Wednesday, July 26, 2006

 
الاربعاء 26 تموز 2006
صباح الخير...
رئيس الوزراء العراقي يزور اميركا هذه الايام للتحادث مع الادارة الامريكية عن شؤون العراق وكيفية اخراجه من المأزق والفوضى التي تغرق فيها البلاد منذ الحرب الامريكية علينا في 2003 وحتى الان..
ورأيت الرئيس بوش يقرأ خطابا , ومن كثرة ما سمعت من خطابات وكلام فارغ لا علاقة له بالواقع, فقد وقفت للحظات صغيرة استمع ثم مضيت الى خارج الغرفة , نفس الخطاب المتحجر في عقول اعضاء الادارة الامريكية, لا يقرأوون الواقع, بل يرددون ما في عقولهم فقط, وهو عادة, أبعد ما يكون عن الحقيقة, واقرب ما يكون لمصالحهم الشخصية...
هل صادفتم نوعية من البشر , تحكي له قصة ما او تشتكي له عن مشكلة ما , ثم تنظر اليه فتراه شاردا في عالم اخر, ثم يلتفت اليك فيعطيك ملاحظات واستنتاجات لا علاقة لها نهائيا بما كنت تتحدث عنه؟
هكذا هو الحديث مع اعضاء الادارة الامريكية , وغالبية اعضاء الكونغرس الامريكي, هم مجرد اناس يعيشون عالمهم المغلق المحدود, وليس عندهم رغبة أو قدرة عقلية , على الاستماع للآخر, هم يستمعون للصوت الداخلي الوهمي في رؤوسهم, ويصرون عليه, سنوات وسنوات, حتى يتم اقصاءهم عن مناصبهم, ولا ادري وقتها هل ستتغير تلك العقلية الببغاوية الغبية ام ستتطور الى عقلية تفهم الواقع وتستجيب له, لكن ما الفائدة؟
فهي قد اصبحت خارج دائرة صنع القرار....
****************************
بوش قال أمس كالعادة الجملة التي يحب قولها كل الفاشلين في الادارة الامريكية والتي يبررون بها بقاء قوات الاحتلال في العراق الى اجل غير مسمى, وتبرير بقائهم لأسباب نبيلة ..
(قلت لرئيس الوزراء العراقي اننا لن نتخلى عنكم , ولن نسحب الجيوش من العراق....)
هذه الجملة سمعتها اول مرة من عضو كونغرس امريكي كنا نقف في الممر في مبنى الكونغرس قبل شهور, مع وفد نسائي عراقي, عندما مر الرجل, وتبرع بعض الواقفين من الامريكيين بتقديمنا اليه, فنفش ريشه وقال نفس الجملة: لا تقلقوا, نحن لن نتخلى عنكم, ولن نسحب الجيوش من العراق...
نظرت الى ذلك الاحمق , ورأيت كم هو مغرور وغبي ويقرأ الواقع حسب مزاجه, ويتخيل انه يقوم بدور البطل المنقذ, ونحن نقوم بدور الضعفاء الذين يستنجدون به, والحقيقة هي عكس ذلك تماما, الوجود الامريكي في العراق جلب لنا الدمار والكوارث والفوضى والارهاب, وجدولة الانسحاب هو الشي الوحيد الذي يمكن ان يفرح العراقيين.........
لم نرى منهم سوى الغباء والتخبط في العراق , ابتداء من سوء التخطيط وسوء الادارة والقرارات الخاطئة الحمقاء والتراجع عنها لاحقا , الى استدراج خصوم اميركا في المنطقة من افراد او دول, للدخول للساحة العراقية وجعلها ساحة المعارك الاقليمية والدولية, والخاسر والضحية هو العراقيون, وهذا هو الاستهتار بالدم العراقي البريء وجعله قربان لتعيش شعوب الدول الاخرى بسعادة وأمان بعيدا عن هذه الصراعات الدموية.....
يعني خلي العراق حقل تجارب, والعراقيين فئران التجارب, تموت من اجل ان يعيش الاخرون بسعادة وينامون بطمانينة ,
هذا هو واقع الحال منذ اكثر من ثلاث سنين...
والاستهتار واضح تماما حول موضوع سفك الدماء العراقية
لا تحقيقات حول التفجيرات والقتل والخطف والعنف, كل شيء يتكرر كل يوم بنفس الطريقة الغبية وكأن الذين يموتون حيوانات وليس ببشرمنذ ثلاث سنين واكثر...
لا تطوير حقيقي لعمل اجهزة الشرطة والجيش العراقية, مما يوحي انها مستعدة وجاهزة لاستلام الملف الامني والسيطرة على العراق بطريقة مقبولة تسمح بجدولة انسحاب القوات الاجنبية , والادارة الامريكية تقول دائما انها ستنسحب عندما تكون القوات العراقية مؤهلة لتسلم ملف الامن في العراق.....
معنى هذا, ان من مصلحة القوات الاجنبية, بقاء القوات العراقية مهزومة وضعيفة او مكروهة من قبل مواطنيها , مشكوك في حسن ادائها, لتبقى القوات الاجنبية على ارض العراق الى اجل غير مسمى....
لا محاسبة عن انتهاكات حقوق الانسان العراقي من قبل وزارة الداخلية والدفاع العراقيتين اللتين اقترفتها جرائم كثيرة , لكن ليس ثمة من جلب الوزراء وحاسبهم او حقق معهم...
لا محاسبة على سرقات مليارات الدولارات من خزينة العراق ومن المال العام الذي من المفروض انه لإعادة اعمار العراق
لا تحسين لخدمات المواطنين, من يهتم بهم؟
بيش هذوله؟
هههههه, على طريقة الاستهزاء العراقية.....
رفع اسعار المحروقات والمواد الغذائية, والبلاد تغرق في نسب بطالة مرتفعة ومتزايدة تتراوح بين 50 الى سبعين بالمئة...
من يهتم ؟
لا احد يهتم بأرواح العراقيين, ولا راحتهم, ولا لقمتهم...
لا ادري لماذا انقلب العالم كله ضدنا او تخلى عنا ؟؟
مصالح دولية؟
لعنة الله على المصالح التي تميت ضمائر الناس وتجعلهم قساة القلوب كالصخور, وانذال كالخنازير...
***************************************
لو راجعنا كعراقيين ما حدث للعراق من مسلسل العنف منذ 2003 ولحد الان, كيف كانت دائرة العنف تدور وتدور كل يوم , لكنها تتخذ هيئة مختلفة أو مظهرا مختلفا كل فترة
( كل فترة قد تستغرق 3 شهور او 6 شهور )
يعني اريد ان اتذكر مراحل العنف في العراق, وفي كل الاحوال هو عنف منظم ومبرمج, لانه يجري التحول من حالة الى حالة بقرار يظهر على الشارع تطبيقه فجاة ,
سبحان الله !
البداية كانت الهجوم على المتحف العراقي ومؤسسات الدولة , نهب وحرق كل شي
من يصدق ان هذا كان افعالا عفوية؟
كنا نجلس في بيوتنا, وكان ثمة اطلاق نار عشوائي ومنع تجول في الخارج !
عرفنا فيما بعد ان هذه الوثائق المنهوبة من الوزارات ودوائر الدولة ذهبت
اما الى الشمال في كردستان , او الى قاعدة العيديد الامريكية في قطر)
وتاكد تماما انها لم تكن اعمال ناس عاديين من الشارع...

ثم تطورت الى سرقة البنوك وبيوت المسؤولين السابقين
ثم بدات حملة اغتيالات مدراء عامين واطباء وعلماء واساتذة جامعيين وطيارين من سلاح الجو وعسكريين سابقين وبعثيين سابقين ...
ثم حملة سلب سيارات المواطنين العاديين وقتلهم في الشوارع الداخلية او الطرق الخارجية
ثم حملة مداهمة البيوت من قبل قوات عراقية وامريكية للاعتقالات العشوائية
ثم حملة الخطف من الاغنياء واستمرت حتى طالت اولاد الفقراء, حتى اولاد الخبازة !
ثم حملة تفجيرات السيارات المفخخة في الاسواق الشعبية وامام المدارس والجامعات ودور المسنين وتجمع العمال الفقراء
وعنف يستهدف المدن الشيعية خاصة بسيارات مفخخة وانتحاريين , ويقولون :هؤلاء من القاعدة التي تكره الشيعة وتراهم خونة متواطئين مع الاحتلال ( القاعدة تنظيم مشبوه متطرف يسيء للاسلام كله ولا يعبر عن مشاعر غالبية المسلمين, وقد شاركت في تأسيسه السي اي ايه الامريكية دون نقاش, لا نتبلى عليهم, هذه حقائق واسألوا باكستان وافغانستان )

ثم جاءت الانتخابات العراقية الاخيرة منتصف ديسمبر 2005
كانت نقطة تفاؤل لغالبية العراقيين, شارك بها معظم العراقيون, وقالوا هذه خطوة سنجعلها في الاتجاه الصحيح , سنوحد الصفوف ونبني حكومة وحدة وطنية منسجمة , ونخرج قوات الاحتلال سريعا...

ثم جاء انفجار سامراء ليدخل العراق في دائرة عنف جديدة , ويهدم كل الاحلام...
ظهرت عصابات ومليشيات لا احد يعترف من الاحزاب العراقية بانه مسؤول عنها,
ترتدي السواد , وتهاجم اهل السنة في العراق, يعني عنف من طرف الشيعة في العراق ضد السنة في العراق هذه المرة ....
وبدأ مسلسل قتل السنة وتهجيرهم من بيوتهم ومناطق سكناهم وقتلهم على الهوية, وتعذيبهم بموضة جديدة اسمها الدرل, حيث يثقب جسم الضحية حتى تموت,
ماشاءاالله هذه ثقافة لم يعرفها حتى صدام حسين في زمانه , وقطع الرؤوس والقائها في الشوارع, واطلاق الرصاص العشوائي على الناس بالشوراع او في محلات عملهم , صار الموت متوفرا ورخيصا مثل الزبالة في شوارع العراق....
********************
الآن آخر موضة في العراق في الشهور الاخيرة , هي موضة المليشيات التي تداهم الاحياء السكنية في وضح النهار او سكون الليل, مخترقة ساعات منع التجول, ولا احد من قوات الاحتلال او الشرطة العراقية الرسمية, قادر على السيطرة عليها, او صد هجماتها وحماية السكان المدنيين..
يدخلون المناطق السكنية ويهجمون على الجوامع يحرقونها ويقتلون الامام وطاقم الحراسة في الجامع
( هل هؤلاء مسلمون؟ لم نسمع بحياتنا مسلم يهاجم جامعا ويحرقه ,
من هؤلاء؟ مجوس؟ كفرة؟ صهاينة ؟ لا احد يدري )
او يكون لهم عيون متعاونه معهم في الحي السكني, يعطوهم قوائم اسماء العوائل وتصنيفهم , هؤلاء سنة هؤلاء شيعة, فتتم مداهمة البيوت وقتل طائفة معينة , وقتل عدد من اصحاب المحلات التجارية, محلات موبايل, مفروشات, بقالة, خضار, فرن خبز, لا يهم...
تدور هذه المعارك لساعات , ثم تهرب المليشيات, والحكومة وقوات الاحتلال عاجزين او غير متجاوبين مع نداءات الاهالي
وتتكرر نفس القصة لشهور في نفس الحي حتى يصبح مهجورا لا حياة فيه...
السكان هاجروا وتركوا بيوتهم, والمحلات مغلقة ....
حدثت هذه القصص في احياء ببغداد مثل العامرية, الغزالية, الدورة, الخضراء, حي الجامعة, والان حي الجهاد والمنصور وهكذا....مطحنة تدور وتدور تطحن العراقيين المدنيين الابرياء
والحكومة وقوات الاحتلال, يصرحون ويستنكرون, لكن واقع الحال ان احدهم عاجز
( وهو طبعا طرف الحكومة)
والاخر سعيد
( حيث هذه القصص تبرر بقاءه على قلب العراقيين كمحتل يريد ان يحقق الأمان للشعب العراقي السعيد )
طيب ان كان المهاجمون من القاعدة , لماذا يستهدفون قتل السنة وهم من السنة؟
ولماذا يستهدفون عراقيين؟
من هو عدوهم؟
الامريكي المحتل ام العراقي البائس؟
تبريرات سخيفة وغير منطقية, لكن نتيجة كل هذا العنف, المنظم او غير المنظم, يصب في صالح قوات الاحتلال اولا واخيرا, ويبرر بقاءها في العراق الى اجل غير مسمى....

هذه الاحياء السكنية سابقا , كانت قبل هجوم المليشيات عليها وتمزيقها, مزدحمة بالسكان , ومختلطة, وآمنه , لكن تشهد من وقت لآخر هجمات ضد قوات الاحتلال....
سبحان مغير الاحوال, ماذا فعلت مليشيات القتل وفرق الموت فيها؟
كيف غيرت البرنامج من احياء سكنية مكتظة مختلطة فيها شيء قليل من مقاومة الاحتلال, الى أحياء تعاني من مداهمات يومية من قوات الاحتلال واعتقالات عشوائية للرجال, الى مليشيات قتل وفرق موت تداهمها وتقتل رجالها وتهجر العوائل , لتتحول الى مدن اشباح لا حياة فيها....
هل ثمة ترابط منطقي بين المراحل ؟
نعم, بالتاكيد ثمة خيط خفي يربط حلقات العنف بعضها ببعض...
هذه هي الخلاصة كما اراها أمامي ,
وأقول دائما أين هو البيت العراقي الذي لم تمسه النار بعد هذه الحرب؟
النار مستنا جميعا, واحرقتنا بطريقة او أخرى....
وما عدنا نصدق قصص الادارة الامريكية الغبية, في تفسير ما يحدث على أرض العراق...
أو تبرئة نفسها من الجرائم التي مزقت المجتمع العراقي......
***************************************
منذ حوالي شهرين, اعلنت الحكومة العراقية الجديدة انها بالتعاون مع قوات الاحتلال العتيدة البطلة , سوف تنفذ خطة امنية عظيمة وممتازة, وتفاءل العراقيون البؤساء, قلنا يله خلينا نشوف عبقرية قوات الاحتلال والحلول السحرية التي ستطبقها على العراق الجريح لوقف النزيف...
ثمة اصوات في الحكومة العراقية علت وقالت ان هذه الخطة الامنية فيها ثغرات كثيرة, لكن لا احد اصغى لهم, وتم تجاهل اعتراضاتهم...
وطبقت الخطة بنشر قوات كبيرة من الشرطة العراقية ترافقها قوات الاحتلال في مئات الحواجز...
لكن الازدحام زاد في الشوارع الرئيسية, والمليشيات نشرت القتل والدمار في الاحياء السكنية المختلفة على اطراف بغداد مثل حي الجهاد, الدورة, المحمودية , وغيرها...
وبقيت الخطة الغبية ماضية, والفشل يتراكم يوما بعد يوم, وكذلك الضحايا المدنيين...
والان, تعلن الادارة الامريكية وتعترف بغباء الخطة الموضوعة, وقررت اعادة وضع خطة جديدة, اي طبعا, العراقيون حقل تجارب الاغبياء...
مرة كنت في طريق المطار متجهة الى عملي عام 2004, وجدت حاجز قوات امريكية, قلت للسائق الخاص , خفف سرعتك, اريد ان اتكلم مع الضابط الامريكي , توقفنا, وشهر سلاحه بوجوهنا كالعادة , مخروع عباله احنه ارهابيين , قلت له اذا سمحت , عندي ملاحظة, لماذا تضعون الحاجز على الشارع الرئيسي , وانتم تعلمون ان عصابات القتل والخطف تعيث فسادا في الشوارع الخلفية, لماذا لا تضعون نقاط التفتيش هناك؟
نظر الي بغضب , ثم قال للسائق بغضب : انطلق, تحرك...
ههههه, فهمت ان كلامي لم يعجبه, امريكي غبي اخر, يغرق في مستنقع العراق, ويرفض سماع ملاحظات العراقيين...
عندنا مثل عربي قديم : اهل مكة ادرى بشعابها...
يعني اهل اي مدينة, يعرفون تفاصيل واسرار مدينتهم وحياتهم...
وهكذا هو الحل في العراق...
لن يكون ثمة امان واستقرار في العراق سوى الذي تصنعه عقول وايادي عراقية وطنية مخلصة نظيفة...
ستتعب اميركا , وكل الاغبياء في الادارة والكونغرس ...
وسيظل الفشل حليفهم في العراق...
حتى يستلم إدارة العراق, العراقيون الحقيقيون الذين يعملون بحرص من أجل سعادة شعبهم ومستقبله, وليس حتى بأيدي عراقية خائنة عميلة ملطخة يديها بسرقة المال العام وثروات العراق, وملطخة ايديهم بدماء العراقيين الابرياء...
هؤلاء تجار الحروب , بئس التجارة,وبئس الربح...
هؤلاء حبايب الاحتلال, واعداء العراق والعراقيين...
عندما تنزاح هذه الوجوه من موقع السلطة والمسؤولية في العراق, سيكون العراق قد بدأ اول خطواته في الإتجاه الصحيح, ان شاءالله
السلام عليكم.........



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives