Thursday, January 01, 2004

 
الخميس 25/12/003
لهذه الحرب وجوه ايجابية مشرقة.فمعظم البيوت على سطوحها الان أطباق استلام البث للقنوات الفضائية من مختلف دول العالم.وبغداد امتلأت بمحلات الانترنت ومحلات بيع اجهزة الموبايلات لعدة شركات عالمية .
وصارت السيارات ذات الموديلات الحديثة تملا شوارع المدينة , وأيضا الاجانب موجودون .وحضورهم مع منظمات مساعدة أجنبية أو صحافة وقنوات تلفزيونية أجنبية, وهذه من أهم حسنات الحرب حيث حضورهم كسر الحاجز بيننا وبينهم فوجدنا لغة حوار مشتركة ,وكنت أظن أن لا لغة مشتركة ممكن أن تجمعنا !
وأكتشفت أن فيهم أناس عاديون وآخرين أذكياء. وفي بداية دخول القوات الامريكبة الى بغداد كانوا أكثر طيبة وانسجاما معنا .أما الان فصاروا بسبب الظروف غير الامنة أكثر عدوانية وهذا جعل الناس ينفرون منهم ويبتعدون . خصوصا بعد أن قتل كثير من العراقيين بنار جنود أمريكيين دون قصد بل لمجرد ان الجندي مرتبك!
وطبعا من يحاسب هذا الجندي أو ذاك. ومثل هذه الحوادث تسبب شعورا بالعداء تجاه الامريكان .
في اليل أصوات انفجارات , تستمر لساعات ولا أحد يعلم ما يحدث . وفي ظلام اليل أصوات طائرات الهليكوبتر تجول في السماء وهدير الدبابات الثقيلة تمر في الشوارع تكسر سكون المدينة الغارقة في الظلام وتهز البيوت كأن زلزالا صغيرا يمر معها.
والناس غارقة في أحزانها وهي تبحث عن لقمة العيش والبنزين والنفط والغاز وغيرها من منتجات صارت شحيحة وغالية بعدما كانت رخيصة ومبذولة حتى في سنوات الحصار الصعبة .
الحزن والقلق ليس على هذه الاشياء بحد ذاتها ولكنها اشارة صغيرة لوطن أصبح في حالة انهيار وفوضى.
ومستقبل مجهول.....
والناس الذين يعيشون هنا سئموا من الحروب والحصار والسياسة والاحزاب ويتساءلون من يضمن ان الوجوه الجديدة أكثر مصداقية من التي مضت وسقطت ؟
واللغة السائدة بالشارع ليست لغة حوار وطني وتسامح بل لغة انتقام وتصفية حسابات ,تماما كما كان يفعل البعثيون بالشيوعيين حين استلموا السلطة . الناس هنا محتاجون لسنين طويلة حتى يتعلموا طريقة احترام الرأي الاخر دون عنف وانتقام,.....
وهذه عملية تربية وليست بقرار تصدره جهة ما....
وواقع الحال لحد الان سيء . فالمجموعة التي تعودت ان ترتشي من موظفي الدولة ما زالت تمارس نفس الافعال السابقة بلا محاسب أو مراقب . والانسان الذي لا يملك الواسطة أو المال لا يقدر أن ينجز أموره بصورة عامة في دوائر الدولة.
وعندما يأتي زبون للمحل يريد أن يبيع بضاعة عنده ,أسأله من أين جئت بها ؟فيقول تريدين الصراحة؟فأضحك وأقول نعم أريد الصراحة!فيجيب انها مسروقة من منشآت الدولة .ولماذا سرقتها؟ فيقول لان صدام أعدم عمي حين كان ضابطا في الجيش .واقول ماذا استفدت انت من هذا العمل هل عاد عمك الى الحياة أم فرح لعملك فدخل الجنة؟فيبتسم ويقول ماذا أفعل اذن؟
وأعتذر عن الجواب لانه مادام يفكر هكذا فما هي اللغة المشتركة للحوار مع مثله؟
خرج من المحل ثم عاد وقال طيب ساعديني ..نصيحة لاخيك المسلم أين أبيع هذه المادة؟
وكانت هذه هي الطلقة التي اخترقت عقلي فمزقته وأفقدتني صوابي
أي اسلام تتكلم عنه أيها المغفل؟ وماذا أبقيت منه؟ ان ساعدتك فأنا مشتركة في الحماقة معك ....
بقيت طوال النهار منزعجة بل عدة أيام . وزادت عندي القناعة ان هؤلاء الناس ليس فقط محتاجين حكومة ودستور بل بحاجة الى مباديء قديمة يعاد تذكيرهم بها فقد انهار كل شيء....



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives