Monday, January 26, 2004
السبت 24/1
اليوم صباحا وقبل ذهابي للعمل..فتحت البريد الألكتروني فوجدت سبعة رسائل فيه كلها تسأل عن رائد !
وهل هو بخير ؟..لم أفهم ..ماذا يحدث ؟
عدت ففتحت صفحته على الإنترنت..فوجدت إنه كتب خواطر في غاية الكآبة ...وأطلعت زفيرا من صدري..ووضعت يدي على خدي ..واستغرقت في لحظات كآبة عميقة .....وفهمت لماذا الناس بعثوا بتلك الرسائل القلقة ...
وطبعا هو يقصد بكلمة أقفز ...أقفز ...إنه غير مستقر ..وقفز من عمل إلى آخر أو من حال إلى آخر في حياته ...وبعض الناس ظنوا إته سيقفز من سطح البناية ...
أما أنا فقلت ...يا الهي ..ليس ثانية !
فهو منذ تخرج من الجامعة ..يمر بهذه الحالة كل ستة شهور تقريبا ...وطبعا أعيشها بصعوبة وألم لأنه لا يسمح بالتدخل ..ويريد أن يعيش تجاربه لوحده ..وأنا أخاف عليه أن يتهور ويعمل مصيبة ..كأن ينتحر ..أو يأخذ مخدرات أو أشياء كارثية أخرى ...وعندما تنتهي أزمته النفسية ..أكون فد استنزفت معظم طاقتي في التحمل والصبر فتبدأ على علامات الإنهيار النفسي , أختبأ في البيت لا أريد أن أرى أحدا ...ولا أن يراني أحد !
يعني هو يشفى ..وأنا ينتقل الفيروس الي ...فايروس الإحباط ..والسؤال عن ما قيمة حياتي التافهة؟
أظن أننا جميعا معرضون لهذا ..حتى لو بقينا أقوياء أمام الناس وأخفينا نقاط ضعفنا تلك ...
وأنا أتذكر الآن انني أحيانا وأنا مرحة نشيطة , أقول للمستمعين ..وعندما أكون كئيبة ...فيقاطعوني ضاحكين ..أنت كئيبة ؟ مستحبل لا يمكن !..وأتساءل لماذا؟ فيقولون أنت دائما قوية ..ومرحة ولا يمكن أن يهزك شيء !
ماذا ؟ ....سوبر ومان ؟..أغبياء !...أتمتم في نفسي ..وأسكت .....
*****
أعود وأسأل مرة أخرى ..لماذا تبدو حياة الإنسان كأنها دورة حياة تقليدية لمخلوق ما ؟..يعني مثلا دورة حياة الفراشة أو البعوضة أو الدودة ؟ ...عبارة عن مراحل محددة هي ذاتها تتكرر بطريقة ميكانيكية ..بلا ذكاء أو قفزة لتجاوز مرحلة ؟
البداية دائما طفل بريء ..ثم مراهق متعب .. ثم شاب طموح متعب ....ثم رجل ناضج ....ثم عجوز كله تجارب وحكم ...لكن المشكلة أن لا أحد يصغي له وخصوصا أولاده أو أحفاده ..ويجدون قصصه مملة ..ومثيرة للضحك ..ولا يقدر أن يقلص دورة حماقاتهم الغبية ...سيفعلونها كلها ..كأنها جرعة مضاد حيوي ...جرعة كاملة !
حتى يشفى المريض وتبدو عليه علامات الصحة ...
ونسمي هذا الرفض وعدم الإستيعاب (فجوة الأجيال ) ...وأنا أقترح أن نسميها فجوة الغياء والعناد ...
*****
لو كان فعلا إختلاف وجهات النظر بسبب العمر أو الجيل فإنني أتساءل..كانوا آباءنا وأمهاتنا غير متعلمين ..ونحن درسنا وأكملنا الجامعات ..لكننا كنا نحترمهم ونخافهم ...ولم تمنعنا شهاداتنا عن تقدير جهودهم معنا وبقينا حافظين الجميل حتى بعد أن ماتوا...
أما أولاد هذا الجيل فمعظم آباءهم وأمهاتهم متعلمين ...لكن الأولاد متمردين ..ويتمادون ...والتقدير للآباء والأمهات أقل بكثير مما يستحقون....
ولاحظت أن أبناء العوائل المتواضعة اكثر إلتزاما بآراء أهلهم وأكثر إحتراما لها ...
ويبدو أن الإنسان كلما زادت عنده البنود في حياته ...زاد إبتعاده عن تقديس بنود محددة ...كأن ثمة شيء يشوش الرادار المسؤول عن صفاء الذهن ومعرفة الأولويات ...
يعني الذي عنده البيت والدراسة فقط فهو ملتزم بهما ومخلص ...لكن لو طرأت بنود جديدة مثل عمل مع منظمات
أو متابعة الإنترنت ...فسيصبح الجدول اليومي مزدحما...فيقل الإلتزام عن حدته الأولى ...وكذلك المجتمعات ..كلما تطور الفرد وأسلوب حياته صار أكثر إستقلالية وبعدا عن أهله وأقاربه ... وأنا أرى هذه الأعراض بدأت تظهر علينا بصورة عامة ...
وأنا لا أحب الإبتعاد كثيرا عن العلاقات الحميمة ..فهي ملاذ المرء وقت الأزمات ...ولكني أحب إزدحام العمل لأنه يخفف نوعا ما من العلاقات مع ثقلاء دم لا نحبهم ...أقرباء أو غرباء...
*****
اليوم صباحا وقبل ذهابي للعمل..فتحت البريد الألكتروني فوجدت سبعة رسائل فيه كلها تسأل عن رائد !
وهل هو بخير ؟..لم أفهم ..ماذا يحدث ؟
عدت ففتحت صفحته على الإنترنت..فوجدت إنه كتب خواطر في غاية الكآبة ...وأطلعت زفيرا من صدري..ووضعت يدي على خدي ..واستغرقت في لحظات كآبة عميقة .....وفهمت لماذا الناس بعثوا بتلك الرسائل القلقة ...
وطبعا هو يقصد بكلمة أقفز ...أقفز ...إنه غير مستقر ..وقفز من عمل إلى آخر أو من حال إلى آخر في حياته ...وبعض الناس ظنوا إته سيقفز من سطح البناية ...
أما أنا فقلت ...يا الهي ..ليس ثانية !
فهو منذ تخرج من الجامعة ..يمر بهذه الحالة كل ستة شهور تقريبا ...وطبعا أعيشها بصعوبة وألم لأنه لا يسمح بالتدخل ..ويريد أن يعيش تجاربه لوحده ..وأنا أخاف عليه أن يتهور ويعمل مصيبة ..كأن ينتحر ..أو يأخذ مخدرات أو أشياء كارثية أخرى ...وعندما تنتهي أزمته النفسية ..أكون فد استنزفت معظم طاقتي في التحمل والصبر فتبدأ على علامات الإنهيار النفسي , أختبأ في البيت لا أريد أن أرى أحدا ...ولا أن يراني أحد !
يعني هو يشفى ..وأنا ينتقل الفيروس الي ...فايروس الإحباط ..والسؤال عن ما قيمة حياتي التافهة؟
أظن أننا جميعا معرضون لهذا ..حتى لو بقينا أقوياء أمام الناس وأخفينا نقاط ضعفنا تلك ...
وأنا أتذكر الآن انني أحيانا وأنا مرحة نشيطة , أقول للمستمعين ..وعندما أكون كئيبة ...فيقاطعوني ضاحكين ..أنت كئيبة ؟ مستحبل لا يمكن !..وأتساءل لماذا؟ فيقولون أنت دائما قوية ..ومرحة ولا يمكن أن يهزك شيء !
ماذا ؟ ....سوبر ومان ؟..أغبياء !...أتمتم في نفسي ..وأسكت .....
*****
أعود وأسأل مرة أخرى ..لماذا تبدو حياة الإنسان كأنها دورة حياة تقليدية لمخلوق ما ؟..يعني مثلا دورة حياة الفراشة أو البعوضة أو الدودة ؟ ...عبارة عن مراحل محددة هي ذاتها تتكرر بطريقة ميكانيكية ..بلا ذكاء أو قفزة لتجاوز مرحلة ؟
البداية دائما طفل بريء ..ثم مراهق متعب .. ثم شاب طموح متعب ....ثم رجل ناضج ....ثم عجوز كله تجارب وحكم ...لكن المشكلة أن لا أحد يصغي له وخصوصا أولاده أو أحفاده ..ويجدون قصصه مملة ..ومثيرة للضحك ..ولا يقدر أن يقلص دورة حماقاتهم الغبية ...سيفعلونها كلها ..كأنها جرعة مضاد حيوي ...جرعة كاملة !
حتى يشفى المريض وتبدو عليه علامات الصحة ...
ونسمي هذا الرفض وعدم الإستيعاب (فجوة الأجيال ) ...وأنا أقترح أن نسميها فجوة الغياء والعناد ...
*****
لو كان فعلا إختلاف وجهات النظر بسبب العمر أو الجيل فإنني أتساءل..كانوا آباءنا وأمهاتنا غير متعلمين ..ونحن درسنا وأكملنا الجامعات ..لكننا كنا نحترمهم ونخافهم ...ولم تمنعنا شهاداتنا عن تقدير جهودهم معنا وبقينا حافظين الجميل حتى بعد أن ماتوا...
أما أولاد هذا الجيل فمعظم آباءهم وأمهاتهم متعلمين ...لكن الأولاد متمردين ..ويتمادون ...والتقدير للآباء والأمهات أقل بكثير مما يستحقون....
ولاحظت أن أبناء العوائل المتواضعة اكثر إلتزاما بآراء أهلهم وأكثر إحتراما لها ...
ويبدو أن الإنسان كلما زادت عنده البنود في حياته ...زاد إبتعاده عن تقديس بنود محددة ...كأن ثمة شيء يشوش الرادار المسؤول عن صفاء الذهن ومعرفة الأولويات ...
يعني الذي عنده البيت والدراسة فقط فهو ملتزم بهما ومخلص ...لكن لو طرأت بنود جديدة مثل عمل مع منظمات
أو متابعة الإنترنت ...فسيصبح الجدول اليومي مزدحما...فيقل الإلتزام عن حدته الأولى ...وكذلك المجتمعات ..كلما تطور الفرد وأسلوب حياته صار أكثر إستقلالية وبعدا عن أهله وأقاربه ... وأنا أرى هذه الأعراض بدأت تظهر علينا بصورة عامة ...
وأنا لا أحب الإبتعاد كثيرا عن العلاقات الحميمة ..فهي ملاذ المرء وقت الأزمات ...ولكني أحب إزدحام العمل لأنه يخفف نوعا ما من العلاقات مع ثقلاء دم لا نحبهم ...أقرباء أو غرباء...
*****