Monday, January 22, 2007

 

العيش في حالة انتظار

الأحد 21 كانون الثاني 2007
السلام عليكم...
ما معنى ان يعيش الانسان حالة انتظار؟
ما معنى ان تكون حياته كلها قلقة معلقة غير مستقرة ؟
هذا هو شعوري, وشعور الملايين من العراقيين داخل العراق وخارجه منذ الغزو الامريكي للعراق 2003 ولحد الان...
في البداية كنا ننتظر تحسن الخدمات , وظهور حكومة جديدة تفكر بطريقة جديدة وتتصرف بعقلية ديمقراطية , وعقلية مهنية متطورة تحسن البنية التحتية للبلاد من خدمات ماء وكهرباء واتصالات ومدارس ومستشفيات وغيرها, لتجعل الانسان العراقي اكثر شعورا بالسعادة والراحة والطمانينة
ويتمتع بطريقة عادلة بثروات بلاده التي يحسده عليها كل العالم ..
العراق فيه نفط, ومياه, وارض خصبة, ومعادن ثمينة, العراق أرض الخيرات منذ قديم الزمان, والعراقيون يحلمون ان يعيشوا حياة أمنه مستقرة مثل غيرهم من شعوب العالم...

منذ الحرب 2003 , ونحن نسمع وعود الرئيس بوش بأنه سيحررنا ويجعلنا اكثر الشعوب سعادة وحرية وديمقراطية في الشرق الاوسط..
ونحن ننتظر...
لكن واقع الحال ان العراق يتدهور كل شيء فيه نحو الاسوأ فالاسوأ...
ونحن ننتظر...
والعالم كله, ليس فقط العراقيون, العالم كله في حالة انتظار لتحقيق احلام الرئيس بوش..
لكن الفرق بين العراقيين وغيرهم من شعوب الارض هو اننا خسرنا اشياء كثيرة,
خسرنا أرواح مئات الالاف من الناس واغلبهم من الابرياء..
خسرنا مليارات الدولارات من اموال النفط , دون تعمير للبلاد..
وخسرنا استقرارنا ووحدتنا وتماسكنا ..
خسرنا بيوتنا ووظائفنا وهجرنا الوطن الى منافي متعددة..
خسرنا خير العقول في العراق والتي تم اغتيالها او تهجيرها خارج الحدود..

ملايين العراقيين الان ينتشرون في العالم ويطلبون اللجوء هنا وهناك..
والذين في الداخل يقتلون أو يسجنون او يهجرون او يعيشون قصة رعب يومية مستمرة تحطم الاعصاب وتحول الناس الى شخصيات قلقة تائهة لا تعرف اين طريقها؟
وايضا ما زال ينتظر العراقيون حل المليشيات ووقف نزيف الدم اليومي, ينتظرون تحسن اداء الحكومة, ينتظرون ان يروا حكومة تفكر بهم وبمعاناتهم, لا تعيش عالمها الخاص هناك بعيدا خلف اسوار المنطقة الخضراء المحصنة..
عالمها الخاص في حسابات السياسة والمصالح الحزبية ..
العراقيون ينتظرون رؤية برمجة انسحاب القوات المحتلة الاجنبية من ارض العراق,
وينتظرون العودة لبيوتهم ووظائفهم..
ينتظرون الاستقرار والعمل على اعادة بناء البلاد بأيدي ملايين العراقيين العاطلين عن العمل..
ينتظرون المستقبل المشرق السعيد لاولادهم, في عراق مستقر آمن , يعيش فيه الناس كما كانوا يفعلون منذ الاف السنين , عرب وكرد وطوائف واديان مختلفة, منسجمة, متعايشة مع بعضها البعض, لا تتناحر ولا تتقاتل على مناصب وثروات البلاد كما يحدث الان , بناء على دستور مشوه قبيح وضع اولياته رجال الاحتلال, بحجة تحقيق العدالة, ثم اكتشفوا ان هكذا دستور يثير حربا اهلية, وليس يحقق العدالة, فقرر بوش اخيرا انه ينبغي اعادة النظر في هذا الدستور..
يعني منذ 2003 ونحن ننتظر ان نرى شيئا ايجابيا ينجز على ارض الواقع, لكننا في الحقيقة نحصد ثمار غباء واخطاء السياسة الامريكية, سياسة المحتل الخبيث ,
الان اعترف بوش وادارته انهم اخطأوا حين قرروا حل الجيش ومؤسساته وتركوا البلاد تغرق في فوضى العنف والسلب والنهب وسفك الدماء, وحين وضعوا هذا الدستور المشوه وفرضوه على العراقيين, وحين وضعوا قانون اجتثاث البعث, فذهب ضحيته ملايين العراقيين الذين فقدوا وظائفهم في الدولة لانهم كانوا مجبرين في الماضي على الانتماء للحزب من اجل الحصول على الوظيفة ...
يعني بعد اربع سنوات يريد بوش حسب ستراتيجيته الجديدة ان يبدأ من الصفر في العراق, يصلح اخطاء تعليماته الغبية , ويبدأ من المربع الاول..
هل ثمة غباء واستهتار بأرواح الناس اكثر من هذا؟
هل كانت الحرب على العراق لعبة فديو ؟
نجرب هذا السلاح وهذه الخطة, ثم نغير قواعد اللعبة في المرحلة التالية؟
وكل هذا البؤس رأيناه , نحن العراقيون في داخل العراق, او الذين اضطروا للهجرة والعيش في اوطان مجاورة او بعيدة, وعيوننا ما زالت على العراق..
صباح مساء, عيوننا على العراق...
في حالة ....انتظار
نريد ان نرجع ...
كل يوم عيوننا هناك , ونريد ان نرجع الى بيوتنا, ووظائفنا, واهلنا وجيراننا........
**************************
ودائما يلقي بوش اللوم على القاعدة والارهابيين لانهم خربوا العراق ؟
من الذي دخل اولا للعراق؟
الاحتلال ام القاعدة؟
من الذي نفذ السياسات الغبية ودمر الاقتصاد وسرق الثروات وحل الجيش واشاع الفوضى وسفك الدماء؟
القاعدة ام الاحتلال؟
لست ادافع عن القاعدة, لكنني ارى ان الاحتلال فتح الحدود واشاع الفوضى ومهد لها كل الوسائل لتدخل العراق وتسبب له المزيد من الصراعات وسفك الدماء..
لماذا يدخل الغرباء الى بلدي ليقتلوا اهلي وجيراني؟
الاحتلال والقاعدة وغيرهم من الغرباء , لا نريد لهم ان يظلوا في العراق..

أما المقاومة العراقية الوطنية فهي موجودة منذ الشهور الاولى لدخول الاحتلال..
وهذه القصة التي يريد بوش ان ينكر وجودها على ارض الواقع, قصة وجود مقاومة عراقية وطنية ترفض وجود الاحتلال, وهو يتحجج بالبقاء في العراق للقضاء على القاعدة؟
اذا خرج الاحتلال من العراق, العراقيون يعرفون كيف يقضون على القاعدة...
لكن افتعال تفجيرات تقتل عراقيين ابرياء, مجهول من يدبرها , هذه تعطي مبرر لبقاء بوش باعتباره سيحقق الامان للعراق
والرموز العراقية التي عادت للعراق بحماية الاحتلال , والتي كانت تسمي نفسها معارضة, والتي تحالفت مع بوش على تحقيق مشروعه في العراق, هذه الرموز التي تأكد لنا بعد هذه السنوات العجاف , انها جاءت فقط لتحتكر السلطة وتنهب ثروات البلاد , هذه الرموز لا تريد ان يسمع العالم كلمة مقاومة عراقية وطنية..
هذه الكلمة تجرح شعورها, بل تستفزها و تغضبها ..
لانها تريد ان تقنع العالم بأن كل العراقيين يؤيدون بوش ورجاله في العراق
ومن يعترض فهو بعثي صدامي مجرم..
اذن, هذه المقاومة هي حفنة من بعثيين صداميين مجرمين, هكذا كانوا يحاولون اقناع العالم والشعب العراقي في الشهور الاولى بعد الاحتلال..
ويلصقون تهمة السيارات المفخخة والقتل العشوائي اليومي انه من عمل المقاومة العراقية

لكن الاعتقالات العشوائية والعقوبات الجماعية ضد الناس المدنيين الابرياء والتي تقودها قوات الاحتلال بالمشاركة مع وزارة الداخلية العراقية ووزارة الدفاع العراقية, جعلت الناس تسخط على الاحتلال ومن يتعاون معه ...
صار العراقيون يرون انفسهم ضحايا بيد المحتل والمتعاون معه ...
انتهاكات حقوق الانسان واهانة كرامة الانسان كل يوم يعيشها العراقيون ولا احد يحميهم او يدافع عنهم أو يحترمهم او يهتم بمعاناتهم...

هذه التصرفات الغبية والشرسة ضد العراقيين, جعلت جزءا كبيرا منهم يغير رأيه, ويحترم اي شيء يتعلق بالمقاومة الوطنية, بدأ كثير من الناس ينظرون للمقاومة بعين الاحترام والتقدير , وانها ليست حفنة من بعثيين او افراد غرباء جاؤوا من خارج الحدود
وهذا ما يغيظ الحكومة العراقية الضعيفة , التي لا تملك شعبية ومساندة على ارض الواقع
والاحتلال فقط يساندها,
حتى الكونغرس ينتقدها انها حكومة ضعيفة تحتاج الى مساندة امريكية مستمرة..
في الخطط الامنية السابقة ولحد الان, الحكومة لا تقضي على العصابات والمليشيات التي تقتل المدنيين الابرياء , هي مشغولة بملاحقة المقاومة, ويشاركها جنود الاحتلال, هذه اولوية لهم
اما سفك الدم العراقي البريء يوميا, لا احد يهتم به, ولا يوقفه, لا الاحتلال, ولا الحكومة...

طبعا هذه هي الحقيقة التي تقابل الكذبة التي يروجها بوش عادة: هذه حكومة منتخبة شرعية يؤيدها العراقيون...
لو كانت حكومة يحبها الناس, لماذا تحتاج الى قوات احتلال تساندها؟
لو كانت فعلا حكومة يريدها العراقيون , لا داعي لبقاء الاحتلال, دعهم ينسحبون, والشعب مع الحكومة يتعاونون في القضاء على حفنة من المشاغبين المتمردين ...
لكن واقع الحال ان هذه حكومة معزولة لا يثق بها العراقيون
هذه حكومة انتخبها العراقيون وندموا , بعد ان سقطت مصداقيتها امامهم , بعد ان تبين غباءها وتحيزها وطائفيتها وتصرفاتها الحمقاء , وضعفها في الدفاع عن العراقيين وحمايتهم, واستسلامها وخضوعها لقرارات وتعليمات بوش ...
لو تعاد الانتخابات الان, لن يختار العراقيون هذه الوجوه مرة ثانية, لقد دمروا حياتنا , وكذبوا علينا, لم يوفوا بأي شيء تعهدوا به ...
اشاعوا الفوضى ونشروا الحقد والتفرقة والظلم بين الناس...
هذه الحكومة , لم توفر الحد الادنى من الامان والحماية للعراقيين..
كل بيت عراقي مستهدف عندها , يعني مستعدة ان تداهم اي بيت عراقي , ان تعتقل اي مواطن عراقي , ان تعذب اي مواطن, ان تقتله , لا يهم ..
المهم ان تستلم السلطة وتبقى فيها وكفى, حتى لو كان على جثث وجماجم العراقيين الابرياء ؟
وهذا ما يحدث يوميا ..

اخبار من بغداد عن اعتقالات عشوائية لا تنتهي, وقصف مناطق مدنية سكنية بحجة وجود ارهابيين بينهم ..
ويغطون على تفاصيل القصف وعدد الضحايا الذين سقطوا...
ويتهمون اي واحد بريء يصيدونه في الشارع , انه ارهابي..
كما في قصة قصف شارع حيفا واعتقال سودانيين وسوريين ارهابيين في الاسبوع الماضي ,
والحقيقة انهم مواطنين ابرياء يعيشون في العراق منذ الثمانينات مع عوائلهم , وبعضهم لاجيء سياسي في العراق حكومته لا تسمح له بالعودة ...

كم قابلت هنا في عمان , معتقلين او سجناء سابقين في سجون الاحتلال او وزارة الداخلية العراقية, كلهم بلا ذنب, تم اعتقاله بطريقة عشوائية , وتمت اهانتهم وتعذيبهم , ثم اطلق سراحهم بعد شهور او سنين , بعد ان قدموا الى قاضي اعطاهم حكما بالبراءة..
طبعا المعتقلين في العراق يرمون في السجون لشهور او سنين دون مقابلة محامي او قاضي,
البعض يموت من التعذيب , او ينتحر, او يقرروا الافراج عنه ثم ملاحقته واغتياله بعد فترة قصيرة..
هذه ليست قصص من نسج الخيال, هذه شهادات سمعناها من معتقلين , اعرف اسماءهم , ووجوههم وعناوينهم , وسيأتي الوقت ليتكلم هؤلاء امام العالم كله ,ليرى ماذا فعل بوش من جرائم ضد الانسانية في العراق....
**********************
في داخل العراق تحاول الحكومة اخفاء ارقام ضحايا العنف اليومي, وتعترض على الارقام التي تعلنها الامم المتحدة مثلا , من وقت لاخر...
وكذلك يتم اخفاء الارقام الحقيقة للعراقيين الذين تركوا البلاد..
ملايين العراقيين الان تركوا بيوتهم واماكن عملهم , للهروب من جحيم الموت اليومي الذي لا يتوقف..
منذ سنتين وهم يقولون العراقيين في عمان 700 الف,
هنا في عمان, العراقيون في المطاعم والفنادق والشقق المفروشه والشقق السكنية العادية والمدارس والجامعات والمستشفيات , اذا مشيت ببعض الشوارع فبين كل عشرة تصادفهم ثمانية منهم عراقيون...
وفي سوريا رأيت أزمة سكن في البلاد بسبب تدفق العراقيين الى هناك...

والرئيس بوش يرسل المزيد من القوات..
هل المفروض افراغ العراق من سكانه , وارسال مزيد من الجنود الامريكيين؟
نحن ننتظر العودة لبلدنا وبيوتنا , ننتظر ارجاع العراق لنا, ننتظر جدولة انسحاب القوات الاجنبية, وليس العكس..
هنا في عمان يوجد المئات من المهندسين والاطباء والصيادلة والمحامين والطيارين واساتذة جامعيين من مختلف التخصصات يحملون شهادة الدكتوراه..
معظم هؤلاء يجلسون هنا بلا عمل, غير مصرح لهم بالعمل في الاردن, وان وجدوا وظيفة فهي بنصف راتب , لا تكفي لسد الرمق...
وحين نلتقي معهم, يكون الحديث عادة عن العراق, والتحسر والحزن على ما حدث للوطن والناس, والتعجب لماذا يتم تهجير العراقيين الى خارج وطنهم ليعيشوا نصف حياة , وبلا وطن
وتاتي جيوش اجنبية ومقاولين اجانب, ليسكنوا في العراق وينهبوا امواله ؟
هذه الكفاءات الممتازة تجلس مهمشة محبطة ينهشها الضياع والفراغ والقلق تنظر الى العراق ولا شيء بيدها لتحسين الحال؟
بيد من صار مصير البلاد؟
بيد قوات اجنبية وحكومة ضعيفة يتحكم بها بوش, ومليشيات اجرام خارجة عن القانون؟
ومئات والاف من العراقيين, مدنيين وعسكريين, من الذين يمتلكون الخبرة, ويقدرون على حل مشاكل البلاد , تم ابعادهم عن تقرير مصير العراق؟

العراق سيكون بخير, حين يعود القرار بيد رجاله ونسائه, ليس الذين يأتمرون بأوامر بوش وادارته, بل الذين يملكون في قلوبهم حبا للعراق واستقلاله وكرامته..
وحبا لاهله وتاريخه وحضارته..
ويؤمنون انه شعب واحد , ماضيه واحد, ومستقبله واحد...
هؤلاء الذين سيحققون الاستقرار والعدالة للعراق..
وهم موجودون وينتظرون الفرصة لانقاذ البلاد من الكوارث التي حلت عليها...

دائما اسمع السؤال : ماذا سيحصل للعراق لو خرجت الجيوش منه؟
الجواب الذي سمعته من معظم العراقيين, ويجعلني ابتسم : حين يخرج الاحتلال, سيخرج معه كل العملاء, لن يحميهم أحد ...
وسيرجع العراق لأهله الذين يحبونه, ويريدون الخير له...
بوش يعلم هذا, ولذلك يصر على البقاء في العراق تحت حجج واهية, لانه لو سحب جيشه, سيتحطم مشروعه وحلمه حالا وفورا...
لكنه سيخرج من العراق..
رغما عن انفه سيخرج...
لا الشعب العراقي يريده هنا, ولا الشعب الامريكي...
أسأل الله ان يهزمه, وان ينصر ارادة الشعوب التي تحب الحياة و الحرية والسلام....
آمين....



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives