
ان خان معنى أن يكون
فكيف يمكن أن يكون ؟
الشمس في بلادي أجمل من سواها ..والظلام
حتى الظلام هناك أجمل
فهو يحتضن العراق ...)
*****
نويت أن أسافر الى عمان في اجازة أمتحانات نصف السنة..
أحس بنفسي متعبة ..وحزينة ولابد من تغيير برنامج الحياة اليومية والضغوطات النفسية..
وعندما أكون متعبة , أصبح عصبية المزاج ولا أتحمل أخطاء الآخرين ...وهذه اشارة تقول انني بحاجة لأجازة !
مشتاقة الى شقتنا الصغيرة هناك ..حيث أثاثها جديد..لم يستهلك بعد من أفراد العائلة,.أو الضيوف
وهي في الطابق الثالث من العمارة , وهي غير مزدحمة بالأثاث مثل بيتنا في بغداد..
وفيها فرندة مقززة كما يقول أهل عمان ..أجلس فيها أحدق في بيوت عمان الجميلة وطراز بنائها الحجري التقليدي ..وهو بناء مكلف ..لكنه جميل معماريا..ويعطي االبناء متانة أكثر .
وقضيت فترة طويلة من حياتي في عمان أعمل كمهندسة تصميم أنشائي..لبيوت أو عمارات سكنية أو مدارس حكومية . وكانت فترة جميلة من حياتي , وكان عندي كثير من الصديقات المهندسات , وزملاء عمل من المهندسين أعتز بهم .
وفي فترة كانت عندي نشاطات في نقابة المهندسين , وكنت في لجنة النشاطات الأجتماعية وفيها نقيم ندوات واحتفالات وطنية أو سياسية حسب الظروف والمناسبات ..
وكنت أحس وقتها ان العمل النقابي جميل ما لم تدخل السياسة فتجعله قبيحا كله تكتلات ومصالح ومنافسة فتتحول النقابة الى معقل لفئة معينة تتحكم به ...فئة لم تجد متنفسا لها سوى هذا المكان ...
والنقاشات تصير حادة ..وبعض الأطراف تتحد مع أطراف أخرى ..لتكسب أصواتا أكثر , وفي وقت آخر يعودوا فيتفرقوا ..شيء مخجل ...لا أحب الاقتراب من هذه الأجواء ...
لا أفهم لغتهم ولا تعجبني ,أحس أن فيها الكثير من المصالح الذاتية , والقليل من المصلحة العامة
تركت تلك الجنة وانتقلت الى اللجنة العلمية..حيث لا سياسة ولا منافسات . وكنا نستضيف عددا من المهندسين لشرح موضوع هندسي جميل وغريب , مثل حالات من التشققات في المباني بفعل الزلازل أو سوء التنفيذ , أو عرض لطرق تصميم انشائية حديثة ..
وبعد الندوة نعمل حفلة شاي ونتعرف على بعضنا , أقصد الحضور ,وأعضاء اللجنة والدكتور المحاضر ...
كانت تجربة ممتعة...وكان الأولاد صغارا (في الأبتدائية ) وكان عندي خادمة سريلانكية ,وكنت أحبها جدا وأدللها لأنها فقيرة وغريبة وتركت عائلتها لتعمل في بلد بعيد من أجل تأمين حياة أفضل لأولادها ... وكانت حنونة جدا على الأولاد وأثق بها لترعاهم خلال غيابي ..
وكان عزام يتذمر ..لكني كنت أجد في نشاطاتي مصدرا آخر لسعادتي حيث كانت عندي طاقات كبيرة , أقدر أن أعمل في الصباح ثم أعتني بالأولاد بعد الظهر ..وأحيانا أشارك في نشاطاتي النقابية ..
ورغم انني اصطدمت مع نماذج كريهة ,من المنتمين للاحزاب ويحقدون على من يخالفهم الرأي
ويعاملونه بعدوانية ,لكني كنت أواجههم بصلابة لأنني مستقلة ولا أنتمي لاي تنظيم , وكنت أجد في هذا مصدر قوة ..أن تكون مستقلا ,يعني أن تكون ملكا ..لا سلطان لأحد عليك !
ثم في فترة ما تعبت ومللت ,وابتعدت عن النقابة ,لأن المستقلين أقلية ضعيفة ..والحزبيين أكثرية مزعجة تفسد طعم صفاء الأجواء هناك ...
ثم بدأت أكتب في الصحف قصصا قصيرة ..لكن باسم مستعار ..خوفا من انتقادات زوجي أو أقاربه !
عشت أياما جميلة في عمان , رغم انني دخلتها غريبة ,خجولة ,خائفة .. في بداية العشرينات من عمري , وغادرتها وأنا أمتلك تجارب كثيرة مفيدة , وأنا في منتصف الثلاثين .,حيث عدت الى بغدادي الحبيبة بعد طول فراق ...
عمان مدينة جبلية وطبيعتها جميلة ,عكس بغداد المنبسطة , ونظام البناء في عمان عمودي ,
عكس بغداد ببنائها الأفقي ..
شتاء عمان طويل الفترة وشديد البرودة, بينما صيف بغداد طويل الفترة شديد الحرارة.
أهل عمان أكثر أناقة وترتيبا من أهل بغداد .. بملابسهم وبيوتهم ..ربما لانهم لم يعيشوا فترات صعبة من حياتهم, في السنوات الأخيرة , كما حصل مع العراقيين .
وكنت أول عودتي لبغداد أتعجب من أستاذ الجامعة الذي يحضر بقميصه غير المكوي الى قاعة المحاضرات , ثم بمرور الوقت ورؤيتي لحياة الناس القاسية هنا , أدركت مقدار الكآبة التي في قلب من يخرج من البيت بقميص غير مكوي ...
وليس تحيزا , لكني عشت أوطانا كثيرة , وسافرت الى أوطان أخرى كزائرة, ولكني لم أجد أناسا أنسجم معهم ,وأفهمهم ,وأدرك ما بداخلهم , طيبا كان أم خبيثا ..أكثر من العراقيين !
لا أعرف ...ولكني أحبهم حتى وأنا ساخطة عليهم من بعض التصرفات الغبية !
أليس هذه نفس المشاعر تجاه أولادي ؟
******
سأذهب الى عمان ..غدا أو بعد غد ..وربما لن تسنح لي الفرصة للكتابة من هناك , لكن قلبي سيظل في بغداد ..
أتذكر وأردد مقطعا من قصيدة للسياب ...
(واني لأعجب كيف يخون الخائنون
أيخون انسان بلاده
ان خان معنى أن يكون
فكيف يمكن أن يكون ؟
الشمس في بلادي أجمل من سواها ..والظلام
حتى الظلام هناك أجمل
فهو يحتضن العراق ...)
*****