Friday, January 30, 2004

 
الخميس 29/1
الأحد القادم سيأتي العيد الكبير...وهو عيد الحجاج ..وفيه طقوس وشعائر كثيرة وجميلة ..
واليوم الذي قبله يوم عرفات ..وهو أهم مرحلة من الحج حيث يقف الحجاج على جبل قرب مكة ,جبل عرفات...
وعندما كنا صغارا كنا ننتظر هذا اليوم بلهفة ..كأن له رائحة مختلفة عن باقي أيام السنة ..حيث نعود للبيت مسرعين وأمهاتنا يعملن الكعك الخاص بالعيد .. آه..وكأنني أرى تلك اللحظات السعيدة من حياتنا التي مضت ...ويا ليتها ما مضت ! ويا ليتنا بقينا صغارا نلهو ونصرخ ولا نبالي , أقصد لا ندرك ما يفعله كبار السن الناضجين ..من كوارث وحروب ودمار للانسانية.
عندما كنت صغيرة كنت أتمنى أن أكبر بسرعة حتى أصير عاقلة ..وكان عندي قناعة أن كل الكبار عاقلين ولا يخطئون ...ثم اكتشفت انهم أغبى من الصغار ...في كثير من الأحيان !
نعود للعيد ...وكنا نشتري ملابس العيد قبل أسبوع أو أكثر ..ونخبأها في الخزانة وكل يوم نظل نفتحها ونتفقدها ...ولا نلبسها قبل العيد أبدا ...يخرب العيد ! هكذا يحذر أحدنا الآخر ... ثم نضعها على السرير ليلة العيد حتى لو كان معها حذاء لايهم فهو حذاء العيد !
وننظف البيت ..ونستحم ونمشط شعرنا ..والأولاد يأخذون صواني الكعك للفرن من أجل الشوي ,وعندما يعودون تفوح رائحة الكعك اللذيذة فتملأ البيت ونمد أيدينا لنأكل منه وتصرخ أمي ..خلوه للعيد !
وتأتي الجارات عند أمي ويتكلمن بمواضيع شتى وربما استعارت احداهن الصواني أو الأدوات لعمل الكعك لبيتها ..ويكون كل شيء ممتلئا بالفرح ...
ثم في المساء نغسل الشارع الضيق أمام البيت (الدربونة)...كم أحب هذا الأسم ..يذكرني بأيام قديمة حلوة ! وطوال ذلك النهار نسمع نداء الحجاج الجميل يخاطبون به رب العزة ...لبيك اللهم لبيك ...لبيك لا شريك لك لبيك ...
نردده معهم كأنه أغنية جميلة ...على شفاهنا ..
كل شيء ليلة العيد ..جميل وعليه البهجة والسعادة ..الناس والبيوت والشوارع والمدينة..
واليوم أين نحن من ذلك العالم ؟ ...كأنه انقرض بلا عودة مثل عالم الديناصورات ..
فقد نشتري ملابس جديدة أو لا ...لا يهم ..ونرتب البيت .ونشتري حلويات ومعجنات ..ونستقبل العيد ...لكني أحس بقلوب أثقلها الحزن ..فنقوم بالطقوس ..ونستقبل الضيوف ونقدم كل شيء موجود ..والحزن لا يغادر قلوبنا ...
لا أدري ..ما عدت أحس بطعم هذه الأيام .. ...
لا أدري ..أنا الحزينة ؟..أم ان الدنيا أصبحت هكذا لكل الناس ؟
******
وبغداد ...حزينة مثلي بشوارعها المحفرة..وأهلها التائهون بين تفجيرات غامضة لا يعلم الا الله من المستفيد منها .. وصحف تنشر فضائح لا أحد يعلم مصداقيتها ونواياها ..ومجلس حكم ..يصرح كثيرا وينفذ لا شيء ..ومتظاهرون غاضبون من رواتب قليلة لا تكفي لحياة كريمة ..وجيش أمريكي يتجول في أنحاء المدينة ...وانتخابات امريكية هناك...ووعود بالاعمار والحياة السعيدة ...وأحلام كثيرة ...قد نكتشف فيما بعد ..أنها كانت مجرد أضغاث أحلام !
كم من الوقت نحتاج لنستيقظ من نومنا العميق هذا ؟
******



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives